·قد تكون الرسالة المستوحاة من اسم سورة "الكهف"، ومن مضمون لقاء موسى والخضر = هي التّكيف مع الغموض الذي يكتنف الحياة.. والتأقلم مع "المحجوب عنا".. ومع الحيرة الكائنة في صميم هذا العالم..
لفتَتني الآية ١٠ من الزمر، إذ تختصر، فيما أحسب، مبادئَ الارتقاء.. وكأنها تقول إن الحياةَ الطيبة: ﴿للذين أحسنوا﴾، قد تتطلب شجاعةَ التغيير—الأشخاص، المكان—والانتقال: ﴿وأرض الله واسعة﴾، ولكنها تخبرنا، بواقعية، أن "التغييرَ" ليس سهلا، فلابد من صبر: ﴿إنما يوفى الصابرون أجرَهم﴾..
·قد يتعلق المرء بالشيء فيظن أنه عاجز عن تجاوزه، ولكن لو تأمل لعلم أنه قادر، وأن الفرص كثيرة.. يبدو لي هذا المعنى من تعليل الرازي للعفو ﴿عسى الله أن يعفو﴾ في سياق ﴿ألم تكن أرض الله واسعة﴾؛ حيث ذكر أن الإنسان قد يظن—لشدة تعلقه—عجزه عن مفارقة بلده مع أنه لا يكون عاجزا في الحقيقة.
يأسرني مجردُ التفكير بأن "فجرَ" القرآن لم يكن يسيرا.. أن اللحظات الأولى لإشراق نوره لم تكن سهلةً.. ففي حديث البداية: (فرجع بها رسول الله ﷺ يرجف فؤادُه، وقال: "لقد خشيت على نفسي").. ربما هي سنة الحياة.. وربما هو قدر الأشياء الجميلة.. البسط والسعة بعد الضيق: ﴿والله يقبض ويبسط﴾..
حينما يقف الحُبّ في مستوى الظاهر والشكل والجمال؛ فلا يكون حبا صادقا، ومن السهل التخلي عنه: ﴿ما جزاء من أرادَ بأهلك سوءا إلا أن يسجن﴾.. وأما حين يرتقي لمستوى الروح والباطن، ويكون حبا لذات الشخص وما يحمله من معاني؛ فهو الحُبّ الصادق الذي يحمل المرءَ على التضحية ﴿أنا راودته﴾..
·من الآيات التي استوقفتني طويلا قولُه ﷻ: ﴿فكلي واشربي وقرّي عينا﴾؛ كيف لإنسان أن تهدأ نفسُه في مثل ذاك الموقف العصيب؟ ثم وجدتُ العلماء يقولون إن المقصود أن الله أعطاها ما يسكن عينها فلا تطمح إلى غيره.. وكأنّ رؤية من نُحب كفيلة بإزاحة الأحزان.. تغيّر الحال.. وتجاوز آلام الرّوح..
لما مرّ رسول الله ﷺ بتجربة الوحدة: ﴿ألم يجدك يتيما﴾؛ اتخذ منها منطلقا للوقوف مع الغرباء: ﴿فأما اليتيم فلا تقهر﴾.. ثم أرشدنا لذلك المعنى النبيل حين ذكرَ أن من المعروف: "أن تؤنس الوحشان".. وهو الوحيد الغريب، الذي يشعر بالوحشة.. والإيناس يكون بالوقوف معه.. بل بالكلمة والإنصات..
·لا أقلل إطلاقا من قيمة الاجتهاد والسعي الدؤوب لتحقيق النجاح؛ هذا أمر واضح.. ولكنني مقتنع بأن كثيرا من الإنجازات تحققت لأصحابها بمساعدة عوامل خارجة عن سيطرتهم، أي أن الظروف تهيأت لهم.. الاعتراف بتلك العوامل يجعلنا أكثر صدقا مع أنفسنا وأبعد من ممارسة: ﴿إنما أوتيته على علم عندي﴾.
·القرآن كتابٌ مليء بالنّقد.. نقد الأفكار والأشخاص.. بل حتى أكثر الشخصيات التي يُقدّرها ويُجِلّها القرآنُ لم يعتبرها "مقدسة"، بل تعرضت هي كذلك للنقد الهادف والتقويم.. ولكنّ القرآن يفعل ذلك كله بلغة راقية، حفظ للمقامات، إنصاف، وموضوعية.
·في قوله ﷺ: "خيرُكم خيرُكم لأهله"، دروس كثيرة.. منها، فيما أحسب، أن نجاح الإنسان مع أسرته وشريكه في الحياة = يُعد نجاحا كبيرا.. لأن المحافظة على مستوى عال من الالتزام الأخلاقي لأقرب الناس، وعلى فترات طويلة = يحتاج لجهد مستمر وإصلاح للذات.. هو تحد كبير.. ومن هنا كانت الخيرية.
·لمستني بداية آية السحاب من سورة النور.. يسوق الله ﷻ السحاب المتفرق بكل رفق وهدوء ﴿ألم تر أن الله "يزجي" سحابا﴾.. ثم يضم بعضه إلى بعض، أو—بتعبير الألوسي—يُوَصّل سحابة بسحابة ﴿ثم يؤلف بينه﴾.. لعل الصورة ترمز لحال الإنسان كذلك.. يسوقنا الله إلى أقدارنا.. ويجمعنا بها.. بكل لطف.
الاعتراف بمحاسن من تختلف معهم، والإشادة بنقاط القوة لديهم: ﴿وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه "رأفةً ورحمة"، ورهبانية ابتدعوها﴾؛ دليل على الأمانة العلمية، ودليل على ثقتك بنفسك وموقفك..
·ليست الرحمةُ مجرد قيمة أخلاقية نتصف بها.. ولا تنحصر في أسلوب نبيل للتعامل مع الآخرين.. الرحمة "منظار" نرى من خلاله الناس ونفهمهم بها.. الرحمة "صبغة" إنسانية.. الرحمة زاوية نظر بقدر كونها عملا أخلاقيا.. ﴿وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين﴾
·من صور عناية الله بك.. إلقاءُ محبتك في قلوب الناس.. بل في قلوب أكبر مخالفيك.. أن يحبوك وهم لا يشعرون.. ﴿يأخذه عدو لي وعدوّ له، وألقيتُ عليك محبّةً مني﴾..
تتغير رؤيتك للحياة..
حين تنظر للنهايات: ﴿وإن يَتَفَرَّقا﴾.. باعتبارها بدايات: ﴿يُغْن الله كلا من سَعَتهِ﴾..
أشياء كثيرة في هذه الحياة .. لَمْ تُوْجَد لتَبقى معك .. لها وقتُها وأجلُها المسمّى .. بل إن فقدانَها ﴿فإنّي نسيتُ الحوت﴾ .. قد يكونُ إيذانا بِبابٍ واسع من العطاء ينتظرُك ﴿فَوَجَدا﴾ ..
﴿الذين يُنفقون في السّراء والضراء﴾
الإنفاقُ في الضراء: أن تبذل وأنت محتاج.. أن تبتسم وأنت حزين.. أن تمسح دموع غيرك ودموعك في عينيك.. أن تسلي عن المحزون وأنت أحوج منه.. أن تُشرق بالنُّور رغم كلّ شيء..
﴿ فما كان جوابَ قومه إلا أن قالوا أَخرِجوا آلَ لوط من قريتكم إنهم أناسٌ (يتطهرون) ﴾
عندما يصبحُ التطهرُ تُهمةً !
﴿ولتصنع على عيني﴾
إنها منزلة وإنها كرامة أن ينال إنسان لحظة من العناية؛ فكيف بمن يصنع صنعا على عين الله
(وإنّهُ لكتابٌ عزيزٌ) ومن عزّته أنّ كُنُوزه لا تنفتحُ إلاّ لقلبٍ يهواهُ ويُحبُّهُ كلّ الحُبّ..!
عَلَّمني القرآنُ، من خلال الدّلالات العامة لقوله ﷻ: "أو تسريحٌ بإحسان"؛ أنه حين تكون النهاية؛ فمن الأجدر أن تُحسنَ فيها.. المواقف الأخيرة تبقى ولا تُنسى.. فلا أقلّ من أن تتركَ ذكرى جميلة إذا ما أزف الرّحيل..
﴿ وما بدّلوا تبديلا﴾..
هي صفةُ مدح في المبادئ، والمواقف، وكذلك-بالقياس-في العلاقات الإنسانية.. فمن وجدتّه كذلك؛ تَمَسّك به.. ومَن لم تُغَيّرهُ عليك الأيامُ والسنين.. ولا تَبَدّل رغم معرفته بك ، وإدراكه لمن تكون؛ هو أولى الناس بك..
وقد يتجلى لطفُ الله في هيئة شخص.. يُخبرك أنك لست في المكان الصحيح.. ﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ : يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ .﴾
-ثم إنّ السّعةَ شعورٌ، وإحساسٌ، ومفهوم روحيٌ قبل كل شيءٍ؛ فلرُبّما اتسعت النّفس والمكان ضيّق: ﴿فأووا إلى الكهف؛ ينشرْ لكم ربُّكم من رحمته﴾، وقد تشعر بالضيق رغمَ اتساع المكان: ﴿حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وضاقتْ عليهم أنفسُهم﴾..
﴿إنك كُنتَ بنا بَصِيرا﴾..
نَأوي إليها حين تعجزُ الكلمات.. .
﴿ولا تَعْدُ عينَاكَ عنهم﴾..
لا تترك من يرجو صحبَتك.. لا تتجاوز من يُحبّك.. لا تنصرف عن قُلوبٍ أَقبلَت إليك..
[ فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ]
لم تنسهم الفرحة إخوانهم إنها الأخوة في الله حقا..
د #طارق_مقبل
التعديل الأخير تم بواسطة امانى يسرى محمد ; 25-02-2021 الساعة 12:02 PM
أحيانا أنت لست بحاجة لأكثر مِنْ أَنْ تعُودَ لنفسك..
﴿فرجعوا إلى أنفسهم﴾..
تتصالح مع الحياة أكثر حين تُدرك: ﴿خلقنا الإنسانَ في كبَد﴾.. وأن السعادة الحقيقية ستكون على الضفة الأخرى: ﴿الحمد لله الذي أذهب عنّا الحَزنَ﴾.. وأن قربَك من الله ﷻ (أو: تديّنك) لا يعني بالضرورة أن تخلو حياتك من الابتلاءات: ﴿قالوا: أوذينا من قبل أن تأتينا، ومن بعد ما جئتنا﴾.
الدّين قد يُعطي الأساس الفلسفي (أو: الميتافيزيقي) للأخلاق؛ هذا صحيح، ولكن من حيث الممارسة؛ قد يُوجد الدّين (ربما ظاهرا) وتُفقَد الأخلاق في الشخص نفسه. ولعل هذا مما نبَّه عليه تفريقُ النبي ﷺ في الحديث بين الدين وبين الخُلُق: (مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ..).
﴿ورفع بعضَكُم فوقَ بعض درجات؛ ليبلوكم فيما آتاكم﴾.. ومن هذا الابتلاء في رفع الدرجات؛ أن يختبرك كيف تعامل الضعيف.. كيف تعامل من شاء الله أن يكون أقلَّ منك نصيبا من الدنيا.. كيف تنظرُ لمن هو أقل منك حظا من العلم والذكاء.. إنه اختبار أخلاقي في المقام الأول.
الإقدام على التغيير، والخروج عن المعتاد؛ يحتاج لجرأة وصبر، ولا يفعله كلُّ أحد: ﴿.. أو اخرجوا من دياركم؛ ما فعلوه إلا قليلٌ منهم﴾.. وَلكن لابد من التغيير أحيانا؛ فلا تدري.. قد يتحَوّل مسارُ حياةٍ بأكملها: ﴿يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة
تأمَّل هذا المعنى في قول الله ﷻ: ﴿فلنُنَبِّئَنَّ الذين كفروا بما عملوا﴾؛ فإنهُ سبحانه يخبرهم "لماذا"، ويُعْلِمهم بأسباب ما يلقونه. القرآن هنا يرسل رسالةً إنسانية وأخلاقية عُليا.
مَنْ يُحبّك من قَلْبِه.. لن يهدأ له بال حتى يطمئنَ أنك تحبه.. تبادله الشعور.. أنَّ قلبَك كلّه له: "يا رسول الله: مَنْ أَحَبُّ الناس إليك؟"
قد يكفيك أن يفهمَك شخصٌ واحد.. ﴿يوسف: أيها الصديق؛ أفتِنا﴾.. من بين الكثيرين.. ﴿قالوا: أضغاثُ أحلام﴾..
تأمَّل هذا المعنى في قول الله ﷻ: ﴿فلنُنَبِّئَنَّ الذين كفروا بما عملوا﴾؛ فإنهُ سبحانه يخبرهم "لماذا"، ويُعْلِمهم بأسباب ما يلقونه. القرآن هنا يرسل رسالةً إنسانية وأخلاقية عُليا.
تَذكّر دائما أنّ هناك بدائل، وحلولا، وطرقا أخرى.. وهناك كذلك أشخاصٌ آخرون.. الحياة لا تقف على شيء.. ولا على أحد.. ﴿وإن تعاسَرتُم فستُرضِع له أُخرى﴾..
لم يكن يعقوب -عليه السلام- يصبرُ على فراق يوسف: ﴿إني ليحزنني أن تذهبوا به﴾؛ فلماذا أَذِن للإخوة أن يأخذوا يوسف معهم؟ قيل: لِعِلْمِه أن يوسف يأنسُ باللعب: ﴿يرتع ويلعب﴾، وقال القشيري عند هذه الآية: "ولكنّ المُحِبّ يُؤْثرُ راحةَ محبوبِه على مَحَبَّةِ نَفْسِه."
قرن الله ﷻ بين الفظاظة و غلظة القلب وبين التنفير: ﴿ولو كنت فظا غليظ القلب؛ لانفضوا﴾. أما الأولى فواضحة؛ إذ إن الشدةَ الظاهرة تنفر، فما علاقة قسوة القلب (وهو أمر باطن) بتنفير الناس؟ يبدو أن الآية تشير إلى أن الناس "تشعر" بما في قلبك، وأن المشاعر تسري حتى من غير قول أو فعل.
نظامُ القَدر الإلهي مُحْكَم ومترابطٌ ورَحيم؛ فالحِرمان في هذه الحياة= مقصودٌ في ذاته: ﴿وحرّمنا عليه المراضعَ من قَبْل﴾؛ لأنه يفتح لك أبوابَ القدر الجميل: ﴿فردَدناهُ إلى أُمَّه﴾.
لما خاطبَ موسى -وهو الرسول المُوحى إليه- فرعونَ= استخدم لفظ "الظن": ﴿وإني لأظنك يا فرعون مثبورا﴾. نعم؛ الظّن يأتي بمعنى اليقين في القرآن، وهناك أيضا -والله أعلم- بُعْدٌ أخلاقي للآية: التنبيه على أن معارفَنا قاصرةٌ، والتخفف من القطع، والتسليم بأن الأحكام النهائية إنما هي لله ﷻ.
الحُبّ.. هي المشاعر: ﴿وقال: يا أسفى على يوسف﴾، ﴿وأصبحَ فؤاد أمّ موسى فارغا﴾.. حين تُتَرجم إلى أفعال: ﴿اذهبوا فتحسّسوا من يوسف﴾، ﴿وقالت لأخته: قُصّيه﴾..
تتغير رؤيتك للحياة.. حين تنظر للنهايات: ﴿وإن يَتَفَرَّقا﴾.. باعتبارها بدايات: ﴿يُغْن الله كلا من سَعَتهِ﴾..
لكُلّ الأمنيات.. ولكُلّ ما نرجو.. ﴿هُو عَلَيَّ هيِّنٌ﴾..
لما أعطى يوسفُ القميصَ لإخوته؛ طلب منهم الإتيانَ بأهلهم جميعا: ﴿وأتوني بأهلكم﴾، ولم يطلب منهم أن يأتوا بأبيه، بل جَزَمَ بأنه آت: ﴿يأتِ بصيرا﴾؛ قال الألوسي هنا: "والجزم بأنه من الآتين لا محالة وُثُوقا بمحبّته."
فعلا.. من يُريدك سيطير إليك من غير أن تطلبه.. ستقوده روحُه إليك..
مؤمنٌ بالحُبّ الصادق الصحيح كقيمة عليا.. بمركزية العاطفة في البناء ومدّ الجسور.. بقدرة الإنسان المحبوب على مجَابهة الحياة.. وبالأثر السلبي الذي يُحدثه غيابُ الحبّ عن حياة الإنسان: ﴿ليوسف وأخوه أحبُّ إلى أبِينا منّا﴾..
لمّا قرأتُ قولَ اللهِ ﷻ في سورة يوسف: ﴿قُلْنَ: حاشَ لله؛ ما علمنا عليه من سوء﴾؛ تذكرتُ كلماتِ الأستاذ عبدالوهاب مطاوع رحمه الله: "الجائزة التي ينَالُها من يحرمون أنفسهم من المتع واللذات غير المشروعة؛ هي في الثقة التي يهبها لهم الآخرون بلا تحفظ، وفي الارتفاع فوق الريب والظنون."
اصبر.. الأشياء في وقتها أجمل.. ﴿وَلَوْ أنّهم صَبَرُوا حتى تخرجَ إليهم؛ لكانَ خيرا لهُم﴾..
أشعرُ أنّه من المفيد أن نتعاملَ مع بعض الأفكار بمبدأ: ﴿وإن يَكُ كاذبا؛ فعليه كذبُه، وإن يكُ صادقا؛ يُصِبْكم بعضُ الذي يَعدُكم﴾.
ولابد أحيانا أنْ تُقَدِّم شعورَك وإحساسَك: ﴿إني ليحزنني أن تذهبوا به، وأخاف..﴾ على ما يُمليه العقلُ والمنطق: ﴿لئن أكله الذئب ونحن عصبةٌ﴾؛ أن تُنصت لقلبك قبل كل شيء..
﴿أن اقذفيهِ في التّابوت فاقذفيه في اليمّ فليُلقه اليمُّ بالسّاحل﴾..
.
إيمانُ الإنسان بأنه سيعود للأرض التي أحبّها: ﴿لرادّك إلى معاد﴾.. وأنه سيجتمع يوما ما بمَنْ يُحبُّهم ويحبّونه: ﴿والشمسَ والقمرَ رأيتهم لي ساجدين﴾؛ يُخفف عنه ما يلاقيه.. ويُهَوّن عليه طولَ الطريق..
البلاد التي سكَنتُها وسكَنَتْني، ثم غادرتها.. الأشخاص الذين رافَقتُهم، أحبَبتُهم وأحبُّوني، ثم افتَرقنا.. في كل تلك المرات كان الله يُعلِّمني.. كنتُ أرى فيها رأيَ العينِ قولَه ﷻ: ﴿كلُّ من عليها فان • ويبقى وجهُ ربك﴾..
الحُبّ يحمي.. الحُبّ يحفظ.. الحب أمان.. ﴿وقالت امرأةُ فرعون: قُرّةُ عينٍ لي ولك؛ لا تقتلوه﴾..
اترك البابَ مُوارَبا.. ﴿عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودّةً﴾..
المعرفة غير محتَكَرة، ولا يختص بها أحد؛ فمن أرادَ العلمَ فلتكن لديه القابليةُ للاستفادة من الجميع، حتى الذين يختلف معهم: ﴿فسأل الذين يقرؤون الكتابَ)، وأما الاكتفاء بالدائرة الضيقة، والسماع من الموافقين فقط؛ فليس ذلك سبيلا للعلم، بل لعله يدخل في: ﴿ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم﴾.
لا تَقفوا بالأبواب.. ﴿وإن قيلَ لكم ارجعوا؛ فارجعوا﴾.. لا تطلبوا ودّا باردا.. ﴿هأنتم أولاء تُحبّونهم ولا يحبونكم﴾ ..