نقول عن قالون هو عيسى بن مينا بن ورءان بن عيسى بن عبد الصمد بن عمر بن عبد الله الزرقي ويقال المري مولى بني زهرة أبو موسى الملقب قالون قارئ المدينة ونحويها يقال إنه ربيب نافع وقد اختص به كثيراً وهو الذي سماه قالون لجودة قراءته فإن قالون بلغة الرومية جيد سألت الروم عن ذلك فقالوا نعم غير أنهم نطقوا بالقاف كافاً على عادتهم قرأت على أحمد بن محمد الشيرازي عن علي بن أحمد أنبأنا زيد بن الحسن أنا عبد الله بن علي أنبأني أحمد بن عبد الجبار أنبأني الحسن بن علي المقرئ حدثنا أحمد بن يزيد الحلواني حدثنا أبو موسى قالون قال كان نافع إذا قرأت عليه يعقد لي ثلاثين ويقول لي قالون يعني جيداً جداً بالرومية قال عبد الرحمن بن علي إنما يكلمه بذلك لأن قالون أصله من الروم كان جد جده عبد الله من سبى الروم في أيام عمر بن الخطاب فقدم به من أسره إلى عمر بالمدينة وباعه فاشتراه بعض الأنصار، فهو مولى محمد بن فيروز، قال الأهوازي ولد سنة عشرين ومائة وقرأ على نافع سنة خمسين قال قالون؛ قرأت على نافع قراءته غير مرة وكتبتها في كتابي، وقال النقاش؛ قيل لقالون كم قرأت على نافع قال ما لا أحصيه كثرة إلا أني جالسته بعد الفراغ عشرين سنة وقال عثمان بن خرزاذ حدثنا قالون قال قال لي نافع كم تقرأ علي اجلس إلى اصطوانة حتى أرسل إليك من يقرأ.
أخذ القراء عرضاً عن نافع قراءة نافع وقراءة أبي جعفر وعرض أيضاً على عيسى بن وردان روى القراءة عنه إبراهيم وأحمد ابناه وإبراهيم بن الحسين الكسائي وإبراهيم بن محمد المدني وأحمد بن صالح المصري وأحمد بن يزيد الحلواني وإسماعيل بن إسحاق القاضي والحسن بن علي الشحام والحسين بن عبد الله المعلم وسالم بن هارون أبو سليمان وعبد الله بن عيسى المدني وعبد الله بن محمد العمري وعثمان بن خرزاذ ومحمد بن عبد الحكم القطري ومحمد بن عثمان أبو مروان العثماني ومحمد بن هارون المروزي ومصعب بن إبراهيم وموسى بن إسحاق القاضي والزبير ابن محمد بن عبد الله الزبيري وعبد الله بن فليح قرأت على أحمد بن محمد بن الحسين عن علي بن أحمد بن عبد الواحد عن أبي اليمن قال حدثني أبو محمد البغدادي قال كان قالون أصم لا يسمع البوق وكان إذا قرأ عليه قارئ فإنه يسمعه وقال ابن أبي حاتم كان أصم يقرئ القرآن ويفهم خطأهم ولحنهم بالشفة قال وسمعت علي بن الحسين يقول كان عيسى بن مينا قالون أصم شديد الصمم وكان يقرأ عليه القرآن وكان ينظر إلى شفتي القارئ ويرد عليه اللحن والخطأ قال الداني توفي قبل سنة عشرين ومائتين وقال الأهوازي سنة خمس ومائتين وقال الذهبي هذا غلط وأثبت وفاته سنة عشرين وهو الأصح والله أعلم[1].
وأما ورش الراوي الثاني عن نافع
فهو عثمان بن سعيد قيل سعيد بن عبد الله بن عمرو بن سليمان بن إبراهيم وقيل سعيد بن عدي بن غزوان بن داود بن سابق أبو سعيد وقيل أبو القاسم وقيل أبو عمرو القرشي مولاهم القبطي[2] المصري الملقب بورش شيخ القراء المحققين وإمام أهل الأداء المرتلين انتهت إليه رياسة الإقراء بالديار المصرية في زمانه ولد سنة عشر ومائة بمصر ورحل إلى نافع بن أبي نعيم بالمدينة فعرض عليه القرآن عدة ختمات في سنة خمس وخمسين ومائة وذكر الهذلي أنه روى الحروف أيضاً عن عبد الله بن عامر الكزيزي وإسماعيل الفسط وعباس بن الوليد عن ابن عامر وحفص عن عاصم وعبد الوارث عن أبي عمرو وحمزة بن القاسم الأحول عن حمزة وفي صحة هذا كله نظر ولا يصح وله اختيار خالف فيه نافعاً رويناه عنه من طريقه بإسناد جيد.
وكان أشقر أزرق أبيض اللون قصيراً ذا كونة هو إلى السمن أقرب منه إلى النحافة فقيل إن نافعاً لقبه بالورشان لأنه كان على قصره يلبس ثياباً قصارا وكان إذا مشى بدت رجلاه مع اختلاف ألوانه فكان نافع يقول هات يا ورشان واقرأ يا ورشان ثم خفف فقيل ورش، والورشان طائر معروف، وقيل الورش شيء يصنع من اللبن لقب به لبياضه، ولزمه ذلك حتى صار لا يعرف إلا به ولم يكن فيما قيل أحب إليه منه، فيقول أستاذي سماني به وكان في أول أمره أفره راسياً فلذلك يقال الرواس ثم اشتغل بالقرآن والعربية فمهر فيهما، عرض عليه القرآن أحمد ابن صالح وداود بن أبي طيبة وأبو الربيع سليمان بن داود المهري يعرف بابن أخي الرشدييني وعامر بن سعيد أبو الأشعث الجرشي وعبد الصمد بن عبد الرحمن ابن القاسم، ومحمد بن عبد الله بن يزيد، ويونس بن عبد الأعلى أبو يعقوب الأزرق وأبو مسعود والأسود اللون وعمرو بن بشار فيما ذكره الحافظ أبو العلاء. وكان ثقة حجة في القراءة وروينا عن يونس بن عبد الأعلى قال حدثنا ورش وكان ثقة حجة في القراءة، وروينا عن يونس بن عبد الأعلى قال حدثنا ورش وكان جيد القراءة حسن الصوت إذا قرأ يهمز ويمد ويشدد ويبين الإعراب لا يمله سامعه ثم سرد الحكاية المعروفة في قدومه على نافع وفيها فكانوا يهبون لي أسباقهم حتى كنت أقرأ عليه كل يوم سبعاً وختمت في سبعة أيام فلم أزل كذلك حتى ختمت عليه أربع ختمات في شهر وخرجت، وقال النحاس قال لي أبو يعقوب الأزرق إن ورشاً لما تعمق في النحو وأحكمه اتخذ لنفسه مقرأ يسمى مقرأ ورش، قلت يعني مما قرأ به على نافع.
توفي ورش بمصر سنة سبع وتسعين ومائة عن سبع وثمانين سنة، ولما كنت بمصر في بعض رحلاتي أخبرني أصحابنا بقبره وذهبوا بي إلى القرافة الصغرى فزرته والله تعالى أعلم بحقيقة الحال. وسنوافي حضرات القراء الأماثل بترجمة الإمام عبد الله بن كثير المكي بالعدد القادم إن شاء الله سائلا المولى القدير أن يوفق المسلمين للعمل بكتاب الله وسنة رسوله إنه سميع الدعاء.
المصدر: مجلة كنوز الفرقان؛ العدد: (الخامس والسادس)؛ السنة: (الثالثة)
[1] وممن روى عن قالون البخاري صاحب الصحيح.
[2] معنى قبطي.. مصري.