نظرًا لأهمية التقوى ومكانتها، فإن الله أعدّ الله للمتقين مكانة عالية وبشارات كبيرة، فكم علّق بها من خير، وكم وعد عليها من ثواب، وكم أضاف إليها من سعادة.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102].
كلمة التقوى تكررت في القرآن الكريم كثيرًا، وهي مشتقة من الوقاية، أي حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره يقال: وقاه وقيا ووِقاية وواقِية أي صانه، والتقوى والتُقى واحد، والأصل في التقوى، وقوى على وزن فعلى، فقلبت الواو تاء من وقيته أقيه أي منعته، ويقال بأن التقوى في أصل اللغة قلة الكلام كما حكاه ابن فارس، والتُقى التقية والتقي المتقي وهو من جعل بينه وبين المعاصي وقاية تحول بينه وبينها من قوة عزمه على تركها وتوطين قلبه على ذلك.
والتقوى الكاملة الجامعة اجتناب كل ما فيه ضرر لأمر الدين وهو المعصية كما قال التابعي الجليل مجاهد رحمه الله تعالى في التقوى: "أن يُطاع فلا يُعصى وأن يُذكر فلا يُنسى وأن يُشكر فلا يُكفر".
والتقوى كلمة عظيمة لها أهميتها في القرآن الكريم وقد وردت هذه الكلمة فيه على معان خمسة كما ذكر مؤلف كتاب (بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز) للفيروز آبادي فقال:
الأول: بمعنى الخوفِ والخشية؛ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} [النساء:1].
الثاني: بمعنى الطاعةِ والعبادة؛ {أَفَغَيْرَ اللَّـهِ تَتَّقُونَ} [النحل:52].
الثالث: بمعنى تركِ المعصية والزلة؛ {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّـهَ} [البقرة:189].
الرابع: بمعنى التوحيدِ والشهادة؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب:70].
الخامس: بمعنى الإخلاص والمعرفة؛ {الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّـهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ} [الحجرات:3].
أيها الأحبة:
نظرًا لأهمية التقوى ومكانتها، فإن الله أعدّ الله للمتقين مكانة عالية وبشارات كبيرة، فكم علّق بها من خير، وكم وعد عليها من ثواب، وكم أضاف إليها من سعادة، وإذا تأملت أخي الكريم في النصوص القرآنية التي تتحدث عن التقوى تجد أن الله تعالى رتّب على التقوى الشيء الكثير من خيري الدنيا والآخرة، ومن أهمها:
الحادي والعشرون: بشرى المتقين بالمنزلة العالية عند الله تعالى؛ {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ . فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} [القمر:54-55].
الثاني والعشرون: بشرى المتقين بالبشارة عند الموت.
الثالث والعشرون: بشرى المتقين بالعلم والحلم والهدى؛ {وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّـهُ} [البقرة:282].
وأعظم ما يناله المتقون هو الخير الكبير الذي ذكره الله في قوله: {مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى ۖ وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ} [محمد:15].
هذه هي بعض معاني هذه الكلمة العظيمة، وهذه بعض ثمراتها، فعلينا بالتقوى في كل أمورنا، نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا جميعًا من المتقين الذين يتقون الله في أمور دينهم ودنياهم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.