تحتاج حياتنا بين الحين والحين إلى تجديد يعيد لها قوة الإيمان،ويحيي فيها نبض العقيدة، ويُنمّي فيها إحساس العبودية لله تعالى، ويدفع بها نحو ربها، وهي نادمة على معصيته، مجتهدة في طاعته.
تجديد يعيد إلى القلب رقته،فيخشع لآيات القرآن الكريم، ويتدبر في معانيها، وينقاد لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويهتدي بسنّته.
تجديد ينتقل بالنفس من رتابة الأداء في العبادةإلى حضور القلب فيها، والإحساس بجمالها ومبانيها، ويقف بها عن المعاصي والمحرمات، ويبعث فيها الأمل بسعة الرحمة، وقبول التوبة، وغفران الذنوب ومحو السيئات.
تجديد يغير حياتنا لتكون أكثر قرباً من الله، في فكرنا وأعمالنا ومعاملاتنا وعلاقاتنا.
وأعظم فرصة لتجديد الحياة، وزيادة الإيمان، هي أفضل الأزمنة وأشرف الأوقات، حين يدنو الله -تعالى- من عباده، ويفتح لهم أبواب المغفرة، ويجزل لهم العطاء، ويكون العمل أرجى للقبول، والدعاء أقرب للإجابة. والنفس بحاجة في كثيرمن الأحيان إلى ما يحفز فيها النشاط، ويشوّقها إلى التغيير، وهاهي ذي أيام العشرالأول من ذي الحجة، وما يتبعها من أيام التشريق، جاءت بما أودع الله -تعالى- فيها من فضائل، لتوقظ الهمم، وتُنشط النفوس، فليس هناك أيام جمعت من خصائص الفضل، وأسباب السعادة، كهذه الأيام، وتأمّل كم جمعت من ميزات، وكم حازت منفضائل: الفضائل
·هي الأيامُ العشر التي أقسم اللّه بها في كتابهبقوله: { وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1-2[
·والتى قال فيها رسولة -عليه الصلاة والسلام-: (ما العمل الصالح في أيام أفضل من هذه العشر، قالوا: ولا الجهاد؟ قال: ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء). رواه البخاري.
أيام عظيمة الحرمة لكونها في ذي الحجة، وهو من الأشهرالحرم ولهذا حذّرالله -تعالى- عباده من تعدي الحدود فيها، فقال بعد بيان حرمتها: { فَلاَتَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ}
·نالت شرف قيام ركن الإسلام الخامس في زمانها، حين يأتي الناس أفواجاً من كل فج عميق، ليبدؤوا فيها مناسكهم وشعائر حجهم
·فيها خير يومين في العام، وهما يومعرفة ويوم النحر،
يوم عرفة : وهو اليوم المشهود الذي أكمل الله فيه الدّين ، يوم المغفرة والعتق منالنار ، أكثر أيام السنة يُرى الشيطان فيه ذليلاً حقيراً مُغتاظاً لكثرة عتقاء اللهمن النار ، يباهي ربنا تعالى في يوم عرفة ملائكته بأهل الأرض . عن عائشة – رضي الله عنها – أنالنبي صلى الله عليه وسلم قال (( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة ، وإنه ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكة)) وهو خير أوقات الدعاء، لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لهالملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)). صحيح- سنن الترمذي.
ويوم النحر: من أيام العشر قال ابن القيم: خير الأيام عند اللّه يومُ النحر، وهو يومُ الحج الأكبر، كما في السنن عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أَفْضَلُ الأيام عند الله يوم النحر،ثم يوم القر).). ويوم القر هو يوم الاستقرار في منى رواه أبو داود، وصححه الألباني.
الأعمال
نستقبل مواسم الخير عامة بتجديد النية والعزم الصادق الجاد على اغتنامها بما يرضي الله عز وجل، فمن صدق الله صدقة الله: (والذين جاهدوا فيينا لنهدينهم سبلنا) [العنكبوت:69].
·التوبة النصوح : حري بالمسلم أن يستقبل مواسم الخير عامة بالتوبة الصادقة النصوح، وبالإقلاع عن الذنوب والمعاصي، فإن الذنوب هي التي تحرم الإنسان فضل ربه، وتحجب قلبه عن مولاه.
فأسرع بتوبة صادقة، تراجع فيها ماضيك، وتصلح حاضرك، وتخطط لمستقبلك
·الصيام: عن حفصة (رضي الله عنها) قالت: (أربع لم يكن يدعهن النبي -صلى الله عليه وسلم-: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة)
ويتأكد صيام يوم عرفة لغير الحجاج ، لما رواه مسلم في صحيحه عن أبي قتادة – رضي الله عنه – قال : سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة ؟ فقال (( يُكفر السنة الماضية والباقية
· كثرة الأعمال الصالحة من نوافل العبادات : كالصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحرص على أعمال البر والخير من صلة الرحم، وزيارة الأقارب، وترك التباغض والحسد والكراهية، وتطهير القلب منها، والعطف على المساكين والفقراء والأيتام ومساعدتهم وإدخال السرور عليهم..
·التكبير: يسن إظهار التكبير في المساجد والمنازل والطرقات والأسواق، وغيرها، يجهر به الرجال، وتسر به المرأة، إعلاناً بتعظيم الله (تعالى). (كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما).
·صلاة العــــيد : على المسلم الحرص على أدائها حيث تصلى وحضور الخطبة والاستفادة منها وعليه معرفة أن هذا العيد يوم شـــــكر وعمل بر
·الأضحية: قال تعالى : (( فصل لربك و انحر )) ، و قال تعالى : (( فكلوا منها و أطعموا البائس الفقير)) فسارع إلى أضحيتك بعد أن تصلى صلاة العيد واذبحها استجابة لأمر الله وكل منها ثلثا وأهدِ منها ثلثا وتصدق بالثلث الأخير، وأمسك عن شعرك وأظافرك من بداية العشر، استجابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: "إذا أقبلت العشر و أراد أحدكم أنيضحي فليمسك عن شعره و أظفاره".
لنجعل شعارنا في هذه الأيام هو: (( لبيك اللهم لبيك))
جدول أعمال العشر الأوائل من ذى الحجة - مرفق مع الموضوع