1- التجرد من الهوى:
يجب أن يكون المسلم متجردًا عن الهوى قبل أن يصدر حكمه في الآخرين؛ لكي يكون الحكم والتقدير صوابًا؛ لأن التجرد عن الهوى يعصم المسلم أن يتغاضى عن محاسن المتكلَّم فيه؛ فالهوى أمر خفي يتسلل إلى قلب المرء بالتدريج حتى يسيطر عليه وهو لا يشعر، ولذلك قال تعالى لنبيه داود u: }وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ{ [ص: 26]، فجعل اتباع الهوى ضلالاً عن سبيل الله القويم.
2- الخوف من الله سبحانه وتعالى:
قال تعالى في وصف المؤمنين: }وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ{ [الرعد: 21]، وقال تعالى: }الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ{ [الأنبياء: 49]، فإذا اتصف المسلم بهذه الصفات العظيمة فإنه لا يقع في الظلم ولا يقع في الغيبة والنميمة بحجة التقويم والإصلاح؛ بل إذا قوم شخصًا أو جماعة كان خائفًا أن يقع في الإثم الذي حذر الله منه، قال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ{ [الحجرات: 12]؛ ففي هذه الآية قاعدة عظيمة للمسلمين، ولمن كان يخاف الله رب العرش العظيم.
3- تقديم حسن الظن:
قال الله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ{ [الحجرات: 2].
وقال النبي r: «إياكم والظن؛ فإنَّ الظن أكذب الحديث». [رواه البخاري].
والأصل إحسان الظن بالمسلمين، وحمل كلامهم وأفعالهم على المحمل الحسن ما دام يحتمل ذلك؛ حتى يتبين له خلافه وبدليل قطعي لا شك فيه، وقد بين الله تعالى هذا الأصل عندما تكلم عمن تكلم في حادثة الإفك، وأوضح تعالى أن نقل هذا الكلام والخوض فيه من دون بينة من الذنوب العظيمة، فقال: }إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ{ [النور: 15]، ثم حذر تعالى من العودة لمثل ذلك فقال: }يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ{ [النور: 17].
4- التثبت من الرواية قبل إصدار الحكم:
يجب علينا جميعًا أن نتثبت في كل ما ينقل إلينا عن إخواننا خاصة، ولا نعتمد على: «قيل وقال» أو: «زعموا» أو: «بلغني»... إلخ؛ لأن نقل الكلام في حق الآخرين من دون تثبت فيه إثم عظيم على صاحبه، قال تعالى في حق الذين خاضوا في اتهام أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالفاحشة: }إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ{ [النور: 11]، وقال r: «كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع» [رواه مسلم]، وعن المغيرة بن شعبة أن رسول الله r: «نهى عن قيل وقال» [متفق عليه]؛ أي الذي يكثر من الحديث عما يقول الناس من غير تثبت ولا تدبر ولا تبين.
5- أن يعد الجواب ليوم العرض على الله تعالى:
يجب على كل من أراد تقويم فرد أو جماعة أن يعد الجواب لله سبحانه تعالى يوم القيامة، لماذا قلت هذا؟ لأن كل قول يصدر من الإنسان يسجل عليه، قال تعالى: }مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ{ [ق: 18].
منقول بتصرف.
وللحديث تتمة
قال الإمام ابن قتيبة في مقدمة كتابه " إصلاح غلط أبي عبيد "
و قد كنا زمانا نعتذر من الجهل , فقد صِرنا الآن إلى الإعتذار من العلم , و كنا نؤمّل شكر الناس بالتنبيه و الدلالة , فصرنا نرضى بالسلامة , و ليس هذا بعجيب مع انقلاب الأحوال , و لا ينكر مع تغير الزمان , و في الله خلف و هو المستعان
رد: ضوابط الجرح والتعديل والحكم على الأفراد والجماعات (1)
بارك الله بكم وحياكم الله
اللهم ارزقنا الإخلاص والقبول
توقيع : الأرقم
قال الإمام ابن قتيبة في مقدمة كتابه " إصلاح غلط أبي عبيد "
و قد كنا زمانا نعتذر من الجهل , فقد صِرنا الآن إلى الإعتذار من العلم , و كنا نؤمّل شكر الناس بالتنبيه و الدلالة , فصرنا نرضى بالسلامة , و ليس هذا بعجيب مع انقلاب الأحوال , و لا ينكر مع تغير الزمان , و في الله خلف و هو المستعان