منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   الشريعة و الحياة (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=99)
-   -   الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=104755)

المراقب العام 12-09-2016 11:12 AM

الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان
 
http://i39.servimg.com/u/f39/14/26/64/84/untitl10.gif

[frame="1 10"]

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فوائد من شرح معالي الشيخ / صالح آل الشيخ على كتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لابن تيمية رحمه الله


سعد العقيّل


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

قد أثبت الله سبحانه في كتابه العظيم وجود أولياء له اختصهم من بين عباده بشيءٍ من الإلهام والكرامة ، وبيَّن سبحانه أيضا وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم حقيقتهم وصفاتهم ..

وما زال هذا البابُ واضحا لدى المسلمين ، وما زالت الولايةُ كذلك تثبت في الصالحين من الأمة من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان ، حتى تسلق عليها الغرباءُ من غير أهلها ، وتعممَّ بعمامتها البطَّالون فأهلكوا أنفسهم وأهلكوا النَّاس ..

فاستفزت هذه الدعاوى حاويةَ العلوم السلفية - شيخ الإسلام ابن تيمية - ، فاندلقت هذه الحاويةُ مندفعة متلاطمةً بالبراهين والحجج ، ومع التلاطم والحركة سقطَ هذا السقطُ المبارك : كتاب (الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان) ، فأظهر رحمه الله زيفَ هذه الدعاوى ، ومسح بيده المباركة طبقات الوشوشة عن ظهر هذا الباب ، فجزاه الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء ..
وهذه الرسالة النافعة تقعُ ضمن مجموع الفتاوى ( ١٥٦ - ٣١٠ / ١١ ) ، وقد قام الشيخ / صالح آل الشيخ - وفقه الله - بشرح هذه الرسالة المباركة ، بشرحٍ نفيس ، وتحريراتٍ جليلة بديعةٍ ، فجزاه الله خير ..

وهذه فوائد من هذا الشرح المبارك ، اسأل الله سبحانه أن ينفع بها المسلمين .

١ /
إن أولياء الله هم المؤمنون المتقون ، والإيمان يتبعض ، والناس ليسوا فيه سواء ، وكذلك التقوى تتبعض ، والناس ليسوا في التقوى سواء ، فحصل من ذلك أن ولاية الله لعباده المؤمنين المتقين ليست واحدة ، بل متفاضلة ، فالله يحب المؤمن التقي بعامة ، ومن كان أكثر إيمانا وتقوى كان أحب إلى الله . ص ١٥

٢ /
قوله : ( ونشهد ألا إله إلا الله ) : فيه جواز ذلك ؛ لأن من الناس من قال : الأفضل أن يتكلم عن نفسه فيقول : وأشهد ، وألا يأتي بنون الجمع الدالة على نفسه وغيره ؛ لأن الشهادة أمرها باطن ، ولكن هذا جائز ، يقول عن نفسه وعن غيره أيضا باعتبار ظاهر الحال . ص ١٥ [ ولمزيد بيان في هذه المسألة انظر : تهذيب السنن لابن القيم (٣/٥٤) ] .

٣ /
عرف جماعة من أهل العلم الولي : بأنه كل مؤمن تقي ليس بنبي . ص ١٦

٤ /
قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة } قال العلماء : أثبت أنهم ألقوا المودة ومع ذلك ناداهم باسم الإيمان ، فقال { يا أيها الذين آمنوا } ومع ذلك قال في آخرها : { ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل } ، فدل على أن هذا الفعل - وهو الموالاة بهذا المعنى - محرم وضلال عن سواء السبيل ، ولكن لا يخرج عن اسم الإيمان ، ولكنه إذا نصر الكفار مرجحا سلامة نفسه على سلامة الإسلام هنا يكفر ولو بالفعل ، ففرق بين أن يُسرَّ إليهم بشئ أو يمدهم بمال ونحو ذلك ، وبين فعل شئ فيه نصر لهم على المسلمين ، يعني : يفعل شيئا معه نصر للكفر على الإسلام أو ظهور للكفار على المسلمين ؛ ولهذا في نواقض الإسلام لإمام الدعوة رحمه الله ذكر من النواقض : مظاهرة المشركين على المسلمين . ص ٢٠

٥ /
قوله : ( فقد بارزني بالمحاربة ) - في حديث من عادى لي وليا فقد بارزني .. إلخ - : هذا اللفظ ليس في كتب الصحاح - وقد عزاه المؤلف إلى الصحيح - ، وإنما هو عند أبي نعيم ، ولعله أخذها من بعض المستخرجات على الصحيح كمستخرج الإسماعيلي على البخاري ونحو ذلك ؛ لأنه عنده عناية بالجمع بين الصحيحين للحميدي . ص ٢٤

٦ /
لا يُتصور في الولي أنه صاحب كبيرة ، أو صاحب إصرار على الصغائر واستمرار فيها ؛ لأن التقوى هي صفته التي لازمته { الذين آمنوا وكانوا يتقون } ، والتعبير بقوله سبحانه : { وكانوا يتقون } يفيد ثبات هذه الصفة . ص ٢٥

٧ /
قوله : ( ولئن استعاذ بي لأعيذنَّه ، وما ترددت عن شيءٍ أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن ، يكره الموت ، وأكره مساءته ، ولابد له منه ) - في حديث من عادى لي وليا .. وما تقرب إلي عبدي - : التردد هنا تكلم عليه أهل العلم بكلمات ، وأصح ذلك : أن التردد مثل الصفات الأخرى - التي هي صفة المكر والإستهزاء ونحو ذلك - من جهة أنه يكون نقصا ويكون كمالا ، فالتردد على نوعين :

الأول : يكون التردد نقصا إذا كان مع عدم العلم بالعاقبة ؛ لأنه يكون من نتائج الجهل ، فالمتردد يتردد ويكون نقصا في حقه أنه تردد ؛ لأنه لا يعلم العاقبة ، أو لخوفه وعدم جرأته على الأمر ، أو لعدم قدرته عليه يشك هل سيقدر أو لا يقدر ، أو هل سيقوى أو لا يقوى ، وعدم علمه بالعاقبة هو سبب هذا التردد ، وهذا التردد نقص ، وهذا منفي عن الله عز وجل .

الثاني : إذا كان التردد بين أمرين كل منهما حق ومحمود في نفسه ، لكن يختلف بحسب تعقله بالمختار له ، مثلا تريد أن تشتري لمن تحب شيئا ، فترددت بين هذا وهذا لا من جهة عدم علمك بالأفضل ، ولكن من جهة الإكرام ، أو زارك أحد فتقول : أقدم له ذبيحتين أم ثلاثا ، هذا التردد ليس نقصا ، فأنت الآن بين كرم وأكرم وهذا ليس نقصا ، بل هذا تردد فيما يناسب المختار له ، هذا هو الذي من جنسه جاء هذا الحديث : ( وما ترددت عن شيء أنا فاعله ) هذا التردد الحق وهو الكمال لا نقص فيه بوجه من الوجوه ، وهذا أحسن الأجوبة على ذلك ، وهذه طريقة المحققين . ص ٢٧ [ ولمزيد بيان في هذه المسألة انظر : مجموع الفتاوى (١٨/١٢٩) ، ولقاءات الباب المفتوح (١٢/٥٩) ] .

٨ /
لا يفهم من التمثيل بالسمع ، والبصر ، واليد ، والرجل = الحصر - في حديث كنت سمعه .. وبصره .. إلخ - كنت سمعه وبصره وأيضا لسانه وفهمه وتفكيره . ص ٢٨

٩ /
توجد رواية موضوعة مكذوبة في هذا الحديث يستدل بها الصوفية بعد قوله : ( ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ) ، وهي : "حتى يقول للشيء : كن فيكون " ، هذه موجودة في بعض كتب الحديث مسندة ، لكنها موضوعة يستدل بها الصوفية في أن الله يعطي الأولياء ملكوته يتصرفون فيه بما يريدون ، وهذا باطل من جهة الإستدلال ، وباطل من جهة الأصول القطعية الدالة على أن الله لا ينازعه أحد في ملكه ، وليس له شريك .

١٠ /
قوله : ( وأفضل أولي محمد صلى الله عليه وسلم ، خاتم النبيين ، وإمام المتقين ، سيد ولد آدم ، وإمام الأنبياء إذا اجتمعوا .. ) هذه الكلمات التي ذكرها شيخ الإسلام لو قارنتها بختمة القرآن المنسوبة لشيخ الإسلام ابن تيمية - صدق الله العظيم الذي لا إله إلا هو ، المتوحد في الجلال .. إلخ - لوجدت فيها هذه الكلمات ، وهذه الختمة لا تصح إسنادا ، وإن كانت مشهورة النسبة ، فالختمة المعروفة بختمة شيخ الإسلام كلماتها متفرقة في كتب شيخ الإسلام ، فمن أراد أن يأخذها جملاً ويحيل كل جملة منها إلى موضعها من كلام شيخ الإسلام وجد ذلك ؛ ولهذا يقول علماؤنا : إن هذه نَفَسُها نفس شيخ الإسلام ، كلامها كلام شيخ الإسلام ، فمن عرف كلام شيخ الإسلام قال : إنها من كلامه ، لكن نسبتها إليه غير ثابتة ، فلينتبه لذلك . ص ٣٧ [ ولمزيد بيان في هذه المسألة انظر : فتاوى ابن عثيمين (١٤/٢٢٦) ، مرويات دعاء ختم القرآن للشيخ بكر أبو زيد رحم الله الجميع ] .

١١ /
قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل النار أحدٌ بايع تحت الشجرة " له نظائر لي النصوص من استعمال كلمة (لا يدخل) إما في الجنة أو النار ، مثل " لا يدخل النار من كان قلبه مثقال ذرةٍ من إيمان " وقوله : " لا يدخل الجنة قتات " ، ونحو ذلك ، وهذا النفي للدخول عند أهل السنة تارة يراد به نفي الأصل ، وتارة يراد به نفي التخليد ، وتارة يراد به نفي الأولية ، فالنفي في هذا الحديث المراد به نفي الأصل ، فقوله : " لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة " يعني لا يدخلها أصلاً ، وما جاء في النَّفي بدخول الجنة مثل قوله : " لا يدخل الجنة قتَّات " هذا المراد به الدخول الأولي ، يعني : لا يدخلون أولا ، بل يتأخرون .

فدخول الجنة على قسمين :
الأول / دخول أولي ، يعني : دخولا - إن صح التعبير - مبكرا ، دخول في أول الأمر بعد أن ينقضي الناس من الحساب ، فإنه يدخل الجنة فئام مبكرين في الدخول .
الثاني / دخول متأخر ، وهولاء هم من شاء الله أن يدخلوا النار فيعذبوا فيها بقدر أعمالهم .
فقد ينفى دخول الجنة ويراد به نفي الدخول الأولي أو الدخول المبكر ، كما في حديث أبي هريرة : " كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى - وفي نسخة الحافظ اليونيني " ومن يأبى " - ، قيل : ومن أبى ؟ قال : من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى " .
قال : " يدخلون الجنة " أولاً مبكرا ولا يتأخرون عن دخولها ، إلا من عصاني فإنه لا يدخل الجنة أولا ، وإنما يتأخر .
ويقابل هذا نصوص التحريم ؛ كقوله صلى الله عليه وسلم " لا يدخل الجنة قاطع رحم " ، ونحو ذلك ، فالتحريم في النصوص أيضا قسمان :
تحريم أبدي : هذا يعني أنه يحرم عليه أن يخرج من النار البتة ، أو يحرم عليه أن يدخل الجنة البتة .
تحريم مؤقت : أنه يحرم عليه الجنَّة إلى زمن ، ثم يدخلها . ص ٤١ -٤٣

١٢ /
والاعتقاد في الفقراء هذا كثير في البلاد الإسلامية ، فيظنون ملازمة الولاية للفقر ، وأن الولي لا بد أن يكون فقيرا متنكبا عن الدنيا ، وهذا باطل ، بل سادة أولياء الله من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم العشرة المبشرين بالجنة في مجلس واحد ، ومنهم : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعبدالرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم ، وكانوا أغنياء . ص٥٣

١٣ /
وقد زعم المتأخرون من الجهال أن هناك من أولياء الله من يأخذون من المعدن الي أخذ منه المَلَك مباشرة ، وبهذا يَفضلون محمدا صلى الله عليه وسلم ، يقولون : الولي يأخذ عن الله مباشرة ، وأما النبي فأخذ عن الله بواسطة جبريل عليه السلام ، فكما ذكر ابن عربي وغيره ، قال : فالولي يأخذ من المعدن الذي أخذ منه المَلَك مباشرة ، يعني : فلا يحتاج لواسطة ، ففُضل بهذا النبي .
وقالوا : الولي يمكن أن يخرج عن شريعة النبي ؛ لأنه في الظاهر متبع للنبي ولكنه في الباطن يتلقى تلقيا خاصا ؛ ولهذا زعموا أن هناك من تسقط عنه التكاليف ، وأن هناك من يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى . ص ٥٤

١٤ /
وكذلك حكماء اليونان مثل : أرسطو وأمثاله كانوا مشركين يعبدون الأصنام والكواكب ، وكان أرسطو قبل المسيح بثلاثمائة سنة ، وكان وزيرا للإسكندر بن فيلبس المقدوني وهو الذي تؤرخ به تواريخ الروم واليونان ، وُتؤرِّخ به اليهود والنصارى ؛ وليس هذا هو ذو القرنين الذي ذكره الله في كتابه كما يظن بعض الناس أن أرسطو كان وزيرا لذي القرنين ، لما رأوا أنَّ ذاك اسمه الإسكندر وهذا قد يسمى بالإسكندر ظنوا أن هذا ذاك ، كما يظنه ابن سينا وطائفة معه ، وليس الأمر كذلك ، بل هذا الإسكندر المشرك الذي قد كان أرسطو وزيره متأخرٌ عن ذاك ، ولم يبنِِ هذا السد ولا وصل إلى بلاد يأجوج ومأجوج - هذا من كلام شيخ الإسلام - . ص ٦١ [ ولمزيد بيان في هذه المسألة انظر : الفتح القدير للشوكاني في تفسير قوله سبحانه { ويسألونك عن ذي القرنين } ] .

١٥ /
تُعرَّف الكرامة التي تكون للأولياء بأنها : أمر خارق للعادة جرى على يدي الولي ، وآية النبي : أمر خارق للعادة جرى على يد نبي ، والعادة التي تخرق لفظها غير منضبط ؛ لأنهم قالوا : خارق للعادة . العادة هذه ، عادةُ من ؟ هذا الوصف غير منضبط ؛ ولهذا عند التحقيق يكون فيه تفصيل .

فالعادة التي تُخرق للأنبياء والرسل : آية وبرهان ، فتكون العادة هي عادة الثقلين الجن والإنس ، وقد دل على هذا قول الله عز وجل { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا } وأما الكرامة ، فهي خارق لعادة الإنس الذين فيهم ذلك الولي ، قد يكون في مكان آخر لا تخرق العادة لكنه يكرم بهذا ، مثل طعام يؤتاه في فصل الصيف وهو من طعام الشتاء .
فيكون إذاً العادة في حق الولي ، عادة الإنس الذين فيهم ذلك الولي ، وقد يكون الإنس بعامة ، مثل المشي على الماء ، أو الطيران في الهواء .. إلخ ، ولكن هذا يختلف باختلاف الأزمنة ، فمثلا ، إذا مشى على الماء ، أي أن الماء صار يابسا ومشى عليه - اليوم من الممكن أنه يكون هناك بعض المعالجات ، فيكون الماء يابسا ويمشي عليه - كذلك الطيران في الهواء كرامة ، لكن اليوم اختلف الأمر ، صار البر والفاجر يطير في الهواء بوسائل أحدثت . فإذاً خرق العادة بالنسبة للولي أن تكون عادة الناس في زمنه ، أو عادة جنسه الذين يعيش فيهم . ص ٦٥

١٦ /
صلى أبو الدرداء - رضي الله عنه - مرة في مسجد فأطال الصلاة ، وكان بجانبه جبير بن نفير التابعي المعروف ، فلما أتى قبل السلام أكثر أبو الدرداء من الاستعاذة من النفاق ، فلما انصرف قال له جبير : يا أبا الدرداء أكثرت من الاستعاذة من النِّفاق . فما لك والنفاق ؟ ، قال : دعنا منك . دعنا منك . دعنا منك . إن العبد المؤمن لا يأمن أن يقلب الله قلبه في طرفة عين . ص ٧٠

١٧ /
حقيقة النفاق لم تظهر في الإسلام إلا بعد ظهور دولة الإسلام في المدينة ، أما في مكة لما كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها والمستضعفون من المؤمنين ، فإنه لم يظهر المنافقون ؛ لأنه من شاء كفر ومن شاء آمن .. فإذاً لا يكون النفاق ظاهر إلا مع قوة الدولة . ص ٧٢

١٨ /
قوله صلى الله عليه وسلم : ( خصلةٌ ) - في حديث ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلةٌ من النفاق - : المقصود بها أن يكون يغلب على أمره ذلك ، أما من حصل منه مرة كذب في الحديث ، أو خيانة للأمانة ، أو إخلاف للوعد ، فلا يكون فيه بهذا شعبة من شعب النفاق ، بل يكون عنده معصية . فالشعبة من شعب النفاق تكون لمن كان على ذلك مستمرا . ص ٧٧

١٩ /
القاعدة التي ذكرها الإمام مالك وغيره من أهل العلم : أن الناس مؤتمون على أنسابهم ، إذا لم يترتب عليه أثر شرعي من إعطاء حق لغير أهله ، أو بميراث ، أو بزواج ، فإن الناس مؤتمون على أنسابهم . أما إذا كان له أثر ، فلا بد من الإثبات ، سيما إذا كان مخالفا لما هو شائع متواتر عند الناس . ص ٨٥

٢٠ /
تنبيه : وهو ما يحصل أحيانا من بعض الناس من أنهم يقولون : في الوسمي - مثلا - يأتي في مطر ، والوسم جاء معناه أنه يأتي فيه مطر ، ونحو ذلك ، فهذا القول بمل علمتَ له حالان :
الأولى / أن يقول ذلك لأجل أن النجم أو البرج الذي أتى هو زمن جعل الله سنته أنه يأتي فيه المطر ، فهذا جعلٌ للوسم زمنا ، وهذا جائز .
الثاني / إذا قال في ذلك : الوسم جاء ؛ سيأتي المطر ، أو طلع النجم الفلاني ؛ سيأتينا كذا وكذا ، بجهل هذا الفصل أو ذلك البرج سببا ، فهذا كفر ونسبة للنعمة لغير الله ، واعتقاد تأثير أشياء لا تأثير لها . ص ٨٩

٢١ /
سئل النبي صلى الله عليه وسلم ( أيكون المؤمن جبانا ؟ فقال : نعم ، فقيل له : أيكون المؤمن بخيلا ؟ فقال : نعم ، فقيل له : أيكون المؤمن كذابا ؟ فقال : لا ) لماذا ؟ يعني دائما المؤمن لا يكذب ؟ ومن في حديثه كذب فهذه من خصال المنافقين ؛ لأن الكذب في الغالب لا يكون عن شهوة غالبة ، وإنما يكون عن عدم خوف من الله عز وجل ، ولا خوف لقائه ، أما مثلا الزنا والسرقة ونحو ذلك ، يكون عن شهوة غالبة ، فربما غلبته ، فحصل ، لكن الكذب ما يصدر عن شهوة ، ولا عن غلبة طبع ، وإنما عن فساد في خلقه ودينه وفطرته . ص ٩٢

٢٢ /
المنافقين في دار الإسلام يعاملون ظاهرا معاملة المسلم ، مع الحذر منهم .
قال شيخ الإسلام : المنافق له أحكام المسلمين في الميراث ، يعني : أنه يرث ويورث ؛ لأن أحكام الميراث يعتبر فيها الظاهر ، وهو الإسلام .

الحالة الثانية / من أظهر نفاقا أو ظهر ما يدل على بغضه لدين الله ، أو سبه للرسول صلى الله عليه وسلم ، ونحو ذلك ، فإنه يقرر على ذلك .

ثم اختلف العلماء : هل إذا تاب تقبل توبته ؟ على ثلاثة أقوال ، منهم من قال : لا تقبل توبته ظاهرا ، وإذا كان صادقا فيما بينه وبين الله ، فإنه تنفعه عند الله ، أما في الظاهر ، فلا تقبل ، فيجب قتله .

وقال آخرون : تقبل توبته ؛ لأن التوبة تجب ما قبلها ، وهذا القول ليس بجيد ؛ لأن معناه أن المنافقين كل يوم يظهر واحد منهم ويسب الله ، أو يسب الرسول ، ثم يقول : أنا تبت .

القول الثالث : أنه بحسب القرائن ، فإذا احتفت القرائن بأنه صادق في توبته ،فإنه يقبل ، وإذا لم تحتف القرائن على صدقه ، فإنه لا تقبل . ص ١٠٤

٢٣ /
الإيمان المطلق ، يعني : الكامل ، والهداية المطلقة ، والكفر المطلق ، يعني : الكامل ، بخلاف مطلق الحب ، يعني : أصله ، ومطلق الإيمان ، يعني : أصله ، ومطلق الكفر ، يعني : أصل الكفر ، وفي كل هذه تكون أقل درجاته . ص ١١٥

٢٤ /
أولياء الله يوصفون بأنهم متنزهون عن فضول المباحات ، وشيخ الإسلام حرم على المسلم أن يأتي كل مباح ، قال : للمسلم أن يفعل بعض المباحات ، ولكن أن يأتي كل مباح بلا تنزه عن فضول المباحات يقول شيخ الإسلام : هذا لا يجوز له . وأخذ من ظاهر قول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم { لا تمدنَّ عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم } .

والقول الآخر لأهل العلم : أن التمتع بفضول المباحات جائز ، وهذا هو الظاهر ؛ لأن قوله سبحانه { لا تمدنَّ عينيك } هذا للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، وهذا يدل على تكميله صلى الله عليه وسلم وألا يُتعرض إلى ما فيه انتقاص لمرتبته العليا .
وأما قوله سبحانه { أذهبتم طيباتكم في الحياة الدنيا } فهي في الكفار وليست في المسلمين . ص ١١٩

٢٥ /
وفي قوله سبحانه { فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابقٌ بالخيرات بإذن الله } ، هل هذا في هذه الأمة خاصة أم في جميع الأمم ؟ قولان لأهل العلم :

القول الأول / أن الأمم من قبلنا فيهم ظالم لنفسه ، وفيهم مقتصدون ، وأما السابقون فهم قلة ؛ ولذلك لا يجعلون قسما مستقلا ؛ وذلك لقول الله في المائدة في أهل الكتاب { وكثير منهم فاسقون } ، فجعلهم قسمين ، وهذا رجحه طائفة من المحققين أن أهل الكتاب على فئتين فقط ؛ لأن السابق فيهم نادر ، فلا يجعلون قسما مستقلا .

القول الثاني / أن الأمم من قبلنا كهذه الأمة منهم سابق ، ومنهم مقتصد ، ومنهم ظالمٌ لنفسه . وهذا هو الصحيح ؛ لأجل أن عدم التخصيص في آية المائدة وفي غيرها لا يدل على عدم الوجود ، ولتيقننا بأن منهم من كان سابقا بالخيرات ، فحواريُ عيسى عليه السلام كانوا سابقين ، وأصحاب موسى كذلك . ص ١٢٣

٢٦ /
القول بأن أهل الكبائر قد يدخل ( جميعهم ) الجنة من غير عذاب هذا قول المرجئة ، وأهل السنة يقولون : أهل الكبائر قد يدخل ( بعضهم ) الجنة بلا عذاب ، فالفرق بين القولين أن المرجئة يجوزون دخول الجميع الجنة بلا عذاب ، وأهل يجوزون دخول البعض بلا عذاب ؛ لأن الله عز وجل قال : { ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } ووعيده حق عز وجل ، فلا بد وأن يصيب بعضا منهم . ص ١٢٥

٢٧ /
إما إحداث بعض الألبسة الخاصة من الناس ؛ فإنما حدث في المائة الثانية ؛ كما أحدث الصوفية لباسا خاصا ، يعني للزهاد أو للفقراء ، وكما حدث في المائة الثامنة أن يخص آل البيت بلباس أخضر يجعلونه على أكتافهم ، أو بعمامة خضراء ليدل الناس على أن هذا من آل البيت ، حتى يعطوه حقه الذي أوجله الله عز وجل لهم .
هذه كلها أمور حادثة ، فعلم منه أن الصالحين والأولياء والمتقين ليس لهم لباس خاص . ص ١٤٧

٢٨ /
أما الحديث الذي يرويه بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم قال في غزوة تبوك : ( رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ) فلا أصل له ، ولم يروه أحد من أهل المعرفة بأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله ، وجهاد الكفر من أعظم الأعمال ؛ بل هو أفضل ما تَطوَّع به الإنسان . ص ١٥١

٢٩ /
وليس من شرط ولي الله أن يكون معصوما لا يغلط ولا يُخطئ ؛ بل يجوز أن يخفى عليه بعض علم الشريعة ، ويجوز أن يشتبه عليه بعض أمور الدين . ص ١٥٨

٣٠ /
القرآن محدث وليس بقديم ؛ كما قال الله { وما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يعلبون } ، فالقرآن محدث ، بمعنى : حديث النزول من ربه عز وجل ، حديث العهد بربه عز وجل ، تكلم الله به فسمعه جبريل عليه السلام فبلغه للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأما الذي يقال : بأنه قديم ، هو كلام الله وليس القرآن ، وكلام الرحمن قديم النوع ، حادث الآحاد .

فالقرآن لا يسوغ وصفه بأنه قديم ، بل هذا مذهب الأشاعرة ؛ فإنهم يجعلون القرآن قديما تكلم الله به وفرغ في الأزل ؛ كسائر كلام أراده الله ، ثم يتعلق هذا الكلام بالإرادة ، وبالزمن الذي يصلح له ، فيتجدد ، فليس عندهم أن القرآن كلام الله عز وجل الذي تكلم به حين أنزل القرآن ؛ ولهذا اعترض الآمدي - وهو أشعري ومن كبارهم ومن علماء أهل الكلام - في هذه المسألة في كتابه ( أبكار الأفكار ) وفي كتابه ( غاية المراد ) ، وفي غيرهما بأن قول الأشاعرة باطل بل إما أن يكون الحق - يعني من جهة التقسيم - هو قول أهل السنة ، وإما أن يكون قول المعتزلة الذي هو أن القرآن مخلوق ، ثم استدل على بطلان قول المعتزلة فبقى الحق ، وهو قول أهل السنة . قال : قد تأملت قول من يقول القرآن قديم ، فإذا في القرآن { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله } ، وفي القرآن : { قد نرى تقلب وجهك في السماء } ، وفي القرآن : { قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون } ، ونحو ذلك مما فيه ذكر صيغة الماضي ؛ فإن كان هذا الكلام قديما ، كان قوله سبحانه { قد سمع } لشيء لم يصدر ، وهذا لا يجوز ؛ لأنه نوع من الكذب ، وهذا يدل على بطلان هذا القول .. إلى آخر كلامه . ص ١٨١

٣١ /
ومنهم - أي الصوفية - طائفة تسمى الملامتية ، وهم الذين ادعوا أنهم لإخلاصهم يظهرون خلاف التوحيد ، أو خلاف الاستقامة والإخلاص ؛ لأجل ألا يُتهموا بالرياء ، قالوا : نظهر هذا في الناس ؛ لأجل الإخلاص حتى لا يقال : هم مراءون ، فيخفون الطاعات ويظهرون الفسوق ؛ لأجل ألا يراءوا الناس . ص ١٩١

٣٢ /
الفلسفة اليونانية والفلسفة القديمة لها قسمان :
النوع الأول / فلسفة علمية ، وهذه المراد منها الوصول إلى حقائق الأشياء العلمية على ما هي عليه .
النوع الثاني / فلسفة عملية ، والمراد منها الوصول بالروح إلى إشراقها ؛ ولهذا صارت الفلسفة أقساما :

منها العلمية التي ذهب إليها أفلاطون وتلميذه أرسطو .
ومنها الفلسفة الإشراقية التي قال بها أفلاطين - وهو غير أفلاطون - وقد دخلت هذه المذاهب إلى بلاد المسلمين وتلقفها من تلقفها .

فالفلسفة العلمية تلقفها العقلانيون من المعتزلة ، فنشأ منها خليط ما عند أهل الاعتزال ، وما عند الفلاسفة ، وما في النصوص ، وسمِّي بعلم الكلام ، فهو خليط من هذه الأشياء الثلاثة .

وأما الفلسفة الإشراقية معناها الوصول بالروح إلى إشراقها ، فتتعدى العالم إلى العالم غير المحسوس ، وهذا النوع هو الذي دخل في الصوفية ، فنشأ الغلو في التصوف من جهة دخول فلسفة أفلوطين الإشراقية ، ونشأ ما يسمى بالسلوك - الضال - أو التصوف في خليط ما بين الزهد الشرعي وما بين الإشراق الفلسفي ، وظهرت النظريات والأقوال المختلفة عند الصوفية الغالية من الإتحاد ، والوحدة ، والفناء إلخ ، نتيجة لهذا وصلوا كما وصل إليه الفلاسفة العلميون الإشراقيون إلى أن الإنسان قد يصل إلى مرتبة تكشف فيها الحجب ، ويصل إلى ما وراء العالم المنظور .. إلخ كلامهم . ص ٢٢٨

٣٣ /
ومن الكلام الحسن ما قاله الشيخ / عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله - وسمعته منه ، يقول : ( إن شيخ الإسلام - رحمه الله - يأتي إلى جدار الباطل كالموج فيسقطه جميعا دفعة واحدة ) . فعلاً تنظر فتراه ، لكن لا تعرف من أين بدأ . قال : ( وأما ابن القيم - رحمه الله - فيأخذ جدار الباطل حجرا حجرا فيكسره لك ) . ص ٢٧٩

٣٤ /
وهذا الحديث - حديث محاججة آدم وموسى عليهما السلام المعروفة ، البخاري (٦٦١٤) - ضلت فيه طائفتان : طائفة كذَّبت به لما ظنوا أنه يقتضي رفع الذم والعقاب عمن عصى الله لأجل القدر ، وطائفة شر من هؤلاء جعلوه حجة ، وقد يقولون : القدر حجة لأهل الحقيقة الذين شهدوه ، أو الذين لا يرون لهم فعلا ، ومن الناس من قال : إنما حجَّ آدم موسى ؛ لأنه أبوه ، أو لأنه كان قد تاب ، أو لأن الذنب كان في شريعة واللوم في أخرى ، أو لأن هذا يكون في الدنيا دون الأخرى .

وكل هذا باطل . ولكنَّ وجْه الحديث أن موسى عليه السلام لم يلم أباه إلا لأجل المصيبة التي لحقتهم من أكله من الشجرة ، فقال له : لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة ؟ لم يلمه لمجرد كونه أذنب ذنبا وتاب منه ، فإن موسى يعلم أن التائب من الذنب لا يُلام ، وهو قد تاب منه أيضا ، ولو كان آدم يعتقد رفع الملام عنه لأجل القدر لم يقل : { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } ، والمؤمن مأمور عند المصائب أن يصبر ويسلم ، وعند الذنوب أن يستغفر ويتوب .

قال تعالى { فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك } ، فأمره بالصبر على المصائب ، والاستغفار من المعائب - هذا من كلام ابن تيمية - . ص ٢٩١

٣٥ /
فإذا كان الميدان ميدان جهاد جاهدوا ، وإذا كان الميدان ميدان أمر بالمعروف ونهي عن المنكر أمروا ونهوا ، وإذا كان الميدان ميدان اجتماع وائتلاف ونهي عن الفرقة والاختلاف ؛ فإنهم لا يشغلهم ذكر الفرقة والاختلاف عما يجب شرعا تجاه ذلك من كف اللسان ، والنصيحة ، والتآلف ، والتآخي ، وقل من يخلص من هذه المسائل بالتوفيق ما بين أمر الله الشرعي ، وما بين ابتلائه الكوني ، وإنما يخلص من ذلك أولياء الله عز وجل . ص ٣٠١

٣٦ /
وقد اختلف العلماء في الخضر ، هل كان نبيا أو كان وليا ؟ فرأت طائفة وهم المحققون من أهل العلم أنه نبي ، واستدلوا على ذلك بما فعله الخضر من أشياء لا يمكن أن يدركها إلا بالوحي ، وفيها قول ينسب إليه وإلى الملائكة ، وهو قوله سبحانه { فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما } ، وهذا إنما يكون عن وحي ، والوحي إنما هو للأنبياء لا للأولياء ؛ لأن الولي يأتيه الإلهام ، والإلهام إنما يكون في قضايا ولا يكون في مثل قتل الغلام ، وإقامة جدار ، وخرق سفينة ، ونحو ذلك .

القول الثاني / وهو قول عدد كبير من أهل العلم ، وهم جمهور أهل العلم ، أنه كان وليا ، وليس بنبي .

حاصل الكلام أن المحققين من أهل العلم على أنه كان نبيا ، وأن الجمهور - يعني أكثر العلماء - الذين تكلموا في هذه المسألة على أنه كان وليا . ص ٣٠٥

٣٧ /
وهنا مسألة عن الغلام الذي قتله الخضر ، هل هو من أهل النار ؟
النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أولاد المشركين ، قال : ( الله أعلم بما كانوا عاملين ) ، فالله أطلع الخضر على سيعمله هذا بأنه يخشى أن يرهق أبويه طغيانا وكفرا ، فالزائد على هذا لا نعلمه ، لكن إذا كان الله عز وجل يعلم أنه إذا بلغ سيكون كافرا فإنه من أهل النار ، فالله أعلم بما كانوا عاملين ، ومصير من مات من أولاد المشركين فيه أقوال كثيرة عند أهل العلم ، وأقرب الأقوال أن يقال ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الله أعلم بما كانوا عاملين ) .

هل بما كانوا عاملين لو بلغوا ؟ أو بما كانوا عاملين يوم القيامة إذا بعث لهم رسول ؟ قولان عند أهل العلم ، لكن نقول : الله أعلم بما كانوا عاملين ، والخضر خشي بعلم من الله أن يرهق الغلام أبويه طغيانا وكفرا فقتله . أما أطفال المسلمين ، الذين ماتوا قبل أن يعلموا فهم على الفطرة ، ويدخلون الجنة ، وهناك فرق بين الرضيع الذي مات على الفطرة ، وبين الغلام ، والرضيع لا يسمى غلاما ، الغلام للكبير ، ثم أيضا في النصوص قد يطلق الغلام ويراد به البالغ . ص ٣١١ ، [ ولمزيد بيان في هذه المسألة ، انظر : أحكام أهل الذمة لابن القيم (٣ /١٠٨٦) ، وتفسير ابن كثير عند قوله سبحانه { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } ] .

٣٨ /
أصحاب وحدة الوجود هم الذين قالوا : المعبود والعابد شيء واحد ؛ لأن الله قضى ألا يُعبد إلا هو { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه } قالوا : يعني قدر ألا يعبد إلا إياه ، فمن عبد غير الله فقد عبد الله ؛ لأن الله قدر كونا ألا يُعبد إلا هو ، وهذا باطل عظيم البطلان من وجهين :

الوجه الأول / أن ( قضى ) هنا بمعنى أمر ووصى ؛ لأنه عز وجل هو الذي أثبت في القرآن أنهم عبدوا غير الله كما قال : { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم } ، فهو الذي بين أنهم عبدوا غيره .

الوجه الثاني /
أن ( قضى ) هنا لا تكون بمعنى قدّر ، وإنما بمعنى أمر ؛ لمجئ أن بعدها ، فأن التفسيرية تكون بعد كلمة فيها معنى القول دون حروف القول ، وكلمة قدّر ليس فيها معنى القول ، وليس فيها حروف القول ، بخلاف كلمة أمر فإنها في معنى القول ، فيكون (قضى) بمعنى أمر واضحة ، وكل منهما مترتب على الأخرى ، قضى ألا تعبدوا ، أي : أمر أن لا تعبدوا ، فمن أجل التفسير بـ ( أمر ) صارت ( أن ) تفسيرية . ص ٣١٩

٣٩ /
ومما ينبغي أن يعرف أن الكرامات قد تكون بحسب حاجة الرجل ، فإذا احتاج إليها الضعيف الإيمان أو المحتاج أتاه منها ما يقوي إيمانه ويسد حاجته ، ويكون من هو أكمل ولاية لله منه مستغنيا عن ذلك ، فلا يأتيه مثل ذلك ؛ لعلو درجته وغناه عنها لا لنقص ولايته ، ولهذا كانت هذه الأمور في التابعين أكثر منها في الصحابة . - هذا من كلام ابن تيمية - ص ٣٣٨

٤٠ /
الأحوال من حيث استراق الشياطين للسمع بالنسبة للبعثة ثلاثة :
الأول / ما قبل البعثة ، فالاستراق كثير .
الثاني / وفي وقت خروج البعثة ، مدة الرسالة قليل ونادر .
الثالث / وبعد محمد صلى الله عليه وسلم زاد ، لكن لا يوصف بكثرة ولا بقلة ، يعني زاد عما كان في البعثة ، لكن لا يوصف بكثرة . ص ٣٤٦

٤١ /
ومن أعظم ما يقوِّي الأحوال الشيطانية سماع الغناء والملاهي ، وهو سماع المشركين ، قال تعالى { وما كان صلاتهم عند البيت إلا مُكاء وتصدية } ، قال ابن عباس وابن عمر وغيرهما من السلف ، التصدية : التصفيق باليد ، والمكاء : مثل الصفير . فكان المشركون يتخذون هذا عبادة - هذا من كلام ابن تيمية - . ص ٣٧٠

٤٢ /
لما دخل الاستعمار ودخل جنوده المشركون ، والكفار ، إلى طائفة من بلاد الإسلام في القرون المتأخرة ، ورآهم من رآهم من الصوفية ، سمى طائفة من الصوفية تلك العساكر الشركية الكفرية : رجال الغيب ، يعني : أن هولاء الرجال الذين ينصرون الأمة بالغيب ، ظانين أنها كرامة ، وهذا ولا شك مكن الكفار من بلاد المسلمين ، فأعظم من مكن لهم : الصوفية الذين تركوا الأمر وقالوا : توكلنا على الله . ولم يفعلوا سببا ، أو قالوا : هؤلاء رجال الغيب الذين يخدمون المؤمنين ، وهذا من جراء الاعتقادات الفاسدك الباطلة . ص ٣٧٦

٤٣ /
أما الخوف من الرياء عند تحسين الصوت بالقرآن ، فإن الرياء بحسب النفس ، يعني مثلا قد أحسن قراءتي بالقرآن ؛ لأجل أن يقال : قراءته جيدة ، فهذا رياء .
وقد أحسن قراءتي بالقرآن ، وأتباكى ، وأبكي ؛ لأجل أن يتأثر السامع ، وهذا مشروع لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن هذا القرآن نزل بحزنٍ فإذا قرأتموه فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا وتغنَّوا به فمن لم يتغنَّ به فليس منا ) ، ولقوله صلى الله عليه : ( زيِّنوا القرآن بأصواتكم ) ، فمدار الحكم على النية . وأبو موسى الأشعري رضي الله عنه يريد أن تكون قراءته أعظم تأثيرا للنبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه إذا كان حدث للنبي صلى الله عليه وسلم خشوع وتعظيم وعبادة حين سماعه لأبي موسى رضي الله عنه ، فله هو أجره ، فهو يريد هذا الأجر العظيم ، الذي حصل بسببه لأفضل الخلق صلى الله عليه وسلم . ص ٣٨١

٤٤ /
وكفار الجن يدخلون النار بالنص والإجماع ، وأما مؤمنوهم فجمهور العلماء على أنهم يدخلون الجنة ؟ وجمهور العلماء على أن الرسل من الإنس ولم يبعث من الجن رسول ، لكن منهم النُّذر ، وهذه المسائل لبسطها موضع آخر .

والمقصود هنا أن الجن مع الإنس على أحوال :
فمن كان من الإنس يأمر الجن بما أمر الله به ورسوله من عبادة الله وحده وطاعة نبيه ويأمر الإنس بذلك ، فهذا من أفضل أولياء الله تعالى ، وهو في ذلك من خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم ونوَّابه .
ومن كان يستعمل الجن في أمور مباحة له ، فهو كمن استعمل الإنس في أمور مباحة له ، وهذا كأن يأمرهم بما يجب عليهم وينهاهم عما حرم عليهم ، ويستعملهم في مباحات له ، فيكون بمنزلة الملوك الذين يفعلون مثل ذلك .

ومن كام يستعمل الجن فيما ينهى الله عنه ورسوله ، إما في الشرك ، وإما في قتل معصوم الدَّم ، أو في العدوان عليهم بغير القتل ، كتمريضه وإنسائه العلم ، وغير ذلك من الظلم ، وإما في فاحشة كجلب من يطلب منه الفاحشة ، فهذا قد استعان بهم على الإثم والعدوان ، ثم إن استعان بهم على الكفر فهو كافر ، وإن استعان بهم على المعاصي فهو عاص - هذا من كلام ابن تيمية - . ص ٣٩٠

هذا والله أعلم .. وصلى الله وسلم وبارك على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .




http://krrar2007.googlepages.com/faselward2.gif



[/frame]






الساعة الآن 11:09 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام