الحمد لله رب العالمين، وليّ الصالحين ، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأصلي وأسلم على سيد الثابتين، وإمام الصابرين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد:
قال تعالى :( وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) وصح قوله صلى الله عليه وسلم:( الدين النصيحة ) وكرر ذلك ثلاثا .
هلم إلى سنّة وأثر، ونور وخبر، ومنهج وعبر، تمنحك القلائد، وتلبسك المكانز ، وتورثك المباهج والمعالم .
ومثلها معالم ثبات، وقواعد ترسيخ واستمساك، نحتاج إليها أزمنة الفتن، وساعات الاضطراب، وأيام الشدائد والأزمات ..!
لأنها أنوار حق، وأشعة برهان، ومنائر عدل وإحسان . من عرفها علم، ومن فقِهها تمكن، ومن اعتبرها اتعظ وتمسك ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) (سورة الحشر:٧) .
وصية الرسول لعبدالله بن عباس :
عَنِ ابن عباس رضي الله عنهما : كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ : ( يا غُلَامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ : احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ ) . رواه الترمذي ( ٢٥١٦ ). وهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
فيه: المحافظة على الشرائع ، وقيل: ( احفظِ الله )أي في أمره ونهيه
( يحفظك ) أي يحفظك في الدنيا من الآفات والمكروهات ، وفي العقبى من أنواع العقاب والدركات..!
قال ابن رجب رحمه الله: ( وهذا الحديث يتضمن وصايا عظيمةً، وقواعد كلية من أهم أمور الدين وأجلِّها، حتى قال بعض العلماء - وهو ابن الجوزي -: تدبرت هذا الحديث، فأدهشني وكدت أطيش، فوا أسفا من الجهل بهذا الحديث، وقلة التفهم لمعناه ).