المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النجاح أن تضع نفسك حيث يجب أن تكون


rasha retage
05-05-2015, 06:29 AM
ثمة خاتم عظيم في جوف سمكة، ومن يحصل عليه يملك العالم. هذا ما حصل لنبينا سليمان عليه السلام، (ويمكن الرجوع إلى القصة في كتب التفاسير الإسلامية وفي التراث اليهودي). عندما فقد سليمان مُلكَه وكل شيء، حتى زوجاته لم يعدن يعرفنه، عندما ألقى أحد الشياطين وربما المنافسين، وفي بعض الروايات أحد أبنائه (انظر تفسير ?وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ?)، خاتمه في البحر، وصار يعمل أجيرًا في سوق السمك، منحه صاحب الحانوت سمكةً وعاد بها إلى البيت، فوجد الخاتم في بطن السمكة، فعاد إليه مُلكه وقدرته على تسخير الجن وفهم لغة الحيوانات والطيور، وعرفته زوجاته الثلاثمائة. ولكن لم يكن سليمان ليحصل على الخاتم لو استسلم للأمر الواقع ولم يكلف نفسه عناء العمل ولو في محل للأسماك. ففي الحياة يجب أن تكون صيَّادًا أو بائع سمك أو على الأقل عاملاً في أي مجال لكي تحقق أهدافك.

هذا أيضًا ما حدث مع الراعي في رواية "الخيميائي" لـ"باولو كويلهو" (انظر قصته في خلاصة أو في كتاب "السبب قبل الذهب" على موقع Edara | Home page (http://www.edara.com). لقد باع أغنامه وسافر من إسبانيا إلى الأهرامات عبر الصحراء، باحثًا عن كنزه. وعندما وصل عرف أن الكنز الذي يبحث عنه مدفون في المكان الذي كان ينام فيه في قريته الإسبانية النائية. كان عليه أن يدفع الثمن مُخاطرًا ومسافرًا حتى ينال بُغيته. فلكي نحقق ما نريد، علينا أن ندفع الثمن حقًا، أو – على الأقل – نكون مستعدين لذلك، بالفعل.. لا بالقول. فكما قال له ناصحه الفيلسوف: "عندما تعيش أسطورتك الذاتية، يتآمر العالم لصالحك، فتحقق أهدافك."

معظم قصص النجاح والإبداع لم يكن أصحابها يدركون، أو لم يكونوا متأكدين أنها ستلاقي النجاح الذي بلغته. هم كانوا في عملهم يحاولون وينجِزون حتى لاقت إحدى مبادراتهم إقبالاً كبيرًا جعل منها قصةَ نجاح. فليس الناجحون والمبدعون سوى أناسٍ سلكوا أو حاولوا أن يسيروا نحو ما وعدوا أنفسهم به، ولم يكن النجاح والإبداع سوى لحظة مرت بهم، لأنهم كانوا حيث يجب أن يكونوا أو في المسار الصحيح. فالحظ في قاموس النجاح يعني: "أن تكون في المكان المناسب، في الوقت المناسب، ومعك الأدوات والاستعدادات المناسبة".

النجاح ظاهرًا أو غالبًا هو قرار الجمهور.. هو ما يعتقد الناس أنه عظيم فيقبلون عليه إقبالاً كبيرًا يجعله إبداعًا ناجحًا، ولو عزف الجمهور أو أعرض عن المبادرة، فإن المشروع لا يكون ناجحًا. في عالم الكتابة والنشر على سبيل المثال، يكتب الكُتَّابُ وينشر الناشرون، وهم لا يعرفون ماذا سيكون رد فعل الجمهور. هناك أعمال عظيمة لا تعد ناجحة بمعيار الإقبال الجماهيري، ولا يعرف عنها الناس شيئًا، وبالطبع فإنها تعتبر أعمالاً فاشلة، فالفكرة لا تكون عبقرية وناجحة في الحقيقة ما لم يتقبلها الناس.

والحال أنها لعبة منطقية وصارمة أيضًا؛ فأنت تواصل العمل والمحاولة ولا تدري متى يأتي النجاح، وربما لن يأتي. ولكن من المؤكد أنك إذا لم تعمل لن تنجح، وربما إذا عملت تجد فرصتك وتحقق النجاح. ولكنها لعبة لها جانبها المنفصل عن الواقع عندما ينشأ إقبال أو هوس جماعي ويكون النجاح خاضعًا للتأثير الجمعي، ويفعل الإنسان ما يظن أنه يعجب الاتجاه الجمعي الغالب، وينسجم مع تفكير وتقرير القطيع. وفي المقابل فقد يرى المرء نفسه منسجمًا مع ذاته ولو كان الناس لا يرون ذلك، وتلك قاعدة لها جانبها المخيف أيضًا، فقد يكون المريض نفسيًا أو عقليًا سعيدًا بحاله، والحال أنها مسألة معقدة، أن ينسجم المرء مع ذاته ومع مجتمعه في توازن كامل وشامل في نفس الوقت.

هناك ناجحون حققوا النجاح مرغمين لأن أعمالهم ومشروعاتهم الأولى فشلت، هؤلاء هم العازمون والمثابرون الذين أجبرهم الفشل على تغيير مسارهم، فنجحوا!
بقلم: إبراهيم غرايبة
Edara | Home page (http://www.edara.com)