حديث: مِن حُسْنِ إسلام المرء تركه ما لا يَعنيه
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: مِن حُسْنِ إسلام المرء تركه ما لا يَعنيه حديث حسن، رواه الترمذي وغيره هكذا.
................................................
رواي الحديث .. .
أبوهريرة هو عبد الرحمن بن صخر من ولد ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم ابن دوس اليماني أسلم سنة سبع من الهجرة بين الحديبية وخيبر وكان عمره حينذاك نحواً من ثلاثين سنة توفي سنة 57 رضي الله عنه وأرضاه .. .
................................................
أهمية الحديث ومكانته .. .
هذا الحديث -أيضا- من الأحاديث الأربعة التي قال فيها طائفة من أهل العلم -منهم ابن أبي زيد القيرواني المالكي المعروف-: إنه أحد أحاديث أربعة هي أصول الأدب في السنة؛ فهذا الحديث أصل من الأصول في الآداب، كما ذكرنا لكم في أول هذه الدروس أن النووي -رحمه الله- اختارهذه الأحاديث كلية في أبواب مختلفة، في كل باب أصل من الأصول فيه.
................................................
شرح الحديث .. .
قال هنا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه .
من حسن إسلام المرء"من"هنا: تبعيضية، يعني: ترك ما لا يعني، وبعض ما يحصل به إحسان الإسلام.
بسم الرحمن الرحيم
من حسن إسلام المرء من هناتبعيضية، يعني:أن ترك ما لا يعني: هو بعض ما يحصل به إحسان الإسلام، وحسن الإسلام يعني: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه بعض ما به حُسْن إسلام المرءترك ما لا يعني، وهذا ظاهر من اللغة.
وقوله -عليه الصلاة والسلام- هنا: حسن إسلام المرء حسن الإسلام جاء هذا اللفظ ومشتقاته في أحاديث متعددة منها -مثلا- قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: إذا أحسن أحدكم إسلامه كان له بكل حسنة يعملها عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، وإذا عمل بالسيئة كانت السيئة بمثلها وله ألفاظ أُخَر، فدل هذا وغيره على أن إحسان الإسلام مرتبة عظيمة،وفيها فضل عظيم.
وإحسان الإسلام مما اختلف فيه أهل العلم: -
فقالت طائفة: إحسان الإسلام:أن يأتي بالواجبات، وأن ينتهي عن المحرمات، وهي مرتبة المقتصدين، يعني: الذين جاءوا بقول الله -جل وعلا-: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ
فالمقتصد هو: الذي يأتي بالواجبات،ويترك المحرمات، ويجعل مع الواجبات بعض النوافل، فقالوا: المحسن لإسلامه هم أهل هذه الصفة، يعني: الذين يأتون بالواجبات وبعض النوافل، ويدعون المحرمات جميعا، فمن كان كذلك فقد حسن إسلامه.
والقول الثاني: إن إحسان الإسلام معناه:أن يكون على رتبة الإحسان في العبادة التي جاءت في حديث جبريل المعروف قال: فأخبرني عن الإحسان قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك فالذي يحسن إسلامه هو الذي وصل إلى مرتبة الإحسان، إما على درجتهاالأولى: درجة المراقبة، أو على كمالها وهو: درجة المشاهدة.
وهذا القول الثاني ظاهر في الكمال،ولكنه ليس ظاهرا في كل المراتب؛ ولهذا قالت طائفة -أيضا- من أهل العلم: إن إحسان الإسلام ليس مرتبة واحدة بل الناس مختلفون فيها، فبقدر إحسان الإسلام يكون له الفضل والثواب الذي أعطيه من أحسن إسلامه.
فمثلا: في قوله -عليه الصلاةوالسلام-:إذا أحسن أحدكم إسلامه كان له بكل حسنة يعملها عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف قالوا هنا: عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، عشر حسنات لكل من أحسن الإسلام،يعني: لمن كان له الإسلام، وحسن منه فإنه يبدأ من عشر أضعاف للحسنة يعني تكتب له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، هذا بحسب درجته في إحسان الإسلام.
فدل تنوع الثواب على تنوع الإحسان، يعني أن درجةالإحسان تختلف،وأهل إحسان الإسلام فيه متفاوتون لتفاوت الفضل والمرتبةوالأجر على ذلك فقال: "إلى سبعمائة ضعف" فمن أسباب مزيدها إلى سبعمائة ضعف أن يكون إحسانه للإسلام عظيما؛ ولهذا قال ابن عباس وغيره من المفسرين: إن الحسنة بعشرأمثالها لكل أحد. يعني: لكل مسلم في قوله -جل وعلا- في آخر الأنعام: مَنْ جَاءَبِ الْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا قال: هذا لكل أحد، أما من أحسن إسلامه فإنه في قول الله -جل وعلا-: وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا وهذا تقرير صحيح، فإن الناس في إحسان الإسلام مراتب.
وهذه المسألة مشكلة، يعني:لو راجعت في الشروح،وكلام أهل العلم مشكلة، لكن كلام أهل التحقيق الذين قرروا هذه المسألة بينوا أن إحسان الإسلام له مراتب، يعني: ليس مرتبة واحدة، وأن أهل المعصية، يعني: من ظلم نفسه، ليس من أهل إحسان الإسلام فقال: من حسن إسلام المرء يعني: هذا الفعل، وهو ترك ما لا يعني من حسن إسلامه، وهذا ظاهر في المرتبتين جميعا، فإن الذي يأتي الطاعات،ويبتعد عن المحرمات فإنه منشغل بطاعة ربه عن أن يتكلف ما لا يعنيه.
وأما أهل الإحسان في مقام المراقبة، أوما هو أعظم منها، وهومشاهدة آثار العصمة والصفات في خليقة الله -جل وعلا- فهؤلاء منشغلون بإحسان العمل الظاهر والباطن عن أن يكون لهم هم فيما لا يعنيهم.
إذاتقرر هذا فما معنى قوله: ما لا يعنيه ؟ما هو الذي يعني والذي لا يعني؟العناية في اللغة: شدة الاهتمام بالشيء، أو الشيء المهم الذي يُهْتَم به، والذي لايعني وليس لي به عناية هو الشيء الذي لا ينفع المعتني به، يعني: لا ينفع المتوجه إليه، وليس له به مصلحة، ومعلوم أن أمور الشرع المسلم له بها عناية، وأن فقه الكتاب والسنة له به لكل مسلم به عناية، يعني: فيشتد اهتمامه بها.
. .
avp p]de lAk pEsXkA Ysghl hglvx jv;i lh gh dQukdi çglRg êR;i dïdë dEQXkA dQXkdi ôRd