المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الردة في ثوبها الجديد


نور أية
06-12-2014, 08:05 AM
الحمد الله هادي العباد، الرقيب على خلقه، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، أحمده - سبحانه - حمد عبد خافه ورجاه، وأشكره، والشكر واجب على العبد لمولاه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ند له في جلاله وكماله وعلاه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صفوة الخلق، وأفضل الهداة إلى صراط الله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على طريقه واتبع هداه.


أما بعد:

فيا عباد الله: قرة عين المؤمن وطمأنينة قلبه، تبدو واضحةً في تقواه لربه، فإن تقوى الله هي أساس كل صلاح، وسلوان كل كفاح.

أيها المسلمون: في يوم مليء بالحزن والأسى يعلوه الصمت الرهيب، وتغمر الوجوه فيه دموع شفافة، وتخترق جدران صمته همسة رقيقة أسيفه، في يوم وقف المسلمون فيه بخشوع، والدنيا من حولهم هاجعة صامتة، تواجه الأمة فيه خطباً جليلاً، زعزع المسلمين وأذهلهم، أو كاد يطير بألبابهم، وذلك الموقف المثيب لم يقطعه سوى صهيل فرس جاءت تركض، بعد أن خلعت رسنها وقطعت شوارع المدينة، وثباً وراء جثمان صاحبها، يقودها عبيره وأريجه.

وكم كانت المواقف عظيمة، والآثار المضنية جسيمة، كل ذلك كان حزناً وأسى على فراق خير البرية، وأزكى البشرية جمعاء، إنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثوى في مرقده، وفاضت روحه بأبي هو وأمي، ومات فوق الأرض التي طهرها من وساوس الوثنية، وأزاح من طريقها كل قوى التقهقر والشرك.

لقد لحق المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بالرفيق الأعلى، ليحمل أصحابه من بعده مسئولية الدعوة، ولم يكن الأمر حينها جرعة ماء، ولا اقتسام غنيمة. لا وربي. ومع ذلك لم تمض إلا ليلة واحدة، بل لم تمض إلا ساعات قليلة، والدموع في المآقي، والغصة في الحلوق، ولكن المهمة عظيمة، والمسئولية جسيمة، وأمر المسلمين لا ينبغي أن يترك لهجمات الرياح، ونزعات العواطف، لم تمض تلك الليلة إلا وقد بويع فيها لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - خليفةً للمسلمين.

بعد ذلك عظم الخطب، واشتدت الحال، ونجم النفاق بالمدينة، واشرأبت اليهودية والنصرانية وصار المسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية، وارتد من ارتد من أحياء العرب حول المدينة، وامتنع آخرون من دفع الزكاة ولم يبق للجمعة مقام في بلد سوى مكة والمدينة.

عند ذلك، وقف المسلمون الصادقون وقفةً إيمانيةً ظاهرة، وصفوا صفاً إسلامياً متراصاً، فلم يخافوا تلك الجموع المرتدة، ولم ترهبهم تلك القوى المتألبة. لماذا؟ لأنهم صدقوا الله البيعة وأحسنوا الإسلام، لقد كانت الردة خطراً عظيماً، هدد مكة والمدينة، ومجتمع المسلمين كله، بل قام المنافقون يودون أن تنقض عرى الإسلام من جديد، عروةً عروة.

عند ذلك، أشار بعض المسلمين على الخليفة أن يتركهم وما هم عليه، ويتألفهم حتى يتمكن الإيمان في قلوبهم، ولكن الصديق - رضي الله عنه - صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قد فهم الإسلام قولاً وعملاً، وعلم أنه منهج رباني متكامل، وأن الأمر لم يكن بهذه الصورة التي عرضها عليه أصحابه، وأن القضية لم تكن بتلك الموازين، بل إن الأمر أعظم من ذلك، فلم يتمالك الصديق - رضي الله عنه - حينها، إلا أن يرفع عقيرته قائلاً " لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ".


لمتابعة القراءة هنا
(http://midad.com/article/201492/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AF%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AB%D9%88%D8%A8%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF)