المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القباب من روائع العمارة الإسلامية


المراقب العام
12-02-2014, 04:58 AM
http://islamstory.com/sites/default/files/styles/300px_node_fullcontent_img/public/14/02/07/Selimiye_Mosque%2C_Dome.jpg

للقباب في المساجد (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AC%D8%AF-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85) دور جمالي رائع لا تكاد العين تخطؤه من الوهلة الأولى، فإذا ضممنا القبة إلى المئذنة -وهما دائمًا متلازمتان في المساجد- تكونت أمامنا صورة جمالية تضفي على المسجد توازنًا في الشكل يرتاح إليه النظر، وما ذلك إلا دليل واضح على تمكن المهندسين المسلمين من رسم لوحة متكاملة للمسجد تشكل إبداعًا معماريًا فتانًا يطغى على الكتلة الحجرية الجامدة.


وإذا كانت القبة خارج المسجد توحي وكأنها متجهة إلى أسفل في رمز لتواضع المؤمن بين يدي ربه، فإنها من الداخل تعطي انطباعًا عكسيًا يعبر عن التصاعد والحركة الرأسية لأعلى، حتى يكون المؤمن وهو يعيش جو العبادة عمليًا داخل المسجد محاطًا بالإيحاء بالارتقاء والسمو والتعالي.


إنَّ القبة في المسجد أكثر من ظاهرة معمارية استخدمت لأهداف عدة.. إنها رمز لقبة السماء العليا التي ترنو نحوها الأبصار، وتتحرك باتجاهها القلوب، في مزيج من الأمل والخوف والحب والإجلال.


تاريخ القبة في الإسلام

ظهرت القباب في المباني عمومًا أول الأمر في آسيا، ثم انتقلت إلى الفرس واليونان فالرومان قبل أن يتلقاها المسلمون، ولا يخلو طراز من طرز الفنون الإنسانية الكبرى من القباب إلا الطراز المصري القديم.


وأول قبة عرفت في الإسلام قبة الصخرة المشرفة التي بناها عبد الملك بن مروان (http://islamstory.com/ar/%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83_ %D8%A8%D9%86_%D9%85%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%86_%D9%88 %D8%A3%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%AF%D9%87) في بيت المقدس في فلسطين مابين عام 69هـ 72 هـ (688 ـ 691م). ثم بعد قبة الصخرة بنى الوليد بن عبد الملك (http://islamstory.com/ar/node/10556) المسجد الأموي (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%88%D9%8A-%D8%AF%D8%B1%D8%A9-%D8%AF%D9%85%D8%B4%D9%82) بدمشق، وفيه قبة النسر الشهيرة وذلك عام 132 ـ 133هـ ( 750م). ثم توالت القباب في المساجد حتى ندر أن نرى مسجدًا له مئذنة دون قبة.. بل إن القباب قد زادت على المآذن من حيث استخدامها في غير المساجد كالقصور والأضرحة وغيرها.


وصف القبة

نقطة البداية في عمل القبة هي ابتكار العقد أو القوس، وأصل ذلك من ابتكار آسيوي، ولكنه تطور على أيدي الفرس والرومان تطورًا واسعًا، ثم جاء المسلمون فساروا بالعقود مدى أبعد وأكثر تنوعا... والملاحظ في العقود أن قوة الدافع الحادثة من ضغط الأحجار بعضها على بعض، وكذلك من وزن البناء الذي سيحمل على العقد، تتوزع في العقود على قطع العقد وأرجله بصورة كاملة التوازن تنتهي باتجاه عمودي نحو الأرض.


وهكذا فالقبة تنشأ من عقود متقاطعة في مركز واحد، هو المفتاح الرئيسي الأعلى للقبة كلها، وقد لجأ المعماريون المسلمون لإقامة القباب إلى العقود فقط لأن سقف المسجد لا يحمل في العادة إلا القبة فقط.


أنواع القباب

يمكن تقسيم القباب إلى أنواع كثيرة بحسب اعتبارات عديدة.

أولًا: من حيث مادة الصنع

أ- هناك القباب الخشبية، وهي التي وجدت في بداية الأمر كقبة الصخرة في القدس (72هـ)، وكذلك كانت قبة الإمام الشافعي (608هـ) الأولى خشبية، وقبة جامع بيبرس (655 ـ 667هـ) وقبة مدرسة السلطان حسن بالقاهرة (757هـ) وغيرها.
ولاشك أن استخدام الخشب أسهل عند بناء القبة من استخدام الحجر، إلا أنه أضعف منه. ومن الطبيعي أن القباب الخشبية تكسى عادة من الخارج بطبقة من صفائح الرصاص للحماية من العوامل الجوية بينما تكسى من الداخل بطبقة من الجص كبياض داخلي عليه زخارف متنوعة.


ب- وهناك القباب الحجرية، أو المصنوعة من القرميد (الطوب)، وهي كثيرة، ومنها قبة مسجد الغوري بالمنشية (909هـ) وقبة خانقاه فرج بن برقوق (801هـ)، وقبة أروقة الجامع الأقمر (519هـ)، وقبة مسجد السلطان سليمان ( 1609م ) باستانبول، بل إن معظم القباب القديمة إما حجرية أو قرميدية. وبحكم ثقل الحجر فقد كانت قبابه عمومًا أصغر من القباب القرميدية...
وقد لجأ المعماري المسلم لحل المعضلة الهندسية -المتمثلة في الانتقال من المربع إلى المدور- إلى استعمال العقود المتقاطعة لإقامة القباب، ومن هنا كانت الحلول المستعملة لتحويل المبني المربع الشكل أو المستطيل إلى دائرة عن طريق ما يسمى المثلثات الكروية (وهي طريقة رومانية) أوحنية الأركان (وهي طريقة فارسية) أو تحويل الحافة المربعة للجدران إلى هيئة مثمنة، ثم إقامة أعمدة تعتمد على الأكتاف الثمانية وتتلاقى في نقطة واحدة (وهي طريقة إسلامية مبتكرة)... وهكذا كان الشأن في عامة القباب الحجرية أو القرميدية القديمة.


جـ-أما القباب الحديثة، فهي بوجه عام تقوم على هيكل حديدي (أسياخ معدنية متشابكة) يصب فوقه الأسمنت المخلوط بالجص، فإذا جف بلغ الغاية في المتانة والتماسك.. وبواسطة هذه القوالب التي يصب فيها الأسمنت لصنع القبة أمكن التحكم في حجم القبة وشكلها ومتانتها إلى حد بعيد.
وثمة قباب حديثة بدأت تظهر منافسة لقباب الحديد والأسمنت، وهي القباب المصنوعة من مادة الفيبر جلاس والخيوط الزجاجية، وميزتها أنها تسمج بنفاذ الضوء إلى باطن القبة دون أن تسمح لحرارة الجو أو برودته بالنفوذ، إضافة إلى خفة الوزن مع متانة الصنع والقدرة على اختيار الشكل المختار بحرية تامة.


ثانيًا: من حيث الشكل العام للقبة

فقد تنوعت إلى قبة ملساء أو مضلعة أو قبة بصلية أو مخروطجية الشكل، والقباب البصلية ترى واضحة في المساجد الهندية، والقباب الطويلة العنق ترى في المساجد السلجوقية، والقباب المدورة ترى في عموم المساجد، خاصة الأيوبية والمملوكية والفاطمية.

ثالثًا: من حيث الثبات والحركة

فإن الأصل في القباب (كالمآذن) أن تكون ثابتة فوق سطح المسجد، إلا أن التقنيات الحديثة مكنت المعماريين من ابتكار القباب المتحركة التي تتحرك على سكة، ويتحكم بها بواسطة آلات يحركها مفتاح آلي ( مباشر أو ريمونت كنترول).


ومثل هذه القباب المتحركة عرفت في المساجد الحديثة الضخمة، كمسجد الملك الحسن الثاني بالرباط، والمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة في التوسعة الأخيرة (وزن القبة 80 طنًا).
وبذلك استفيد من تحريك القبة في تجديد هواء المسجد، وفي إنارته، وفي التمتع بالجو الطبيعي المناسب..


بل استخدمت القباب المتحركة على سكة عالية، وهي مرفوعة على جدران تحتها فوق السطح استخدمت في تظليل جزء لا يستهان به من السطح يكون موائما للصلاة فيه، وهذا ما يراه الحاج في أسطح المسجد النبوي الشريف.

أجزاء القبة

تبدو القبة للوهلة الأولى وكأنها قطعة واحدة إلا أن المتمعن فيها يستطيع رؤية أجزائها التالية:

1- قاعدة القبة: وهي منطلق تحول مسقط البناء من المربع إلى المدور، وقد تكون قاعدتها على هيئة مسدس أو مثمن.

2- رقبة القبة: ويسمى بالطنبور وفيه تجد أحيانًا كثيرة نوافذ تجهز بقمريات بالزجاح الملون، وقد يفصل بين كل نافذة وأخرى قوصرة وفي نهاية الطمبور فوق النوافذ في الخارج يوجد أحيانًا نص قرآني على سطح يرتد عن سطح الحائط يعمل بالجص على القباب القرميدية، أو ينحت نحتًا في القباب الحجرية أو يكتب بالقاشاني أو غيره. وبعض القباب تمتاز برقابها الطويلة التي تشبه عنق الزجاجة.

3- جسم القبة: وهو يكون مدورًا أملسًا، أو مدورًا مضلعًا، أو مخروطيا منتفخ البطن منقبض ما فوق الرقبة تحته.

4- خاتمة القبة: وهي ذروتها العليا، وقد رأينا بعض القباب تختم بمنور مكون من طاسة فيها نوافذ متناظرة ترفع فوق جسم القبة، كما اشتهرت القباب الهندية بخاتمتها العليا الشبيهة ببصلة مقلوبة إلى أسفل.


تزيين القبة

اشتهرت القباب بدورها الجمالي أساسًا، وقد تفنن المعماريون المسلمون في إبراز جمال القبة، إضافة إلى شكلها المميز عن البناء وذلك باستخدام عناصر التجميل الأخرى، سواء داخل القبة أو خارجها.


تزيين القبة من الخارج

أما من الخارج: فقد استعملت زخارف دائرية القطاع (فصوص) بينها مثلث وذلك في القباب المتخذة من الطوب، أما بالنسبة للقباب الحجرية فقد استعملت دالات (زخرفة متتابعة على شكل حرف الدال) كما في قبة المدفن بجامع المؤيد، وقبة خانقاه فرج بن برقوق، وقبة بيبرس الخياط، كما استخدمت أشكال هندسية أو زخارف بنائية مجتمعة، أو كل على حدة، كما في قبة المدرسة الجوهرية بالأزهر، وقبة مدرسة قايتباي بالقرافة الشرقية، ووجدت كتابات بالقاشاني على مثل قبة أسلم السلحدار، بل إن قباب المساجد في الشرق (إيران على وجه الخصوص) لم تترك مجالًا للمنافسة في تزيين القباب بالقاشاني الأزرق التقليدي (مسجد شاه عباس في أصفهان) أو الوردي (مسجد الشيخ لطف الله في أصفهان).


ولا ننسى أن بعض القباب تم تزيينها من الخارج بألواح من الذهب الخالص (كما كان في قبة الصخرة وبعض المساجد الأخرى حاليًا في العراق)، كما أن بعض القباب اشتهرت بلون خاص بها (كالقبة الخضراء فوق الروضة الشريفة في الحرم المدني).


تزيين القبة من الداخل

وأما تزيين القبة من الداخل: فزينت بعض القباب بالرخام الملون الذي ينتهي من أعلى بطراز، كما تحدد المنطقة السفلى من القبة (العنق) في أغلب الأحيان بكورنيش. كما استخدم الجص المصنوع على أشكال ترينية شتى في القباب من الداخل.


وقد اشتهر العثمانيون بالتأنق في استخدام الألوان واختيار النصوص المزينة للقباب من الداخل إلى درجة لا مزيد عليها، كما اشتهرت القباب في العراق وإيران بالنقوش والزخرفة والجمال الباهر.
ومما لاشك فيه أن المبالغة أحيانا في تزيين باطن القبة جاء تعويضًا عن البساطة الملحوظة في تزيين بيت الصلاة في المساجد... فتزيين القبة لا يشغل المصلي، على العكس من تزيين بيت الصلاة.


ويدخل في تزيين القبة الهلال الذي يرتفع دائما فوقها ومن تحته تفاحات معدنية، فيتولد بذلك منظر متكامل رائع.

فوائد القبة

مما لاشك فيه أن القباب قامت بأكثر من دور وأعطت أكثر من فائدة للمسجد. فإضافة إلى الدور الجمالي في كسر جمود المبني الكبير في بيت الصلاة وتخفيف حدة الكتل الضخمة الصامتة، فللقبة فوق ذلك دور مهم في إيصال الإنارة إلى قلب بيت الصلاة عن طريق الشمس المتغلغلة من النوافذ الكثيرة المحيطة برقبة القبة، حتى قيل: إن نوافذ قباب بعض المساجد صممت لتدخل الشمس كل يوم من طاقة في القبة حسب مطالع شروقها أو غروبها على مدار السنة، وبذلك كان قلب المساجد مضاءً دائمًا متسمًا، بالوضوح عكس معابد الأديان الأخرى.


ومع الإنارة يأتي دور التهوية، فعندما تغطي القبة بيت الصلاة بالمسجد تسحب الهواء الساخن الذي يرتفع إلى أعلى، فيخرج من النوافذ المطلة على الناحية المشمسة، أما النوافذ التي في الناحية الظليلة، فيدخل منها الهواء الرطب البارد مما يفسح المجال أمام التيارات الهوائية الصحية الصافية للتردد على جنبات المسجد طاردة الهواء الفاسد إلى الخارج.


بل إن التحكم بالتهوية والاستفادة من حركة الهواء من خلال نوافذ القباب أوجد الحلول لبعض المشاكل الناتجة عن دخان قناديل الإنارة الليلية في المساجد قديما، فقد استحدث المعماري التركي الشهر سنان في مسجد السليمانية باستانبول فتحات صغيرة تحت القبة في اتجاهات متنوعة ليضمن تيارًا صاعدًا يجذب وراءه الدخان المتصاعد من لبمات الزيت المستخدمة بكثرة للإضاءة... وبذلك حلت مشكلة تراكم (السخام) على النقوش العليا، بل واستفيد من تجميعه عبر الفتحات في صناعة الحبر.


ولا يفوتنا أن ننوه إلى دور القبة في تضخيم الصوت في بيت الصلاة، حتى إن بعض المساجد إذا وقفت في وسطها تحت القبة، وتكلمت بصوت عادي سُمع صوتك بوضوح في جميع أرجاء بيت الصلاة على سعته.. وهذا ما لاحظه المهندسون في مساجد عديدة شهيرة، منها مسجد طوبى بكراتشي، الذي تتجلي فيه هذه الظاهرة بوضوح لكون سطحه كله قبة واحدة.





http://islamstory.com/sites/default/files/styles/300px_node_fullcontent_img/public/14/02/07/sakhra_segment.jpg

قبة الصخرة بفلسطين

أشهر القباب في الإسلام

أولًا: قبة الصخرة في القدس

تعتبر قبة الصخرة أقدم قبة إسلامية إذ يرجع تاريخها إلى عام (66 ـ 72هـ) أيام الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان الذي رصد لبناء مسجد قبة الصخرة خراج مصر سبع سنين حتى استوى له عملًا فنيًا فريدًا من نوعه زائدًا على أمثاله في الفخامة والبهرجة والإتقان، مما حمل جميع الذين اعتنوا بدراسته من المختصين إلى إطرائه إطراءً كبيرًا.


قال المستشرق الانجليزي هاتير لويس: إن مسجد الصخرة بلا شك أجمل الأبنية الموجودة فوق هذه البسيطة، لا بل إنه أجمل الآثار التي خلدها التاريخ. صمم ونفذ مسجد قبة الصخرة العالم المسلم رجاء بن حيوة، وهي لا تعتمد على الجدار الخارجي للمسجد، بل إن عقود الأعمدة (البائكة المستديرة) في قلب المسجد هي الحاملة للقبة، وعدد تلك العقود 16 عمودًا وأربعة دعائم.



وقبة الصخرة قبة خشبية مزدوجة أي هي عبارة عن قبتين متراكبتين: داخلية وخارجية، يتكون كل منهما من 32 ضلعًا من الخشب على شكل القوس أو فص البرتقال، وهناك مسافة بين القبتين تسمح بمرور انسان للخدمة.. وتغطي القبة الخارجية ألواح من الرصاص، ثم ألواح من النحاس الأصفر اللماع، الذي يتلألأ وينعكس تحت أشعة الشمس على المنطقة من حوله بمنظر غاية في الجمال.


قطر قبة الصخرة من الداخل 20 مترًا و30سم، وارتفاعها 20 مترًا و50سم،وفوقها يرتفع هلال ضخم جميل، والقبة الحالية ترجع إلى عهد الخليفة الفاطمي الزاهر الذي جددها عام 413هـ.
وقد ذكر التاريخ أن رجاء بن حيوة ويزيد بن سلام وهما اللذان أشرفا على بناء القبة رفضا قبول أجر على عملهما هذا، فأمر عبد الملك بن مروان أن تسبك الدنانير (10 آلاف دينار) صفائح تزين بها القبة.



وفي قبة الصخرة من الزخرفة داخليًا ما يعجز اللسان عن وصفه والقلم عن الإحاطة به.

ثانيًا: قبة النسر في الجامع الأموي في دمشق

سميت قبة الجامع الأموي (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%88%D9%8A-%D8%AF%D8%B1%D8%A9-%D8%AF%D9%85%D8%B4%D9%82) في دمشق بقبة النسر تشبيهًا لها بالطائر المعروف، وقبة النسر من الأعمال التي تمت في عهد الوليد بن عبد الملك رحمه الله ضمن عمارته للمسجد الأموي، وقد قيل: إنها سقطت أول ما بنيت فشق ذلك على الوليد، فجاءه بناء شامي ماهر لفت نظره إلى هبوط التربة، مما جعله يعيد بناءها ثانية على أساس قوي متين.
يبلغ قطر قبة النسر 5ر16 مترا، وارتفاعها مع الرقبة 17.5مترا، وارتفاعها من ذروتها حتى أرض الحرم 43 مترًا. وتقوم قبة النسر على جملون معترض (سقف مثلث).


ثالثًا: قبة مسجد السلطان أحمد (المسجد الأزرق) في إسطنبول

وهذه القبة أنشئت بأمر السلطان العثماني الرابع أحمد الأول عام (1609م -1616م) ردًا على تحدي القبة العظيمة لكنيسة (أيا صوفيا) الرومانية التي بنيت في عهد الإمبراطور جوستنيان 537م، وقيل: إنها من عجائب الدنيا، ولا يمكن مضاهاتها، لذلك أمر السلطان أحمد المهندسَ الكبير محمد آغا تلميذ سنان باشا أن يبني له مسجدًا، يضم فيما يضم من الروائع قبة أعظم من قبة أيا صوفيا.

فجاءت قبة مسجد السلطان أحمد (المعروف بالمسجد الأزرق) أعظم قطرًا منها: 33.5م (آيا صوفيا 31 مترًا)، وهي ترتفع عن الأرض 43 مترًا، وتقوم على أربعة قناطر (عقود) كبيرة، تتكىء على أربعة أكتاف ضخمة، يطلقون عليها أرجل الفيل، يبلغ قطر الواحد منها خمسة أمتار.


ويحف بالقبة في المسجد الأزرق أربعة أنصاف قباب أعطت المبني إحساسًا بالانطلاق والانسيابية، وقد نثر المهندس محمد آغا حول القبة الكبرى والقباب الصغرى المحيطة بها نوافذ أحسن صنعها، وأتقن عقودها، وقدر نسبها وأبعادها، فأصبح المسجد يتلألأ بالضوء من خلال (260) نافذة موزعة على خمسة صفوف ومحلاة بالزجاج الملون.


إن قبة مسجد السلطان أحمد (المسجد الأزرق) واحدة من أعظم القباب في تاريخ المساجد ضخامة وزخرفة وإتقانا.

رابعًا: القبة الخضراء في المسجد النبوي الشريف


اشتهرت القبة الخضراء الشامخة فوق الروضة الشريفة (الحجرة النبوية)، التي تضم جسد خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم ومعه صاحباه المخلصان المؤمنان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، اشتهرت شهرة لا مزيد عليها، لشرف مكانها وتعلق قلوب المسلمين بمسجدها، حتى أصبحت مغنى للشعراء، وملهمة للأدباء، ومثيرة للغرام، وعلامة من علامات دار السلام، قال أحدهم:

سألت إلهي قبل موتي زيارة إلى الروضة الفيحاء والقبة الخضر


وقد جددت هذه القبة الخضراء الموجودة حاليا عام 1266هـ على يد المهندس حليم باشا مهندس قصور العثمانيين في الآستانة ومعه المعلم إبراهيم باشا كبير البنائين المصريين، وشارك في تزيينها من الداخل بأبهى أنواع النقش الخطاطُ التركي المشهور شكر الله، وكان المشرف على البناء إبراهيم باشا ابن محمد على باشا.


ويذكر أن الذي بناها لأول مرة السلطان المملوكي قايتباي، ثم جددها من بعده السلطان العثماني محمود الثاني.


وأخيرًا وإذا كنا لا نحبذ من منطق ديني بحت الإغراق في زخرفة القباب، والإسراف في تنميقها، بل ولا نحبذ بناءها على القبور بشكل عام، إلا أننا ننوه هنا إلى توجه شاذ -معماريًا على الأقل- ظهر في الآونة الأخيرة في بناء المسجد، حيث بنيت بعض المساجد دون قباب فظهرت وكأنها مخازن أو صالات كبيرة جامدة.


إن للقباب موقعًا في المسجد لا يمكن تجاهله أو نكرانه، ومن التشويه لجمال المسجد أن نرفع فوقه مئذنة سامقة لا تجاورها قبة تمهد لامتداد المئذنة في السماء.


المصدر: موقع روائع الإسلام (http://www.rawaealislam.com/pages/posts/-412.php)


القباب من روائع العمارة الإسلامية (http://islamstory.com/ar/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D9%85%D9%86-%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%A6%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D 8%A9)