لقد أخذ المدعي العسكري على المتهمين أنهم رفعوا الشعارات الآتية:
الإسلام هو السبيل الوحيد
ومحمد هو القائد الأوحد
والشريعة هي الإسلام
والقرآن هو الدستور
فهل يسع مسلماً أن ينكر شعاراً من هذه الشعارات ما دام قد رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً؟
فماذا يصنع المسلمون الذين يريدون أن يعيشوا وفقاً لعقيدتهم وهم يرون الكفر مفروضاً، والإيمان مرفوضاً؟ والحرام حلالاً، والحلال حراماً؟
أليست هذه الأوضاع المقلوبة هي التي تنشئ العنف، وتولد التطرف والمغالاة؟
وفي إحدى البلاد العربية الإفريقية التي تحسب على العالم الحر، يسمح للشيوعيين أن يكون لهم حزب رسمي يمارس نشاطاً سياسياً علنيًّا، في ظل الدستور والقوانين، بلا حظر ولا قيود، في حين حظر على الاتجاه الإسلامي الذي يعبر عن الضمير الحقيقي للشعب، ويصور أفكاره وآلامه وآماله، أن يكون له أدنى وجود رسمي، ولم يكفهم ذلك، حتى ساقوا قادته وعناصره الحية إلى غياهب السجون، وحكم عليهم بأحكام هي غاية في القسوة والشناعة، ولا ذنب لهم إلا أن قالوا ربنا الله، ووجهتنا هي الحق، ومنطلقنا وميزاننا هو الإسلام، وسلاحنا هو الكلمة، وزادنا هو المعرفة .
أفنلوم الشباب بعد ذلك إذا يئس من أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، ليبحث عن أسلوب آخر، يقابل فيه القوة بالقوة، ويواجه فيه العنف بالعنف، على نحو ما قال الشاعر العربي:
وكنت إذا قوم غزوني غزوتهم فهل أنا في ذا يا لهمدان ظالم؟
متى تحمل القلب الذكي وصارماً وأنفاً حمياً تجتنبك المــظالم!
إن استمرار هذه الحال من التضييق على الإسلام الصحيح، لا يمكن أن يدوم، فلا بد أن يجد الإسلام له أهلاً وأنصاراً، ولا تزال طائفة من هذه الأمة قائمين على الحق لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك.
ومن الخير لنا ولديننا ودنيانا أن ندع هذه الطائفة تولد ولادة طبيعية، ونفسح المجال لنموها في جو طلق، تنشق فيه أنسام الحرية، كما ينشق غيرها، بعيداً عن الضغط والمصادرة، وإلا فإنها ستجد لها طريقاً آخر، وستكيف نفسها وجوّها على غير ما نريد لها.
إن الدعوة إلى الإسلام كالماء القوي الدافق، لا بد أن تجد لها مجرى ولو بين الصخور.
وإذا لم تفتح الأبواب والنوافذ أمام هذه الدعوة علانية، فلا بد أن تبحث لها عن سراديب تحت الأرض، حيث يسود الظلام، وتلتبس الرؤية، ويجد الغلو طريقه إلى الأنفس والعقول، دون أن تجد من يصوب لها خطأها، ويردها إلى سواء السبيل.