عن انس رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : ( الندم توبة ) (1)
وعن ابن معقل قال دخلت مع أبي على عبد الله فسمعته يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"الندم توبة فقال له أبي أنت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول الندم توبة قال نعم" (2)
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال صلى الله عليه وسلم :" إن التوبة من الذنب الندم " (3)
كثير من الناس يقدمون على التوبة بشكل هامشي غير مدققٍ ولا متحرٍ ولا نادم , ومن ثم فهم يعودون للذنب .
هم في الحقيقة يفتقدون شرط التوبة الأكبر وهو الندم ، فهو المعنى الأهم والمرجو من التوبة بالأساس ، أن تندم على ما حصل منك في الماضي ، ومن ثم تترك الذنب الذي ندمت عليه ، وتعقد العزم على ألا تعود إليه .
وكما يقول ابن القيم : " فأما الندم فإنه لا تتحقق التوبة إلا به ، إذ من لم يندم على القبيح فذلك دليل على رضاه به وإصراره عليه "
إن قوة الندم كلما قويت وقوي الاعتراف بالذنب كلما أحرقت آثار ذلك الذنب في قلب المرء , ومن ثم صار تذكر الذنب يصحبه الندم , وصعب عند ذلك تكرار الذنب , إذ الندم والاعتراف يمنعان معاودته .
والاعتراف بالذنب في الإسلام هو اعتراف بين يدي الله سبحانه وتعالى وحده , لا بين يدي خلقه , بل هو ندم بين يدي العظيم الجبار , واعتراف بين يدي الغفور الرحيم سبحانه .
وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت" (4)
وقال صلى الله عليه وسلم :" إن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب الله عليه "(5)
ومن تدبر موقف التوبة ، علم أن الندم هو العلامة التي تدل على صدقها من كذبها ، وهو الدليل الذي به يستشعر العاصي ثقل الذنب ، وهو السبب في انكسار العبد قبل التوبة وبعدها ، وفي حال انكسار القلب الدائم بين يدي الله سبحانه .
والندم ألم يشعر به التائب في قلبه ، كأنه وجع يوجعه ، فإذا غلب هذا الألم على القلب واستولى ، دفعه نحو ترك المعصية .
قال الحافظ ابن حجر : " يكفي في التوبة الندم ، فإنه يستلزم الإقلاع عن الذنوب والعزم على عدم العود ، فهما ناشئان عن الندم " (6)
إن النادم على ذنبه لينكسر بين يدي ربه ، ويبكي راجيا العفو والمغفرة ، ويكرر التوبة ويلح فيها خائفا من عدم قبولها ، ويحمل هم ذنوبه الفائتة ، فيحرق الندم آثار الذنب في قلبه حتى يكره الذنب ويفارقه ويعود إلى ربه تائبا منيبا مصلحا .
------
(1) اخرجه أحمد ، وابن ماجه ، وصححه الألباني في صحيح الجامع 6802
(2) أخرجه أحمد وابن ماجة ، وصححه الالباني صحيح ابن ماجه 3429
(3) أخرجه البخاري
(4) اخرجه البخاري
(5) أخرجه مسلم
(6) فتح الباري" (13/ 471)