المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجنائز في الفقه الشافعي


الشيخ محمد الزعبي
19-07-2015, 04:23 AM
فقه العبادات على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
{ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } [ سورة التوبة - 122 ]
(من يرد الله به خير يفقه في الدين ويلهمه رشده ) " متفق عليه "
الباب العاشر : الجنائز
- معناها :
الجنائز بفتح الجيم جمع جنازة وهي بالفتح والكسر اسم للميت في النعش .
ذكر الموت وعيادة المريض وخدمته :
- لئن كان الموت أعظم المصائب فإن الغفلة عنه أعظم من أجل هذا سنت كثرة ذكره .
روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( أكثروا ذكر هاذم اللذات ) يعني الموت . ابن ماجه ج 2 / كتاب الزهد باب 31 / 4258 ، و هاذم : قاطع سمي كذلك لأنه يقطع لذات الدنيا قطعا.
كما يجب الاستعداد له بالتوبة لحديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال : ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في جنازة فجلس على شفير القبر فبكى حتى بل الثرى ثم قال : ( يا إخواني لمثل هذا فأعدوا ) ابن ماجه ج 2 / كتاب الزهد باب 19 / 4195 ، و شفير القبر حرفه .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( أخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم بمنكبي فقال : ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) البخاري ج 5 / كتاب الرقاق باب 3 / 6053 .
والمريض بالاستعداد أولى
ومن السنة عيادة المريض السليم حتى الأرمد لحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : ( عادني رسول الله صلى الله عليه و سلم من وجع كان بعيني ) أبو داود ج 3 / كتاب الجنائز باب 9 / 3102 .
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( حق المسلم على المسلم خمس : رد السلام وعيادة المريض وإتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس ) البخاري ج 1 / كتاب الجنائز باب 2 / 1183 .
كما تسن عيادة الجار المريض ولو كان كافرا.
ويسن تخفيف الزيارة ويدعو له بالعافية إن طمع في حياته .
ومن الأدعية المأثورة ما روت عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان النبي صلى الله عليه و سلم يعوذ بعضهم يمسحه بيمينه : ( أذهب الباس رب الناس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما ) البخاري ج 1 / كتاب الجنائز باب 2 / 1183 .
فإن رأى حياته غير مرجوة رغبه بتوبة ووصية ويستحب لأهل المريض ومن يخدمه الرفق به واحتماله والصبر على ما يشق من أمره وكذلك من قرب موته بسبب حد أو قصاص ويستحب للأجنبي أن يوصيهم بذلك لحديث عمران بن حصين رضي الله عنه : ( أن امرأة من جهينة أتت النبي صلى الله عليه و سلم فقالت إنها زنت وهي حبلى فدعا نبي الله صلى الله عليه و سلم وليا لها فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( أحسن إليها فإذا وضعت فجئ بها . . . ) أبو داود ج 4 / كتاب الحدود باب 25 / 4440 .
ويستحب طلب الموت في بلد شريف لما روي عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر رضي الله عنه قال : ( اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك ) البخاري ج 2 / كتاب فضائل المدينة باب 11 / 1791 .
ويستحب ألا يكره المريض على الدواء وغيره من الطعام.
ويستحب طلب الدعاء من المريض لحديث عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا دخلت على مريض فمره يدعو لك فإن دعاءه كدعاء الملائكة ) ابن ماجه ج 1 / كتاب الجنائز باب 1 / 1441 .
ويستحب وعظ المريض بعد عافيته وتذكيره الوفاء بما عاهد الله تعالى من التوبة وغيرها من ضروب الخير .
وينبغي له هو المحافظة على ذلك قال تعالى : { وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا } الإسراء : 34.

وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .
فقه العبادات على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
{ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } [ سورة التوبة - 122 ]
(من يرد الله به خير يفقه في الدين ويلهمه رشده ) " متفق عليه "

ما يسن للمريض :
- أن يحسن ظنه بالله تعالى بالمغفرة وبقرب التوبة لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول قبل موته بثلاث : ( لا يموت أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله) . أبو داود ج 3 / كتاب الجنائز باب 17 / 3113 .
وتكره له الشكوى إلا لطبيب أو قريب أو صديق إن سألوه عن حاله أخبرهم بالشدة التي هو فيها لا على حالة الجزع .
كما يكره له تمني الموت بلا خوف فتنة في الدين عن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه فإن كان لابد فاعلا فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ) البخاري ج 5 / كتاب المرضى باب 19 / 5347 .
ويسن له التداوي لما روي أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء ) البخاري ج 5 / كتاب الطب باب 1 / 5354 .
كما ينبغي له أن يحرص على تحسين خلقه وأن يجتنب المخاصمة والمنازعة في أمور الدنيا وأن يستحضر في ذهنه أن هذا آخر أوقاته في دار الأعمال فيختمها بخير
وأن يستحل زوجته وأولاده وسائر أهله وغلمانه وجيرانه وأصدقائه وكل من كانت بينه وبينه معاملة أو مصالحة أو تعلق ويرضيهم وأن يتعاهد نفسه بقراءة القرآن والذكر وحكايات الصالحين وأحوالهم عند الموت . وأن يحافظ على الصلوات وغيرها من وظائف الدين وأن يوصي أهله بالصبر عليه وبترك النوح عليه وكثرة البكاء وما جرت عليه العادة من البدع فغي الجنائز وبتعاهده بالدعاء له لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ( أن حفصة بكت على عمر رضي الله عنه فقال : مهلا يا بنية ألم تعلمي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه ) مسلم ج 2 / كتاب الجنائز باب 9 / 16 .
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

فقه العبادات على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
{ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } [ سورة التوبة - 122 ]
(من يرد الله به خير يفقه في الدين ويلهمه رشده ) " متفق عليه "

ما يسن عند الاحتضار :
- يسن إذا حضره الموت أن يضطجع على شقه الأيمن ووجه إلى القبلة فإن تعذر فعلى شقه الأيسر ووجهه للقبلة وإلا فعلى قفاه ووجهه وأخمصاه إلى القبلة ويرفع رأسه بشيء حتى يتوجه إلى القبلة لما روي عن أبي قتادة رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه و سلم حين قدم المدينة سأل عن البراء بن معرور رضي الله عنه فقالوا : توفي وأوصى بثلثه لك يا رسول الله وأوصى أو يوجه إلى القبلة لما احتضر, فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( أصاب الفطرة وقد رددت ثلثه على ولده ) ثم ذهب فصلى عليه وقال : ( اللهم اغفر له وارحمه وأدخله جنتك وقد فعلت ) البيهقي ج 3 / ص 384 .
ويسن أن يجلس أمامه أرفق محارمه به ليلقنه كلمات التوحيد والأفضل أن يكون غير وارث كيلا يتهمه بالطمع في الإرث فيخرج من تلقينه فإن لم يحضره إلا الورثة لقنه أشفقهم عليه يلقنه لا إله إلا الله وذلك بأن يقولها أمامه ليذكره بها لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ) مسلم ج 2 / كتاب الجنائز باب 1 / 1 .
فإن نطقها المحتضر فلا يعيدها الجالس أمامه إلا إن نطق بها ثم تكلم فيعيدها له ليعود إلى قولها فتكون آخر كلامه من الدنيا لما روى معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ) أبو داود ج 3 / كتاب الجنائز باب 20 / 3116 .
ولا يلح عليه ولا يقال له : قل لا إله إلا الله لئلا يضجر فيقول كلاما قبيحا فيأثم .
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

فقه العبادات على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
{ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } [ سورة التوبة - 122 ]
(من يرد الله به خير يفقه في الدين ويلهمه رشده ) " متفق عليه "
ما يسن بعد الوفاة :
- فإذا مات تولى أرفقهم به إغماض عينيه لئلا يقبح منظره ولأن البصر يتبع الروح فينظر أين تذهب لما روت أم سلمة رضي الله عنها قالت : ( دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال : ( إن الروح إذا قبض تبعه البصر . . . ) مسلم ج 2 / كتاب الجنائز باب 4 / 7 .
ويشد لحييه بعصابة عريضة ثم يشد العصابة على رأسه حتى لا ينفتح فمه فيقبح منظره وتدخل إليه الهوام ويلين مفاصله بالتحريك وبدهن إن احتيج إليه لأن ذلك يسهل غسله ولئلا تبقى أعضاؤه جافية فلا يمكن تكفينه.
وينزع عنه ثيابه ويستره بثوب خفيف ويجعله على سرير أو لوح حتى لا تصيبه نداوة الأرض فتغيره ويضع على بطنه شيئا ثقيلا حتى لا ينتفخ لما روى البيهقي قال : ( مات مولى لأنس بن مالك عند مغيب الشمس فقال أنس رضي الله عنه ضعوا على بطنه حديدة ) البيهقي ج 3 / ص 385 .
ثم يستقبل به القبلة ويدعى له ويبادر إلى تبرئة ذمته لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه ) الترمذي ج 3 / كتاب الجنائز باب 76 / 1078 .
ويستحب إعلام أهله وأصدقائه بموته للصلاة عليه ولا يكون ذلك من النعي المكروه
كما يستحب لأقربائه وجيرانه أن يصلحوا طعاما لأهله لما روى عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال : ( لما جاء نعي جعفر قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( اصنعوا لأهل جعفر طعاما فإنه قد جاءهم ما يشغلهم ) الترمذي ج 3 / كتاب الجنائز باب 21 / 998.
ثم يبادر إلى تجهيزه ثم إلى إنفاذ وصيته لما روى علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال له : ( يا علي ثلاث لا تؤخرها : الصلاة إذا أتت والجنازة إذا حضرت والأيم إذا وجدت لها كفؤا )
الترمذي ج 3 / كتاب الجنائز باب 73 / 1075 ، والأيم : من لا زوج لها بكرا أو ثيبا .
فإن مات فجأة وجب تركه حتى يتعين موته بظهور أمارات الموت فيه من ميل أنف وانخفاض صدغ واسترخاء قدم . ولا عبرة برأي الطبيب إن لم تظهر هذه العلامات
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

فقه العبادات على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
{ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } [ سورة التوبة - 122 ]
(من يرد الله به خير يفقه في الدين ويلهمه رشده ) " متفق عليه "
حق الميت على المكلفين :
- يجب على الناس في موتاهم وجوبا كفائيا تجهيز الموتى بحسب أقسام الموتى السبعة الآتية :
- 1 - مسلم غير شهيد : يجب غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه وإن كان سقطا إذا علمت حياته بالاستهلال أو الاختلاج أو التنفس أو التحرك .
فإن مات محرما كان تكفينه غير كامل فلا يغطى رأس المحرم ولا يستر وجه المحرمة لأن الإحرام لا يبطل بالموت فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا لما روى ابن عباس رضي الله عنهما من قوله صلى الله عليه و سلم في المحرم الذي سقط عن راحلته فوقصته : ( اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تمسوه طيبا ولا تخمروا رأسه ولا تحنطوه فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيا ) البخاري ج 2 / كتاب الإحصار وجزاء الصيد باب 31 / 1752 .
- 2 - مسلم شهيد - والشهيد هو من مات في المعركة مع الكفار والمشركين لإعلاء كلمة الله سواء قتله كافر أو مسلم خطأ أو عاد سلاحه إليه أو سقط عن دابته أو نحو ذلك . أما لو مات في قتال البغاة أو مات في المعركة لا بسببها بل بمرض فليس بشهيد - :
يجب تكفينه ودفنه والأولى تكفينه بثيابه الملطخة بالدم فإن لم تكفه وجب إتمامها بما يستر جميع بدنه ويجوز التكفين بغيرها .
أما الثياب التي لا تلبس عادة إلا للحرب مثل الدرع والخف فيندب نزعها عنه كسائر الموتى لما روى ابن عباس رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا في ثيابهم بدمائهم ) ابن ماجه ج 1 / كتاب الجنائز باب 28 / 1515 .
ويحرم غسله لإبقاء أثر الشهادة وهو الدم لما ورد أن رائحته يوم القيامة تكون كرائحة المسك روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( . . . والذي نفس محمد بيده ما من كلم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته حين كلم لونه لون الدم وريحه مسك ) مسلم ج 3 / كتاب الإمارة باب 28 / 103
لكن إن أصابه نجس آخر وجبت إزالته ولو أدى ذلك إلى إزالة دم الشهادة .
كما تحرم الصلاة عليه ولا تصح أما خبر أن الرسول صلى الله عليه و سلم خرج وصلى على قتلى أحد صلاته على الميت ففي تفسيره قولان : أحدهما : أنه من خصوصيات النبي صلى الله عليه و سلم والثاني : أن المراد بصلاته صلى الله عليه و سلم أنه دعا لهم كدعائه للميت وقد تقدم أن الصلاة في اللغة الدعاء .
يعضد هذا التفسير ما ورد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في قتلى أحد : ( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر بدفنهم في دمائهم ولم يصل عليهم ولم يغسلوا ) ابن ماجه ج 1 / كتاب الجنائز باب 28 / 1514 .
- 3 - سقط مسلم بعد التخلق دون أن تظهر فيه بعد وضعه علائم الحياة : يجب غسله وتكفينه ودفنه بلا صلاة عليه .
- 4 - سقط مسلم قبل التخلق : لا يجب فيه شيء بل تحرم الصلاة عليه ويسن ستره بخرقة ودفنه ويجوز طرحه لقطة ونحوها
- 5 - ذمي : يجب تكفينه ودفنه وتحرم الصلاة عليه .
- 6 - الكافر : يجوز غسله ودفنه وإتباع جنازته على الإطلاق ولكن لا تجوز الصلاة عليه ولا الدعاء له بالمغفرة بل هما حرامان مطلقا بنص القرآن والإجماع.
ولو اختلط مسلم وكافر صلى عليهما ويقول في دعائه : اللهم اغفر للمسلم منهما أو يقول على كل واحد منهما : اللهم اغفر له إن كان مسلما .
- 7 - الحربي والمرتد : يجوز لكل منهما الغسل فقط .
ولا حرمة لهما بل يجوز إغراء الكلاب بجيفتهما أما إن تضرر الناس بروائحهما فيجب دفنهما .
وتكون أجرة التجهيز كثمن الماء وأجرة الغسل وثمن الكفن وما إلى ذلك من تركة الميت تخرج منها قبل وفاء الدين وإخراج الوصايا والإرث ولكن بعد الرهن والزكاة المتعلقة بعين النصاب .
أما الزوجة غير الناشزة وخادمها فتلزم مؤنة تجهيز كل منهما على الزوج الموسر ولو كانت غنية ولو بما يرثه منها وإلا فمن تركتها .
فإن لم تكن للميت تركة فمؤنة تجهيزه على من تلزمه نفقته ثم من موقوف على تجهيز الموتى ثم من بيت المال ثم على أغنياء المسلمين
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

فقه العبادات على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
{ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } [ سورة التوبة - 122 ]
(من يرد الله به خير يفقه في الدين ويلهمه رشده ) " متفق عليه "
تغسيل الميت :
- أقل الغسل تعميم بدن الميت بالماء مرة واحدة
وأكمله : أن يغسل في خلوة لا يدخلها إلا الغاسل ومن يعينه - إن احتاج - ولولي الميت - وهو أقرب الورثة - أن يدخل وإن لم يغسل وإن لم يعن .
وأن يلبس الميت قميصا رقيقا لا يمنع وصول الماء لما روت عائشة رضي الله عنها : ( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم غسلوه وعليه قميصه يصبون الماء فوق القميص ويدلكونه بالقميص دون أيديهم )
أبو داود ج 3 / كتاب الجنائز باب 32 / 3141.
ولما روى البيهقي ( أن عليا رضي الله عنه غسل النبي صلى الله عليه و سلم وعلى النبي صلى الله عليه و سلم قميص وبيد علي رضي الله عنه خرقة يتبع بها تحت القميص ) البيهقي ج 3 / ص 388 .
ولأن ذلك أستر له فإن أمكن الغاسل أن يدخل يده في كمه الواسع اكتفى بذلك وإن لم يمكن شقه من الجانبين فإن لم يكن القميص واسعا يمكن تقليبه فيه نزع عنه وطرح عليه مئزر يغطي ما بين سرته وركبتيه .
ويجعل على مرتفع كلوح ويغسل بماء مالح بارد لأن الماء العذب يسرع إليه البلاء ولأن البارد يشد البدن إلا لحاجة كبرد ووسخ فيسخنه قليلا .
وأن يجلسه على المرتفع برفق مائلا قليلا إلى ورائه ويضع يمينه على كافه وإبهامه في نقرة قفاه لئلا يميل رأسه ويسند ظهره بركبته اليمنى ويمر يده اليسرى على بطنه بتحامل يسير مع التكرار ليخرج ما في بطنه من فضلات .
ثم يضجعه على قفاه ويغسل سوأتيه بخرقة ملفوفة على يساره ثم يلقيها ويلف خرقة أخرى على يده بعد غسلها بماء وصابون وينظف بها أسنانه ومنخريه ثم يوضئه كالحي مع النية ثم يغسل رأسه فلحييه بنحو سدر (السدر : نبات كان يستعمل في التنظيف بدل الصابون في عصرنا )
أو صابون ويسرح شعرهما - إن كان لهما شعر وتلبد - بمشط واسع الأسنان برفق ويرد شعرهما ندبا في الكفن أو القبر .
ثم يبدأ بميامنه لحديث أم عطية رضي الله عنها قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في غسل ابنته : ( ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها ) البخاري ج 1 / كتاب الجنائز باب 1197 .
فيغسل شقه الأيمن ثم الأيسر ثم يحرفه إلى شقه الأيسر فيغسل شقه الأيمن مما يلي قفاه ثم يحرفه إلى شقه الأيمن فيغسل الأيسر كذلك مستعينا في ذلك بنحو سدر ثم يزيله بماء من فرق رأسه إلى قدمه .
ثم يعممه كذلك بماء قراح (خالص صاف ) فيه قليل من الكافور حتى لا يتغير الماء .
وهذه الغسلات كلها تعتبر غسلة واحدة لأن العبرة في العدد للغسل بالماء القراح ويسن الغسل ثانية وثالثة أو أكثر إن احتيج على أن يوتر لحديث أم عطية رضي الله عنها في رواية أخرى قالت : ( دخل علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم حين توفيت ابنته فقال : ( اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا ) خالص صاف .
ويندب ألا ينظر الغاسل من غير عورته إلا قدر الحاجة كما يندب ألا يمسه أما عورته فيحرم النظر إليها ومسها فيلف على يده خرقة أو يلبس قفازا ثم يغسل له فرجه وسائر بدنه لحديث علي رضي الله عنه المتقدم . ويندب أن يغطي وجهه بخرقة تزال بعد الغسل
وإذا كان الميت مُحرِماً فلا يقرب منه الطيب لحديث ابن عباس رضي الله عنهما المتقدم في المحرم الذي خر من بعيره ( . . . ولا تمسوه طيبا ) ومحل ذلك إذا توفي قبل التحلل الأول أما إذا توفي بعد التحلل الأول فهو كغيره في طلب الطيب .
ويستحب أن يبخر عند الميت من حين يموت حتى نهاية غسله لأنه ربما ظهر منه شيء فيغلبه رائحة البخور.
ومن تعذر غسله لفقد الماء أو غيره كما لو احترق بحيث لو غسل لهرئ يمم .
- ما يتعلق بالغاسل :
الأولى أن يغسل الرجال الرجل وأن يغسل النساء امرأة .
ويجوز للرجل غسل زوجته غير الرجعية (الزوجة الرجعية : هي المطلقة الطلقة الأولى أو الثانية خلال فترة عدتها )
لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( رجع رسول الله صلى الله عليه و سلم من البقيع فوجدني وأنا أجد صداعا في رأسي وأنا أقول : وارأساه فقال : ( بل أنا يا عائشة وارأساه ) . ثم قال : ( ما ضرك لو مت قبلي فقمت عليك فغسلتك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك )
ابن ماجه ج 1 / كتاب الجنائز باب 9 / 1465 .
ويجوز للزوجة غير الرجعية غسل زوجها .
ولو مات مسلم وكان هناك رجل كافر وامرأة مسلمة غسله الكافر وصلت عليه المرأة المسلمة وإن لم يحضر إلا أجنبي في الميتة أو أجنبية في الميت ييمهها الأجنبي أو تيممه الأجنبية من وراء حائل . بخلاف ما لو كان على بدن أحدهما نجاسة فالأوجه أن يزيلها الأجنبي أو الأجنبية لأن إزالة النجاسة لابد منها بخلاف الغسل .
وأولى الناس بغسل الرجل أولاهم بالصلاة عليه وهم رجال العصبة من النسب (العصبات هم الأب ثم الجد ثم الابن ثم ابن الابن ثم الأخ ثم ابن الأخ ثم العم ثم ابن العم )
ثم الولاء (من أعتقهم من العبيد) ثم الإمام أو نائبه ثم ذوو الأرحام وإن اتحدوا بالدرجة قدم للغسل الأفقه وقدم للصلاة الأسن
وأولى الناس بغسل المرأة قريباتها وأولاهن ذات المحرمية وبعد القريبات ذات الولاء فالأجنبية فالزوج فالرجال المحارم وإلا يممت من قبل الأجنبي .
والصغير الذي لم يبلغ حد الشهوة يغسله الرجال والنساء ومثله الخنثى الكبيرة عند فقد المحرم .
ويسن أن يكون الغاسل أمينا لأنه إن رأى خيرا كاستنارة وجه وطيب رائحة سن ذكره
أو ضده كسواد وتغير رائحة وانقلاب صورة حرم ذكره إلا لمصلحة . لما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم ) . الترمذي ج 3 / كتاب الجنائز باب 34 / 1019 .
وروى أبو رافع رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من غسل ميتا فكتم عليه غفر له أربعين مرة) . البيهقي ج 3 / ص 395 .
وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قوله : ( لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة) مسلم ج 4 / كتاب البر والصلة والآداب باب 21 / 72 .
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

فقه العبادات على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
{ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } سورة التوبة – 122 .
(من يرد الله به خير يفقه في الدين ويلهمه رشده ) " متفق عليه "
تكفين الميت :
- أقل الكفن ثوب يستر بدن الميت ويعمه وهذا هو حق الميت المشوب بحق الله .
أما حق الله فقط فثوب يستر العورة .
ويسن أن يكون كفن الرجل ثلاثة أثواب إزار ولفافتين ولا يكره أن يضاف عليها قميص وعمامة لما روى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : ( لما توفي عبد الله بن أبي جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأعطاه قميصه وأمره أن يكفنه فيه ثم قام يصلي عليه ) البخاري ج 4 / كتاب التفسير / التوبة باب 161 / 4395.
فإن كان في الكفن قميص وعمامة جعل ذلك تحت الأثواب لأن إظهاره زينة وليس الحال حال زينة .
ولكن الأفضل والأكمل الاقتصار على الثلاثة فقط لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها ( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية (سحولية : نسبة إلى مدينة في ناحية اليمن) ليس فيها قميص ولا عمامة ) البخاري : ج 1 / كتاب الجنائز باب 24 / 1214 .
أما المرأة فيسن لكفنها خمسة : إزار ثم قميص ثم خمار ثم لفافتان لما روت ليلى بنت قانف الثقفية رضي الله عنها قالت : ( كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم عند وفاتها فكان أول ما أعطانا رسول الله صلى الله عليه و سلم الحقا ثم الدرع ثم الخمار ثم الملحفة ثم أدرجت بعد في الثوب الآخر . قالت : ورسول الله صلى الله عليه و سلم جالس عند الباب معه كفنها يناولناها ثوبا ثوبا ) أبو داود : ج 3 / كتاب الجنائز باب 36 / 3157 .
والحقا : الإزار . والدرع : القميص . والملحفة : الملاءة التي تتغطى بها المرأة .

وتصبح اللفائف الثلاثة واجبة إن كان ثمن الكفن من مال الميت ولم يكن محجورا عليه بإفلاس وليس عليه دين مستغرق ولو كان في الورثة من هو محجور عليه بإفلاس ولو لم تسمح الورثة إلا بثوب .
إلا إذا كان الميت أوصى أن تكون واحدة فعندئذ يسقط الثوبان الثاني والثالث تنفيذا للوصية .
و يجب ثوب واحد يستر البدن إلا رأس المحرم ووجه المحرمة إذا كان ثمن الكفن من مال من عليه نفقته أو من بيت المال أو من الموقوف على تجهيز الموتى أو من أغنياء المسلمين .
وإذا كان الميت محجورا عليه بالإفلاس فالكفن الواجب عندئذ هو الذي يسمح به الغرماء بشرط ألا يقل عن ثوب يستر جميع البدن أما إذا لم يسمحوا إلا بثوب واحد يستر العورة فقط فلا يجابون وإن أنفقوا مع الورثة على جعل الكفن ثلاث لفائف جاز ذلك.
ويستحب تحسين الكفن لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه ) مسلم ج 2 / كتاب الجنائز باب 15 / 49.
والمراد بتحسينه بياضه لما روى أبو المهلب سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( البسوا من ثيابكم البياض فإنها أطهر وأطيب وكفنوا فيها موتاكم ) النسائي : ج 4 / ص 34 .
فيكره أن يكون في الكفن شيء غير البياض نحو عصفر فوق رأسه أو أسفل قدميه .
والمراد بتحسينه كذلك : نظافته وسوغه وكثافته لا كونه ثمينا لما روى علي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( لا تغالوا في الكفن فإنه يسلبه سلبا سريعا ) أبو داود : ج 3 / كتاب الجنائز باب 35 / 3154.
ويستحب تبخير الكفن إلا في حق المحرم والمحرمة وصفة ذلك أن يجعل الكفن على عود وغيره ثم يبخر كما تبخر ثياب الحي حتى تعبق بها رائحة الطيب .
ويجوز تكفين كل إنسان فيما يجوز لبسه له في الحياة فيحرم تكفين الرجل بالحرير
ويجوز تكفين المرأة به وإن كره لأن فيه سرفا ويشبه إضاعة المال بخلاف اللبس في الحياة فإنه تجمل للزوج .
والأفضل أن تكون أثواب التكفين قطنية.
ويسن أن يكون الكفن غسيلا لا جديدا لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : " نظر أبو بكر رضي الله عنه إلى ثوب كان يمرض فيه به ردع من زعفران فقال : اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيها قلت : إن هذا خلق قال : إن الحي أحق بالجديد من الميت إنما هو للمهلة ". ولأنه للصديد . البخاري : ج 1 / كتاب الجنائز باب 92 / 1321 ، وردع من زعفران : لطخ لم يعمه كله . والمهلة : دم الميت وصديده.
كما يسن أن تبسط أحسن اللفائف وأوسعها أولا ويذر عليها حنوط ثم الثانية ثم الثالثة التي تلي الميت ويذر على كل منهما حنوط وكافور ثم يحمل الميت إلى الأكفان مستورا ويترك على الكفن مستلقيا على ظهره ويؤخذ قطن فيجعل فيه الحنوط والكافور ويجعل بعضه بين ألييه ويشد عليه بخرقة كما يشد التبان (سراويل قصيرة صغيرة بلا تكة ) وبعضه على منافذ البدن كالفم والمنخرين والعينين والأذنين وعلى خراج (القرحة في الجسد ) نافذ إن كان ليخفي ما يظهر من رائحته ودفعا للهوام عن هذه المنافذ ويجعل بعضه كذلك على مواضع السجود لما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : " الكافور يوضع على مواضع السجود " البيهقي : ج 3 / ص 405.
ولأن هذه المواضع شرفت بالسجود فخصت بالطيب .
ثم يلف عليه الثوب الذي يليه فيضم منه شقه الأيسر على شقه الأيمن ثم الأيمن على الأيسر ثم يلف الثاني كذلك ثم الثالث كذلك ثم تربط الأكفان - ما لم يكن محرما - ثم تحل في القبر
ويكره اتخاذ الكفن إلا من حل أو من أثر صالح وللوارث إبداله فلا يجب عليه تكفينه فيه لأنه ينتقل إليه بالموت .
وتحرم كتابة شيء من القرآن على الكفن صيانة له عن صديد الموتى وكذلك كل اسم معظم .
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

فقه العبادات على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
{ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } [ سورة التوبة - 122 ]
(من يرد الله به خير يفقه في الدين ويلهمه رشده ) " متفق عليه "
الصلاة على الميت :
- حكمها :
تجب الصلاة على الميت وجوبا كفائيا كما قدمنا .
ولو لم يوجد إلا بعض الميت من رأس أو رجل صلي عليه .
ولا يسقط فرضها بصلاة النساء ما وجد ذكرا ولو صبيا - إن كان مميزا - فإن لم يصل أمرنه بالصلاة .
أما في حال عدم وجود ذكران ولو صبية فيسقط الفرض بصلاة النساء فرادى فإن صلين جماعة فلا بأس سواء كان الميت رجلا أو امرأة
- شروط صحتها :
تقديم غسل الميت أو تيممه - عند العجز عن الغسل - على الصلاة ويصح تأخير تكفينه عنها مع الكراهة.
ويشترط فيها إضافة لما ذكر ما يشترط في كل صلاة من طهارة وستر عورة واستقبال القبلة
- أركانها :
- 1 - النية ويجب فيها ما يجب في نية سائر الفرائض القصد والتعيين ونية الفرض بأن يقصد معنى قوله : أصلي فرض كفاية صلاة الجنازة على هذا الميت أو على من صلى عليه الإمام ولا يجب تعيين الميت الحاضر .
وتصح الصلاة ولو اختلفت نية الإمام عن نية المأموم فلو نوى الإمام الصلاة على ميت حاضر أو غائب ونوى المأموم على غيره صحت الصلاة .
- 2 - القيام للقادر .
- 3 - أربع تكبيرات بما فيها تكبيرة الإحرام لما روي عن جابر رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى على أصحمة النجاشي فكبر أربعا ) البخاري ج 1 / كتاب الجنائز باب 63 / 1269 .
وروى حميد قال : ( صلى بنا أنس رضي الله عنه فكبر ثلاثا ثم سلم فقيل له فاستقبل القبلة ثم كبر الرابعة ثم سلم )
- 4 - قراءة الفاتحة أو بدلها عند العجز عنها لعموم قوله صلى الله عليه و سلم : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) البخاري ج 1 / كتاب الجنائز باب 63.
- 5 - الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم بعد التكبيرة الثانية لأنها صلاة فوجب فيها الصلاة عليه صلى الله عليه و سلم كسائر الصلوات ولا تجزئ بعد غير الثانية للإتباع وأقلها : اللهم صل على محمد .
- 6 - تخصيص الميت بالدعاء ولا يكفي الدعاء للمؤمنين والمؤمنات لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء ) أبو داود ج 3 / كتاب الجنائز باب 60 / 3199 .
ويتعين كون الدعاء بعد التكبيرة الثالثة وأقله ما يقع عليه اسم الدعاء
ويكفي في الطفل الدعاء لوالديه لحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : ( . والسقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة )
أبو داود ج 3 / كتاب الجنائز باب 49 / 3180 ، قال أبو داود : وأحسب أن أهل زياد - أحد رجال السند - أخبروني أنه أي المغيرة رفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم .
- 7 - التسليمة الأولى بحسب كيفيتها في سائر الصلوات . لما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ( ثلاث خلال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يفعلهن تركهن الناس : إحداهن التسليم على الجنازة مثل التسليم في الصلاة . . . ) البيهقي ج 4 / ص 43 .
- سننها :
- 1 - أن تكون الصلاة في المسجد لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( ما صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم على سهيل بن البيضاء إلا في المسجد ) مسلم ج 2 / كتاب الجنائز باب 34 / 99 .
- 2 - أن تصلى جماعة وبثلاثة صفوف فأكثر لما روي مالك بن هبيرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب ) ( 2 ) .
وكلما كثر الجمع كان أفضل . لحديث ابن هبيرة رضي الله عنه المتقدم ولحديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( ما من ميت تصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه ) مسلم ج 2 / كتاب الجنائز باب 18 / 58 .
- 3 - أن يقف الإمام عند رأس الميت إن كان رجلا وعند عجيزته إن كان امرأة وأن تكون معظم الجنازة عن يمين الإمام لما روي عن غالب قال : ( صليت مع أنس بن مالك على جنازة رجل فقام حيال رأسه ثم جاؤوا بجنازة امرأة من قريش فقالوا يا أبا حمزة صل عليها فقام حيال وسط السرير فقال له العلاء بن زياد : هكذا رأيت النبي صلى الله عليه و سلم قام صل عليها فقام حيال وسط السرير فقال له العلاء بن زياد : هكذا رأيت النبي صلى الله عليه و سلم قام على الجنازة مقامك منها ومن الرجل مقامك منه ؟ قال : نعم . فلما فرغ قال : احفظوا الترمذي ج 3 / كتاب الجنائز باب 45 / 1034.
- 4 - رفع اليدين عند كل تكبيرة حذو المنكبين ثم يجمعهما عقب ذلك ويجعلهما تحت صدره واضعا اليمنى على اليسرى كما في سائر الصلوات .
- 5 - إيقاع قراءة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى
- 6 - أن تكون الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم بصيغة الإبراهيمية .
- 7 - أن يدعو قبل دعائه للميت بما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : ( صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم على جنازة فقال :
( اللهم اغفر لحينا وميتنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا وشاهدنا وغائبنا اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده ) أبو داود ج 3 / كتاب الجنائز باب 60 / 3201 .
ويسن أن يكون الدعاء بما جاء في الأحاديث الشريفة ومنها حديث عوف بن مالك رضي الله عنه قال : ( سمعت النبي صلى الله عليه و سلم - وصلى على جنازة - يقول : ( اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وعافه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بماء وثلج وبرد وثقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزجا خيرا من زوجه وقه فتنة القبر وعذاب النار ) مسلم ج 2 / كتاب الجنائز باب 26 / 86.
وأكمله ما التقطه الشافعي رضي الله عنه من مجموع الأحاديث الواردة ورتبه واستحبه وهو : ( اللهم هذا عبدك وابن عبدك خرج من روح الدنيا وسعتها ومحبوبه وأحباؤه فيها إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه كان يشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به منا اللهم نزل بك وأنت خير منزول به وأصبح فقيرا إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه ولقه برحمتك رضاك وقه فتنة القبر وعذابه وأفسح له في قبره وجاف الأرض عن جنبيه ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ) المجموع ج 5 / ص 196.
ويسن في جنازة الطفل أن يدعو الدعاء الوارد عنه صلى الله عليه و سلم من رواية أبي هريرة رضي الله عنه والذي تقدم : ( اللهم اغفر لحينا وميتنا . . . ) . ثم يدعو لوالديه بالدعاء التالي :
( اللهم اجعله فرطا (فرطا : أي أجرا يتقدمهما أو سابقا مهيئا لمصالحهما في الآخرة ) لأبويه وسلفا (سلفا : ثمنا للأجر والثواب الذي يجازى على الصبر عليه ) وذخرا وعظة واعتبارا وشفيعا وثقل به موازينهما وأفرغ الصبر على قلوبهما ولا تفتنهما بعده ولا تحرمهما أجره (المجموع ج 5 / ص 196)
وذلك إن كان الوالدان حيين مسلمين .
- 8 - الدعاء بعد التكبيرة الرابعة بقوله : ( اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله ) المجموع ج 5 / ص 197 .
- 9 - التسليمة الثانية .
- بناء على ما تقدم تكون الكيفية الفضلى للصلاة كالتالي :
- 1 - يقرن النية مع تكبيرة الإحرام
- 2 - يقرأ الفاتحة سرا بعد التكبيرة الأولى والتعوذ دون دعاء الافتتاح ويؤمن بعدها ندبا .
- 3 - ثم يكبر الثانية ويصلي بعدها على النبي صلى الله عليه و سلم .
- 4 - ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت بعدها
- 5 - ثم يكبر الرابعة ويدعو
- 6 - يسلم بعد التكبيرة الرابعة
تنبيهان خاصان بالمأموم :
الأول : إذا تخلف المأموم عن الإمام بتكبيرة إلى أن شرع في الثانية بدون عذر بطلت صلاته لأن كل تكبيرة تقوم مقام ركعة .
والتقدم كالتخلف .
الثاني : إذا أدرك المقتدي الإمام بعد غير التكبيرة الأولى مشى على ترتيب صلاة نفسه ثم بعد سلام الإمام يأتي بما بقي عليه من التكبيرات وأذكارها .

- أولى الناس بالصلاة على الميت :
أولى الناس بالصلاة على الميت عصباته ثم الولاء ثم الإمام أو نائبه ثم ذوو الأرحام لأن القصد من الصلاة الدعاء للميت ودعاء هؤلاء على الترتيب الذي ذكرنا أرجى للإجابة
- تعقيبات :
- 1 - تصح الصلاة على الغائب لما صح أنه صلى الله عليه و سلم صلى على النجاشي بالمدينة يوم موته بالحبشة عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إن أخا لكم قد مات فقوموا فصلوا عليه ) يعني النجاشي مسلم ج 2 / كتاب الجنائز باب 22 / 67 .
- 2 - تصح الصلاة على المدفون ممن كان من أهل فرض الصلاة عليه يوم الموت وحال بينه وبين الصلاة عليه حائل .
لما روي عن ابن نمير قال : ( انتهى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى قبر رطب فصلى عليه وصفوا خلفه وكبر أربعا ) مسلم ج 2 / كتاب الجنائز باب 23 / 68 .
- 3 - تجوز الصلاة على الميت أكثر من مرة كأن يصلي عليه وهو في المسجد ويصلي عليه بعد الدفن
وكذا يجوز للنساء أن يصلين على الميت قبل صلاة الرجال عليه في المسجد لما روي عن عائشة رضي الله عنها ( أنها لما توفي سعد بن أبي وقاص أرسل أزواج النبي صلى الله عليه و سلم أن يمروا بجنازته في المسجد فيصلين عليه ففعلوا فوقف به على حجرهن يصلين عليه ) مسلم ج 2 / كتاب الجنائز باب 34 / 100 .
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

فقه العبادات على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
{ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } [ سورة التوبة - 122 ]
(من يرد الله به خير يفقه في الدين ويلهمه رشده ) " متفق عليه "

حمل الجنازة :
- هو فرض كفاية وليس فيه دناءة ولا سقوط مروءة بل هو برٌ وطاعةٌ وإكرامٌ للميتِ فَعَلَهُ الصحابةُ والصالحون رضي الله عنهم أجمعين . ويحمل الجنازة الرجال دون النساء لما روي عن أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت قدموني وإن كانت غير صالحة قالت : يا ويلها أين يذهبون بها ؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعه صعق) البخاري ج 1 / كتاب الجنائز باب 49 / 1251.
والأفضل أن يحمل الجنازة خمسة ويحرم حملها على هيئة مزرية كحمله في قفة وغراره كما يحرم حملها على هيئة يخاف منها سقوطه ويسن الإسراع بها لما روى أبو هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها وإن يك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم " البخاري ج ا / كتاب الجنائز باب 50 / 1252.

اتباع الجنازة :
- يستحب اتباع الجنازة وعدم الانصراف حتى يدفن لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى
تدفن فله قيراطان قيل وما القيراطان ؟ قال : مثل الجبلين العظيمين " مسلم ج 2 / كتاب الجنائز باب 17 / 52 .
ويسن المشي أمامها قريبا منها على أنه يجوز له المشي حيث شاء قريبا منها لحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه المتقدم بعضه وفيه : " الراكب يسير خلف الجنازة والماشي يمشي خلفها وأمامها وعن يمينها وعن يسارها قريبا منها " أبو داود ج 3 / كتاب الجنائز باب 49 / 3180.
وروى سالم عن أبيه رضي الله عنهما قال " رأيت النبي صلى الله عليه و سلم وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة " الترمذي ج 3 / كتاب الجنائز باب 26 / 1007 .
ولأنه شفيع الميت والشفيع يتقدم المشفوع .
ويكره اللغط فيها واتباعها بنائحة أو نار لما روي عن عمرو بن العاص رضى الله عنه أنه قال وهو في سياقة الموت: " . . . فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار . . . "
مسلم ج ا / كتاب الإيمان باب 54 / .192
كما يكره اتباع النساء للجنازة لما روت أم عطية رضى الله عنها قالت : " نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا " البخاري ج ا / كتاب الجنائز باب 29 / 1219 ، ولم يعزم علينا : أي ولم يؤكد علينا في المنع كما أكد علينا في غيره من المنهيات .
ويكره الركوب في الذهاب معها إلا لعذر فإن ركب في الانصراف لم يكن به بأس لما روى جابر بن سمرة رضى الله عنه " أن النبي صلى الله عليه و سلم اتبع جنازة أبي الدحداح رضي الله عنه ماشيا ورجع على فرس " الترمذي ج 3 / كتاب الجنائز باب 29 / 1014 .
ولا يكره للمسلم اتباع جنازة قريبه الكافر لما روى عن علي رضي الله عنه قال : " قلت للنبي صلى الله عليه و سلم : إن عمك الشيخ الضال قد مات . قال : " اذهب فوارِ أباك " أبو داود ج 3 / كتاب الجنائز باب 70 / 3214.
ويستحب لمن مرت به جنازة أن يقول : سبحان الله الذي لا يموت أو سبحان الملك القدوس وأن يدعو لها ويثني عليها إن كانت أهلا لذلك .
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

فقه العبادات على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
{ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } [ سورة التوبة - 122 ]
(من يرد الله به خير يفقه في الدين ويلهمه رشده ) " متفق عليه "

دفن الميت :
- هو فرض على الكفاية كما قدمنا لأن في تركه على وجه الأرض هتكا لحرمته وأذى للناس برائحته .
ويتولاه الرجال لأنه يحتاج إلى بطش وقوة وأولاهم بذلك أولاهم بالصلاة عليه إلا المرأة فالأولى بدفنها زوجها ثم أحد محارمها
- الواجب في الدفن :
الواجب فيه أن يوضع الميت في القبر مستقبلا القبلة ولا يجزئ وضعه على وجه الأرض والبناء عليه إلا إذا تعذر الحفر.
أما إذا توفي في السفينة بعيدا عن الساحل فيشد بين لوحين لئلا ينتفخ ويلقى في البحر بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه
- شروط القبر :
أقل القبر حفرة تكتم رائحة الميت وتحرسه من السباع .
وأكمله حفرة بعمق قامة وبسطة لما روي أن عمر رضي الله عنه أوصى أن يعمق قامة وبسطة .
المجموع ج 5 / ص 248 ، ومعنى قامة وبسطة : أن يعمق قدرهما من رجل معتدلهما بأن يقوم فيه باسطا يديه مرفوعتين.
ولحديث هشام بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لهم يوم أحد : " احفروا وأعمقوا وأحسنوا " وفي رواية " و أوسعوا " (النسائي ج 4 / ص ا 8 )
- ما يسن في الدفن :
- 1 - أن يكون الدفن في المقبرة لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يدفن الموتى بالبقيع ولأنه يكثر الدعاء له ممن يزوره
ويجوز الدفن في البيت لأن النبي صلى الله عليه و سلم دفن في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها .
- 2 - يستحب أن يجمع الأقارب في موضع واحد لما روى المطلب رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه و سلم ترك عند رأس عثمان بن مظعون صخرة وقال : " أتعلم قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي " أبو داود ج 3 / كتاب الجنائز باب 63 / 320 .
- 3 - أن يكون في غير الليل . وفي غير وقت حرمة الصلاة إلا أنه يجوز الدفن في هذين الوقتين من غير كراهة .
ودليل عدم كراهته في الليل حديث ابن عباس رضى الله عنهما " أن رسول صلى الله عليه و سلم مر بقبر قد دفن ليلا فقال : " متى دفن هذا ؟ " قالوا : البارحة . قال : " أفلا آذنتموني ؟ " قالوا : دفناه في ظلمة الليل فكرهنا أن نوقظك .
فقام فصففنا خلفه قال ابن عباس : وأنا فيهم فصلى عليه "
البخاري ج ا / كتاب الجنائز باب 54 / 1258 ، وآذنتموني : أعلمتموني .
- 4 - أن يكون الدافنون رجالا لأن المرأة أضعف ولئلا ينكشف بدنها حين الدفن وأن يكونوا وترا فإن حصلت الكفاية بواحد وإلا ثلاثة وإلا فخمسة إن أمكن واحتيج إليه.
- 5 - يسن الدفن باللحد إذا كانت الأرض صلبة وفي الشق إذا كانت رخوة لئلا ينهار عليه اللحد .
روى مسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال في مرضه الذي هلك فيه : " ألحدوا لي لحدا وانصبوا على اللبن نصبا كما صنع برسول الله صلى الله عليه و سلم " مسلم ج 2 / كتاب الجنائز باب 29 / 90 .
والشق هو ما يحفر في قعر القبر كالنهر وتوضع بلاطة فوقه
واللحد هو حفرة في الجدار القبلي للقبر من الأسفل بقدر حجم الميت .
فبعد أن يحفر القبر ويعمق بقدر قامة وبسطة يحفر
في جانبه اللحد .
ثم يسد اللحد بعد وضع الميت بلبنة ثم ينهال عليه التراب إلى أن يملأ القامة والبسطة .
- 6 - أن يستر القبر عند الدفن بثوب سواء كان المدفون رجلا أو امرأة لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال : " جلل رسول الله صلى الله عليه و سلم قبر سعد بثوبه " البيهقي ج 4 / ص 54 .
- 7 - أن يوضع رأس الميت عند رجل القبر ثم يسل فيه سلا لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " سل رسول الله صلى الله عليه و سلم من قبل رأسه " البيهقي ج 4 / ص 54 .
ولأن ذلك أسهل .
- 8 - أن يفضى بخده إلى الأرض ويكره أن يجعل له وسادة أو صندوق ولو أوصى بذلك إلا إذا احتيج إليه لنداوة الأرض
روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : " إذا أنزلتموني في اللحد فأفضوا بخدي إلى الأرض "
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : " لا تجعلوا بيني وبين الأرض شيئا " ( 10 )
- 9 - يسن أن يسند وجه الميت ورجلاه عند الدفن إلى جدار القبر وظهره بنحو لبنة أو حجر لئلا ينكب على وجهه . وأن يوضع على شقه الأيمن قياسا على النائم وعلى المصلى مضطجعا وقد تقدم قوله صلى الله عليه و سلم للبراء بن عازب رضي الله عنه : " إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن "
- 10 - ويسن أن يقول عند إضجاع الميت : " بسم الله على ملة رسول الله " . قال الشافعي رضي الله عنه ثم يقول : " اللهم أسلمه إليك الأشحاء من ولده وأهله وقرابته وإخوانه وفارق من كان يحب قربه وخرج من سعة الدنيا والحياة إلى ظلمة القبر وضيقه ونزل بك وأنت خير منزول به إن عاقبته فبذنب وإن عفوت فأهل العفو أنت غني عن عذابه وهو فقير إلى رحمتك اللهم اشكر حسنته واغفر سيئته وأعذه من عذاب القبر واجمع له برحمتك الأمن من عذابه واكفه كل هول دون الجنة اللهم اخلفه في تركته في الغابرين وارفعه في عليين وعد عليه برحمتك يا أرحم الراحمين " وله أن يدعو بغيره إن شاء
- 11 - ويسن لكل من على القبر أن يحثو عليه ثلاث حثيات تراب بيديه جميعا روى عامر ابن ربيعة عن أبيه قال : " رأيت النبي صلى الله عليه و سلم حين دفن عثمان بن مظعون رضي الله عنه فصلى عليه وكبر عليه أربعا وحثا بيديه ثلاث حثيات من التراب وهو قائم على القبر " المجموع .
- 12 - ويسن ألا يزاد على التراب الذي أخرج من القبر فإن زادوا قليلا فلا بأس به .
ويشخص القبر من الأرض قدر شبر لما روى القاسم بن محمد قال : " دخلت على عائشة فقلت : يا أمه اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه و سلم وصاحبيه رضي الله عنهما فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء " البيهقي ج 3 / ص 410 ، وقال إسناده ضعيف إلا أن له شاهدا .
- 13 - كما يسن أن يسطح القبر ويوضع عليه الحصى ويرش عليه بالماء لأنه صلى الله عليه و سلم فعل ذلك في قبر ابنه إبراهيم .
ولأنه إذا لم يرش زال أثره فلا يعرف
- 14 - يسن أن يقف جماعة بعد دفنه يدعون للميت ويستغفرون له ويقرؤون عنده شيئا من القرآن وختمه أفضل .
ويسألون الله له التثبيت لما روى عثمان رضي الله عنه قال : " وكان النبي صلى الله عليه و سلم إذا فرغ من دفن الميت ووقف عليه قال : " استغفروا لميتكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل " البيهقي ج 4 / ص 56 .
كما يسن تلقينه لما روى سعيد بن عبد الله الأودي قال : " شهدت أبا أمامة رضي الله عنه وهو في النزع فقال : إذا أنا مت فاصنعوا في كما أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : " إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره فليقم أحد على رأس قبره ثم ليقل : يا فلان ابن فلانة فإنه يسمعه ولا يجيب ثم يقول : يا فلان بن فلانة فإنه يستوي قاعدا ثم يقول يا فلان بن فلانة فإنه يقول : أرشدنا رحمك الله ولكن لا تشعرون . فليقل ؟ اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقران إماما " (رواه الطبراني مجمع الزوائد ج 3 / ص 45 )
- 15 - يسن وضع الجريد الأخضر والريحان على القبر لأنه يستغفر للميت ما دام رطبا .

- ما يكره في الدفن :
يكره أن يجصص القبر وأن يبنى عليه وأن يكتب عليه لما روى جابر رضي الله عنه قال : " نهى النبي صلى الله عليه و سلم أن تجصص القبور وأن يكتب عليها وأن يبنى عليها وأن توطأ " (الترمذي ج 3 / كتاب الجنائز باب 58 / 1052 ) ولأن ذلك من الزينة
- ما يحرم في الدفن :
- لا يجوز أن يدفن ميت في موضع ميت إلا أن يعلم أنه قد بلى ولم يبق منه شيء ويرجع فيه إلى أهل الخبرة بتلك الأرض كما لا يجوز أن يدفن اثنان في قبر لأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يدفن في كل قبر إلا واحدا فإن دعت الضرورة إلى ذلك جاز لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يجمع الاثنين من قتلى أحد في ثوب واحد روى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد "
(البخاري ج ا / كتاب الجنائز باب 72 / 1280)
وإن دعت الضرورة أن يدفن مع امرأة رجل جعل بينهما حائل من التراب وجعل الرجل أمامها اعتبارا بحال الحياة وإن كان لها ابنا
- كذلك لا يجوز أن يدفن كافر في مقبرة المسلمين ولا مسلم في مقبرة الكفار
- كما لا يجوز نبش القبر قبل البلى .
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

فقه العبادات على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
{ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } [ سورة التوبة - 122 ]
(من يرد الله به خير يفقه في الدين ويلهمه رشده ) " متفق عليه "
زيارة القبور :
- تسن زيارة القبور للرجال لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : " زار النبي صلى الله عليه و سلم قبر أمه . . . وفيه قوله صلى الله عليه و سلم : ( فزوروا القبور فإنها تذكر الموت ) " مسلم ج 2 / كتاب الجنائز باب 36 / 108 .
وتكره للنساء تنزيها لقلة صبرهن والدليل على عدم حرمتها عليهن ما روي عن أنس رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه و سلم مر بامرأة تبكي عند قبر فقال : ( اتقي الله واصبري ) " (البخاري ج 1 / كتاب الجنائز باب 23 / 1223 ) فلم ينهها عن الزيارة .
لكن إن كان في خروجهن إلى القبور فتنة فتحرم عليهن الزيارة وعليه حمل حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : " لعن رسول صلى الله عليه و سلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج " (أبو داود ج 3 / كتاب الجنائز باب 82 / 3236 ) .
ويستثنى من ذلك قبر الرسول صلى الله عليه و سلم فتندب لهن زيارته وكذا قبور سائر الأنبياء والأولياء.
ويندب أن يقول الزائر ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلمهم قوله إذا خرجوا إلى المقابر فيما رواه بريدة رضي الله عنه : ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله للاحقون أسأل الله لنا ولكم العافية ). مسلم ج 2 / كتاب الجنائز باب 35 / 104 .
وله أن يزيد : اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم . كما يندب له أن يقرأ ما تيسر من القرآن كسورة يس ويدعو له ولجميع أهل المقبرة يتصدق على روحه ويسن أن يقترب من قبر المزور بقدر ما كان يدنو من صاحبه لو كان حيا وزاره وأن يسلم عليه من قبل رأسه
ويكره تقبيل القبر واستلامه وتقبيل التابوت واستلامه لأن ذلك عادة النصارى وفيه تعظيم للقبر وقد صح النهي عن تعظيم القبور .
ويكره الجلوس على القبر ووطؤه إلا لضرورة والاتكاء عليه لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر " مسلم ج 2 / كتاب الجنائز باب 33 / 96
كما يكره المبيت في المقبرة لما فيها من الوحشة
التعزية :
- التعزية لغة : التصبير لمن أصيب بمن يعز عليه
حكمها : هي سنة لما روى أسامة بن زيد رضي الله عنه كما قال : " أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه و سلم إليه أن ابنا لي قبض فائتنا فأرسل يقرئ السلام ويقول : ( إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب ) " البخاري ج 1 / كتاب الجنائز باب 32 / 1224.
ويستحب أن يعزي جميع أقارب الميت أهله الكبار والصغار الرجال والنساء إلا أن تكون المرأة شابة فلا يعزيها إلا محارمها وتعزية الصلحاء والضعفاء عن احتمال المصيبة والصبيان آكد
صيغتها : يستحب أن يعزي بتعزية الخضر عليه السلام أهل بيت رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو أن يقول : " إن في الله سبحانه وتعالى عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل فائت فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثواب " المجموع ج 5 / ص 273 .
ويستحب أن يجمع بين الدعاء للميت والمعزى به والمشهور تقديم الدعاء للمعزى فيقول : أعظم الله أجرك وأحسن عزاك وغفر لميتك
فإن عزى مسلما بكافر قال : أعظم الله أجرك وأحسن عزاك
وإن عزى كافرا بمسلم قال : أحسن الله عزاك وغفر لميتك
وإن عزى كافرا بكافر قال : أخلف الله عليك ولا نقص عددك المجموع ج 5 / ص 273.
وقتها : من حين الموت إلى حين الدفن وبعد الدفن بثلاثة أيام . وتكره بعدها إلا إذا كان المعزي أو المعزى غائبا فلم يحضر إلا بعد ثلاثة أيام فإنه يعزيه وعلة كراهتها بعد ثلاثة أيام أن المقصود منها تسكين قلب المصاب والغالب سكونه بعد الثلاثة فلا يجدد له الحزن . وهى بعد الدفن أفضل منها قبله لانشغال الأهل قبل الدفن بتجهيز ميتهم ولأن وحشتهم بعد دفنه لفراقه أكثر
أما الجلوس للتعزية بأن يجتمع أهل الميت فيقصدهم من أراد التعزية فمكروه وينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم فمن صادفهم عزاهم ولا فرق في كراهة الجلوس لها بين الرجال والنساء . قال الشافعي رحمه الله : وأكره المآتم وهي الجماعة وإن لم يكن لهم بكاء المجموع ج 5 / ص 276.
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .

فقه العبادات على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
{ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } [ سورة التوبة - 122 ]
(من يرد الله به خير يفقه في الدين ويلهمه رشده ) " متفق عليه "
البكاء على الميت :
- هو جائز من غير ندب ولا نياحة(الندب : تعديد محاسن الميت مع البكاء كقولهم : واجبلاه واسنداه واكريماه . والنياحة : رفع الصوت بالندب )
روي عن عبد الله بن عمر رصي الله عنهما قال : " اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه النبي صلى الله عليه و سلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد ابن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم فلما دخل عليه فوجده في غاشية أهله فقال : ( قد قضى ؟ ) . قالوا : لا يا رسول الله فبكى النبي صلى الله عليه و سلم فلما رأى القوم بكاء النبي صلى الله عليه و سلم بكوا فقال : ( ألا تسمعون إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحم وإن الميت بعذب ببكاء أهله عليه ) "
البخاري ج ا / كتاب الجنائز باب 43 / 1243 ،
وقوله : الميت يعذب ببكاء أهله عليه : يقصد بذلك البكاء مع النوح ورفع الصوت وتعداد أوصافه هذا إذا أوصى بذلك أو كان يرضى به وهو جائز قبل الموت وبعده
ولا يجوز لطم الخدود ولا شق الجيوب ولا رفع الصوت بإفراط وما إلى ذلك من خمش الوجه ونشر الشعر والدعاء بالويل
لما روى عبد الله بن مسعود رض الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية) . البخاري ج ا / كتاب الجنائز باب 34 / 1232.
هذا إذا كان مختارا فإن كان مغلوبا لم يؤاخذ به لأنه غير مكلف
وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين .