المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحجاب الحلقة الثالثة آية الحجاب السؤال من وراء حجاب ومدى دلالتها


عماد حامد
13-11-2009, 05:28 PM
مدى دلالة آية "وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب":

قال الشيخ الألباني في رسالته الرد المفحم أن هذه الآية:
(في المرأة وهي في دارها، إذ إنها لا تكون عادة متجلببة ولا مختمرة فيها، فلا تبرز للسائل، خلافاً لما يفعل بعضهن اليوم ممن لا أخلاق لهن، وقد نبَّه على هذا الفرق شيخ الإسلام ابن تميمة فقال في " الفتاوى" (15/448):

" فآية الجلابيب في الأدرية عند البروز من المساكن، وآية الحجاب عند المخاطبة في المساكن").انتهى كلامه.

وهو قاطع الحجة والآية التي وردت بها تدل على ذلك فالآية تتحدث عن آداب دخول بيوت النبي صلى الله عليه وسلم وهذه هي فتأملها:
(يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما)


والعجب كل العجب بعد هذا ممن يدعي أن الحجاب في هذه الآية هو حجاب الوجه أو أنها تتضمنه !! فالعلماء فسروا الحجاب هنا بشيء خارج عن اللباس ونحوه.

يقول الإمام البغوي في تفسيره (1/369): أي : من وراء ستر فبعد آية الحجاب لم يكن لأحد أن ينظر إلى امرأة من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم متنقبة كانت أو غير متنقبة.انتهى.

ويقول الواحدي في تفسيره ص 871:
إذا أردتم أن تخاطبوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في أمر فخاطبوهن من وراء حجاب وكانت النساء قبل نزول هذه الآية يبرزن للرجال فلما نزلت هذه الآية ضرب عليهن الحجاب فكانت هذا آية الحجاب بينهن وبين الرجال.انتهى.

وقال النحاس في معاني القرآن (5/371):
وقوله جل وعز وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب فكان لا يحل لأحد أن يسألهن طعاما ولا غيره ولا ينظر إليهن متنقبات ولا غير متنقبات إلا من وراء حجاب.انتهى.

ولا نعلم في هذا خلاف وإيجاب النقاب على أمهات المؤمنين بعده شئ خارج عنه لا كما يوهم كلام البعض.
وانظر تفسير الطبري (19/166) وغيره.

قد يقول البعض-بل قد قالوا- إننا نسلم أن السؤال إذا كان داخل البيوت فيكون من وراء ساتر فماذا إذا كان خارج البيت؟ كيف يكون السؤال؟

فنقول: سبحان الله !! يكون السؤال وهن مرتديات جلبابهن الذي أثبتنا أنه لا يعني تغطية الوجه بحال.

هذا أولا.

ثانيا:

وقد قال كثير من العلماء بأن آية الحجاب هذه خاصة بأزواج النبي-صلى الله عليه وسلم- مثل:

1- القاضي عياض، قال: [الفتح 8/530]: " فرض الحجاب مما اختصصن به، فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين، فلا يجوز لهن كشف ذلك في شهادة ولا غيرها، ولا إظهار شخوصهن، وإن كن مستترات، إلا ما دعت إليه ضرورة من براز".


2-قال أبو جعفر الطحاوي [ شرح معاني الآثار 2/392-393. انظر: الرد المفحم ص34]: "أبيح للناس أن ينظروا إلى ما ليس بمحرّم عليهم من النساء، إلى وجوههن وأكفهن، وحرم ذلك عليهم من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى".

3-قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث ص 225: ونحن نقول إن الله عز وجل أمر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاحتجاب إذ أمرنا أن لا نكلمهن إلا من وراء حجاب فقال( وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب)
وسواء دخل عليهن الأعمى والبصير من غير حجاب بينه وبينهن لأنهما جميعا يكونان عاصيين لله عز وجل ويكن أيضا عاصيات لله تعالى إذا أذن لهما في الدخول عليهن وهذه خاصة لأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم كما خصصن بتحريم النكاح على جميع المسلمين فإذا خرجن عن منازلهن لحج أو غير ذلك من الفروض أو الحوائج التي لا بد من الخروج لها زال فرض الحجاب لأنه لا يدخل عليهن حينئذ داخل فيحجب أن يحتجبن منه إذا كن في السفر بارزات وكان الفرض إنما وقع في المنازل التي هن بها نازلات.

4-ويقول ابن جزي الكلبي في التسهيل لعلوم التنزيل:
ولا يجوز أن يراهن متنقبات ولا غير متنقبات فخصصن بذلك دون سائر النساء.


ومثل ما قالوا قال به:
ابن بطال (انظر فتح الباري "1/10")- النووي في تهذيب الأسماء (1/63)- ابن عبد البر في التمهيد (19/157)- الشوكاني في نيل الأوطار (6/243) والشيخ الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير وغيرهم.

وإن قال غيرهم وأكثر منهم إن الآية عامة في أمهات المؤمنين وغيرهم من نساء المؤمنين ولكن على فرض هذا -ونحن نرجحه من هذا المعنى- فالحجاب كما قال العلماء في هذه الآية هو السؤال من وراء حجاب في المساكن ولا يدل أبدا على حجاب اللباس الذي تدعونه.

هذا ثانيا.

ثالثا:

ثم إن لفظ الحجاب يأتي غالبا في الساتر وليس في اللباس وتأملوا معي جملة الأحاديث الآتية:

1- أنس عند البخاري (4791) قال : لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش دعا القوم فطعموا ثم جلسوا يتحدثون وإذا هو كأنه يتهيأ للقيام فلم يقوموا فلما رأى ذلك قام فلما قام قام من قام وقعد ثلاثة نفر فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليدخل فإذا القوم جلوس ثم إنهم قاموا فانطلقت فجئت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد انطلقوا فجاء حتى دخل فذهبت أدخل ( فألقى الحجاب بيني وبينه ) فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي الآية .

ومثله قوله في الرواية التي بعدها (4792 ) : (فأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه إلى قوله من وراء حجاب فضرب الحجاب وقام القوم ).

وفي رواية أخرى (5166) قال : ( فرجع النبي صلى الله عليه وسلم ورجعت معه حتى إذا بلغ عتبة حجرة عائشة وظن أنهم خرجوا فرجع ورجعت معه فإذا هم قد خرجوا فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيني وبينه بالستر وأنزل الحجاب).

وروى الإمام أحمد عن أنس بن مالك قال : ( لما نزلت آية الحجاب جئت أدخل كما كنت أدخل فقال النبي صلى الله عليه وسلم وراءك يا بني ).

فلو كان المعنى هو لباس البدن لما كان هناك معنى لمنع أنس من الدخول عليهن .

2-ما جاء في قصة زوجه من صفية حين قال الناس ((إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه )) (متفق عليه) .
فلو كان سبب هذا التفريق أن الأمة ليس عليها أن تستر وجهها بعكس الحرة لعرفوا ذلك بمجرد خروجها ، لكن الروايات من حديث أنس تقول إنهم لم يتبينوا ذلك إلا حين ركبت الراحلة قال أنس (( فلما ارتحل وطأ لها خلفه ومد الحجاب بينها وبين الناس )) فهل يُعقل من هذا اللفظ أنه مد لباسها ، هذا بعيد .

3-عن أنس بن مالك قال لم يخرج النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا فأقيمت الصلاة فذهب أبو بكر يتقدم فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم بالحجاب فرفعه فلما وضح وجه النبي صلى الله عليه وسلم ما نظرنا منظرا كان أعجب إلينا من وجه النبي صلى الله عليه وسلم حين وضح لنا فأومأ النبي صلى الله عليه وسلم بيده إلى أبي بكر أن يتقدم وأرخى النبي صلى الله عليه وسلم الحجاب فلم يقدر عليه حتى مات ) البخاري (681) .

4- عن سعد بن أبي وقاص قال استأذن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نساء من قريش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتهن فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك فقال عمر أضحك الله سنك يا رسول الله قال عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب..) الحديث . البخاري (3294).

5- وفي حديث عروة بن الزبير في قصة عبدالله بن الزبير مع عائشة ( .. فقال له الزهريون أخوال النبي صلى الله عليه وسلم منهم عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث والمسور بن مخرمة إذا استأذنا فاقتحم الحجاب) البخاري (3505).

6- وعن الزهري أن عبد الله بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب حدثه أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث حدثه قال اجتمع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب فقالا والله لو بعثنا هذين الغلامين قالا لي وللفضل بن عباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلماه فأمرهما على هذه الصدقات فأديا ما يؤدي الناس وأصابا مما يصيب الناس .. وفيه قال وجعلت زينب تلمع علينا من وراء الحجاب أن لا تكلماه ) الحديث . مسلم (1072) .

7- وكقول أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام على صفية بنت حيي بطريق خيبر ثلاثة أيام حتى أعرس بها وكانت فيمن ضرب عليها الحجاب) البخاري(4212) فلو كانت نساء النبيّ صلى الله عليه وسلّم مثل سائر النساء في شأن الحجاب فما فائدة قول أنس هذا؟!.

8- وفي حديث ابن جريج عن عطاء عن عائشة ( قلت : وما حجابها ؟ قال : هي في قبة تركية لها غشاء وما بيننا وبينها غير ذلك ) البخاري ( 1618).

9-عن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها قالت استأذن علي أفلح أخو أبي القعيس بعدما أنزل الحجاب فقلت لا آذن له حتى أستأذن فيه النبي صلى الله عليه وسلم فإن أخاه أبا القعيس ليس هو أرضعني ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له يا رسول الله إن أفلح أخا أبي القعيس استأذن فأبيت أن آذن له حتى أستأذنك فقال النبي صلى الله عليه وسلم وما منعك أن تأذني عمك قلت يا رسول الله إن الرجل ليس هو أرضعني ولكن أرضعتني امرأة أبي القعيس فقال ائذني له فإنه عمك تربت يمينك ) البخاري (4796)


فتبين من كل ما سبق أن الآية ليست خاصة أبدا بحجاب البدن.

والله أعلم.
المصدر==>> الحجاب :الحلقة الثالثة: آية الحجاب "السؤال من وراء حجاب" ومدى دلالتها - الملتقى (http://www.ikhwan.net/vb/showthread.php?t=2102)