المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا قال أهل العلم عن هذا شهر صفر؟


أبو عادل
23-11-2014, 03:41 AM
http://www.n7n9.com/vb/mwaextraedit4/extra/72.gif (http://www.n7n9.com/vb/mwaextraedit4/extra/72.gif)




http://www.arabswell.com/vb/mwaextraedit5/extra/74.gif

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
شهر صفر هو أحد الشهور الإثنى عشر الهجرية وهو الشهر الذي بعد المحرم ، قال بعضهم : سمِّي بذلك لإصفار مكَّة من أهلها ( أي خلّوها من أهلها ) إذا سافروا فيه ، وقيل : سَمَّوا الشهر صفراً لأنهم كانوا يغزون فيه القبائل فيتركون من لقوا صِفْراً من المتاع ( أي يسلبونه متاعه فيصبح لا متاع له ) . انظر لسان العرب لابن منظور ج/4 ص/462-463
وسيتناول الحديث عن هذا الشهر النقاط التالية :
1. ما ورد فيه عند العرب الجاهليين .
2. ما ورد في الشرع مما يخالف أهل الجاهلية .
3. ما يوجد في هذا الشهر من البدع والاعتقادات الفاسدة من المنتسبين للإسلام .
4. ما حدث في هذا الشهر من غزوات وأحداث مهمة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم .
5. ما ورد في الأحاديث المكذوبة في صفر .
أولاً :
ما ورد فيه عند العرب الجاهليين :
كان للعرب في شهر صفر منكران عظيمان : الأول : التلاعب فيه تقديما وتأخيرا ، والثاني : التشاؤم منه .
1. من المعلوم أن الله تعالى خلق السنة وعدة شهورها اثنا عشر شهراً ، وقد جعل الله تعالى منها أربعةً حرم ، حرَّم فيها القتال تعظيماً لشأنها ، وهذه الأشهر هي : ذو القعدة ، ذو الحجة ، محرم ، ورجب .
ومصداق ذلك في كتاب الله قوله تعالى { إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم } [ التوبة / 36 ] .
وقد علم المشركون ذلك ، لكنهم كانوا يؤخرون فيها ويقدمون على هواهم ، ومن ذلك : أنهم جعلوا شهر " صفر " بدلاً من " المحرَّم " !
وكانوا يعتقدون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور ، وهذه طائفة من أقوال أهل العلم في ذلك :
أ. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ، ويجعلون المحرَّم صفراً ، ويقولون : إذا برأ الدَّبر ، وعفا الأثر ، وانسلخ صفر : حلَّت العمرة لمن اعتمر .
رواه البخاري ( 1489 ) ومسلم ( 1240 ) .
ب. قال ابن العربي :
المسألة الثانية : كيفية النسيء :
ثلاثة أقوال :
الأول :
عن ابن عباس أن جنادة بن عوف بن أمية الكناني كان يوافي الموسم كل عام ، فينادي : ألا إن أبا ثمامة لا يعاب ولا يجاب ، ألا وإن صفراً العام الأول حلال ، فنحرمه عاما ، ونحله عاما ، وكانوا مع هوازن وغطفان وبني سليم .
وفي لفظة : أنه كان يقول : إنا قدمنا المحرم وأخرنا صفراً ، ثم يأتي العام الثاني فيقول : إنا حرمنا صفرا وأخرنا المحرم ؛ فهو هذا التأخير .
الثاني : الزيادة : قال قتادة : عمد قوم من أهل الضلالة فزادوا صفرا في الأشهر الحرم ، فكان يقوم قائمهم في الموسم فيقول : ألا إن آلهتكم قد حرمت العام المحرم ، فيحرمونه ذلك العام ، ثم يقوم في العام المقبل فيقول : ألا إن آلهتكم قد حرمت صفرا فيحرمونه ذلك العام ، ويقولون : الصفران . وروى ابن وهب ، وابن القاسم عن مالك نحوه قال : كان أهل الجاهلية يجعلونه صفرين ، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا صفر " ، وكذلك روى أشهب عنه .
الثالث : تبديل الحج : قال مجاهد بإسناد آخر : { إنما النسيء زيادة في الكفر } قال : حجوا في ذي الحجة عامين ، ثم حجوا في المحرم عامين ، ثم حجوا في صفر عامين ، فكانوا يحجون في كل سنة في كل شهر عامين حتى وافت حجة أبي بكر في ذي القعدة ، ثم حج النبي في ذي الحجة ، فذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في خطبته : " إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض " ، رواه ابن عباس وغيره ، واللفظ له قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيها الناس ، اسمعوا قولي ، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد يومي هذا في هذا الموقف أيها الناس ، إن دماءكم وأموالكم حرام إلى يوم تلقون ربكم ، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم . وقد بلغت ، فمن كان عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها ، وإن كل ربا موضوع ، ولكم رءوس أموالكم ، لا تظلمون ولا تظلمون ، قضى الله أن لا ربا ، وإن ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله ، وإن كل دم في الجاهلية موضوع ، وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، كان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل ، فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية .
أما بعد ، أيها الناس ، فإن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم ، ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم فقد رضي به ، فاحذروه أيها الناس على دينكم ، وإن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا إلى قوله ما حرم الله ، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض ، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً ، منها أربعة حرم : ثلاث متواليات ، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان " ، وذكر سائر الحديث .
" أحكام القرآن " ( 2 / 503 - 504 ) .
2. أما التشاؤم من شهر صفر فقد كان مشهوراً عند أهل الجاهلية ولا زالت بقاياه في بعض من ينتسب للإسلام .
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا عدوى ولا طيرة ولا هامَة ولا صَفَر وفر من المجذوم كما تفر من الأسد " .
رواه البخاري ( 5387 ) ومسلم ( 2220 ) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
و " صفر " فُسِّر بتفاسير :
الأول : أنه شهر صفر المعروف ، والعرب يتشاءمون به .
الثاني : أنه داء في البطن يصيب البعير ، وينتقل من بعير إلى آخر ، فيكون عطفه على العدوى من باب عطف الخاص على العام .
الثالث : صفر : شهر صفر ، والمراد به النسيء الذي يُضل به الذين كفروا ، فيؤخرون تحريم شهر المحرم إلى صفر ، يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً .
وأرجحها : أن المراد : شهر صفر ، حيث كانوا يتشاءمون به في الجاهلية .
والأزمنة لا دخل لها في التأثير وفي تقدير الله عز وجل ، فهو كغيره من الأزمنة يُقدَّر فيه الخير والشر .
وبعض الناس إذا انتهى من عمل معين في اليوم الخامس والعشرين - مثلاً - من صفر أرَّخ ذلك وقال : انتهى في الخامس والعشرين من شهر صفر الخير ، فهذا من باب مداواة البدعة بالبدعة ، فهو ليس شهر خير ولا شر ؛ ولهذا أنكر بعض السلف على من إذا سمع البومة تنعق قال : " خيراً إن شاء الله " ، فلا يقال خير ولا شر ، بل هي تنعق كبقية الطيور .
فهذه الأربعة التي نفاها الرسول صلى الله عليه وسلم تدل على وجوب التوكل على الله وصدق العزيمة وألا يضعف الملم أمام هذه الأمور .
وإذا ألقى المسلم بالَه لهذه الأمور فلا يخلو من حالين :
الأولى : إما أن يستجيب لها بأن يقدم أو يحجم ، فيكون حينئذٍ قد علَّق أفعاله بما لا حقيقة له .
الثانية : أن لا يستجيب بأن يقدم ولا يبالي ، لكن يبقى في نفسه نوع من الهم أو الغم ، وهذا وإن كان أهون من الأول لكن يجب أن لا يستجيب لداعي هذه الأمور مطلقاً ، وأن يكون معتمداً على الله عز وجل …
والنفي في هذه الأمور الأربعة ليس نفياً للوجود ؛ لأنها موجودة ، ولكنه نفي للتأثير ، فالمؤثر هو الله ، فما كان سبباً معلوماً فهو سبب صحيح ، وما كان سبباً موهوماً فهو سبب باطل ، ويكون نفياً لتأثيره بنفسه ولسببيته …
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 2 / 113 ، 115 ) .
ثانياً :
ما ورد في الشرع مما يخالف أهل الجاهلية .
وقد سبق حديث أبي هريرة في الصحيحين ، وفيه بيان أن اعتقاد أهل الجاهلية في صفر مذموم ، فهو شهر من شهور الله لا إرادة له إنما يمضي بتسخير الله له .
ثالثاً :
ما يوجد في هذا الشهر من البدع والاعتقادات الفاسدة من المنتسبين للإسلام .

1. سئلت اللجنة الدائمة :
إن بعض العلماء في بلادنا يزعمون أن في دين الإسلام نافلة يصليها يوم الأربعاء آخر شهر صفر وقت صلاة الضحى أربع ركعات ، بتسليمة واحدة تقرأ في كل ركعة : فاتحة الكتاب وسورة الكوثر سبع عشرة مرة ، وسورة الإخلاص خمسين مرة ، والمعوذتين مرة مرة ، تفعل ذلك في كل ركعة ، وتسلم ، وحين تسلم تشرع في قراءة { الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون } ثلاثمائة وستين مرة ، وجوهر الكمال ثلاث مرات ، واختتم بسبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .
وتصدَّق بشيء من الخبز إلى الفقراء ، وخاصية هذه الآية لدفع البلاء الذي ينزل في الأربعاء الأخير من شهر صفر .
وقولهم إنه ينزل في كل سنة ثلاثمائة وعشرون ألفاً من البليَّات ، وكل ذلك يوم الأربعاء الأخير من شهر صفر ، فيكون ذلك اليوم أصعب الأيام في السنة كلها ، فمن صلَّى هذه الصلاة بالكيفيَّة المذكورة : حفظه الله بكرمه من جميع البلايا التي تنزل في ذلك اليوم ، ولم يحسم حوله لتكون محواً يشرب منه من لا يقدر على أداء الكيفية كالصبيان ، وهل هذا هو الحل ؟
فأجاب علماء اللجنة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ، وبعد :
هذه النافلة المذكورة في السؤال لا نعلم لها أصلاً من الكتاب ولا من السنَّة ، ولم يثبت لدينا أنَّ أحداً من سلف هذه الأمَّة وصالحي خلفها عمل بهذه النافلة ، بل هي بدعة منكرة .
وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " وقال : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " .
ومن نسب هذه الصلاة وما ذُكر معها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى أحدٍ من الصحابة رضي الله عنهم : فقد أعظم الفرية ، وعليه من الله ما يستحق من عقوبة الكذَّابين .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 354 ) .
2. وقال الشيخ محمد عبد السلام الشقيري :
قد اعتاد الجهلاء أن يكتبوا آيات السلام كـ " سلام على نوح في العالمين " إلخ في آخر أربعاء من شهر صفر ثم يضعونها في الأواني ويشربون ويتبركون بها ويتهادونها لاعتقادهم أن هذا يُذهب الشرور ، وهذا اعتقاد فاسد ، وتشاؤم مذموم ، وابتداع قبيح يجب أن يُنكره كل من يراه على فاعله .
" السنن والمبتدعات " ( ص 111 ، 112 ) .
رابعاً :
ما حدث في هذا الشهر من غزوات وأحداث مهمة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم .
وهي كثيرة ، ويمكن اختيار بعضها :
1. قال ابن القيم :
ثم غزا بنفسه غزوة " الأبواء " ويقال لها " ودَّان " ، وهي أول غزوة غزاها بنفسه ، وكانت في صفر على رأس اثني عشر شهراً من مهاجره ، وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب وكان أبيض ، واستخلف على المدينة سعد بن عبادة ، وخرج في المهاجرين خاصة يعترض عيراً لقريش ، فلم يلق كيداً .
وفي هذه الغزوة وادع مخشيَّ بن عمرو الضمري وكان سيد بني ضمرة في زمانه على ألا يغزو بني ضمرة ولا يغزوه ، ولا أن يكثِّروا عليه جمعاً ولا يعينوا عليه عدوا وكتب بينه وبينهم كتابا وكانت غيبته خمس عشرة ليلة .
" زاد المعاد " ( 3 / 164 ، 165 ) .
2. وقال :
فلما كان صفر - ( سنة ثلاث من الهجرة ) - قدم عليه قوم من " عَضَل " و " القارة " ، وذكروا أن فيهم إسلاما ، وسألوه أن يبعث معهم من يعلِّمهم الدين ، ويقرؤهم القرآن ، فبعث معهم ستة نفر - في قول ابن إسحاق ، وقال البخاري : كانوا عشرة - وأمَّر عليهم مرثد بن أبي مرثد الغنوي ، وفيهم خبيب بن عدي ، فذهبوا معهم ، فلما كانوا بالرجيع - وهو ماء لهذيل بناحية الحجاز - غدروا بهم واستصرخوا عليهم هذيلا فجاؤوا حتى أحاطوا بهم فقتلوا عامتهم واستأسروا خبيب بن عدي وزيد بن الدَّثِنة ، فذهبوا بهما وباعوهما بمكة وكانا قَتلا من رؤوسهم يوم بدر .
" زاد المعاد " ( 3 / 244 ) .
3. وقال :
وفي هذا الشهر بعينه وهو صفر من السنة الرابعة كانت وقعة " بئر معونة " وملخصها : أن أبا براء عامر بن مالك المدعو " ملاعب الأسنَّة " قدم على رسول الله المدينة فدعاه إلى الإسلام فلم يسلم ، ولم يبعد ، فقال : يا رسول الله لو بعثت أصحابك إلى أهل نجد يدعونهم إلى دينك لرجوت أن يجيبونهم ، فقال : إني أخاف عليهم أهل نجد ، فقال أبو براء : أنا جار لهم ، فبعث معه أربعين رجلا في قول ابن إسحاق ، وفي الصحيح أنهم كانوا سبعين ، والذي في الصحيح : هو الصحيح ، وأمَّر عليهم المنذر بن عمرو أحد بني ساعدة الملقب بالمعنق ليموت ، وكانوا من خيار المسلمين وفضلائهم وساداتهم وقرائهم فساروا حتى نزلوا " بئر معونة " - وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سليم - فنزلوا هناك ، ثم بعثوا حرام بن ملحان أخا أم سليم بكتاب رسول الله إلى عدو الله عامر بن الطفيل فلم ينظر فيه ، وأمَر رجلا فطعنه بالحربة من خلفه ، فلما أنفذها فيه ورأى الدم قال : فزت ورب الكعبة ، ثم استنفر عدو الله لفوره بني عامر إلى قتال الباقين فلم يجيبوه لأجل جوار أبي براء ، فاستنفر بني سليم فأجابته " عصية " و " رعل " و " ذكوان " ، فجاؤوا حتى أحاطوا بأصحاب رسول الله فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم إلا كعب بن زيد بن النجار فإنه ارتُثَّ - ( أي : رفع وبه جراح ) - بين القتلى فعاش حتى قتل يوم الخندق ، وكان عمرو بن أمية الضمري والمنذر بن عقبة بن عامر في سرح المسلمين فرأيا الطير تحوم على موضع الوقعة فنزل المنذر بن محمد فقاتل المشركين حتى قتل مع أصحابه وأسر عمرو بن أمية الضمري ، فلما أخبر أنه من " مضر " جز عامرٌ ناصيته وأعتقه عن رقبة كانت على أمِّه ، ورجع عمرو بن أمية ، فلما كان بالقرقرة من صدر قناة - ( اسم موضع ) - نزل في ظل شجرة ، وجاء رجلان من بني كلاب فنزلا معه ، فلما ناما فتك بهما عمرو وهو يرى أنه قد أصاب ثأراً من أصحابه ، وإذا معهما عهدٌ من رسول الله لم يشعر به ، فلما قدم أخبر رسول الله بما فعل فقال : لقد قتلتَ قتيلين لأَدِينَّهما .
" زاد المعاد " ( 3 / 246 - 248 ) .
4. وقال ابن القيم :
فإن خروجه - ( أي : إلى خيبر ) - كان في أواخر المحرم لا في أوله وفتحها إنما كان في صفر .
" زاد المعاد " ( 3 / 339 ، 340 ) .
5. وقال :
فصل في ذكر سرية " قطبة بن عامر بن حديدة " إلى خثعم .
وكانت في صفر سنة تسع ، قال ابن سعد : قالوا : بعث رسول الله قطبة بن عامر في عشرين رجلا إلى حي من خثعم بناحية تبالة ، وأمَره أن يشن الغارة ، فخرجوا على عشرة أبعرة يعتقبونها ، فأخذوا رجلا فسألوه فاستعجم عليهم ، فجعل يصيح بالحاضرة ، ويحذرهم ، فضربوا عنقه ، ثم أقاموا حتى نام الحاضرة فشنوا عليهم الغارة فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى كثر الجرحى في الفريقين جميعاً ، وقَتل قطبة بن عامر مَن قتل ، وساقوا النَّعم والنساء والشاء إلى المدينة ، وفي القصة أنه اجتمع القوم ، وركبوا في آثارهم فأرسل الله سبحانه عليهم سيلاً عظيماً حال بينهم وبين المسلمين فساقوا النَّعم والشاء والسبي وهم ينظرون لا يستطيعون أن يعبروا إليهم حتى غابوا عنهم .
" زاد المعاد " ( 3 / 514 ) .
6. وقال :
وقدم على رسول الله وفد " عُذرة " في صفر سنة تسع اثنا عشر رجلاً فيهم جمرة بن النعمان فقال رسول الله : مَن القوم ؟ فقال متكلمهم : من لا تنكره نحن بنو عذرة ، إخوة قصي لأمِّه ، نحن الذين عضدوا قصيّاً ، وأزاحوا من بطن مكة خزاعة وبني بكر ، ولنا قرابات وأرحام ، قال رسول الله : مرحبا بكم وأهلا ما أعرفني بكم ، فأسلموا ، وبشرهم رسول الله بفتح الشام وهرَب هرقل إلى ممتنع من بلاده ، ونهاهم رسول الله عن سؤال الكاهنة ، وعن الذبائح التي كانوا يذبحونها ، وأخبرهم أن ليس عليهم إلا الأضحية ، فأقاموا أياماً بدار رملة ثم انصرفوا وقد أجيزوا .
" زاد المعاد " ( 3 / 657 ) .
خامساً :
ما ورد في الأحاديث المكذوبة في صفر :
قال ابن القيم :
فصل أحاديث التواريخ المستقبلة :
ومنها : أن يكون في الحديث تاريخ كذا وكذا ، مثل قوله : إذا كانت سنة كذا وكذا وقع كيت وكيت ، وإذا كان شهر كذا وكذا وقع كيت وكيت .
وكقول الكذاب الأشر : إذا انكسف القمر في المحرم : كان الغلاء والقتال وشغل السلطان ، وإذا انكسف في صفر : كان كذا وكذا .
واستمر الكذاب في الشهور كلها .
وأحاديث هذا الباب كلها كذب مفترى .
" المنار المنيف " ( ص 64 ) .
والله أعلم.

المصدر موقع الإسلام سؤال وجواب.


http://img687.imageshack.us/img687/4484/2s837yhs.gif


http://img641.imageshack.us/img641/5415/dq517d.gif

أبو عادل
23-11-2014, 03:43 AM
بعض الآثار الواردة فيه
1. عن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لا عدوى ولاصفر ولا هامة )) ، فقال أعرابي : يا رسول الله ! فما بال إبلي تكون في الرمل كأنها الظباء ، فيأتي البعير الأجرب فيدخل بينها يجربها؟فقال: (( فمن أعدى الأول )) متفق عليه
2. عن أبي هريرة -رضي الله عنه-عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولاصفر)) متفق عليه .
وفي رواية لمسلم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا عدوى ، ولا غول ، ولا صفر )) .
3. عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (( لا يعدي شيء شيئاً ))، فقال أعرابي : يا رسول الله ! البعير أجرب الحشفة ندبنه فيجرب الإبل كلها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلمhttp://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/12793983383.png( فمن أجرب الأول ؟ لا عدوى ولا صفر ، خلق الله كل نفس فكتب حياتها ورزقها ومصائبها )) .
4. عن ابن عباس- رضي الله عنهما – قال : ((كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ، ويجعلون المحرم صفر ، ويقولون : إذا برأ الدبر ، وعفا الأثر ، وانسخ صفر ، حلَّت العمرة لمن اعتمر . قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة ، فتعاظم ذلك عندهم ، فقالوا:يا رسول الله !أي الحل ؟. قالhttp://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/12793983383.png( حل كله)) .
5. قال أبو داود : قُرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد : أخبركم أشهب ، قال سُئل مالك عن قوله : (( لا صفر)) قال : إن أهل الجاهلية كانوا يُحلُّون صفر ، يُحلونه عاماً ويُحرمونه عاماً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((لا صفر )) .
6. قال البخاري في صحيحه : باب (( لا صفر )) ، (وهو داء يأخذ البطن ) .
بدعة التشاؤم بصفر
ورد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم (( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولاصفر)) .
واختلف العلماء في قوله (( لا عدوى )) ، فهل المراد النهي أو النفي ؟.
قال ابن قيم الجوزية: (هذا يحتمل أن يكون نفياً ، أو يكون نهياً ، أي :لا تتطيروا ، ولكن قوله في الحديث : (( لا عدوى ولاصفر ولا هامة)) يدل على أن المراد النفي ،وإبطال هذه الأمور التي كانت الجاهلية تعانيها، والنفي في هذا أبلغ من النهي ؛لأن النفي يدل على بطلان ذلك ، وعدم تأثيره ،والنهي إنما يدل على المنع منه )ا.هـ .
وقال ابن رجب : ( اختلفوا في معنى قوله : ((لا عدوى))، وأظهر ما قيل في ذلك : أنه نفي لما كان يعتقده أهل الجاهلية، من أن هذه الأمراض تعدي بطبعها، من غير اعتقاد تقدير الله لذلك، ويدل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم : ((فمن أعدى الأول ))، يشير إلى الأول إنما جرب بقضاء الله وقدره ،فكذلك الثاني وما بعده ) ا.هـ .
قال الله تعالى : {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا........ } .

وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ((ولا صفر )) ، فاختلف في تفسيره :
أولاً : قال كثير من المتقدمين : الصفر داء في البطن . يقال : أنه دود فيه كبار كالحيات ، وهو أعدى من الجرب عند العرب ، فنفى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، وممن قال بهذا من العلماء : (ابن عيينة ، والإمام أحمد ، والإمام البخاري ، والطبري ) .
وقيل : المراد بالصفر : الحية ، لكن المراد بالنفي نفي ما كانوا يعتقدون أن من أصابه قتله ، فردّ الشارع ذلك بأن الموت لا يكون إلا إذا فرغ الأجل .
وقد جاء هذا التفسير عن جابر وهو أحد رواة حديث : (( ولاصفر)) .

ثانياً : وقالت طائفة : بل المراد بصفر هو شهر صفر . ثم اختلفوا في تفسيره على قولين :
أ‌- أن المراد نفي ما كان أهل الجاهلية يفعلونه في النسيء فكانوا يحلون المحرم، ويحرمون صفر مكانه،وهذا قول الإمام مالك
ب‌- أن المراد أهل الجاهلية كانوا يستشئمون بصفر ويقولون أنه شهر مشئوم ، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك . ورجَّح هذا القول ابن رجب الحنبلي .
ويجوز أن يكون المراد هو الدواب التي في البطن ، والتي هي أعدى من الجرب بزعمهم ، وأن يكون المراد تأخير الحرم إلى صفر وهو ما يسمى بالنسيء ، وأن الصفرين جميعاً باطلان لا أصل لهما ، ولا تصريح على واحد منهما .
وكذلك يجوز أن يكون المراد هو نفي التشاؤم بصفر ؛لأن التشاؤم صفر من الطيرة المنهي عنها ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (( لا طيرة )) . لقوله صلى الله عليه وسلم : ((طيرة شرك ، طيرة شرك)) . ويكون قوله : (( ولا صفر ))من باب عطف الخاص على العام ، وخصَّه بالذكر لاشتهاره .
فالنفي- والله أعلم- يشمل جميع المعاني التي فسر العلماء بها قوله صلى الله عليه وسلم (( لا صفر ))والتي ذكرتها ؛ لأنها جميعاً باطلة لا أصل لها ولا تصريح على واحد منها .

فكثير من الجهال يتشاءم بصفر ، وربما ينهى عن السفر فيه ، وقد قال بعض هؤلاء الجهال : ذكر بعض العارفين أنه ينزل في كل سنة ثلاثمائة وعشرون ألفاً من البليات ،وكل ذلك في يوم الأربعاء الأخير من صفر ، فيكون ذلك اليوم أصعب أيام السنة كلها ، فمن صلى في ذلك اليوم أربع ركعات ، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة ، وسورة الكوثر سبع عشرة مرة والإخلاص خمس عشرة مرة ، والمعوذتين مرة ، ويدعو بعد السلام بهذا الدعاء ، حفظه الله بكرمه من جميع البليات التي تنزل في ذلك اليوم ولم تحم حوله بلية في تلك السنة ، وهذا هو الدعاء :
(( بعد البسملة....... اللهم يا شديد القوة ، ويا شديد المحال ، يا عزيز ، يا من ذلت لعزتك جميع خلقك. اكنفني من شر خلقك ، يا محسن يا مجمل يا متفضل ، يا منعم يا متكرم ، يا من لا إله إلا أنت ، ارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم بسر الحسن وأخيه وجده وأبيه وأمه وبنيه ، اكفني شر هذا اليوم وما ينزل فيه يا كافي المهمات ويا دافع البليات ، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين )) .
وكذلك ما يفعله بعض الناس في اجتماعهم في آخر أربعاء من شهر صفر بين العشاءين في بعض المساجد ، ويتحلقون إلى كاتب يرقم لهم على أوراق آيات السلام السبعة على الأنبياء ؛ كقوله تعالى : {سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ} .
ثم يضعونها في الأواني،ويشربون من مائها،ويعتقدون أن سر كتابتها في هذا الوقت،ثم يتهادونها إلى البيوت.
ونظير هذا تشاؤم بعض الناس في بعض الأقطار الإسلامية من عيادة المريض يوم الأربعاء وتطيرهم منه .
ولا شك التشاؤم بصفر أو بيوم من أيامه هو من جنس الطيرة المنهي عنها : فقد قال صلى الله عليه وسلمhttp://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/12793983383.png(لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة ، ولاصفر)) .
وقال صلى الله عليه وسلم (( لا عدوى،ولا طيرة ، ويعجبني الفأل)) قالوا :وما الفأل ؟ قال http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/12793983383.png( كلمة طيبة)) .
وقال عليه الصلاة والسلام ((طيرة شرك ، طيرة شرك)) .
وقال صلى الله عليه وسلم : (( من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك )) ، قالوا : فما كفارة ذلك ؟ قال : (( أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرك ، ولا طير إلا طيرك ، ولا إله غيرك )) .......إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في النهي عن الطيرة .

وتخصيص الشؤم بزمان دون زمان ؛ كشهر صفر وغيره ، غير صحيح ، لأن الزمان كله خلق الله تعالى ، وفيه تقع أفعال بني آدم ، فكل زمان شغله المؤمن بطاعة الله فهو زمان مبارك عليه ، وكل زمان شغله العبد بمعصية الله فهو مشؤم عليه .
فالشؤم في الحقيقة هو معصية الله تعالى ، واقتراف الذنوب، فإنها تسخط الله عز وجل، فإذا سخط على عبده ، شقي في الدنيا والآخرة ، كما أنه إذا رضي عن عبده سعد في الدنيا والآخرة .
فالعاصي مشؤم على نفسه، وعلى غيره، فإنه لا يؤمن أن ينزل عليه عذاب فيعم الناس، خصوصاً من لم ينكر عليه عمله، فالبُعد عنه متعين .
أما قوله صلى الله عليه وسلم http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/12793983383.png( لا عدوى،ولا طيرة ، والشؤم في ثلاث : المرأة ، والدار ، والدابة )) .

فقد اختلف العلماء فيه :
أ‌- فروي عن عائشة – رضي الله عنها – أنها أنكرت هذا الحديث أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم : إنما قال : (( كان أهل الجاهلية يقولون : الطيرة في المرأة والدار والدابة )) ، ثم قرأت عائشة :{ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} .
وقال معمر : سمعت من يفسر هذا الحديث يقول : ( شؤم المرأة إذا كانت غير ولود ، وشؤم الفرس إذا لم يغز عليه في سبيل الله ، وشؤم الدار جار السوء )
ب‌- ومنهم من قال: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالhttp://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/12793983383.png(لا شؤم،وقد يكون اليمن في الدار والمرأة والفرس)) .

والتحقيق :أن يقال في إثبات الشؤم في هذه الثلاث ما ورد في النهي عن إيراد المريض على الصحيح ، والفرار من المجذوم ، ومن أرض الطاعون : أن هذه الثلاث أسباب يقدر الله تعالى بها الشؤم واليمن ويقرنه.
والشؤم بهذه الثلاثة إنما يلحق من تشاءم بها،فسيكون شؤمها عليه ، ومن توكل على الله ولم يتشاءم ولم يتطير ، لم يكن مشؤومة عليه ، ويدلُّ على ذلك حديث أنس – رضي الله عنه - http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/12793983383.png( الطيرة على من تطير )) .
وقد يجعل الله سبحانه وتعالى تطير العبد ، وتشاؤمه سبباً لحلول المكروه ، كما يجعل الثقة به ، والتوكُّل عليه وإفراده بالخوف والرجاء من أعظم الأسباب التي يدفع بها الشر المتطير به ، وسر هذا أن الطيرة إنما تتضمن الشرك بالله تعالى ، والخوف من غيره ،وعدم التوكل عليه والثقة به ،فكان صاحبها غرضاً لسهام الشر والبلاء ، فيتسرع نفوذها ؛ لأنّه لم يتدرع بالتوحيد والتوكل ، والنفس لابد أن تتطير ، ولكن المؤمن القوي الإيمان يدفع موجب تطيره بالتوكل على الله ، فإن من توكل على الله وحده كفاه من غيره ، قال تعالى : { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ *إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ } . .
قال ابن الجوزية http://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/12793983383.pngفإخباره صلى الله عليه وسلم بالشؤم أنه يكون في هذه الثلاثة، ليس فيه إثبات الطيرة التي نفاها، وإنما غايته أن الله سبحانه ، قد يخلق منها أعياناً مشؤمة على من قاربها وسكنها وأعياناً مباركة لا يلحق من قاربها منها شؤم ولا شر ،وهذا كما يعطي سبحانه الوالدين ولداً مباركاً ،يريان الخير على وجهه ، ويعطي غيرهما ولداً فكذلك الدار والمرأة والفرس.والله سبحانه خالق الخير والشر من قارنها ، وحصول اليمن له والبركة ، ويخلق بعض ذلك نحوساً يتنحس بها من قارنها ، وكل ذلك بقضائه وقدره ،كما خلق سائر الأسباب ، وربطها بمسبباتها المتضادة والمختلفة ، فكما خلق المسك وغيره من حامل الأرواح الطيبة ، ولذذ بها من قارنها من الناس ، وخلق ضدها وجعلها سبباً لإيذاء من قارنها من الناس ، والفرق بين هذين النوعين يدرك بالحس، فكذلك في الديار والنساء والخيل ، فهذا لون والطيرة الشركية لون آخر .
ولهذا يشرع لمن استفاد زوجة أو أمة أو دابة ، أن يسأل الله تعالى من خيرها ، وخير ما جبلت عليه، ويستعيذ به من شرها وشر ما جبلت عليه ،كما ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك ينبغي لمن سكن داراً أن يفعل ذلك ، وقد أمر صلى الله عليه وسلم قوماً سكنوا داراً فقلَّ عددهم ، وقلَّ مالهم أن يتركوها ذميمة .
فترك ما لا يجد الإنسان فيه بركة، من دار أو زوجة أو دابة، منهي عنه، وكذلك من اتّجر في شيء فلم يربح فيه، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( إذا كان لأحدكم رزق في شيء فلا يدعه حتى يتغير له أو يتنكر له )) .
فالتطير والتشاؤم بوقت أو شخص أو دار أو غير ذلك ، من الشرك كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث السابق ذكرها .
والتشاؤم من الاعتقادات الجاهلية التي انتشرت – وللأسف الشديد – بين كثير من جهال المسلمين ، نتيجة جهلهم بالدين عموماً ، وضعف عقيدة التوحيد فيهم خصوصاً ، وسبب ذلك الجهل ،ونقص التوحيد ، وضعف الإيمان ، هو عدم انتشار الوعي الصحيح فيهم ، ومخالطة أهل البدع والضلال ، وقلة من يرشدهم ويبين لهم الطريق المستقيم ، وما يجب اعتقاده ، وما لا يجوز اعتقاده ، وما هو شرك أكبر يخرج المسلم عن الملة الإسلامية وما هو شرك أصغر ،وما هو ذريعة إلى الشرك ينافي كمال التوحيد ، ويوصل الفاعل في النهاية إلى الشرك الأكبر ، الذي لا يغفر الله لصاحبه إن مات ولم يتب ، ويكون مخلداً في النار ، وتحبط جميع أعماله الصالحة ، كما قال تعالى : {..... إنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} . وقال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} . .
ومع ذلك لا زال كثير من الناس يتشاءمون من شهر صفر ، ومن السفر فيه ،فلا يقيمون فيه مناسبة ولا فرحاً ، فإذا جاء في نهاية الشهر ، احتفلوا في الأربعاء الأخير ، احتفالاً كبيراً ،فأقاموا الولائم والأطعمة المخصوصة والحلوى ، خارج القرى والمدن ، وجعلوا يمشون على الأعشاب للشفاء من الأمراض .
وهذا لا شك أنه من الجهل الموقع في الشرك – والعياذ بالله – ومن البدع الشركية ، ويتوقف بالدرجة الأولى على سلامة العقيدة . فهذه الأمور لا تصدر إلا ممن يشوب اعتقاده بعض الأمور الشركية ، التي يجر بعضها بعضاً كالتوسلات الشركية ، والتبرك بالمخلوقين ، والاستغاثة بهم .
أما من أنعم الله عليه بسلامة العقيدة ، وصحتها ، فإنه دائماً متوكِّل على الله ، معتمدٌ عليه ، موقنٌ بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، وأن التشاؤم والطيرة ، واعتقاد النفع أو الضر في غير الله ، ونحو ذلك كله من الشرك الذي هو من أشد الظلم ، قال تعالى : {........ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} .
والتشاؤم مما ينافي تحقيق التوحيد ، وتحقيق التوحيد منه ما يكون واجباً ، ومنه ما يكون مندوباً .
فالواجب : تخليصه وتصفيته عن شوائب الشرك والبدع والمعاصي ، فالشرك ينافيه بالكلية ، والبدع تنافي كماله الواجب ، والمعاصي تقدح فيه وتنقص ثوابه .
فلا يكون العبد محققاً التوحيد حتى يسلم من الشرك بنوعيه ويسلم من البدع والمعاصي .

والمندوب : تحقيق المقربين ، وهو انجذاب الروح إلى الله محبة وخوفاً ، وإنابة وتوكلاً ، ودعاءً وإخلاصاً وإجلالاً وهيبة ، وتعظيماً وعبادةً، فلا يكون في قلبه شيء لغير الله، ولا إرادة لما حرَّم الله، ولا كراهة لما أمر الله، وذلك هو حقيقة لا إله إلا الله .
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد – باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب ، وذكر فيه حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( عرضت على الأمم، فأخذ النبي يمر معه الأمة ، والنبي يمر معه النفر ، و النبي يمر معه العشرة ، و النبي يمر معه الخمسة ،النبي يمر وحده ، فنظرت فإذا سواد كثير ، قلت:يا جبريل! هؤلاء أمتي ؟ قال :لا ولكن انظر إلى الأفق ،فنظرت فإذا سواد كثير قال : هؤلاء أمتك قال : هؤلاء أمتك، وهؤلاء سبعون ألفاً قدّامهم لا حساب عليهم ولا عذاب. قلت : ولِم ؟ قال : كانوا لا يكتوون ، ولا يسترقون ، ولا يتطيِّرون ، وعلى ربهم يتوكلون ........)) الحديث .
فذكر الرسول صلى الله عليه وسلم من صفات الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب ، الذين لا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون ، والتوكل على الله هو الأصل الجامع الذي تفرعت عنه هذه الأفعال .
فخلاصة الكلام أن التشاؤم بصفر وغيره من الأزمنة ونحو ذلك ، من البدع الشركية ، التي يجب تركها والابتعاد عنها ، لما ورد في ذلك من الترغيب والترهيب . والله أعلم .

--------------
الهوامش والتعليقات يراجع كتاب البدع الحولية (http://saaid.net/book/open.php?cat=1&book=987)

المصدر. (http://www.saaid.net/mktarat/12/2-2.htm)

أبو عادل
23-11-2014, 03:50 AM
فوائد و أحكام عن شهر صفر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين .

أخي المسلم : حرصا مني على تعميم الفائدة ، و دفاعا عن سنة نبينا صلى الله عليه وسلم ، فهذا بحث يحتوي على جملة من الفوائد و الأحكام عن شهر صفر :

شهر صفر هو أحد الشهور الإثنى عشر الهجرية وهو الشهر الذي بعد المحرم قال بعضهم : سمِّي بذلك لإصفار مكَّة من أهلها ( أي خلّوها من أهلها ) إذا سافروا فيه ، وقيل : سَمَّوا الشهر صفراً لأنهم كانوا يغزون فيه القبائل فيتركون من لقوا صِفْراً من المتاع ( أي يسلبونه متاعه فيصبح لا متاع له ) . المرجع : كتاب لسان العرب لابن منظور ج/4 ص/462-463 .

وسيتناول هذا البحث عن شهر صفر النقاط التالية : أولا : ما ورد فيه عند العرب الجاهليين ثانيا : ما ورد في الشرع مما يخالف أهل الجاهلية ثالثا : ما يوجد في هذا الشهر من البدع والاعتقادات الفاسدة عند بعض الناس رابعا : ما حدث في هذا الشهر من غزوات وأحداث مهمة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم خامسا : ما ورد من أحاديث مكذوبة عن شهر صفر

أولاً : ما ورد فيه عند العرب الجاهليين :
كان للعرب في شهر صفر منكران عظيمان : الأول : التلاعب فيه تقديما وتأخيرا الثاني : التشاؤم منه

1) من المعلوم أن الله تعالى خلق السنة وعدة شهورها اثنا عشر شهراً ، وقد جعل الله تعالى منها أربعةً حرم ، حرَّم فيها القتال تعظيماً لشأنها ، وهذه الأشهر هي : ذو القعدة ، ذو الحجة ، محرم ، ورجب

ومصداق ذلك في كتاب الله قوله تعالى : (( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم )) التوبة / 36

وقد علم المشركون ذلك ، لكنهم كانوا يؤخرون فيها ويقدمون على هواهم ، ومن ذلك : أنهم جعلوا شهر صفر بدلاً من المحرَّم ! وكانوا يعتقدون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور ، وهذه طائفة من أقوال أهل العلم في ذلك :

1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ، ويجعلون المحرَّم صفراً ، ويقولون : إذا برأ الدَّبر ، وعفا الأثر ، وانسلخ صفر : حلَّت العمرة لمن اعتمر . رواه البخاري حديث رقم 1489 ومسلم حديث رقم 1240

2 - قال ابن العربي المسألة الثانية : كيفية النسيء : ثلاثة أقوال :
الأول : عن ابن عباس رضي الله عنه أن جنادة بن عوف بن أمية الكناني كان يوافي الموسم كل عام ، فينادي : ألا إن أبا ثمامة لا يعاب ولا يجاب ، ألا وإن صفراً العام الأول حلال ، فنحرمه عاما ، ونحله عاما ، وكانوا مع هوازن وغطفان وبني سليم . وفي لفظة : أنه كان يقول : إنا قدمنا المحرم وأخرنا صفراً ، ثم يأتي العام الثاني فيقول : إنا حرمنا صفرا وأخرنا المحرم ؛ فهو هذا التأخير .

الثاني : الزيادة : قال قتادة : عمد قوم من أهل الضلالة فزادوا صفرا في الأشهر الحرم ، فكان يقوم قائمهم في الموسم فيقول : ألا إن آلهتكم قد حرمت العام المحرم ، فيحرمونه ذلك العام ، ثم يقوم في العام المقبل فيقول : ألا إن آلهتكم قد حرمت صفرا فيحرمونه ذلك العام ، ويقولون : الصفران . وروى ابن وهب ، وابن القاسم عن مالك نحوه قال : كان أهل الجاهلية يجعلونه صفرين ، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا صفر )) ، وكذلك روى أشهب عنه .

الثالث : تبديل الحج : قال مجاهد رحمه الله بإسناد آخر : (( إنما النسيء زيادة في الكفر )) قال : حجوا في ذي الحجة عامين ، ثم حجوا في المحرم عامين ، ثم حجوا في صفر عامين ، فكانوا يحجون في كل سنة في كل شهر عامين حتى وافت حجة أبي بكر في ذي القعدة ، ثم حج النبي في ذي الحجة ، فذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في خطبته : (( إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض )) ، رواه ابن عباس وغيره ، واللفظ له قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أيها الناس ، اسمعوا قولي ، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد يومي هذا في هذا الموقف أيها الناس ، إن دماءكم وأموالكم حرام إلى يوم تلقون ربكم ، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم . وقد بلغت ، فمن كان عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها ، وإن كل ربا موضوع ، ولكم رءوس أموالكم ، لا تظلمون ولا تظلمون ، قضى الله أن لا ربا ، وإن ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله ، وإن كل دم في الجاهلية موضوع ، وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، كان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل ، فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية . أما بعد ، أيها الناس ، فإن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم ، ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم فقد رضي به ، فاحذروه أيها الناس على دينكم ، وإن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا إلى قوله ما حرم الله ، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض ، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً ، منها أربعة حرم : ثلاث متواليات ، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان )) ، وذكر سائر الحديث . اهـ . المرجع : أحكام القرآن لأبن العربي 2 / 503 - 504

2 ) أما التشاؤم من شهر صفر فقد كان مشهوراً عند أهل الجاهلية ولا زالت بقاياه في بعض الناس .

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا عدوى ولا طيرة ولا هامَة ولا صَفَر وفر من المجذوم كما تفر من الأسد )) رواه البخاري حديث رقم 5387 ومسلم 2220

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : و ( صفر ) فُسِّر بتفاسير :
الأول : أنه شهر صفر المعروف ، والعرب يتشاءمون به
الثاني : أنه داء في البطن يصيب البعير ، وينتقل من بعير إلى آخر ، فيكون عطفه على العدوى من باب عطف الخاص على العام
الثالث : صفر : شهر صفر ، و المراد به النسيء الذي يُضل به الذين كفروا ، فيؤخرون تحريم شهر المحرم إلى صفر ، يحلونه عاماً و يحرمونه عاماً
و أرجحها : أن المراد : شهر صفر ، حيث كانوا يتشاءمون به في الجاهلية

و الأزمنة لا دخل لها في التأثير وفي تقدير الله عز وجل ، فهو كغيره من الأزمنة يُقدَّر فيه الخير والشر

و بعض الناس إذا انتهى من عمل معين في اليوم الخامس و العشرين - مثلاً - من صفر أرَّخ ذلك وقال : انتهى في الخامس والعشرين من شهر صفر الخير ، فهذا من باب مداواة البدعة بالبدعة ، فهو ليس شهر خير و لا شر ؛ و لهذا أنكر بعض السلف على من إذا سمع البومة تنعق قال : ( خيراً إن شاء الله ) ، فلا يقال خير و لا شر ، بل هي تنعق كبقية الطيور .اهـ

المرجع : مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله 2 / 113 ، 115

ثانياً : ما ورد في الشرع مما يخالف أهل الجاهلية
وقد سبق حديث أبي هريرة في الصحيحين ، وفيه بيان أن اعتقاد أهل الجاهلية في صفر مذموم ، فهو شهر من شهور الله لا إرادة له إنما يمضي بتسخير الله له

ثالثاً : ما يوجد في هذا الشهر من البدع و الاعتقادات الفاسدة عند بعض الناس
1 ) سئلت اللجنة الدائمة : إن بعض العلماء في بلادنا يزعمون أن في دين الإسلام نافلة يصليها يوم الأربعاء آخر شهر صفر وقت صلاة الضحى أربع ركعات ، بتسليمة واحدة تقرأ في كل ركعة : فاتحة الكتاب وسورة الكوثر سبع عشرة مرة ، وسورة الإخلاص خمسين مرة ، والمعوذتين مرة مرة ، تفعل ذلك في كل ركعة ، وتسلم ، وحين تسلم تشرع في قراءة قوله تعالى : (( الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون )) ثلاثمائة وستين مرة ، وجوهر الكمال ثلاث مرات ، واختتم بسبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .
وتصدَّق بشيء من الخبز إلى الفقراء ، وخاصية هذه الآية لدفع البلاء الذي ينزل في الأربعاء الأخير من شهر صفر .
وقولهم إنه ينزل في كل سنة ثلاثمائة وعشرون ألفاً من البليَّات ، وكل ذلك يوم الأربعاء الأخير من شهر صفر ، فيكون ذلك اليوم أصعب الأيام في السنة كلها ، فمن صلَّى هذه الصلاة بالكيفيَّة المذكورة : حفظه الله بكرمه من جميع البلايا التي تنزل في ذلك اليوم ، ولم يحسم حوله لتكون محواً يشرب منه من لا يقدر على أداء الكيفية كالصبيان ، وهل هذا هو الحل ؟

فأجاب علماء اللجنة : الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ، وبعد :

هذه النافلة المذكورة في السؤال لا نعلم لها أصلاً من الكتاب ولا من السنَّة ، ولم يثبت لدينا أنَّ أحداً من سلف هذه الأمَّة وصالحي خلفها عمل بهذه النافلة ، بل هي بدعة منكرة .

وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) و قال : (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) .

و من نسب هذه الصلاة و ما ذُكر معها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى أحدٍ من الصحابة رضي الله عنهم : فقد أعظم الفرية ، وعليه من الله ما يستحق من عقوبة الكذَّابين . اهـ .
المرجع : فتاوى اللجنة الدائمة 2 / 354 .

2 ) و قال الشيخ محمد عبد السلام الشقيري :
قد اعتاد الجهلاء أن يكتبوا آيات السلام كـ (( سلام على نوح في العالمين )) إلخ في آخر أربعاء من شهر صفر ثم يضعونها في الأواني و يشربون و يتبركون بها و يتهادونها لاعتقادهم أن هذا يُذهب الشرور ، وهذا اعتقاد فاسد ، وتشاؤم مذموم ، وابتداع قبيح يجب أن يُنكره كل من يراه على فاعله .
المرجع : السنن والمبتدعات ص 111 ، 112 .

رابعاً : ما حدث في هذا الشهر من غزوات وأحداث مهمة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
وهي كثيرة ، و يمكن اختيار بعضها :
1 ) قال ابن القيم رحمه الله : ثم غزا بنفسه غزوة ( الأبواء ) ويقال لها ودَّان ، وهي أول غزوة غزاها بنفسه ، وكانت في صفر على رأس اثني عشر شهراً من مهاجره ، وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب وكان أبيض ، واستخلف على المدينة سعد بن عبادة ، وخرج في المهاجرين خاصة يعترض عيراً لقريش ، فلم يلق كيداً .

وفي هذه الغزوة وادع مخشيَّ بن عمرو الضمري وكان سيد بني ضمرة في زمانه على ألا يغزو بني ضمرة ولا يغزوه ، ولا أن يكثِّروا عليه جمعاً ولا يعينوا عليه عدوا وكتب بينه وبينهم كتابا وكانت غيبته خمس عشرة ليلة .
المرجع : زاد المعاد 3 / 164 ، 165

2 ) وقال رحمه الله : فلما كان صفر - ( سنة ثلاث من الهجرة ) - قدم عليه قوم من عَضَل و القارة ، وذكروا أن فيهم إسلاما ، وسألوه أن يبعث معهم من يعلِّمهم الدين ، ويقرؤهم القرآن ، فبعث معهم ستة نفر - في قول ابن إسحاق ، وقال البخاري : كانوا عشرة - وأمَّر عليهم مرثد بن أبي مرثد الغنوي ، وفيهم خبيب بن عدي ، فذهبوا معهم ، فلما كانوا بالرجيع - وهو ماء لهذيل بناحية الحجاز - غدروا بهم واستصرخوا عليهم هذيلا فجاؤوا حتى أحاطوا بهم فقتلوا عامتهم واستأسروا خبيب بن عدي وزيد بن الدَّثِنة ، فذهبوا بهما وباعوهما بمكة وكانا قَتلا من رؤوسهم يوم بدر .

3 ) وقال رحمه الله : وفي هذا الشهر بعينه وهو صفر من السنة الرابعة كانت وقعة ( بئر معونة ) و ملخصها : أن أبا براء عامر بن مالك المدعو ملاعب الأسنَّة قدم على رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة فدعاه إلى الإسلام فلم يسلم ، ولم يبعد ، فقال : يا رسول الله لو بعثت أصحابك إلى أهل نجد يدعونهم إلى دينك لرجوت أن يجيبونهم ، فقال : إني أخاف عليهم أهل نجد ، فقال أبو براء : أنا جار لهم ، فبعث معه أربعين رجلا في قول ابن إسحاق ، وفي الصحيح أنهم كانوا سبعين ، والذي في الصحيح : هو الصحيح ، وأمَّر عليهم المنذر بن عمرو أحد بني ساعدة الملقب بالمعنق ليموت ، وكانوا من خيار المسلمين وفضلائهم وساداتهم وقرائهم فساروا حتى نزلوا بئر معونة - وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سليم - فنزلوا هناك ، ثم بعثوا حرام بن ملحان أخا أم سليم بكتاب رسول الله إلى عدو الله عامر بن الطفيل فلم ينظر فيه ، وأمَر رجلا فطعنه بالحربة من خلفه ، فلما أنفذها فيه ورأى الدم قال : فزت ورب الكعبة ، ثم استنفر عدو الله لفوره بني عامر إلى قتال الباقين فلم يجيبوه لأجل جوار أبي براء ، فاستنفر بني سليم فأجابته عصية و رعل و ذكوان ، فجاؤوا حتى أحاطوا بأصحاب رسول الله فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم إلا كعب بن زيد بن النجار فإنه ارتُثَّ - ( أي : رفع وبه جراح ) - بين القتلى فعاش حتى قتل يوم الخندق ، وكان عمرو بن أمية الضمري والمنذر بن عقبة بن عامر في سرح المسلمين فرأيا الطير تحوم على موضع الوقعة فنزل المنذر بن محمد فقاتل المشركين حتى قتل مع أصحابه وأسر عمرو بن أمية الضمري ، فلما أخبر أنه من مضر جز عامرٌ ناصيته وأعتقه عن رقبة كانت على أمِّه ، ورجع عمرو بن أمية ، فلما كان بالقرقرة من صدر قناة - ( اسم موضع ) - نزل في ظل شجرة ، وجاء رجلان من بني كلاب فنزلا معه ، فلما ناما فتك بهما عمرو وهو يرى أنه قد أصاب ثأراً من أصحابه ، وإذا معهما عهدٌ من رسول الله لم يشعر به ، فلما قدم أخبر رسول الله بما فعل فقال : لقد قتلتَ قتيلين لأَدِينَّهما .
المرجع كتاب زاد المعاد لابن القيم 3 / 246 - 248 .

4 ) وقال ابن القيم رحمه الله : فإن خروجه - ( أي : إلى خيبر ) - كان في أواخر المحرم لا في أوله وفتحها إنما كان في صفر .
المرجع كتاب زاد المعاد لابن القيم 3 / 339 ، 340 .

5 ) وقال رحمه الله : فصل في ذكر سرية ( قطبة بن عامر بن حديدة ) إلى خثعم .
وكانت في صفر سنة تسع ، قال ابن سعد : قالوا : بعث رسول الله قطبة بن عامر في عشرين رجلا إلى حي من خثعم بناحية تبالة ، وأمَره أن يشن الغارة ، فخرجوا على عشرة أبعرة يعتقبونها ، فأخذوا رجلا فسألوه فاستعجم عليهم ، فجعل يصيح بالحاضرة ، ويحذرهم ، فضربوا عنقه ، ثم أقاموا حتى نام الحاضرة فشنوا عليهم الغارة فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى كثر الجرحى في الفريقين جميعاً ، وقَتل قطبة بن عامر مَن قتل ، وساقوا النَّعم والنساء والشاء إلى المدينة ، وفي القصة أنه اجتمع القوم ، وركبوا في آثارهم فأرسل الله سبحانه عليهم سيلاً عظيماً حال بينهم وبين المسلمين فساقوا النَّعم والشاء والسبي وهم ينظرون لا يستطيعون أن يعبروا إليهم حتى غابوا عنهم .
المرجع كتاب زاد المعاد لابن القيم 3 / 514 .

6 ) وقال رحمه الله : وقدم على رسول الله صلى الله عليه و سلم وفد عُذرة في صفر سنة تسع اثنا عشر رجلاً فيهم جمرة بن النعمان فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( مَن القوم ؟ فقال متكلمهم : من لا تنكره نحن بنو عذرة ، إخوة قصي لأمِّه ، نحن الذين عضدوا قصيّاً ، وأزاحوا من بطن مكة خزاعة وبني بكر ، ولنا قرابات وأرحام ، قال رسول الله : مرحبا بكم وأهلا ما أعرفني بكم ، فأسلموا ، وبشرهم رسول الله بفتح الشام وهرَب هرقل إلى ممتنع من بلاده ، ونهاهم رسول الله عن سؤال الكاهنة ، وعن الذبائح التي كانوا يذبحونها ، وأخبرهم أن ليس عليهم إلا الأضحية ، فأقاموا أياماً بدار رملة ثم انصرفوا وقد أجيزوا )) .
المرجع كتاب زاد المعاد لابن القيم 3 / 657 .

خامساً : ما ورد من أحاديث مكذوبة عن شهر صفر :
1 ) حديث : (( من بشرني بخروج صفر بشرته بالجنة ))
أنظر : كتاب كشف الخفاء للعجلوني 2 / 309 و كتاب الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني 1 / 438 و كتاب الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة 1 / 337

2 ) حديث : (( يكون صوت في صفر ثم تتنازع القبائل في شهر ربيع ثم العجب كل العجب بين جمادى و رجب ))

قال ابن القيم رحمه الله : فصل أحاديث التواريخ المستقبلة :
ومنها : أن يكون في الحديث تاريخ كذا وكذا ، مثل قوله : إذا كانت سنة كذا وكذا وقع كيت وكيت ، وإذا كان شهر كذا وكذا وقع كيت وكيت .
وكقول الكذاب الأشر : إذا انكسف القمر في المحرم : كان الغلاء والقتال وشغل السلطان ، وإذا انكسف في صفر : كان كذا وكذا .
واستمر الكذاب في الشهور كلها .
وأحاديث هذا الباب كلها كذب مفترى .
المرجع كتاب المنار المنيف لابن القيم ص 64

والله أعلم

اللهم اجعل جميع أعمالنا ظاهرها و باطنها خالصة لوجهك الكريم موافقة لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم .

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


المصدر. (http://www.saaid.net/mktarat/12/2-3.htm)

أبو عادل
23-11-2014, 03:51 AM
سئلت اللجنة الدائمة :

إن بعض العلماء في بلادنا يزعمون أن في دين الإسلام نافلة يصليها يوم الأربعاء آخر شهر صفر وقت صلاة الضحى أربع ركعات ، بتسليمة واحدة تقرأ في كل ركعة : فاتحة الكتاب وسورة الكوثر سبع عشرة مرة ، وسورة الإخلاص خمسين مرة ، والمعوذتين مرة مرة ، تفعل ذلك في كل ركعة ، وتسلم ، وحين تسلم تشرع في قراءة { الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون } ثلاثمائة وستين مرة ، وجوهر الكمال ثلاث مرات ، واختتم بسبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .

وتصدَّق بشيء من الخبز إلى الفقراء ، وخاصية هذه الآية لدفع البلاء الذي ينزل في الأربعاء الأخير من شهر صفر .

وقولهم إنه ينزل في كل سنة ثلاثمائة وعشرون ألفاً من البليَّات ، وكل ذلك يوم الأربعاء الأخير من شهر صفر ، فيكون ذلك اليوم أصعب الأيام في السنة كلها ، فمن صلَّى هذه الصلاة بالكيفيَّة المذكورة : حفظه الله بكرمه من جميع البلايا التي تنزل في ذلك اليوم ، ولم يحسم حوله لتكون محواً يشرب منه من لا يقدر على أداء الكيفية كالصبيان ، وهل هذا هو الحل ؟

الجواب :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ، وبعد :

هذه النافلة المذكورة في السؤال لا نعلم لها أصلاً من الكتاب ولا من السنَّة ، ولم يثبت لدينا أنَّ أحداً من سلف هذه الأمَّة وصالحي خلفها عمل بهذه النافلة ، بل هي بدعة منكرة .

وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " وقال : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " .

ومن نسب هذه الصلاة وما ذُكر معها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى أحدٍ من الصحابة رضي الله عنهم : فقد أعظم الفرية ، وعليه من الله ما يستحق من عقوبة الكذَّابين .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 354 ).

أبو عادل
23-11-2014, 03:53 AM
التشاؤم بشهر صفر


ملخص الخطبة
1- معنى الطيرة والتشاؤم. 2- كيف يتعامل المسلم مع ما يجده في نفسه من التشاؤم. 3- التشاؤم بشهر صفر عادة جاهلية.
الخطبة الأولى


أما بعد :
فاتقـوا الله يا عبـاد الله واعلمـوا أن رسولكم قد نهاكم عن الطيرة فقال: (( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا غول ))(2) (http://www.alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=1734#_ftn1)، ومعنى (لا عدوى) أنه لا يسري داء ولا مرض من صاحبـه إلى غيره إلا بإذن الله ، (ولا طيرة) أي: لا تشاؤم ، (ولا هامة) وهي في الأصل: الرأس وهي اسم طائر لأنهم كانوا في الجاهلية يتشاءمون بالطيور كالبومة والغراب، فتصدهم عن مقاصدهم. (ولا صفر) أي: شهر صفر كغيره من الشهور، فليس مختصا بوقوع الشر فيه كزعم الجاهلين. (ولا غول) الغول : جنس ونوع من الجن والشياطين كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة أي الخلاء والصحراء تتراءى للناس فتغول تغولاً أي تتلون تلوناً في صور شتى وتضلهم عن الطريق فتهلكهم فنفاه النبي http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif وأبطله . .
وقال http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif: (( الطيرة شرك الطيرة شرك ))(3) (http://www.alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=1734#_ftn2)قال ابن مسعود: "وما منا إلا ، ولكن يذهبه الله بالتوكل " وقال http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif: (( إنما الطيـرة ما أمضاك أو ردك ))‏(1) (http://www.alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=1734#_ftn3)، ولأحمد من حديث عبد الله بن عمرو: (( من ردته الطيرة عن حاجته فقـد أشرك ، فقالوا : يا رسول الله فما كفارة ذلك ؟ قال : أن يقول أحدهـم : اللهـم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك ))(2) (http://www.alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=1734#_ftn4).
وقال http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif: (( أحسنها الفأل ولا ترد مسلما، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل : اللهـم لا يأتي بالحسنـات إلا أنت ولا يدفـع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك ))(3) (http://www.alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=1734#_ftn5).
وقـد اعتـاد بعض الجهـلاء أن يتشاءمـوا من شهر صفر فلا يزوجـون ولا يتزوجـون فيـه ولا يسافـرون ولا يتاجرون فيه، ويخافـون فيـه أشد الخوف لاعتقادهـم أن شهر صفر يجلـب الشرور ويذهـب السرور، وهـو شهر لعمرو الله كسائـر الشهور وأيـام السنـة.
وقـد اعتاد بعض الجهـلاء أن يكتبـوا آيـات السـلام كـ: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif سلام على نوح في العالميـن http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [سورة الصافات:79]...الخ، في آخر أربعاء من شهر صفر ثـم يضعونهـا فى الأواني ويشربونها ، ويتركونها ، ويتهادونهـا لاعتقادهـم أن هـذا يذهب الشرور، وهـذا اعتقاد فاسد وتشاؤم مذموم وابتداع قبيح يجب أن ينكره كل من يراه على فاعله .
وبعض الناس يروون عن رسول الله http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif كذباً حديثاً موضوعاً مكذوباً فيقولون: (( آخر أربعاء من شهر صفر يوم نحس مستمر ))(5) (http://www.alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=1734#_ftn6) وهذا كذب واختلاق.
وآخرون يقولون كذبـاً عليـه http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif: (( من بشر بخروج صفر بشرته بدخول الجنة ))(1) (http://www.alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=1734#_ftn7). وهذا أيضا كذب وافتراء عليه http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif إلى غير ذلك من الأحاديث المكذوبة عليه http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif.
وبعضهم يدعي زوراً أنه ينزل في آخر أربعاء من صفر داء من السماء فيكفؤون قدورهم ويغطون أوانيهم خوفا من أن ينزل ذلك الداء المزعوم فيها .
عباد الله: لقد أنقذنا الله من جهالة الشرك وعماية الجاهلية بحسن الاعتقاد ووضوح الرسالة وحسن الاقتداء بسيد العبـاد.
ولم يكن ما تقدم من الابتداع والتطير من شأنـه ولا من خلقه http://www.alminbar.net/images/salla-icon.gif والله يقول: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gif لقد كان لكم في رسول الله أسوة … الآية http://www.alminbar.net/images/end-icon.gif (2) (http://www.alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=1734#_ftn8) [الأحزاب:21].

(2) (http://www.alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=1734#_ftnref1) أخرجه مسلم في صحيحه : كتاب الآداب باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولاصفر 14/216 .

(3) (http://www.alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=1734#_ftnref2) أخرجه أبو داود في سننه : كتاب الطب باب في الطيرة 4/17 .

(1) (http://www.alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=1734#_ftnref3) أخرجه أحمد في المسند 1/ 213 .

(2) (http://www.alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=1734#_ftnref4) المسند 2/220 .

(3) (http://www.alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=1734#_ftnref5) أخرجه أبو داود في سننه : كتاب الطب باب في الطيرة 4/19 .

(5) (http://www.alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=1734#_ftnref6) أورده السيوطي في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة 2/458 .

(1) (http://www.alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=1734#_ftnref7)قال العجلوني : لا أصل له اهـ . كشف الخفاء 2/309 .

(2) (http://www.alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=1734#_ftnref8) سورة الأحزاب آية ( 21 ) .


http://www.alminbar.net/images/small-white-h-line.gif الخطبة الثانية
لم ترد.


اسم الخطيب: عبد الحميد بن جعفر داغستاني

أبو عادل
23-11-2014, 03:54 AM
الزواج والختان في شهر صفر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد:
الزواج:
حث الإسلام على الزواج، ورغب فيه، وجعل الزواج آية من آيات الله في الكون، فقال ممتناً على الأمة: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}1 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn1)، ومعنى الآية - والله أعلم -: "{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً} أي: خلق لكم من جنسكم إناثا يَكُنَّ لكم أزواجا، {لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} كما قال - تعالى -: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا}2 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn2) يعني بذلك حواء خلقها الله من آدم من ضِلَعه الأقصر الأيسر، ولو أنه جعل بني آدم كلهم ذكوراً، وجعل إناثهم من جنس آخر من غيرهم إما من جان أو حيوان؛ لما حصل هذا الائتلاف بينهم وبين الأزواج، بل كانت تحصل نَفْرَة لو كانت الأزواج من غير الجنس، ثم من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم، وجعل بينهم وبينهن مودة وهي المحبة، ورحمة وهي الرأفة، فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها، أو لرحمة بها بأن يكون لها منه ولد، أو محتاجة إليه في الإنفاق، أو للألفة بينهما، وغير ذلك {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }"3 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn3).
وذَكر أن الزواج من سنن الأنبياء والمرسلين فقال الله في كتابه الكريم: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً}4 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn4)، بل نجد الشرع الحنيف قد أمر بالزواج، وحث عليه؛ جاء ذلك صريحاً في حديث عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود - رضي الله عنه - قال: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَاباً لَا نَجِدُ شَيْئاً، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ))5 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn5)، وردَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ، وقال الصحابة: "وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا"6 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn6).
والزواج باب للخيرات، ومدخل للمكاسب العديدة للفرد والمجتمع؛ لذلك فإن من يشرع في الزواج طاعة لله، واقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يدخل في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف))7 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn7)، ومن خلال هذا يصبح الزواج في الإسلام عبادة خالصة لله يُثاب المقبل عليها، وقد بنى الشارع الحكيم على هذا الزواج المصالح الدينية والدنيوية، ومن المصالح التي توجد في الزواج:
1.أن الزواج طريق شرعي لاستمتاع كل من الزوجين بالآخر، وإشباع الغريزة الجنسية، بصورة يرضاها الله - عز وجل - ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -.
2.والزواج يوفر للمسلم أسباب العفاف، ويعينه على البعد عن الفاحشة، ويصونه من وساوس الشيطان.
3.وهو وسيلة لحفظ النسل، وبقاء الجنس البشرى، واستمرار الوجود الإنساني، وحفظ الأعراض قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء}.8 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn8)
4.وكذا مطلب شرعي يحفظ الأنساب من أن تختلط، والحرمات من أن تنتهك، والنفس من أن تفسد، والمجتمع من أن تغيب منه الفضيلة، والقيم، والأخلاق الحسنة، وتحل محله الرذيلة، والانحطاط الأخلاقي، ولهذا نجد الشارع الحكيم أمر كل فرد أن يحفظ فرجه فقال: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ}9 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn9).
فهذه بعض الثمرات التي تحصل من الزواج على الوجه الشرعي.
وقد حرص الإسلام على أن ينال كل رجل وامرأة نصيباً من تلك الفوائد، لهذا رغب في الزواج وحث عليه، وجعل من أسباب الفساد في الأرض تأخير الزواج للفتاة من قبل ولي أمرها فعَنْ أَبِي حَاتِمٍ الْمُزَنِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ، إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَإِنْ كَانَ فِيهِ؟ قَالَ: إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ))10 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn10).
لكن يوجد اعتقاد لدى بعض العوام أن الزواج في شهر صفر حرام، وهذا الاعتقاد لا شك أنه أقرب إلى الخرافة والبدعة، إذ لا أصل له في الشرع الإسلامي، حيث الزواج مطلب شرعي، ومن يتزوج فقد أحرز شطر دينه، فكيف يحرمه الله - عز وجل - ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في يوم من الأيام، أو في شهر من الشهور؛ مع العلم أن الشهور كلها لله - تبارك وتعالى -، وقد كان في شهر صفر زواج السيدة خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - من النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - عقب خمسة وعشرين يوماً من صفر"11 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn11)، ووقع زواج علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - من السيدة فاطمة - رضي الله عنها - في صفر كما قال ابن كثير: "وأما فاطمة - رضي الله عنها - فتزوجها ابن عمها علي بن أبى طالب - رضي الله عنه - في صفر سنة اثنتين، فولدت له الحسن والحسين، ويقال ومحسن، وولدت له أم كلثوم وزينب"12 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn12).
فلماذا لم يتشاءم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بهذا الشهر، ويمتنع عن الزواج، ويؤخر زواج علي بابنته فاطمة - رضي الله عنهما -.
فإذن لا صحة لمن يحرِّم الزواج أو يكرهه في صفر، ولا دليل أيضاً يبنى عليه هذا الزعم الباطل الذي لا يستند إلى دليل شرعي، فهذا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - تزوج، وزوج ابنته؛ في شهر صفر، وينبغي أن نعلم أن هذه عادة باطلة جاهلية ينبغي أن تزال من المجتمع المسلم، ولا ينبغي للمسلم المؤمن بالله حق الإيمان التشاؤم بأي يوم من الأيام، ولا بأي شهر من الأشهر، لا في شوال، ولا في المحرّم، ولا في صفر، ولا في غير ذلك؛ حيث لم يرد نصٌّ شرعي يمنع الزواج في أي وقت من الأوقات إلا للحاج أو المعتمر فقط.
الختان:
الإسلام دين النظافة والجمال، اعتنى بالطهارة، وحث على النظافة، وجاءت النصوص الكثيرة في القرآن الكريم والسنة المطهرة عن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - لتحث على النظافة، وكمال الطهارة، وهناك خصال خصَّها الإسلام، وحثَّ عليها؛ لأنَّها متضمنة لكمال النزاهة والطهارة، وجمال المنظر، وسماها بـ"خصال الفطرة" والتي ورد ذكرها فيما جاء عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ))13 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn13)، وفي رواية أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((الْفِطْرَةُ خَمْسٌ أَوْ خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ: الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ))14 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn14)، فهذه الخصال كلها راجعة إلى النظافة والجمال، إذ الفطرة هي "الخلقة التي فطر الله عباده عليه15 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn15)"، وقيل: "الفطرة هي الفطرة المستقيمة"16 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn16)، وقيل: هي الدين.
وفي الحديثين السابقين ذكر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - خصال الفطرة، وعلى الصحيح أن العدد لا مفهوم له، فلا تنحصر الخصال في هذه العشر لذا قال: عشر من الفطرة أي عشر خصال من الفطرة وعدَّها، وفي الرواية الثانية ذكر خمس، "وَذَكَرَ اِبْن الْعَرَبِيّ أَنَّ خِصَال الْفِطْرَة تَبْلُغ ثَلَاثِينَ خَصْلَة، فَإِذَا أَرَادَ خُصُوص مَا وَرَدَ لَفْظ الْفِطْرَة فَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا تَنْحَصِر فِي الثَّلَاثِينَ بَلْ تَزِيد كَثِيراً" 17 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn17)، فإذاً "لَيْسَ الْمُرَاد الْحَصْر فَقَدْ جَاءَ عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَة، فَالْحَدِيث مِنْ أَدِلَّة أَنَّ مَفْهُوم الْعَدَد غَيْر مُعْتَبَر"18 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn18).
وكل ما يحافظ على المظهر الجميل، والنظافة؛ يعدُّ من خصال الفطرة التي حث عليها الإسلام، ودعا إليها الشرع؛ لأن النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ((إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ))19 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn19).
إنَّ هذه الخصال المذكورة هي عنوان النظافة والطهارة، وجمال المظهر، وتتعلق بها مصالح دينية ودنيوية تدرك بالتتبع منها: تحسين الهيئة، وتنظيفُ البدن جملةً وتفصيلاً، ومخالفةِ الكفار، وامتثال أمر الشارع.
وسنتحدث حول خصلة من هذه الخصال ألا وهي الختان، فالختان من الخصال التي حددها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنها من خصال الفطرة كما سبق في الحديث السابق، ومعنى الختان هو أخذ القلفة أو الجلدة التي تكون على رأس القضيب، وهو من أهم أسباب وقاية الأطفال من التهاب المجاري البولية، إذ بقاء هذه الجلدة تتسبب في ضرر على الطفل، "والختان أيضاً يقي بإذن الله من الإصابة بسرطان القضيب، حيث يؤكد الدكتور روبسون في مقال له: أن هناك أكثر من 60 ألف شخص أصيب بسرطان القضيب في أمريكا منذ عام 1930م، ومن العجيب أن عشرة أشخاص فقط من هؤلاء كانوا مختونين"20 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn20).
والختان مما يطالب به اليوم المتخصصون في مجال الطب؛ لاكتشافهم أن في الختان وقاية للإنسان من الإيدز، فقد "طالبت منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز بإدراج ختان الرجال ضمن استراتيجيات الوقاية من مرض نقل فيروس الإيدز، يأتي ذلك بعد أن أظهرت دراسات طبية أن ختان الرجال يخفض احتمال نقل فيروس الإيدز من المرأة إلى الرجل، وأظهرت ثلاث دراسات أجريت في أفريقيا (كينيا، وأوغندا، وجنوب أفريقيا) أن الختان يؤدي إلى خفض احتمال الإصابة بفيروس الإيدز بالنصف على الأقل (60%)"21 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn21)، والحق ما شهدت به الأعداء.
فهذه بعض فوائد الختان من وجهة نظر طبية حديثة، ولا يزال العلم الحديث يكتشف دلالات وأسرار النصوص النبوية التي جاء بها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.
والإسلام حينما حثَّ على الختان، وأمر به؛ فإنما شرعه لما فيه من فوائد نعلمها وأخرى لا نعلمها، شرعية أو صحية، وكذا لما له من آثار وقائية كبيرة، فها هو يحثُّ على ضرورة الإسراع في ختان الصبي، وينهى عن تأخيره بشدة، ويُصرَّح بأن في تأخيره ضرراً على الفرد والمجتمع والبيئة، وأن الختان ينتج منه الطهارة والنظافة، وجاءت دعوة الإسلام إلى الختان متوافقة مع الحنيفية ملة إبراهيم - عليه السلام - فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَام - وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بِالْقَدُّومِ))22 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn22).
حكمة الختان:
"الختان من محاسن الشرائع التي شرعها الله سبحانه لعباده، ليجمِّل بها محاسنهم الظاهرة والباطنة، فهو مكمل للفطرة التي فطرهم عليها، هذا مع ما في الختان من الطهارة والنظافة، والتزيين وتحسين الخلقة، وتعديل الشهوة التي إذا أفرطت ألحقت الإنسان بالحيوانات، وإن عدمت بالكلية ألحقته بالجمادات، فالختان يعدلها، ولهذا تجد الأقلف من الرجال والقلفاء من النساء لا يشبع من الجماع"23 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn23).
ومع كل هذه الفوائد الدينية والطبية التي سبق الحديث عنها؛ إلا أنا نجد أن في أوساط المسلمين من يتشاءم من أن يختن ابنه في شهر صفر، ويتجنبه، غير مبالين بخطورة ما يقعون فيه من المحذور الشرعي أي التشاؤم، فقد نهى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن التشاؤم بشهر صفر كما جاء عن أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ))24 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn24) فأبطل - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث كل اعتقاد كان يعتقده أهل الجاهلية من الاعتقادات الباطلة التي تؤثر في إيمان العبد، وتوكله على الله - عز وجل -، وتضعف حسن الظن بالله - عز وجل -، وفي هذا الحديث يأتي إبطال قضية التشاؤم في شهر صفر، وأنه ليس من الدين في شيء، وأن شهر صفر شهر من الأشهر التي عدَّها الله - عز وجل -، وأيامه من أيام الله - تبارك وتعالى -، فليس فيها ما يدَّعيه بعض الجهلة بالدين؛ من الذين لبَّست عليهم الشياطين.
وعقيدة التشاؤم عقيدة جاهلية أبطلها الإسلام، وقضى عليها؛ لأن التشاؤم من الزمان، أو المكان؛ غير جائز في الدين الإسلامي، وهذا مما أفتت به اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، إذ جاء في نص الفتوى: "الختان من سنن الفطرة لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الْفِطْرَةُ خَمْسٌ أَوْ خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ: الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ))25 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn25)، وما ذكر من عدم التزوج، أو الختان ونحو ذلك في شهر صفر نوع من التشاؤم من هذا الشهر، والتشاؤم من الشهور أو الأيام أو الطيور ونحوها من الحيوانات لا يجوز؛ لما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ))26 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn26)، والتشاؤم بشهر صفر من جنس الطيرة المنهي عنها، وهو من عمل الجاهلية، وقد أبطله الإسلام، وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم"27 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn27).
وعليه فإن الزواج والختان هما من الأمور المطلوبة شرعاً، وهي جائزة في أي وقت من أوقات العام، إلا في حق الحاج أو المعتمر، ومن يحرم أو يكره الزواج أو الختان في أي وقت فقوله مردود، ورأيه خاطئ قد جانب الصواب في قوله، وابتعد عن الجادة في رأيه، ولا دليل شرعي يدعم ما ذهب إليه، وعليه أن يتقي الله - عز وجل - في هذا، وأن يلتزم بما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من الأقوال والأفعال، وألا يبتدع في الدين ما ليس منه؛ لأن الدين مُكمَّل من الله ليس بناقص {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}28 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftn28)، ولن يكون أعلم من الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولا من أصحابه الكرام - رضوان الله عليهم أجمعين -.
نسأل الله - عز وجل - أن يوفقنا إلى كل خير، ويبعدنا عن كل شر، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

.........................
1 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref1) سورة الروم (21).

2 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref2) سورة الأعراف (189).

3 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref3) تفسير ابن كثير (6/309).

4 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref4) سورة الرعد (38).

5 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref5) البخاري (4678)، ومسلم (2486).

6 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref6) البخاري (4685)، ومسلم (2488).

7 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref7) الترمذي(1579)، حسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي(4/155).

8 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref8) سورة النساء (1).

9 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref9) سورة المؤمنون (5-6).

10 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref10) الترمذي (1005)، وحسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (3/85).

11 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref11) سبل الهدى والرشاد (2/165).

12 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref12) السيرة النبوية لابن كثير (4/611).

13 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref13) مسلم (234).

14 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref14) البخاري (5439)، ومسلم (377).

15 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref15) بيان تلبيس الجهمية (1/373).

16 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref16) حاشية ابن القيم (12/318).

17 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref17) فتح الباري لابن حجر (16/479).

18 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref18) شرح سنن النسائي (1/11).

19 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref19) مسلم (131).

http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?id=33774 (http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?id=33774)20 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref20).

http://www.islam2all.com/vb/showthread-t_8969.html (http://www.islam2all.com/vb/showthread-t_8969.html)21 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref21) بتصرف.

22 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref22) البخاري (3107)، ومسلم (4368).

23 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref23) تحفة المودود بأحكام المولود (1/185-186) بتصرف.

24 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref24) البخاري (5316)، ومسلم (4116).

25 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref25) البخاري (5439)، ومسلم (377).

26 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref26) البخاري (5316)، ومسلم (4116).

27 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref27) فتاوى اللجنة الدائمة (1-4) بتصرف.

28 (http://www.alimam.ws/ref/1586#_ftnref28) سورة المائدة (3).


المصدر. (http://www.alimam.ws/ref/1586)

أبو عادل
23-11-2014, 03:55 AM
الأحداث في شهر صفر



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فشهر صفر ليس شهراً منحوساً كما يعتقد البعض، وليس من عقيدة المؤمن أن يستاء من هذا الشهر، أو أن يتضجر، أو أن يمتنع من مزاولة أموره الشخصية، في شؤون حياته، ومن الخطأ ما يعتقده البعض أن هذا الشهر شهر نحس، وشؤم، بل على العكس هو كبقية الأشهر والأيام، ولو تصفحنا التاريخ لوجدنا أنه قد حصل في هذا الشهر بشائر وحوادث مشرقة للأمة، وحدثت أحداث مشرفة، ومنَّ الله على الأمة بالفتوحات الإسلامية، والنصر المؤزر، ولو كان التشاؤم صحيحاً لما قام الفاتحون بما قاموا به، وسنعرض بعضاً من هذه الأحداث والوقائع على سبيل التمثيل لا على سبيل الحصر، فمما وقع في هذا الشهر:
أولاً: غزة الأبواء:
فقد "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صفر غازياً على رأس اثني عشر شهراً من مقدمه المدينة لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر صفر، حتى بلغ ودان، وكان يريد قريشاً، وبني ضمرة، وهى غزوة الأبواء، ثم رجع إلى المدينة، وكان استعمل عليها سعد بن عبادة"1 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftn1)، وهذه أول غزوة غزاها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.
ثانياً: فتح خيبر:
"قال ابن إسحاق: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني قد أعطى ابن لقيم العبسي حين افتتح خيبر ما بها من دجاجة أو داجن، وكان فتح خيبر في صفر"2 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftn2).
ثالثا: سرية قطبة بن عامر بن حديدة:
"سرية قطبة بن عامر بن حديدة إلى خثعم بناحية بيشة قريباً من تربة في صفر سنة تسع، قال ابن سعد: قالوا: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطبه في عشرين رجلاً إلى حي من خثعم بناحية تبالة، وأمره أن يشن الغارة، فخرجوا على عشرة أبعرة يعتقبونها، فأخذوا رجلاً فسألوه فاستعجم عليهم، فجعل يصيح بالحاضرة، ويحذرهم؛ فضربوا عنقه، ثم أقاموا حتى نام الحاضر فشنوا عليهم الغارة فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى كثر الجرحى في الفريقين جميعاً، وقتل قطبة بن عامر من قتل، وساقوا النعم، والشاء، والنساء إلى المدينة، وجاء سيل أتى فحال بينهم وبينه فما يجدون إليه سبيلاً، وكانت سهمانهم أربعة أبعرة، والبعير يعدل بعشر من الغنم بعد أن أفرد الخمس"3 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftn3).
رابعاً: غزوة ذي أمر:
"عن ابن إسحاق قال: ولما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة السويق أقام بالمدينة بقية ذي الحجة والمحرم أو عامته، ثم غزا نجداً يريد غطفان وهي غزوة ذي أمر، فأقام بنجد صفر كله، أو قريباً من ذلك، ثم رجع إلى المدينة فلم يلق كيداً"4 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftn4).
خامساً: وفد بنى عذرة:
"قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفد بنى عذرة في صفر سنة تسع اثنا عشر رجلاً فيهم جمرة بن النعمان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من القوم؟ فقال متكلمهم: من لا تنكر، نحن بنو عذرة، إخوة قصي لأمه، نحن الذين عضدوا قصياً، وأزاحوا من بطن مكة خزاعة، وبني بكر، ولنا قرابات وأرحام، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مرحباً بكم وأهلاً، ما أعرفني بكم))، فأسلموا، وبشرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بفتح الشام، وهرب هرقل إلى ممتنع بلاده، ونهاهم عن سؤال الكاهنة، وعن الذبائح التي كانوا يذبحونها، وأخبرهم أن ليس عليهم إلا الأضحية، فأقاموا أياماً بدار رملة، ثم انصرفوا وقد أجيزوا"5 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftn5).
سادساً: إسلام عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة - رضي الله عنهم -:
"عن ابن إسحاق قال: كان إسلام عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة؛ عند النجاشي فقدموا إلى المدينة في صفر سنة ثمان من الهجرة"6 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftn6).
سابعاً: هجرته - عليه الصلاة والسلام -:
"قال يزيد بن أبي حبيب خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة في صفر، وقدم المدينة في ربيع الأول"7 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftn7).
ثامناً: زواجه - صلى الله عليه وآله وسلم - من خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها -:
"قال ابن إسحاق: في شهر صفر كان زواج السيدة خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - من النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - عقب خمسة وعشرين يوماً من صفر سنة ست وعشرين"8 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftn8).
تاسعاً: زواج علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بالسيدة فاطمة - رضي الله عنها -:
قال ابن كثير: "وأما فاطمة - رضي الله عنها - فتزوجها ابن عمها علي بن أبى طالب - رضي الله عنه - في صفر سنة اثنتين، فولدت له الحسن والحسين، ويقال: ومحسن، وولدت له أم كلثوم وزينب"9 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftn9).
عاشراً: غزو الروم:
في شهر صفر لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتهيؤ لغزو الروم، وأمرهم بالجد، ثم دعا من الغد يوم الثلاثاء لثلاث بقين من صفر أسامة بن زيد، و"بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأربع بقين من صفر، وأمره من غزو الروم والإغارة عليهم بما أمر، وعقد له لواء بيده المباركة، وجهزه في المهاجرين والأنصار أرباب الصوارم الفاتكة"10 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftn10)، وقد حث النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ببعث هذا الجيش.
فهذه بعض الأحداث المشرقة التي حدثت للأمة ووقعت في شهر صفر، وكلها تدل على أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان لا يتشاءم من هذا الشهر، بل كان يتعامل فيه كما يتعامل في بقية الأشهر، فقد تزوج في هذا الشهر، وزوج ابنته بعلي - رضي الله عنهما - في هذا الشهر، وغزا في هذا الشهر، وهذا كله يدل دلالة واضحة على إبطال دعاوى من يدعي أن هذا الشهر شهر شؤم ونحس، ولهذا نقول لمن تشاءم من هذا الشهر: أين أنتم من هذا الهدي النبوي؟ وماذا تقولون أو تردون؟ وما موقفكم من هذه النصوص؟
وفي الجانب الآخر نجد أنه كما حدث في شهر صفر أحداث مشرقة للأمة، فكذلك حدثت أحداث مأساوية للأمة في شهر صفر، وهذا لا يعني أن هذا الشهر شهر شؤم تقع فيه المصائب؛ لأنه لا دخل للزمن فيما قدره الله، ولا يجلب الزمن أو يرد قضاء الله وقدره، ومن تلك الأحداث:
أولاً: غزوة الرجيع:
و"كان أصحاب الرجيع ستة نفر منهم: عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، وخبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق حليف لبني ظفر، وخالد بن البكير الليثي، ومرثد بن أبي مرثد، وكان من شأنهم أن نفراً من عضل والقارة قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن فينا مسلمين فابعث معنا نفراً من أصحابك يفقهوننا، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم معهم -، حتى نزلوا بالرجيع؛ استصرخوا عليهم هذيلاً، فلم يرع القوم إلا والقوم مصلتون عليهم بالسيوف، وهم في رحالهم، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم فقالت هذيل: إنا لا نريد قتالكم، فأعطوهم عهداً وميثاقاً لا يريبونهم، فاستسلم لهم خبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق، ولم يستسلم عاصم بن ثابت، ولا خالد بن البكير، ولا مرثد بن أبي مرثد، ولكن قاتلوهم حتى قتلوا، وخرجت هذيل بالثلاثة الذين استسلموا لهم حتى إذا كانوا بمرِّ الظهران نزع عبد الله بن طارق يده من قرانه ثم أخذ سيفاً؛ فرموه بالحجارة حتى قتلوه، وقدموا بخبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة مكة، فأما خبيب فابتاعه آل حجير بن أبي إهاب فقتلوه بالحارث بن عامر، وابتاع صفوان بن أمية زيد بن الدثنة فقتله بأبيه"11 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftn11).
ثانياً: مرض النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -:
"مرض النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لاثنين وعشرين ليلة من صفر، وبدأ وجعه عند وليدة له يقال لها ريحانة كانت من سبي اليهود، وكان أول يوم مرض يوم السبت، وكانت وفاته يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول لتمام عشر سنين من مقدمه المدينة"12 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftn12).
ثالثاً: معركة صفين والتحكيم:
في شهر صفر سنة سبع وثلاثين التقى علي - رضي الله عنه - وصحبه بمعاوية - رضي الله عنه - ومؤازريه في صفين، ودام القتال بينهم أياماً.
فهذه بعض الأحداث الأليمة التي وقعت في الأمة الإسلامية خلال شهر صفر، والمتأمل في هذه الأحداث يجد أن لا دخل لشهر صفر وعلى مدار التاريخ في صنع الأحداث، ومن خلال هذا يُفهم أن هذا الشهر لا يختص بخير ولا بشر، فهو زمن من الأزمنة، وشهر من الشهور، يقع فيه ما يقدره الله - عز وجل - من خير أو شر وفق مقاديره - تبارك وتعالى -، وهو داخل تحت قوله - عز وجل -: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}13 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftn13).
وإن التشاؤم الذي يعتقده بعض من ينتسب إلى الدين الإسلامي ليس صحيحاً، ولا يستند إلى دليل شرعي من كتاب الله - تبارك وتعالى -، ولا من سنة المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولم يثبت أنه - صلى الله عليه وآله وسلم -، أو أحد من أصحابه - رضي الله عنهم - تشاءم بهذا الشهر ولا بغيره، بل الناظر إلى ما جاء من الشارع الحكيم يجد أن الدين الإسلامي حارب هذه البدعة، حيث كانت هذه البدعة موجودة قبل ظهور الإسلام (أي في عصور الجاهلية)، وكانت قد استشرت فيما بينهم؛ لأنهم كانوا يرجعون في هذا الشهر إلى أعمال السلب والنهب بعدما كانوا يمتنعون عن ذلك خلال الأشهر الحُرُم الثلاثة التي قبله، وهذا ما ورد في سبب تسمية هذا الشهر بصفر، وحين جاء الإسلام نهى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن التشاؤم بهذا الشهر، أو التطير به فقد ثبت عن أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ))14 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftn14) وأراد - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث نفي ما كان يعتقده أهل الجاهلية من الاعتقادات الباطلة التي تؤثر في القلب، وتضعف الظن الحسن بالله - عز وجل -، فقوله: "ولا صفر: وهو تأخير المحرم إلى صفر في النسئ، أو دابة بالبطن تعدى عند العرب، ويحتمل أن يكون نفياً لما يتوهم أن شهر صفر تكثر فيه الدواهي والفتن"15 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftn15).
فأبطل بذلك النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قضية التشاؤم في شهر صفر، وأنه ليس من الدين في شيء، وأن شهر صفر شهر من الأشهر التي عدَّها الله - عز وجل -، وأيامه من أيام الله - تبارك وتعالى -، وليس فيها ما يدَّعيه بعض الجهلة بالدين من الذين لبَّس الشيطان عليهم، وما يحدث في هذا الشهر من بعض المسلمين؛ بدعة محدثة في الدين يدخل فيما روت أم المؤمنين عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ))16 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftn16)، ولا حاجة لما يحدثه الفريق الثاني ممن يقع في قضية مقابلة البدعة بالبدعة دون أن يشعروا من خلال أنهم يقابلون من يعتقد في شهر صفر بالشؤم ونحوه من الاعتقادات التي لا تصح؛ بأن يقولوا في شهر صفر بأنه صفر الخير، وهؤلاء وإن كان يدفعهم حبهم لمنهجهم فيقومون بمخالفة أهل الجاهلية في تشاؤمهم بشهر صفر، فتجدهم يؤرخون فيقولون: نحن في شهر صفر شهر الخير، إلا أن هذا الفعل يدخل في باب مدافعة البدعة بالبدعة؛ لأن هذا الشهر ليس شهر خير ولا شر، بل هو كبقية الأشهر، ويقع فيه ما قدره الله - عز وجل - من المقادير، ولا يحصل فيه إلا ما قضاه وقدره الله، ولم يخص - سبحانه - هذا الشهر بوقوع مكاره، ولا بحصول مصائب، فهو شهر من أشهر الله، وزمان من الأزمنة، والأزمنة لا دخل لها في التأثير ولا في ما يقدره الله - سبحانه -.
فعلى المسلم الحق أن يتمسك بما ثبت عن الله - عز وجل -، وثبت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من الأقوال والأفعال، والتي سار عليها خير هذه الأمة من الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - دون أن يزيد في العبادات والشعائر؛ فالدين الإسلامي دين كامل لا يحتاج إلى من يزيد فيه، ولن يكون أعلم من الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولا من أصحابه - رضي الله عنهم -، وليعلم علماً يقينياً حديث النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي يقول فيه: ((مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ))17 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftn17)، فليحذر مروجوا البدع من هذا، وليعلموا أن أوزار من اتبعهم من الناس، ووقعوا في هذه البدعة؛ لهم نصيب منها بنص هذا الحديث الشريف.
نسأل الله - عز وجل - أن يهدينا سواء السبيل، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

...................
1 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftnref1) عيون الأثر (1/295).

2 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftnref2) تهذيب سيرة ابن هشام (1/334).

3 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftnref3) عيون الأثر (2/238).

4 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftnref4) دلائل النبوة للبيهقي (3/184).

5 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftnref5) عيون الأثر (2/309).

6 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftnref6) المعجم الكبير (9/61).

7 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftnref7) صفة الصفوة (1/125).

8 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftnref8) سبل الهدى والرشاد (2/165).

9 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftnref9) السيرة النبوية لابن كثير (4/611).

10 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftnref10) المقتفى من سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -(1/82).

11 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftnref11) دلائل النبوة للبيهقي (3/402).

12 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftnref12) عمدة القاري شرح صحيح البخاري (26/343).

13 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftnref13) سورة التوبة (36).

14 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftnref14) البخاري (5316)، ومسلم (4116).

15 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftnref15) فيض القدير (6/561).

16 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftnref16) البخاري (2499)، ومسلم (188).

17 (http://www.alimam.ws/ref/2106#_ftnref17) الشرح المختصر على بلوغ المرام (3/292)

بتصرف.

أبو عادل
23-11-2014, 03:57 AM
الطيرة في شهر صفر


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
من نعم الله - عز وجل - على العبد وتوفيقه له أن يرزقه العلم بما في كتابه الكريم، وسنة رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، ويدلُّه على الطريق الموصلة إلى رضوانه، ويوفقه لسلوكها، فكم من البشر ضلوا عن الطريق الموصلة إليه؟ وكم فئة من الناس عرفوا هذه الطريق ثم جانبوها؟.
وإن نعمة الهداية إلى الطريق الحق نعمة لا تعدلها نعمة، إذ امتن الله - عز وجل - بها على عباده المؤمنين فقال سبحانه: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}1 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn1)، ورغم أن طرق الضلال كثيرة، وسبله عديدة؛ إلا أن طريق الحق واحد: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}2 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn2)، وهي الطريق التي نسأل الله - عز وجل - في كل صلاة أن يهدينا إليها، ويثبتنا عليها: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ}3 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn3).
إلا أن كثيراً من الناس جانبوا الصواب في طريق الهداية، وسلكوا طريق الغواية والضلال، فلم يرعوا للنص سمعاً، وإن من طرق الغواية التي يعيشها كثير من البشر؛ الطيرة، "والطيرة اسم مصدر تطير وهي التشاؤم بمرئي أو مسموع، وقيل: التشاؤم بمعلوم مرئياً كان أو مسموعاً، زماناً كان أو مكاناً، وهذا أشمل، فيشمل ما لا يرى ولا يسمع كالتطير بالزمان، وأصل التطير: التشاؤم، لكن أضيفت إلى الطير؛ لأن غالب التشاؤم عند العرب بالطير، فعلقت به، وإلا فإن تعريفها العام: التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم، وكان العرب يتشاءمون بالطير وبالزمان، وبالمكان وبالأشخاص، وهذا من الشرك"4 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn4).
وكذا كانوا يتطيرون بصوت الغراب، وبمرور الظباء، فسموا الكل: تطيراً؛ لأن أصله الأول، ولم يكن التشاؤم حادثاً عند العرب في جاهليتهم فقط بل كان موجوداً في الأمم التي سبقتهم، فقوم صالح - عليه السلام - تشاءموا منه وقالوا: {اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ}5 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn5)، وأصحاب القرية تشاءموا بالمرسلين إليهم: {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ}6 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn6)، وآل فرعون تشاءموا بموسى ومن معه كما أخبر الله - تعالى - عنهم بقوله: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ}7 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn7)، وكفار مكة كانوا يتشاءمون من دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وينسبون إليها ما يصيبهم من شر كما قال الله عنهم: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ}8 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn8).
وهناك الكثير ممن ابتعدوا عن توحيد ربهم، أو غاب عنهم اليقين بربهم؛ يتشاءمون من ساعات، أو أيام، أو أصوات، أو طيور، أو حيوانات، أو رؤية أقوام، أو أرقام، أو نحو ذلك، ومنهم ممن يتشاءم من البوم والغراب، أو رؤية الأعور والأعرج، وبعضهم يتشاءم من يوم الأربعاء، أو ساعة معينة منه، أو يتشاءمون بشهر صفر حيث كان ذلك موجوداً عند بعض الناس منذ القدم، وكان العرب يعتقدون أن شهر صفر شهر حلول المكاره، ونزول المصائب، وتشاءم المشركون من شهر صفر لأنهم كانوا يعودون فيه إلى السلب والنهب، والغزو والقتل بعد الكف عنها في الأشهر الحرم، حتى أنه لا يتزوج من أراد الزواج في هذا الشهر لاعتقاده أن لا يوفق، ومن أراد تجارة فإنه لا يمضي صفقته في شهر صفر خشية ألا يربح.
إن أوجب الواجبات على العبد معرفة توحيد الله - عز وجل -، وتحقيقه في الواقع، والحذر من الوقوع فيما يناقضه من الشرك والخرافات والبدع؛ لأن التوحيد هو القاعدة والأساس في دين الإسلام، فلا يقبل الله عملاً إلا به، وهو أصل الأصول الذي خلقنا لأجله، والأعمال كلها متوقف قبولها واعتبارها على تحقيق هذا الأصل العظيم، فالشياطين ما فتئت تترصد لبني آدم تجتالهم وتغويهم، وإن مما يضاد التوحيد في واقع المسلمين المعاصر اليوم ما يعتقده بعض من ابتعد عن الدين الحنيف في هذا الزمان من اعتقادات وبدع في هذا الشهر من العام ألا وهو شهر صفر، وإذا كان أهل الجاهلية يعتقدون في بعض الأشهر الاعتقادات الباطلة؛ فإن الناظر لحالهم قد يجد لهم عذراً وهو جهلهم وبعدهم عن الهدي الرباني السليم، وانتشار الجاهلية فيهم، أما أبناء المسلمين اليوم فما عذرهم في الوقوع قي هذا الوحل من البدع والخرافات، وما بال فئة من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ممن هم من أهل التوحيد، والهدي الرباني النبوي؛ أبت أنفسهم إلا التشبه بأهل الجاهلية، والحذو حذوهم في بعض بدعهم واعتقاداتهم، حتى أن هناك فئة منهم تروج للأمة هذه البدع، وتؤصل لها وفق أحاديث مكذوبة على الرسول الأعظم محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، وكل هذا تحت مسمى ديني، وشخصيات تسمي أنفسها أنها مرجعيات للأمة، فأين هؤلاء من قول المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ))9 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn9)، فقد وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - محارباً لهذه البدعة، ونهى عنها، وقد قيل في تفسير صفر: أنهم كانوا في جاهليتهم يتشاءمون من شهر صفر، وأنهم يقولون: إنه شهر مشئوم، فأبطل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك وقال: ((وَلَا صَفَرَ))، وتبرأ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من الذين يتطيرون فعن عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ، أَوْ تُطِيَّرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ، أَوْ تُكِهِّنَ لَهُ، أَوْ سَحَرَ، أَوْ سُحِرَ لَهُ، وَمَنْ عَقَدَ عُقْدَةً أَوْ قَالَ: مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً، وَمَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -))10 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn10)، و"في الحديث إشارة إلى براءة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ممن يفعل شيئاً من هذه الأفاعيل التي منها التطير، والسحر، ولا يتبرأ - صلى الله عليه وسلم - من فاعل فعل مباح"11 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn11).
وأين هم من قوله: ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ))12 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn12)، وفي صحيح البخاري: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))13 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn13).
فالبدع كلُّها ضلالٌ لأنها ليست من الدين في شيء، ولعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ))14 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn14) فكل فعلة أُحدِثَت على خلاف الشرع فهي ضلالة؛ لأن الحق ما جاء به الشارع الحكيم، وما لا يرجع إليه يكون ضلالة.
بل عدَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الطيرة من الشرك بالله - عز وجل - فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الطيرة شرك، الطيرة شرك ثلاثاً، ولكن الله يذهبه بالتوكل))15 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn15)، فهذا هو حكم الطيرة في الدين الإسلامي الحنيف، ومنها التطير والتشاؤم من شهر صفر دون أن يستَنَد في هذا الصنيع إلى دليل شرعي مصدره كتاب الله - عز وجل - أو سنة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، أو بما ثبت عن الصحابة الكرام - رضي الله عنهم -، وإنما هو اتباع هوى، وتلبيس الشيطان، وخرافة محدثة، وعادة جاهلية باطلة؛ تؤثر على إيمان العبد ويقينه بالله - عز وجل -، وتوكله عليه في كل أموره، فالزمان لا تأثير له في قضاء الله، فما أراده الله - عز وجل - كان، وما لم يرده لم يكن؛ وكل ذلك داخل تحت قدرته ومشيئته - تبارك وتعالى -، وتخصيص الشؤم بزمان كشهر صفر أو نحوه غير صحيح إذ هو في الحقيقة معصية الله - تعالى -، وإنما الزمان كله لله، وهو خلق من خلق الله - تعالى -، وفيه تقع أعمال بني آدم وفق إرادة الله - تبارك وتعالى -.
ألا فليحذر مروجوا البدع من خطورة ما يقومون به من إضلال للأمة، وإغواء للعامة، وعليهم أن يعلموا أن أوزار من اتبعهم من الناس فإن لهم نصيب منها لقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ))16 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn16).
ثم من أين لهم أن يتشاءموا بهذا الشهر، ويتطيروا به، والرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يصدر منه أثر حتى ولو كان ضعيفاً أنه تشاءم بهذا الشهر، بل نراه قد هاجر من مكة إلى المدينة في شهر صفر، فلو أنه - عليه الصلاة والسلام - كان يتشاءم لتشاءم من الخروج إلى المدينة في هذا الشهر؛ لأنه يعلم أن بطون قريش كلها تطلب دمه "قال يزيد بن أبي حبيب: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة في صفر، وقدم المدينة في ربيع الأول"17 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn17).
ونراه - صلى الله عليه وآله وسلم - تزوج بخديجة -رضي الله عنها- في شهر صفر "قال ابن إسحاق: في شهر صفر كان زواج السيدة خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - من النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - عقب خمسة وعشرين يوماً من صفر سنة ست وعشرين"18 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn18)، ولو افترضنا جدلاً أن هذا الزواج كان في أيام الجاهلية، وقبل البعثة؛ فإنه يرد عليه بأن التشاؤم كان موجوداً في أيام الجاهلية، فهو أحرى بأن يتشاءم، ثم ماذا يقولون في تزويجه - صلى الله عليه وآله وسلم - لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بابنته فاطمة الزهراء - رضي الله عنها - في الإسلام، وبعد بعثته - صلى الله عليه وآله وسلم - فقد قال ابن كثير: "وأما فاطمة - رضي الله عنها - فتزوجها ابن عمها علي بن أبى طالب - رضي الله عنه - في صفر سنة اثنتين، فولدت له الحسن والحسين، ويقال ومحسن، وولدت له أم كلثوم وزينب"19 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn19)، فمن أين لهم صحة ما يدعونه، وإذا استندوا إلى نقل ينسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - زوراً وكذباً فهي مكذوبة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وجملة ما استندوا إليه حديثين هما: حديث "من بشرني بخروج صفر بشرته بالجنة"، وحديث: "يكون صوت في صفر، ثم تتنازع القبائل في شهر ربيع، ثم العجب العجاب بين جمادي ورجب"، وهذين الحديثين من الأحاديث المكذوبة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، والتي لم ترد عنه "قال الصغاني: موضوع وكذا قال العراقي"20 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn20)، و"قال القاري في الموضوعات تبعاً للصغاني: لا أصل له"21 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn21) ، "وقال أبو حنيفة النعمان وقد سئل: هل يصح هذا الخبر، وهل فيه نحوسة ونهي عن العمل فيه؟ هل الأمر كما زعموا؟ فقال: أما ما يقولون في صفر فذاك شيء كانت العرب يقولون ذلك، وأما ما يقولون القمر في العقرب أو في الأسد فإنه شيء يذكره أهل النجوم، ولتنفيذ مقالتهم ينسبون إلى النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - وهو كذب محض"22 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftn22).
وأهم علاج للتطير هو: التوكل على الله - تعالى -، والمضي فيما عزم عليه العبد، والبعد عن وساوس الشيطان وتلبيساته، وعدم الاستسلام لنزواته، واليقين الكامل الصادق بأن الأمور كلها بيد الله - سبحانه وتعالى -، وأن القدر مكتوب لا ترده الطيرة، وكذا اليقين الصادق الذي لا يتخلله شك، ولا تتطرق إليه شبهة؛ في أن ما قضاه الله وقدَّره هو الذي سيكون متى ما أراده الله، ووفق مشيئته - سبحانه -.
ألا فليتق الله - عز وجل - كل مسلم، وليراجع دينه، ويصحح عقيدته وفق ما جاء من عند الله - تبارك وتعالى -، ودلنا عليه رسولنا - صلى الله عليه وآله وسلم -، فإن الفلاح كل الفلاح في اتباع شرع الله - عز وجل -، والخسارة كل الخسارة في البعد عنه، والابتداع فيه بما ليس منه، وليلتزم كل أحد بالنصوص القرءانية، والأحاديث النبوية الصحيحة للفوز برضوان الله - تبارك وتعالى - في الدارين.
نسأل الله - عز وجل - أن يهدينا سواء السبيل، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
.../...1 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref1) سورة آل عمران (164).

2 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref2) سورة الأنعام (153).

3 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref3) سورة الفاتحة (6).

4 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref4) موسوعة توحيد رب العبيد (10/385).

5 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref5) سورة النمل (47).

6 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref6) سورة يس (18).

7 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref7) سورة الأعراف (131).

8 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref8) سورة النساء (78).

9 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref9) البخاري (5316)، ومسلم (4116).

10 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref10) مسند البزار (2/30)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3/97).

11 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref11) حقيقة السحر وحكمه في الكتاب والسنة (2/7).

12 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref12) البخاري (2499)، ومسلم (188).

13 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref13) البخاري (2499)، ومسلم (188).

14 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref14) مسلم (1435).

15 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref15) الأدب المفرد (1/313).

16 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref16) الشرح المختصر على بلوغ المرام (3/292) بتصرف.

17 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref17) صفة الصفوة (1/125).

18 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref18) سبل الهدى والرشاد (2/165).

19 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref19) السيرة النبوية لابن كثير (4/611).

20 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref20) الفوائد المجموعة (1/438).

21 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref21) كشف الخفاء (2/236).

22 (http://www.alimam.ws/ref/2107#_ftnref22) الفتاوى الهندية في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان (5/380) بتصرف.

أبو عادل
23-11-2014, 03:58 AM
من خرافات أهل البدع في شهر صفر


الحمد لله رب العالمين، إله الأولين والآخرين، وفاطر السماوات والأرضين، وديان يوم الدين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
عباد الله: لقد أراد الله - عز وجل - أن يكون دين الإسلام آخر الرسالات السماوية إلى الأرض، وأن يكون محمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم الأنبياء والمرسلين، فلا دين بعد دينه القويم، ولا نبي بعد نبيه الكريم عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مثلى ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى داراً فأتمها وأكملها إلا موضع لبنة، فجعل الناس يدخلونها ويتعجبون منها، ويقولون: لولا موضع اللبنة)) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فأنا موضع اللبنة، جئت فختمت الأنبياء))1 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftn1).
ثم أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - بتبليغ ذلك الدين العالمي الشامل الكامل الرباني الإلهي: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}2 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftn2) فبلّغ محمد - صلى الله عليه وسلم - الرسالة بلاغاً مبيناً لا خفاء فيه، ولا غموض، ولا مداهنة، ولا ميول، حتى أشهد على ذلك مائة ألف أو يزيدون في حجة الوداع قائلاً: ((ألا هل بلغت؟)) قالوا: نعم. قال: ((اللهم اشهد))3 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftn3)، وفي رواية أنه قال: ((اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟))4 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftn4)، ثم نزلت شهادة الله - عز وجل - على ذلك في قوله - تعالى -: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}5 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftn5)، ومضى الصحابة الكرام - رضوان الله عليهم - يقتفون أثر نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، ويبلغون دينه، وينشرون شرعه، ويأطرون الناس على الحق أطراً، فيأمرون باتباع الأثر، والحذر من ابتداع ما لم يرد به الخبر قائلين لهم: "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم"، ويقولون: "كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة"6 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftn6)، واستمروا على ذلك يدفعون البدع التي كانت قد ظهرت على قلتها، وهكذا جاء من بعدهم من "أهل العلم والدين ينفون عنه (أي الدين) تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين؛ لتدوم بهم النعمة على الأمة، ويظهر بهم النور من الظلمة، ويحيا بهم دين الله الذي بعث به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وبيَّن الله بهم للناس سبيله، فأفضل الخلق أتبعهم لهذا النبي الكريم المنعوت في قوله - تعالى -: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}"7 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftn7)، لكن شوكة أهل البدع بدأت تقوى، وصوتهم بدأ يدوي، وكلما أحدثوا بدعة نسوا سنة نبوية؛ {جَزَاء وِفَاقًا}8 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftn8)" كما قال حسان9 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftn9): "ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها ثم لا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة"10 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftn10).
ولقد ابتدع هؤلاء في غالب أبواب الدين، وكان مما ابتدعوه في دين الله وشرعه:
التشاؤم من بعض هذه الأشهر التي خلقها الله - تعالى -، والتطيُّر بها، واعتقاد أنها تجيء بالشر، من ذلك قولهم في هذا الشهر (شهر صفر) أنه "معروف بالنّحوسة"، ثم ينسجون ويختلقون لذلك الأحاديث المكذوبة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن تلك الأحاديث التي كذبوها ونبه عليها العلماء ما يلي:
-حديث "من بشرني بخروج صفر بشرته بالجنة"!!11 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftn11)
-وكذلك حديث : "يكون صوت في صفر، ثم تتنازع القبائل في شهر ربيع، ثم العجب العجاب بين جمادي ورجب"12 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftn12)، وتراهم من أجل "ذلك يعمدون إلى أدعية اخترعوها، وتوسلات ابتدعوها؛ لم يشرعها الله - عز وجل -، ولم يستعملها رسوله المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، ولم تنقل عن سلف هذه الأمة من أصحاب القرون الثلاثة الفاضلة، وأقل ما يقال فيها: إنها مختلف فيها، فما أجدرهم بقوله - تبارك وتعالى -:{أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير}13 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftn13)"14 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftn14)، ويقولون محتجين لذلك: "اعلم أن هذا الشّهر معروف بالنّحوسة، ولا شيء أجدى لرَفع النّحوسة من الصّدقة والأدعية، والاستعاذات المأثورة!! ومن أراد أن يصان ممّا ينزل في هذا الشّهر من البلاء فليقل كل يوم عشر مرّات: "يا شديد القوى، ويا شديد المحال، يا عزيز يا عزيز يا عزيز، ذلت بعظمتك جميع خلقك، فاكفني شر خلقك، يا محسن يا مُجمِل يا مُنعِم يا مُفضِل، يا لا إلـه إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجبنا له ونجيناه من الغم وذلك نُنجِى المُؤمنين، وصلى اللهُ عَلى محمد وآله الطيبين الطاهرين"!!15 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftn15).
وهكذا يخصصون لكل يوم من أيام هذا الشهر أدعية وصلوات وأذكاراً ما أنزل الله بها من سلطان، ثم يجعلون لآخر أربعاء من هذا الشهر عبادات أخرى، وصلوات عجيبة، من ذلك قولهم في أعمال آخر أربعاء من هذا الشهر: "صلاة أخرى وهي أربع ركعات بسلام واحد، تقرأ بعد الحمد الكوثر 17 مرة؛ والتوحيد 5 مرات، والمعوذتين مرة مرة، فإذا سلمت أدع بهذا الدعاء وهو: "اللهم يا شديد القوى، يا شديد المحال، يا عزيز، ذلت لعزتك جميع خلقك، فاكفني شر جميع خلقك، يا محسن يا مجمل يا متفضل يا متكرم، يا كافي يا وافي، يا حفيظ؛ يا من بيده مقادير كل شيء؛ إليك ألجأ، وبك ألوذ، وعليك أتوكل، فاحرسني بحراس حفظك، وحل بيني وبين من ناوأني، أدرأ بك في نحره، وأعوذ بك من شره، فاكفني يا رب بلا اله إلا أنت برحمتك يا أرحم الراحمين، وصل اللهم على محمد وآله الطاهرين"!، إلى آخر تلك المحدثات في دين الله وشرعه، والله - تعالى - قد قال: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا}16 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftn16) "قال العلماء: من لم يكن متبعاً سبيلهم كان متبعاً غير سبيلهم"17 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftn17)، فلا بد للمسلم أن يعرف دينه، ويتعلم شرع ربه كما هو في كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فقد أكمل الله دينه وأتمه، ولم يبق إلا أن نتعلم ذلك وندرسه، ونحفظه ونعمل به، ونحذر من كل زيادة فيه أو نقص منه، متذكرين دائماً وأبداً قول الحق سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}18 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftn18)، ولقد "كان الإمام مالك - رحمه الله تعالى - يقول: "من أحدث في هذه الأمة شيئًا لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خان الدين، لأن الله - تعالى - يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} فما لم يكن يومئذ دينًا، لا يكون اليوم دينًا"، وكان يقول: "السنة سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق"19 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftn19).

والحمد لله رب العالمين.


.......................
1 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftnref1) رواه مسلم برقم (6103).

2 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftnref2) سورة المائدة (67).

3 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftnref3) رواه البخاري برقم (1654)، ومسلم برقم (4480).

4 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftnref4) رواه مسلم برقم (7432).

5 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftnref5) سورة المائدة (3).

6 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftnref6)طبقات الحنابلة (ج1/ص68)، المقولة الأولى لابن مسعود - رضي الله عنه -، والثانية لابن عمر - رضي الله عنهما -.

7 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftnref7)مجموع الفتاوى (ج1/ص3) من كلام الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -.

8 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftnref8)سورة النبأ (26).

9 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftnref9)التابعي الجليل حسان بن عطية المحاربي - رحمه الله تعالى -.

10 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftnref10) رواه الدارمي في سننه برقم (98)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح برقم ( 188).

11 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftnref11) قال العجلوني في كشف الخفاء (ج2/ص236): قال القاري في الموضوعات تبعاً للصغاني: لا أصل له.

12 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftnref12) ذكره السُّيوطي في كتابه اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة (ج2/ص322).

13 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftnref13) سورة البقرة (61).

14 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftnref14) التوسل للألباني (ج1/ص46).

15 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftnref15)لا يوجد في كتاب من كتب الأحاديث المعتمدة.

16 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftnref16) سورة النساء (115).

17 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftnref17) مجموع الفتاوى (ج7/ص173).

18 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftnref18) سورة المائدة (3).

19 (http://www.alimam.ws/ref/1588#_ftnref19)سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - للصلابي (ج1/ص387).

أبو عادل
23-11-2014, 03:59 AM
بـدع صفر



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الكريم، محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن اقتفى أثره واستن بسنته إلى يوم الدين. أما بعد:
لقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم في مجتمع جاهلي، مليء بالخرافات والشركيات والبدع، ولقد استطاع بفضل الله تعالى أن يقتلع تلك الأمور الجاهلية، وأن يزرع التوحيد والإيمان بالله والتوكل عليه في نفوس المؤمنين، وخرَّج أفضل جيل عرفته البشرية؛ جيل الصحابة رضي الله عنهم، من بلغوا القمة العالية في الإيمان بالله تعالى والتوكل عليه.
واليوم – وللأسف الشديد- عادت كثير من مظاهر وصور الجاهلية القديمة إلى أوساط المسلمين فنرى كثيراً من أبناء المسلمين ممن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتقدون بل ويمارسون كثيراً من مظاهر وانحرافات الجاهلية العقدية. وما ذلك إلا بسبب جهلهم الشديد بالدين الإسلامي وبعدهم عنه، ومن ذلك بدعة التشاؤم من شهر صفر. فقد كانت هذه البدعة موجودة في الجاهلية قبل مجيء الإسلام، ولقد أدرك ذلك نبينا صلى الله عليه وسلم وعالج هذا الاعتقاد المنحرف الخاطئ واستطاع أن يقلعه من نفوس المسلمين، واليوم نراه موجوداً منتشراً في كثير من البلدان الإسلامية.
روى البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدوى ولا صفر ولا هامة) فقال أعرابي: يا رسول الله فما بال إبلي تكون في الرمل كأنها الظباء، فيأتي البعير الأجرب فيدخل بينها يجربها؟! فقال: (فمن أعدى الأول؟). وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدوى ولا طيرة، ولا هامة ولا صفر) متفق عليه. وفي رواية لمسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا عدوى ولا غول... ولا صفر). وروى الإمام أحمد والترمذي وصححه الألباني من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا يعدي شيء شيئاً، فقال أعرابي: يا رسول الله: البعير أجرب الحشفة ندبنه فيجرب الإبل كلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلمhttp://www.sarah-aslmi.com/vb/images/smilies/12793983383.png فمن أجرب الأول؟ لا عدوى ولا صفر، خلق الله كل نفس فكتب حياتها ورزقها ومصائبها). فقوله صلى الله عليه وسلم: ولا صفر: اختلف في تفسيره فقال كثير من المتقدمين أنه داء في البطن، يقال: إنه دود فيه كبار كالحيات، وهو أعدى من الجرب عند العرب فنفى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل المراد بالصفر: الحية، لكن المراد بالنفي نفي ما كانوا يعتقدون أن من أصابه قتله، فرد الشارع ذلك بأن الموت لا يكون إلا إذا فرغ الأجل. وقالت طائفة: بل المراد بصفر هو شهر صفر، ثم اختلفوا في تفسيره على قولين:
1.أن المراد نفي ما كان أهل الجاهلية يفعلونه في النسيء، فكانوا يحلون المحرم ويحرمون صفر مكانه. وهذا قول الإمام مالك.
2.أن المراد أن أهل الجاهلية كانوا يتشاءمون بصفر ويقولون إنه شهر مشئوم، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، ورجح هذا القول ابن رجب الحنبلي.1 (http://www.alimam.ws/ref/2105#_ftn1)
وهذا هو الواقع اليوم في كثير من الأماكن، أن كثيراً من الناس يتشاءم من هذا الشهر، فلا يتزوج ولا يزوج في هذا الشهر، ولا يعقد فيه صفقة بيع وشراء، وإذا جاءه مولود في هذا الشهر فإنه يتشاءم منه.
وقد نفى النبي صلى الله عليه وسلم التشاؤم بهذا الشهر؛ لأن التشاؤم بصفر من الطيرة المنهي عنها لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا طيرة) وقوله عليه الصلاة والسلام: (الطيرة شرك، الطيرة شرك) فلا يجوز التشاؤم من هذا الشهر والأيام كلها أيام الله. وأما ما يصنعه الجهال من التحذير من السفر في هذا الشهر، أو قول بعضهم: أنه ينزل في كل سنة ثلاثمائة وعشرون ألفاً من البليات، وكل ذلك في يوم الأربعاء الأخير من صفر، فيكون ذلك اليوم أصعب أيام السنة كلها، فمن صلّى في ذلك اليوم أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وسورة الكوثر سبع عشرة مرة. والإخلاص خمس عشرة مرة، والمعوذتين مرة، ويدعو بعد السلام بهذا الدعاء وهو: بعد البسملة يقول: اللهم يا شديد القوة، ويا شديد المحال، يا عزيز، يا من ذلت لعزتك جميع خلقك، اكفني من شر خلقك، يا محسن يا مجمل يا متفضل، يا منعم يا متكرم، يا من لا إله إلا أنت، ارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم بسر الحسن وأخيه وجده وأبيه وأمه وبنيه، اكفني شر هذا اليوم وما ينزل فيه... إلخ) فمن قال ذلك حفظه الله بكرمه من جميع البليات التي تنزل في ذلك اليوم.
إن هذا كله من الخرافات والبدع والتوسلات الشركية، التي صنعها بعض الجهلة، فعلى المسلم أن يعلم أن شهر صفر هو كغيره من الشهور.
قال ابن رجب: وإنما الزمان كله خلق الله تعالى، وفيه تقع أفعال بني آدم، فكل زمان شغله المؤمن بطاعة الله فهو زمان مبارك عليه، وكل زمان شغله العبد بمعصية الله فهو مشئوم عليه فالشؤم في الحقيقة هو معصية الله.2 (http://www.alimam.ws/ref/2105#_ftn2)
والحمد لله رب العالمين.

......................

1- لطائف المعارف ص74.

2 (http://www.alimam.ws/ref/2105#_ftnref2)- لطائف المعارف ص83.

أبو عادل
23-11-2014, 04:01 AM
السؤال:


بعد شهر الله - شهر المحرم - يأتي شهر صفر، وهو ثاني الشهور القمرية ، ويكون تسعة وعشرين يوما أو ثلاثين. وقد أبطل الإسلام ما كان عليه العرب من اعتقاد حول هذا الشهر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لاعدوى ولا طيرة ولا صفر ....الحديث. في مسند أحمد وصحيح مسلم وسنن أبي داود. فاختلف ما المراد بصفر . قيل هو داء يصيب البطن، وممن ذهب إلى ذلك الإمام أحمد. وقيل هو النسيء، فيؤخرون المحرم إلى صفر أي يحلون المحرم ويحرمون صفر، وممن قال بذلك الإمام مالك. وقيل المراد هو التشاؤم بهذا الشهر فكانوا لا يسافرون في هذا الشهر لأنهم يظنون أنه تكثر فيه المصائب والفتن. فنهى الإسلام عن هذا، واعتبره مخالفا للتوحيد ، لأن النافع الضار هو الله عز وجل. وقد أحدث بعض الجهلة من المسلمين بدعة جديدة، فإذا أقبل شهر صفر قالوا صفر الخير ظنا منهم أن هذا مخالف لأمر الجاهلية، وهذا أيضا ضلال لأن شهر صفر ليس شهر شر ولا شهر خير. ومن بدع شهر صفر كذلك .١ـ نافلة آخر أربعاء من صفر.٢ـ الاجتماع بين العشائين في آخر أربعاء من صفر.


الإجابــة:


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم يتضح لنا هل لدى الأخ السائل إشكال فيما ذكره أم لا؟ ولكننا لتحصيل مزيد الفائدة نقول: فالحديث المشار إليه مروي بهذا اللفظ في مسند أحمد وصحيح مسلم وسنن أبي داود، وهو أيضا مروي بألفاظ أخرى فيها زيادة أو نقص في صحيح البخاري وسنن ابن ماجه، وما ذكرته من معان لكلمة (صفر) فهي صحيحة، ولمزيد الإيضاح فإن قوله صلى الله عليه وسلم : ولا صفر. قد اختلف في تفسيره على النحو التالي:
أولاً: قال كثير من المتقدمين: الصفر داء في البطن. يقال: أنه دود فيه كبار كالحيات، وهو أعدى من الجرب عند العرب، فنفى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وممن قال بهذا من العلماء : ابن عيينة، والإمام أحمد، والإمام البخاري، والطبري.
وقيل : المراد بالصفر : الحية، لكن المراد بالنفي نفي ما كانوا يعتقدون أن من أصابه قتله ، فردّ الشارع ذلك بأن الموت لا يكون إلا إذا فرغ الأجل. وقد جاء هذا التفسير عن جابر وهو أحد رواة حديث: ولا صفر.
ثانياً : وقالت طائفة : بل المراد بصفر هو شهر صفر. ثم اختلفوا في تفسيره على قولين:
* أن المراد نفي ما كان أهل الجاهلية يفعلونه في النسيء فكانوا يحلون المحرم، ويحرمون صفر مكانه، وهذا قول الإمام مالك.
* أن المراد أن أهل الجاهلية كانوا يستشئمون بصفر ويقولون أنه شهر مشؤوم، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك. ورجَّح هذا القول ابن رجب الحنبلي.
ويجوز أن يكون المراد هو الدواب التي في البطن، والتي هي أعدى من الجرب بزعمهم، وأن يكون المراد تأخير الحرم إلى صفر وهو ما يسمى بالنسيء، وأن الصفرين جميعاً باطلان لا أصل لهما، ولا تصريح على واحد منهما، وكذلك يجوز أن يكون المراد هو نفي التشاؤم بصفر؛ لأن التشاؤم بصفر من الطيرة المنهي عنها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا طيرة. ولقوله صلى الله عليه وسلم: الطيرة شرك، الطيرة شرك. ويكون قوله: ولا صفر. من باب عطف الخاص على العام، وخصَّه بالذكر لاشتهاره.
فالنفي- والله أعلم- يشمل جميع المعاني التي فسر العلماء بها قوله صلى الله عليه وسلم: لا صفر. والتي ذكرتها؛ لأنها جميعاً باطلة لا أصل لها، ولا تصريح على واحد منها (البدع الحولية للتويجري).
وقال فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: وأرجحها أن المراد شهر صفر حيث كانوا يتشاءمون به في الجاهلية، والأزمنة لا دخل لها في التأثير وفي تقدير الله -عز وجل- فهو كغيره من الأزمنة يقدر فيه الخير والشر. مجموع الفتاوى والرسائل.
وأما قول البعض (صفر الخير)، فقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: وبعض الناس إذا انتهى من عمل معين في اليوم الخامس والعشرين مثلًا من شهر صفر أرخ ذلك وقال: انتهى في الخامس والعشرين من شهر صفر الخير. فهذا من باب مداواة البدعة بالبدعة، والجهل بالجهل. فهو ليس شهر خير، ولا شر. ولهذا أنكر بعض السلف على من إذا سمع البومة تنعق قال: خيرًا إن شاء الله. فلا يقال خير ولا شر بل هي تنعق كبقية الطيور. (مجموع الفتاوى والرسائل)
وقال في موضع آخر: أما شهر رمضان، وقولنا: إنه شهر خير، فالمراد بالخير العبادة، ولا شك أنه شهر خير، وقولهم: رجب المعظم، بناء على أنه من الأشهر الحرم. مجموع الفتاوى والرسائل.
وأما بخصوص النافلة التي تفعل آخر أربعاء في صفر فقد سبق الكلام عليها في الفتوى رقم: 119817 (http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&lang=A&Id=119817)، وما أحيل عليه فيها، فارجع إليها، وقد سئلت عنها اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية فأجابت: هذه النافلة المذكورة في السؤال لا نعلم لها أصلا من الكتاب ولا من السنة، ولم يثبت لدينا أن أحدا من سلف هذه الأمة وصالحي خلفها عمل بهذه النافلة، بل هي بدعة منكرة، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. وقال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. ومن نسب هذه الصلاة وما ذكر معها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى أحد من الصحابة رضي الله عنهم فقد أعظم الفرية، وعليه من الله ما يستحق من عقوبة الكذابين.
وأما بخصوص الاجتماع بين العشائين في آخر أربعاء من صفر، فهي أيضا بدعة منكرة. قال الشيخ عبد الله التويجري في البدع الحولية: وكذلك ما يفعله بعض الناس في اجتماعهم في آخر أربعاء من شهر صفر بين العشاءين في بعض المساجد، ويتحلقون إلى كاتب يرقم لهم على أوراق آيات السلام السبعة على الأنبياء؛ كقوله تعالى: سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ. ثم يضعونها في الأواني، ويشربون من مائها، ويعتقدون أن سر كتابتها في هذا الوقت، ثم يتهادونها إلى البيوت.ونظير هذا تشاؤم بعض الناس في بعض الأقطار الإسلامية من عيادة المريض يوم الأربعاء وتطيرهم منه، ولا شك أن التشاؤم بصفر أو بيوم من أيامه هو من جنس الطيرة المنهي عنها... انتهى. وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 39961 (http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&lang=A&Id=39961).
والله أعلم.
اسلام ويب. مركز الفتوى. (http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=131748)