المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا ترجعوا بعدي كفارا..!


المراقب العام
06-09-2015, 01:38 PM
http://i39.servimg.com/u/f39/14/26/64/84/untitl10.gif



أي تفعلون فعل الكفار فيقتل بعضكم بعضا...! ويلتهم القوي الضعيف، ويفترس الغني الفقير....!

حيث لا منهج يعصمهم، ولا دين يردعهم، يتهارشون على الدنيا، ويتنازعون على السلطة، ويأكل بعضهم بعضا..! قد جف الخوف من قلوبهم، وعزت عليهم التقوى، وما آمنوا بحساب ولا جزاء...! كما قيل :
لا يسألون أخاهم حين يندبهم// في النائبات على ما قال برهانا. ..

وكأن الاستئصال المذهبي والأيدولوجي، ليس من سيما أهل الإسلام، الذين عرفوا القرآن، واهتدوا بهداياته، واستناروا بمواعظه، وهو كذلك. (( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ))..سورة المائدة . ولكن تلاعب الشيطان ببعضهم، وتعلقهم بالدنيا ومفاتنها يزين مثل ذلك..!
وهذا الكتاب المبين، قد بان سبيله، وحرم القتل، ونهى عن النزاع ودعا إلى التحاكم، ونبذ الجاهلية، والإصغاء للحق والحكمة....
ومن المؤسف أن البلاد العربية والإسلامية باتت مرتعا للدماء واستحلال القتل، ورفض التعايش ، وقد صح قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين (( لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض )) .
وفي القرآن (( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها.....سورة النساء .
وليس ثمة جريمة أعظم في الإسلام بعد الشرك من القتل،...! كيف تسفك دما حراما، وتجتاز إلى نفس معصومة، وتلقى الله بدم مسلم موحد ؟!!
وفي الحديث (( لن يزال المؤمن في فسحةٍ من دينه ما لم يُصب دما حراما )) !!
الدم الحرام جناية وجريمة، وخزي وعار، ،وفساد وتدمير ، لا يجرؤ عليه إلا من فسد قلبه، وانحرف طريقه، وغرته الحياة الدنيا، وطمع في شئ من رغائبها. ..!!
وإن كان الاستعمار وقوى الظلم قد فاقم من ذلك، وصنع الاستبداد الجارف، إلا أن الجهل والتبعية وسهولة الانقياد للمستعمر، والنزاع الدنيوي والسلطوي، وتبديل الإسلام، زاد الأمر سوءا، وباتت بياءاتنا ملاذا لمثل ذلك التوحش، عياذا بالله من الظلم والركون للدنيا وغوائلها.
وفي حديث آخر في صحيح مسلم مرفوعا :
(( لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج " . قالوا : وما الهرج يا رسول الله ؟ قال :" القتل ، القتل )).

وأسباب الهرج فيما يبدو :

١/ النزاع السلطوي: باعتباره جنون العظمة الخفي، وأس الصعود السريع، وأبهة السيطرة المحبوبة ، والناس يستشرفونها ويتنافسون عليها، ويحاول كل طرف الاستفراد بها بأية وسيلة ((ذروني أقتل موسى )) .

٢/ النقمة النفسية: والتي تكشف عن فساد في الأنفس، وغلواء في الأرواح، من جراء تراكم الخطايا وتسويلات إبليس اللعين، نحو المستعمرين والظلمة المستبدين والطائفيين الاستئصاليين.

٣/ الفتك المذهبي: التكفيري الأيدولوجي ، ومن خلاله يستبيح كل فريق دم الآخر، دون التحاكم الى نقل او عقل، بل ضربا من الهوى، ونوعا من التعلق بالباطل، ليندرج في صف المعالي، ويسلم المزاحمة في الزعامة، ويعتقد أنه يصنع الحق باستحلاله دماء إخوانه، كما صنع الخوارج سابقا، وتشابههم الفرق المنحرفة حاليا .

٤/ الأز الخارجي: واستثماره لكل مقدمات الصراع ، بأن يحولها إلى تنور ساخن بالنكاية والحيف، فيوغل في الدعم والتحريض، وتفضيل فريق على الآخر، لا سيما من يتبنى علمنة الحياة، ويقصي الإسلاميين عن كل حق او مجد او صدارة،،،! كما حصل في مصر وتونس، وليبيا، واستحقاقات دستورية متوالية، وفتكوا بها جميعا.(( قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر )) سورة آل عمران .

٥/ التسلط الاجتماعي : والحشد القبلي العنصري العرقي، وكل من يسعى لحق قبيلته ،وليس لحق الأمة جمعاء، فيستأثر بكل مقومات البقاء والمتعة والزهرة، وبالتالي يقع الظلم، وتعم الأثَرة، فينشب العداء، وتتضخم الشحناء ...! وفي الحديث (( دعوها فإنها منتنة )) .

٦/ القانون الدنيوي الطبقي : والقائم على تكريس حق الكبراء على الضعفاء، وتصدير الأغنياء المستكبرين على الفقراء، وصنع الطبقية الاجتماعية بين الناس، مما يعني توفير مناخ السخط، والنفسيات المحتقنة، حيث يعمل ذاك القانون على إرضاء جهات على أخرى، ولا ينتهج سياسة العدل والإصلاح بين الناس بالحق...! فيقع الاختلاف، ويمكر بعضهم ببعض .(( كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد )).
وقد بدأت تلك الفعال منذ القدم، لا سيما حينما يقل العلم ويغلب الجهل والأهواء، وازداد مع البطش الاستعماري، والولوغ في مصالح المسلمين ، ومنابذة الظلمة لكل مصلح وخير ومهتم .

7/ اختلاط الأمور : بسبب الالتباس وتشابك الأحوال ، وكثرة الوقائع والأحداث، والناتجة من ضعف الدين وقلة العلماء وطغيان الدنيا ومفاتنها، والتي هي من علامات الساعة ودنوها والله المستعان .

8/ ضعف التمسك الديني: والتعويل على الحسابات الدنيوية أو العرقية والثقافية أو التحاكم للقانون الدولي الذي لا يهمه لا دين ولا عروبة، بقدر ما يهمه إخضاع تلكم الشعوب المقهورة لمزيد من القهر والتنازع والفوضى الخلاقة ..!!
وإذا ما برز الإسلام فيها كمكون جوهري في تعاملاتها نابذوه، وسلطوا عليه أذنابهم، لاعتقادهم الدفين أن عز هذه الأمة وتمكينها بالدين القويم .
أصلح الله حال المسلمين، وألهمهم البصيرة والرشاد .


د.حمزة بن فايع الفتحي