المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آداب التواصل مع الآخرين في التراث الاسلامي


eslamforever12
20-01-2015, 03:39 AM
آداب التواصل مع الآخرين في التراث الإسلامي
(كتبه عبير يس )

1- آداب المجالسة في التراث الإسلامي
2- أدب الحوار والحديث
3- كتم الأسرار وحفظها.
4- المشورة وآدابها.
5- النصيحة وآدابها.
6- الشكر وآدابه.
7- أدب المعارضة والنقد للرأي الآخر

1- آداب المجالسة في التراث الإسلامي
* آداب المجالسة
1- مجالسة أهل الصلاح والتقوى
وفي هذا يقول ابن عربي: " وعليك بمجالسة من تنتفع بمجالسته في دينك من علم تستفيده منه أو عمل يكون فيه أو خلق حسن يكون عليه فإن الإنسان إذا جالس من تذكره مجالسته الآخرة فلابد أن يتحلى منها بقدر ما يوفقه الله لذلك ثم وقد ورد في الحديث الثابت أن الجليس الصالح كصاحب المسك إن لم يصبك منه أصابك من ريحه والجليس السوء كصاحب الكير إن لم يصبك من شرره أصابك من دخانه وهو أنه من خالط أصحاب الريب اُرتيب فيه وذلك لما غلب على الناس من سوء الظن بالناس" وهو يستغل الفرصة هنا للحديث عن أن نحسن الظن بالآخرين إذا عُرفوا بالصلاح داعيًّا لعدم الشك في الجليس الصالح حتى وإن جالس شريرًا بل ليس هذا فقط وإنما يحث أيضًا على أن نحسن الظن بالأشرار حين يجالسون الأخيار وفي هذا يقول ابن عربي عن ذلك: " وهنا فائدة أنبهك عليها أغفلها الناس وهي تدعو إلى حسن الظن بالناس ليكون محلك طاهرًا من السوء وذلك أنك إذا رأيت من يعاشر الأشرار وهو خير عندك فلا تسيء الظن به لصحبته الأشرار بل وحسن الظن بالأشرار لصحبتهم ذلك الخير واجعل المناسبة في الخير لا في الشر؛ فإن الله ما سأل أحدًا قط يوم القيامة عن حسن الظن بالخلق ويسأله عن سوء الظن بالخلق"([1] (http://forum.islamstory.com/#_ftn1)).
وعن مجالسة الأخيار دون الأشرار ينصح لقمان عليه السلام ابنه قائلا :" يا بني لا تجالس الأشرار فإنك لا تصيب من مجالستهم خيرا ولعله أن يكون في آخر ذلك أن تنزل عليهم عقوبة فتصيبك معهم، يا بني جالس الصالحين من عباد الله فإنك تصيب من مجالسهم خيرا ولعله أن يكون آخر ذلك أن تنزل عليهم الرحمة فتصيبك معهم "([2] (http://forum.islamstory.com/#_ftn2))
* من الجلساء الصالحون ؟
1- العلماء
إن أفضل فئة من الناس يجالسها الإنسان هم العلماء وهذا ما أشار إليه لقمان عليه السلام بقوله: " يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإن الله تبارك وتعالى ليحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء " ([3] (http://forum.islamstory.com/#_ftn3))

2- الذاكرون لله وأهل القرآن
الذاكرون الله والتوابون حث عمر على مجالستهم قائلا:"جالسوا التوابين فإنهم أرق شيء أفئدة "([4] (http://forum.islamstory.com/#_ftn4))
وذكر الإمام أحمد حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن من أشرف المجالس ما استقبل به القبلة "([5] (http://forum.islamstory.com/#_ftn5))
وعند ابن عربي أن أحق الناس بمجالستهم هم أهل القرآن والذكر قائلا :" فمن جلس إلى قوم يذكرون الله فإن الله يدخله معهم في رحمته فهم القوم الذين لا يشقى جليسهم فكيف يشقى من كان الحق جليسه والله سبحانه قال : أنا جليس من ذكرني وقال صلى الله عليه وسلم : أهل القرآن هم أهل الله وخاصته وخاصة الملك جلساؤه في أغلب أحوالهم فمن كان الحق جليسه فهو أنيسه فلابد أن
ينال من مكارم أخلاقه على قدر مدة مجالسته "([6] (http://forum.islamstory.com/#_ftn6))
والأثر الحسن الذي يتركه الجليس الصالح في نفس من يجالسه هو أن يحفظ عليه أوقاته من مجالس اللهو والسمر وغيرها ويروى أن أحد الرهبان نصح مالك بن دينار قائلاً: "... إياك وكل جليس لا تستفيد منه خيرًا فلا تجالسه قريبًا كان أو بعيدًا"([7] (http://forum.islamstory.com/#_ftn7))
وأما مجالسة الأغنياء والخضوع لهم والذي دافعه الشعور بالنقص فهذا ما أجمعوا على التحذير منه ولقد ذكر الإمام أحمد أن فرقد السنجي وهو من العبّاد قال: قرأت في التوراة:"من جالس غنيا فتضعضع له ذهب ثلثا دينه([8] (http://forum.islamstory.com/#_ftn8))
2- آداب السلام والمصافحة (آداب الاستقبال):
أ- طلاقة الوجه وحسن البشر– أي التبسم- وإظهار السرور والترحيب "عن أبي هريرة قال: قال رسول الله r: إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم حسن الخلق وطلاقة الوجه"([9] (http://forum.islamstory.com/#_ftn9))
وفي كتاب الإخوان لابن أبي الدنيا "باب في بشاشة الرجل لأخيه وطلاقة وجهه إذا لقيِّه " ذكر فيه العديد من الأحاديث النبوية منها إجابته r حين سأله الصحابة بقولهم: "قلنا: يا رسول الله إنّا من أهل البادية فنحب أن تعلمنا عملاً لعل الله أن ينفعنا به قال: لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن

تفرغ من دلوك في إناء المستسقي وأن تكلم أخاك ووجهك إليه منبسط" ([10] (http://forum.islamstory.com/#_ftn10))
وروي أن النبي r صافح البراء بن عازب، فقال له البراء: إنا كنا نصنع هذا كفعل الأعاجم، فقال: "إن المسلمَين إذا التقيا وتبسما بلطف وتؤدة تناثرت خطاياهما بين أيديهما" ([11] (http://forum.islamstory.com/#_ftn11))
ومن الصور العملية للانبساط حين اللقاء "عن عبد الله بن المبارك عن الأوزاعي عن بلال بن سعد قال: أدركتهم يشتدون بين الأغراض ويضحك بعضهم إلى بعض فإذا كان الليل كانوا رهبانًا([12] (http://forum.islamstory.com/#_ftn12))
ومن فوائد بشاشة الوجه و التبسم حين اللقاء : أن تبقى ذكراك حسنة لدى من تحادثه إضافة إلى تذليل الصعوبات ،الألفة والمودة السريعة ، كما أنها تنم عن سلامة الصدر نحو الآخرين وقد أشار لهذا الثعالبي بقوله:"... وطلاقة الوجه عنوان الضمير وشرك الآمل البصير وقيل: حسن البشر اكتساب الذكر والبشاشة مصيدة المودة"([13] (http://forum.islamstory.com/#_ftn13)) وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرحب بمن يأتي إليه فعن علي قال: جاء عمار يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال :" ائذنوا له مرحبا بالطيب المطيب "([14] (http://forum.islamstory.com/#_ftn14))
وكان الصحابة يلتزمون بهذا الهدي النبوي في الترحيب وحسن المعاملة للقادم والزائر " فعن أبي هارون العبدي قال : كنا نأتي أبا سعيد فيقول : مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إن رسول الله قال : إن الناس لكم تبع وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرضين يتفقهون في الدين فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا"
ب- السلام قبل المصافحة بالأيدي
عن جندب رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقي أصحابه لم يصافحهم حتى يسلم عليهم " وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يصافح كل واحد يلقاه من الصحابة " عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قيل له : أريد أن أسألك عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذن أحدثك به إلا أن يكون سرا قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصافحكم إذا لقيتموه قال : ما لقيته قط إلا صافحني "([15] (http://forum.islamstory.com/#_ftn15))
" وعن أبي هريرة t أن النبي r لقي حذيفة t فأراد أن يصافحه فتنحى حذيفة، فقال: إني كنت
جنبًا، فقال: إن المسلم إذا صافح أخاه تحاثت خطاياهما كما يتحاث ورق الشجر"([16] (http://forum.islamstory.com/#_ftn16)) "وعن الشعبي قال: كان أصحاب النبي r إذا التقوا تصافحوا"([17] (http://forum.islamstory.com/#_ftn17))
ومما ذكره الإمام أحمد في هذا الصدد عن محمد بن زياد، قال:"كنت آخذًا بيد أبي أُمامة فلا يمر بأحد إلا سلم عليه، ثم قال: إن السلام أمان لأهل ذمتنا تحية لأهل ديننا"([18] (http://forum.islamstory.com/#_ftn18))
- المعانقة:
أما عن المعانقة فقد اختلف فيها فقد روي أن الرسول r نهى عن المعانقة في رواية أنس t " قال: قلنا يا رسول الله أينحني بعضنا لبعض؟ قال: لا، قلنا: فيعانق بعضنا بعضًا؟ قال: لا، قلنا: فيصافح بعضنا بعضا؟ قال: نعم" ([19] (http://forum.islamstory.com/#_ftn19))
ومن المؤكد جواز المعانقة وأنها اختصت لمن قدم من سفر بعيد أي لمن طالت غربته ومما يدل على ذلك ما روي في هذا الصدد من ذلك عن جابر بلفظ: "لما قدم جعفر من الحبشة عانقه النبي r، وعن الشعبي وفيه:" فقبل ما بين عينيه"([20] (http://forum.islamstory.com/#_ftn20)) وعن الشعبي قال: "كان أصحاب رسول الله r إذا قدموا من سفر تعانقوا"([21] (http://forum.islamstory.com/#_ftn21))
3- الآداب التي ينبغي الالتزام بها أثناء الجلوس مع الآخرين:
- عند الغزالي هي كما يقول:
1- أن تلقى صديقك وعدوك بوجه الرضا من غير ذلة لهم ولا هيبة منهم وتوقر من غير كبر وكن في جميع أمورك في أوساطها.
2- لا تنظر في عطفيك ولا تكثر الالتفات ولا تقف على الجماعات.
3- إذا جلست فترفع وتحذر من تشبيك أصابعك والعبث بخاتمك وتخليل أسنانك وإدخال يدك في أنفك وطرد الذباب عن وجهك وكثرة التمطي والتثاؤب.
4- ليكن مجلسك هادئًا وكلامك مقسومًا وغض عن المضاحك والحكايات ولا تحدث عن إعجابك
بولدك ولا جارتك.
5- اصغ إلى الكلام الحسن ممن يحدثك بغير إظهار إعجاب منك ولا مسكنة ولا إعادة.
6- لا تتصنع كما تتصنع المرأة ولا تتبذل كما يتبذل العبد.
7- كن معتدلاً في جميع أمورك وتوقى كثرة الكحل والإسراف في الدهن ولا تلح في الحكايات.
8- إياك وكثرة البصاق بين الناس؛ فإن صاحبه ينسب إلى التأنيث.
9- لا تمازح لبيبًا فيحقد عليك ولا سفيهًا فيجترئ عليك (ثم يتحدث عن مساوئ المزاح وعقباه السيئة) فيقول:"لأن المزاح يخرق الهيبة ويسقط المنزلة ويذهب ماء الوجه ويعقب الحزن ويزيل حلاوة الود ويشين فقه الفقيه ويجرئ السفيه ويكثر الذنوب ويبين العيوب"([22] (http://forum.islamstory.com/#_ftn22))
10- إذا خاصمت فتوقر وتحفظ من جهلك وعجلتك وتفكر في حجتك ولا تكثر الإشارة بيدك ولا تكثر الالتفات إلى من ورائك ولا تجث على ركبتيك وإذا هدأ غضبك فتكلم" ([23] (http://forum.islamstory.com/#_ftn23))
11- إذا دخل مجلسًا أو جماعة سلّم وجلس حيث امتنع وترك التخطي وخص بالسلام من قرب منه إذا جلس([24] (http://forum.islamstory.com/#_ftn24))
- آداب الجلوس على الطريق عند الغزالي:
1- غض البصر وترك التلفت.
2- نصرة المظلوم وإغاثة الملهوف وإعانة الضعيف وإرشاد الضال وإعطاء السائل.
3- رد السلام.
4- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالرفق واللطف؛ فإن أصر فبالرهبة والعنف.
5- لا يتجسس ولا يظن بالناس إلا خيرًا([25] (http://forum.islamstory.com/#_ftn25))
* أدب مجالسة الناس عند ابن المقفع:
1- مراعاة أحوال الجالسين عند مخاطبتهم:
وكما روي عن الرسول r "خاطبوا الناس على قدر عقولهم" وينصح ابن المقفع بأن نراعي ذلك عند مجالسة الناس وإلا تأذى جليسك منك فيقول:"لا تجالس امرأً بغير طريقته؛ فإنك إن أردت لقاء الجاهل بالعلم والجافي بالفقه والعيي بالبيان لم تزد على أن تضيع علمك وتؤذي جليسك بحملك عليه ثقل ما لا يعرف وغمك إياه بمثل ما يغتم به الرجل النصيح من مخاطبة الأعجمي الذي لا يفقه منه . ويضيف ابن المقفع إلى ما سبق من اغتمام الجليس إلى أنك تجلب لنفسك السخرية والانتقاد منهم لك قائلاً:" واعلم أنه ليس من علم تذكره عند غير أهله إلا عابوه ونصبوا له (عادوه وتجردوا له) ونقضوه
عليك وحرصوا على أن يحملوه جهلاً حتى إن كثيرًا من اللهو واللعب الذي هو أخف الأشياء على
الناس ليحضره من لا يعرفه فيثقل عليه ويغتم به"
2- إظهار العطف نحو جلسائك خاصة من له صلة بصديقك
يوضح ذلك قوله ابن المقفع: "وليعلم صاحبك أنك تشفق عليه وعلى أصحابه" أي إنه إذا حضر صاحبك أو أصدقاؤه فلتظهر عاطفة الرحمة والمودة لهم أيضًا كما تظهرها لصديقك؛ لأن لذلك الأثر الطيب على نفس صديقك وهو يؤكد على هذا المعنى بقوله:"وإياك إن عاشرك امرؤ أو رافقك أن لا يرى منك بأحد من أصحابه وإخوانه وأخدانه رأفة؛ فإن ذلك يأخذ من القلوب مأخذًا وإن لطفك بصاحب صاحبك أحسن عنده موقعًا من لطفك به نفسه".
3- مراعاة مشاعرهم وأحزانهم
وفي هذا يقول ابن المقفع:"واتق الفرح عند المحزون واعلم أنه يحقد على المنطلق (المسرور المتهلل) ويشكر للمكتئب"([26] (http://forum.islamstory.com/#_ftn26))
4- النأي بالنفس عن أن تكون واعظًا
وهنا ينصح ابن المقفع بأن يكون حديثنا ممتعا وشيقا وألا نكدر على الجليس وقته الذي يقضيه معنا فيدفعنا سوء النية إلى نقده ولو بطريق غير مباشر لكن يفهمها الجليس وذلك بإثارة ما قد يبعث في نفسه سوء الظن فيقول:"قد رأينا من سوء المجالسة أن الرجل تثقل عليه النعمة يراها بصاحبه فيكون ما يشتفي بصاحبه في تصغير أمره وتكدير النعمة عليه أن يذكر الزوال والفناء والدول كأنه واعظ وقاص فلا يخفى ذلك على من يُعني به ولا غيره ولا ينزل قوله بمنزلة الموعظة والإبلاغ ولكن بمنزلة الضجر من النعمة إذا رآها لغيره والاغتمام بها والاستراحة إلى غير روح "([27] (http://forum.islamstory.com/#_ftn27))
كما يطلعنا ابن المقفع على تجربته الشخصية في تعامله مع صاحبه حين مجالسته له وعن إعجابه الشديد بأدبه الذي يلتزم به ويدعونا إلى أن نسلك مسلكه في مجالستنا مع الناس لنحظى بالثناء وكسب مودة وحب وتعاون من نجالسه فمن تلك الآداب:
أ- فضيلة الصمت وحسن الإصغاء للآخرين حتى يأتي دوره في الكلام وفي هذا يقول:" كان أكثر دهره صامتًا فإذا نطق بذَّّ الناطقين (غلبهم وفاقهم).
ب- كان لا يتبرم ولا يتسخط ولا يتشهى ولا يتشكى ولا يخص نفسه دون إخوانه بشيء من
اهتمامه وحيلته وقوته ولا يلوم أحدًا.
ج- كان خارجًا من سلطان بطنه فلا يشتهي ما لا يجد ولا يكثر إذا وُجد.
د- كان خارجًا من سلطان الجهالة فلا يقدم أبدًا إلا على ثقة بمنفعة .
هـ- لا يقول ما لا يعلم ولا ينازع في ما يعلم.
* ومن آداب الجلوس التي نستطيع أن نستخلصها من كتاب الزهد للإمام أحمد:
1- أن تجلس في المكان الذي اختاره لك صاحب البيت.
" عن أبي العالية قال: إذا دخلت على قوم فألقوا إليك فاجلس بحيث ألقي لك الوسادة فإن القوم أعلم ببيتهم"([28] (http://forum.islamstory.com/#_ftn28)).
2- إذا أردت الانصراف من المجلس فسلم على من تجالسهم أولاً.
"عن معاوية بن قرة، عن أبيه قال: قال لي: يا بني إذا كنت في قوم يذكرون الله U فبدت لك حاجة فسلِّم عليهم حين تقوم فإنك لا تزال لهم شريكًا ماداموا جلوسًا"([29] (http://forum.islamstory.com/#_ftn29))
3- القيام للمنصرف من المجلس.
ويروى عن محمد بن هلال، عن أبيه أن النبي r كان إذا خرج قمنا له حتى يدخل بيته([30] (http://forum.islamstory.com/#_ftn30)).
* ومن الآداب العامة التي ينبغي مراعاتها عند الجلوس أو في المجالس:
1- التزحزح للمسلم وإفساح المكان له.
"عن واثلة بن الخطاب القرشي t قال: دخل رجل المسجد والنبي r وحده فتحرك له النبي r فقيل له: يا رسول الله المكان واسع فقال له:إن للمؤمن حقًّا إذا رآه أخوه أن يتزحزح له" ([31] (http://forum.islamstory.com/#_ftn31)). ويقاس على ذلك في عصرنا الحالي أنه من حسن الأدب في الجلوس أن نتزحزح عن أماكننا للقادمين خاصة من النساء أو الأطفال أو الشيوخ أو العلماء لجلوسهم وغيرهم؛ فإن هذا من الهدي النبوي ومن كمال المروءة "وكان ابن عباس يقول:" لجليسي عليَّ ثلاثٌ أن أَرْمِيَهُ بِطرفي إذا أقبل وأن أوسِّع له إذا جلس وأصغي إليه إذا حدث "([32] (http://forum.islamstory.com/#_ftn32)).
2- عدم الجلوس والآخرون واقفون (قيام)
وكان الرسول r يقوم لفاطمة عليها السلام حين تقبل عليه وهي كذلك أيضًا" فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت أحدًا من الناس كان أشبه بالنبي r كلامًا ولا حديثًا ولا جلسة من فاطمة
رضي الله عنها قالت: وكان النبي r إذا رآها قد أقبلت رحَّب بها ثم قام إليها فقبلها ثم أخذ بيدها فجاء بها حتى يجلسها في مكانه وكانت إذا أتاها النبي r رحبت به ثم قامت إليه فقبلته..."([33] (http://forum.islamstory.com/#_ftn33))
" قال طاووس بن كيسان سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول: إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام بين يديه " ([34] (http://forum.islamstory.com/#_ftn34)).
3- لا تجلس بين اثنين إلا بإذنهما:
" عن عبد الله بن عمرو أن النبي r قال: لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما "([35] (http://forum.islamstory.com/#_ftn35)) .
" فعن عبيد الله بن عمر أخبرني سعيد قال: جئت ابن عمر وهو يحدث رجلاً فذهبت أدخل بينهما فدفع في صدري فقمت أضحك كالفشل أو الدهش فقال: أتضحك إنه لأحمق إذا رأيت رجلين يتحدثان فلا تدخل بينهما حتى تستأذن"([36] (http://forum.islamstory.com/#_ftn36)).
* أدب الجلوس على المائدة:
قال لقمان الحكيم فيما ذكره الغزالي: " ثمانية تجلب الذلة على أصحابها وهي: جلوس الرجل على مائدة لم يُدْعَ إليها والتأَمُّرْ على صاحب البيت والطمع في الإحسان من الأعداء ومُضِي المرء إلى حديث اثنين لم يدخلاه بينهما... وجلوس المرء فوق مرتبته، والتكلم عند مالا يُستمع الكلام ومصادقة من ليس بأهل"([37] (http://forum.islamstory.com/#_ftn37)) أي أنه ينبغي للجالس ألا يكون كثير الأوامر والمطالب وأن يكون وقورًا فلا يجلس على مائدة إلا إذا دُعي إليها، وأن لا يكون مختالاً بنفسه في جلسته أو مقلدًا لآخرين هم أعلى منه منزلة وألا يكون ثرثارًا فلا يتكلم إلا إذا وجد رغبة من الحاضرين في سماعه.
4- النهي عن الإطالة في الجلوس
مما نصح به الرشيد في هذا الشأن هو أنه ينبغي عدم الإطالة في الجلوس وحفظ أقدار الجلساء خاصة أصحاب الحرمات أو الزوج وزوجته والأقارب فينبغي إظهار التبجيل لهم فيقول الرشيد لحاجبه: " احجب عني من إذا قعد أطال وإذا سأل أحال ولا تستخفن بذي الحرمة وقدم أبناء الدعوة "([38] (http://forum.islamstory.com/#_ftn38))
5- ولا تجلس عند النيام وليكن مجلسك شيقًا
" وذلك بأن تشغل جلساءك بما هم محتاجون إليه من أمور دينهم ودنياهم فلا يخلو مجلسك من الفوائد
أو من تخفيف الشرور ودفعها بحسب القدرة "([39] (http://forum.islamstory.com/#_ftn39)).
وفي هذا الصدد " قيل لأحد العلماء ما بال السلف وكلامهم ومواعظهم أنفع من كلامنا وكتبنا ومواعظنا قال: لأنهم يتكلمون لعز الإسلام ونفع المسلمين ورضا الرحمن وإزالة ما يضر الإسلام والمسلمين ونحن نتكلم لعز النفس وطلب الدنيا وقبول الخلق والشهرة والظهور والتصنع والرياء وطلب المدح والثناء" ([40] (http://forum.islamstory.com/#_ftn40)).
وقد خصص ابن أبي الدنيا بابا أسماه " في شدة الشوق إلى لقاء الإخوان والتسلي بمحادثتهم عن الهموم والأحزان" ذكر فيه العديد من قصص السلف والصالحين في مجالسهم([41] (http://forum.islamstory.com/#_ftn41)).
فالمزاح والمداعبة كان الرسول r يتمثل بها مع أصحابه " فعن أبي هريرة t قال: قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا، قال: إني لا أقول إلا حقًّا"([42] (http://forum.islamstory.com/#_ftn42)).
"وعن أنس t قال: كان رسول الله r أحسن الناس خلقًا وكان لي أخ يقال له أبو عمير t، فكان إذا جاء رسول الله r فرآه قال: " أبا عمير ما فعل النفير؟ (هو تصغير نفر وهو طائر يشبه العصفور أحمر المنقار)،قال: نفركان يلعب به، قال: فربما تحضر الصلاة وهو في بيتنا فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس ثم ينضح ثم يقوم رسول الله r ونقوم خلفه يصلي بنا " ([43] (http://forum.islamstory.com/#_ftn43)).
وهكذا يعلمنا الرسول r أنه من آداب المجالس أيضًا الصلاة بالجالسين حين حضور وقتها فلا يكون الحديث عائقًا أمام إقامة الصلاة.
كما أن على الجالس إن وجد أطفالا في الجلسة أن يحاول أن يلاطفهم ويداعبهم كما فعل الرسول r في الرواية السابقة، وكما ذكر أيضًا من مزاحه مع امرأة عجوز "عن الحسن t قال: أتت عجوز النبي r، فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال: يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز، قال: فولت تبكي، فقال: أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز إن الله تعالى يقول: ﴿إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكار﴾ [الواقعة: 35- 36].
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يتقبل المزاح ممن يجالسه، فقد روي أن سفيان بن حرب مازح النبي r في بيت ابنته أم حبيبة رضي الله عنها، ويقول: والله إن هو إلا أن تركْتُك فتركَتَك العرب (تركت حربك) إن انتطحت فيك وقالوا: جماء (التي لا قرن لها) ولا ذات قرن ورسول الله r
يضحك ويقول: "أنت تقول ذلك يا أبا حنظلة"([44] (http://forum.islamstory.com/#_ftn44)).
وكان الصحابة رضوان الله عليهم يتمازحون في مجالسهم وذكر من صور هذه الممازحة أنهم كانوا يترامون بالبطيخ "فعن بكر بن عبد الله، قال: كان أصحاب النبي r يتبادحون (يترامون بها) بالبطيخ؛ فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال"([45] (http://forum.islamstory.com/#_ftn45)).
وابن حزم الفقيه والقاضي المشهور يعترف بأنه ذو مزاح شديد وأنه ضروري للإنسان فعله وإلا كان مجلسه جفاء واتسم بالكبر كما ينبغي للإنسان أن يلتزم في مجلسه عدم إغضاب من يمازحه ويعترف ابن حزم بأنه لم يكن يراع بعض هذه الآداب وأن هذا كان من العيوب التي استطاع التغلب عليها فيقول: "ومنها دعابة غالبة فالذي قدرت عليه فيها إمساكي عما يغضب الممازح وسامحت نفسي فيها إذ رأيت تركها من الانفلات ومضاهيًا للكبر"([46] (http://forum.islamstory.com/#_ftn46)).
والغزالي وإن كان قد جعل المزاح الآفة التاسعة من آفات اللسان إلا أنه لم ينكره كلية فالمذموم منه فيما يرى الغزالي هو الإفراط فيه أو المداومة عليه فلك أن تمزح كما كان يمزح رسول الله r: فلا تقول إلا حقًّا ولا تؤذي قلبًا ولا تُفرط فيسقط وقارك"([47] (http://forum.islamstory.com/#_ftn47)).
6- عدم التكلف أو التظاهر بالصلاح أمام الجالسين:
فمن الصفات الطيبة التي يوصي بها الرسول r هي أن يتصف المسلم في تعامله مع ربه سبحانه وتعالى بالخشوع والتضرع عن أبي هريرة أن رسول الله r قال: "هل ترون قبلتي هاهنا فوالله ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم إني لأراكم من وراء ظهري"([48] (http://forum.islamstory.com/#_ftn48)) وفي المقابل ينبغي للإنسان أن يكون على سجيته مع التزام أدب المجالس حتى لا ينخدع بمظهره الكاذب الآخرون وهذا ما أشار إليه لقمان u بقوله: "يا بني اتق الله ولا تُرِي الناس أنك تخشى الله ليكرموك بذلك وقلبك فاجر"([49] (http://forum.islamstory.com/#_ftn49)).
7- إظهار الموافقة لجليسك فيما يقوله مادام لا يكون في معصية الله.
يقول ابن حزم: "وإياك ومخالفة الجليس ومعارضة أهل زمانك فيما لا يضرك في دنياك ولا فيأخراك وإن قلَّ؛ فإنك تستفيد بذلك الأذى والمنافرة والعداوة وربما أدى ذلك إلى المطالبة (المساءلة)
والضرر العظيم دون منفعة أصلاً ([50] (http://forum.islamstory.com/#_ftn50)).
*كيف يمكنك التعامل مع الجليس السيئ ؟
قد يكون الجليس سيئ الخلق أو سريع الغضب يثور لأتفه الأسباب وهنا يحذر ابن حزم من طاعة الجليس السيئ الذي قد تبتلي به فإنه لا يعنيه مصلحتك بل هو يكون أول من يُسر بأي مصيبة قد تنزل عليك فيقول: "إياك وموافقة الجليس السيئ ومساعدة أهل زمانك فيما يضرك في أخراك أو في دنياك وإن قلَّ؛ فإنك لا تستفيد بذلك إلا الندامة حيث لا ينفعك الندم ولن يحمدك من ساعدته بل يشمت بك وأقل ما في ذلك وهو المضمون أنه لا يبالي بسوء عاقبتك وفساد مغبتك"([51] (http://forum.islamstory.com/#_ftn51)).
كما أنه ينصح بأنه إذا تعارضت طاعة الله وطاعة الخلق فلابد للإنسان أن يؤثر طاعة الله مهما كانت النتائج قائلاً: "إن لم يكن بد من إغضاب الناس أو إغضاب الله U ولم يكن لك مندوحة عن منافرة الخلق أو منافرة الحق فأغضب الناس ونافرهم ولا تغضب ربك ولا تنافر الحق"([52] (http://forum.islamstory.com/#_ftn52)). وهو في الوقت نفسه يحث على أن تكون مواجهة هذا الجليس بالموعظة الحسنة واللين مستشهدًا بقول الله تعالى:﴿ولوكنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك﴾ [آل عمران: 159].
يرشدنا الرسول r في هذا الصدد أيضا إلى كظم الغيظ والحلم واللين... فمما رُوي عنه r في هذا
الشأن على سبيل المثال لا الحصر ما رواه أنس أن رسول الله r قال: "من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رءوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره في أي الحور شاء"([53] (http://forum.islamstory.com/#_ftn53)).
ومن كلام سقراط الذي ذكره القيرواني في هذا الصدد: "من كثر احتماله وظهر حلمه قل ظلمه وكثرت أعوانه"([54] (http://forum.islamstory.com/#_ftn54)) وحبس النفس عند الغضب والتأني عن ارتكاب أي سوء لهو دليل على قوة نفس صاحبها وليس كما يفهم العامة أنه عجز وضعف فكان عليّ t يقول: الحلم والأناة توأمان ينتجهما علو الهمة"([55] (http://forum.islamstory.com/#_ftn55)) ويقول ابن المقفع: "ذلل نفسك بالصبر على جار السوء وعشير السوء وجليس السوء؛ فإن ذلك مما لا يكاد يخطئك واحترس من سورة الغضب وسورة الحمية وسورة الحقد وسورة الجهل
وأعدد لكل شيء من ذلك عدة تجاهده بها من الحلم والتفكير والروية وذكر العاقبة وطلب الفضيلة
واعلم أنك لا تصيب الغلبة إلا بالاجتهاد والفضل"([56] (http://forum.islamstory.com/#_ftn56))
* التعامل مع الجليس السيئ عند ابن الجوزي:
يقول الإمام ابن الجوزي: "متى رأيت صاحبك قد غضب وأخذ يتكلم بما لا يصلح فلا ينبغي أن تعقد على ما يقوله خنصرًا ولا أن تؤاخذه به؛ فإن حاله حال السكران لا يدري ما يجري بل اصبر لفورته ولا تعوّل عليها؛ فإن الشيطان قد غلبه والطبع قد هاج والعقل قد استتر ومتى أخذت في نفسك عليه أو أجبته بمقتضى فعله كنت كعاقل واجه مجنونًا أو كمفيق عاتب مغمىً عليه بل انظر بعين الرحمة واعلم أنه إذا انتبه ندم على ما جرى"([57] (http://forum.islamstory.com/#_ftn57)).
وإضافة إلى ما سبق من التعامل بالحلم والصبر مع جليس السوء يشير علينا حاتم الزاهد بأننا يمكننا معالجة أمر العيوب التي نراها في جلسائنا بأن نذكر تلك العيوب في جملة الحديث ومساوئها دون أن نذكر صاحبها الذي نقصده بالكلام فيقول حاتم الزاهد: "إذا رأيت من أخيك عيبًا فإن كتمته عنه فقد خنته وإن قلته لغيره فقد اغتبته وإن واجهته فقد أوحشته فقال له إنسان: فما الذي أصنع قال: تكني عنه وتعرّض به وتجعله في جملة الحديث"([58] (http://forum.islamstory.com/#_ftn58)).
ولكن لابن حزم رأي آخر بأنه ينبغي الصبر على أذى الآخرين حتى ولو على مضض فهذا أفضل من إظهار الغضب الذي يقوم به لئام الناس وهو هنا يطلعنا على كيفية ترويض نفسه على ذلك قائلاً عن عيوب نفسه التي استطاع التخلص منها: "فمنها كلف في الرضاء وإفراط في الغضب فلم أزل أداوي ذلك حتى وقفت عند ترك إظهار الغضب جملة بالكلام والفعل والتخبط وامتنعت مما لا يحل من الانتصار وتحملت من ذلك ثقلاً شديدًا وصبرت على مضض مؤلم كان ربما أمرضني وأعجزني ذلك في الرضا وكأني سامحت نفسي في ذلك لأنها تمثلت أن ترك ذلك لؤم"([59] (http://forum.islamstory.com/#_ftn59)).
وإذا ارتكب الجليس أي مكروه فينبغي الستر عليه لأنه ربما قد حدث منه اضطرارًا أو لجهل بمعرفة ما ينبغي الالتزام به من آداب في حضرة الآخرين فقد"روى الشعبي أن عمر بن الخطاب t كان في بيت ومعه جرير بن عبد الله t فوجد عمر ريحًا، فقال: عزمت على صاحب هذه الريح لما قام فتوضأ، فقال جرير: يا أمير المؤمنين أو يتوضأ القوم جميعًا؟ فقال عمر: رحمك الله نعمَ السيد كنت
في الجاهلية ، نعم السيد أنت في الإسلام([60] (http://forum.islamstory.com/#_ftn60)).
ونختتم هذا الموضوع بخلاصة ما ذهب إليه حكماء الإسلام في هذا الشأن من أن المعاشرة الجميلة هي السبيل إلى الكمال من دلائل ذلك.
"قال عبد الله بن جعفر: كمال المرء في خلال ثلاث:
1- معاشرة أهل الرأي والفطنة.
2- ومداراة الناس بالمعاشرة الجميلة.
3- والاقتصاد من بخل وإسراف([61] (http://forum.islamstory.com/#_ftn61)).
وقال ابن السماك: الكمال في خمس:
1- ألا يعيب الرجل أحدًا بعيب فيه مثله حتى يصلح ذلك العيب من نفسه؛ فإنه لا يفرغ من إصلاح عيب حتى يهجم على آخر فتشغله عيوبه عن عيوب الناس.
2- ألا يطلق لسانه ويده حتى يعلم أفي طاعة ذلك أم في معصيته؟.
3- ألا يلتمس من الناس إلا ما يعلم أنه يعطيهم من نفسه مثله.
4- أن يسلم من الناس باستشعار مداراته وتوفيتهم حقوقهم.
5- أن ينفق الفضل من ماله ويُمسك الفضل من لسانه([62] (http://forum.islamstory.com/#_ftn62)).
والحلم على من أساء إليك في مجلسك هو من صفات الإنسان الكامل يؤكد على ذلك أيضًا ابن عربي ناصحًا في الوقت نفسه لكي نصل إلى درجة كظم الغيظ بأن نغير تفكيرنا نحو الجليس المسبب للغضب فبدلاً من الشعور الذي يعترينا حينذاك بأننا إذ لم نجابهه سيكون ذلك ذلة وهو أن يتجرأ علينا مرة أخرى؛فإننا يجب أن نتخيل هذا الغضبان الثائر بمنزلة الحيوان أو السفيه فلا نرضى لأنفسنا أن نهبط لهذا الدرك فيقول: "وينبغي لمحب الكمال أن يشعر نفسه أن الغضبان بمنزلة البهائم والسباع يفعل ما يفعله من غير علم ولا روية فإذا جرى بينه وبين غيره محاورة أدت إلى أن يغضب خصمه ويتسفه عليه اعتقد فيه أنه في تلك الحالة بمنزلة البهائم والسباع فيمسك عن مقابلته ويحجم عن الاقتصاص منه، ألا يعلم أن الكلب لو نبح عليه لم يكن يستحق مقابلته على نبحه وكذلك البهيمة لو رمحته لم يُستحسن عقوبتها؛ لأنها غير عالمة بما تصنعه إلا أن يكون جاهلاً فإن من السفهاء من يغضب على البهيمة إذا رمحته ويوجعها ضربًا إذا آذته وربما عثر السفيه فشتم موضع عثرته ورفصه برجله فأما الحكيم الوقور فلا يستحسن شيئًا من ذلك وإذا استشعر في خصمه أنه بمنزلة البهائم صار هذا الاستشعار منه طريقًا إلى ضبط النفس الغضيبة وذمها وإن أذاه مؤذٍ بغير سفه فيؤدي ذلك الأذى إلى حال يغضبه أنف أيضًا من الغضب مع استشعاره أن الغضبان والبهيمة سواء فيعدل حينئذ إلى مقابلة مؤذيه بما يقتضيه الرأي من حيث لا يظهر فيه غضب ولا سفه"([63] (http://forum.islamstory.com/#_ftn63)).
ثم إن صفة الكمال ترتبط عنده أيضًا بمحبة الناس جميعًا وإظهار الرحمة والتحنن لهم وأن الذي يمنع الإنسان من فعل ذلك هو الكبر والانقياد لهوى النفس الأمارة بالسوء وأنه إذا تحكم الإنسان في نفسه وضبطها صار الناس له أحبابًا بلا استثناء يوضح ذلك قوله: "ينبغي لمحب الكمال أن يعوِّد نفسه محبة الناس أجمع والتودد إليهم والتحنن عليهم والرأفة والرحمة بهم؛ فإن الناس قبيل واحد تجمعهم الإنسانية وحلية القوة الإلهية هي في جميعهم وهي النفس العاقلة ... فإذا ضبط الإنسان نفسه الغضيبة وانقاد لنفسه العاقلة صار الناس كلهم له أحبابًا وإخوانًا وإذا أعمل الإنسان فكره رأى ذلك واجبًا لأن الناس إما أن يكونوا فضلاء أو نقصاء فالفضلاء تجب عليه محبتهم لموضع فضلهم والنقصاء تجب عليهم رحمتهم لموضع نقصهم فيحق لمحب الكمال أن يكون محبًّا لجميع الناس متحننا عليهم رءوفا بهم"([64] (http://forum.islamstory.com/#_ftn64)).
واللين والتواضع والكرم ومساعدة المحتاجين والتورع عن طلب المساعدة من أحد هي خلاصة ما أوصى به والدٌ بنيه أن يلتزموا بتلك القيم في تعاملهم مع الآخرين إذا أرادوا السؤدد والرفعة والتعالي على النزول إلى مستوى السفهاء من الناس فمما ذكره الأصبهاني " قال أبو عمرو: لما احتضر ذو الإصبع دعا ابنه أُسيد فقال له: يا بني إن أباك قد فني وهو حي وعاش حتى سئم العيش وإني موصيك
بما إن حفظته بلغت في قومك ما بلغته فاحفظ عني:
1- ألن جانبك لقومك يحبوك.
2- وتواضع لهم يرفعوك.
3- وابسط لهم وجهك يطيعوك.
4- ولا تستأثر عليهم بشيء يُسودوك.
5- وأكرم صغارهم كما تكرم كبارهم يكرمك كبارهم ويكبر على مودتك صغارهم
6- واسمح بمالك وأعزز جارك وأعن من استعان بك.
7- وأكرم ضيفك.
8- وأسرع النهضة في الصريخ فإن لك أجلاً لا يعدوك.
9- وصن وجهك عن مسألة أحدٍ شيئًا ، فبذلك يتم سؤددك([65] (http://forum.islamstory.com/#_ftn65)).

[/URL](1) الفتوحات لابن عربي، كتاب الوصايا مخطوط ص24.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref1)([2]) الزهد، ص 131

([3]) المرجع السابق، ص133

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref3)([4]) الزهد، ص149

([5]) السابق، ص 359

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref5)([6]) الفتوحات، ص24

([7]) الزهد، ص393.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref7)([8]) الزهد، ص395.

([9]) مداراة الناس، ابن أبي الدنيا ص54، 55، والحديث رواه البيهقي في شعب الإيمان 6/253.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref9)([10]) كتاب الإخوان لابن أبي الدنيا، ص191، والحديث صحيح.

([11]) المرجع السابق، ص976.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref11)([12]) الزهد، ص462.

([13]) مجاني الأدب، ج1/ص18

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref13)([14]) سنن الترمذي، علم النفس في الحديث الشريف ص99

([15]) الكنز، ج5/ ص54

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref15)([16]) الحديث وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور والبيهقي 8/37

([17]) كتاب الإخوان، ص178

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref17)([18]) الزهد، ص219، وللمزيد ينظر إلى حياة الصحابة 1/738 وما بعدها.

([19]) الكنز، ج5/54

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref19)([20]) الهيثمي، المجمع 9/272

([21]) كتاب الإخوان، ص186


(http://forum.islamstory.com/#_ftnref21)([22]) مجموعة الرسائل للغزالي، كتاب: الأدب في الدنيا ص446.

([23]) مجموعة الرسائل للغزالي، كتاب: بداية الهداية ص429.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref23)([24]) المرجع السابق، كتاب الأدب في الدين، ص443.

([25]) مجموعة الرسائل للغزالي، كتاب: الأدب في الدنيا ص443.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref25)([26]) الأدب، لابن المقفع ص127.

([27]) المرجع السابق، ص133.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref27)([28]) الزهد، ص367

([29]) المرجع السابق، ص191

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref29)([30]) الهيثمي، 8/40

([31]) أخرجه البيهقي وابن عساكر، الكنز 5/55، حياة الصحابة 1/742.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref31)([32]) مجاني الأدب، ج2/55.

([33]) رواه البخاري في كتاب: الأدب ص138.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref33)([34]) صور من حياة التابعين، د/عبد الرحمن الباشا، ص294.

([35]) إسناده حسن:أخرجه أبو داود والترمذي وأحمد،مساوئ الأخلاق ومذمومها للخرائطي ص193

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref35)([36]) إسناده حسن، المرجع السابق، ص194.

([37]) مجاني الأدب، 1/17.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref37)([38]) المرجع السابق، 1/17، نقلاً عن الثعالبي.

([39]) إرشاد العباد، عبد العزيز المحمد السلمان ص134.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref39)([40]) المرجع السابق، ص33- 34.

([41]) كتاب الإخوان ص149.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref41)([42]) أخرجه الترمذي في الشمائل ص17، والبخاري في الأدب ص41.

([43]) رواه البخاري في الأدب، ص42.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref43)([44]) الكنز، ج 4/43

([45]) رواه البخاري في الأدب ص41 ولمزيد ينظر إلى حياة الصحابة 2/32 وما بعدها.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref45)([46]) الأخلاق والسير في مداواة النفوس، ص130- 131

([47]) الأخلاق عند الغزالي، زكي مبارك ص243

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref47)([48]) في مسند الإمام أحمد، علم النفس في الحديث الشريف ص69.

([49]) الزهد، ص64.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref49)([50]) الأخلاق والسير في مداواة النفوس، ص192.

([51]) المرجع السابق، ص192.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref51)([52]) السابق، ص192- 193.

([53]) رواه ابن ماجة.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref53)([54]) زهر الآداب، 4/127.

([55]) نهج البلاغة، ص784.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref55)([56]) الأدب الصغير والأدب الكبير، /ص109

([57]) صيد الخاطر، ص257.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref57)([58]) مجاني الأدب، 2/57.

([59]) الأخلاق والسير في مداواة النفوس، ص130.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref59)([60]) الكنز، 2/151، ولمزيد في هذا الشأن بنظر إلى حياة الصحابة 1/687 وما بعدها.

([61]) مجاني الأدب،ج 2/55، 56.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref61)([62]) السابق نفسه.

([63])كتاب الأخلاق، لابن عربي ص52 مخطوط.

(http://forum.islamstory.com/#_ftnref63)([64])المرجع السابق، ص53- 54.

[URL="http://forum.islamstory.com/#_ftnref65"]([65]) مجاني الأدب، 2/48.