و الصلاة و السلام على رسوله و مصطفاه سيدنا محمد و على آله و صحبه
و من والاه
و بعد
كان في خلافة عمر بن عبد العزيز نموذجاً رائعاً من الحكمة و العدل فقد كان –
ولا نزكي على الله أحد-
تقياً ,ورعاً ,متواضعاً,زاهداً, عابداً
طائعاً لأوامر الله.
فقد باع الدنيا و هجرها و اتقى الشبهات حتى في صغائر الأمور , فقد كان
يتورع حتى عن شم المسك الذي في بيت مال المسلمين ,و كان رضي الله عنه متواضعاً
يخدم نفسه بنفسه,و يخدم أهل بيته لا بل حتى جواريه ,(فقد كان يوم حاراً فقال رضي
الله عنه لإحدى جواريه روِّحيني فأقبلت تروِّحه فغلبتها عيناعا فنامت فأخذ عمر
المروحه و أخذ يروِّحها فانتبهت فقال لها إنما انت بشر مثلي أصابك من الحر ما
اصابني و احببت ان أروِّحك كما روَّحتني.
و كان رضي الله عنه بسيطاً في لباسه و طعامه و شرابه ,على عكس ما كان عليه
قبل الخلافه , إذ كان قبلها من أعطر و ألبس الناس و أخيلهم في مشيتهم.و بعد أن
تولى الخلافه ألزم نفسه بعيش الزهاد و خرج عن ماله كله الذي كان أكثر من ثلاثه و
عشرين ألف دينار و جعله في بيت مال المسلمين, و كان يلبس الخشن من الثياب, و كان
طعامه العدس و الثو المسلوق بالزيت و الملح.
كان رضي الله عنه يأخذ الناس باللين و التدرج في إقامتهم على العدل, فقد كان لا يخرج
لهم شيئ من الدين إلا و معه طرف من الدنيا,خوفاً من ان ينخرق عليه منهم ما لا طاقه
له به. و من اشهر ما قاله في هذا : (ما طاوعني الناس على ما أردت من الحق حتى بسطت
لهم من الدنيا شيئ)