منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   الشريعة و الحياة (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=99)
-   -   الاسلام والحداثة (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=119296)

Abeer yaseen 07-03-2019 12:52 PM

الاسلام والحداثة
 
بسم الله الرحمن الرحيم
ماهي الحداثة وكيف نشأت في الغرب المسيحي وماجدوي استخدامها كمنهج في دائرة الفكر الاسلامي

المقدمة

" اذا كانت الغاية المقصودة في كل حراكنا المعرفي والعملي هي في تحقيق تنمية الفرد المسلم فكرياً ومعرفياً وعلمياً، ودفعه لخوض مغامرة البحث والإبداع العقلي لبناء الذات والحضور في عصره؛ أي في المشاركة الفاعلة في بناء واقعه وحاضره، وتأمين مستقبل أجياله الطالعة واللاحقة، فإن المدخل الطبيعي إلى ذلك، لا بد وأن يمر عبر دراسة القوى الذاتية الكامنة المحركة لهذا الفرد شبه الضائع حالياً -خصوصاً في ظل تطورات الحياة والوجود- بين واقعه النظري المفاهيمي (الإسلام كعقيدة وانتماء وهوية ثابتة مقولبة وجامدة على نصوص ومقدسات)، وبين واقعه العملي الخارجي المتغير والمتحول باستمرار
وهذه القوى النظرية غير المنظورة هي مجموعة القيم والمبادئ الأساسية المحررة والمحفزة والدافعة لهذا الفرد للعمل والإنتاج والإبداع في كل حركة واقعه. وليس هناك من وسيلة لتحقيق ذلك إلا من خلال تعميق الحس النقدي، والتحاور الفكري مع النص "

صعوبة البحث
تمثلت في " الخوض في مفهوم أضحى بالنّسبة إلى العالم الإسلاميّ هاجسا وجوديّا مصيريّا أكثر منه هاجسا معرفيّا فإذا كان الطّرف الأوّل يرى فيها جسرا للتّقدّم والرّقيّ والتّحضّر والحضور الفعليّ في التّاريخ، فإنّ الطّرف الثّاني يرى فيها تدميرا لتراثه الّذي به يكون ولا يمكن أن يكون إلاّ به
وحيث ان المجتمعات الإسلامية لاتعيش في فضاء مغلق ولا خارج إطار زمانها؛ بل هي منغمسة تماماً في الحداثة، بإنجازاتها الإيجابية وآثارها السلبية معاً. ولكن من دون غطاء وعمق معرفي قيمي وفلسفي عميق ومتجذر من صلب حضارتنا وتاريخنا وقيمنا من هنا كان هدف هذا البحث هو محاولة استلهام للقيم التي تضاهي الحداثة وتتغلب وتتفوق عليها لانها ذات اصل سماوي وليس منتج بشري"

هدف البحث
استشراف المفهوم الايجابي للحداثة والسبيل اليها استعادة هوية الأمة والتي تعني مجموعة القيم والمبادئ المحفزة للفرد ...فالفكر النقدي أصبح مستحيلا تماما في كل مكان يسيطر عليه الاسلام سياسيا أكثر مما يهيمن عليه روحيا وفكريا أصبح من الصعب أن تفكر في شئ داخل هذه المجتمعات التي نسيت عاد التفكير منذ زمن طويل أصبح كل شئ محظور ومحرما في هذه المجتمعات المغلقة والخائفة حتي من ظلها(1)
انّما مهمّتها الفكريّة الجليلة أن تراجع السّنن الفكريّة التّي وطّد لها السّلف، مراجعة نقديّة صارمة، وأن تختطّ لنفسها طريقًا ليست بالمعبّدة ولا بالآمنة، إلى اكتشاف قيم الرسالة المحمّديّة في صيغتها القرآنيّة، وترجمة النبيّ لها ترجمة تاريخيّة تأخذ بالشّأن الآني، من ناحية، وبالبعد الإنسانيّ الكونيّ، من ناحية ثانيّة. وتستلهم بذلك مبادئ الديّن استلهامًا تاريخيًّا- أخلاقيّا، فلا يعيش الضمير الإسلامي الصّادق منشطرا إذا تحقّقت تلك المراجعة بإخلاص للعلم ووفاء للعصر.
إنّ التحوّل الأساسي في نظرة "الإصلاحيّة الثانية" يتجاوز الانشغال بمسألة الهويّة، حتّى عدّها أمثال ع. الشرفي مسألة زائفة(2)
أهم الدراسات
-الفكر السياسى المعاصر ومسار الوعى بالحداثة
-الحداثة في فكر عبدالله العروي
- الحداثة والفكر السياسي
-الاسلام والحداثة عند فضل الرحمن

أقسام البحث :
1- مفهوم الحداثة ونشاتها في الغرب المسيحي

2- الحداثة والاسلام
3-جدوي استخدام الحداثة كمنهج في دائرة الفكر الاسلامي


اولا : مفهوم الحداثة ونشاتها في الغرب المسيحي
مفهوم الحداثة
الحداثة اصطلاحا : اتجاه فكري جديد ، وثورة كاملة علي كل ماكان وماهو كائن في المجتمع ، وهي بهذا المعني رؤية كونية لاتنحصر في ابعاد محددة ، بل تتجاوزها الي الرفض والاختلاف ، وهذا يشير الي ان معني هذا المصطلح يقوم علي مفهوم المغايرة والمعارضة لكل ماهو تقليدي ونمطي "(3)
والحداثة لغة تعني نقيض القديم(4)

الحداثة ((modernism مذهب فكري يسعى الى نبذ القديم الثابت من العقائد والشرائع والقيم، ورفض السائد والمألوف وكل ماهو معروف، فهم يقررون أن (الحداثة تمتاز بالثورة على التقاليد الشكلية واللغوية، والاقتحام والنفور من كل ما هو متواصل) على مايؤكده الباحثون الغربيون الذين يفسرون ما ذكروه من ميزات الحداثة بقولهم: (لقد عرفت الحداثة بأنها حركة ترمي إلى التجديد، ودراسة النفس الإنسانية من الداخل، معتمدة في ذلك علي وسائل فنية جديدة..، فأمامنا الثورة على ما هو مألوف..، وأمامنا أيضا تداعي الأفكار في الرواية).(5)

عرف رولان بارت الحداثة بانها انفجار معرفي لم يتوصل الانسان المعاصر الي السيطرة عليه فيقول : " في الحداثة تنفجر الطاقات الكامنة ، وتتحرر شهوات الابداع في الثورةالمعرفية مولدة في سرعة مذهلة وكثافة مدهشة افكارا جديدة واشكالا غير مألوفة وتكوينات غريبة وأقنعة عجيبة ، فيقف بعض الناس منبهرا بها ، ويقف بعضهم الآخر خائفا منها وهذا الطوفان المعرفي يولد خصوبة لامثيل لها ، ولكنه يغرق ايضا "(6)
والحداثة بحسب ( كارين ارمسترونج ) تلك العملية التاريخية التي انتجت فهما للعالم يقوم علي منطق العقل المتجذر في تجربة العلم الحديث انفصالا واستقلالا عن منطق الروح الذي صاحب الحقبة التقليدية والمتجذر في الدين والاعراف وربما الاساطير(7)
ظاهرة الحداثة اليوم تعد من اكثر الظواهر والتيارات التي أحدثت جدلا ليس عند العرب فقط وانما عند من انتجها وأفرزها للعالم ، واعني بذلك الغرب فقد كانت الحداثة تجسيدا لمرحلة تاريخية حضارية شكلتها عوامل وتحولات فكرية وفلسفية واقتصادية واجتماعية ، وقد انبثقت هذه المرحلة من مراحل سابقة من التاريخ الثقافي والاجتماعي للمجتمع الغربي ولكن ماتميز به هذا المصطلح انه حمل القطيعة بين التراث والتيارات الحديثة في الأدب والفن ودعا الي عوالم فنية مجهولة(8)
إن من أبرز سمات الحداثة الثورة الأبدية في كل عصر، وعند كل جيل، تأمل قول كالينيو: "إن الحداثة في جوهرها ظاهرة تعكس معارضة جدلية ثلاثية الأبعاد :-معارضة للتراث, ومعارضة للثقافة البرجواية بمبادئها العقلانية والنفعية، وتصورها لفكرة التقدم00ومعارضة لذاتها كتقليد، أو شكل من أشكال السلطة أو الهيمنة"، والحداثة عند نورين "تستبدل فكرة الله بفكرة العلم, وتقصر الاعتقادات الدينية على الحياة الخاصة لكل فرد" إذن فالحداثة في الغرب تمثل: مذهبا فكريا رافضا للثوابت والمسلّمات القديمة من العقائد والشرائع ذات الطابع الكنسي الشمولي.(9)

نشأة الحداثة في الغرب
ويشير مصطلح الحداثة الي مرحلة تاريخية طويلة نسبيا بدأت ارهاصاتها في اوروبا منذ أواخر القرن السادس عشر ، وتميزت في القرن السابع عشر بسلسلة من التغيرات الكبيرة والعميقة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ، وشملت بشكل متداخل ومتفاعل عمليا مجالات البحث والمعرفة العلميين والتطبيق التكنولوجي وأشكال ومؤسسات الحكم السياسية والمدنية والتشريعية والقانون والمعاملات الجارية وذلك في اطار عمليات بناء الدول القومية وتزايد سلطاتها مع تزايد مساحة الحرية والمسئولية الفردية ايضا ...ويعتبر بيكون وديكارت هما من دشنا نظريا عصر الحداثة(10)

قد اختلف كثير من الذين أرخوا ونظروا للحداثة الغربية حول بداياتها الأولى ، وعلى يد من من كتابهم ظهرت ونشأت ، ورغم ذلك يتفق بعضهم على أن إرهاصاتها المبكرة بدأت منذ أواخر القرن التاسع عشر الميلادي على يدي " بودلير " الفرنسي صاحب ديوان " أزهار
الشر " . ولكنها لم تنشأ من فراغ ، بل هي امتداد لإفرازات المذاهب والتيارات الفكرية والاتجاهات الأدبية والايدلوجية المتعاقبة التي عاشتها أوروبا في القرون الخوالي ، والتي قطعت فيها صلتها بالدين والكنيسة وتمردت عليه ، وقد ظهر ذلك جليا منذ ما عرف بعصر النهضة في القرن الخامس عشر الميلادي ، عندما انسلخ المجتمع الغربي عن الكنيسة وثار علي سلطاتها الروحية ، التي كانت بالنسبة لهم كابوسا مخيفا ، وسيفا مسلطا على رقابهم محاربا لكل دعوة للعلم الصحيح .(11)

في الثورة الصناعية الأوروبية حيث بدأت الكنيسة والاقطاع التقليدي بالتضاؤل لصالح رجال الاعملا ، واخذت المزارع الصغيرة تلتحق بالكبيرة لانعدام القدرة علي المنافسة . هذه الثورة الصناعية التي آذنت بولادة الحداثة كانت مريرة ، حيث تحول المزارعون الذين خسروا أراضيهم الي عاطلين أو عمال مستأجرين في المصانع الكبيرة وباجور زهيدة وظروف عمل قاسية وكان الربح لمالك المصنع . وهكذا توالد الفقر ايضا في الراسمالية وربما أسهم الاستعمار في تخفيف التناقض الطبقي في المجتمعات الاوروبية بتخليق طبقة عمالية رخيصة في البلاد المستعمرة وهكذا ارتبط التقدم بالاستعمار خالقا ابشع الصور كما أن العصر الحديث الرقمي ومابعد الحداثة التقليدية ارتبط بالهيمنة الامريكية وحروبها العالمية المتنقلة .
وبعد الحرب العالمية الثانية خرجت الولايات المتحدة القوة الوحيدة السالمة من اثار الحرب المباشرة السلبية وكان ايجاد الاسواق الجديدة ومكافحة المد الشيوعي قد اذن بمشروع مارشال لتسترد اوروبا عافيتها وبخطط تنموية في البلدان الأسيوية وغيرها لتقليل مشاكل الفقر لئلا تجتذبهم الشيوعية واتضح ان الخروج من الفقر بالراسمالية لايزيد المجتمعات الا فقرا ومديونية حيث ان الدول الكبري ظلت تنظر للعالم الثالث مصدرا للمواد الخام وسوقا استهلاكيا وكما يري كثيرون ان النظام الراسمالي في جوهره ليس تنافسيا وانما احتكاري ففي ظل ( العولمة اصبحت التجارة العالمية المملوكة لنخبة محدودة تتحكم بمصائر الدول فاذا بدولة غنية تضحي في ليلة وضحاها فقيرة بل ان تلك الشركات الكبيرة اضرت بمصالح المواطن الغربي حين اعتمدت العمالة الرخيصة المهاجرة ولجات لانشاء مصانعها في الدول الفقيرة مما يعمم مشاكل التناقض الطبقي في كافة البلاد وهكذا فان امتزاج ( الحداثة ) بغولي الاستعمار واقتصاد الافقار العام لصالح رفاه النخبة ومارافق ذلك من اصطدام مع ثقافات المجتمعات يجعل من الحديث عن ( الحداثة ) اشكالية واستفزازا(12)

وفي ظل تلك الظروف نشاة حداثة الغرب بكل تناقضاتها ، فالحداثة في الغرب لم تكن طفرة وانما كانت تطورا طبيعيا ومنطقيا لسيرورة الفكر الغربي والفلسفة الغربية والقيم الغربية والحداثة عند الغرب أهم مرتكزاتها التي قامت عليها تتمثل بملمحين رئيسيين هما :
-تنزيل العقل منزلة السلطة المرجعية المعرفية الوحيدة في ادراك العالم الطبيعي والاجتماعي .
-تكريس الانسان هدفا نهائيا للتحرر والتقدم وان جوهر الحركة يتمثل بمنحيين رئيسيين هما : العقلانية والنزعة الانسانية ، عقلانية ( كانت وسبينوزا وهيغل ) هذه العقلانية التي انتصرت علي اللاهون وبانتصارها انتقل الفكر الغربي الي عصر جديد هو عصر الانسان بوصفه جوهر العالم ومركزه وصانع مصيره فيه(13)

ولقد شكل عصر التنوير قاعدة التفكير ( للحداثة ) والتي يشير الكثير من الباحثين لمميزاتها بالآتي :
1-العقلانية
وابعاد تلك العقلانية تعتمد علي مسلمتين اساسيتين
الاولي : اخضاع الخارج وجميع مؤسسات المجتمع البشري وفاعليته للعقلانية
الثانية : استقلال العقل ونزع الوصاية عنه فعقلنة انماط الحياة هو سبيل التحديث فالعقلنة اتخذت طابعا مؤسسيا منظما في الاقتصاد والادارة

2- التطورية
كما ان القاعدة الذهبية هي التغير فان الوجه الآخر للتغير هو التقدمة والذي هو حصيلة تراكم التغيرات والتقدم والرفاه الماديين هو سمة الحداثة الغربية كما ان ركيزتهما العلم والاقتصاد واستثمار الطبيعة . اننا نفهم التقدمية في ظل سعي بشري ضمن هدي الله وحين يفارق البشر الصراط السوي يرتكسوا في جاهلية وفساد انساني مهما علا عمرانهم المادي

3- مركزية الانسان
الانسان كغاية للمعرفة والسعي وكمرجعية للمارسة النظرية والسلوك الاخلاقي والسياسي وتداعياتها :
أ-الحرية كأرضية تعين شرعية السلطة وتؤكد علي حق الانسان في تقرير شئونه المدنية دون اكراه أو قيد
ب-العلمانية ويمكن تشخيصها في امرين :
الاول : فصل السلطة السياسية عن المؤسسة الدينية
الثاني : المواطنة هي اساس العلاقة بين الانسان والمواطن
ومن خلال قراءة أدبيات الحداثة نلاحظ نمطين من العلمانية الاول يفصل بصورة شاملة بين الدين والنظام المدني فالمزيد من العقلانية ستكون علي حساب الدين حتي ينحصر في الحياة الشخصية غير المماسة مع الآخر . والثاني يفصل الدين عن السلطة ويبقي علي الاطار الاخلاقي والثقافي للدين الموجه للسياسي
ج- الفردية والتي تفترض عقلانية الانسان الساعي لمنفعته الشخصية . لكن سعيه هذا يفضي الي مصلحة المجموع . وكلما زالت العوائق أمام نشاط كل فرد كان ذلك اجلب للخير العام(14)

بداية نشأة الحداثة في العالم العربي
عرف القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ما سمّاه عبده فيلالي الأنصاري "الإصلاحيّة الأولى"، فمقالات عبده والأفغاني، ورشيد رضا والكواكبي ومن سار على نهجهم، كانت غايتهم أن يجدوا معنى لما كان يحدث في وقتهم من تقدّم الأمم (الأوروباويّة) وضمور السيادة الإسلاميّة
أمّا جيل الإصلاحيّة الثانيّة فقد كانوا في الصميم أهل توفيق أو تحديث الإسلام، يقصدون تحديث الفكر الإسلامي، كما عند ( راجي الفاروقي ) القائل بأسلمة المعرفة تحديثا للفكر الإسلاميّ، وإنشاءً لرؤية حداثيّة للعالم من صلب الخطاب القرآني والسيرة النبويّة "(15)
والحقيقة، أن ما طغى على تلك الفترة التي عادة ما تسمى بعصر النهضة، هو طغيان نزعة التقليد. فالعلمانيون مقلدون سيئون للمنجز الغربي. والإسلاميون مقلدون سيئون للمنجز التراثي. في حين أن المطلوب كان شيئاً آخر، لأنّ العقلانية تعني أن لا يقتصر المرء على الإفادة من تجارب الآخرين والاستضاءة بنور عقولهم، وإنما أن يبدأ أولا بعقله فيستنير بأنواره. فكما أننا مدعوون إلى الإفادة من جهود أسلافنا من فلاسفة وعلماء وفقهاء، فإننا مدعوون أيضا إلى الإفادة من إنتاجات الثقافة الغربية، دون أن يكون ذلك كله حاجبا عن استخدام عقولنا في تعاملنا مع واقعنا المتحرك. فالعقلانية الحقيقية بقدر ما هي تحرر للفرد واستقلالية للذات، هي أيضا استخدام نقدي واع للعقل في تعامله مع إنتاجات الآخرين(16)

تنوعت مواقف الدارسين والمفكرين العرب بالنسبة للحداثة وفق ثلاثة أطر :

دراسات اخذ اصحابها بالحداثة ودعوا اليها بصورتها الغربية معارضين القديم والسائد النمطي في واقعهم العربي ، لانهم وجدوا فيها السبيل لتجاوز هذا الواقع بكل مافيه كما هو الحال عند خالدة سعيد وادونيس وسلمي الخضراء الجيوسي
وهناك من وقف ضد الحداثة وهاجم دعاتها ، كما هو الحال عند د. كمال نشأت ، ود. مسعد زياد
ومنهم من ابرز تناقضاتها وتساءل فيما اذا كان مانعيشه اليوم ارهاصات الحداثة ، وأن الحداثة العربية لم تأت بعد كما جاء في دراسة د. كريم الوائلي وغيره(17)

-ينشغل الكاتب السوري هاشم صالح في «هم معرفي» قوامه تبني مشروع التنوير الديني والفلسفي لإخراج الإسلام من الماضي التراثي وأخذه بمبادئ الحداثة، كما حدث في أوروبا. ويُعد صالح الذي نقل إلى العربية مؤلفات المفكر الجزائري محمد أركون (1928-2010) من بين أبرز الكتّاب العرب الذين عاينوا «المعضلة التراثية»،

فوضع خلاصات عامة، رأى أنها قادرة على إرساء المصالحة المطلوبة والملحة بين الإسلام والحداثة، من أجل تجاوز الانسداد التاريخي الذي يقف حائلاً دون مواكبة المسلمين للأمم المتقدمة والقفز على عبء الماضي التراثي لبناء المستقبل.
في(18)


وهذا لايمنع من التوجه بالنقد للحداثة فهي منتج بشري انتجته سيرورة تاريخية في واقع مخصوص هيأ لها السبيل للظهور فحداثة أنتجت أخطر انواع الأسلحة وعاش الناس خلالها أبشع حربين في تاريخ البشرية لفي حاجة الي مراجعة وتقييم وكما يقول الاستاذ عبد المجيد الشرفي : " ان المبادئ والقيم التي انتجتها الحداثة مثل قيمممة الحرية والمساواة والعدل لاتطبق في الغرب كما في خارجه مستدلا علي ذلك باغتصاب الاراضي الفلسطينية الذي يتم بدعم الغرب ومباركته "(19) ولقد توصل الي تلك الحقائق للحداثة الكثير من اعلام ورموز العلمانية في بلادنا ورجعوا عن توجهاتهم وافكارهم التي اعتبروها نوعا من الخطأ والمنزلق الذي حدا بهم الي العودة للاسلام بمفهومه الصحيح بل وصاروا من المدافعين عنه من هؤلاء دكتور زكي نجيب محمود وطه حسين

ثانيا : الاسلام والحداثة

موقف العلمانيين العرب

لا شك أن الحداثة المرتبطة بفكرة سيادة العقل، والتي كانت العلمانية إحدى النتاجات المباشرة لها، شكلت المرجعية الأساسية للتيار العلماني العربي. هذا الالتجاء الذي يصل إلى حد التطرف في بعض الأحيان إلى المرجعية الغربية، دفع النخب العلمانية إلى الوقوف موقفا سلبيا من الدين برمته، واتهامه بأنه سبب تخلف الأمة، وأن التقدم لا يمكن أن يُنجز إلا بفصل الدين عن الدولة وعلمنة السياسة. وربما كان هذا الموقف سببا إضافيا لظهور تيار محافظ يرفض التعامل بشكل إيجابي مع الواقع الجديد، ويصر على التوقف عند اجتهادات الأولين. وحتى إذا وجد مجتهدون فإنهم لا يزيدون عن كونهم مقلدين من الدرجة الأولى كما كان يقول مرتضى مطهري(20)
وكذلك الشأن عند مفكّر تونسيّ آخر هو محمّد الطّالبي (1923- 2017) حين كرّس جهدًا لافتًا للدّفاع عن "قراءة سهميّة" للقرآن، معبّرًا في أكثر من مناسبة عن أنّ صدق الضمير وانتحال الحرّيّة دينًا، وتمثّل مقاصد القرآن الأخلاقيّة والإنسانيّة هي أعظم وأخطر على المسلم من اتّباع السلف والتسنّن بمذاهبهم؛ بل لم يتردّد في الدّعوة إلى ترك الفقه جانبًا من أجل مراجعة تاريخيّة روحيّة لقيم القرآن الأصليّة، وهي نظرة تستبطن ما ساقه مفكّر باكستاني، فضل الرحمن (1919- 1988)، في "الإسلام والحداثة"، من ضرورة مباشرة النصّ القرآنيّ على أساس حركة مزدوجة الاتّجاه: أن يوصل النصّ بإطاره الذهنيّ والاجتماعيّ لاستقراء الدلالات الأصيلة لخطاب الرسالة، واستخراج القيم الأخلاقيّة العامّة من ناحية، ثمّ التحوّل إلى الواقع الرّاهن لترجمة تلك القيم بما يناسب انتظام النّاس في مجتمعات حديثة من ناحية أخرى، وإنّه من اللّافت أن يذهب فضل الرحمن إلى ذات الموقف من ضرورة الاستغناء عن المؤسّسة الفقهيّة وقيود المتكلّمين؛ لأنّها ضيّقت مقاصد الدّين بالضوابط التي استحدثتها(21)
إننا لا نستطيع الدعوة إلى "دين أخلاقي" خالٍ من العبادة في محيط مسلم، كما كان يفعل كانط بالنسبة إلى محيطه المسيحي مثلاً، لأنّ ذلك لم ينهَ الكنيسة وطقوسها، ولأنه أدى من ناحية أخرى إلى تصحّر الروح الأوروبية، وبروز الوحش الذي في داخلها بشكل غير مسبوق تجلى في الحروب العالمية المتتالية، وفي حركة الاستعمار، وفي القتل المتنقل، وفي إثارة النزعات القبلية والإثنية والطائفية، من أجل تدمير الشعوب المستهدفة في أكثر من مكان(22)

التطبيق العملي للحداثة في الاسلام

الدين والسياسة
معظمُ الكتابات السياسية لرواد الإصلاح وقادة الحركات التحررية والمجتهدين والمفكرين في تاريخ أمتنا الحديث والمعاصر، ومنهم: الأفغاني، محمد عبده، الكواكبي، رشيد رضا، محمد إقبال، طنطاوي جوهري، محمد فريد وجدي، نجيب فاضل، عصمت أوزال، سعيد النورسي، سيزاي قراقوش، حسين الجسر، مصطفى الغلاييني، علال الفاسي، أبو الكلام آزاد، عبدالقادر عودة، عبدالرحمن عزام، عبدالرزاق السنهوري، مالك بن نبي، توفيق الشاوي، علي شريعتي، حامد ربيع، عبد الوهاب المسيري، طارق البشري، راشد الغنوشي، محاضير محمد، أنور إبراهيم، علي عزت بيغوفتش، حسن الترابي، محمد عمارة، سليم العوا، منير شفيق، أحمد داود أوغلو، رضوان السيد، منى أبو الفضل ونادية مصطفى
كتابات هؤلاء وأمثالهم ممن يشاركونهم التوجه الحضاري الإسلامي/ الإنساني- في علوم السياسة، شكلُ في مجموعها نوعاً جديداً من التفكير السياسي، بعد أن استنفدت أنواع الكتابة السياسية الموروثة أغلبَ مقاصدِها، وأضحى أغلبُها أيضاً في ذمة التاريخ. وهذا «النوع الجديد» نسميه «الفقه السياسي الحضاري»، وهو يستهدف بناءَ عمران إسلامي/ إنساني معاصر، يستند إلى ثوابت القيم المعيارية الإسلامية/ الإنسانية الكبرى وهي: الكرامةُ والحريةُ والعدالةُ والسلامُ
وتصب كتاباتهم في مجموعها باتجاه تأسيس نهضة عمـــــرانية متعددة الأبعاد، تُخرج الأمةَ من حال الاستــــضعاف إلى القوة، ومن ظلماتِ الجهل إلى أنوار المعــــرفة والعلم، ومن الاستبدادِ إلى الحرية، ومن التبعيةِ إلى الاستقلالِ والريادة العالمية. وهم في مجمَلهم لا يحفلونَ بخطاب الآداب السلطانية القديم، لكنهم مستمسكون بالأساس الأخــلاقي لهذا الخطاب باعتبار أن الأخلاقَ من صميم السياسة الإسلامية. وهم ويواصلون البناء على خطاب الأحكام السلطانية، لكن بتجاوز ما فيه من فقه التغلبِ وحكومات الاضطرار وضرورات الحالات الاستثنائية التي حلت محل الأحوال العادية لقرون دون جدوى إلا مزيد من الانحطاط والاستبداد
وهم في جملتهم أيضاً يحررونَ فقه السياسة الشرعية من تركيزه على «سلطة ولي الأمر»، و «التوسعة على الحكام»، و «إطلاق السلطات التقديرية في حالات الاستثناء»، ويؤسسون لفقه جديد يركز على «احترام إرادة الأمة» و «الحفاظ على وحدتها»، و «مسؤولية الحكام ومساءلتهم»، والالتزام بالدستور ودولة القانون، والإدارة بالمؤسسات لا «بالسلطة المشخصنة»، ورعاية المصلحة العامة، والمحاسبة والشفافية، والرقابة على المسؤولين، والتوسعة على المحكومين بصون كرامتهم، والتمتع بحرياتهم. وعوضاً عن الذوبان في الحضارة المادية المعاصرة، يدعون لبناء عمران حضاري إسلامية/ إنساني جديد(23)

لقد عانى العرب والمسلمون لقرون طويلة من ممارسات حكامهم الطغاة، لكنهم اليوم يثقون بأنفسهم أكثر فأكثر، ويشعرون بالقدرة على تحطيم قيودهم الخارجية التي فرضها عليهم المستبدون، وهم يتقدمون كل يوم في هذا الاتجاه... غير أن هناك قيودا أخرى تحتاج بدورها إلى تحطيم. إنها قيود الداخل هذه المرة. قيود الأهواء والأيديولوجيا والموروث والسائد. لقد تعرضت هذه الشعوب على مدى عقود طويلة إلى حملات مسخ ممنهجة من أجل إخضاعها في رؤيتها الوجودية وأخلاقياتها الاجتماعية وقيمها الدينية، ليتم فرض اتجاهات مادية وخيارات وضعية تخضع الإنسان وتسخر من القيم وتنشر الفساد...
إنهم يجدون أنفسهم اليوم أمام حتمية النجاح في امتحان الجهاد الأصغر ضد مستعبديهم(24)

ويدعو الكتاب إلى ضرورة التأسيس لخطاب إسلامي يؤصل فكرة السلمية والإيمان بالتداول السلمي للسلطة ونبذ العنف، ليس لأن هذا أمر طارئ أو جديد على الفكر الإسلامي، إنما لأن حجم التشويه الذي كان ولا يزال يواجه الخطاب الإسلامي يستدعي الإلحاح على فكرة السلمية ونبذ العنف التي نجح الإعلام الغربي، مدفوعاً من الدوائر الصهيونية، في ترسيخها لدى الرأي العام العالمي لتبرير الهيمنة والاحتلال والحروب ضد الشعوب الإسلامية تحت ستار مقاومة الإرهاب
يقع الكتاب في أربعة فصول، يتناول الفصل الأول الخطاب الإسلامي في التراث والعصر الحديث مستعرضاً مفاهيم الفكر الإسلامي، والخطاب الإسلامي والتجديد، واتجاهات التجديد في التراث الإسلامي، وفي العصر الحديث ومنهج التجديد وأولوياته. ويعرض الفصل الثاني «معالم الخطاب الإسلامي الجديد» من خلال تحليل حالة الخطاب الإسلامي المعاصر، وأنواعه، كما يقدم أطروحات جديدة تشكل معالم الخطاب الإسلامي المنشود موضحاً خصائص هذا الخطاب وركائزه الأساسية(25)
إذا كان تطور الدين في المجتمعات الغربية قد اتسم بصراعات وقاد إلى حدوث قطائع نظرية وعملية قوية أدت إلى تحجيم الدين عن توجيه الحياة السياسية ووضع حد لعملية استمداد المشروعية السياسية من الدين، فإن الدين تطور في المجتمعات غير الأوربية، وبخاصة في المجتمعات العربية الإسلامية بوتائر أكثر انسجاما داخل الدين، وذلك على الرغم من كل الحروب والصراعات الداخلية، فلم تحدث توترات حدودية قصوى ولم تحدث قطائع حاسمة بل ظلت كل التوترات والصراعات تدور داخل التصور الديني السائد حسب تأويلاته وقواه المختلفة(26)
يعالج جدلية الإسلام وسيادة الشعب وتجلياتها في التاريخ الإسلامي والنصوص، ويخرج بمجموعة من النتائج أهمها قوله: « إن الإسلام لا يتضمن سلطة روحية تعارض السلطة المادية الدنيوية، وإن تبني نظام سيادة الشعب ليس بدعة، بل إننا نواصل بذلك ممارسة الشأن السياسي العقلائي الذي كان المسلمون يمارسونه طوال التاريخ الإسلامي، والتفاوت بالأنماط فقط. وهذه المرة نريد إقامة حكومة معاصرة، تتبع منهجاً سياسياً مستنداً إلى مفاهيم علمية وفلسفية، فيما كانت الحكومة بشكلها الموروث تنتهج سياسة تقوم على العرف والعادة والتقليد، لا على الأسس العلمية والفلسفية(27)

احتفاء الاسلام بالنزعة العقلية
" لا تعيش المجتمعات الإسلامية في فضاء مغلق ولا خارج إطار زمانها؛ بل هي منغمسة تماماً في الحداثة، بإنجازاتها الإيجابية وآثارها السلبية معاً. ولكن من دون غطاء وعمق معرفي قيمي وفلسفي عميق ومتجذر من صلب حضارتنا وتاريخنا وقيمنا"
وتاريخ الحضارات يشهد أن منطلقاتها الأولى كانت دائماً منطلقات عقلانية"
فالحضارات لا تتأسس على الخرافات والأساطير، بل إنها تجد في المعارف والعلوم والتجارب والحِكم بناها التحتية، لم تشذ عن ذلك الحضارة الإسلامية المحمدية التي انطلقت في المدينة المنورة تحت لهيب الشمس المحرقة، وامتداد الصحراء الموحشة، فكان أول ما نزل من القرآن دعوة إلى القراءة والتعلم: "اقرأ". وإذا لم يكتب لهذه الحضارة أن تحدث المنعرج الأخطر في تاريخ البشرية، فلأن تسلط الجهلة والانتهازيين هو ما منع من ذلك(28).
والامام محمد عبده يري ان ثمة أصولا ثلاثة من خمسة يقوم عليها الاسلام تسهم في شق مجري عميق للعقلانية :
الاصل الاول هو النظر العقلي لتحصيل الايمان
الأصل الثاني هو تقديم العقل علي ظاهر الشرع عند التعارض وهذا قد التفق عليه اهل الملة
الأصل الثالث فهو البعد عن التكفير فاذا صدر قول من قائل يتجمل الكفر من مائة وجه ويتحمل الايمان من وجه واحد حمل علي الايمان ولايجوز حمله علي الكفر فهل رايت تسامحا مع اقوال الفلاسفة والحكماء اوسع من هذا !(29)
لابد للعقل إذن أن يأخذ دوره المركزي لا فقط في تعاملنا مع ثقافة الآخر، أو نصوص التراث، بل أيضا في تعاملنا مع النصوص الإسلامية الأولى: القرآن والسنة. فالقرآن الكريم نفسه يذيل بشكل كثيف آياته بـ (أفلا تعقلون، أفلا تبصرون، أفلا يتفكرون، أفلا تذكرون. أفلا تنظرون..) ونجد في الحديث: (و لم ينه الله سبحانه عن محارمه لوجب أن يتجنبها العاقل) ، وهو ما يوحى أن العقل يمثل مرجعية حتى بالنسبة للقرآن نفسه، فهو كأنما يقول فكروا فيما أطرحه، واستخدموا عقولكم ثم احكموا له أو عليه ولا تقعوا في فخ التقليد والهوى. ولذلك كثيراً ما يسخر القرآن من أولئك الذين يعطلون عقولهم لإرضاء ذهنية اجتماعية راسخة أو إشباع نزوة عابرة(30) ( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُون )
((أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضلّه الله على علم

" حرية الفكر عن طريق اجتهادات الأمة كلها بجميع فرقها فتعدد النظر ووحدة العمل أحد الدروس الفقهية القديمة "(31)
وفي عصر الحضارة الاسلامية عجت البيئة الاسلامية بمختلف التيارات الفكرية فوجدنا الفرق الاسلامية والتعددية المذهبية حيث مذاهب أهل السنة الأربعة والمذهب الشيعي بل وتعددية داخل المذهب نفسه وكان هناك شرعية للاختلاف وأدوات لادارته من خلال الحوارات والمناظرات وتحاشي كل فريق تكفير الآخر وذلك لأنهم مجمعون علي أصول الدين والاختلاف في التأويل أو في الفروع وهي الحدود المسموح بها لأقصي درجة في الدين كما أنهم دعوا الي ضرورة الاجتهاد ونبذ التقليد ... الخ من تلك الآليات التي سمحت بالتعددية الاسلامية في الظهور مؤسسة علي موقف واضح للكتاب والسنة في تلك القضية(32)

هل إن الإسلام هو الذي يمنع المجتمعات الإسلامية من التقدم على درب الحداثة العقلية والمعرفية، أم إن الحداثة، على العكس، بالشكل الذي تم فيه إدخالها وتطبيقها في معظم البلاد الإسلامية؛ أي كحداثة آلية وتقنية لا إنسانية؟.. ثم ما هي الأسباب التي تمنع الإسلام من التجدد اليوم، إذا كان قد استطاع القيام بذلك فيما مضى تأقلماً أو تكيفاً واستجابة؟!!.. لاشك أن الإجابات العملية الصحيحة والعميقة على هذه الأسئلة التي تطرحها مختلف المقاربات الحالية للإسلام لها أهمية كبيرة، لأنها ستساهم في تحديد دور ومكانة الإسلام في صوغ المستقبل الأخلاقي والفكري، وبالنتيجة التنظيم السياسي والاجتماعي، للمجتمعات المسلمة
وبمراجعة تاريخية علمية للإسلام التاريخي، نلاحظ أنه - وبعكس الأفكار الشائعة اليوم- لم يبق الإسلام جامداً طيلة أربعة عشر قرناً ويزيد، بل تعرض لتحولات عميقة، سواء كان ذلك على مستوى النظم العقائدية أو على مستوى الممارسات التاريخية السياسية والاقتصادية والثقافية.(33)
اذا فمن الضروري " الاعتياض عن بنية فقهيّة زجريّة للديّن إلى أخلاقيّة تحقّق به الرسالة غايتها الجوهريّة من الترقّي بالذّات البشريّة إلى أرقى طاقاتها الخلاّقة تحقيقًا للخير والسعادة(34)


ما يجب على الدين فعله هو أن يتشارك مع الحقائق العلمية ويتعاصر مع العالم، الدين يجب أن يتبنى فلسفة معاصرة وحديثة ويكون أساسه العقل والمنطق. القداسة تحركها العواطف والدين ليس منظومة تشريعية وروحانية وحياتية فقط بل هو أيضاً طريقة فكر، وقوام الفكر هو العقل والمنطق وفقط! فلنقدس العقل ومنطقه وليس العواطف الهشة. فإذا حكم الدين شيءً غير العقل لن يستطع على مواجهته مع مرور الوقت.(35)
متي لايتعارض العقل والنقل ؟

إن العقل والنص يتفقان حول مجموعة القيم الإنسانية الكبرى كالعدالة والحرية والمساواة والإحسان والخير والجمال، ويدعوان إلى تنزيه وسائل تحقيق هذه القيم عن إيذاء الآخرين أو ظلمهم أو إلحاق الضرر بهم... وعلى هذا الأساس، يمكن للعقل الفقهي أن يتحرك في مساحة المسكوت عنه التشريعي ليملأها بما يستجيب لحاجات الأمة، وأن يتحرك بين النصوص من أجل تنقيتها مما يمكن أن يكون قد علق بها من تغييرات أو مما التصق بها من رؤى عرفية أو تاريخية أو اجتماعية وصولا إلى تنزيلها في الواقع تنزيلاً جديداً يجعل من النص غضاً نظراً في كل زمان جديد، لا تخلقه كثرة الرد، وَوُلوج السمع،لأن الله تبارك وتعالى لم يجعله لزمان دون زمان، ولا لناس دون ناس، فهو في كل زمان جديد، وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة"، إنه يبقى قادراً على التفاعل مع مشاكل الناس في كل مرحلة تاريخية بالكفاءة نفسها
إن المهمة الكبرى التي تنتظر العلماء والمفكرين الذين يملكون العقل المنفتح على الحقيقة في هذا العالم العربي والإسلامي هي تحرير العقل، لأنه دون إنجاز هذه المهمة لن يمكن بناء الأسس المتينة لمدنية إسلامية جديدة.(36)
إن ما يمكن أن نسميه بالعقلانية الإسلامية، لابد لها أن تتحرك في الدائرة الأوسع، وأن لا تنغلق على نفسها في مساحة ضيقة هي التجربة الإسلامية، أو آراء الأقدمين، أو الفهم الحرفي والجامد للنص. لابد للعقل الإسلامي أن يصبغ نفسه بالمرونة التي لا تهمل الواقع، وتنطلق من النص الذي لا يصادر على العقل بقدر ما ينير له الزوايا المعتمة، دون أن ينسينا ذلك كله تلكؤ العقل في بعض الأحيان...حيث يتحول إلى أداة لطمس ما هو ضروري للوجود الإنساني ضرورة العقل نفسه(37)

" لقد كان الحضور البارز لهاتين المفردتين الرائعتين( العقل والحرية ) داخل المنهج الاعتزالي ، هو سر احتفائنا بالمعتزلة علي وجه التحديد ، فنحن قد نخالف الرؤية الموضوعية للاعتزال في كثير او قليل . ولكننا لانملك حيال المنهج الاعتزالي الا شعورا بالتقدير والرثاء ز التقدير لذلك الفكر الذي استطاع علي نحو مبكر ، أن يري العقل والحرية حقيقتين اسلاميتين منصوصتين في الكتاب . والرثاء لذلك المصير الذي صار اليه تاريخ المسلمين بسبب نفي هذا المنهج . لقد كلفنا الامر في الحقيقة ضياع حضارة كاملة "

وكان محمد عبده يري أن الخروج من مشكلة التخلف يكمن في التوفيق بين العقل والنقل فمشكلة الأمة تكمن في التطبيق وليست في النظرية ولكن مفهوم العقل عنده يختلف عن المفهوم الغربي الذي ألهه فالنظر الي الانسان من خلال البعد المادي فقط حيث القضاء علي فكرة القيم والدين والاله زادت من معاناة الانسانية ...ولهذا دعي الي تحويل المنهج النظري الي واقع عملي من خلال الدعوة للتعليم والتربية ومراجعة أحوال الشريعة من منظور العقل في اطار النقل وتقويم متطلباتها بين النصوص والمقاصد وأيضا استخدام التراث في شحذ الهمم والقوي الباطنة للأمة لتستيقظ من غفوتها وتعيد أمجادها بعد أن تخلص عقيدتها مما أصابها من شوائب وبدع جعلت أهلها خارج دائرة الزمان بالاضافة لاحياء العقول لتحقيق المتطلبات الدينية من استخلاف الانسان في الأرض(38)

التقريب بين الدين والحداثة بتعزيز الجانب النقدي
فانطلاقا من احترام الاسلام لعقل الانسان والذي جاء مرارا وتكرارا في آيات القران الكريم ( افلا تعقلون ) (افلا تبصرون ) ( افلاتتفكرون ) (ياأولي الألباب ) ....الخ جعل للانسان الحق في النقد والمعارضة لما أودعه الله في كل انسان من قدرة علي التمييز وجعل له عقلا يلهمه ويهديه وتفاوت العقول يقتضي بداهة تفاوت الآراء وكان هذا نهج الأنبياء وان لنستطيع أن نقول ان رسل الله جميعا بدأوا زعماء معارضة وقادة مقاومة فكانوا صورة للثائر المنقذ الذي جاء ليقول لا وليقود الجماهير ضد الظلم والجهل والانحطاط(39)
" أيّ عمل نقدي يمكن أن تقوم به فلسفة الدين في علاقة مع الإسلام لا ينبغي أن يستهدف الإسلام نفسه، لأنّ ذلك سيكون خطأ قاتلاً، بل ينبغي أن يستهدف التمثلات اللاقيمية والمنغلقة والمذهبية للإسلام مادامت مناقضة لمسلمات العقل الطبيعي ومعاييره القيمية
وهنا لا بدّ من التمييز بين ما نسميه "إسلام الوحي" و"الإسلام التاريخي"، لأنّ الأول يجعل من القيم الأساسَ لكلّ ما يطلقه من أحكام، ويؤكد على مبادئ العقلانية: "الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنَه أولئك هداهم اللهُ وأولئك هم أولو الألباب"، و"لا دين لمن لا عقل له"، والعدل والإنصاف: "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى". والحرية: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"، و"من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، والسلام: "فإن جنحوا للسلم فاجنح لها"، "ولا تعتدوا إنّ الله لا يحب المعتدين"، إلى غير ذلك...،
أمّا الثاني فهو الإسلام التاريخي الذي هو نتاج لرؤى بشرية كان بعضها متلبساً بالأهواء والنزوات، أو متاثراً بالواقع أو منفعلاً بما طرحته بعض الثقافات الواردة بكلّ ما تضمنه من حمولات سلبية كتيارات الغنوصية والمشائية والتصوف أو كمذاهب الجبر والتكفير والإرجاء(40)

موقف الاسلام من النقد وضرورته

الدين الأن بعيد كل البعد عن العالم المعاصر، فهو ثابت: ثابت بثبات جهلنا وقمّعنا للفكر الآخر وعدم تقبل النقد الموجه نحوه. منبع القداسة هو ضعف الجهل، جهلٌ نابع من محاولة إخفاء وكبت حقائق العالم التي قد نراها عدوانية وغير مريحة ونعتقد أنها تعارض ذاك الكيان البعيد الباهة. فهي أيضا معادلة بسيطة: إذا تراكم النقد على دين وهو ثابت غير قابل للتغيّر فسوف يتلاشى مع مرور الوقت، فقد كان ذاك مصير جميع الأديان التي قدّست بشكل مفرط عبر التاريخ.(41)
وتحول النقد إلى ممارسة أيديولوجية يمليها منطق الصراع، أو هاجس الشك والريبة، فمن الضروري أن تكون حركة النقد محاولة للكشف عن الآليات اللامعقولة والممارسات المشبوهة في ثقافة الآخر، تماما كما يجب أن تكون إبرازا للمعقول والصالح فيها، وليس مجرد تمترس وراء نسق إيديولوجي يحتكم إلى تراث كان نتيجة لتفاعل بين عناصر تنتمي إلى واقع غير هذا الواقع، وعصر غير هذا العصر. والنقد بهذا المعنى ليس ممارسة منفلتة من أية رقابة، حيث يجيز المرء لنفسه قول ما يشاء دون قيد ولا شرط، بل إن النقد في أسمى معانيه هو عودة إلى العقل للاهتداء بهديه من أجل مراجعة ما يبدو ثوابت وتعرية ما يبدو بداهات، إنه تفكيك لقوالب صنعها غيرنا، وأصبحت مع الزمن قواعد لا يجوز الاقتراب منها، وأصولا يجب احترامها. النقد بهذا المعنى فعل يقاوم سلطة الماضي والوارد والمنجز، من أجل إعطاء الواقع حقه في التعامل معه بشكل مباشر ودون وسائط. فنحن بحاجة إلى فتح كثير من الأبواب المغلّقة، واقتحام كثير من المجالات المحظورة، وإعادة النظر في كثير من المسلمات التاريخية.(42)
" فالإسلام لم يكن يوماً سبباً للتخلف، بل إنّ عمليات التشويه التي تعرض لها هي سبب ذلك التخلف. ودور فلسفة الدين هو تنظيفه من تلك التشويهات، وتحديد الجوانب التاريخية فيه من أجل تجاوزها(43)


3-جدوي استخدام الحداثة كمنهج في دائرة الفكر الاسلامي

من خلال دعوة الحداثيين الي ان يأخذوا بنظرة جديدة للحداثة لاتدعو لقطيعة معتقداتنا وموروثاتنا وانما للتواصل مع التراث برؤية حداثية مستلهمة أجمل مافيه وتستشرف مستقبلنا الذي نطمح اليه(44)
والتي عبر عن تلك الفكرة بجلاء دكتور زياد الزعبي في جريدة ( الغد ) قائلا : " ليس من تعارض بين التراث والحداثة الا اذا فهمنا التراث بالمعني الارتدادي ، اي العودة الي الماضي والاقامة فيه ، واذا فهمنا الحداثة بوصفها فعل الغاء للتراث في هذه الحالة نقف بين طرفين متناقضين يسعي كل منهما الي الغاء الىخر ، وهذه هي النقطة التي تولد سوء الفهم في العلاقة بينهما ، ولكن الادراك الواعي للتراث ولفعله الحتمي في الحاضر من حيث انحلاله فيه ودخوله العميق في كل مكوناته هو الذي يمكن من تجاوز الجدال الدائر حولهما(45)
فعلى معركة التنوير العربي أن تستخرج كل النصوص المضيئة في تراثنا إذا كانت نصوص الفقهاء المتشددين تسيطر على الجماعات الإسلامية، فينبغي أن ننشر نحن نصوص الكندي والفارابي وابن رشد وابن سينا وابن طفيل وابن باجه والتوحيدي والمعري وعشرات غيرهم عن الدين. نضع هذا في مقابل ذاك. ثم نكتب لها مقدمات جديدة ونموضعها ضمن سياقها التاريخي لكي تُفهم على حقيقتها. وهكذا تجري معركة حرب النصوص: أي نصوص أصولية مقابل نصوص تنويرية (ص 110-111)».(46)

مقابل اعتراف الفكر الحداثي بالأبعاد المتعددة للدين ووظائفه المختلفة، وتصحيحه وتكميله للعديد من المعالجات يبرز الفكر الحداثي جملة سياقات تداولية وتأويلية يمكن أن تسهم في إقامة تفاعل إيجابي معها وأهمها:
1- الديمقراطية السياسية، تحرر المرأة، الحرية الفرديةـ حرية التفكير
2- القبول بالآخر المختلف وتطويق مظاهر النرجسية الثقافية بما يسهم في إذكاء الحوار والتفاهم
3- الأخذ بالتأويل العقلاني وتبني عطاءات العلوم المختلفة(47)
التجديد هو: بحث في المواءمة بين ما يستصلح به الدين في عالم متغيّر، ويتحقّق من ذلك تحسّن أوضاع المسلمين، ولم يحدث ذلك منذ قرون من الزمن في العالم العربيّ، في حين ظهرت نهضة في غير العالم العربي من بقيّة العالم الإسلامي، مثل أندونيسيا(48)

التفريق بين الدين والتدين يزيل التعارض مع الحداثة التدين هو ممارسة البشر للدين، وقد نتجت عنه منظومات واسعة من العقائد والطقوس والتكاليف، أوسع من الدين، ولا تطابقه بالضرورة، وبفعل التراكم والدور التاريخي القابض للمؤسسة، انضمت هذه المنظومة إلى بنية الدين، أي إلى دائرة المقدس الملزم، التي لم تكن تضم في البداية سوى الدين. أما الدين فهو الجوهر المطلق الإلهي القادم من خارج الاجتماع. أي الفكرة الكلية المتعالية قبل أن تحضر في العالم وتصير موضوعاً للممارسة أو التدين. هذا الجوهر المطلق ثابت لا يتغير بالتعدد أو التطور، بما هو قادم من خارج الاجتماع. الثبات بهذا المعنى لا ينطبق، من بين مفردات البنية الدينية «التوحيدية»، إلا على فكرة الإيمان بالله، والأخلاق الكلية. ومن ثم فإن التشريع، والطقوس، وتباينات اللاهوت هي جميعاً من التدين.
الغرض من هذا التفريق بين الدين والتدين هو فك الاشتباك داخل السياق التوحيدي بين الثابت كمقدس ملزم، وبين المتغير كبشري قابل للتبديل. سيعني ذلك خروج المجال العام من دائرة السلطة الملزمة للدين دون أن يؤدي ذلك إلى الخروج من الدين ذاته. وهو ما يؤدي في نهاية التحليل إلى رفع التناقض بين الدين وسؤال التطور الذي يفرض حقيقة التغيير داخل الاجتماع، وبالتالي إمكانية استمرار الدين في الحضور في ظل أي صيغة من صيغ الحداثة يمكن أن يحملها المستقبل(49)





إن خطاب الدين في عصرنا الحاضر يجب أن يستند إلى منطق العقل والعدل والرحمة والواقعية وأن يتمكن من إيصال رسالته
يمكن لأشخاص أن يوجدوا خطاباً دينياً إذا استطاعوا أن يفهموا عقلية وعدالة ورحمة وواقعية عصرنا الحاضر، وأن يتمتعوا بنزاهة الكلام والسلوك كي يتمكن الخطاب الرباني، الذي يختلف تماماً عن الخطابات الأخرى، من الانتقال إلى الآخرين(50)


الدين والحداثة
ارتباط الأحكام بالمصالح: وهذا من أوجه بيان صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان، فأحوال الناس وعاداتهم ومصالحهم لا تدوم على وتيرة واحدة، ولهذا تتبدل الشرائع وتتفاوت، وكان ختام الشرائع شريعة الإسلام التي قعدت قواطع لا يمكن اختلافها إلا بالنظر لظرف يخص أفرادها فقط، وأبقت جزئيات يمكن تفاوتها وتغيرها وتبدلها تبعًا للظروف، وهي مع خضوعها للتفاوت إلا إنها مع تفاوتها في كل حال ترجع إلى أصل شرعي يحكم به عليها ويجتهد الفقيه في إلحاقها بأنسب الأصول الشرعية؛ فمعنى التغير انتقال الفرع عن الأصل الذي حكم به عليه إلى أصل شرعي آخر. قال ابن القيم: «فصل في تغير الفتوى واختلافها. هذا فصل عظيم النفع جدًّا وقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة؛ فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها»(51)
ولقد امتاز الاسلام بمبادئ جعلته دينا صالحا للبشرية علي اختلاف زمانها ومكانها والباحثون الغربيون أنفسهم قدموا شهاداتهم بهذا الخصوص والتي تجئ كاعتراف حر مدعم بالقناعات العقلية وموثق بالرؤية المقارنة لما تتضمنه حضارة الاسلام من قيم وخصائص متميزة وفعالة يمكن أن تمارس دورها في صياغة حاضر الانسان ومستقبله
فرجل القانون الفرنسي المعاصر بوازار يقول : " ان هذا الدين يعود في العالم العربي المعاصر بوصفه أحد الحلول للمشكلات التي يطرحها مصير الانسان والمجتمع " ولطالما أعرب عن اقتناعه بأن في وسع العالم الاسلامي من بين عوالم أخري أن يقدم مشاركة أساسية في تكوين المجتمع الدولي المرتقب وأهمية المشاركة الاسلامية تبدو في نظر بوازار في التوازن الذي يمنحه الاسلام بين التقدم المادي (التقني ) وبين المطامح الروحية والانسانية عامة لاسيما وأن " الانخراط في المجتمع التكنولوجي والمواجهة بين الاسلام والثورة التقنية لاتدفع المسلم الي انكار موقفه الديني بل الي تعميقه أمام العالم وأمام الله ...ومحاولة ادراك الامكانات بشكل أفضل في اطار اسلامي شامل "(52)

ازالة التعارض بين الدين والحداثة

فلسفة الدين يجب أن تكون أداة لإخراج شعوبنا من واقعها الفاسد ولأجل تحقيق ذلك لا بدّ من شروط أهمها :
أ ـ اعتماد المنهج الحواري منطلقاً، حتى تكون ممارسة فعل التفلسف أو "الاشتغال الفلسفي" أكثر نجاعة فالحوار يتطلب تعدد الأطراف المشاركة، ممّا يعني قبول الآخر والتعايش معه، وحتى التنازل عن بعض الذاتيات عندما يقتضي الأمر ذلك
ب ـ وعي السياق التاريخي الذي تتموضع فيه المجموعة، لأنّ تحديد السياق له أهميته في فهم الواقع وتشخيص الأدواء واجتراح الحلول، بعيداً عن تلك المعالجات الخاطئة التي كانت تقرأ الواقع بنظارات خشبية وتقدّم أدوية لأمراض غير موجودة، فيما يحتاج الواقع إلى أدوية أخرى تناسب أمراضه الخاصة.
ج ـ أولوية القيم على الواقع، لأننا لا نستطيع أن نصنع فلسفة دين تريد قراءة الدين من خارجه بشكل عقلاني دون أن تكون تلك الفلسفة متوفرة على إطار عام يخدم الإنسان لتتحرك ضمنه. وهذا الإطار لا بدّ أن يكون سلسلة القيم الإنسانية الرفيعة. فالقيم تدفع وترفع والواقع يُجمِّد بينما المطلوب هو شيء آخر وهو تحيين الذات أولاً. فالإنسان العربي مطالب أولاً بالتخلي عن سلبياته الفكرية والعملية التي تعيق كلّ حركته. وهذا الأمر يمكن أن يتحقق من خلال استعادة القيم الرفيعة التي لا اختلاف حولها وإعطائها مكانتها اللازمة في حياة هذا الإنسان. وهذا يحتاج إلى كسر الأغلال الثلاثة التي تكبل الانسان العربي والمسلم بشكل عام. وتلك الأغلال هي :
أولاً: أغلال التاريخ، حيث مازال يحكمنا الأموات ويُمْلون علينا كيفية عيشنا على طريقة: "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ". المائدة، 104.
وثانياً: أغلال المجتمع فيما هي العادات والتقاليد والأعراف التي انتهت صلاحيتها ولم تعد مجدية، لأنّ من تلك العادات ما لا مشكلة فيه، ومنها ما يزال يشكل إعاقة للوعي والحركة، كما هي إدانة القرآن لهذا النمط: "وقالوا إِنا أَطعْنا سادتَنا وكبراءَنا فأضلُّونا السبيلَ" الأحزاب، 67.
وثالثاً: أغلال النفس، حيث الأهواء الجامحة والغرائز المنفلتة. فنحن مازلنا بعيدين عن الموضوعية العلمية والعملية. مازالت مواقفنا محكومة بأهوائنا الطائفية وغرائزنا الإيديولوجية، ومازالت ممارساتنا خاضعة للمصالح الذاتية الضيقة، بعيداً عن أيّ تفكير في مصالح المجموعة أو النوع. بل إنّ الأهواء أصبحت لدى الكثيرين آلهة تعبد: "أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا" الفرقان، 43
وهذا يعني أنه قبل التفكير في الموضوع، لا بدّ من التفكير في الذات أولاً. وعندما يتمّ تنظيف الذات فإننا حينئذ سننجح في عكس صورة الدين والحداثة في داخلنا بشكل صحيح. فكما أنّ المرآة لا تعكس حقيقة الصورة إلا بقدر صفائها، فكذلك لا يمكن للإنسان المتخلف أن يفهم دينه أو تراثه أو إنجاز الآخرين إلا بشكل متخلف

" من وجهة نظر متفائلة وطموحة أخلاقياً، يعتقد هابرماس أن علاج اضطراب التواصل المؤدي للعنف بين الثقافات يمكن أن يتم عن طريق تكريس مفهوم «التسامح» بإعادة بناء صلة أساسية من الثقة بين الناس، وهو ما لا يمكن أن يتم في ظل سياسة الخوف والاضطهاد. ومن هنا فعملية بناء الثقة تحتاج إلى عاملين: تحسين الظروف المادية، وتنمية الثقافة السياسية.
سيتعين على الطرفين تقديم تنازلات متبادلة للوصول إلى ما يسميه هابرماس المجتمع ما بعد العلماني. فأولاً: على العلمانية أن تكف عن المراهنة على زوال الدين، وأن تعمل بدلاً من ذلك على استنطاق عقلانيات الدين ومضامينه الإنسانية التي يمكن أن تحد من ظواهر العنف والتمدد الأصولي. وعليها الإقرار بصلابة الدين كظاهرة تستند إلى نوع من الإجماع، وبأهميتها الوظيفية في عملية الدمج الاجتماعي وتشكيل الهويات. وعليها أيضاً الاعتراف بكونها مدينة للدين بكثير من ثوابتها المفهومية مثل الحرية، والعدالة، والشرعية القانونية "(53).

محاولات التقريب بين الاسلام والحداثة

تتعدد الأديان وتختلف، ولذلك تعدد مواقفها من نظام الحداثة. لكن لو أخذنا الإسلام مثالاً باعتباره الدين الذي يهمنا أكثر من غيره، فإنّ علاقته بالحداثة مازالت ملتبسة، وليس المقصود الإسلام نفسه، وإنما من يتحدثون باسمه. وهذا الالتباس ناتج في أكثر الأحيان عن سوء فهم للإسلام والحداثة؛ لأحدهما أو لكليهما. فالمثقف الديني ينقصه الاطلاع الكافي على المنجز الفلسفي والفكري والعلمي الحداثي، والمثقف العلماني ينقصه الاطلاع اللازم على المنجز التراثي. وعندما يوجد مفكرون يحيطون بالمنجزين بالشكل المطلوب، فإنّ ما يغلب عادة هو الخلفية الإيديولوجية أو المذهبية المستترة لهم.
وهذا يحيل إلى مشكلتين أساسيتين أخَّرَتا الوصول الى توافق على فكرة جامعة للكتلة العربية والمسلمة من أجل الانطلاق على أساسها. المشكلة الأولى هي نقص الإحاطة المعرفية بالآخر أو الأنا أو الاثنين معاً. والثانية هي تحكم الأهواء الإيديولوجية في نتائج البحث العلمي، حيث كثيراً ما تكون النتيجة غير منسجمة مع اتجاه البحث
ومن هنا ذلك التجاذب بين من يدعو إلى "تحديث الإسلام"، ومن يطالب بـ"أسلمة الحداثة". فالأول يتصور أنّ الإسلام نفسه أصبح قديماً ويحتاج إلى عملية تحديث. ولا شك أنه يريد تحديث الإسلام على أساس المعطى الحداثي، بمعنى أنه يريد إخضاع المقولات الإسلامية وتبرير المقولات الحداثية من خلالها، كما هي محاولات استباحة المثلية السدومية مثلاً من خلال القرآن. أمّا الثاني فإنه يريد إخضاع فكر الحداثة ومفاهيمها للرؤية الدينية وتبرير مقولاتها من خلال الحداثة، كما هي قصص الإعجاز العلمي في القرآن مثلاً(54)



الحداثة تساعدنا علي " أن نسعى دائماً إلى تفحص برامجنا وقراءة أحوالنا وإقامة علاقات نقدية مع ذواتنا. وليس المطلوب أن تصبح المحاكمة العقلية لدينا كاملة, وإنما المطلوب هو مداومة فضح الممارسات الفكرية الخاطئة, وكشف زيف أعمال العقل, وبالإضافة إلى استشراف المزيد من النضج والاقتراب من الصواب.
وما لم نتعامل مع منتجاتنا الفكرية وتجاربنا, ومع أحداث العالم من حولنا على هذا النحو فإن كثيراً من مكتسباتنا النهضوية يمكن أن يكون في خطر, كما يمكن لكل ما أحرزناه من تقدم عقلي وفكري أن يصبح موضع تسأول(55)

يمكن أن يستعيد المسلمون هوية سابقة كانت في لحظة تشكُّلها الأولى فكرة إيجابية وقيمة معطاءة ومحفزة للعمل والنشاط الحضاري، أو يجددوا هوية هرمت وفقدت بوصلتها ووعيها الذاتي والموضوعي، لعلهم يستطيعون التعرف من خلالها على آليات الحداثة، وأولويات الاندماج في العصر (56)
" واذا كان العقل الاسلامي قد انتج في فجر الاسلام فكرا مخصوصا محدودا بالبيئة التي نشا فيها فانه لم يعد بالضرورة صالحا لواقع مختلف مع بيئة القرون الهجرية الاولي ، تبدل الواقع فتبدل الانسان واتسعت احلامه ومطامحه ولم تعد المعرفة التقليدية شافية للغليل ولاقادرة علي الاجابة عن اسئلة الراهن المعقد فواقعنا في حاجة الي دراسة أعمق لبنيته الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لاتكتفي فقط بدراسة التراث بوصفه تراثا مكتوبا ، بل تهتم بالتراث الشفوي الذي لايقل عنه اهمية "(57)

منهجية قراءة للتراث
الاستيراد السطحي لايصنع الحداثة حيث ان الحداثة قامت علي تاريخانية تعني اولا : معقولية التحول ، وثانيا : افضي التفاعل بين مجموعة العوامل المعرفية والاقتصادية والاجتماعية الي حدوث تحولات اجتماعية عميقة(58)
من هنا كان فتح باب الاجتهاد ضروري وكما يقول عبد المجيد الشرفي عن مدي اهميته : " اذا كان من سبيل اليوم الي اجتهاد يساعد علي رفع التحديات التي تواجهها الأمة الاسلامية فلن يكون له نصيب من التوفيق الا متي استطاع في عملية ان يجمع بين مقتضيات القيم القرانية الخالدة والقيم التي افرزتها الحداثة دون التنكر لما هو صالح من النظريات والحلول التي فرضتها الممارسة التاريخية للاسلام دون خشية من طرح ماهو غير صالح منها لانه من مخلفات منظومة فكرية ومعرفية بات الفكر والمعرفة في عصرنا في قطيعة تامة معها "(59)
ويضع الاستاذ عبد المجيد الشرفي منهجية لاستنباط الاحكام والتي لم يتم مراعاتها من جانب الفقهاء حيث لم يستصحبوا روح الشرع كما رعاها عمر في عام المجاعة ويستدل علي ذلك بكيفية استنباطهم حكم القصاص الوارد في الآية 178 من سورة البقرة دون الاهتمام بالمباديء العامة التي رافقته في الىية نفسها وهي قيم تحد من تطبيقها كالعفو والاحسان والرحمة فيقول معلقا علي حكم القصاص في القتلي : " وحتي عندما تكون آيات الأحكام صريحة ، وبقطع النظر عن القيم المرتبطة بها والملازمة لتلك الأحكام فان الفهم السائد في فترة نشوء الفقه وبعد استقراره ان اي حكم تفصيلي لم يرد لفض مشكل قائم زمن الوحي ولتوجيه المسلمين نحو الحلول العادلة التي تضمن كرامة الافراد وسلامة المجتمعات فحسب ن وانما هو حكم يتعين تطبيقه بقطع النظر عن الظروف والملابسات حتي وان ادي الامر الي التعسف "(60)
فتأويل القران بطريقة جافة منغلقة تركز علي الحكم دون مايصحبه من قيم ومبادي عامة ودون ربطه بالنهج الذي يسلكه النص في مجمله(61)

" نحتاج في الحقيقة الي لاهوت تحرير يشبه ذلك الذي الهم في سياقه المسيحي حركات التحرر الوطني في معظم ارجاء امريكا اللاتينية ضد الكنيسة والاقطاع والهيمنة الامريكية والنظم العسكرية واسهم في اخراجها من مازقها السياسي ...لاهوت قادر علي الهام حداثة عربية لاتخشي الاشتباك بنظيرتها الغربية نحتاج بالأحري الي لاهوت عقلاني وايجابي وانساني فالرغبة الصادقة في النهضة والخلاص الحضاري لابد وان تنطلق من الاصلاح الجوهري لمجتمعاتنا فكرا وواقعا وليس خطابا وسجالا "(62)

" والمنظور الاسلامي التمدني يحوي نزعة انسانية معتدلة وقدرة علي التعايش مع الآخر وعلي التفاعل مع حركة الزمن وعلي التعاطي مع النظام العالمي في أشكاله المختلفة والمتجددة بل انه بقدر من التأويل الجيد والتنظير المتقن قادر علي رفد الحداثة الغربية بقيم ايجابية روحية وأخلاقية ، تحتاج اليها للحد من غطرستها وتعاليها بشرط ان يقدم هذا النجاز بطريق خلاقة تبدي تواضعا امام تعقيدات الوضع الانساني فلا تدعي انها بديل كامل لما هو قائم بل فقط بأن لديها ماقد يسد بعض الثغرات البسيطة في البناء الشاهق للحداثة "(63)

الدين والحداثة عند كانط لاتعارض بينهما
ويرى ستيس أنّ فلسفة كانط هي محاولة للتوفيق بين النظرة الدينية والنظرة العلمية إلى العالم. وإذا كان المدافعون عن الدين يستثنون الروح من قوانين الطبيعة، فإنّ كانط لا يرى مجالاً للحديث عن استثناء، وقرّر الدفاع عن قضايا العلم مائة في المائة وقضايا الدين مائة في المائة. فقضايا العلم صحيحة وكذلك قضايا الدين. لقد قبل كانط مبدأ الحتمية وسيادة القانون، وعمّمه على إرادة الإنسان وأفكاره، ولم يستثن حتى مسألة حرية الإرادة المرتبطة بالأخلاق.
وإذا كان تفكيرنا في عالم الظواهر صادق تماماً، فإنّ عالم التفكير الديني هو الآخر عالم صادق تماماً، والأمر نفسه بالنسبة لعالم الأشياء في ذاتها. والعقل لا يمكنه أن يثبت شيئاً من عالم الميتافيزيقا ولا من عالم الأشياء في ذاتها، بل هو فقط يمكن أن يعمل في نطاق عالم الظواهر إثباتاً ونفياً. وبهذه الطريقة استطاع كانط أن يسلم بمعطيات العلم والدين معاً دون أن يشعر بتناقض، فلا العلم يمكنه التدخل في مجال الدين ولا الدين بإمكانه التدخل في مجال العلم(64).
الدين في موقع الهجوم
لم يشهد الإسلام معركة شبيهة بمعركة كسر العظام التي شهدتها المسيحية الغربية مع العلم والعلمانية، وانتهت بتقليص سلطة الكنيسة في المجالين العام والخاص، وتفاقم دور الدولة المدنية.(65)


ولكن علينا ملاحظة أن الذي تراجع من البنية الدينية هو الشق القابل بطبيعته للتطور، أعني السبيكة التاريخية التي أفرزها التدين ثم ثبتها من خلال إلحاقها بالمطلق المقدس (الدين الملزم)، أما الذي لم يتراجع من البنية الدينية فهو جوهر الدين الداخلي المتمثل في مبدأ الإيمان والأخلاق كمطلق مفارق قادم من خارج الاجتماع. إلى هذا الشق المطلق يرجع ثبات الدين واستمراره في الحضور رغم تواصل صدمات الحداثة(66)
المراجع :
1-نزعة الانسنة ص 21
2- ع. الشّرفي، الوفاء المزدوج للدّين والحداثة، في قضايا إسلاميّة معاصرة، العددان 24 و25، 2003م، ص 74- 75
3- عبد الباقي ليندا : جدل الحداثة في نقد الشعر العربي ص 6:9
4- ابن منظور لسان العرب
5- الحداثة : حمدي عبيد ، الراصد العدد 72
6- الحداثة بين دعاتها وخصومها : ا. نجوي علي غريب ص 211 نقلا عن الحداثة والتراث : د محمد هدارة
7- جدل الدين والحداثة : صلاح سالم ، ص 17
8- الحداثة بين دعاتها وخصومها : ا. نجوي علي غريب ص201
9- الحداثة : حمدي عبيد ، الراصد العدد 72
10- كلام عن الدين والحداثة : السيد جعفر العلوي ، ص 73
11- ادونيس ، احمد علي سعيد : فاتحة لنهايات القرن ص 234
12- كلام عن الدين والحداثة : السيد جعفر العلوي ، ص70:72
13- المرجع السابق ، ص 234
14- كلام عن الدين والحداثة : السيد جعفر العلوي ، ص 74:77
15- المنصف بن عبد الجليل: حول تجديد الفكر الإسلاميّ ، مؤسسة مؤمنون بلا حدود
16- العقل الإسلامي...هموم التحرير والتنوير : قاسم شعيب ، الفلسفة والعلوم الإنسانيةمؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث
17- الحداثة بين دعاتها وخصومها : ا. نجوي علي غريب ص 207 ، 208
18- «العرب والبراكين التراثية: هل من سبيل إلى إسلام الأنوار؟!» (دار الطليعة، بيروت، الطبعة الأولى، 2016
19- الحداثة في الفكر الاسلامي المعاصر : عيسي جابلي : نقلا عن عبد المجيد الشرفي ، لبنات ص24
20- العقل الإسلامي...هموم التحرير والتنوير : قاسم شعيب ، الفلسفة والعلوم الإنسانيةمؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث
21- المنصف بن عبد الجليل: حول تجديد الفكر الإسلاميّ ، مؤسسة مؤمنون بلا حدود
22- قاسم شعيب: في تحرير العقل الاسلامي العربي، ونظام الحداثة والدين ، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والابحاث
23- تجديد الفقه السياسي في الأزمنة الحديثة :ابراهيم البيومي غانم
قاسم شعيب: 24- الدين وقضايا المجتمع الراهنة
25- الخطاب الإسلامي والاستجابة لتطور طرق المعرفة : سحر الببلاوي – صحيفة الحياة
26- الدين في سياق الحداثة : محمد سبيلا ، المركز العلمي العربي للابحاث والدراسات الانسانية
27- تأملات في القراءة الإنسانية للدين : محمد مجتهد شبستري ، مركز دراسات فلسفة الدين (بغداد)، دار التنوير للطباعة والنشر، بيروت
28- العقل الإسلامي...هموم التحرير والتنوير : قاسم شعيب
29- جدل الدين والحداثة : صلاح سالم ص 311 نقلا عن الاسلام دين العلم والمدنية : محمد عبده ،ص 130 ومابعدها
30- العقل الإسلامي...هموم التحرير والتنوير : قاسم شعيب مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث
31- دراسات فلسفية : حسن حنفي ص222
32- شرعية الاختلاف بين المسلمين : عمران سميح نزال ص18
33- معاني الدين والحياة الحديثة... سؤال القيم والمعنى والهوية : نبيل علي صالح : مؤسسة مؤمنون بلا حدود
للدراسات والابحاث
34- المنصف بن عبد الجليل: حول تجديد الفكر الإسلاميّ ، مؤسسة مؤمنون بلا حدود
35- ضرورة الحداثة الدينية : رائد عبد الكريم
36- قاسم شعيب: في تحرير العقل الاسلامي العربي، ونظام الحداثة والدين )
37- سيولة الوعي الحداثوي وتفكيك الضمير: قراءة فلسفية في تحولات المعرفة ونظم العقل
38- من بحث لي بعنوان : الكرامة الانسانية واثرها في التشريع الاسلامي
39- القران الكريم رؤية تربوية ص212
40- قاسم شعيب: في تحرير العقل الاسلامي العربي، ونظام الحداثة والدين : مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والابحاث
41- ضرورة الحداثة الدينية : رائد عبد الكريم
42- سيولة الوعي الحداثوي وتفكيك الضمير: قراءة فلسفية في تحولات المعرفة ونظم العقل ، موقع حوارات
43- قاسم شعيب: في تحرير العقل الاسلامي العربي، ونظام الحداثة والدين
44- الحداثة بين دعاتها وخصومها : ا.نجوي علي غريب ، ص230
45-الزعبي جريدة الغد 12/8/2005، حوار : عزيزة علي
46- الإسلام والحداثة … المصالحة التاريخية المؤجلة : ريتا فرج
47- الدين في سياق الحداثة : محمد سبيلا ، المركز العلمي العربي للابحاث والدراسات الانسانية
48- الحداثة في الفكر الإسلامي المعاصر: عبد المجيد الشرفي أنموذجا : عيسى جابلي
49- قاسم شعيب قسم : الدين وقضايا المجتمع الراهنة
50- خصائص الخطاب النبوي ،حوارات.نت ـ محمد مجتهد شبستري
51-إعلام الموقعين (3/11) ، الإسلام والحداثة عند فضل الرحمن - صحيفة الرأي
52- الوسيط في الحضارة الاسلامية ص 387 ، 388
53- الدين والحداثة.. ضرورة التَّعايُش : عبد القادر يس ، مجلة ثقافات
54-قاسم شعيب: في تحرير العقل الاسلامي العربي، ونظام الحداثة والدين
55- سيولة الوعي الحداثوي وتفكيك الضمير: قراءة فلسفية في تحولات المعرفة ونظم العقل ، موقع حوارات
56- معاني الدين والحياة الحديثة... سؤال القيم والمعنى والهوية : نبيل علي صالح : مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات
57- الحداثة في الفكر الاسلامي المعاصر : عبد المجيد الشرفي انموذجا ص32ومابعدها
58- كلام عن الدين والحداثة : السيد جعفر العلوي ، ص 74
59- عبد المجيد الشرفي : لبنات 161-162
60- عبد المجيد الشرفي : لبنات ، ص 136
61- ( الحداثة في الفكر الاسلامي المعاصر : عيسي جابلي ، ص 18
62- (جدل الدين والحداثة : صلاح سالم ، ص 550
63- جدل الدين والسياسة : صلاح سالم ، ص 320

قاسم شعيب): 64- الدين وقضايا المجتمع الراهنة
65-الدين والحداثة.. ضرورة التَّعايُش : عبد القادر يس

66- الدين في سياق الحداثة : محمد سبيلا













ZE="4"][/SIZE]


الساعة الآن 05:40 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام