منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   الشريعة و الحياة (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=99)
-   -   أرواح تهيم حول العرش وأبدان تحوم حول الحش للعلامة ابن القيم (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=112031)

أبو بلال المصرى 25-04-2017 02:13 PM

أرواح تهيم حول العرش وأبدان تحوم حول الحش للعلامة ابن القيم
 
أرواح تهيم حول العرش وأبدان تحوم حول الحش للعلامة ابن القيم - شبكة الدفاع عن السنة

أبو بلال المصرى 29-04-2018 10:36 PM

رد: أرواح تهيم حول العرش وأبدان تحوم حول الحش للعلامة ابن القيم
 
قال الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله فى كتاب مفتاح دار السعادة
ولما كانت طريق الاخرة وعرة على أكثر الخلق لمخالفتها لشهواتهم ومباينتها لارادتهم ومألوفاتهم قل سالكوها وزاهدهم فيها قلة علمهم اوعدمه بحقيقة الامر وعاقبة العباد ومصيرهم وما هيئوا له وهيء لهم فقل علمهم بذلك واستلانوا مركب الشهوة والهوى على مركب الاخلاص والتقوى وتوعرت عليهم الطريق وبعدت عليهم الشقة وصعب عليهم مرتقي عقابها وهبوط اوديتها وسلوك شعابها فاخلدوا الى الدعة والراحة وآثروا العاجل على الاجل وقالوا عيشنا اليوم نقد وموعودنا نسيئة فنظروا الى عاجل الدنيا واغمضوا العيون عن آجلها ووقفوا مع ظاهرها ولم يتأملوا باطنها وذاقوا حلاوة مباديها وغاب عنهم مرارة عواقبها ودر لهم ثديها فطاب لهم الارتضاع واشتغلوا به عن التفكر في الفطام ومرارة الانقطاع وقال مغترهم بالله وجاحدهم لعظمته وربوبيته متمثلا في ذلك
خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به ... وأما القائمون لله بحجته خلفاء نبيه في امته فانهم لكمال علمهم وقوته نفد بهم الى حقيقة الامر وهجم بهم عليه فعاينوا ببصائرهم ما عشيت عنه بصائر الجاهلين فاطمأنت قلوبهم به وعملوا على الوصول اليه لما باشرها من روح اليقين رفع لهم علم السعادة فشمروا اليه واسمعهم منادي الايمان النداء فاستبقوا اليه واستيقنت انفسهم ما وعدهم به ربهم فزهدوا فيما سواه ورغبوا فيما لديه علموا ان الدنيا دار ممر لا دار مقر ومنزل عبور لا مقعد حبور وانها خيال طيف او سحابة صيف وان من فيها كراكب قال تحت ظل شجرة ثم راح عنها وتركها وتيقنوا انها احلام نوم او كظل زائل :
ان اللبيب بمثلها لا يخدع وان وصفها صدق في وصفها اذ يقول
ارى اشقياء الناس لا يسأمونها ... على انهم فيها عراة وجوع اراها وان كانت تحب فإنها ... سحابة صيف عن قليل تقشع ... فرحلت عن قلوبهم مدبرة كما ترحلت عن اهلها موليه واقبلت الآخرة الى قلوبهم مسرعة كما اسرعت الى الخلق مقبلة فامتطوا ظهور العزائم وهجروا لذة المنام وما ليل المحب بنائم علموا طول الطريق وقلة المقام في منزل التزود فسارعوا في الجهاز وجد بهم السير الى منازل الاحباب فقطعوا المراحل وطووا المفاوز وهذا كله من ثمرات اليقين فان القلب إذا استيقن ما امامه من كرامة الله وما اعد لاوليائه بحيث كأنه ينظر اليه من وراء حجاب الدنيا ويعلم انه إذا زال الحجاب رأى ذلك عيانا زالت عنه الوحشة التي يجدها المتخلفون ولان له ما استوعره المترفون وهذه المرتبة هي اول مراتب اليقين وهي علمه وتيقنه وهي الكشاف المعلوم للقلب بحيث يشاهده ولا يشك فيه كانكشاف المرئي للبصر ثم يليها المرتبة الثانية وهي مرتبة عين اليقين ونسبتها الى العين كنسبة الاول الى القلب ثم تليها المرتبة الثالثة وهي حق اليقين وهي مباشرة المعلوم وإدراكه الادراك التام فالاولى كعلمك بان في هذا الوادي ماء والثاني كرؤيته والثالثة كالشرب منه ومن هذا ما يروى في حديث حارثة وقول النبي صلى الله عليه و سلم كيف اصبحت يا حارثة قال اصبحت مؤمنا حقا قال إن لكل قول حقيقة فما حقيقة إيمانك قال عزفت نفسي عن الدنيا وشهواتها فاسهرت ليلي وأظمأت نهاري وكاني انظر الى عرش ربي بارزا وكاني انظر الى اهل الجنة بتزاورون فيها والى اهل النار يتعاوون فيها فقال عبد نور الله قلبه فهذا هو هجوم العلم بصاحبه على حقيقة الامر ومن وصل الى هذا استلان ما يستوعره المترفون وأنس مما يشتوحش منه الجاهلون ومن لم يثبت قدم إيمانه على هذه الدرجة فهو إيمان ضعيف وعلامة هذا انشراح الصدر لمنازل الايمان وانفساحه وطمأنينة القلب لأمر الله والانابة الى ذكر الله ومحبته والفرح بلقائه والتجافي عن دار الغرور كما في الاثر المشهور إذا دخل النور القلب انفسح وانشرح قيل وما علامة ذلك قال التجافي عن دار الغرور والانابة الى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزوله وهذه هي الحال التي كانت تحصل للصحابة عند النبي صلى الله عليه و سلم إذا ذكرهم الجنة والنار كما في الترمذي وغيره من حديث الجريري عن ابي عثمان النهدي عن حنظلة الاسدي وكان من كتاب النبي صلى الله عليه و سلم انه مر بأبي بكر رضى الله عنه وهو يبكي فقال مالك يا حنظلة فقال نافق حنظلة يا ابا بكر نكون عند رسول الله صلى الله عليه و سلم يذكرنا بالجنة والنار كانا رأى عين فإذا رجعنا إلى الازواج والضيعة نسينا كثيرا قال فوالله إنا لكذلك انطلق بنا الى رسول الله صلى الله عليه و سلم فانطلقنا فلما رآه رسول الله صلى الله عليه و سلم قال مالك يا حنظلة قال نافق حنظلة يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كانا رأى عين فإذا رجعنا عافسنا الازواج والضيعة ونسينا كثيرا قال فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لو تدومون على الحال التي تقومون بها من عندي لصافحتكم الملائكة في مجالسكم وفي طرقكم وعلى فرشكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ساعة وساعة قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وفي الترمذي ايضا نحوه من حديث ابي هريرة
نتابع ....

أبو بلال المصرى 01-05-2018 10:51 PM

رد: أرواح تهيم حول العرش وأبدان تحوم حول الحش للعلامة ابن القيم
 
والمقصود ان الذي يهجم بالقلب على حقيقة الايمان ويلين له ما يستوعره غيره ويؤنسه بما يستوحش منه سواء العلم التام والحب الخالص والحب تبع للعلم يقوى بقوته ويضعف بضعفه والمحب لا يستوعر طريقا توصله الى محبوبه ولا يستوحش فيها وقوله صحبوا الدنيا بابدان ارواحها معلقة بالملأ الاعلى وفي رواية بالمحل الاعلى الروح في هذا الجسد بدار غربة ولها وطن غيره فلا تستقر الا في وطنها وهي جوهر علوي مخلوق من مادة علوية وقد اضطرت الى مساكنة هذا البدن الكثيف فهي دائما تطلب وطنها في المحل الاعلى وتحن اليه حنين الطير الى اوكارها وكل روح ففيها ذلك ولكن لفرط اشتغالها بالبدن وبالمحسوسات المالوفة اخلدت الى الارض ونسيت معلمها ووطنها الذي لا راحة لها في غيره فإنه لا راحة للمؤمن دون لقاء ربه والدنيا سجنه حقا فلهذا تجدالمؤمن بدنه في الدنيا وروحه في المحل الاعلى وفي الحديث المرفوع إذا نام العبد وهو ساجد باهي الله به الملائكة فيقول انظروا الى عبدي بدنه في الارض وروحه عندي رواه تمام وغيره وهذا معني قول بعض السلف القلوب جوالة فقلب حول الحشر وقلب يطوف مع الملائكة حول العرش فأعظم عذاب الروح انغماسها وتدسيسها في أعماق البدن واشتغالها بملاذه وانقطاعها عن ملاحظة ما خلقت له وهيئت له وعن وطنها ومحلها ومحل انسها ومنزل كرامتها ولكن سكر الشهوات يحجبها عن مطالعة هذا الالم والعذاب فإذا صحت من سكرها وافاقت من غمرتها اقبلت عليها جيوش الحسرات من كل جانب فحينئذ تتقطع حسرات على ما فاتها من كرامة الله وقربه والانس به والوصول الى وطنها الذي لا راحة لها الا فيه كما قيل :
صحبتك اذ عيني عليها غشاوة ... فلما انجلت قطعت نفسي الومها ولو تنقلت الروح في المواطن كلها والمنازل لم تستقر ولم تطمئن الا في وطنها ومحلها الذي خلقت له كما قيل :

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ... ما الحب الا للحبيب الاول كم منزل في الارض يألفه الفتى ... وحنينه ابدا لاول منزل

وإذا كانت الروح تحن ابدا الى وطنها من الارض مع قيام غيره مقامه في السكنى وكثيرا ما يكون غير وطنها احسن واطيب منه وهي دائما تحن اليه مع انه لا ضرر عليها ولا عذاب في مفارقته الى مثله فكيف بحنينها الى الوطن الذي في فراقها له عذابها وآلامها وحسرتها التي لاتنقضي فالعبد
نتابع ...

أبو بلال المصرى 01-05-2018 10:51 PM

رد: أرواح تهيم حول العرش وأبدان تحوم حول الحش للعلامة ابن القيم
 
قال العلامة الإمام ابن القيم فى كتابه الطيب
فإن العبد يموت على ما عاش عليه ويبعث على ما مات عليه قال الله تعالى في الاية الأخرى [ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى قال رب لم حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك اتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى] وقال في الاية الاخرى [ومن كان في هذه اعمى فهو في الاخرة اعمى وأضل سبيلا] فأخبر ان من كان في هذه الدار ضالا فهو في الاخرة اضل واما نفي شقاء الدنيا فقد يقال انه لما انتفى عنه الضلال فيها وحصل له الهدى والهدى فيه من برد اليقين وطمأنينة القلب وذاق طعم الايمان فوجد حلاوته وفرحة القلب به وسروره والتنعيم به ومصير القلب حيا بالايمان مستنيرا به قويا به قد نال به غذاؤه ورواءه وشفاءه وحياته ونوره وقوته ولذته ونعيمه ما هو من اجل انواع النعيم واطيب الطيبات واعظم اللذات قال الله تعالى من [عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون] فهذا خبر اصدق الصادقين ومخبره عند اهله عين اليقين بل هو حق اليقين ولا بد لكل من عمل صالحا ان يحييه الله حياة طيبة بحسب إيمانه وعمله
ولكن يغلط الجفاة الاجلاف في مسمى الحياةحيث يظنونها التنعم في أنواع المآكل والمشارب والملابس والمناكح او لذة الرياسة والمال وقهر الاعداء
قال تعالى [ فلا تعجل عليهم] والتفنن بأنواع الشهوات ولا ريب ان هذه لذة مشتركة بين البهائم بل قد يكون حظ كثير من البهائم منها أكثر من حظ الانسان فمن لم تكن عنده لذة الا اللذة التي تشاركه فيها السباع والدواب والانعام فذلك ممن ينادي عليه من مكان بعيد ولكن اين هذه اللذة من اللذة بأمر إذا خالط بشاشته القلوب سلى عن الابناء والنساء والاوطان والاموال والاخوان والمساكن ورضى بتركها كلها والخروج منها رأسا وعرض نفسه لانواع المكاره والمشاق وهو متحل بهذا منشرح الصدر به يطيب له قتل ابنه وأبيه وصاحبته واخيه لا تأخذه في ذلك لومة لائم حتى ان احدهم ليتلقى الرمح بصدره ويقول فزت ورب الكعبة ويستطيل الاخر حياته حتى يلقى قوته من يده ويقول انها لحياة طويلة ان صبرت حتى أكلها ثم يتقدم الى الموت فرحا
مسرورا ويقول الاخر مع فقره لو علم الملوك وابناء الملوك ما نحن عليه لجالدونا عليه بالسيوف ويقول الاخر انه ليمر بالقلب اوقات يرقص فيها طربا وقال بعض العارفين انه لتمر بي اوقات اقول فيها إن كان اهل الجنة في مثل هذا انهم لفي عيش طيب ومن تأمل قول النبي صلى الله عليه و سلم لما نهاهم عن الوصال فقالوا انك تواصل فقال[ اني لست كهيئتكم إني اظل عند ربي يطعمني ويسقيني ]علم ان هذا طعام الارواح وشرابها وما يفيض عليها من أنواع البهجة واللذة والسرور والنعيم الذي رسول الله صلى الله عليه و سلم في الذروة العليا منه وغيره إذا تعلق بغباره رأى ملك الدنيا ونعيمها بالنسبة اليه هباء منثورا بل باطلا وغرورا وغلط من قال انه كان يأكل ويشرب طعاما وشرابا يغتذى به بدنه لوجوه احدها انه قال اظل عند ربي يطعمني ويسقيني ولو كان اكلا وشربا لم يكن وصالا ولا صوما الثاني ان النبي صلى الله عليه و سلم اخبرهم انهم ليسوا كهيئته في الوصال فإنهم إذا واصلوا تضرروا بذلك واماهو صلى الله عليه و سلم فإنه إذا واصل لا يتضرر بالوصال فلو كان يأكل ويشرب لكان الجواب وأنا ايضا لا اواصل بل آكل وأشرب كما تأكلون وتشربون فلما قررهم على قولهم انك تواصل ولم ينكره عليهم دل على انه كان مواصلا وانه لم يكن يأكل اكلا وشربا يفطر الصائم الثالث انه لو كان اكلا وشربا يفطر الصائم لم يصح الجواب بالفارق بينهم وبينه فإنه حينئذ يكون صلى الله عليه و سلم هو وهم مشتركون في عدم الوصال فكيف يصح الجواب بقوله لست كهيئتكم وهذا امر يعلمه غالب الناس ان القلب متى حصل له ما يفرحه ويسره من نيل مطلوبه ووصال حبيبه او ما يغمه ويسؤوه ويحزنه شغل عن الطعام والشراب حتى ان كثيرا من العشاق تمر به الايام لا يأكل شيئا ولا تطلب نفسه اكلا وقد افصح القائل في هذا المعنى
لها احاديث من ذكراك تشغلها ... عن الشراب وتلهيها عن الزاد
لها بوجهك نور تستضيء به ... ومن حديثك في اعقابها حادى إذ اشتكت من كلال السير او عدها ... روح القدوم فتحيا عند ميعاد
والمقصود ان الهدى مستلزم لسعادة الدنيا وطيب الحياة والنعيم العاجل وهو أمر يشهد به الحس والوجد واما سعادة الاخرة فغيب يعلم بالايمان فذكرها ابن عباس رضى الله عنهما لكونها اهم وهي الغاية المطلوبة وضلال الدنيا اظهر وبالنجاة منه ينجو من كل شر وهو اضل ضلال الاخرة وشقائها فلذلك ذكره وحده والله اعلم
نتابع بكلام الإمام


الساعة الآن 09:56 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام