المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استقبال العام الهجري 1431


الشيخ محمد الزعبي
18-12-2009, 05:43 PM
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام علة سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين المبعوث رحمة للعالمين وعلي آله وصحبه أجمعين وبعد:
يحتفل العالم الإسلامي والعربي بحلول العام الهجري الجديد,فيتذكرون هجرة النبي المصطفى صلوات ربي عليه وتسليماته الذي جاءهم لينقذهم من الظلمات الى النور ومن عبادة الأصنام الى عبادة رب الأنام ومن ظلمات الجهل الى نور العلم,هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة المكرة أحب البلاد اليه لا لذنب اقترفه ولالجريمة ارتكبها سوى أنه دعاهم الى توحيد لله وترك ما كان عليه أباؤهم,فخططوا لقتله قال الله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (30) سورة الأنفال وقال له {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ } (127) سورة النحل
{وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ} (70) سورة النمل

هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ، ومألوف جداً أن نعدد وقائع الهجرة ، وهذا الموضوع يتكرر من ألف وأربعمئة عام ، ولكن المغزى من الهجرة أنها أولاً : الهجرة انتقال من مكان إلى مكان أي حركة ، الهجرة حركة ، والإسلام حركة ليس هناك إسلام سكوني ، أي قابع في البيت لا يفعل شيئاً ، معجب بهذا الدين العظيم ، بهذا الشرع الحكيم ، بهذا الخالق جلّ جلاله ، لا يقدم ولا يؤخر ، ولا يقطع ولا يصل ، ولا يعطي ولا يمنع ، هذا النموذج ، نموذج المسلم السكوني القابع في بيته الذي لا يفعل شيئاً ، وينتظر من الله معجزة كي تنقذ المسلمين مما هم فيه ، هذا النموذج مرفوض في ذكرى الهجرة ، الهجرة انتقال ، حركة ، الإسلام حركة ، ما إن تستقر حقيقة الإيمان في قلب المؤمن إلا وتعبر عن ذاتها بحركة ، قد تنتقل من مكان إلى مكان ، من موقف على موقف ، من نوع من الأصدقاء إلى نوع من الأصدقاء ، لابدّ من أن تتحرك
الهجرة مفتوحة أبوابها على مصراعيه إلى يوم القيامة ، بين كل مدينتين تشبهان مكة والمدينة ، يعني بلدة لا تستطيع أن تقيم شرع الله فيها لكن الدخل فلكي ، والفتن على قارعة الطريق ، مصير أولادك مجهول في الأعمّ الأغلب ، معظمهم سينحرفون ، يجب أن تهاجر من هذه البلاد الغنية ذات الدخل الكبير إلى بلاد يعاني منها شعبها ما يعاني ولكن تضمن فيه دين أولادك .
يقول ربنا تبارك وتعالى:
{ إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [التوبة:40]
قال: {إذْ أَخْرَجَهُ الذِينَ كَفَرُوا}، وما أخرجوه حقيقة بل أخافوه حتى اضطر إلى أن يخرج، وكان الصديق معه، فتارة كان يمشي بين يديه، وتارة يمشي خلفه، وقال يا رسول الله: إذا ذكرت الرصد مشيت بين يديك، وإذا ذكرت الطلب مشيت خلفك.
وظن بعض الجهلة من الفرق الضالة أن قول الرسول عليه الصلاة والسلام لأبي بكر: "لا تحزن"، يدل على جهل من أبي بكر رضي الله تعالى عنه ونقيصة منه، وذلك يُوجبُ مثلَهُ في قوله تعالى لموسى عليه السلام:
{فَأَوْجَسَ في نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى قُلْنَا لاَ تَخَفْ}.
وقوله في قصة إبراهيم:
{فَلَمّا رَأَى أَيْدِيَهُم لاَ تَصِل إلَيْهِ نَكِرَهُم وَأَوْجَسَ مِنْهُم خِيفَةً قَالُوا لاَ تَخَفْ}.
إذا لم يكن ذلك طعناً عليهم ووصفاً لهم بالنقص، فكذلك في أبي بكر، وليس حزنه من جهة الشدة والحيرة، بل لتجويزه وصول الضرر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإليه، وما كان الخبر أتاه بأن الرسول كان معصوماً من القوم محروساً منهم، حتى قال له الرسول لا تحزن، فسكن إلى ذلك.
وقوله تعالى: {واللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ}، نزل بعد الهجرة بسنين، فلا يوجب كون أبي بكر عالماً بعصمة النبي صلى الله عليه وسلم، ولو علم أنه يسلم منهم بنفسه لم يأمن مضرةً بجراحة أو غيرها، وفي ذلك جواز الحزن والخوف عليه.
.و هذا إعلام من الله تعالى لأصحاب رسوله - صلى الله عليه وسلم - أنه المتوكلُ بنصر رسوله سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم على أعداءِ دينِهِ ، وإظهارِهِ عليهم دون أحدٍ من البشر ، أعانوه أو لم يعينوه ، وتذكير من الله تعالى لـهم بأنه حافظه و ناصره ، وهو من العدد فى قلة ، والعدو فى كثرة فكيف به وهو من العدد فى كثرة والعدو فى قلة .
وأسند سبحانه الإِخراج إلى المشركين مع أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد خرج بنفسه بإذن من الله ، تعالى ، لأنهم السبب فى هذا الخروج حيث اضطروه إلى ذلك ، بعد أن تآمروا على قتله .
قيل : وجواب الشرط فى قوله ، { إِلاَّ تَنصُرُوهُ } محذوف وقوله { فَقَدْ نَصَرَهُ الله } تعليل لهذا لمحذوف .
والتقدير : إلا تنصروه ينصره الله فى كل حال . { فَقَدْ نَصَرَهُ } سبحانه وقتَ أن أخرجهُ الكافرون من بلدِه ولم يكن معه سوى رجل واحد .
وقوله : { ثَانِيَ اثنين } حال من الهاء فى قوله { أَخْرَجَهُ } أى اخرجه الذين كفروا حال كونه منفرداً عن جميع الناس إلا أبا بكر الصديق - رضى الله عنه . عن أنس : أن أبا بكر حدثه قال : قلت للنبي صلى الله عليه و سلم ونحن بالغار : لو أن أحدهم ينظر إلى تحت قدميه لأبصرنا تحت قدميه قال : فقال : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟ } أخرجه أحمد (1/4 رقم 911) ، والبخارى (3/1337 ، رقم 3453) ، ومسلم (4/1854 رقم 2381) ، والترمذى (5/278 ، رقم 3096) وقال : حسن صحيح غريب . وأخرجه أيضًا : ابن أبى شيبة (6/348 ، رقم
: إسناده صحيح. مسند أبي يعلى
في الهجرة دروسٌ وعبر في دورس قادمة نتواصل إن شاء الله تعالى.
قـطعت شهور العمر لـهوا وغـفلة = ولم تحترم فيمـا أتيت المحـــرّما
فلا رجــب وافـيت فـيه بـــــحقه = ولا صمت شهر الصوم صوما متمما
ولا في ليالي العشر الذي = مضى كنت قـواما ولا كنت محرما
فهل لك أن تمحي الذنوب بـعـبرة = وتبكـي عـليها حســرة وتندمــــا
وتسـتقبل العـام الجديـد بتوبـــة = لعـلك أن تمحـوا بـها ما تقد مـــا

شريان
19-12-2009, 04:47 AM
مشكور شيخنا على الموضوع المميز
وصلي اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أبو حكيم
19-12-2009, 07:05 AM
بسم الله الرحمن الرحيم...و صلى الله على الحبيب المهاجر ...و رضي الله على رفيق الهجرة الصادق أبي بكر ...و جزى الله شيخنا الفاضل على مساهمته القيمة و جعلها في ميزان حسناته...أما بعد...
- نعم سيدي ...الهجرة حركة ..و انتقال من مكان الى آخر...و الاسلام بهذا يدفع المسلم و الجماعة المسلمة الى الانتقال دوما من محطة الى أخرى..من مستوى الى ما هو أرقى..من تجربة الى أفضل منها...حركة دائمة في جميع مناحي الحياة...حركة تشمل التعبد،و المشاعر،و العمل الصالح الدؤوب،و الفكر ، و الوجدان،و العلم، و التعلم .و.و.
- ماذا عساي أن أفعل...ماذا عساي أن أستزيد..أي برنامج كنت أعتمده في السنة الماضية..أي برنامج جديد سأعتمده أخذا بدراسة برنامجي القديم من ايجابيات و سلبيات...هذه بعض الأسئلة التي لا بد من طرحها من طرف أي عاقل منا...أسئلة يكون الجواب عنها و السير على خطاها بداية الانتقال و الحركة التي أشار اليها شيخنا الفاضل كدرس و عبرة للهجرة الخالدة.
-نعم سيدي..الهجرة هي أكبر منعطف في تاريخ البشرية..سطرت للانسانية نموذجا جديدا،و نظاما جديدا،...فلتكن هاته المناسبة منعطفا لكل فرد عاقل منا في حياته...و لتكن سنة 1431 سنة ليست كسائر السنوات...لتكن توبة من كذا و كذا...لتكن تخطيطا جديدا و برامج جديدة ليسير كل منا على خطى جديدة و برامج جديدة في حياته...لتكن البداية البارحة و اليوم للتخطيط للسنة بأكملها في كل ما يخصنا و ما يتوجب علينا فعله، في الدين،في العمل،في الدعوة،في الأسرةفي.في.في.
-و كمثال فقط على ما سبق ذكره، و كعادة أغلب المسلمين ، يتم اختيار آخر يوم في السنة الهجرية هو يوم حساب أموال المرء و ثروته...لكي يستخلص منها فرضه و واجبه عليها...فريضة الزكاة...فيكون آخر عمل قام به المسلم في سنته هو تعداد الأموال التي استخلفه الله فيها...فكم يسر و يفرح للقيام بهدا العمل ، فو الله ثم و الله لا يتذوق نعمتها و سعادتها الا من جربها ، و لا يمكن أن يعبر عن ما يجول في وجدان المرء الا زاهد متصوف محب لله و رسوله،... انها خلوة بين المرء و ربه فقط ، يحس بها المرء و أنا له أن يعبر عنها...آخر عمل السنة و أول يوم يستقبل به السنة الجديدة هي حساب ما عليه من الزكاة و النظر الى من يستحقها من الفقراء و الضعفاء... لا يستطيع المرء الا أن يدرف دموع السعادة بحسن ظنه بربه ، و بالاحساس العميق بالايمان الذي هداه الله اليه ، و بنشوة الانتصار على النفس و الهوى و الشيطان-الذين ما فتؤوا يصدونه عن اتيان الفرائض ، و ما أصعبها عليهم - ... بل يحزن شيئا ما -كما وقع لي البارحة و أشهد الله على ذلك- حين تكون زكاة العام أقل من مثيلاتها في السنوات الماضية...لكن نحمد الله أن هناك أوجها أخرى من النفقات يحث عليها هذا الدين العظيم من صدقات الى مساهمات في الأعمال الخيرية الى الوقف الاسلامي الى التبرع بالدم لفائدة المرضى من المسلمين الى..الى..الى..
فلتكن البداية...بداية الحركة...بداية الانتقال...

عاسف المهرة
29-03-2010, 09:02 AM
جزيتم خيرا كثيرا