قال ابن القيم رحمه الله:
" وأما ما يظنه بعض الغالطين أن المحبة أكمل من الخلة وأن إبراهيم خليل الله ومحمد حبيب الله فمن جهله ؛ فإن المحبة عامة والخلة خاصة، والخلة نهاية المحبة وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله اتخذه خليلًا ونفى أن يكون له خليل غير ربه مع إخباره بمحبته لعائشة ولأبيها ولعمر بن الخطاب وغيرهم،
وأيضا فإن الله سبحانه يحب التوابين ويحب المتطهرين ويحب الصابرين ويحب المحسنين ويحب المتقين ويحب المقسطين وخلته خاصة ، والشاب التائب حبيب الله وإنما هذا من قلة العلم والفهم عن الله ورسوله" .
الداء والدواء ص/447 ، ط. المجمع .
وقال أيضًا في ( روضة المحبين ):
" وقد ظن بعض من لا علم عنده أن الحبيب أفضل من الخليل ، وقال: محمد حبيب الله وإبراهيم خليل الله! وهذا باطل من وجوه كثيرة:
منها: أن الخلة خاصة والمحبة عامة ، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ، وقال في عباده المؤمنين: {يحبهم ويحبونه}.
ومنها: أن النبي نفى أن يكون له من أهل الأرض خليل ، وأخبر أن أحب النساء إليه عائشة ، ومن الرجال أبوها.
ومنها: أنه قال: "إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا".
ومنها: أنه قال: "لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا ، لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الإسلام ومودته" اهـ
وقال ابن تيمية رحمه الله في رسالته "العبودية" :
"والخلة هي كمال المحبة المستلزمة من العبد كمال العبودية لله ومن الرب سبحانه كمال الربوبية لعباده الذين يحبهم ويحبونه ، ولفظ العبودية يتضمن كمال الذل وكمال الحب فإنهم يقولون قلب متيم إذا كان متعبدا للمحبوب ، والتيم التعبد ، وتيم الله عبده ، وهذا أعلى الكمال حصل لإبراهيم ومحمد -صلى الله عليهما وسلم- ولهذا لم يكن له من أهل الأرض خليل ، إذ الخلة لا تحتمل الشركة فإنه كما قيل في المعنى :
( قد تخللت مسلك الروح منى ... وبذا سمى الخليل خليلا )
بخلاف أصل الحب فإنه -صلى الله عليه وسلم- قد قال في الحديث الصحيح في الحسن وأسامة : "اللهم إني أحبهما فأحبهما ، وأحب من يحبهما" ، وسأله عمرو بن العاص : أي الناس أحب إليك ؟ قال: "عائشة" . قال: فمن الرجال ؟ قال : "أبوها".
وقال لعلى -رضى الله عنه- :
"لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله" ، وأمثال ذلك كثير.
وقد أخبر تعالى أنه يحب المتقين ، ويحب المحسنين ، ويحب المقسطين ويحب التوابين ، ويحب المتطهرين ، ويحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ، وقال [ 54 المائدة ] : { فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه } ، فقد أخبر بمحبته لعباده المؤمنين ومحبة المؤمنين له حتى قال [ 165 البقرة ] : { والذين آمنوا أشد حبا لله }.
وأما الخلة فخاصة ، وقول بعض الناس: "إن محمدا حبيب الله ،وإبراهيم خليل الله" ، وظنه أن المحبة فوق الخلة! قول ضعيف ، فإن محمدا أيضا خليل الله كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة المستفيضة ؛ وما يروى: "أن العباس يحشر بين حبيب وخليل" ، وأمثال ذلك أحاديث موضوعة لا تصلح أن يعتمد عليها " اهـ.
وقال أيضًا في "مجموع الفتاوى" (10/204) :
" وقول بعض الناس إن محمدا حبيب الله وإبراهيم خليل الله ، وظنه أن المحبة فوق الخلة ، قول ضعيف ، فإن محمدا أيضا خليل الله ، كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة المستفيضة " اهـ .
قال الشيخ الفوزان في التعليقات المختصرة على العقيدة الطحاوية :
و " حبيب رب العالمين " هذه العبارة فيها مؤاخذة؛ لأنه لا يكفي قوله : حبيب ، بل هو خليل رب العالمين؛ والخلة أفضل من مطلق المحبة؛ فالمحبة درجات ، أعلاها الخلة ، وهي خالص المحبة ، ولم تحصل هذه المرتبة إلا لاثنين من الخلق إبراهيم عليه الصلاة والسلام وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ، ونبينا عليه الصلاة والسلام ، فقد أخبر بذلك فقال : إن الله اتخذني خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلًا . فلا يقال : حبيب الله؛ لأن هذا يصلح لكل مؤمن ، فلا يكون للنبي صلى الله عليه وسلم في هذا ميزة ، أما الخلة فلا أحد يلحقه فيها .اهـ
gh jrg : lpl] pfdf hggi K fg rg ogdg
توقيع : السمراء أم شامة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يوشك الأمم أن تداعى عليكم ، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ، فقال قائل : و من قلة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير ، و لكنكم غثاء كغثاء السيل ، و لينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، و ليقذفن الله في قلوبكم الوهن ، فقال قائل : يا رسول الله و ما الوهن ؟ قال حب الدنيا و كراهية الموت