المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تابع وجه المرأة فى المذهب الشافعى


محمد رفقي
15-02-2016, 06:58 AM
8. الإمام البغوي (ت:516هـ) في شرح السنة (9/23):

((فإن كانت أجنبية حرة فجميع بدنها عورة في حق الرجل لا يجوز له أن ينظر إلى شئ منها إلا الوجه واليدين إلى الكوعين وعليه غض البصر عن النظر إلى وجهها ويديها أيضاً عند خوف الفتنة)).

ويقول في تفسيره "معالم التنزيل":

((واختلف أهل العلم في هذه الزينة الظاهرة التي استثناها الله تعالى قال سعيد بن جبير والضحاك والأوزاعي هو الوجه والكفان وقال ابن مسعود هي الثياب بدليل قوله تعالى ( خذوا زينتكم عند كل مسجد ) وأراد بها الثياب وقال الحسن الوجه والثياب وقال ابن عباس الكحل والخاتم والخضاب في الكف فما كان من الزينة الظاهرة جاز للرجل الأجنبي النظر إليه إذا لم يخف فتنة وشهوة فإن خاف شيئا منها غض البصر وإنما رخص في هذا القدر أن تبديه المرأة من بدنها لأنه ليس بعورة وتؤمر بكشفه في الصلاة وسائر بدنها عورة يلزمها ستره)).

9. الإمام أبو شجاع الأصفهاني (ت:593هـ) في متنه الشهير يقول:

(ونظر الرجل إلى المرأة على سبعة أضرب:
أحدها: نظره إلى أجنبية لغير حاجة فغير جائز....)

ومن أهم شروحه:

أ- كفاية الأخيار للإمام الحصني الدمشقي (ت:829هـ) يقول (ص41-42):

((وقال صاحب المنظومة:
ونظر الفحل إلى النساء على ضروب سبعة: فالرائي
إن كان قد قيل لأجنبية فامنع لغير حاجة مرضية

والرجل هو البالغ من الذكور، وكذا المرأة هي البالغة من الإناث إن لم يرد بالألف واللام الجنس، ثم إن النظر قد لا تدعو إليه الحاجة وقد تدعو إليه الحاجة. الضرب الأول أن لا تمس إليه الحاجة. فحينئذ يحرم نظر الرجل إلى عورة المرأة الأجنبية مطلقاً، وكذا يحرم إلى وجهها وكفيها إن خاف فتنة، فإن لم يخف ففيه خلاف الصحيح التحريم، قاله الاصطخري وأبو علي الطبري، واختاره الشيخ أبو محمد، وبه قطع الشيخ أبو إسحق الشيرازي والروياني، ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج حاسرات سافرات وبأن النظر مظنة الفتنة وهو محرك الشهوة فالأليق بمحاسن الشرع سد الباب والاعراض عن تفاصيل الأحوال كما تحرم الخلوة بالأجنبية ، ويحتج له بعموم قوله تعالى {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} ))

ب- فتح القريب لابن قاسم الغزي (ت:918هـ) ص 19 يقول:

((وجميع بدن المرأة عورة إلا وجهها وكفيها وهذه عورتها في الصلاة أما خارج الصلاة فعورتها جميع بدنها))

ج-الإقناع للخطيب الشربيني (ت:977هـ):

(( (أحدها نظره) أي الرجل (إلى) بدن امرأة (أجنبية) غير الوجه والكفين ولو غير مشتهاة قصداً (لغير حاجة) مما سيأتي (فغير جائز) قطعاً وإن أمن الفتنة، وأما نظره إلى الوجه والكفين فحرام عند خوف فتنة تدعو إلى الاختلاء بها لجماع أو مقدّماته بالإجماع كما قاله الإمام، ولو نظر إليهما بشهوة وهي قصد التلذذ بالنظر المجرد وأمن الفتنة حرم قطعاً، وكذا يحرم النظر إليهما عند الأمن من الفتنة فيما يظهر له من نفسه من غير شهوة على الصحيح كما في المنهاج كأصله. ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه، وبأن النظر مظنة الفتنة ومحرّك للشهوة وقد قال تعالى: {قلْ للمؤمنينَ يغُضُّوا مِنْ أبصارِهم} واللائق بمحاسن الشريعة سدّ الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية، وقيل لا يحرم لقوله تعالى: {ولاَ يبدينَ زينتهنَّ إلا ما ظهرَ منها} وهو مفسر بالوجه والكفين، ونسبه الإمام للجمهور والشيخان للأكثرين، وقال في المهمات: إنه الصواب لكون الأكثرين عليه، وقال البلقيني: الترجيح بقوّة المدرك والفتوى على ما في المنهاج اهـ وكلام المصنف شامل لذلك وهو المعتمد، وخرج بقيد القصد ما إذا حصل النظر اتفاقاً فلا إثم فيه)).

ومن أقواله أيضا:
((وعورة الحرة غير الوجه والكفين ظهرا وبطنا إلى الكوعين لقوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} وهو مفسر بالوجه والكفين، وإنما لم يكونا عورة، لأن الحاجة تدعو إلى إبرازهما)).

**وللعلامة البجيرمي (ت:1221هـ) حاشية على شرح الخطيب سماها "تحفة الحبيب على شرح الخطيب" قال فيها:

((قوله (وعورة الحرة) أي في الصلاة. أما عورتها خارج الصلاة بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فهي جميع بدنها حتى الوجه والكفين، ولو عند أمن الفتنة، ولو رقيقة فيحرم على الأجنبي أن ينظر إلى شيء من بدنها ولو قلامة ظفر منفصلا منها))

10. رأي الإمام الرازي (ت:606هـ) في تفسيره "مفاتيح الغيب":

((اعلم أن العورات على أربعة أقسام عورة الرجل مع الرجل وعورة المرأة مع المرأة وعورة المرأة مع الرجل وعورة الرجل مع المرأة
ثم قال بعدها في عورة المرأة مع الرجل ما يلي:
أما عورة المرأة مع الرجل فالمرأة إما أن تكون أجنبية أو ذات رحم محرم، أو مستمتعة، فإن كانت أجنبية فإما أن تكون حرة أو أمة فإن كانت حرة فجميع بدنها عورة، ولا يجوز له أن ينظر إلى شيء منها إلا الوجه والكفين، لأنها تحتاج إلى إبراز الوجه في البيع والشراء، وإلى إخراج الكف للأخذ والعطاء، ونعني بالكف ظهرها وبطنها إلى الكوعين، وقيل ظهر الكف عورة.
واعلم أنا ذكرنا أنه لا يجوز النظر إلى شيء من بدنها، ويجوز النظر إلى وجهها وكفها، وفي كل واحد من القولين استثناء.
أما قوله يجوز النظر إلى وجهها وكفها، فاعلم أنه على ثلاثة أقسام لأنه إما أن لا يكون فيه غرض ولا فيه فتنة، وإما أن يكون فيه فتنة ولا غرض فيه، وإما أن يكون فيه فتنة وغرض أما القسم الأول: فاعلم أنه لا يجوز أن يتعمد النظر إلى وجه الأجنبية لغير غرض وإن وقع بصره عليها بغتة يغض بصره، لقوله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصـارهم }
وقيل يجوز مرة واحدة إذا لم يكن محل فتنة، وبه قال أبو حنيفة رحمه الله ولا يجوز أن يكرر النظر إليها لقوله تعالى: {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولـائك كان عنه مسؤولا } (الإسراء: 36) ولقوله عليه السلام: «يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة» وعن جابر قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري» ولأن الغالب أن الاحتراز عن الأولى لا يمكن فوقع عفوا قصد أو لم يقصد.

أما القسم الثاني: وهو أن يكون فيه غرض ولا فتنة فيه فذاك أمور: أحدها: بأن يريد نكاح امرأة فينظر إلى وجهها وكفيها، روى أبو هريرة رضي الله عنه: «أن رجلا أراد أن يتزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا» وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا خطب أحدكم المرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها للخطبة»

وقال المغيرة بن شعبة «خطبت امرأة فقال عليه السلام نظرت إليها، فقلت لا، قال فانظر فإنها أحرى أن يدوم بينكما» فكل ذلك يدل على جواز النظر إلى وجهها وكفيها للشهوة إذا أراد أن يتزوجها، ويدل عليه أيضا قوله تعالى: {لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن } (الأحزاب: 52) ولا يعجبه حسنهن إلا بعد رؤية وجوههن

وثانيها: إذا أراد شراء جارية فله أن ينظر إلى ما ليس بعورة منها وثالثها: أنه عند المبايعة ينظر إلى وجهها متأملا حتى يعرفها عند الحاجة إليه ورابعها: ينظر إليها عند تحمل الشهادة ولا ينظر إلى غير الوجه لأن المعرفة تحصل به

أما القسم الثالث: وهو أن ينظر إليها للشهوة فذاك محظور، قال عليه الصلاة والسلام: «العينان تزنيان» وعن جابر قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فأمرني أن أصرف بصري» وقيل: مكتوب في التوراة النظرة تزرع في القلب الشهوة، ورب شهوة أورثت حزنا طويلا. أما الكلام الثاني: وهو أنه لا يجوز للأجنبي النظر إلى بدن الأجنبية فقد استثنوا منه صورا
إحداها: يجوز للطبيب الأمين أن ينظر إليها للمعالجة، كما يجوز للختان أن ينظر إلى فرج المختون، لأنه موضع ضرورة. وثانيتها: يجوز أن يتعمد النظر إلى فرج الزانيين لتحمل الشهادة على الزنا، وكذلك ينظر إلى فرجها لتحمل شهادة الولادة، وإلى ثدي المرضعة لتحمل الشهادة على الرضاع،
وقال أبو سعيد الإصطخري لا يجوز للرجل أن يقصد النظر في هذه المواضع، لأن الزنا مندوب إلى ستره، وفي الولادة والرضاع تقبل شهادة النساء فلا حاجة إلى نظر الرجال للشهادة وثالثتها: لو وقعت في غرق أو حرق فله أن ينظر إلى بدنها ليخلصها))
هذا آخر كلامه .

11. الإمام النووي (ت:676هـ) في "منهاج الطالبين" وهو من أهم متون المذهب ولأهل المذهب عناية فائقة به بل إن كثيرا منهم على أن الفتوى على ما فيه يقول:
((ويحرم نظر فحل بالغ إلى عورة حرة كبيرة أجنبية وكذا وجهها وكفها عند خوف الفتنة وكذا عند الأمن على الصحيح)).

ومن أهم شروحه:

أ- الإمام الرملي (ت:1004هـ) في نهاية المحتاج (6/187-188):

(( ( و كذا عند الأمن ) من الفتنة فيما يظنه من نفسه من غير شهوة ( على الصحيح ) ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه و بأن النظر مظنة للفتنة و محرك للشهوة ، فاللائق بمحاسن الشريعة سد الباب و الإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية ، وبه اندفع القول بأنه غير عورة فكيف حرم نظره لأنه مع كونه غير عورة نظره مظنة للفتنة أو الشهوة ففطم الناس عنه احتياطا ، على أن السبكي قال : الأقرب إلى صنيع الأصحاب أن وجهها و كفيها عورة في النظر ، والثاني لا يحرم و نسبه الإمام للجمهور و الشيخان للأكثرين ، و قال في المهمات : إنه الصواب ، و قال البلقيني : الترجيح بقوة المدرك ، و الفتوى على ما في المنهاج ، و ما نقله الإمام من الاتفاق على منع النساء : أي منع الولاة لهن معارض لما حكاه القاضي عياض عن العلماء أنه لا يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها و إنما ذلك سنة ، و على الرجل غض البصر عنهن للآية ، و حكاه المصنف عنه في شرح مسلم و أقره عليه ، و دعوى بعضهم عدم التعارض في ذلك إذ منعهن من ذلك ليس لكون الستر واجبا عليهن في ذاته بل لأن فيه مصلحة عامة و في تركه إخلال بالمروءة مردودة ، إذ ظاهر كلامهما أن الستر واجب لذاته فلا يتأتى هذا الجمع ، و كلام القاضي ضعيف ، و حيث قيل بالجواز كره و قيل خلاف الأولى ، و حيث قيل بالتحريم و هو الراجح حرم النظر إلى المنتقبة التي لا يبين منها غير عينيها و محاجرها كما بحثه الأذرعي و لا سيما إذا كانت جميلة فكم في المحاجر من خناجر ، وافهم تخصيص الكلام بالوجه و الكفين حرمة كشف ما سوى ذلك من البدن)).

ب- الإمام الهيتمي (ت:974هـ) في تحفة المحتاج وقال نفس الكلام السابق إلا أن فيه زيادة مهمة سنوضح اهميتها فيما بعد يقول:
((وكون الأكثرين على مقابل الصحيح لا يقتضي رجحانه لا سيما وقد أشار إلى فساد طريقتهم بتعبيره بالصحيح ووجهه أن الآية كما دلت على جواز كشفهن لوجوههن دلت على وجوب غض الرجال أبصارهم عنهن ويلزم من وجوب الغض حرمة النظر ولا يلزم من حل الكشف جوازه كما لا يخفى فاتضح ما أشار إليه بتعبيره بالصحيح ومن ثم قال البلقيني : الترجيح بقوة المدرك والفتوى على ما في المنهاج وسبقه لذلك السبكي وعلله بالاحتياط فقول الإسنوي الصواب الحل لذهاب الأكثرين إليه ليس في محله وافهم تخصيص حل الكشف بالوجه حرمة كشف ما عداه من البدن حتى اليد ، وهو ظاهر في غير اليد ؛ لأنه عورة ومحتمل فيها ؛ لأنه لا حاجة لكشفها بخلاف الوجه)).

وقد قيد كلامه هنا في الفتاوى الفقهية الكبرى (4/119) فقال :

(قيدت ذلك في شرح الإرشاد وغيره أخذا من قولهم الإعانة على محرم والتمكين منه اختيارا محرما بما إذا لم تعلم المرأة أن أجنبيا ينظر إليها نظرا محرما وإلا حرم عليها بقاء كشف وجهها أو غيره مما ينظر إليه لأن قدرتها على ستره منه يصيرها إذا لم تستره معينة له على محرم وممكنة له منه , وقد صرح الأصحاب بأنه يحرم على الحلال تمكين الحليل المحرم من الجماع ونحوه وصرح النووي وغيره بأنه يحرم كشف العورة بحضرة من يعلم أنه ينظر إليها نظرا محرما خلافا لمن وهم في ذلك زاعما أن الناظر عليه غض البصر فلا يكلف المنظور التحفظ منه وهذا خيال باطل ).

ج- الإمام الخطيب الشربيني (ت:977هـ) في مغني المحتاج وقال نفس الكلام إلا أن في كلامه زيادة أيضا يقول:

((تنبيه:ظاهر كلام المصنف أن وجهها وكفيها غير عورة وإنما ألحقا بها في تحريم النظر،وبه صرح الماوردي في كتاب الصلاة فقال:عورتها مع غير الزوج كبرى وصغرى، فالكبرى ما عدا الوجه والكفين، والصغرى ما بين السرة والركبة ، فيجب ستر الكبرى في الصلاة ، وكذا عن الرجال الأجانب والخناثى والصغرى عن النساء وإن قربن ، وكذا عن رجال المحارم والصبيان ، وقال السبكي: إن الأقرب إلى صنع الأصحاب أن وجهها وكفيها عورة في النظر لا في الصلاة)).

د- قال الزهري الغمراوي (المتوفى بعد 1337 هـ) في السراج الوهاج في شرح المنهاج :

(( (ويحرم نظر فحل) اي غير مجبوب (بالغ) ولو شيخاً (إلى عورة حرة) والمراد بعورتها ما عدا الوجه والكفين (كبيرة) وهي من بلغت حداً تشتهى فيه (أجنبية) وهى من ليست من المحارم (وكذا وجهها وكفيها عند خوف فتنة) تدعو إلى الاختلاء بها وكذا إذا كان يتلذذ بالنظر المجرد (وكذا) يحرم النظر اليهما (عند الأمن) من الفتنة وعدم الشهوة (على الصحيح) ومقابله لا يحرم وظاهر كلامه أنهما ليسا بعورة وإنما ألحقا بها في تحريم النظر))

**وللإمام البجيرمي (ت:1221هـ) حاشية على شرح الخطيب ليس فيها جديد سوى شئ واحد يأتي في تحرير المذهب إن شاء الله تعالى.

**لم يضف الإمام المحلي (ت:864هـ) في شرحه للمنهاج ولا عميرة(ت:957هـ) وقليوبي (ت:1069هـ) في حاشيتهما ولا العبادي (ت:994هـ) والشرواني (ت:1301هـ) في حاشيتهما على التحفة جديدا غير أن الشرواني نقل عن غيره ما يلي:

((قال الزيادي في شرح المحرر بعد كلام وعرف بهذا التقرير أن لها ثلاث عورات عورة في الصلاة وهو ما تقدم وعورة بالنسبة لنظر الأجانب إليها جميع بدنها حتى الوجه والكفين على المعتمد وعورة في الخلوة وعند المحارم كعورة الرجل أ.هـ.))

**ثم اختصر شيخ الإسلام الأنصاري (ت:926هـ)متن المنهاج وسماه "منهج الطلاب" يقول فيه:

((وحرم نظر نحو فحل كبير ولو مراهقا شيئا من كبيرة أجنبية ولو أمة))
ثم شرحه في "فتح الوهاب" وحشى الإمام الجمل (ت:1204هـ) والبجيرمي (ت:1221هـ) حاشيتين اسمهما "فتوحات الوهاب" و"التجريد لنفع العبيد" على التوالي وليس فيها جديد على ما سبق.

12. الإمام النووي في شرح صحيح مسلم:

يقول شارحا بعض الأحاديث في ((باب ندب النَّظر إلى وجه المرأة وكفَّيها لمن يريد تزوّجها)):
((وفيه: استحباب النَّظر إلى وجه من يريد تزوّجها وهو مذهبنا، ومذهب مالك، وأبي حنيفة، وسائر الكوفيِّين، وأحمد وجماهير العلماء.
وحكى القاضي عن قوم: كراهته، وهذا خطأ مخالف لصريح هذا الحديث، ومخالف لإجماع الأمَّة على جواز النَّظر للحاجة عند البيع والشِّراء والشَّهادة ونحوها.
ثمَّ أنَّه إنَّما يباح له النَّظر إلى وجهها وكفَّيها فقط لأنَّهما ليسا بعورة، ولأنَّه يستدلّ بالوجه على الجمال أو ضدّه، وبالكفَّين على خصوبة البدن أو عدمها هذا مذهبنا، ومذهب الأكثرين.
وقال الأوزاعيُّ: ينظر إلى مواضع اللَّحم.
وقال داود: ينظر إلى جميع بدنها وهذا خطأ ظاهر منابذ لأصول السُّنَّة والإجماع.

ثمَّ مذهبنا ومذهب مالك وأحمد والجمهور: أنَّه لا يشترط في جواز هذا النَّظر رضاها بل له ذلك في غفلتها، ومن غير تقدُّم إعلام، لكن قال مالك: أكره نظره في غفلتها مخافة من وقوع نظره على عورة.
وعن مالك: رواية ضعيفة أنَّه لا ينظر إليها إلاَّ بإذنها وهذا ضعيف لأنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قد أذن في ذلك مطلقاً ولم يشترط استئذانها، ولأنَّها تستحي غالباً من الإذن، ولأنَّ في ذلك تغريراً، فربَّما رآها فلم تعجبه، فيتركها، فتنكسر وتتأذَّى، ولهذا قال أصحابنا: يستحبُّ أن يكون نظره إليها قبل الخطبة حتَّى إن كرهها تركها من غير إيذاء، بخلاف ما إذا تركها بعد الخطبة، واللَّه أعلم)).

والشاهد أيضا في قوله أن له أن ينظر بغير إذنها وهذا لا يتأتى إلا إذا كانت كاشفة لوجهها.

13. الإمام البيضاوي (ت:685هـ) في تفسيره "أنوار التنزيل وأسرار التأويل":

((ولا يبدين زينتهن كالحلي والثياب والأصباغ فضلا عن مواضعها لمن لا يحل أن تبدى له إلا ما ظهر منها عند مزاولة الأشياء كالثياب والخاتم فإن في سترها حرجا وقيل المراد بالزينة مواضعها على حذف المضاف أو ما يعم المحاسن الخلقية والتزيينية والمستثنى هو الوجه والكفان لأنها ليست بعورة والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر فإن كل بدن الحرة عورة لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة كالمعالجة وتحمل الشهادة)) .انتهى.

14. الإمام الخازن ( ت 741 هـ) في تفسيره ( لباب التأويل في معاني التنزيل ):

(( فما كان من الزينة الظاهرة يجوز للرجل الأجنبي النظر إليه للضرورة مثل تحمل الشهادة ونحوه مـن الضرورات إذا لم يخف فتنة وشهوة فإن خاف شيئاً من ذلك غض البصر وإنما رخص في هذا القدر للمرأة أن تبديه من بدنها لأنه ليس بعورة وتؤمر بكشفه في الصلاة وسائر بدنها عورة)) ا.هـ.

15. الإمام ابن الوردي (ت:749هـ) في البهجة الوردية وهي منظومة يقول:

((وكذا النظر لا لاحتياج كالعلاج يحظر ولا لما ليس يعد الكشف له تهتكا في سوأة فحلله))

**وقد شرح هذه المنظومة شيخ الإسلام الأنصاري في الغرر البهية يقول:

((وقضية كلامه أنه يحرم نظره إلى وجهها وكفيها مع أمن الفتنة بها وهو ما صححه في المحرر والمنهاج ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه وبأن النظر مظنة الفتنة ومحرك للشهوة فاللائق بمحاس الشرع سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية لكن في الروضة كأصلها أكثر الأصحاب على أنه لا يحرم لقوله تعالى { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } وهو مفسر بالوجه والكفين لكن يكره وقال في المهمات إنه الصواب لكون الأكثرين عليه وقال البلقيني : الترجيح بقوة المدرك والفتوى على ما في المنهاج)).

16. الإمام ابن الملقن (ت:804هـ) في التذكرة يقول:

((فصل النظر:ويحرم نظر فحل بالغ ومراهق إلى عورة كبيرة أجنبية ووجهها وكفيها لغير حاجة))

17. الإمام ابن رسلان (ت:805هـ) في شرح سنن الترمذي ص 27:

((يجوز نظر الأجنبية عند أمن الفتنة)) نقلا عن كتاب الشيخ الألباني "الرد المفحم".

18. الإمام المنهاجي الأسيوطي (ت:807هـ) في جواهر العقود (2/4):

((ويحرم نظر الفحل البالغ إلى الوجه والكفين من الحرة الكبيرة الأجنبية عند خوف الفتنة وكذا عند الأمن في أولى الوجهين)).

19. العلامة أحمد بن حسين بن حسن بن رسلان - أرسلان- الشافعي المتوفى 844هـ في منظومة الزبد:

ومَن يُرِدْ منها النِّكَاحَ نَظَرَا.... وَجْهَاً وَكَفَّاً باطِنَاً وظاهِرَا
وجازَ للشّاهِدِ أو مَن عامَلا.... نَظَرُ وَجْهٍ أو يُدَاوِي عِلَلا

**ومن شروحه غاية البيان للرملي (ت:1004هـ) يقول:

((ومن يرد منها النكاح نظرا ندبا وجها وكفا باطنا وظاهرا قبل خطبتها وإن لم تأذن له فيه وخرج بالوجه والكفين غيرهما فلا ينظره لأنه عورة منها وفي نظرهما غنية إذ يستدل بالوجه على الجمال وبالكفين على خصب البدن ومن هنا علم أن محل نظره إليهما إذا كانت ساترة لما عداهما وله تكرير نظره لتتبين له هيئتها فلا يندم بعد نكاحها عليه وإنما كان النظر قبل الخطبة لئلا يعرض عنها بعدها فيؤذيها وله النظر وإن خاف الفتنة لغرض التزوج وإن لم تعجبه فليسكت ولا يقل لا أريدها لأنه إيذاء))

ويقول:
((وجاز للشاهد النظر إلى وجه الأجنبية لأجل الشهادة تحملا وأداء للحاجة أو من عاملا أي عاملها ببيع أو غيره نظر وجه للحاجة ولو خاف من النظر للشهادة الفتنة امتنع فإن تعين نظر واحترز))

20. الإمام البقاعي ( ت 885 ه‍ ) في تفسيره ) نظم الدرر في تناسب الآي والسور):

(({ إلا ما ظهر منها } أي كان بحيث يظهر فيشق التحرز في إخفائه فبدا من غير قصد كالسوار والخاتم والكحل فإنها لا بد لها من مزاولة حاجتها بيدها ومن كشف وجهها في الشهادة ونحوها)) أ.هـ.

21. الإمام جلال الدين السيوطي (ت 911 هـ ) في كتابه الشهير "الأشباه والنظائر" يقول:

((المرأة في العورة لها أحوال :
حالة مع الزوج , ولا عورة بينهما , وفي الفرج وجه .
وحالة مع الأجانب , وعورتها : كل البدن , حتى الوجه والكفين في الأصح .
وحالة مع المحارم والنساء , وعورتها : ما بين السرة والركبة . وحالة في الصلاة , وعورتها : كل البدن , إلا الوجه والكفين)).

**ويقول جلال الدين المحلى فى (تفسير الجلالين ):

(( (زينتهن إلا ما ظهر منها) وهو الوجه والكفان فيجوز نظره لأجنبي إن لم يخف فتنة في أحد وجهين والثاني يحرم لأنه مظنة الفتنة ورجح حسما للباب)) ا.هـ.
وتفسير سورة النور يقع في الجزء الذي فسره المحلى .

22. المقدمة الحضرمية للعلامة بافضل الحضرمي (ت:918هـ):

((والحُرَّةُ فِي صَلاَتِهَا وَعِنْدَ الأَجَانِبِ جَميعُ بَدَنِهَا إِلاَّ الوَجْهَ والكَفَّيْنِ، وَعِنْدَ مَحَارِمِهَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ والرُّكْبَةِ)).

**ومن شروحها :

أ- المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية للهيتمي (ت:974 هـ) :

(( و ) عورة ( الحرة ) الصغيرة والكبيرة ( في صلاتها وعند الأجانب ) ولو خارجها ( جميع بدنها إلا الوجه والكفين ) ظهرا وبطنا إلى الكوعين لقوله تعالى { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } أي وما ظهر منها وجهها وكفاها وإنما لم يكونا عورة حتى يجب سترهما لأن الحاجة تدعوه إلى إبرازهما وحرمة نظرهما ونظر ما عدا بين السرة والركبة من الأمة ليس لأن ذلك عورة بل لأن النظر إليه مظنة للفتنة ).

ب- (الحواشي المدنية) للشيخ محمد بن سليمان الكردي (1/276):

((هذا لا ينافي قول من قال إن عورتها عند الأجانب جميع بدنها، لأن حرمة نظر الأجانب إلى الوجه والكفين إنما هي من حيث أن نظرهما مظنة للشهوة لا من حيث كونهما عورة)).

23. الإمام المليباري الفناني الهندي (ت:928هـ) في كتابه "فتح المعين شرح قرة العين" (والمتن والشرح له) يقول:

((يحرم على الرجل ولو كان شيخا هما تعمد نظر شئ من بدن الأجنبية حرة أو أمة بلغت تشتهى فيه ولو شوهاء أو عجوزا))

ومن شروحه:

أ-إعانة الطالبين للإمام البكري الدمياطي (ت:بعد 1202هـ) يقول:

((واعلم أن للحرة أربع عورات: فعند الأجانب جميع البدن............)).
ويقول أيضا في أحكام النظر:
((وحاصله أنه إما أن يمتنع مطلقا وذلك في الأجنبية وإما...))

ب-نهاية الزين في إرشاد المبتدئين للشيخ محمد بن عمر الجاوي (ت:1316هـ) يقول:

((والحرة لها أربع عورات:
إحداها : جميع بدنها إلا وجهها وكفيها ظهرا وبطنا، وهو عورتها في الصلاة فيجب عليها ستر ذلك في الصلاة حتي الذراعين والشعر وباطن القدمين .
ثانيتها:ما بين سرتها وركبتها وهي عورتها في الخلوة وعند الرجال المحارم وعند النساء المؤمنات .
ثالثتها :جميع البدن إلا ما يظهر عند المهنة وهي عورتها عند النساء الكافرات.
رابعتها: جميع بدنها حتي قلامة ظفرها وهي عورتها عند الرجال الاجانب فيحرم علي الرجل الاجنبي النظر الي شئء من ذلك ، ويجب علي المرأة ستر ذلك عنه، والمراهق في ذلك كالرجل فيلزم وليه منعه من النظر الي الأجنبية ويلزمها الاحتجاب منه)).

24. في كتاب غاية تلخيص المراد من فتاوى ابن زياد (وهو عبد الرحمن بن زياد الزبيدي مفتي الديار اليمنية من علماء القرن العاشر) لعبد الرحمن بن محمد بن حسين باعلوي:

(( (مسألة): يحرم على الرجال النظر إلى النساء وعكسه، خصوصاً ذوات الهيئة والجمال، وإن لم تكن خلوة، ويأثم كل بذلك، ويجب نهيهم وتعزيرهم، ويثاب الناهي عن ذلك ثواب الفرض، لأن الأمر بالمعروف من مهمات الدين)).

25. شيخ الأزهر عبد الله بن حجازي الشرقاوي (ت:1227هـ) في حاشيته على تحفة الطلاب بشرح تحرير تنقيح اللباب والتحفة لشيخ الإسلام الأنصاري (ت:926هـ) واللباب لإمام الحرمين الجويني (ت:478هـ) يقول الشيخ الشرقاوي (1/174):

((وعورة الحرَّة خارج الصلاة بالنِّسبة لنظر الأجنبيِّ إليها فجميع بدنها حتَّى الوجه والكفين، ولو عند أمن الفتنة))

26. العلامة سالم بن سمير الحضرمي (ت:1262هـ) في سفينة النجا:

((الْعَوْرَاتُ أَرْبَعٌ:
عَوْرَةُ الرَّجُلِ مُطْلَقَاً.
وَالأَمَةِ فِيْ الصَّلاَةِ مَا بَيْنَ السُّرَةِ والرُّكْبَةِ.
وَعَوْرَةُ الْحُرَّةِ فِيْ الصَّلاَةِ: جَمِيْعُ بَدَنِهَا مَا سِوَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ.
وَعَوْرَةُ الْحُرَّةِ وَالأَمَةِ عِنْدَ الأَجَانِبِ: جَمِِِيْعُ الْبَدَنِ.
وَعِنْدَ مَحَارِمِهمَا وَالنِّسَاءِ: مَا بَيْنَ السُّرَةِ وَالرُّكْبَةِ)).

ولها شروح كثيرة:

أ-العلامة نووي الجاوي (ت:1316هـ) في كاشفة السجا:

(( (وعورة الحرة والأمة عند الأجانب) أي بالنسبة لنظرهم إليهما (جميع البدن) حتى الوجه والكفين ولو عند أمن الفتنة فيحرم عليهم أن ينظروا إلى شيء من بدنهما ولو قلامة ظفر منفصلة منهما)).

ب-العلامة الشاطري الشافعي (ت:1360هـ) في كتابه نيل الرجا شرح سفينة النجا:

(( (وعورة الحرة والأمة عند الاجانب: جميع البدن)
المعني أن الثالث من أقسام العورة : عورة الحرة والأمة عند الرجال الاجانب وهم من ليس بينهم محرمية بنسب أو رضاع أو مصاهرة وهي جميع البدن حتي الوجه والكفين فيجب عليهما ستره)).

**وممن نظمها:
أ-العلامة محمد معصوم بن الشيخ سراج الشربونى في نيل الرجا نظم سفينة النجا يقول:
أَرَبَعُنِ الْعَوْرَاتُ عَوْرَةُ الرَّجُلْ >< مُطْلَقَانِ اْلأَمَةِ فِى الصَّلاَةِ قُلْ
مَا كَان َ بَيْـنَ سـُرَّةٍ وَرُكْبـَةْ >< وَمَا سِوَى وَجْه ٍ وَكَفَّىْ حُرَّةْ
ذَا فِى الصـَّلاَةِ وَجَمِيْعُ جِسْمِهَا >< عِنْدَ اْلأَجَانِبِ اْلإِمَاءُ مِثْلُهَا
وَعِنـْدَ مَحْرَمِـهِمَا وَالنِّـسْوَةْ >< مَا كَانَ بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةْ

*وممن شرحها العلامة الحاجيني (وهو رئيس مجلس علماء إندونيسيا) في فيض الحجا يقول:

((وعورة الحرة ومثلها الخنثى فى الصلاة جميع بدنها ما سوى الوجه والكفين (قوله وكفى حرة) أى ظهرا وباطنا إلى الكوعين (قوله ذا فى الصلاة) أى ما ذكر فى حق الحرة من أن عورتها ما سوى الوجه والكفين فى الصلاة فقط (قوله وجميع جسمها) أى الحرة خبر عن محذوف أى وعورتها عند الأجانب جميع جسمها وبدنها حتى الوجه والكفين ولو عند أمن الفتنة (قوله عند الأجانب) أى بالنسبة لنظرهم إليها فيحرم عليهم النظر إلى شىء من بدنها))

ب- السَّبْحة الثّمينة نظم السَّفينة للعلامة أحمد مَشهور بن طه الحداد (ت:1416هـ):

وَعَوْرَةُ الحُرَّةِ غَيْرُ الوَجْهِ والْــكَفَّيْنِ في الصلاةِ والشَعْرُ دَخَلَّ
وَللِنِّساءْ ومَحْرَم ذي قُربَهْما بَيْنَ سُرَّةٍ لها ورُكْبَهْ
وعَوْرَةٌ جَمِيعُها للأجْنَبي وألحِقْ بها الإماءَ في ذا تُصِبِ

27. تفسير مراح لبيد "التفسير المنير لمعالم التنزيل" لنووي الجاوي (ت:1316هـ):

(({وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} وهي ثلاثة أمور:
أحدها: الثياب.
وثانيها: الحلي كالخاتم والسوار والخلخال، والدملج، والقلادة، والإكليل، والوشاح، والقرط.
وثالثها: الأصباغ كالحكل والخضاب بالوسمة في حاجبيها، والغمزة في خديها، والحناء في كفيها وقدميها.
{إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} عند مزاولة الأمور التي لا بد منها عادة كالخاتم والكحل ، والخضاب في اليدين ، والغمزة ، والثياب. والسبب في تجويز النظر إليها إن في سترها حرجاً بيناً، لأن المرأة لا بد لها من مناولة الأشياء بيديها والحاجة إلى كشف وجهها في الشهادة، والمحاكمة والنكاح، وفي ذلك مبالغة في النهي عن إبداء مواضعها كما لا يخفى)). انتهى.

28.من كتاب ( نهاية المطلب في دراية المذهب ) أو ( المذهب الكبير ) لإمام الشافعية في عصره و العصور التالية , إمام الحرمين أبي المعالي الجويني , و هو الكتاب الأهم في مذهب الشافعية , و قد انتهى من تحقيقه الدكتور عبد العظيم الديب فجزاه الله كل خير .

كتاب الصلاة , الجزء الثاني , باب عورة الرجل و المرأة في الصلاة و غيرها :
(نذكر ما يجب ستره , و هو الذي يسمى عورة , ثم نذكر كيفية الستر . فنقول : أما القول فيما يجوز النظر إليه و ما لا يجوز النظر إليه , فنذكره مستقصى في أول كتاب النكاح إن شاء الله عز و جل , و إنما غرض هذا الفصل ذكر ما يستر في الصلاة . فنقول : أما الحرة فجملة بدنها في حكم الصلاة عورة من قرنها إلى قدمها , إلا الوجه و الكفان , أما الوجه فواضح , و أما الكف , فلسنا نعني به الراحة فحسب , و لكنا نعني به اليدين إلى الكوع ظهرا و بطنا , فأما أخمص قدمها , ففيه وجهان , و الأصل في ذلك قوله تعالى : ( و لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) ( النور 31 ) قال المفسرون : الوجه و الكفان , و ما سوى ما ذكرناه من الحرة , فهو عورة,فلو بدت شعرة من غير ما استثنياه,م تصح صلاتها ).انتهى

ثم بالذهاب إلى كتاب ( النكاح ) لنرى ماذا ذكر الإمام نجد التالي في باب ( نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية) : ( أما الأجنبية فلا يحل للأجنبي أن ينظر منها إلى غير الوجه و الكفين من غير حاجة . و النظر إلى الوجه و الكفين يحرم عند خوف الفتنة إجماعا , فإن لم يظهر خوف الفتنة , فالجمهور يرفعون التحريم , لقوله تعالى : ( إلا ما ظهر منها ) ( النور 31 ) قال أكثر المفسرين : الوجه و الكفان , لأن المعتبر الإفضاء في الصلاة , و لا يلزمهن ستره , فيلحق بما يظهر من الرجال .

و ذهب العراقيون و غيرهم إلى تحريمه من غير حاجة , قال ( أي إمام الحرمين ) : و هو قوي عندي , مع اتفاق المسلمين على منع النساء من التبرج و السفور و ترك التنقب , و لو جاز النظر إلى وجوههن لكن كالمرد , و لأنهن حبائل الشيطان , و اللائق بمحاسن الشريعة حسم الباب و ترك تفصيل الأحوال , كتحريم الخلوة تعم الأشخاص و الأحوال إذا لم تكن محرمية , و هو حسن . ( الذي يستحسن هو ابن أبي عصرون ) .
و المباح من الكف من البراجم إلى المعصمم , و لا يختص بالراحة , و غلط من خص التحليل بالراحة دون ظهر الكف , ........... ) انتهى

تحرير المذهب الشافعي

الناظر في المقولات السابقة قد يختلط عليه الأمر , فالشافعية يقصدون بالعورة عند الرجال الأجانب ما يحرم نظره , لأن العورة تطلق شرعا بإطلاقين فالإطلاق الأول على ما يجب ستره , والإطلاق الثاني على ما يحرم النظر إليه. وقد تسبب الخلط بين هذين الإطلاقين في حمل ما يجب ستره على ما يحرم النظر إليه.

حكم النظر

1- جمهور المتقدمين وبعض المتأخرين على أن وجهها ليس بعورة في النظر أي يجوز أن ينظر لها الأجنبي إن أمن الفتنة.

وهذا ما حكاه الجويني مع ترجيحه ما عليه القلة فحكى أن جماهير الشافعية على جواز نظر الأجنبي بغير شهوة دون تفريق بين شابة وعجوز، ونسب الرافعي والنووي هذا القول إلى الأكثرين . لكن زاد الشيخ أبو حامد وغيره إثبات الكراهة.

2- جمهور المتأخرين على أنه لا يجوز النظر إليها حتى وإن أمنت الفتنة وهذا هو الذي رجحه محققوا المذهب. واعترض ابن النقيب والإسنوى على تصحيح النووي للقول بحرمة النظر عند أمن الفتنة.

وتحريمهم النظر لا يدل على وجوب التغطية , فعورة النظر ليست هي عورة المرأة , وإنما هو ما يحرم على الرجل النظر إليه من المرأة. وهذا يشبه قول القاضي عياض أنه يجوز للنساء كشف وجوههن وعلى الرجال غض البصر.

3- ذهب بعض الشافعية المتأخرين إلى جعل كل الرجل عورة بالنسبة لنظر المرأة حتى وجهه كما قال البجيرمي في حاشيته على الخطيب حيث يقول:
" وكذا الرجل له ثلاث عورات :...وعورة النظر وهو جميع بدنه بالنسبة للأجنبية... فلو علم الرجل أن المرأة تنظر إليه حرم عليه تمكينها بشيء من بدنه حتى يجب عليه إذا علم ذلك منها ستر جميع بدنه عنها حتى الوجه والكفين"

ولا أحد يوافق علي هذا ولكن هذا يفسر لنا قولهم أن الوجه عورة من ناحية النظر فلا يجوز النظر له.

حكم الستر

1- شراح المنهاج كابن حجر الهيتمى والشمس الرملي والخطيب الشربيني اختلفوا في مسألة الستر على رأيين:

• فابن حجر يرى عدم وجوب الستر لذاته , بل للمصلحة العامة.
• والخطيب والرملي يريان وجوب الستر لذاته.

والذي جرى عليه ابن حجر هو الراجح مذهبا ودليلا. فالمذهب ليس وجوب الستر لذاته من إقرار النووي لعياض. وقد وافق ابن حجر الشيخ علي الحلبي ( ت:1044هـ ) , والشيخ أحمد الرشيدي المغربي ( ت:1096هـ ) .

قال الرشيدى في حاشيته على نهاية المحتاج اعتراضا على الرملي: (هذا لا يلاقي ما ادعاه هذا البعض (أي : ابن حجر) ، لأن حاصل دعواه أن ما حكاه الإمام من الاتفاق على منع النساء لا يلزم منه أن ذلك لوجوب سترها وجهها في طريقها، وإن فهمه منه الإمام (أي : إمام الحرمين الجويني) حتى وجَّهه به، بل يجوز أن يكون للمصلحة التي ذكرها، وهذا لا محيد عنه، ولا يصح رده بأن ظاهر كلامهما ما ذكر لأن المعارضة التي دفعها ليست بين الجواز التي ذكره القاضي عياض والحرمة، وإنما هو بينه وبين الاتفاق على منع النساء كما سبق).

2- اتفاق المسلمين على تغطية وجوه النساء الذي حكاه إمام الحرمين إنما هو شيء يلزم الإمام الناس به للمصلحة اجتهادا فى درء المفاسد لا لموجب شرعي أصيل , فلا ينافي الإجماع على أصل الجواز الذي نقله القاضي عياض وأقره عليه النووي. (انظر أسنى المطالب للأنصاري ونهاية المحتاج للرملي)