المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التساهل في أداء الزكاة


المراقب العام
20-10-2014, 10:13 AM
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين _حفظه الله_
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هناك بعض الناس ممن أفاء الله عليهم بالمال يتساهلون في أداء زكاتهم، وربما أخرج بعضهم بعض الأموال بنية الزكاة أو الصدقة من غير حصر لأمواله الزكوية، بما لا يساوي إلا قليلاً من زكاته الواجبة، فما حكم هذا العمل؟ وما نصيحتكم _حفظكم الله_ لهؤلاء؟ كما نرجو من فضيلتكم بيان حكم تارك الزكاة والاۤثار المترتبة على تركها في الدنيا والآخرة، والله يحفظكم.


الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الواجب على المسلم أن يؤدي زكاة ماله كاملة؛ طاعة لله _تعالى_ ورسوله _صلى الله عليه وسلم_؛ وقياماً بأركان إسلامه، وحماية لنفسه من العقوبة، ولماله من النقص ونزع البركة، فالزكاة غنيمة وليست غرماً، قال الله _تعالى_: " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"(التوبة:103). والواجب على من آتاه الله مالاً تجب فيه الزكاة أن يحصيه إحصاء دقيقاً، كأن معه شريكاً شحيحاً يحاسب على القليل والكثير والقطمير والنقير. والأموال ثلاثة أقسام: القسم الأول: قسم لا إشكال في وجوب الزكاة فيه، كالنقود من الذهب والفضة، وما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية ففيه الزكاة، سواء أعده للتجارة، أو النفقة، أو لشراء بيت يسكنه،أو لصداق يتزوج به،أو غير ذلك. القسم الثاني: قسم لا إشكال في عدم وجوب الزكاة فيه، كبيته الذي يسكنه وسيارته التي يركبها، وفرش بيته ونحو ذلك، وهذان أمرهما واضح. القسم الثالث: قسم فيه إشكال، كالديون في الذمم، فالواجب سؤال أهل العلم عنه حتى يكون العبد فيه على بينة في دينه ليعبد الله _تعالى_ على بصيرة. ولا يحل للمسلم أن يتهاون في أمر الزكاة، أو يتكاسل في أدائها إلى أهلها، لما في ذلك من الوعيد الشديد في كتاب الله _تعالى_، وسنة رسوله _صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم_. أما في كتاب الله _تعالى_ ، فقد قال الله _سبحانه_: "وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ"(آل عمران:180)، وقال _تعالى_: "وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ" (التوبة: من الآية34 - 35). وأما السنة، فقد قال النبي _صلى الله عليه وعلى آله وسلم_: " من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثّل له شجاعاً أقرعاً ـ وهو الحية الخالي رأسها من الشعر لكثرة سمها ـ له زبيبتان يطوقه يوم القيامة يأخذ بلهزمتيه ـ يعني شدقيه ـ يقول: أنا مالك، أنا كنزك". أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة _رضي الله عنه_ . وقال النبي _صلى الله عليه وسلم_: " ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه، وجبينه، وظهره، كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد". أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة _رضي الله عنه_ . فهذا أيها المسلم كتاب ربك، وهذه سنة نبيك _صلى الله عليه وسلم_، وفيهما هذا الوعيد الشديد في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. فاحرص على حصر أموالك التي تجب فيها الزكاة، وأدّ زكاتها إلى مستحقيها طيبة بها نفسك ، منشرحاً بها صدرك، تحتسب أجرها على الله، وترجو منه الخلف العاجل، قال الله _تعالى_:"وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ" (الروم:39) . وقال _تعالى_:" قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَه،ُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ"(سـبأ:39). وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه، وجعله عملاً خالصاً لوجهه، موافقاً لشرعه، إنه جواد كريم. كتبه محمد الصالح العثيمين في 12/8/1418 هـ.

اجاب عليها فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله