هذه كلمات جميلة لصاحب كتاب "في ظلال القرآن" تعليقا على السياق الذي ذكرت فيه هذه الخاطرة :
"{ إِني آنست ناراً } فقد رآها على بعد ، فشعر لها بالطمأنينة والأنس . وتوقع أن يجد عندها خبر الطريق ، أو أن يقبس منها ما يستدفىء به أهله في قر الليل في الصحراء .
ومضى موسى عليه السلام إلى النار التي آنسها ، ينشد خبراً ، فإذا هو يتلقى النداء الأسمى :
{ فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها . وسبحان الله رب العالمين . يا موسى إنه أنا الله العزيز الحيكم } . ."(سيد قطب .في ظلال القرآن بتصرف)
نعم يا إخوتي الفضلاء, لقد طلب موسى عليه السلام خبرا و قبسا من نار" سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ ..." فوجد حقا الخبر عند النار التي آنسها ، ولكنه كان الخبر الهائل العظيم؛ ووجد القبس الدافئ ، ولكنه كان القبس الذي يهدي إلى الصراط المستقيم ! يقول الله تعالى : وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا
فهل بعد هذا يا إخوتي يبقى في قلوبنا أدنى شك إلى أن من توجه إلى القرآن الكريم طالبا الجواب لأسئلته التي حيرته في زمان كهذا؛ و الشفاء من العلل التي تحير الللبيب, موقنا بأن الجواب الكافي و الدواء الشافي هو في هذا القرآن الحكيم, أن الله ناصره و هاديه و مؤيده , فموسى عليه السلام لم يخطر بباله أنه سيجد الهداية في النار التي طلبها للاستدفاء و هداية الطريق, و رسول الله صلى الله عليه و سلم حين كان يتحنث الليالي في غار حراء بحثا عن الحقيقة لم يخطر بباله أن الله سيصطفيه للنبوة.. "وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ..!"
و لعل هذه هي الرسالة الأولى في هذه الخاطرة العظيمة, أن من اشتعلت في قلبه حرارة السؤال و حيرة البحث عن الحقيقة , و توجه إلى القرآن موقنا بالجواب و الشفاء.. تنزليت عليه الآيات على موطن حاجته كما يتنزل الدواء على موطن الداء. العراقيه الجبوري