🖋السجود ليس أحكاما فحسب بل عبادة لها طعم خاص يشعر بها العباد الذين وصلوا إلى مولاهم...
ليست أفضل وأسعد وأغلى لحظة في حياتك عندما تدخل على زوجتك أو قد دخلت في تلك الليلة البهيجة التي تتخيل أنها بمفردها كوكب الليالي ومتعة الزمان.. وليست هي صعودك الطائرة في أول رحلة تجوال ونزهة حول العالم كما يتخيل البعض...وليست في أن يحوز الكاتب أرقى جائزة على كوكب الأرض، أو يستلم وسام شرف أو يتقلد منصبا في وزارة لا...ليس شيئ من هذا كله..إن أجمل وأغلى أوقات عمرك لحظة سجودك بين يدي مولاك..إن جسدك يهبط لكن روحك ترتقي ..وإن بدنك يدنو لكن روحك تسمو....
🌷هناك لذة خاصة للسجود يشعر بها كل من عاشها وذاق طعمها وتلك اللذة لا تعدلها لذة في الأرض..تلك اللذة يمنحها مولاك الذي وضعت جبهتك وهي أعز ما في جسمك على التراب أهون شيئ يدوسه الخلق..
طالعت كثيرا من الكتب فلم أجد ما يشفي غليلي عن وصف هذه اللذة سوى أنه عسل فحسب، "فيارب لا تحرمنا لذة السجود".
يقول سعيد ابن جبير سيد التابعين:" ما من شيئ يرغب فيه إلا أن نعفر وجوهنا في التراب"وقال مسروق:" ما من الدنيا شيئ آسى عليه إلا السجود لله" .
🖋كتب الدكتور مصطفى محمود فى كتابه السؤال الحائر:-
سألت نفسي عن أسعد لحظة عشتها.. ؟؟
ومـر بخاطري شريط طويل من المَشاهِد..
لحظة رأيت أول قصة تُنشر لي، ولحظة تخرجت من كلية الطب، ولحظة حصلت على جائزة الدولة في الأدب..
ونشوة الحــب الأول و السفـر الأول والخروج إلى العالَم الكبير متجوِلًا بين ربوع غابات إفريقيا العذراء، وطائراً إلى ألمانيا وإيطاليا والنمسا وسويسرا وإنجلترا وفرنسا وأمريكا..الخ..
استعرضت كل هذه المَشاهد وقلت في سِري.. لا.. ليست هذه !!..
بل هي لحظة أخرى ذات مساء من عشرين عامًا اختلط فيها الفرح بالدمع بالشكر بالبهجة بالحبور حينما سجَدتُ لله فشعرت أن كل شيء في بدني يسجد..
عظامي تسجد.. أحشائي تسجد.. عقلي يسجد.. ضميري يسجد.. روحي تسجد..
حينما سَكَت داخلي القلق، وكَفَّ الاحتجاج، ورأيت الحكمة في العذاب فارتضيته، ورأيت كل فعل الله خيرا وكل تصريفه عدلا. وكل قضائه رحمة، وكل بلائه حبا..
لحظتها أحسست وأنا أسجد أني أعود إلى وطني الحقيقي الذي جئت منه وأدركت هويّتي وانتسابي وعرفت مَن أنا.. وأنه لا أنا.. بل هو.. ولا غيره..
انتهى الكِبر وتبخر العِناد وسَكَن التمرد وانجابت غشاوات الظلمة وكأنما كنت أختنق تحت الماء ثم أخرجت رأسي فجأة من اللُجّة لأرى النور وأشاهد الدنيا وآخذ شهيقًا عميقًا وأتنفس بحرية وانطلاق.. وأي حرية.. وأي انطلاق..
يا إلهي.. لكأنما كنت مبعَدًا منفيّاً.. مطرودًا أو سجينًا مكبلًا معتقلًا في الأصفاد ثم فُكَ سجني.. وكأنما كنت أدور كالدابة على عينيها حجاب، ثم رُفِع الحجاب .
نعم.. لحظتها فقط تحررت.
نعم.. تلك كانت الحرية الحقّة.. حينما بلغت غاية العبودية لله.. وفككت عن يديَّ القيود التي تقيدني بالدنيا وآلهتها المزَيفة.. المال والمجد والشهرة والجاه والسلطة واللذة و الغَلَبة والقوة..
وشعرت أني لم أعد محتاجًا لأحد ولا لشيء لأني أصبحت في كنَف مَلِك الملوك الذي يملك كل شيء..
كنت كفَرخِ الطَير الذي عاد إلى حضن أمه..
كانت لحظة ولكن بطول الأبَد.. تأبدت في الشعور وفي الوجدان وألقَت بظلِها على ما بقيَ من عمر ولكنها لم تتكرر..
فما أكثر ما سجدت بعد ذلك دون أن أبلغ هذا التَجَرُد والخُلوص.. وما أكثر ما حاولت دون جدوى.. فما تأتي تلك اللحظات بجهد العبد.. بل بفضل الرب..
وإنما هو الذي يتقرب إلينا وهو الذي يتحبب إلينا.. وما نتعرف عليه إلا به.. وما نعبده لحظة تمام العِبادة إلا بمعونته.. وما ندخل عليه إلا بإذنه.. فهو العزيز المنيع الجناب الذي لا يُدخَل إليه بالدعاوَى و الأقاويل..
ولقد عرفت آنذاك أن تلك هي السعادة الحقّة.. وتلك هي جنة الأرض.. التي لا يساويها أي كسب مادي أو معنوي.
يقول الله لنبيه عليه الصلاة والسلام.. (واسجد واقترب) . إنتهى كلامه بتصرف يسير..
🌴تتعب كثيرا وأنت تجري لاهثا في صحراء الحياة فيكتنفك العطش ولا يروي ظمأ روحك إلا السجود.. حينها تشعر أن أجنحتك ترفرف في عالم من الرضا الجميل فَتَعرِف أسرار السجود التسعة.
# أولها: عندما تسجد تزال كل الحجب بينك وبين مولاك فتصارحه بما تريد..بثه شكواك ألمك..همك..حزنك ..ناجِه سرا بهمسات المحبين دون أن يسمعك أحد.. فللمحبين أسرار لا يبوحون بها لأحد.. إلا للواحد الأحد "مشهد الحب"
# ثانيها: عندما تسجد تقترب روحك من مولاك فتناجيه وأنت قريب منه..قريب منه بروحك ..بمشاعرك..بقلبك ...بكيانك كله فاستشعر القرب فما أحد في تلك اللحظة أقرب منك إليه.".مشهد القرب"
# ثالثها: عندما تسجد تقول وأنت في في دنوك الذي ليس بعده دنو سبحان ربي الأعلى ..وهو من هو في علوه..فيلتقي دنوك الذي ليس بعده دنو بعلوه الذي ليس بعده علو.. " مشهد الرفعة"فتنظر من نافذة العبودية لفضاء عز الربوبية..*فتأمل هذا*
# رابعها: في سجودك تضع جبهتك على الأرض فلا ترى إلا موضع سجودك ناسيا كل ما وراءك فإذا نسيت كل شيئ لم يبقَ في خيالك إلا من سجدت له فتنيب إليه بإخلاص موحدا له مسبحا له " مشهد الألوهية"
..
#خامسها: في سجودك تهطل عليك نسمات الرحمة فلو تعلم ما تتغشاك من الرحمة ما رفعت رأسك " كذاك يقول ابن عمر" فاستمطر الرحمات..فلربما نفحة من نفحات الرحمة تصيبك فلا تشقى بعدها أبدا" مشهد الرحمة".
#سادسها: في سجودك تشعر بتفاهة الدنيا وأنت لا ترى إلا البقعة الصغيرة التي وضعت جبهتك عليها..فهي حقيرة لا تساوي شيئا...فما هي إذا بجانب عالم الخلود..؟"مشهد الصغار".؟؟
سابعها: في سجودك تقول" سبحان ربي الأعلى.." ومعنى التسبيح: التقديس والتنريه عن كل عيب ونقص فأنت تقدس الملك وتنزهه، وأنت بهيئتك تلك تحقر نفسك وتصغرها وتذلها وتتهمها بكل عيب ونقص.
" مشهد التقديس".
ثامنها : عندما تسجد تشعر بلذة الإيمان والقرب والمناجاة فيتولد لديك شعور بالأنس لأن من تناجيه قريب منك فتستأنس به حتى إنك لتفر من الخلق لتستأنس بالخالق في سجودك وتلك لذة لا تعدلها ولا تشبهها ولا تدانيها لذة في الوجود" مشهد الأنس".
تاسعها: عندما تسجد تشعر برغبة جامحة في الدعاء تريد من يرحمك، تهفو إلى من يقف بجوارك كغريب في الصحراء.. كطفل ينشد أمه الحنون تنهار جوارحك، تسيل عيناك " مشهد الطلب".
#في سجودك تشعر بالقرب منه واعلم أن أكثر العباد سجودا أعظمهم إليه قربا، ولماذا في هيئة السجود تكون أقرب ما يكون إليه؟
أولا: لأن السجود هو المحك الفاصل بين بني آدم والشيطان، وحتى اسم الشيطان مشتق من" شَطن" أي: بَعُدَ، فهو عندما امتنع عن السجود طرد فأصبح بعيدا كل البعد وابن آدم سجد فقربه إليه وأزلفه فكان هذا إغاظة من الله للشيطان ولذا ثبت في مسلم بكاء الشيطان عند امتثال ابن آدم للسجود إن مر بآية سجدة.
ثانيا: يظهر في السجود كل معاني التجرد فالعبد قد ترك الدنيا خلف ظهره ولم يعد ينظر لشيئ كما لو كان قائما أو راكعا فهو نظره فحسب لعالم الخلود ولذا يحصل القرب .
ثالثا: في السجود يتذكر الإنسان بدايته ونهايته فالبداية تراب والنهاية تراب.. وهو ساجد الآن عليه فهو يخضع لمن بيده بدايته ونهايته فيتحقق معنى القرب.
#في السجود قطعت رجل عروة بن الزبير فلم يشعر لأنه يعرف جيدا ممارسة هذه اللذة التي تطغى على كل إحساس، فهو في جنة القرب مستمتعا نسي كل شيئ، ونسي زين العابدين بيته الذي احترق فلم يسمع صراخ الناس لأنه كان مستمتعا بسجوده...
وكان أبو ثعلبة الخشني صاحب رسول الله يقول: إني لأرجو من الله أن لايخنقني كما يخنقكم ..وذات ليلة رأت ابنته في منامها موت أبيها، فقالت: أماه أين أبي: فقالت: يصلي، فالتمسوه وهو ساجد وروحه قد فاضت إلى بارئها...
وهي الميتة الحسنة التي كان يسألها عامر بن ثابت بن عبدالله بن الزبير فمات عليها..وسيبعث عليها..وهو صفة من صفات عباد الرحمن " *يبيتون لربهم سجدا وقياما* وله سر عجيب في دفع المحن خاصة إذا ارتبط بالليل، فالله يقول لحبيبه في أشد ملاقاته لأذى قريش"ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا" ولا تأكل النار من ابن آدم أثر السجود" " والمؤمن سيماه في وجهه يبدوا مشرقا من السجود في الدنيا والآخرة وقد ثبت في ذلك حديث صحيح" وأعرفهم بسيماهم في وجوههم من أثر السجود" وفي القرآن"سيماهم في وجوههم من أثر السجود" ووصف علي رضي الله عنه الصحابة أنهم بين أعينهم مثل ركب المِعزى من كثرة السجود .
# تفتقد عائشة الحبيب صلى الله عليه وسلم في ظلام الليل فتبحث عنه فتجده في لحظة أنس ومناجاة مع مولاه قد ترك خلفه كل شيئ ناصبا رجليه في المسجد ساجدا يقول " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك" ما أجمل العيش في رحاب مولاك تتلذذ بعبادة السجود فتشعر أنك في عالم من الأنس والهناء.. *يامن يذكرني بعهد أحبتي..طاب الحديث بذكرهم ويطيب..أعد الحديث علي من جنباته ...إن الحديث عن الحبيب حبيب*
# ثبت في صحيح البخاري أنه في آخر الزمان وعند نزول المسيح عليه السلام" يعزف الناس عن الدنيا وتكون السجدة الواحدة خير من الدنيا ومافيها".. أعرفت كيف سيعود الناس لممارسة هذه اللذة..؟
وفي السجود فضائل
#أولها أنه علاج للقلق والهم والغم والاكتئاب وضيق الصدر" ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين.."
*إذا الهم شدّ عليك القيود..ولم يسعَ ساعٍ إلى نجدتك ..فقم ناجِ موجد هذا الوجود..وسله خلاصك في سجدتك*
إن الاكتئاب هو مرض العصر وعدد المصابين به ثلاثمائة مليون في العالم ويموت سنويا بسببه مليون منتحر..
فلا يسيطر عليك الهم وعندك السجود...ولا يجتاحك شَبَحُ القلق والاكتئاب وأنت تعرف لذة السجود.
# ثانيها: وهو حماية وحصانة من مجرمي الأرض، فالحبيب عندما سجد حول الكعبة وجاء أبو جهل ليطأ رقبته وهو ساجد رجع القهقرى لأنه رأى هولا وأجنحة وفيه نزلت" أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى..وفي آخرها" كلا لا تطعه واسجد واقترب" إذ كيف يخترق الحجب وحماية الله تكتنف هذا الساجد، وفيه نجى الله أبا معلق- التاجر الأنصاري- في صحراء ليس فيها أحد بمَلك من السماء فقتل ذلك اللص الذي أراد قتله، *فأكثر السجود يحميك المعبود*
#ثالثها: السجود يكفر الخطايا فقد صح في الترغيب والترهيب " إن المسلم يصلي وخطاياه مرفوعة على رأسه كلما سجد تحاطت، فيفرغ حين يفرغ من صلاته وقد تحاطت خطاياه"
# رابعها: السجود هو أحب الأعمال إلى الله كما ثبت ذلك في حديث ثوبان عندما سأل الرسول عن أحب الأعمال إلى الله فأرشده إلى كثرة السجود والحديث في مسلم " .
#خامسها: وهو رفعة " فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة"مسلم"والمحروم والله من يضيع هذه الترقيات في عالم الخلد.
#سادسها: وبه تنال رفقة الحبيب في الجنة" فأعنّي على نفسك بكثرة السجود" مسلم" وإذا رافقت الحبيب فأعظم بذلك شرفا وفخرا..والله لو رافقت ملكا من ملوك الأرض لما وسعتك الدنيا فكيف برفقة أشرف إنسان في الكون؟
# سابعها: السجود قرب لك من مولاك في الدنيا والآخرة أما في الدنيا فقد ثبت في مسلم " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" وفي الآخرة ثبت أيضا في "مسلم"سؤال ربيعة الرسولَ أن يكون رفيقه في الجنة فأرشده إلى كثرة السجود" ومن المعلوم أن درجة الرسول في الجنة هي أقرب درجة للملك عزوجل فبالسجود يتحقق القرب دنيا وآخرة " فتأمل هذا".
# عبادة السجود تمارسها الكائنات والجمادات والحيوانات بل الكون كله يمارس هذه العبادة، وحتى ظلال الشجر الذي تراه هو في الحقيقة يمارس عبادة السجود " أولم يروا إلى ماخلق الله من شيئ يتفيؤ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله' وكل دواب الأرض تسجد "ولله يسجد مافي السماوات ومافي الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون" والأفلاك كلها تسجد"ولله يسجد من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس' فكل مخلوق في الكون يسجد إلا ما كان من ابن آدم فمنهم ساجد ومنهم جاحد، والجاحد شاذ عن هذا الكون..
# لا تستعجل في سجودك فإن ما تستعجل عليه بيدي من سجدت بين يديه..تضرع ..عبر عن شكواك...إبكِ..-وهنا أحب أن أعطيك سراً - حيث أنه -وبحسب علمي القاصر- لم يقترن السجود بشيئ في القرآن إلا بالبكاء، قال تعالى في سورة الإسراء " *إن الذين أوتوا من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا..ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا..*
وفي سورة مريم *إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا*
وقد فهم المغزى عمر رضي الله عنه فقال لما سجد بالصحابة ذات يوم: هذا السجود فأين البكاء؟ ولماذا اقترن البكاء بالسجود..؟ لثلاثة أمور * لتعرف أنه لا أحد أقرب منك من مولاك..فتبكي لتزداد قربا وزلفى ومغفرة وثوابا فالدمعة الواحدة غالية عندالله بل أغلى من الدنيا وما فيها
*ولأنه قريب منك فتزداد خشوعا فيلبيك تبثه الحزن والشكوى والألم الذي يصارعك فيعطيك ما تريد والدعاء مع الخشوع أقرب للإجابة.* وثالثها وهم الأهم لأن السجود موطن الذلة أمام الملك فلا موطن يشعر الإنسان فيه بذلته أعظم من هذا الموطن فهو أدعى للبكاء وذرف الدموع..
# في سجودك لا ترفع رأسك سريعا وأمكث بقدر عشر تسبيحات على الأقل ذاك هو سجود عمر ابن عبدالعزيز وشهد له أنس بن مالك بأن ذلك السجود يشبه سجود الحبيب..وكان أويس القرني يخصص ليالي للسجود فيعبد الله في الأرض كما تعبده الملائكة في السماء..والسر في تكرار السجود مرتين خلاف الركوع المبالغة في الامتثال وإرغاما للشيطان مثل" لبيك اللهم لبيك " ومن تركوا السجود في الدنيا فإنهم يدعون يوم القيامة للسجود فلايستطيعون، ثم يكبكبون في وجوههم في النار "فكبكبوا فيها " لأنهم لم يكبكبوا وجوههم في الدنيا ولم يعفروها في التراب للملك الوهاب فكان ذاك جزاؤهم.
#للسجود خاصية عجيبة فكل أعضاء جسدك تشاركك العبادة فتسجد بقدميك وركبتيك ويديك وجبهتك وأنفك بخلاف القيام أو الركوع وكأنك تقول: يارب هذا أنا كلي لك...سمعي بصري ..يدي، قدمي..وجهي الذي أرغمته لك..فكن لي ..وأبشر فإن كنتَ له كان لك كل شيئ.
فيا لروعتك أيها الإنسان وأنت تجثو على الأرض لمولاك..وهناك فوائد طبية كثيرة للسجود تحتاج مقالة أخرى. أشهرها وصول الدم للدماغ فيتمتع الساجد بالحصانة من الجلطات وأخطر الأمراض، وهناك مستشفيات في الهند تعالج بالسجود، وهناك أنواعه وفقهه وأدعيته، لكن حسبي هنا أن أتحدث عن لذته..
وقد مات كثير وهم يتلذذون بسجودهم إذِ ارتقت أرواحهم وهو سجود ويصلُ من وقفتُ على تراجمهم قرابة مائة عالم وعابد..
# إهتم بسجود قلبك فإن القلب يسجد وقد سُأل أحد العلماء هل يسجد القلب؟ قال:" *إي والله سجدة لايرفع رأسه منها حتى يلقى الله*" وهذا القول عزاه ابن تيمية لسهل التستري كما في الفتاوى وينسب كذلك لابن القيم.
فيا لجمال سجود القلب ..وتعلق المحبين به..وهيامهم فيه..
*أما تبصر الطير المقصص يافتى..إذا ذكر الأوطان حن إلى المغنى..ففرّج بالتغريد مافي فؤاده..وهيّج أرباب القلوب إذا غنّى..كذلك أرواح المحبين يافتى..تهدهدها للأشواق للعالم الأسنى..*
فاسجد لربك خاضعا ذليلا بين يديه وتعرف على أسرار وعظمة السجود لتعيش مطمئنا بقربك من مولاك..وذاك وربي هو النعيم الذي لا يشبهه ولا يماثله ولا يدانيه نعيم على وجه الأرض..