المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إذا كنت مسافر ودخلت مع الإمام في التشهد الأخير ؛ هل يجوز لي أن أقصر الصلاة ؟


المراقب العام
17-02-2016, 03:48 PM
إذا كنت مسافر ودخلت مع الإمام في التشهد الأخير ؛ هل يجوز لي أن أقصر الصلاة ؟
السلام عليكم شيخنا الفاضل ...
أسأل الله أن يحرم وجهك على النار .. آمين ..
س / هل إذا دخلت مع الامام في التشهد الاخير من صلاة الظهر أو العصر أو العشاء وأنا مسافر ، أتمها ركعتين ؟ "علما بأن الامام مقيم "
وجزاكم الله جنته ...

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

لا تجوز مُخالفة الإمام ، لقوله عليه الصلاة والسلام : إنما جُعِل الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه . رواه البخاري ومسلم .
فإذا اقتدى مُسافر بِمقيم وَجَب عليه أن يُتِمّ اقتداء بإمامه .

قال ابن رجب : الأكثرون على أنه إذا اقتدى المسافر بمن يتم الصلاة فأدرك معه ركعة فصاعداً ، فإنه يلزمه الإتمام . اهـ .

وإذا كنت تريد أن تقصر الصلاة ، ودخلت والإمام في التشهّد الأخير فانتظر حتى يُسلِّم ، ثم صلّ وحدك .

ولا يصح الاقتداء مع اختلاف صورة الصلاة ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : إنما جُعل الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه . رواه البخاري ومسلم .
فإن الذي يُصلّي ركعتين خلف مَن يُصلّي صلاة المغرب – لا يخلو من حالات :
إذا كان يُصلّي ركعتين إما أن يجلس ينتظر الإمام ، ويكون الإمام قائما ؛ وهذا من أوضح صُور
الاختلاف على الإمام !
وإما أن يجلس للتشهّد ، ثم يتشهدّ ويُسلِّم قبل الإمام ، وبهذا يقول بعض علمائنا ؛ ليُدرك مع الإمام الركعة الرابعة ! وهذه أوضح صُور الاختلاف على الإمام !
فإذا جلس المأموم ينتظر الإمام ، أو تشهّد المأموم وسلّم قبل إمامه ؛ فهذه أوضح صُور الاختلاف على الإمام !

وكذلك : مَن صلّى المغرب خلف مَن يُصلّي العشاء ؛ لا يخلو مِن مخالفة إمامه إذا قام الإمام للركعة الرابعة ، كالصورتين السابقتين .

وهو هنا كما يقول الصحابة رضي الله عنهم : لا بإمامك اقتديت ، ولا وَحدك صلّيت .

وقد استَدلّ بعض العلماء بِفعل الرجل الذي انصرف خلف معاذ رضي الله عنه ، وأن الرجل أتمّ صلاته بعد أن انفرد عن معاذ رضي الله عنه .
وهذا الاستدلال غير صحيح ، وغير مُسلَّم به ؛ لأن الرجل لم يَبْنِ على صلاة افتتحها مع معاذ رضي الله عنه ، بل انصرف واستأنف .

وقد جاء في صحيح مسلم ما يدلّ على أنه قَطَع الصلاة ولم يَبْنِ على صلاته مع معاذ رضي الله عنه .
ففي صحيح مسلم : فانحرف رَجل فسَلّم ، ثم صَلى وحده وانصرف .

قال النووي : وهذا لفظه بحروفه ، وفيه تصريح بأنه لم يَبْنِ بل قطع الصلاة ثم استأنفها ، فلا يحصل منه دلالة للمفارَقة والبِناء . اهـ .
وقال : ومذهب مالك وأبي حنيفة بطلان صلاة المفارِق ، وعن أحمد روايتان كالقولين . اهـ .

وقال ابن رجب في شرح هذا الحديث :
ولم نَقِف فِي شيء مِن الروايات عَلَى أن الرجل قطع صلاته وخَرج من المسجد ولم يُصَلّ ، كما بوّب عَلِيهِ البخاري . وفي بعض النسخ : " فخرج فصلى " ، وَهُوَ أصح .
ولو فارَق المأموم لغير عذر ، لَمْ يَجُز فِي أصح الروايتين عن أحمد ، وهو قول أَبِي حنيفة ومالك . والثانية : يجوز ، وهو قول أَبي يوسف ومحمد .
وللشافعي قولان .
واستدلوا عَلَى أَنَّه لا يجوز ، وأن الصلاة تبطل بِهِ بِقول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : " إنما الإمام ليؤتم بِهِ ، فلا تختلفوا عَلِيه " ومفارَقته مِن غير عذر مِن الاختلاف عَلِيهِ . اهـ .

وأما ما اعتُرِض به على أن هذه الرواية : أن هذه الزيادة - يعني : سلام الرَّجُلُ - تفرد بِهَا مُحَمَّد بن عباد عَن سُفْيَان . قَالَ : لا أدري هَلْ حفظها عَن سُفْيَان أم لا ؛ لكثرة من رواه عَن سُفْيَان بدونها ؟

فهذا مُتعقّب مِن جهتين :
الأولى : أن هذا مُجرّد شك ، فإنه الإمام البيهقي إنما قال : لا أدري هَلْ حفظها عَن سُفْيَان أم لا ؟ ، فهو لم يَجزم بأنها زيادة مِن محمد بن عباد .
قال النووي عن قوله " لا أدري هَلْ حفظها عَن سُفْيَان أم لا ؟ " : وهذا الجواب فيه نَظَر ؛ لأنه قد تقرر وعُلِم أن المذهب الصحيح الذي عليه الجمهور مِن أصحاب الحديث والفقه والأصول : قبول زيادة الثقة . اهـ .

الثانية : أنه لم يتفرّد بها محمد بن عباد عن سفيان ، بل رواها النسائي عن واصِل بن عبد الأعلى قال : حدثنا ابن فضيل عن الأعمش عن محارب بن دثار وأبي صالح عن جابر ، بلفظ : فانصرف الرجل فصَلّى في ناحية المسجد . وفي آخر الحديث : فأرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم إليه ، فقال : ما حملك على الذي صنعت ؟ فقال يا رسول الله عملت على ناضحي مِن النهار ، فجئت وقد أقيمت الصلاة ، فدخلت المسجد فدخلت معه في الصلاة ، فقرأ سورة كذا وكذا ، فَطَوّل فانصرفت فصَلّيت في ناحية المسجد .
وبوّب عليه الإمام النسائي : خروج الرجل مِن صلاة الإمام وفراغه مِن صلاته في ناحية المسجد .

وخلاصة القول : أن مَن يُصلّي أربعا لا يقتدي بِمن يُصلّي ثلاثا ، والعكس : مَن يُصلّي ثلاثا لا يقتدي بِمن يُصلّي أربعا ؛ لاختلاف صورة الصلاة ، وحصول المخالَفة التي نَهَى عنها النبي صلى الله عليه وسلم .
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى عن الاختلاف على الإمام حتى في القراءة ، فقال : إنما جُعِل الإمام إنما الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وإذا قرأ فأنصتوا .
وأما اقتداء مَن يُصلّي المغرب خلف مَن يُصلّي العشاء قَصْرا ( ركعتين ) ؛ فيجوز ؛ لأنه مِن باب " وما فاتكم فأتِمُّوا " ، كما في الصحيحين .

والله تعالى أعلم .