تواجه العالم الآن أمراض كثيرة..
ولكن هناك أمراض تواجه العالم الاسلامي بشكل خاص تختلف حسب طبيعتها، فمنها ما هو عارض ينتهي بأخذ العلاج المناسب له، ومنها ما هو مزمن يحتاج لفترة طويلة من العلاج، هذه الأمراض وأسبابها وطرق علاجها هو محور موضوعنا هذا..
.
المرض السائد والمُعدي هو الغفلة
.
وما هي إلا الإنغماس فى الشهوات والبعد عن الآخرة والسعي في بناء القصور وكسب الأموال وإرضاء الذات، فأصبح قلب الإنسان لا يفقه، وأصبحت على عينيه غشاوة لا يرى منها حقيقة الأشياء المرئية، وأصبحت أذناه صماء لا تسمع إلا باطلا، فيصير بذلك كالأنعام بل هو أضل..
حتى أنَّ الانعام تُميز بين الضار والنافع، وتذكر الله سبحانه وتعالى.. وما من شيء إلا يسبح ولكن لا تفقهون تسبيحهم..
.
قال تعالى (اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم ) سورة الانبياء
.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتربت الساعة ولا يزيد الناس على الدنيا الا حرصا ولا يزدادون من الله الا بعدا".
.
فليتعظ الإنسان وليعُد إلى رشده وإلى ربه، وليعلم أنه عندما يعطى العبد من الدنيا وهو على معصية، فإنما هو استدراج له من الله سبحانه لقوله تعالى: (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون)..
.
يقول أبو سليمان الداراني كانت الآخرة فى القلب جاءت الدنيا لتزاحمها واذا كانت الدنيا في القلب لم تزاحمها الآخرة لانها كريمة والدنيا لئيمة .. فالدنيا ما هي إلا وسيلة وليست غاية.. وسيلة للقرب من الله بالصدقات والصلوات والزكاة وتحصيل الأعمال وليست لكسب الأموال والإسراف فى الشهوات ..
..
جزاك الله خيرا أختنا الفاضلة وللفائدة :
قال ابن الجوزي في كتابه التذكرة في الوعظ :
اغتنم مواسم الأرباح فقد فاتت أسواقها وداموا ما دامت أبواب التوبة مفتحة فقد حان إغلاقها وانتهزوا فرصةاليسار في دار القرار ففد آن من أقمار الأعمار محاقها وبادروا هجوم الآجال فشمس المنية قد أزف إشراقها وأعدوا ليوم الحساب صواب الجواب فإنما يحاسب الخليقة خلآقها واغوثاه بالله من ثقل هذا الرماد ما أخوفنا أن تستمر غفلتنا إلى يوم التناد أعظم الأسباب في توليد الغفلة أمران أحدهما امتلاء البطون والآخر معاشرة الباطلين فعليك بالجوع والعزلة إن أردت العتق من رق الغفلة إذا أردت أن يعتزلك الناس فاصمت عن محادثتهم فإن أكثر مواصلات الناس بينهم بالكلام فمن صمت عنهم اعتزلوه لا أضر على العبد أمرين غفلته عن ذكر الله ومخالفة لأمر الله الغفلة تحرم الربح والمعصية توجب الخسران الغفلة تغلق أبواب الجنة والمعصية تفتح أبواب النار خلق الله سبحانه وتعالىالجنة والنار للأبد وخلق السماء والأرض إلى أمد فمن عوفي من رقاد الغفلة وسقام المعصية خرج من النار وأدخل الجنة ومن بقي برقاد غفلته فليس له في الجنة ولوج ومن بقي بسقام معصيته فليس له من النار خروج فأما السماء والأرض فمحكوم لها بالبوار وليس لأحد في واحد منهما قرار ففروا إلى الله مما يشغل عنه كل الفرار واستجيروا به من الغفلة والمعصية فهما فوات الربح وإلحاق الخسران يا طول حزن الغافلينا عن ذكر رب العالمينا يا هضمهم يوما يرون ثواب ذكر الذاكرينا ستطول حسرتهم لما كانوا به متشاغلينا يتحسرون على فوا ت من فعال الطائعينا هذاك حال الغافلين فكيف حال الخاملينا يا ويلهم يوما يجازي الله فيه العالمينا يا حسرة يصلون جم رتها خزايا نادمينا يتلهفون على فوات دخولهم في الصالحين يا سامعا هذا الكلام اسمع مصاب الهالكين واعمل على تخليص نفسك من شباك القانصين نبهنا الله وإياكم من رقدة الغافلين ورزقنا وإياكم مجاورة الصالحين ونور بصائرنا وبصائركم بما نور به بصائر الموقنين وزودنا وإياكم التقوى فأن العاقبة للمتقين ونسأله سبحانه أن يضاعف صلواته وسلامه على سيدنا محمد خاتم النبيين وآله وصحبه أجمعين .
توقيع : الأرقم
قال الإمام ابن قتيبة في مقدمة كتابه " إصلاح غلط أبي عبيد "
و قد كنا زمانا نعتذر من الجهل , فقد صِرنا الآن إلى الإعتذار من العلم , و كنا نؤمّل شكر الناس بالتنبيه و الدلالة , فصرنا نرضى بالسلامة , و ليس هذا بعجيب مع انقلاب الأحوال , و لا ينكر مع تغير الزمان , و في الله خلف و هو المستعان
جزاك الله خيرا أخانا الكريم على هذه الكلمات الطيبة وشكرا لمرورك وجعله الله فى ميزان اعمالك
ونسال الله العظيم ان يجعل قلوبنا مضيئة بذكره ويزقنا لسانا ذاكرا وقلبا خاشعا