منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   السيرة النبوية (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=128)
-   -   تطريز رياض الصالحين (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=121914)

امانى يسرى محمد 27-03-2020 05:00 PM

رد: تطريز رياض الصالحين
 
( باب حق الجار والوصية به)
قال الله تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم} [النساء (36) ] .
----------------
يأمر تعالى بعبادته وحده لا شريك له، والإحسان بالوالدين، والأقارب، والأيتام والمساكين، والجيران، وهم ثلاثة: فجار له ثلاثة حقوق: وهو الجار المسلم القريب. وجار له حقان: حق الجوار، وحق الإسلام. وجار له حق الجوار: وهو الكافر. والصاحب بالجنب: قيل: المرأة. وقيل الرفيق في السفر. وقيل: الذي يصحبك رجاء نفعك. والآية تعم الجميع، وابن السبيل: المسافر، والضيف، وما ملكت أيمانكم: يعني العبيد، والإماء. ثم قال تعالى بعد ما ذكر من الحقوق: {إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا} [النساء (36) ] . لأن المتكبر يمنع الحق. قال أبو رجاء: لا تجد سييء الملكة إلا وجدته مختالا فخورا، ولا عاقا إلا وجدته جبارا شقيا.
قال الله تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم} [النساء (36) ] .
----------------
يأمر تعالى بعبادته وحده لا شريك له، والإحسان بالوالدين، والأقارب، والأيتام والمساكين، والجيران، وهم ثلاثة: فجار له ثلاثة حقوق: وهو الجار المسلم القريب. وجار له حقان: حق الجوار، وحق الإسلام. وجار له حق الجوار: وهو الكافر. والصاحب بالجنب: قيل: المرأة. وقيل الرفيق في السفر. وقيل: الذي يصحبك رجاء نفعك. والآية تعم الجميع، وابن السبيل: المسافر، والضيف، وما ملكت أيمانكم: يعني العبيد، والإماء. ثم قال تعالى بعد ما ذكر من الحقوق: {إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا} [النساء (36) ] . لأن المتكبر يمنع الحق. قال أبو رجاء: لا تجد سييء الملكة إلا وجدته مختالا فخورا، ولا عاقا إلا وجدته جبارا شقيا.

عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» . متفق عليه.
----------------
في هذا تعظيم حق الجار، والاعتناء به، والاهتمام بشأنه.

عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا أبا ذر، إذا طبخت مرقة، فأكثر ماءها، وتعاهد جيرانك» . رواه مسلم.
----------------
وفي رواية له عن أبي ذر، قال: إن خليلي - صلى الله عليه وسلم - أوصاني: «إذا طبخت مرقا فأكثر ماءها، ثم انظر أهل بيت من جيرانك، فأصبهم منها بمعروف» . الأمر بإكثار ماء المرقة ليكثر الائتدام بها. وفي الحديث: الحض على تعاهد الجيران ولو بالقليل، لما يترتب على ذلك من المحبة والألفة، ولما يحصل به من المنفعة ودفع المفسدة، لأن الجار قد يتزوج القتار فيتحرى لهدية جاره.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن!» قيل: من يا رسول الله؟ قال: «الذي لا يأمن جاره بوائقه!» . متفق عليه.
----------------
وفي رواية لمسلم: «لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه» . «البوائق» : الغوائل والشرور. في هذا الحديث: وعيد شديد لمن أخاف جاره أو خادعه على أهله أو ماله.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة» . متفق عليه.
----------------
فيه: الحث على فعل المعروف بين الجيران وإن قل.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره» ، ثم يقول أبو هريرة: ما لي أراكم عنها معرضين! والله لأرمين بها بين أكتافكم. متفق عليه.
----------------
روي «خشبه» بالإضافة والجمع. وروي «خشبة» بالتنوين على الإفراد. وقوله: ما لي أراكم عنها معرضين: يعني عن هذه السنة. في هذا الحديث: النهي عن المشاحنة بين الجيران وندبهم إلى التساهل والتسامح فيما ينفع الجار من وضع خشب وإجراء ماء. ونحو ذلك مما ينفع الجار، ولا يضر بالمالك.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليسكت» . متفق عليه. ***

عن أبي شريح الخزاعي - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليحسن إلى جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليسكت» . رواه مسلم بهذا اللفظ، وروى البخاري بعضه.
----------------
هذا الحديث: من قواعد الإسلام، لأن جميع آداب الخير تتفرع منه وآكدها حق الجوار.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟ قال: «إلى أقربهما منك بابا» . رواه البخاري.
----------------
فيه: دليل على تقديم الأقرب من الجيران بابا على الأبعد منهم.

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خير الأصحاب عند الله تعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله تعالى خيرهم لجاره» . رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن) .
----------------
فيه: الحث على الإحسان إلى الجيران، وكف الأذى عنهم والانبساط إليهم.

امانى يسرى محمد 03-04-2020 07:39 PM

رد: تطريز رياض الصالحين
 
( باب تحريم العقوق وقطيعة الرحم )

قال الله تعالى: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} [محمد (22، 23) ] .
----------------
يقول تعالى: {فهل عسيتم إن توليتم} ، أي: فلعلكم إن توليتم، أي: أعرضتم عن الدين، وفارقتم أحكام القرآن أن تفسدوا في الأرض بالمعصية، والبغي، وسفك الدماء، وتقطعوا أرحامكم. قال قتادة: كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله ألم يسفكوا الدم الحرام، وقطعوا الأرحام، وعصوا الرحمن، أولئك الذين لعنهم الله، فأصمهم، وأعمى أبصارهم عن الحق، وهذا نهي من الله تعالى عن الإفساد في الأرض عموما، وعن قطع الأرحام خصوصا.
قال تعالى: {والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار} [الرعد (25) ] .
----------------
لما ذكر تعالى السعداء الذين يوفون بعهد الله، ولا ينقضون الميثاق، والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل، ذكر الأشقياء الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل، وهي عامة في الرحم وغيرها من أمور الدين، ويفسدون في الأرض بالمعاصي أولئك لهم اللعنة، ولهم سوء الدار.

قال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} [الإسراء (23، 24) ] .
----------------
في هذه الآية الكريمة: الأمر ببر الوالدين، والنهي عن عقوقهما، والأدب في ذلك.

عن أبي بكرة نفيع بن الحارث - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» - ثلاثا - قلنا: بلى، يا رسول الله! قال: «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين» ، وكان متكئا فجلس، فقال: «ألا وقول الزور وشهادة الزور» . فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. متفق عليه.
----------------
الذنوب: فيها صغائر وكبائر. فالكبيرة: ما توعد صاحبها بغضب أو لعنة أو نار. قوله: (وكان متكئا فجلس، فقال: «ألا وقول الزور وشهادة الزور» . سبب الاهتمام به، سهولة وقوع الناس فيه، وتهاونهم به، والحوامل عليه كثيرة من العداوة والحسد وغير ذلك؛ ولأن مفسدته متعدية إلى الغير. وأما الشرك فإنه ينبو عنه القلب السليم، والعقوق يصرف عنه الطبع. وقوله: (حتى قلنا: ليته يسكت) ، أي: شفقة عليه.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس» . رواه البخاري.
----------------
«اليمين الغموس» : التي يحلفها كاذبا عامدا، سميت غموسا؛ لأنها تغمس الحالف في الإثم. الاقتصار على هذه الأربع لكونها أعظم الكبائر إثما، وأشدها جرما، ومن ذلك السبع الموبقات.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من الكبائر شتم الرجل والديه» . قالوا: يا رسول الله، وهل يشتم الرجل والديه؟! قال: «نعم، يسب أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه، فيسب أمه» . متفق عليه.
----------------
وفي رواية: «إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه!» ، قيل: يا رسول الله! كيف يلعن الرجل والديه؟! قال: «يسب أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه، فيسب أمه» . قوله: (هل يشتم الرجل والديه؟) استفهام استبعاد أن يصدر ذلك من ذي دين أو عقل، فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك يقع بالتسبب في سبهما.

عن أبي محمد جبير بن مطعم - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يدخل الجنة قاطع» . قال سفيان في روايته: يعني: قاطع رحم. متفق عليه.
----------------
فيه: وعيد شديد لمن قطع رحمه. وفيه: عظم إثم قاطع الرحم.

عن أبي عيسى المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله تعالى حرم عليكم: عقوق الأمهات، ومنعا وهات، ووأد البنات، وكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» . متفق عليه.
----------------
قوله: «منعا» معناه: منع ما وجب عليه، و «هات» : طلب ما ليس له. و «وأد البنات» معناه: دفنهن في الحياة، و «قيل وقال» معناه: الحديث بكل ما يسمعه، فيقول: قيل كذا، وقال فلان كذا مما لا يعلم صحته، ولا يظنها، وكفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع. و «إضاعة المال» : تبذيره وصرفه في غير الوجوه المأذون فيها من مقاصد الآخرة والدنيا، وترك حفظه مع إمكان الحفظ. و «كثرة السؤال» : الإلحاح فيما لا حاجة إليه. اقتصر في الحديث على عقوق الأمهات، مع تحريم عقوق الآباء أيضا، لأن الاستخفاف بهن أكثر لضعفهن وعجزهن، وينبه على تقديم برهن على بر الأب في التلطف ونحو ذلك. ومنعا وهات: أي: منع ما أمر بإعطائه وطلب ما لا يستحق. وفي الباب أحاديث سبقت في الباب قبله كحديث: «وأقطع من قطعك» ، وحديث: «من قطعني قطعه الله» . قوله: (وفي الباب) ، أي: في تحريم العقوق والقطيعة أحاديث كثيرة تدل على تحريم عقوق الوالدين وقطيعة الرحم.

امانى يسرى محمد 06-04-2020 05:21 PM

رد: تطريز رياض الصالحين
 
(باب إكرام أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)

قال الله تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} [الأحزاب (33)
----------------
هذه الآية نزلت في نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يدل عليه السياق. والرجس: الذنب المدنس للعرض وهو الإثم. وأما ذريته فيدخلون من باب أولى، كما في حديث واثلة بن الأسقع: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه علي، وحسن، وحسين رضي الله عنهم آخذ كل واحد منهما بيده، حتى دخل فأدنى عليا وفاطمة رضي الله عنهما وأجلسهما بين يديه، وأجلس حسنا وحسينا كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه، ثم تلا هذه الآية: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} ، وقال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي، وأهل بيتي أحق ... » . رواه أحمد.

قال تعالى: {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} ... [الحج (32) ] .
----------------
سبب نزول هذه الآية في الهدايا وفرائض الحج، وهي عامة في جميع شعائر الدين.





عن يزيد بن حيان، قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة، وعمرو بن مسلم إلى زيد بن أرقم - رضي الله عنهم - فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسمعت حديثه، وغزوت معه، وصليت خلفه: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يا ابن أخي، والله لقد كبرت سني، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما حدثتكم، فاقبلوا، وما لا فلا تكلفونيه. ثم قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد الله، وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: «أما بعد، ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به» ، فحث على كتاب الله، ورغب فيه، ثم قال: «وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي» فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس. قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم. رواه مسلم.
----------------
وفي رواية: «ألا وإني تارك فيكم ثقلين: أحدهما كتاب الله وهو حبل الله، من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على ضلالة» . في هذا الحديث: الحث على التمسك بالقرآن والتحريض على العمل به والاعتصام به. وفيه: تأكيد الوصاية بأهل البيت، والعناية بشأنهم وإكرامهم.





عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - موقوفا عليه - أنه قال: ارقبوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - في أهل بيته. رواه البخاري.
----------------
معنى «ارقبوه» : راعوه واحترموه وأكرموه، والله أعلم. في أثر أبي بكر رضي الله عنه دليل على معرفة الصحابة رضي الله عنهم بحق أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتوقيرهم واحترامهم، فمن كان من أهل البيت مستقيما على الدين متبعا لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان له حقان: حق الإسلام وحق القرابة.

امانى يسرى محمد 07-04-2020 01:23 PM

رد: تطريز رياض الصالحين
 
( باب زيارة أهل الخير ومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم )
قال الله تعالى: {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا} إلى قوله تعالى: {قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا} ؟ [الكهف (60، 66) ] .


----------------
في هذه الآيات استحباب زيارة أهل الخير في أماكنهم، ومصاحبتهم ومجالستهم، والتواضع معهم، والرحلة في طلب العلم، واستزادة العالم من العلم، وتواضع المتعلم لمن يتعلم منه ولو كان دونه في المرتبة، واستحباب الرفيق في السفر، وأنه لا بأس بالاستخدام واتخاذ الخادم.

قال تعالى: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} [الكهف (28) ] .
----------------
هذا أمر من الله تعالى لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يحبس نفسه مع الذين يعبدون الله في هذه الأوقات، وأن لا يجاوزهم ناظرا إلى غيرهم من ذوي الهيئات، فإن مصاحبتهم سبب إلى دخول الجنات.

عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال أبو بكر لعمر رضي الله عنهما بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: انطلق بنا إلى أم أيمن رضي الله عنها نزورها كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزورها، فلما انتهيا إليها، بكت، فقالا لها: ما يبكيك؟ أما تعلمين أن ما عند الله خير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إني لا أبكي إني لا أعلم أن ما عند الله تعالى خير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء، فهيجتهما على البكاء، فجعلا يبكيان معها. رواه مسلم.
----------------
أم أيمن: مولاة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنكحها زيد بن حارثة واسمها بركة، وهي أم أسامة بن زيد وكان - صلى الله عليه وسلم - يكرمها، وكان عندها كالولد. وفي هذا الحديث: زيارة الصالح لمن هو دونه، وزيارة الإنسان لمن كان صديقه يزوره. وفيه: البكاء حزنا على فراق الصالحين.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى، فأرصد الله تعالى على مدرجته ملكا، فلما أتى عليه، قال: أين تريد؟ قال: أريد أخا لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تربها عليه؟ قال: لا، غير أني أحببته في الله تعالى، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه» . رواه مسلم.
----------------
يقال: «أرصده» لكذا: إذا وكله بحفظه، و «المدرجة» بفتح الميم والراء: الطريق، ومعنى (تربها) : تقوم بها، وتسعى في صلاحها. في هذا الحديث: دليل على عظم فضل الحب في الله والتزاور فيه. قال - صلى الله عليه وسلم -: «من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان»

عن أبي هريرة - رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من عاد مريضا أو زار أخا له في الله، ناداه مناد: بأن طبت، وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلا» . رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن» ، وفي بعض النسخ: ... «غريب» .
----------------
في هذا الحديث: وعد الله تعالى للزائر فيه بأن يطهره من ذنوبه، ويعظم أجره ويدخله الجنة.


عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء، كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا منتنة» . متفق عليه.
----------------
(يحذيك) : يعطيك. في هذا الحديث: الحث على مجالسة أهل الخير، والتحذير من مجالسة أهل الشر. وفيه: الحكم بطهارة المسك.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك» . متفق عليه.
----------------
ومعناه: أن الناس يقصدون في العادة من المرأة هذه الخصال الأربع، فاحرص أنت على ذات الدين، واظفر بها، واحرص على صحبتها. الحسب: طيب الأصل. وكل واحد من هذه الأربع مما يقصده المتزوج. وفي الحديث: الحث على صاحبة الدين، لأن الحسن البالغ يخاف بسببه من فساد المرأة، أو إفسادها، والمال ربما أطغاها. وأما الدين فهو الحبل الذي لا ينقطع.

عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل: «ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟» فنزلت: {وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك} [مريم (64) ] رواه البخاري.
----------------
فيه: طلب الصديق من صديقه كثرة زيارته، إذا لم يكن مانع من شغل أو غيره.

عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي» . رواه أبو داود والترمذي بإسناد لا بأس به.
----------------
فيه: النهي عن موالاة الكفار، ومودتهم، ومصاحبتهم. وفيه: الأمر بملازمة الأتقياء، ودوام مخالطتهم، وترك مخالطة الفجار، ومؤاكلتهم، وهذا في طعام الدعوة، لا إطعام الحاجة.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل» . رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح، وقال الترمذي: (حديث حسن) .
----------------
الخليل: الصديق. وأقل درجات الصداقة، النظر بعين المساواة، والكمال. رؤية الفضل للصديق. وروي: (لا خير في محبة من لا يرى ما لك مثل ما يرى له) .

عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المرء مع من أحب» . متفق عليه.
----------------
وفي رواية: قال: قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم؟ قال: «المرء مع من أحب» . في هذا الحديث: الحث على محبة الصالحين، لأن من أحبهم دخل معهم الجنة، والمعية تحصل بمجرد الاجتماع وإن تفاوتت الدرجات.

عن أنس - رضي الله عنه - أن أعرابيا قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: متى الساعة؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أعددت لها؟» قال: حب الله ورسوله، قال: ... «أنت مع من أحببت» . متفق عليه، وهذا لفظ مسلم.
----------------
وفي رواية لهما: ما أعددت لها من كثير صوم، ولا صلاة، ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله. الساعة: القيامة. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أعددت لها» . من أسلوب الحكيم؛ لأنه سأل عن الوقت فقيل له: ما لك ولها، إنما يهمك التزود لها والعمل بما ينفعك فيها. فطرح الرجل ذكر أعماله، ونظر إلى ما في قلبه من محبة الله ورسوله فقدمه بين يديه.

عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، كيف تقول في رجل أحب قوما ولم يلحق بهم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المرء مع من أحب» . متفق عليه.
----------------
قوله: «ولم يلحق بهم» . ولابن حبان: «ولا يستطيع أن يعمل بعملهم»

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف» . رواه مسلم.
----------------
وروى البخاري قوله: «الأرواح ... » إلخ من رواية عائشة رضي الله عنها. قوله: «معادن» ، أي: أصول. فكل معدن يخرج منه ما في أصله. وكل إنسان يظهر منه ما فيه من خسة، أو شرف، فإذا انضم الدين إلى الشرف الأصلي فقد حاز الشرف. قوله: «والأرواح جنود مجندة» ، أي: جموع مجتمعة، وأنواع مختلفة، فما تشاكل منها في الخير أو الشر حن إلى شكله. وروي: «أن الأرواح خلقت قبل الأجسام، فكانت تلتقي وتتشام فلما حلت بالأجسام تعارفت بالأمر الأول، فتميل الأخيار إلى الأخيار، والأشرار إلى الأشرار.

عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: استأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم - في العمرة، فأذن لي، وقال: «لا تنسنا يا أخي من دعائك» فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا وفي رواية: وقال: «أشركنا يا أخي في دعائك» . حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح) .ضعفه الالبانى فى تحقيقه لرياض الصالحين
----------------
فيه: دليل على استحباب طلب المقيم من المسافر، ووصيته له بالدعاء في مواطن الخير، ولو كان المقيم أفضل من المسافر.

عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزور قباء راكبا وماشيا، فيصلي فيه ركعتين. متفق عليه.
----------------
وفي رواية: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتي مسجد قباء كل سبت راكبا، وماشيا وكان ابن عمر يفعله. مسافة ما بين مسجد قباء ومسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فرسخ، وهو ثلاث أميال. وفي الحديث: استحباب زيارة مسجد قباء اقتداء بالرسول - صلى الله عليه وسلم -.


الساعة الآن 07:45 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام