قال رسول اللهﷺ:
"والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه هذه-السبابة-في اليمّ، فلينظر بِمَ ترجع؟»رواه مسلم
أي، أن الدنيا مع قِصر مُدّتها وفناء لذّتها، إذا نُسبت إلى دوام الآخرة ولذّتها لم تكن إلا كنسبة الماء الذي يعلق بالإصبع إلى باقي البحر.
﴿وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ﴾
استعاذ رسول الله ﷺ من جَهْدِ البلاء، ولم يستعذ من البلاء؛ لأن المؤمن لا ينفك عنه البلاء في دنياه، فإذا دخل الجنة ذهب عنه كل بلاء وأدرك كل نعماء
وقال في الجنة وهو يصف حاله فيها:
﴿لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾
﴿وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ﴾ أي إذا أضاء.
تأمل كلمة (تنفّس)، الظلمة كأنها كُربة اليوم، والصباح كأنه فَرَجُه وتنفيسه.
اللهم نفّس كرب المكروبين.
الذين يعيشون في الوحل، هناك تحت، في قاع الرذيلة وسفاسف الأخلاق يعيبون على من يعيش في قمم الفضيلة بأنهم يعيشون في فضيلة!
يعيبونهم بشيء يستحقون المدح عليه! كما قال قوم لوط:
﴿أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾
قال قتادة: "عابوهم بغير عيب."
كلّ شيء تخافه، تهرب منه لغيره=إلا الله، فتهرب منه إليه.
﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾
نهرب من غضبه لرضاه. ومن عقوبته لعفوه. ومن عذابه لرحمته. ومن بُغضه لحُبّه. ومن ناره لجنّته.
الأولاد حينما ينادون آباءهم:
إبراهيم ﴿يَا أَبَتِ﴾. يوسف ﴿يَا أَبَتِ﴾. إسماعيل ﴿يَا أَبَتِ﴾. ابنة الشيخ الكبير ﴿يَا أَبَتِ﴾.
وأما نوح فقال لابنه ﴿يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا﴾
فقال الابن: ﴿سآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي﴾
بخِل الابن الكافر أن يرسل كلمة البِرِّ لأبيه.
قال نوح لابنه:﴿يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا﴾ وقال إبراهيم لابنه إسماعيل: ﴿يَا بُنَيَّ﴾ وقال يعقوب لابنه يوسف: ﴿يَا بُنَيَّ﴾ وقال لقمان لابنه: ﴿يَا بُنَيَّ﴾
وقال آزر لابنه إبراهيم: ﴿أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي (يَا إِبْرَاهِيمُ) ﴾!
إنها رِقّة المؤمن، وجفاء المشرك.
﴿قال يا بُنيّ لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدًا إن الشيطان للإنسان عدو مبين﴾
عَلِم يعقوب أن إخوة يوسف سيتعرّضون له بمكيدة، فنبّهه أن ذلك من عمل الشيطان، ولما اجتمع بأبيه وإخوته قال:
﴿من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي﴾
وكأنه يقول: ياأبتي إني على ما علّمتني وعهدتَ إليّ
﴿وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء﴾
أي لا تستطيعون الهرب من الله سواء كنتم في الأرض أوالسماء هل تعلم أن قوله﴿في السماء﴾أشكل على بعض المفسرين قديمًا فقيل:
هذا من باب المبالغة؛لأن الإنسان بالأرض -هذه اللحظة بالسماء من البشر ما لا يعلم عددهم إلا الله فسبحانه يعلم ماسيكون
في أول يوم أشرق فيه نور البعثة اختصرت خديجة سيرة الرسولﷺ بهذه الكلمات:
إنك...تُكسِب المعدوم، وتَحمِل الكَلّ، وتَقري الضيف، وتُعين على نوائب الحق. أي، يعطي الفقير المعدوم، ويساعد المثقل بأعباء الحياة، ويُطعم الضيف ويعين المكلوم.
كل هذا قد كان في فترة﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا﴾ أي فقيرًا
الطلاق=كسر وربما همّ وأحيانًا يأس. تأمل:أكثر الآيات التي نرددها في التفاؤل=موجودة في سورة الطلاق
﴿لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا﴾ ﴿ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب﴾
﴿ومن يتوكل على الله فهو حسبه﴾ ﴿ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا﴾ ﴿سيجعل الله بعد عسر يسرا﴾
﴿فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ﴾
قال ابن عباس وغيره: "الساهرة: الأرض."
س: ما سبب تسمية الأرض بالساهرة؟
قال ابن فارس: "ويقال للأرض: الساهرة، سُمّيت بذلك؛
لأن عملها في النَّبْتِ-أي الإنبات- دائمًا ليلًا ونهارًا."
هل تعلم أن لك الآن منزلًا في الجنة؟
حافظ عليه، أرجوك لا يرثه أحد منك؛ فإنه ما من أحد إلا وله منزل في الجنة،
فإن مات مؤمنًا كان له، وإن مات على غير الإيمان ورثه غيرُه ممن سيدخل الجنة.
﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾
أقلّ أهل الجنة وآخرهم لها دخولًا=رجل يعطيه الله كل ما يتمنى ثم يعطيه عشرة أضعاف الدنيا تخيّل منذ أن خلق الله الدنيا إلى قيام الساعة، كم فيها من الملك والمال والخير الذي لا يحصى؟
هذا أقل أهل الجنة، فكيف بمن فوقه، بل كيف بمن في الفردوس الأعلى؟
قالﷺ:"إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس"
﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾
الناس كلهم، وليس من ترجو نفعه أو تخاف ضرّه.
قال الله عن أهل الجنة:
﴿وقالوا الحمدُ للهِ الذي أَذْهَبَ عنَّا الْحَزَن﴾
ذكر بعض المفسرين أنّ من الحزن: (كِراء البيت)، أي سكن البيت بأُجرة. ومن المعلوم أن الاستئجار-غالبًا-لقلة المال المانعة من التملّك ومن اللطيف أن أقلّ أهل الجنة له مثل عشرة أضعاف الدنيا...مُلْكًا.
أيوب عليه السلام=لم يكن ابتلاؤه في بدنه فحسب!
بل، ابتلاء في موت أولاده
وابتلاء=في ذهاب أمواله
وابتلاء=في انفضاض الناس من حوله
وابتلاء=في إخراجه من قريته لتأذّي الناس منه
وابتلاء=في طول زمن الابتلاء
وابتلاء أعظم من ذلك كله=شماتة الأعداء
﴿إنّا وجدناه صابِرًا نعمَ العبد إنه أوّاب﴾
﴿وأُزْلِفَتِ الجَنَّةُ لِلمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ•هٰذَا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ•مَنْ خَشِيَ الرَّحمٰنَ بِالغَيْب﴾
﴿مَنْ خَشِيَ الرَّحمٰنَ بِالْغَيْب﴾
قال الضحاك: يعني في الخلوة حيث لا يراه أحد.
وقال الحسن: إذا أرخى الستر، وأغلق الباب.
يا أخي، وإن كنت مذنبًا، لا تيأس، قد يحبّك الله، بل ويغفر لك ذنوبك وإن بلغتْ عنان السماء ما عليك إلا أن تتّبع حبيبك محمدًاﷺ
﴿قُل إِن كُنتُم تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُم ذُنُوبَكُمْ﴾
يا أُخيّ، هل تعلم غاية أنفس من ﴿يُحبِبْكُمُ اللّه﴾؟
المؤمنة في الدنيا=جنّتها في بيتها وفي الآخرة=بيتها في الجنة
﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ﴾
كان بعض السلف يجتهد بعد الأربعين أكثر من ذي قبل.
قال الله تعالى:
﴿حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عليّ...﴾
والأعمار بيد الله ولكن من بلغ الأربعين فليعلم أنه بدأ لديه العدّ التنازلي
﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾
(وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنا)
ليس معناها: ولا تزنوا.
بل المعنى :لا تنظر إلى حرام، لا تتحدث مع امرأة حديث شبهة، لا تخلُ بامرأة أجنبية، لا تخضع المرأةُ بالقول. وأما الزنا فطريقٌ سهلٌ الدخول فيه، صعبٌ الخروج منه.
كم من الأشياء التي أحببناها وسعينا لها، ثم حمدنا الله أنها لم تحصل، فنستحضر مباشرة
﴿وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ﴾
ومع هذا فهناك أشياء نسعى لها، والمصيبة إن حصلت،
ثم لا نعلم أنها شرٌّ لنا إلا عندما نحاسب عليها يوم لا ينفع مال ولا بنون.
فاسألوا خير الأمرين.
الموت ليس نهاية. الموت بداية. هو بداية للحياة الأبدية، هذا الوصف الأنسب. خروجك من الدنيا القصيرة ليس بشيء عند مقارنته بدخولك في عالم سرمدي. الموت باب إذا دخله المؤمن فكل ما بعده أهون منه.
الموت إذا نزل بالمؤمن تنزل معه البشارات فيهون عليه.
﴿فلا تَمُوتُنَّ إلَّا وأنْتم مسْلِمون﴾
﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾
أُزلفت، أي قُرّبت.
الجنّة لا تُقرّب إلا لأهل القُرب، فتقرّبوا لله بالطاعات يقرّب لكم جنته في العرصات.
وإن ارتفع الناس بعلومهم، وافتخروا بشهاداتهم، فليس هناك علمٌ أعظم من العلم بالله الذي
﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾
بالحكمة يعيش الإنسان بطمأنينة وإن كانت الحياة مضطربة وبدون الحكمة يعيش المرء مضطربًا وإن كانت الحياة مطمئنة.
قال الله تعالى: ﴿وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ﴾
س/هل تعلم ما العقوبة الخفية التي لا يعلمها من حلّت به؟
ج/التمادي في الذنوب، وتيسُّرها إذا أرادها، والإسراع إليها كلما اشتهاها.
﴿وأمَّا مَن بَخِلَ واسْتَغنىٰ•وَكَذَّب بالحُسنىٰ•فسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسرىٰ﴾
هو يتمتع بالذنب ويتزوّد منه، لكنه لا يشعر أنه يستكثر للعقاب يوم القيامة.
لزوم الاستغفار من أسباب تحقق الزواج تأمل
﴿استغفروا ربكم إنه كان غفارا.يرسل السماء عليكم مدرارا.ويمددكم بأموال وبنين﴾
فهل يكون بنون إلا بزواج
﴿فإنْ تنازعتم في شيءٍ فردّوه إلى اللهِ والرسولِ إنْ كنتم تؤمنون باللهِ واليوم الآخرِ ذلك خيرٌ وأحسنُ تأويلًا﴾ (تأويلًا): عاقبة.
طلبُ الحق من الكتاب والسنة عند النزاع=عواقبه حميدة، ومنها: إصابتك للحق أو مقاربته.
زيادة في إيمانك. طمأنينة في قلبك. بصيرة في دينك. ثقة الناس بقولك.
اطمئن يا مهموم؛ فإنّ مِن رحمة الحي القيّوم أنّ الهموم لا تدوم.
﴿سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾
قد تكون همّتنا أن نكون قدوة للناس، ولكن عباد الرحمٰن لهم همّةٌ أعلى:
﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾[الفرقان : ٧٤]
تخيّل أنك تفعل خيرًا فيقتدي بك مسلم فيعمل به ويستمر عليه ويبلغ درجة التقوى...
أنت الآن صرت لأحد المتقين إمامًا، فكيف باثنين وثلاثة إلى عدد لا يحصيه إلا الله؟
﴿فلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلىٰ طَعَامِهِ﴾
انظر إلى طعامك، واعلم أن هناك من يهتمّ لبلعه لمشكلة في المريء، وهناك من يهتمّ لهضمه لمشاكل في المعدة والأمعاء، وهناك من يهتمّ لإخراجه لمشاكل في الإخراج.
وأكثرنا لا يحمّل إلا همّ السؤال عن الألذّ والأطيب، فالحمد لله القائل
﴿متاعًا لكم﴾
إذا كنت تحفظ آية الكرسي ولا تعرف معنى﴿ولا يَئُودُهُ حِفظُهُما﴾ وتحفظ سورة الإخلاص ولا تعرف معنى ﴿الله الصَّمَدُ﴾ وتحفظ سورة الفلق ولا تعرف معنى﴿ومِن شَرِّ غَاسِقٍ إذا وقَبَ﴾
فاعلم أنك مُقصّر في حقّ نفسك مع كتاب ربك.
يا أُخيّ، هذه المعاني الثلاث وغيرها فيها عظمة وحياة للقلب.
أعظم من الذنب أنْ تظنّ أنّ الله لا يغفر الذنب.
ومن الذنب أنْ تظنّ أنّ الله إذا غفر الذنب فلن يحبّ العبد.
ومن الذنب أنْ تظنّ أن الله لن يهدي العبد ويجتبيه بعد التوبة من الذنب.
﴿وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ (١٢١) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ﴾
صُنّاع الهاشتاقات التافهة التي يُراد منها اجتماع المراهقين وأهل الفساد=لهم حظٌّ وافر وخاسر وعاثر من قول الله:
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا والْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُون﴾
أحيانًا تجد شخصًا له محبة في قلوب الناس لأسباب معروفة وأحيانًا تجد آخر محبّة الناس له ليس لها سبب ظاهر هذا النوع من المحبة لا يستطيع أحد إزالته من القلوب ولو جاء بكل سبب.
هذا النوع=من جنس محبة موسى التي قال الله عنها﴿وأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً منّي﴾ ما رآه أحدٌ إلا أحبّه.
﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ﴾
الاتجاه واحد والمقاصد مختلفة:
طالبة فاحشة وطالب عفّة.
﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ﴾
قال الأحنف بن قيس: "مَنْ لم يصبرْ على كلمةٍ سَمِع كلمات. ورُبَّ غيظٍ قد تجرّعتُه مخافةَ ما هو أشدُّ منه."
هل عصيتَ في خلوة فندمت؟ وشعرتَ أنك نزلت رُتبة في إيمانك؟
وتخاف من الإصرار ثم كثرة الانحدار؟
اغتنم الخلوات باستحضار عظمة الله حتى تخشاه واملأها بالاستغفار وأتبع سيئة الخلوة بحسنة السر
ضع هذه الآية نصب عينيك لا،بل في سويداء قلبك
﴿إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرةٌ وأجرٌ كبير﴾
هناك أُناسٌ أُولِعوا بالغيبة حتى إن بعضهم إذا قيل له: لا تغتب أخاك. قال: والله ما سألت عنه، أقول هذا الكلام في وجهه! مسكين،
ما يدري أن هذا هو الهمز الذي قال الله تعالى فيه:
(وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ)قال الربيع بن أنس: الهُمزة: يهمزه في وجهه، واللمزة: من خلفه.
الرفعة بيد الله(نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ )والسقوط بأمر الله (وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ)
فلا الإعلام يرفعك، ولا الحاقد يُسقطك، فلا تهتمّ لهذا ولا ذاك، فقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يُقلّبها كيف شاء.
(إنّ الذين آمَنوا وعمِلُوا الصّالحاتِ سيَجعَلُ لَهمُ الرَّحْمن وُدًّا)
سيجعل الله لهم محبة في قلوب العباد، وقبولًا يتسلّل للفؤاد.
ووالله لَنَزْعُ جبل من الأرض=أهون من نَزعِ تلك المحبة من قلوب العباد. يا مسكين، أتظنك قادرًا على نزع محبة أرساها الله لوليّه في قلوبٍ أمرها بيده!
ليس بينك وبين الخير الذي لا ينقطع=إلا الصدق مع الله.
(فَلَوْ صَدَقُوا اللّهَ لَكانَ خَيرًا لهمْ)خيرٌ من ماذا ؟
لقد أطلق الله ذلك، لِيَذهب فكرك إلى كلّ مذهبٍ حسن. خيرٌ من حظوظ النّفس. خير مما في أيدي الخلق. خير مما معك. خير مما فاتك. خير من الدنيا وما فيها. اُصدق مع الله وسترى.
(إنّ الله يُمْسِك السموات والأرض أن تزولا ولَئِن زَالَتا إِنْ أَمسَكَهمَا منْ أحدٍ من بَعده إنه كان حليمًا غَفورًا)
قال ابن القيم: تأمل خَتْم هذه الآية باسمين من أسمائه، وهما (الحليم، والغفور)
كيف تجد تحت ذلك=أنه لولا حلمه عن الجناة ومغفرته للعصاة لَمَا استقرت السماوات والأرض
وللرجال عليهنّ درجة والله (عزيز حكيم)
(فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلًا إن الله كان (عليًّا كبيرًا)
لما ذكر الله ولاية الرجل على زوجته=ختم الآيتين بأسماء عظيمة ترهيبًا للرجل من أن يظلمها.
- فيا أيّها الزوج الظالم، اعلم أنك ضعيف ذليل صغير، وأنّ معها العزيز العلي الكبير
(وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَر)
أصح الأقوال في تفسير الآية، وأوقعها في النفس، وأبعثها للطمأنينة=ما قاله ابن عباس:
"ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه"
وقد قال الله في الحديث القدسي:"فإنْ ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم"
(إنّ معيَ ربي سيهدينِ)
قالها موسى بيقين ففلق الله له طريقًا في البحر.
قُلها بيقين فسيجعل الله لك عند البلاء طريق صبر. وعند النعماء طريق شكر. وعند الموعظة طريق تَذَكُّر. وعند التعلّم طريق فهَم. وعند التعليم طريق قبول. وعند الخصومات طريق سلامة.
سيجعل الله حياتك كلها طريقًا للجنة.
(إنّ الله لا يُغيّرُ ما بقومٍ حتّى يُغَيّروا ما بأنْفسِهم)
من أكثر الأمور التي تغيّر العبد اليوم=فضول النظر، وفضول الكلام.
ففضول النظر، يقود للنظر الحرام. وفضول الكلام، يجرّ للغيبة والنميمة.
وأكثر ما يُساعد على ذلك=الفضول في استخدام الجوال، وخاصة في قروبات لا زمام لها ولا خطام.
بعض المصائب قد لا يكون لها حلّ، ولكن لها ما يهوّنها ويسكّنها فيكون عزاءً لمصيبتك وبلسمًا لجراحك=الرضا بالقدر، واليقين بأن الدنيا زائلة، والعلم بأن أجر الصابرين عظيم.
(إنّما يُوَفّى الصابرُونَ أَجرَهُم بِغَير حِسَاب)
قال الأوزاعي: ليس يُوزن لهم ولا يُكال، إنما يُغرف لهم غَرفًا.
(يا لَيْتَني قَدّمْتُ لِحَيَاتِي)
حياته التي لا موت فيها يتمنّى في وقت ليس فيه إلا الحساب.
حياتك اليوم ساعة، وغدًا حياة سرمدية.
قدّم لحياتك: الصلاة، والبر، والصدقة، وحفظ اللسان، وحسن الخلق، والنصيحة، والتوبة العاجلة. وأكثر من ذكر الموت،
ولا تشغلك حياتك الصغيرة عن حياتك الكبيرة.
(وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا)
تأتيه وحدك، لا أهل، لا مال، لا جاه، لا حاشية، لا مُودّعون، ولا مُستقبلون. تأتيه وليس في بالك مصير أمّ، ولا أب، ولا ولد، ولا حبيب. تأتيه وقد بلغت القلوب الحناجر، وبدت السرائر.
تأتيه وليس معك إلا أعمالك التي عملتها الآن وقبل الآن.
(فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ)
لم يقل: فسوف يكفيك الله إياهم!
بل جمع أداة الاستقبال، والفعل، والمفعول الأول والثاني=في كلمة واحدة ï´؟فسيكفيكهمï´¾
إذا أراد الله كفاية عبد=جمع له أسبابها، وجعلها أسهل ما تكون، وأسرع مما يظنّون، وأقوى مما يجمعون.
ورزقَه قبل ذلك عبودية الصبر وانتظار الفرج.
(إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذي نَزَّلَ الكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحين)
الله وليُّ كل صالح، فهو حسبه، وكافيه، وناصره، ومُعِزُّه.
وليُّه في الدنيا إذا خُذِل.
ووليّه في الآخرة إذا خاف.
ووليّه عند المصائب.
ووليّه الذي يبشره عند احتضاره.
الله وليُّ الصالحين،
فكيف بالمصلحين!
كان الناس يشترون ليستعملوا
واليوم يشترون ليُصوِّرا
(أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً)
والنتيجة: (وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه)
(ووُضِعَ الكتابُ فتَرَى المُجرِمِينَ مُشفِقِينَ ممَّا فِيه ويَقُولُون يَا وَيْلَتَنا مَالِ هَذَا الكتابِ لا يُغَادِرُ صَغيرَةً ولا كبِيرَةً إلَّا أَحْصَاها)
لم يُنكروا أعمالهم التي عملوها، بل تعجّبوا من دقة الإحصاء.
قال الفضيل بن عياض: "ضجّوا-واللهِ-من الصغائر قبل الكبائر"
(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ)
الإيقاف وحده مُفزِع، تبلغ منه القلوب الحناجر.
فكيف بالأسئلة التي تتبعه؟
(وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَال)
يُقلَّبون لئلا تأكلَ الأرضُ أبدانهم.
والله قادرٌ على منع الأرض مِن أكلِ أبدانهم بدون تقليب، ولكن قلّبهم ليعلم الناس أهمية الأخذ بالأسباب.
(إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) قالها موسى-عليه السلام-عندما حاصرهم فرعون وجندُه.
(إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) قالها رسول اللهï·؛ عندما ضاقت السبل، ووقف كفار قريش على باب الغار.
إذا ازداد الحصار حولك، وضاقت بك السبل=فتذكّر أنّ الواسع العليم الذي وسعت رحمته كل شيء، معك.
(وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ)
أي لأجل الرحمة، لا لأجل التصوير.
ياطالب العفاف يقول ربك: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم(إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله))
قالï·؛:"ثلاثة حق على الله عونهم...والناكح الذي يريد العفاف"
وقال أبوبكر:"أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى" احرص على العفاف ولو على الكفاف
سُمّي المال خيرًا في عدة آيات كقوله تعالى:
(قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ)
(وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)
(إِن تَرَكَ خَيْرًا)
قيل: إنما سُمّي المال خيرًا؛ لأن حقّه أن يُنفق في وجوه الخير.
لقد وصف المُبطِلون أولياءَ الله بضدّ ما زكّاهم الله به:
فقالوا: ظلاميّون، والله يقول: (يخرجهم من الظلمات إلى النور)
وقالوا: رجعيّون، والله يقول: (والسابقون السابقون)
وقالوا: متخلّفون، والله يقول: (وأولئك هم المهتدون)
أرادوا أن يُقْصُوهم ويبعدوهم، والله يقول: (أولئك المقرّبون)
الله يسترك ليمنحك فرصة للتوبة،
(وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ)
وأهل الشهوات يسعون لفضحك ليحولوا بينك وبين التوبة،
(وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا)
هذه الحبّات من الرمل والأتربة التي تحملها الرياح، وتنقلها في الجوّ من بلد لآخر، ومن قارّة لأخرى=يعلم الله كلّ حبة منها، يعلم وزنها، وعددها، وسيرها، ومكان مستقرّها، وعلى أيّ وجهٍ تستقرّ، لا يخفى عليه شيء منها.فسبحانه (وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا)
(ألا يَظنُّ أولئك أنّهم مبعوثون)=فيردّوا الحقوق إلى أهلها.
(ألا يَظنُّ أولئك أنّهم مبعوثون)=فيتحلّلوا ممن ظلموا اليوم.
(ألا يَظنُّ أولئك أنّهم مبعوثون)=فيُقبِلوا على الله بقلب سليم.
(ألا يَظنُّ أولئك أنّهم مبعوثون•ليومٍ عظيم•يومَ يقومُ الناس لربِّ العالمين)
يكفيك في عمل الخير أن الله يعلمه،
(وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا)
فلا تحرص على إعلام الناس به، فالرياء محبط للعمل، وسبب للذّل بين البشر.
ولا تحتقر القليل من الخير، فإن الله كبير وعطاءه كثير،
(وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)
(فلا تَخضعنَ بالقول فيَطمعَ الذي في قلبه مرض)
إذا خضعت المرأة بالقول لمن في قلبه مرض شهوة، واستمر هذا الخضوع على ذلك القلب المريض، وكان كزيت سكبته على نار=فلا تسأل عن فضيحة مرتقبة، ولا عن بيت قد يحترق، ولا عن عقوبة تنتظرهما، ما لم يتداركا أنفسهما بتوبة نصوح، فالله يمهل ولا يهمل
إن قيل لك: إن الله قال (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ)
واليوم وصل العلم إلى تشكيل السحب وإنزال الغيث!
فيقال: إن الذي ينزلونه مطرًا وليس غيثًا، الغيث لا ينزله إلا الله.
الغيث فيه معنى الإغاثة، من إنبات الأرض، وسقي الناس بقدر حاجتهم التي يعلمها الله.
كان الأعرابي يأتي إلى المجلس الذي فيه رسول الله فيقول أين محمد؟
لم يكن له مكان يُعرف به.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل على قومٍ في مجلس جَلسَ حيث انتهى به المجلس،
ولم يكن ينظر بطرف عينه إلى صدر المجلس لعله أن يُدعى إليه.
كان أرفعهم منزلة، وأكثرهم تواضعًا.
(وإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظيم)
(خَلَقَ الإِنسانَ مِن نُطفَةٍ فَإذا هُوَ خَصيمٌ مُبين)
(أَوَلَم يَرَ الإِنسانُ أَنّا خَلَقناهُ مِن نُطفَةٍ فَإذا هُوَ خَصيمٌ مُبين)
ومن أنت أيها الصغير حتى تعارض أحكام الكبير!
(أَلَم يَكُ نُطفَةً مِن مَنِيٍّ يُمنى)
حتى الفعل(يكن)حُذفت منه النون ليُناسب صِغَرَ ما خُلقت منه.
(وما يَنظرُ هؤلاءِ إلا صَيحةً واحدةً ما لها مِن فَواق)
الصيحة: النفخ في الصور، تكون قوية وتمتدّ وقتًا طويلًا لا تتوقف ولو قدر فواق.
قيل: الفواق، ما بين الشخبتين من حلب الناقة، عندما يعصر الحالب الضرع ويخرج اللبن تُسمّى هذه شخبة،
فما بين الشخبتين يُسمى فواقًا. هنا شخبتان وفواق
إنّ المُحِبّ إذا أراد عتاب من يُحبّ=قدّم العفو عنه-في الكلام-قبل المعاتبة،
حتى لا يَفجأَ حبيبه بالعتاب،
بل يهوّن عليه حرارة العتاب ببرد العفو.
قال الله تعالى: (عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُم)
قال مورق العجلي: "هل سمعتم بمعاتبة أحسن من هذه؟
بدأ بالعفو قبل المعاتبة"
(ن وَالقَلَمِ وَما يَسطُرونَ)
أقسم الله بالقلم الوسيلة التي يُكتب بها العلم. وأقسم بالعلم الذي يكتبونه بالقلم.
فلما جاء ذكرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظيمٍ)لم يقل (وإنك لعلى علم عظيم)
العبرة-يا أخي- بالأخلاق، فلن يقبلك الناس لأجل علمك، وإنما لأخلاقك.
(غَفُورٌ حَلِيْم)
هذان الاسمان الكريمان اقترنا في القرآن في أربعة مواضع.
ووجه اقترانهما-والله أعلم-أنك يا أيّها المذنب،
مهما أذنبت فأعلم أن الله (غفور) فبادر بالتوبة.
وهو حينما لم يعاجلك بعقوبته فليس لأنه غافل عنك، وإنما لأنه (حليم) فهو يمهل ولا يهمل.
فاحذر من حلمه بعد علمه.
إبراهيم يقول لوالده :{ ياأبت }.. ونوح يقول لابنه { يابني اركب معنا ..}..
والرسول عليه الصلاة والسلام يقول لعمه :" ياعم "..
هكذا هي الدعوة إلى الله ..
حبيب النجار يقول :{ ياليت قومي ..} لم يقل : ياليت هؤلاء القتلة ..!!
هكذا الرحمة .. ..
"إنما بعثتم ميسرين ولَم تبعثوا معسرين"
إذا أنعم الله عليك بالهداية فقد رزقك نعمةً هي أعظم من نعمة السمع والبصر، بل ومن الدنيا كلّها.
فإن لم تشكر الله عليها=سلبها منك بزيغ قلبك،
وزلل قدمك.وإذا شكرتها زادك من جنسها كما قال: (والذين اهتدوا زادهم هُدًى)
فإن قلت: كيف شكرها؟
فالجواب: المبادرة بامتثال الأوامر، والنواهي.
نهى الله الرجل عن إخراج امرأته إذا طلّقها قبل انتهاء العدة (لا تُخرجوهنّ من بيوتهن)
تأمّل (بيوتهنّ) ولم يقل(بيوتكم)؛لأنه لمّا كان لها حقّ في المكث فيه=صحّ أضافته إليها.
فائدة: نهيُ الله عن إخراجها وخروجها، رجاء أن يصلح حالهما ولذلك قال (لا تدري لعلّ الله يُحدث بعد ذلك أمرًا)
طفل 8¨سنوات، يقول لأهله: أنتم إذا قلتم لي: يا فلان، افعلْ كذا، أتأخر
.وإذا قلتم يا ولَيْدي، أستعجل!
قالوا: لماذا؟
قال: أتحمّس.
لو تأملنا حوارات الآباء البررة مع أبنائهم في القرآن لوجدناهم يقولون(يا بُنَيّ) إلا آزر فقد قال (يا إبراهيم)
(يا بني) و (يا ولدي)ونحوها=لفظ شفقة واستعطاف.
(وَفِي السَّماءِ رِزقُكُم وَما توعَدونَ)(وما توعدون)
قال ابن عباس: الجنة.تأمّل كيف عبّر عن الجنة بقوله (وما توعدون)
للنتذكّر كل وعدٍ جاء في القرآن ذُكِر فيه نعيمها من أنهار وثمار وشراب ولباس وأزواج.وُعودٌ، تجد القلوب لسماعها طربًا،
فكيف إذا ووجدتها واقعًا.
يارب الجنة.
بعد تلك اللقاءات لم يفصح يوسف لإخوته عن نفسه لكن لما قال إخوته له (يا أيها العزيز مسّنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعةٍ مزجاةٍ فأوفِ لنا الكيل وتصدّق علينا إن الله يجزي المتصدقين) =امتلأت عيناه دمعًا وبكى ثم باح لهم بالذي يكتم منهم فقال: (هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون)
رسالة لمن يرسل صورًا ومقاطع محرمة:عندما تلقى الله بذنبك فتلك مصيبة، وعندما تلقاه بذنوب غيرك فالمصيبة أعظم واقرأ: (لِيحملوا أوزارهم كاملةً يوم القيامة ومِن أوزار الذين يُضلّونهم بغير علم ألا ساء ما يَزرون)(ولَيحمِلُنَّ أثقالهم وأثقالًا مع أثقالهم)
(قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرًا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات)
تأمّل (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات)فإنهم لا يظلمون؛ لآنهم آمنوا بيوم الحساب، ويعلمون أن المظالم يُقتصّ لأهلها من الأعمال الصالحة، ولذلك تركوا الظلم حفاظًا عليها.
(ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريدغ إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيدغ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)
تأمل سعة رحمة الله بعبده، أخبر أنه يعلم ما توسوس به نفسه، ثم أخبر أنه يحاسبه على ما تلفظ به لسانه، لا على ما تردّد في نفسه
(أفمَن أسّسَ بنيانه على تقوى من الله ورضوانٍ خيرٌ أم من أسّس بنيانه على شفا جرفٍ هارٍ فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين)
الآية نرلت في مسجد لم يؤسس على تقوى من الله ورضوان وهكذا الحكم في كل عمل مشروع، كطلب العلم، والدعوة، ونشر العلم.
إن لم يكن لله فيا ويل صاحبه
(لا تُدرِكُهُ الأبصارُ وَهُو يُدرِكُ الأَبصارَ وهُوَ اللطيفُ الخبير)
تأمل (لا تدركه الأبصار)لعِظَم شأنه وذاته، (وهو يدرك الأبصار)لسعة علمه وإحاطته.
وتأمل: لم يقل وهو يدرك المُبصِرين! فأنت لا شيء عند نسبتك إلى ما تُبصره، فبصرك يرى ما لا تحصيه عددًا، وكل ذلك يدركه اللطيف الخبير.
(يُكَوّر الليل على النهار ويكور النهار على الليل)
أشارت الآية إلى كروية الأرض.
فالتكوير: هو لفُّ الشيء على نفسه أو على غيره حتى يصير كالكرة
(يُغشي الليل النهار يطلبه حثيثًا)
تأمل التعبير ب (يطلبه حثيثًا)أي أن الليل يطارد النهار ويلحقه باستمرار
سبحان منزل القرآن وخالق الأكوان
بين فترة وأخرى تمرّ بالمسلمين مصائب ونكبات، يمتحن الله بها المنتسبين للإسلام ليُعلَم أهل اليقين من أهل الشك بالدين.
ولذلك فإن كل مصيبة تنزل بالمسلمين يتحقّق بها قول رب العالمين: (ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ المُؤمِنينَ عَلى ما أَنتُم عَلَيهِ حَتّى يَميزَ الخَبيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)
من اتقى وصبر بلغ أعلى مراتب الدين( المحسنين )
ووصف الله لهم بالإحسان أعظم منزلة مما يعجل لهم في الدنيا
وإن كان ما يعجل لهم في الدنيا من إحسان الله لهم جزاء إحسانهم
( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان )
مهما استغنى الناس بعضهم عن بعض=فلا يزالون يطمعون في الكلمة الحسنة، ويأنسون بالابتسامة اللطيفة.
قال الله تعالى: (وَقولوا لِلنّاسِ حُسنًا)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "وتبسّمُك في وجهِ أخيك صدقة"
قد تجد=وحشةً وأنت بين الناس!
ومرضًا وأنت صحيح البدن!
وضيقًا وأنت في سعة من الرزق!
وشتاتًا وأنت بين أهلك!
وهمًّا لا تدري ما مصدره!
تشعر أنك تريد أن تشتكي لأحد!
إنْ وجدت ذلك وشعرت بهذا=فتفقّد حالك مع القرآن والأذكار، فستجد تقصيرًا-وكلنا مقصّر-
(ألا بِذكرِ الله تَطمَئنُّ القلوب)
(أَن تَقولَ نَفسٌ يا حَسرَتا عَلى ما فَرَّطتُ في جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السّاخِرينَ)
لن تجد أحدًا يسخر بالصالحين إلا ووجدته من المُفرّطين بطاعة ربّ العالمين.
(وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمنّ الله علينا ووقانا عذاب السموم إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم)
يا الله، ما أروع هذا الحديث عن الذكريات، يتحدثون في جنات وأنهار ونعيم دائم وبهجة وسرور، لا همّ ولا خوف ولا حزن.
يتحدّثون عن سبب ما هم فيه.
أوذي الرسولï·؛ بالقول، فواساه الله بأنه خلق السموات والأرض في ستة أيام، ثم قالت اليهود: لقد تعب الله واستراح يوم السبت.
فلذلك قال الله: ((فاصبر على ما يقولون)
أخي، اصبر على ما يقولون.
لا تلتفت لسخريتهم.
ولا تلتمس رضا أحد غير الله.
واطلب ما في يد الله لا ما في أيدي الناس=تكن عزيزًا
(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ)
الإيقاف وحده مُفزِع، تبلغ منه القلوب الحناجر.
فكيف بالأسئلة التي تتبعه؟
التعديل الأخير تم بواسطة امانى يسرى محمد ; 13-04-2020 الساعة 12:21 PM