المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تصحيح مفهوم الجمع بين الصلاتين في الحضر


الأرقم
09-11-2009, 06:14 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
قرأت في هذا المنتدى الطيب كلاما لأخ مبارك بإذن الله حول الجمع بين الصلاتين في الحضر مستدلا بحديث ابن عباس الصحيح ولكن الفهم الذي فهمه الأخ الطيب ونقل كلاما للشيخ شقرة ولعله الشيخ الأردني كما ظننت وهذا الكلام ظاهره إباحة الجمع في الحضر مطلقا فأردت أن أبين لكم إخوتي أن هذا القول لم يقل به أحد من أهل العلم مطلقا كما علمت والله أعلم ومن قال بجوازه في الحضر من أهل العلم اشترط فيه شروطا كما سأبين من كلامهم فحري بالمسلم وطالب العلم أن يتحرى الكلام عن أهل العلم ويبحث من كتبهم عنه بالأدلة الصحيحة الصريحة، وهذا جهد المقل فما كان من صواب فمن الله وحده وما كان من خطأ أو سهو أو تقصير فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان، وأود لمن أراد النقاش أن يلتزم بالمنهجية العلمية في النقاش لا سيما في قضايا علمية شرعية تخصصية .

أولاً جمع بعض الروايات في هذا الموضوع :
روى مسلم في صحيحه1147 :عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ
قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ فَسَأَلْتُ سَعِيدًا لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ.
وروى مسلم 1154: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمًا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَبَدَتْ النُّجُومُ وَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ قَالَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ لَا يَفْتُرُ وَلَا يَنْثَنِي الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَتُعَلِّمُنِي بِالسُّنَّةِ لَا أُمَّ لَكَ ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ فَحَاكَ فِي صَدْرِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَأَتَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَسَأَلْتُهُ فَصَدَّقَ مَقَالَتَهُ.
قال الشوكاني في نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار عن الروايات في الباب - (5 / 361):عن ابن عباس رضي اللَّه عنه : ( أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم صلى بالمدينة سبعًا وثمانيًا الظهر والعصر والمغرب والعشاء ) متفق عليه .
وفي لفظه للجماعة إلا البخاري وابن ماجه : ( جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر قيل لابن عباس : ما أراد بذلك قال : أراد أن لا يحرج أمته ) .
الحديث ورد بلفظ : ( من غير خوف ولا سفر ) وبلفظ : ( من غير خوف ولا مطر ) قال الحافظ : واعلم أنه لم يقع مجموعًا بالثلاثة في شيء من كتب الحديث بل المشهور من غير خوف ولا سفر .
قوله : ( سبعًا وثمانيًا ) أي سبعًا جميعًا وثمانيًا جميعًا كما صرح به البخاري في رواية له ذكرها في باب وقت المغرب .
أقوال العلماء في هذه المسألة:
قال النووي في شرحه على مسلم (3 / 17):
:هُوَ مَحْمُول عَلَى الْجَمْع بِعُذْرِ الْمَرَض أَوْ نَحْوه مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْأَعْذَار ، وَهَذَا قَوْل أَحْمَد بْن حَنْبَل وَالْقَاضِي حُسَيْن مِنْ أَصْحَابنَا ، وَاخْتَارَهُ الْخَطَّابِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيّ مِنْ أَصْحَابنَا ، وَهُوَ الْمُخْتَار فِي تَأْوِيله لِظَاهِرِ الْحَدِيث وَلِفِعْلِ اِبْن عَبَّاس وَمُوَافَقَة أَبِي هُرَيْرَة ، وَلِأَنَّ الْمَشَقَّة فِيهِ أَشَدّ مِنْ الْمَطَر ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّة إِلَى جَوَاز الْجَمْع فِي الْحَضَر لِلْحَاجَةِ لِمَنْ لَا يَتَّخِذهُ عَادَة ، وَهُوَ قَوْل اِبْن سِيرِينَ وَأَشْهَب مِنْ أَصْحَاب مَالِك ، وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ الْقَفَّال وَالشَّاشِيّ الْكَبِير مِنْ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ عَنْ أَبِي إِسْحَاق الْمَرْوَزِيِّ عَنْ جَمَاعَة مِنْ أَصْحَاب الْحَدِيث ، وَاخْتَارَهُ اِبْن الْمُنْذِر وَيُؤَيِّدهُ ظَاهِر قَوْل اِبْن عَبَّاس : أَرَادَ أَلَّا يُحْرِج أُمَّته ، فَلَمْ يُعَلِّلهُ بِمَرَضٍ وَلَا غَيْره وَاللَّهُ أَعْلَم .
قال الشوكاني في نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار - (5 / 362)
ومعناه(أي الحرج) إنما فعل تلك لئلا يشق عليهم ويثقل فقصد إلى التخفيف عنهم.
قال ابن عبد البر في الاستذكار (2 / 210وما بعدها):
وأجمع العلماء على أنه لا يجوز الجمع بين الصلاتين في الحضر لغير عذر المطر إلا طائفة شذت.
وقالت طائفة شذت عن الجمهور الجمع بين الصلاتين في الحضر وإن ( لم يكن مطر مباح ) إذا كان عذر وضيق على صاحبه ويشق عليه وما لم يتخذه عادة وممن قال ذلك محمد بن سيرين وأشهب صاحب مالك

قال المباركفوري في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي: من الاحتمالات أن الجمع المذكور صوري بأن يكون أخر الظهر لاَخر وقتها وعجل العصر في أول وقتها، قال الحافظ ابن حجر وهذا أي القول بالجمع الصوري قد استحسنه القرطبي ورجحه إمام الحرمين وجزم به من القدماء ابن الماجشون والطحاوي وقواه ابن سيد الناس بأن أبا الشعثاء وهو راوي الحديث عن ابن عباس قد قال به، قال الحافظ ويقوي ما ذكره من الجمع الصوري أن طرق الحديث كلها ليس فيها تعرض لوقت الجمع فإما أن يحتمل على مطلقها فيستلزم إخراج الصلاة عن وقتها المحدود بغير عذر وإما أن يحمل على صفة مخصوصة لا تستلزم الإخراج ويجمع بها بين مفترق الأحاديث فالجمع الصوري أولى انتهى.
قال أبو العباس القرطبي في كتابه المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - (6 / 131):
وذهب كافة العلماء إلى منع الجمع بين الصلاتين في الحضر لغير عذر إلا شذوذًا ؛ منهم من السلف : ابن سيرين ، ومن أصحابنا أشهب ؛ فأجازوا ذلك للحاجة ما لم تتخذ عادة ، ونحوه لعبدالملك في الظهر والعصر . وحجتهم في ذلك حديث ابن عباس.
قال السيوطي في تنوير الحوالك شرح موطأ مالك (1 / 124):
وقد اختار ما اختاره من جواز الجمع بعذر المرض جماعة من المتأخرين منهم السبكي والاسنوي والبلقيني وهو اختياري.
قال الشنقيطي في أضواء البيان (1 / 291)
قال مقيده عفا الله عنه روي عن جماعة من أهل العلم أنهم أجازوا الجمع في الحضر للحاجة لكن بشرط ألا يتخذ ذلك عادة منهم : ابن سيرين وربيعة وأشهب وابن المنذر والقفال الكبير .
وحكاه الخطابي عن جماعة من أصحاب الحديث قال ابن حجر وغيره وحجتهم ما تقدم في الحديث من قوله : لئلا تحرج أمتي وقد عرفت مما سبق أن الأدلة تعين حمل ذلك على الجمع الصوري كما ذكر والعلم عند الله تعالى .
قال الشوكاني في نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار - (5 / 367)
وقد جمعنا في هذه المسألة رسالة مستقلة سميناها تشنيف السمع بإبطال أدلة الجمع فمن أحب الوقوف عليها فليطلبها .
وقال في نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار - (5 / 364)
ومن المؤيدات للحمل على الجمع الصوري ما أخرجه مالك في الموطأ والبخاري وأبو داود والنسائي عن ابن مسعود قال : ( ما رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين جمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها ) فنفى ابن مسعود مطلق الجمع وحصره في جمع المزدلفة مع أنه ممن روى حديث الجمع بالمدينة كما تقدم وهو يدل على أن الجمع الواقع بالمدينة صوري ولو كان جمعًا حقيقيًا لتعارض روايتاه والجمع ما أمكن المصير إليه هو الواجب .
ومن المؤيدات للحمل على الجمع الصوري أيضًا ما أخرجه ابن جرير عن ابن عمر قال : ( خرج علينا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فكان يؤخر الظهر ويعجل العصر فيجمع بينهما ويؤخر المغرب ويعجل العشاء فيجمع بينهما ) . وهذا هو الجمع الصوري وابن عمر هو ممن روى جمعه صلى اللَّه عليه وسلم بالمدينة كما أخرج ذلك عبد الرزاق عنه . وهذه الروايات معينة لما هو المراد بلفظ جمع لما تقرر في الأصول من أن لفظ جمع بين الظهر والعصر لا يعم وقتها كما في مختصر المنتهى وشروحه والغاية وشرحها وسائر كتب الأصول بل مدلوله لغة الهيئة الاجتماعية وهي موجودة في جمع التقديم والتأخير والجمع الصوري إلا أنه لا يتناول جميعها ولا اثنين منها إذ الفعل المثبت لا يكون عامًا في أقسامه كما صرح بذلك أئمة الأصول فلا يتعين واحد من صور الجمع المذكور إلا بدليل وقد قام الدليل على أن الجمع المذكور في الباب هو الجمع الصوري فوجب المصير إلى ذلك .
وقد زعم بعض المتأخرين أنه لم يرد الجمع الصوري في لسان الشارع وأهل عصره وهو مردود بما ثبت عنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم من قوله للمستحاضة : ( وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين ) ومثله في المغرب والعشاء وبما سلف عن ابن عباس وابن عمر .

هذا ما تيسر جمعه من أقوال أهل العلم المعتبرين وأسأل الله أن يكتب النفع والخير والقبول فيها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في إقامة الدليل على إبطال التحليل - (2 / 308):قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : إيَّاكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي مَسْأَلَةٍ لَيْسَ لَك فِيهَا إمَامٌ.
وقال في المسودة لآل ابن تيمية - (1 / 401):قال الإمام أحمد :إياك أن تتكلم بكلمة واحدة ليس لك فيها امام.

الأرقم
09-11-2009, 09:53 AM
حياك الله أخي في الله الموضوع وجد بعنوان رخصة الجمع بين الصلاتين للأخ الفاضل كاشف الغطاء في الشريعة والحياة والله أعلم.
بارك الله في علمكم وتقواكم

محمد050
09-11-2009, 11:32 AM
جزاك الله خيرا
وذادك الله علما

كاشف الغطاء
11-11-2009, 02:02 PM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
قرأت في هذا المنتدى الطيب كلاما لأخ مبارك بإذن الله حول الجمع بين الصلاتين في الحضر مستدلا بحديث ابن عباس الصحيح ولكن الفهم الذي فهمه الأخ الطيب ونقل كلاما للشيخ شقرة ولعله الشيخ الأردني كما ظننت وهذا الكلام ظاهره إباحة الجمع في الحضر مطلقا فأردت أن أبين لكم إخوتي أن هذا القول لم يقل به أحد من أهل العلم مطلقا كما علمت والله أعلم ومن قال بجوازه في الحضر من أهل العلم اشترط فيه شروطا كما سأبين من كلامهم فحري بالمسلم وطالب العلم أن يتحرى الكلام عن أهل العلم ويبحث من كتبهم عنه بالأدلة الصحيحة الصريحة، وهذا جهد المقل فما كان من صواب فمن الله وحده وما كان من خطأ أو سهو أو تقصير فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان، وأود لمن أراد النقاش أن يلتزم بالمنهجية العلمية في النقاش لا سيما في قضايا علمية شرعية تخصصية .

أولاً جمع بعض الروايات في هذا الموضوع :
روى مسلم في صحيحه1147 :عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ
قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ فَسَأَلْتُ سَعِيدًا لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ.
وروى مسلم 1154: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمًا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَبَدَتْ النُّجُومُ وَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ قَالَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ لَا يَفْتُرُ وَلَا يَنْثَنِي الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَتُعَلِّمُنِي بِالسُّنَّةِ لَا أُمَّ لَكَ ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ فَحَاكَ فِي صَدْرِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَأَتَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَسَأَلْتُهُ فَصَدَّقَ مَقَالَتَهُ.
قال الشوكاني في نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار عن الروايات في الباب - (5 / 361):عن ابن عباس رضي اللَّه عنه : ( أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم صلى بالمدينة سبعًا وثمانيًا الظهر والعصر والمغرب والعشاء ) متفق عليه .
وفي لفظه للجماعة إلا البخاري وابن ماجه : ( جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر قيل لابن عباس : ما أراد بذلك قال : أراد أن لا يحرج أمته ) .
الحديث ورد بلفظ : ( من غير خوف ولا سفر ) وبلفظ : ( من غير خوف ولا مطر ) قال الحافظ : واعلم أنه لم يقع مجموعًا بالثلاثة في شيء من كتب الحديث بل المشهور من غير خوف ولا سفر .
قوله : ( سبعًا وثمانيًا ) أي سبعًا جميعًا وثمانيًا جميعًا كما صرح به البخاري في رواية له ذكرها في باب وقت المغرب .
أقوال العلماء في هذه المسألة:
قال النووي في شرحه على مسلم (3 / 17):
:هُوَ مَحْمُول عَلَى الْجَمْع بِعُذْرِ الْمَرَض أَوْ نَحْوه مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْأَعْذَار ، وَهَذَا قَوْل أَحْمَد بْن حَنْبَل وَالْقَاضِي حُسَيْن مِنْ أَصْحَابنَا ، وَاخْتَارَهُ الْخَطَّابِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيّ مِنْ أَصْحَابنَا ، وَهُوَ الْمُخْتَار فِي تَأْوِيله لِظَاهِرِ الْحَدِيث وَلِفِعْلِ اِبْن عَبَّاس وَمُوَافَقَة أَبِي هُرَيْرَة ، وَلِأَنَّ الْمَشَقَّة فِيهِ أَشَدّ مِنْ الْمَطَر ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّة إِلَى جَوَاز الْجَمْع فِي الْحَضَر لِلْحَاجَةِ لِمَنْ لَا يَتَّخِذهُ عَادَة ، وَهُوَ قَوْل اِبْن سِيرِينَ وَأَشْهَب مِنْ أَصْحَاب مَالِك ، وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ الْقَفَّال وَالشَّاشِيّ الْكَبِير مِنْ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ عَنْ أَبِي إِسْحَاق الْمَرْوَزِيِّ عَنْ جَمَاعَة مِنْ أَصْحَاب الْحَدِيث ، وَاخْتَارَهُ اِبْن الْمُنْذِر وَيُؤَيِّدهُ ظَاهِر قَوْل اِبْن عَبَّاس : أَرَادَ أَلَّا يُحْرِج أُمَّته ، فَلَمْ يُعَلِّلهُ بِمَرَضٍ وَلَا غَيْره وَاللَّهُ أَعْلَم .
قال الشوكاني في نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار - (5 / 362)
ومعناه(أي الحرج) إنما فعل تلك لئلا يشق عليهم ويثقل فقصد إلى التخفيف عنهم.
قال ابن عبد البر في الاستذكار (2 / 210وما بعدها):
وأجمع العلماء على أنه لا يجوز الجمع بين الصلاتين في الحضر لغير عذر المطر إلا طائفة شذت.
وقالت طائفة شذت عن الجمهور الجمع بين الصلاتين في الحضر وإن ( لم يكن مطر مباح ) إذا كان عذر وضيق على صاحبه ويشق عليه وما لم يتخذه عادة وممن قال ذلك محمد بن سيرين وأشهب صاحب مالك

قال المباركفوري في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي: من الاحتمالات أن الجمع المذكور صوري بأن يكون أخر الظهر لاَخر وقتها وعجل العصر في أول وقتها، قال الحافظ ابن حجر وهذا أي القول بالجمع الصوري قد استحسنه القرطبي ورجحه إمام الحرمين وجزم به من القدماء ابن الماجشون والطحاوي وقواه ابن سيد الناس بأن أبا الشعثاء وهو راوي الحديث عن ابن عباس قد قال به، قال الحافظ ويقوي ما ذكره من الجمع الصوري أن طرق الحديث كلها ليس فيها تعرض لوقت الجمع فإما أن يحتمل على مطلقها فيستلزم إخراج الصلاة عن وقتها المحدود بغير عذر وإما أن يحمل على صفة مخصوصة لا تستلزم الإخراج ويجمع بها بين مفترق الأحاديث فالجمع الصوري أولى انتهى.
قال أبو العباس القرطبي في كتابه المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - (6 / 131):
وذهب كافة العلماء إلى منع الجمع بين الصلاتين في الحضر لغير عذر إلا شذوذًا ؛ منهم من السلف : ابن سيرين ، ومن أصحابنا أشهب ؛ فأجازوا ذلك للحاجة ما لم تتخذ عادة ، ونحوه لعبدالملك في الظهر والعصر . وحجتهم في ذلك حديث ابن عباس.
قال السيوطي في تنوير الحوالك شرح موطأ مالك (1 / 124):
وقد اختار ما اختاره من جواز الجمع بعذر المرض جماعة من المتأخرين منهم السبكي والاسنوي والبلقيني وهو اختياري.
قال الشنقيطي في أضواء البيان (1 / 291)
قال مقيده عفا الله عنه روي عن جماعة من أهل العلم أنهم أجازوا الجمع في الحضر للحاجة لكن بشرط ألا يتخذ ذلك عادة منهم : ابن سيرين وربيعة وأشهب وابن المنذر والقفال الكبير .
وحكاه الخطابي عن جماعة من أصحاب الحديث قال ابن حجر وغيره وحجتهم ما تقدم في الحديث من قوله : لئلا تحرج أمتي وقد عرفت مما سبق أن الأدلة تعين حمل ذلك على الجمع الصوري كما ذكر والعلم عند الله تعالى .
قال الشوكاني في نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار - (5 / 367)
وقد جمعنا في هذه المسألة رسالة مستقلة سميناها تشنيف السمع بإبطال أدلة الجمع فمن أحب الوقوف عليها فليطلبها .
وقال في نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار - (5 / 364)
ومن المؤيدات للحمل على الجمع الصوري ما أخرجه مالك في الموطأ والبخاري وأبو داود والنسائي عن ابن مسعود قال : ( ما رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين جمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها ) فنفى ابن مسعود مطلق الجمع وحصره في جمع المزدلفة مع أنه ممن روى حديث الجمع بالمدينة كما تقدم وهو يدل على أن الجمع الواقع بالمدينة صوري ولو كان جمعًا حقيقيًا لتعارض روايتاه والجمع ما أمكن المصير إليه هو الواجب .
ومن المؤيدات للحمل على الجمع الصوري أيضًا ما أخرجه ابن جرير عن ابن عمر قال : ( خرج علينا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فكان يؤخر الظهر ويعجل العصر فيجمع بينهما ويؤخر المغرب ويعجل العشاء فيجمع بينهما ) . وهذا هو الجمع الصوري وابن عمر هو ممن روى جمعه صلى اللَّه عليه وسلم بالمدينة كما أخرج ذلك عبد الرزاق عنه . وهذه الروايات معينة لما هو المراد بلفظ جمع لما تقرر في الأصول من أن لفظ جمع بين الظهر والعصر لا يعم وقتها كما في مختصر المنتهى وشروحه والغاية وشرحها وسائر كتب الأصول بل مدلوله لغة الهيئة الاجتماعية وهي موجودة في جمع التقديم والتأخير والجمع الصوري إلا أنه لا يتناول جميعها ولا اثنين منها إذ الفعل المثبت لا يكون عامًا في أقسامه كما صرح بذلك أئمة الأصول فلا يتعين واحد من صور الجمع المذكور إلا بدليل وقد قام الدليل على أن الجمع المذكور في الباب هو الجمع الصوري فوجب المصير إلى ذلك .
وقد زعم بعض المتأخرين أنه لم يرد الجمع الصوري في لسان الشارع وأهل عصره وهو مردود بما ثبت عنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم من قوله للمستحاضة : ( وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين ) ومثله في المغرب والعشاء وبما سلف عن ابن عباس وابن عمر .

هذا ما تيسر جمعه من أقوال أهل العلم المعتبرين وأسأل الله أن يكتب النفع والخير والقبول فيها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في إقامة الدليل على إبطال التحليل - (2 / 308):قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : إيَّاكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي مَسْأَلَةٍ لَيْسَ لَك فِيهَا إمَامٌ.
وقال في المسودة لآل ابن تيمية - (1 / 401):قال الإمام أحمد :إياك أن تتكلم بكلمة واحدة ليس لك فيها امام.

السلام عليكم أخي لفاضل الأرقم
الظاهر أنه لا فرق بين موضوعي وموضوعك هذا ولا تعارض بينهما فيمايخص الأحاديث الواردة في هذا المجال الفرق الوحيد هو أنك أضفت أقوال بعض العلماء وتأويلاتهم في هذا الخصوص لأنه ربما لم يعجبك رأي الشيخ شقرة .
أخي الكريم أظن أن الحديث صريح ولا يحتاج الى امام وهو أن رسول الله جمع في غير مرض أو سفر لكي لا يحرج على أمته وكذلك فعل بن عباس حتى أنه أغلض على من لا يرى الجمع بقوله أتعلمني السنة لا أمة لك وقد وافقه أبو هريرة .
أخي الكريم الأولى هو الأخد بالحديث وقول الصحابي لا بتأويل العلماء

الأرقم
11-11-2009, 02:26 PM
أخي الكاشف اسأل الله أن يريني وإياك الحق ويرزقنا اتباعه الموضوع أخي كنقاش علمي :
أولا الشيخ شقرة من هو فقد يعرف وقد لا يعرف وقد يكون عالما وقد لا يكون وأنا أعرف شيخا اسمه ابراهيم شقرة فهل هو أم لا لا أعلم وعلى كل حال لا يهمنا الإسم يهمنا العلم .
ثانيا : نحن نفهم كلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في ضوء كلام العلماء لا باجتهادنا نحن فنحن لم نصل إلى مرتبة الإجتهاد الفقهي حتى نستقل بفهم لم نسبق إليه .
ثالثا : ابن عباس بذاته لما سئل عن الجمع قال : أراد أن لا يحرج أمته وأنا نقلت لك ما معنى الحرج حتى نفهم كلام الصحابي من خلال ما نقلت عن الشوكاني رحمه الله .
رابعا: أريد واحدا من العلماء السابقين من أئمة المذاهب المتبعة المشهورة قال بجواز الجمع بدون حاجة أو شرط وهذا وحده يكفى لفساد القول بجواز الجمع بدون قيد أو شرط .
على كل حال طالب العلم يجب عليه أن يعرف قدر نفسه وقدر أهل العلم حتى ينزلهم منزلتهم لا نقول نحن لسنا بحاجة لقول عالم طالما أن الرسول يقول كذا هذا الكلام يحتاج إلى تفصيل وأن يكون الشخص المتكلم أهل لذلك من حيث العلم وأدوات الإجتهاد .
والله تعالى أعلم

كاشف الغطاء
14-11-2009, 02:13 PM
أخي كاشف الغطاء :
نقطة البحث : هل يجوز الجمع بين الصلاتين مطلقاً ؟؟؟؟؟؟ دائماً ؟؟؟؟؟ دون حاجة أو عذر ؟؟؟؟؟
إن قلت نعم , قلنا لك لا سلف لك في هذا , ولم يفهم الصحابة (أدرى الناس بالرسول) ما فهمت أنت .
وإن قلت لا , حسم الجدال , فالجمع المذكور حدث لعذر وليس هو الأصل ,
وأشدد على كلام أخي الفاضل الأرقم , لا بد من دراسة أقوال العلماء المعتبرين , ولا نعرف عالماً من السلف
إلا و قد طلب العلم على يد العلماء في عصره .


أخي الكريم أنا لم أقل بالجمع بين الصلاتين مطلقا وارجع الى موضوعي " رخصة الجمع بين الصلاتين " فأنا قلت رخصة والرخصة تقدر بقدرها الا أن الأعذار الموجبة للجمع ليست فقط تنحصر في المطر أو السفر أو المرض وانما هناك أعذار أخرى مثلا كحديث بن عباس عندما ترك المغرب لوقت العشاء لأنه كان في درس وكذلك رسول الله جمع في غير خوف أو مرض يعني أنه جمع لعذر آخرربما لعارض عرض له أو لشغل ما