لك السجدةُ التي نستشعِرُ فيها جمالَ الخالق العظيم سبحانه، فننحني ساجدين لباهر جماله، أليس قد قال النبي صلى الله عليه وسلم في وصف ربه: ((إنَّ الله جميل يحب الجمال))؟
وها هي آثار جمالِه باديةٌ في كل شيء، وظاهرةٌ في صفحات الكون البديع، وفي كل لوحةٍ من لوحاته الجميلة!
فسبحان مَن خلق فأبدع، وصوَّر فأحسن التصوير!
والجمال له سلطانٌ على القلوب، يدفع المحبَّ إلى الاستسلام أمام محبوبه، والإعلان بقوله:
الحسنُ قد ولَّاكِ حقًّا عرشَه
فتحكَّمي في قلب مَن يهواكِ
وهو بيتٌ قد قاله صاحبُه في جمالٍ زائل، فكيف إذا كان ذلك الجمالُ جمالَ الخالق العظيم، الذي لا يفنَى ولا يزول! فهو أولى بالتذلل أمامه، والسجود له.
وهذا شاعر آخر يصف حال المحب أمام محبوبه، فيقول:
تِهْ دَلالاً فأنتَ أهلٌ لذاكَا
وتَحكَّمْ؛ فالحُسْنُ قد أعطاكَا
ولكَ الأمرُ فاقضِ ما أنتَ قاضٍ
فعَلِيَّ الجمالُ قدْ ولاَّكَا
وبما شئتَ في هواكَ اختبرني
فاختياري ما كانَ فيهِ رضَاكا
علَّمَ الشَّوقُ مقلتي سهرَ الَّليْ
لِ فصارَتْ مِنْ غَيرِ نوْمٍ تراكا
وهو سبحانه كامل في جماله، بينما جمالُ غيره يعترِيه الأفول والنقص والزوال!
وهو قد أذِن لأحبابه بالتمتُّع بمظاهر جماله، والتذلُّل بين يديه، بينما جمال غيره مصاحبٌ غالبًا للتكبر والتمنع والازدراء!