ذكر المفسرون معاني ودلالات وأسرارا لهذه الآيات، ذات صلة بشيخ المرسلين إبراهيم ، وبقوم لوط الذين أخذهم الله بالعذاب، وبالملائكة الذين نزلوا على إبراهيم وقد أُرسلوا إلى قوم لوط لتنفيذ هذا العذاب، كما أشاروا إلى ما في هذه القصة من تسلية لنبينا محمد . ووقفوا أيضا على ما ورد في هذه الآيات من تعبير جمالي عن الكرم المتميز لإبراهيم .
ومن بين الوقفات المتميزة ما قاله ابن القيم رحمه الله، وهو يفسر هذه الآيات، حيث قال:
“ففي هذا ثناءٌ على إبراهيم من وجوه متعددة.
أحدها: أَنه وصف ضَيفه بِأَنَّهُمْ مُكْرَمُونَ، وَهَذَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ إكْرَامُ إبْرَاهِيمَ لَهُمْ، وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ الْمُكْرَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ. وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، فالآية تدل على معنيين.
الخامس: أنه بنى الفعل للمفعول، وحذف فاعله، فقال: منكرون وَلَمْ يَقُلْ إنِّي أُنْكِرُكُمْ: وَهُوَ أَحْسَنُ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَأَبْعَدُ مِنْ التَّنْفِيرِ، وَالْمُوَاجَهَةِ بِالْخُشُونَةِ.
السادس: أَنَّهُ رَاغَ إلَى أَهْلِهِ لِيَجِيئَهُمْ بِنُزُلِهِمْ. وَالرَّوَغَانُ هُوَ الذَّهَابُ فِي اخْتِفَاءٍ بِحَيْثُ لَا يَكَادُ يَشْعُرُ بِهِ الضَّيْفُ. وهذا من كرم رب المنزل المُضَيِّف: أن يذهب في اختفاء بحيث لا يَشْعُرُ بِهِ الضَّيْفُ فَيَشُقُّ عَلَيْهِ وَيَسْتَحْيِ. فلا يَشْعُرْ بِهِ إلَّا وَقَدْ جَاءَهُ بِالطَّعَامِ، بخلاف من يسمع ضيفه وهو يقول له، أو لِـمَنْ حضر: مكانكم حتى آتيكم بالطعام، ونحو ذلك مما يوجب حياء الضيف واحتشامه.