المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القسم الثالث من تفسير سورة الجن


الشيخ محمد الزعبي
06-05-2014, 02:56 AM
القسم الثالث من تفسير سورة الجن
{وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً (16) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً (17) وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً (18) وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً (19) قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً (20) قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (22) إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً 23) حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً (24)}
شرح الكلمات:
على الطريقة :أي الإسلام.
ماء غدقا : أي مالا كثيرا وخيرات كبيرة.
لنفتنهم فيه : أي نختبرهم أيشكرون أم يكفرون.
عن ذكر ربه :أي القرآن وشرائعه وأحكامه.
عذابا صعدا :أي شاقا.
فلا تدعوا :أي فيها مع الله أحدا.
عبد لله يدعوه :أي محمد صلى الله عليه وسلم يدعوا الله ببطن نخلة.
عليه لبدا :أي في ركوب بعضهم بعضا تزاحما لأجل أن يسمعوا قراءته.
ضرا ولا رشدا :أي غيا ولا خيرا.
ملتحدا :أي ملتجأ ألجأ إليه فأحفظ نفسي.
إلا بلاغا :أي لا أملك إلا البلاغ إليكم.
وأقل عددا :أي أعوانا المسلمون أم الكافرون.
معنى الآيات:
قوله تعالى {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} أي وأوحى إلي أن لو استقام هؤلاء المشركون من كفار قريش استقاموا على الإيمان والتوحيد والطاعة لله ولرسوله -وهم يشكون القحط- {لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً1} فتكثر أموالهم وتتسع أرزاقهم، {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} أي لنخبرهم في ذلك الخير الكثير أيشكرون أم يكفرون؟ ثم إن شكروا زادهم، وإن كفروا سلبهم وعذبهم. وقوله تعالى {وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ} أي القرآن وما يدعوا إليه من الإيمان وصالح الأعمال ولم يتخل عن الشرك وسوء الأفعال {يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً2} أي ندخله في عذاب شاق في الدنيا بالذل والمهانة والفقر والرذيلة والنذالة. وفي الآخرة في جهنم حيث السموم والحميم، والضريع والزقوم. وقوله {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ3 لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} أي ومما أوحي إلي أن المساجد لله فإذا دخلتموها للعبادة فلا تدعوا فيها مع الله أحدا إذ كيف البيت له وأنت فيه وتدعوا معه غيره زيادة على أن الشرك محرم وصاحبه في النار فإنه من غير الأدب أن يكون المرء في بيت كريم ويدعو معه غيره من فقراء الخلق أو أغنيائهم وقوله {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً} أي وأوحي إلي أنه لما قام عبد الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم يدعوا ربه في الصلاة ببطن نخلة كاد الجن أن يكونوا عليه لبدا أي4 كالشيء المتلبد بعضه فوق بعض. وقوله {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً} هذا إجابة لقريش عندما قالوا له صلى الله عليه وسلم لقد جئت بأمر عظيم وقد عاديت الناس كلهم فارجع عن هذا فنحن نجيرك أي نحفظك فأمر أن يقول لهم إنما أدعوا ربي أي أعبده إلهاًَ واحداً ولا أشرك به أحدا. وأن يقول أيضا إني لا أملك لكم يا معشر قريش الكافرين ضرا ولا رشدا أي ضلالا ولا هداية إنما ذلك لله وحده يضل من يشاء ويهدي من يشاء وأمر أن يقول لهم أيضا إني لن يجيرني من الله أحد أن أنا عصيته وأطعتكم، ولن أجد من دونه أي من غيره ملتحدا5 أي ملتجأ التجأ إليه. وقوله إلا بلاغاً من الله ورسالاته أي لا أملك لكم ضراً ولا رشداً إلا بلاغا من الله
ورسالته فإني أبلغكم عنه ما أمرني به وأرشدكم إلى ما أرسلني به من الهدى والخير والفوز وقوله {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} أي يخبر تعالى موعداً أن من يعصي الله بالشرك به وبرسوله بتكذيبه وعدم اتباعه فيما جاء به فإن له جزاء شركه وعصيانه نار جهنم خالدين فيها أبدا. وقوله {حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً} أي فإن استمروا على شركهم وتكذيبهم حتى إذا رأوا ما يوعدون من عذاب يوم القيامة فسيعلمون عندئذ من أضعف ناصراً أي من ناصره ضعيف أو قوي، ومن أقل عدداً من أعوانه المؤمنون محمد وأصحابه أم هم المشركون المكذبون.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- الاستقامة على منهج الله تعالى القائم على الإيمان والطاعة لله ورسوله يفضي بسالكه إلى الخير الكثير والسعادة الكاملة في الدنيا والآخرة.
2- المال فتنة وقل من ينجح فيها قال عمر رضي الله عنه أينما يكون الماء يكون المال وأينما يكون المال تكون الفتنة.
3- حرمة دعاء غير الله في المساجد وفي غيرها إلا أنها في المساجد أشد قبحا.
4- الخير والغير والهدى والضلال لا يملكها إلا الله فليطلب ذلك منه لا من غيره.
5- معصية الله والرسول موجبة لعذاب الدنيا والآخرة.
الطائف وتكون هذه الأولى، والثانية هي المذكورة في التفسير.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .