وقد يكون أفضل ما تقدمه لإنسان آخر؛ أن تكون صادقا.."وواضحا " معه.. من البداية.. ( إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا).. ذلك أحرى لأن يكون أكثر تقبّلا.. وأكثر رضى بالمسار الذي تأخذه الأحداث لاحقا.. (قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ )..
وقد يتجلى لطفُ الله في هيئة شخص.. يُخبرك أنك لست في المكان الصحيح..
من أجل أن يُفتح لك البابُ المناسب.. (فَقَالَتْ : هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ )..
مهما عظُم قدرُ إنسانٍ ما في نفسك.. ومهما كان مُشْفِقا عليك..وناصحا لك ( تُجادلُك في زوجها )..
يبقى أن هناك أشياء لا تُبثّ ولا تُحْكى إلا لله ( وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ )..
علّمني القرآنُ ..
أن التعليمَ الأكثر تأثيرا: ( هل أتّبعك على أن تُعَلّمنِ مما عُلّمتَ)؛ إنما يتأتى من خلال الصُّحبة: (تُصاحبني) التي تتمثل فيها المواقف الأخلاقي واقعا مشاهَدا.
تتصالحُ مع الحياة أكثر.. تنظر لها بشكل مختلف.. وتتجاوز كثيرا.. حين تراها من خلال: قال تعالى (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ )..
•• في الحياة .
لكل كلمة لم تستطع البوح بها .. لكل إحسان لم تستطع إيصاله .. لكل خطأ لم تقصده .. لكل شخص لم يَفهمك .. . قال تعالى : (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ) .
أنظرُ للخلف.. ألتفت للوراء.. أتأمل الأحداث.. السنين.. المواقف.. مفترق الطريق.. الذكريات؛ . فلا أجد إلا.. (فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا).. .ثم يأتيكَ اللّطفُ الخفيّ من .. نفسِ الباب الذي ظننته لا يُفْتح.. (ويرزقْه من حيثُ لا يَحْتسب)..
التعديل الأخير تم بواسطة امانى يسرى محمد ; 29-03-2020 الساعة 12:35 PM
وكأن الله تعالى قد جعل للحقّ والنور والجمال: (فلما أتاها؛ نوديَ: يا موسى..) علاماتٍ وأماراتٍ تسبقها .. يشعرُ بها المرء قبل أن يصل: (إني آنستُ نارا؛ لعلي آتيكم منها بقبس، أو: أجد على النار هدى) إنه الإلهام الذي يُصبِّرُك ويحُثك على إكمال المسير ..
لحكمة ما؛ شاء الله تعالى أن يُكَلّمَ موسى ليلا؛ فقد رأى موسى النارَ حين كان وهو وأهلُه في الظلمة: (لعلي آتيكم منها بقبس) .. وكأن اختيارَ ذلك الوقت، وتلك الظلمة= رمزٌ -كما قيل- على أنّ كلامَ الله هو النور .. هو المصباح الكاشف لحقائق الحياة .. هو الضياء الخالد
لعل من إشارات قول الله تعالى (فَإِنْ كرهتُموهن؛ فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) أن النّفس تتغير .. فما ترغَب فيه بشدة اليوم؛ قد تَنصَرف نفسُك عنه غدا .. والذي لا تُحبّه اليوم؛ قد يصير غايةَ ما تتمنّى غدا .. فسبحان مصرّف القلوب
هناك أشياء كثيرة لا تُرى.. لا تُرى إلا بالقرب من الله.. أشياء متجاوزة لقانون الأسباب.. لا تُرى إلا بالرغبة الصادقة في المعرفة؛ إنّ البصيرةَ ثمرة روح لا تنظر إلا للسماء.. (إني آنَستُ نارا)..
الذي يَفْهَمُك حقّا؛ هو الذي يعرفُك تمام المعرفة.. مَنْ يُؤْمِن بك.. مَنْ يثق فيك.. (حتّى إذا خرجوا من عندك؛ قالوا -للذين أوتوا العلم-: ماذا قال آنفا).
من أجَلّ الأعمال وأَنْبَلها؛ الجمعُ بين المُحبّين.. ولعلّه من التّشبه بأفعال الله تعالى (فرجعناكَ إلى أُمّك).. وقد خَلّد الله تعالى تلك الخطوات التي سَعت للَمِّ الشمل: (إذ تمشي أختك).. وفي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وإنَّ أَبْغَضكُم إليَّ ... المُفرِّقون بين الأَحِبّة."
الحزن الشديد مؤلم .. يَذْهَبُ بالنفس .. يقتَطع جزءا من الروح .. (فلا تذهب نفسُك عليهم حسرات)..
(.. فسوف يأتي الله بقومٍ يُحبّهم ويُحبّونه).. لأن المحروم؛ مَنْ حُرمَ الحُب .. ومَن أُعطِيَ الحُب؛ فقد أُعطي كلَّ شيء ..
شخصٌ واحد يعدل الجميع.. شخص واحد لا يقوم مقامَهُ أَحَدٌ.. (فَخُذْ أحدَنا مكانَهُ).
ومن الدروس الوجودية الكبرى للقرآن؛ القدرة على التّخلي .. عدم التّعلق .. والارتفاع فوق الأشياء .. (لكيلا تأسوا على ما فاتكم .. ولا تفرحوا بما آتَاكُم) ..
في هذه الحياة ثمّةَ مَنْ يستحقُّ أنْ تبذل الكثيرَ حتى تصلَ إليه.. (لا أبرحُ حتى أبلُغَ).. وليس كثيرا عليه أن تتحمّل وتصبر فقط لتبقى معه.. (ستجدني إِنْ شاء الله صابرا)..
الاستمرار هو الخيار الأمثل حين يكون لوجودك في حياة "الآخر" معنى، وأما حين تشعر بعدم التّوافق، وأنك لا تأنس، أو لا يُؤنسُ بك؛ فقد يكون من الأجدر حينها أن ترحل.. (حتى تستأنسوا)..
1-كانوا يقولون إن القرآن يُفسّره لسانُ الزمان.. أي تكشف الأحداثُ عن وجوهٍ جديدة من تفسيره.. وأُضيف: تجاربك الشخصية.. وخبراتك الخاصة.. تُفسّر لك القرآن.. وتكشفه لك بشكل خاص..
2-من معاني الاستخارة: "وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر [..] فاصرفه عني واصرفني عنه"؛ أي لا تعلق قلبي به.. ولعل من هذا المعنى قولهم في ﴿يُغن الله كلا من سعته﴾ "هو النسيان، وأن يكون الأمرُ كأن لَمْ يكن".. ومثله الدعاء: اللهم ما زويت عني ممَا أُحِبّ.. فَاجعَلهُ فراغا لي فيما تُحِبّ..
3-رحم الله امرأً عرفَ قدر نفسه.. رحم الله امرأً عرف حدود علمه.. رحم الله امرأً قال: لا أدري.. ورحم الله امرأ لم يجرّه قبولُ الناس له للكلام في كل شيء؛ كان المسيح عيسى واضحا جدا عندما قال لقومه ﴿ولأُبيّن لكم (بعضَ) الذي تختلفون فيه﴾.. أي: بيّن لهم أنه لن يفتيَ في كل شيء..
4-إذا كانتْ المبادئُ وحدها لا تردع المرءَ عن الإساءة للغير.. فلا أقلّ من أن يتذكرَ دوران الأيام ﴿وتلك الأيامُ نُداولِها بين الناس﴾.. وأن الذين أخذ حقهم اليوم ﴿في غيابت الجبّ﴾.. قد يحتاج لهم غدا ﴿يا أيها العزيز: مسّنا وأهلنا الضرّ﴾..
5-قد يتعلقُ الإنسانُ بالأشياء التي ترافقه.. فتصير جزءا منه.. كأني ألمح هذا المعنى في ردّ موسى.. لما سُئل عن العصا؛ فقال: ﴿هي عصاي؛ أتوكأ عليها، وأهش بها على غنمي، ولي فيها مآربُ أخرى﴾.. صارت بينهما "عِشرة".. وعلاقة وانتماء.. وإذا كان هذا مع الأشياء.. فكيف بالأرواح.. والقلوب..
6-حتى لو كنت تُحب عملَك.. تعشقُ تخصصك.. وتجدُ نفسك في مجالك؛ لن تخلو من لحظات حزن بسببه ﴿قد نعلم إنه ليحزنك﴾.. بل وربما إحباط شديد ﴿فلعلك باخع نفسك﴾.. حينها لا تملك إلا الصبر ﴿فاصبر صبرا جميلا﴾.. وتأمل الغد الأجمل ﴿إن مع العسر يسرا﴾..
7-أُحِبّ أن أَفْهمَ هذه الآية الجليلة ﴿وإن يتفرقا؛ يُغْن اللهُ كلا من سعته﴾ بدلالتها الواسعة.. المتجاوزة للطلاق والعلاقة الإنسانية.. هي، برأيي، رمزٌ للخروج من التجارب المريرة.. وأنت أفضل.. وأقوى.. ألتمس ذلك من ﴿يُغْنِ اللهُ كلا من سعته﴾.. كأن السعة الإلهية تنقلك إلى حالة أفضل..
·
8-الإلهام.. قد يأتي بلا فكر طويل.. أو تأمّل عميق.. الإلهام قد ينبعث من لحظة حضور.. أو نظرة خاطفة.. ﴿فنظر "نظرةً" في النجوم﴾.. وسبيل ذلك المجيءُ إلى الله ﴿بقلبٍ سليم﴾..
9-رُبّ كلمة لا تُلقي لها بالا.. تعيشُ في قلب أحدهم.. العمرَ كله..
10-كان عليه أن يتعرّف على نفسه أولا.. ويعطيها حقها ﴿قم الليل﴾.. كي يستطيع أن يبذل للناس وينفعهم ﴿إن لك في النهار سبحا طويلا﴾..
11-"أنا عند ظن عبدي بي".. المفزع في ظلمات العالم.. الروح التي تسري.. والمعنى الذي لا يخيب.. لا يغيب.. ولا يخذل..
12-قراءتي لسورة الضحى.. هي مثل التذكير بالأشياء التي صنعتك.. الوحدة والغربة ﴿ألم يجدك يتيما﴾.. الحيرة ﴿ووجدك ضالا﴾.. وقسوة الحياة ﴿ووجدك عائلا﴾.. لولاها لما كنت أنت.. والماضي ليس شيئا تستحي منه.. ليست السورة دعوةً للحنين.. بقدر ما هي نظرٌ للمستقبل.. ولقد مننّا عليك مرة أخرى..
13-أحداث كثيرة.. عادية في نظرك.. تترابط فجأة.. لتجتمع في لحظة.. في شيء واحد جليل.. فكرة واحدة.. حدث واحد.. يصبح هو "قدرك".. كانت الطرق كلها تؤدي إليه.. ﴿ثمّ جئتَ على قدر﴾..
14-القرآنُ كتابٌ وجيزٌ مختصر.. ليس من السّهل أن يُفْرِدَ مساحةً لأحد.. شروطُ القرآن صعبة..! لا تنسَ هذا وأنت تقرأ ﴿إذ "تمشي" أختك﴾؛ لقد سجّل "خطواتِ" أخت موسى.. وخلّدها في التاريخ.. لأنها سَعَتْ في جبر الخواطر: ﴿فرجعناك﴾.. لم ينس لها القرآنُ الجميلَ.. والبرّ لا يبلى..
15-في أحد أكثر المواقف إيلاما للإنسان.. قضية تمسّ السمعة والعائلة والمستقبل.. كان جوابُ القرآن ﴿لا تحسبوه شرا لكم؛ بل هو خير لكم﴾.. ومن هذا الباب فهم بعض العلماء "لنا" في قوله ﷻ ﴿لن يُصيبَنا إلا ما كتب اللهُ لنا﴾؛ أي كتبه لأجلنا.. فهو خير لنا..
16-حين أتأمل احتواء شعيب لموسى ﴿قال: لا تخف؛ نجوت﴾؛ أتذكر دافعَ الأستاذ مطاوع للعطاء: "لكنّي أعرفُ -على الأقل- عُمقَ الألم .. بل والخجل الّذَيْنِ يحسُ بهما الإنسانُ حين يُصدمُ بأنّ مشاعرَه وأحزانَه لم تلقَ ما تستحقّهُ من الاحترام عند من توجَّهَ بها إليه .. وطلبَ منه عونَهُ عليها."
17-صمتك.. ليس بالضرورة لأنك لا تملك جوابا.. أو لأنك في موقف ضعيف.. كلا.. تصمت وفاءً لعهد سابق.. تصمت صلةً وبِرّا.. تصمت رحمةً وشفقةً.. تصمت لأن الأخلاق العليا خير.. تصمت لأنك تسأل الله دائما أن يُعرّفك القضايا التي تستحقّ.. ﴿فأسرّها يوسف في نفسه، ولم يُبدها لهم﴾..
18-نكون أقرب لإنسانيّتنا.. وأكثر تصالحا مع الذات والآخرين.. حين ندركُ أن التقلبَ سنة الحياة.. وأن اضطراب المشاعر واختلاطها من صميم تكوين الإنسان ﴿وأَنه هو أضْحك وأبكى﴾..
19-من سعادة المرء.. أن يسلك الطريق الصحيح مع من يُحب.. ذلك أكثر أمانا.. مع الصديق في المكان المناسب.. أستشف هذا المعنى -على بعد- من إشارة قول بلقيس: ﴿وأَسلمت "مع سليمان" لله﴾.. وكأنها تقول: "أريد هذا الطريقَ.. معه".. ومن هذا الباب قول الصحابي للحبيب ﷺ "أسألك مرافقَتَك في الجنة"..
20- نجد ارتباطا بديعا بين "العين" وبين "القرب" في القرآن.. هناك اتصال لطيف بينهما.. يقول ﷻ للحبيب ﷺ ﴿فإنك "بأعيننا"﴾.. ويُعبّرُ عن عنايته بموسى بقوله ﴿ولتصنع على "عيني"﴾.. والحنانُ الذي يكتنف مريم تختصره آيةُ ﴿وقرّي "عينا"﴾..
22-أشعر أنه مهما تَعلّم الإنسان وقرأ.. ومهما بلغ من درجات العلم.. فلا بد له من "مرشد" حكيم.. رحيم.. ذي تجربة.. يأخذ بيديه.. موسى والخضر نموذجا..
23-أؤمنُ بهذه الآية كثيرا ﴿والطّيّبونَ للطيّبات﴾.. بِعُمومها المتجاوز.. في العلاقات.. الأفكار.. المشاريع.. المحبة.. في رحلة الحياة..
24--قيل في تفسير ﴿والسماء ذاتِ الحُبُك﴾؛ إنّ الحبكَ هي الطرقُ والمساراتُ في السماء.. ثم هذه الطرقُ قد تكون طرقا معنويةً تُدْركُ بِعين البصيرة.. وتقودُ للعالَمِ الأعلى.. فَأَرْنا يا الله طُرُقَك..