أولاً : إخلاص النية لله تعالى
يقول الله تعالى "فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدى" .
ويقول تعالى "هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ".
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال الله تعالى " أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" رواه مسلم
قال سهل بن عبد الله : " ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب ".
وقال ابن القيم : " العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملاً يثقله ولا ينفعه ".
وسئل الإمام أحمد بن حنبل عن الصّدق والإخلاص فقال : بهذا ارتفع القوم .
قال شريح: "الحاج قليل والركبان كثير" ، فما أكثر الذين يعلمون الخير، ولكن ما أقل الذين يريدون وجه الله .
اذاً ماهي نيتك يا من تريد الحج ؟
هل تريد ثناء الناس لك على أنك تحج كل عام ؟
أو أنك حججت خمسين حجه ام ماذا ؟
لقد كان بعض السلف يعرض له العمل فيتأخر فيه فإن كان لله تقدم وإن كان غير ذلك تأخر.
ثانياً : المتابعة للنبي عليه الصلاة و السلام
فالعمل الذي لا يوافق سنة النبي صلى الله عليه وسلم فهو مردود على صاحبه , قال عليه الصلاة و السلام " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " .
قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "اتَّبِعوا ولا تبتدِعُوا؛ فقد كُفِيتُم".
وكان عُمرُ - رضي الله عنه - يهُمُّ بالأمر ويعزِمُ عليه ، فإذا قِيلَ له: لم يفعلهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم ؛ انتَهَى - أي تركه .
قال الإمام مالك بن أنس - رحمه الله : " من إبتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة ؛ فقد زعم أن محمداً خان الرسالة ؛ لأن الله يقول :" اليوم أكملت لكم دينكم " فما لم يكن يومئذٍ ديناً ؛ فلا يكون اليوم ديناً " .
ثالثاً : النفقة الطيبة في الحج
لتعلم أيها الحاج أن طيب النفقة في الحج أصلٌ في قبول العمل , فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: " يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ " وقال: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ " ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك . رواه مسلم
و ما أجمل ما قاله القائل في أبياته :
إذا حججــــت بمـــــال أصلــــه ســــحت
فمــــا حججـــت ولكـــن حجـــت العـــير
لا يقبــــــل اللــــــه إلا كــــــل طيبــــــة
مـا كـــل مـــن حـــج بيــت اللــه مــبرور
رابعا: الصحية الصالحة
يقول الله تعالى: " الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ "
أيها الحاج المبارك عليك بالأصحاب الصالحين الطيبين ، من الأتقياء والعباد والزهاد ، وأهل العلم والخير، وأصحاب الفضل والهمة ، الذين يذكرونك إذا نسيت ، ويعلمونك إذا جهلت ، وينشطونك إذا كسلت ، فتكتسب منهم أخلاقا وآدابا صالحة ، وهمة عالية ، وذلك لأن المرء على دين خليله ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المرءُ على دِين خليله ، فلينظرْ أحدُكُم مَن يُخَالِلْ " رواه أبو داود .
خامسا: حفظ الوقت
عليك أيها الحاج أن تحفظ وقتك بالطاعات و القربات التي تقربك إلى الله تعالى من الدعاء و الذكر و الصلاة و الإستغفار و قراءة القرآن .
وعليك أيضاً ضد ذلك أن تحفظ لسانك عن كثرة القيل والقال ، والخوض فيما لا يعنيك والإفراط في المزاح ، وصون اللسان عن الكذب والغيبة والنميمة وسائر قول الزور .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه :"من حجّ فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" . متفق عليه
قال الحسن البصري: " يا ابن آدم ، نهارك ضيفك فأحسِن إليه ، فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك ، وإن أسأت إليه ارتحل بذمِّك ، وكذلك ليلتك".
قال ابن مسعود:" ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يزدد فيه عملي”.
قال ابن القيم: " إضاعة الوقت أشد من الموت ؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة ، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها " .
سادساً : قراءة سير الأبرار السابقين من خيار السلف الصالحين ففيها ما يشحذ الهمم ويرقق القلب .
سابعاً : أن تعلم أن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " متفق عليه .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه". البخاري
قال الصنعاني :
الحج المبرور: هو الذي لا يخالطه شيء من الإثم ورجحه النووي ، وقيل : المقبول، وقيل: الذي تظهر ثمرته على صاحبه بأن يكون حاله بعده خيراً من حاله قبل. سبل السلام ج/2 - ص457
ثامناً : مساعدة الآخرين
ولا ريب أن هذا العمل عظيم عند الله ، و عظيم في نفوس الناس ، إذ الحياة مليئة بالمشقات والصعوبات ، ومطبوعة على التعب والكدر ، وقد تستحكم كربها على المؤمن ، حتى يحار قلبه وفكره عن إيجاد المخرج .
وحينها ، ما أعظم أن يسارع المسلم في بذل المساعدة لأخيه ، ومد يد العون له ، والسعي لإزالة كربته أو تخفيفها ، وكم لهذه المواساة من أثر في قلب المحتاج .
ففي الحديث قوله عليه الصلاة و السلام : " والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .. " رواه مسلم
تاسعا: حسن الظن بالله و انه واسع المغفرة
عن أنس - رضي الله عنه - أنه قال: وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفات وقد كادت الشمس أن تؤوب ، فقال - صلى الله عليه وسلم : يا بلال ، أنصت لي الناس ، فقام بلال فقال: أنصتوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأنصت الناس فقال : معشر الناس ، أتاني جبريل عليه السلام آنفًا فأقرأني من ربي السلام وقال: إن الله - عز وجل - غفر لأهل عرفات وأهل المشعر وضمن عنهم التبعات ، فقام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال : يا رسول الله ، لنا خاصة ، قال: هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة ، فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كثر خير الله وطاب . صحيح الترغيب و الترهيب للألباني .
يقول عبدالله بن المبارك جئت إلى سفيان الثوري - رحم الله الجميع - عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه في عرفة ، وعيناه تُهمِلان من الدموع ، فقال ابن المبارك لسفيان الثوري: من أسوأ هذا الجمع حالًا، فقال : الذي يظن أن الله لا يغفر له .
عاشراً : الحذر من الذنوب
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: من حج لله فلم يرفث ولم يفسق ، رجح كيوم ولدته أمه . البخاري
فالواجب على الحاج الحرص على تحقيق أسباب المغفرة بالاستقامة على الطاعة ، وحفظ الحج وصونه عما ينقص أجره من الرفث والفسوق والجدال ، والحذر كل الحذر مما يتساهل فيه الناس .
الحادي عشر : وصية للمرأة المسلمة
هنيئاً لك أيتها الغالية على تلبية النداء و السير إلى طاعة ربك و مولاك وقد تركت خلفك الأهل و الأولاد و الأصحاب و متاع الدنيا الزائلة كل ذلك طمعاً فيما عند ربك الرحمان التواب , فأبشري يا من تريدين مغفرة الذنوب و العصيان و رضى الرحيم الرحمان أبشري فقد قال عليه الصلاة و السلام " من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه "
ومع ذلك فإنني أوصيك أيتها الغالية بالابتعاد عن الزينة والروائح الطيبة , و الالتزام بالحجاب الشرعي و عدم مزاحمة الرجال حتى يكون حجك مبرورا و ذنبك مغفورا .
فأنتِ جوهرةٌ ثمينة ودرّة مكنونة ، وذات خلق مصونة .
الثاني عشر : إتباع التعليمات وعدم مخالفتها
فإن الدولة وفقها الله تعالى قد جعلت قواعد و شروطاً من أجل ترتيب الحج ، فالذي ينبغي للحاج إتباعها وعدم مخالفتها لما في ذلك من المصلحة العامة .
وكم رأينا و شاهدنا تبعات المخالفين للنظام ، فحدث على إثرها الفواجع و المآسي ما يتفطر لها قلب كل مؤمن تقي يخاف الله تعالى .
الثالث عشر : تعلم أحكام الحج
وهذا أمر مهم يغفل عنه البعض من الناس عند أداء المناسك مما يجعلهم يقعون في المحظورات و المخالفات , ويمكن للإنسان أن يتعلم أحكام الحج عبر قراءة كتب المناسك أو السماع للدروس أو سؤال أهل العلم الموثقين بعلمهم .
الرابع عشر : تفقد حاجات أهلك عند السفر
فعليك أيها الحاج إذا عزمت على الحج أن تتفقد حاجات أهلك و ما يحتاجون إليه من النفقة و غيرها قبل السفر ومن يقوم على شؤونهم و يرعاهم و يقضي لهم حاجاتهم فكفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يعول .
الخامس عشر : تذكر الآخرة
تذكر يا عبدالله عندما تفارق أهلك و أحبابك في حال سفرك للحج , تلك الساعة التي تفارقهم فيها إلى الدار الآخرة و تذكر بياض إحرامك ببياض كفنك و تذكر أنه ليس لك من هذه الدنيا إلا ما قدمته من الأعمال الصالحة .
يذكر عن بعض الصالحين حين ركب دابَّته في سفر الحجِّ أخذه البكاء فقيل: لعلَّه ذكر عياله ومفارقته إياهم ، فسمعهم فقال: والله ما هو ذاك ، وما هو إلاَّ لأنِّي ذكرت بها الرحلة إلى الآخرة، وعلا صوته بالنحيب والبكاء ، وهيَّج من حوله بالبكاء .
اللهم وفقنا للعمل الصالح الذي يقربنا إليك و يقودنا إلى مرضاتك و جنانك يا رب العالمين ,,