كتاب الأذكار النووية -1-
الأذكار النووية
للإمام يحيى بن شرف النووي رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المؤلف : الحمد لله الواحد القهار ، العزيز الغفار ، مقدر الأقدار ، مصرف الأمور ، مكور الليل على النهار ، تبصرة لذولي القلوب والأبصار ، الذي أيقظ من خلقه من اصطفاه فأدخله في جملة الأخيار ، ووفق من اجتباه من عبيده فجعله من الأبرار ، وبصر من أحبه فزهدهم في هذه الدار ، فاجتهدوا في مرضاته والتأهب لدار القرار ، واجتناب ما يسخطه والحذر من عذاب النار ، وأخذوا أنفسهم بالجد في طاعته وملازمة ذكره بالعشي والإبكار ، وعند تغاير الأحوال في آناء الليل والنهار ، فاستنارت قلوبهم بلوامع الأنوار. أحمده أبلغ الحمد على جميع نعمه ، وأسأله المزيد من فضله وكرمه ،. وأشهد أن لا إله إلا الله العظيم ، الواحد الصمد العزيز الحكيم ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وصفيه وحبيبه وخليله ، أفضل المخلوقين ، وأكرم السابقين واللاحقين ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر النبيين ، وآل كل وسائر الصالحين. أما بعد : فقد قال الله العظيم العزيز الحكيم : (فاذكروني أذكركم) [ البقرة : 152 ] وقال تعالى : (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعدون) [ الذاريات : 56 ] فعلم بهذا أن من أفضل - أو أفضل - حال العبد ، ذكره لرب العالمين ، واشتغاله بالأذكار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين. وقد صنف العلماء رضي الله عنهم في عمل اليوم والليلة والدعوات والأذكار كتبا كثيرة معلومة عند العارفين ، ولكنها مطولة بالأسانيد والتكرير ، فضعفت عنها همم الطالبين ، فقصدت تسهيل ذلك على الراغبين ، فشرعت في جمع هذا الكتاب مختصرا مقاصد ما ذكرته تقريبا للمعتنين ، وأحذف الأسانيد في معظمه لما ذكرته من إيثار الاختصار ، ولكونه موضوعا للمتعبدين ، وليسوا إلى معرفة الأسانيد (الاسانيد : هو جمع إسناد ، وهو الاخبار عن طريق المتن.) متطلعين ، بل يكرهونه وإن قصر إلا الأقلين ، ولأن المقصود به معرفة الأذكار والعمل بها ، وإيضاح مظانها للمسترشدين ، وأذكر إن شاء الله تعالى بدلاً من الأسانيد ما هو أهم منها مما يخل به غالبا ، وهو بيان صحيح الأحاديث وحسنها وضعيفها ومنكرها ، فإنه مما يفتقر إلى معرفته جميع الناس إلا النادر من المحدثين ، وهذا أهم ما يجب الاعتناء به ، وما يحققه الطالب من جهة الحفاظ المتقنين ، والأئمة الحذاق المعتمدين ، وأضم إليه إن شاء الله الكريم جملا من النفائس من علم الحديث ، ودقائق الفقه ، ومهمات القواعد ، ورياضات النفوس ، والآداب التي تتأكد معرفتها على السالكين. وأذكر جميع ما أذكره موضحا بحيث يسهل فهمه على العوام والمتفقهين. 1 - وقد روينا في (صحيح مسلم) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا). فأردت مساعدة أهل الخير بتسهيل طريقه والإشارة إليه ، وإيضاح سلوكه والدلالة عليه ، وأذكر في أول الكتاب فصولا مهمة يحتاج إليها صاحب هذا الكتاب وغيره من المعتنين ، وإذا كان في الصحابة من ليس مشهورا عند من لا يعتني بالعلم نبهت عليه فقلت : روينا عن فلان الصحابي ، لئلا يشك قي صحبته. وأقتصر في هذا الكتاب على الأحاديث التي في الكتب المشهورة التي هي أصول الإسلام وهي خمسة : (صحيح البخاري) ، و (صحيح مسلم) ، و (سنن أبي داود) ، و (الترمذي) ، و (النسائي). وقد أروي يسيرا من الكتب المشهورة غيرها. وأما الأجزاء والمسانيد فلست أنقل منها شيئا إلا في نادر من المواطن ، ولا أذكر من الأصول المشهورة أيضا من الضعيف إلا النادر مع بيان ضعفه ، وإنما أذكر فيه الصحيح غالبا ، فلهذا أرجو أن يكون هذا الكتاب أصلا معتمدا ، ثم لا أذكر في الباب من الأحاديث إلا ما كانت دلالته ظاهرة في المسألة. والله الكريم أسأل التوفيق والإنابة والإعانة والهداية والصيانة ، وتيسير ما أقصده من الخيرات ، والدوام على أنواع المكرمات ، والجمع بيني وبين أحبابي في دار كرامته وسائر وجوه المسرات. وحسبي الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم ، ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، توكلت على الله ، اعتصمت بالله ، استعنت بالله ، وفوضت أمري إلى الله ، واستودعت ديني ونفسي ووالدي وإخواني وأحبائي وسائر من أحسن إلي وجميع المسلمين ، وجميع ما أنعم به علي وعليهم من أمور الآخرة والدنيا ، فإنه سبحانه إذا استودع شيئا حفظه ونعم الحفيظ. وَصَـلـَّى اللهُ عَـلـَى سَيـِّدِنـَا مُحَمَّدٍ النـَّبـِيّ الأمِيِّ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبـِهِ وَسَـلـَّمَ ومن استن بسنته الى يوم الدين . |
الساعة الآن 10:35 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام