لا يَسْتَقيمُ إِيمانُ عبدٍ حتَّى يَستَقيمَ قلبُه، ولا يَسْتَقيمُ قلبُه حتَّى يَستَقيمَ لسانُه، ولا يدخُلُ الجنَّةَ رجُلٌ لا يَأْمَنُ جارُه بَوائِقَه
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب
فهاذان أساسان للاستقامة لا بد منهما:
استقامة القلب، واستقامة اللسان.
أما استقامة القلب: فالمراد بها تخليته وتحليته، تخليته وتطهيره من الرذائل، من الشرك والإلحاد والرياء والسمعة والنفاق والسخط والحسد، و البغضاء؛ وتحليته وملؤه بالفضائل، بالإيمان والأمل والإخلاص والصدق، ومقامات اليقين: خوف رجا شكر وصبر توبة زهد توكل رضا محبة.
وإذا استقام القلب على هذه الحال تبعته الجوارح كلها في الاستقامة، كما قال عليه الصلاة والسلام: "ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب"،
الأمر الثاني: استقامة اللسان، وذلك بصيانته وحفظه عن كل أمر يسخط الله، وشغله بكل قول سديد، ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا﴾.وإذا استقام اللسان تبعته الجوارح في الاستقامة، ولهذا صح في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تذكر اللسان، فتقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك، فإذا استقمت استقمنا، وإذا اعوججت اعوججنا".
أي هؤلاء المستقيمين، الذين التزموا الطّريق المستقيم ملازمةً دائمة؛: لهم يوم القيامة ثمانية أشياء:
1- تتنزل عليهم الملائكة بالبشارات.
2- تثبتهم (ألا تخافوا).
3- تطمئنهم (ولا تحزنوا).
4- تفرحهم (وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون).
5- تصارحهم (نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة).
6- تكشف لهم النعم (لكم فيها ما تشتهي أنفسكم).
7- تبين لهم النعيم (ولكم فيها ما توعدون).
8- تعرفهم فضل الله تعالى عليهم (نزلا من غفور رحيم).
ويقول العلماء: هذه البشارات من الملائكة تكون في أحرج الأوقات وأصعب الأزمات.وهي :ساعة سكرات الموت، ساعة خروج الروح وفي القبر، ويوم الحشر.
اللهم : اجعلنا من المستقيمين ، وارزقنا هذه البشارات، وأرض عنا يا رب العالمين..آمين
الذين قالوا ربنا الله كثير ولكن أهل الاستقامة قليل .. اللهم ارزقنا الاستقامة
{وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} الجنة التي كنت تُوعد كنت تقرأ وصفها في القرآن وكنت تسألها الله في السجود وكنت تشتاق إليها .. هي لك الآن !!
البشرى بالجنة تكون في ثلاث مواطن : عند سكرات الموت ، وفي القبر ، وعند البعث .. وما أجملها من بشاره!!!
إذا قسى القلب وجفاك الدمع الزم طاعة ربك ، فلك أمنية تسعى إليها ياعزيزي وكلمات سيقفز قلبك فرحا بها تجعلك لاتخاف من الموت وتنتظر البشرى بفضل الله .. فالمؤمن المستقيم يموت مطمئنا لاخوف من مستقبل ولا حزن على ماض ، وهنيئا لمن يتولاه الله
{ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ .. } [فصلت: 17] الهُدَى هو الدلالة على طريق الخير الموصِّل إلى غاية خير، نقول دلَّه على الطريق، وحين تدل الناس منهم مَنْ يستمع لك ويطيعك، ومنهم مَنْ لا يستمع إليك، فالأول تزيده هداية وإرشاداً حتى يصل إلى غايته، والآخر تتخلى عنه. لذلك قال تعالى: { { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ } [محمد: 17] أي: اهتدوا لطريق الدلالة. زادهم هدىً. أي: بالمعونة والتوفيق للعمل الصالح وكراهية عمل الشر، إذن: هناك هداية للدلالة، وهداية للتوفيق والمعونة. وهل تعين إلا مَنْ أطاعك وآمن بك؟
وسبق أنْ ضربنا لذلك مثلاً برجل المرور الذي يقف على مفترق الطرق، وتحتاج إلى أن تسأله عن الطريق الذي تقصده، يقول لك: الطريق من هنا، فإن شكرته على صنيعه وتوجهتَ إلى الطريق الذي دلَّك عليه زادك إرشاداً وبيَّن لك ما في الطريق من عقبات أو مصاعب. وربما صحبك حتى تمرَّ من هذه الصعاب. فأنت سألته فدلَّكَ فاتبعْتَ دلالته وشكرته فقال: أنت أهلٌ لمعونتي وإرشادي، أما إنْ خالفتَ رأيه وسِرْتَ في طريق آخر غير طريق دلالته فلا بُدَّ أنْ يتخلى عنك، وأنْ يدعك وشأنك.
كذلك الحق سبحانه وتعالى يدل الجميع على طريق الخير، كل الخلق دلَّهم الله، فمَنْ أطاع في هداية الدلالة كان أهلاً للزيادة، وأهلاً لهداية المعونة والتوفيق، ومَنْ عصى وخالف في هداية الدلالة لم يكُنْ أهلاً لهداية المعونة.
كذلك كان شأن ثمود { فَهَدَيْنَاهُمْ .. } [فصلت: 17] هداية دلالة { فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ .. } [فصلت: 17] أي: استحبُّوا العمى عن فعل الخير، لأنهم ارتاحوا للمخالفة وأرادوا الخروج من قيود التكاليف الشرعية، وإلا لماذا عبدوا الأصنام وهم يعلمون ما هي، وصنعوها بأيديهم؟ عبدوها لأن في عبادتها إرضاءً للنفس بأنْ يكون لها إله تعبده، وما أجملَ أنْ يكون هذا الإله بلا تكاليف وبلا منهج بافعل ولا تفعل، إذن: مشقة تكاليف الطاعة وحلاوة إتيان المعصية تأتي من التكليف، فإن وُجدَ إله بلا تكاليف مالتْ إليه النفس وأحبته، لأن ذلك يُرضِي غريزة الفطرة الإيمانية في الإنسان، وهو أن كلَّ إنسان آمن بالعهدة الأول في مرحلة الذر { { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ .. } [الأعراف: 172].
إذن: فبضعة الإيمان في كل إنسان موجودة فيه من عهد الذر، ولكن يختلف الناسُ في قبول التكاليف والمنهج، فمن الناس مَنْ يرى في المنهج قيْداً لشهواته، فلا يرتاح إليه ويسعى إلى التديّن الخالي من التكليف كهؤلاء الذين استحبوا العمى على الهدى، ومن الناس مَنْ يحب الهداية والطاعة ويرتاح إلى المنهج ويأنس به.
مثال صارخ لكل من علم الحق يقينا ففضل عليه الضلال واختار سبيل العداء السافر لله ورسله وكتبه والمؤمنين به. رأوا الناقة بأعينهم تخرج لهم من صخرة صماء , وعاشت بينهم ترعى وتدر عليهم ما يكفيهم من اللبن فضلاً من الله عليهم ونعمة , فما شكروا النعمة وما وقروا المنعم , وآثروا الكفر والإعراض , فاستحقوا العقوبة وأعمهم العذاب , ونجى الله رسوله والمؤمنين.
عجباً لمن يتحبب الله إليهم بإحسانه وهم يختارون غضبه كقوم ثمود !!
ما كل مجتمع حاد عن الحق يكون سبب حيدته جهله ، فإن بعض المجتمعات تتعمد الحيدة حباً بالباطل و هروباً من لوازم الحق مهما كان واضحاً لها !!
قوم يونس رفضوا الهداية واختاروا الضلالة بالرغم من كل النّعم التي أكرمهم الله بها ، حتى أنهم ملّوا النّعم ، وعندما حرمهم الله منها وتذوّقوا العذاب آمنوا والتزموا التّضرع لله والدّعاء ، فرفع الله عنهم العذاب ، فكيف يفعل الدّعاء بالخير الذي ينتظر النّزول؟! لندعو جميعاً : اللهم إنا نسألك الهدى والتّقى والعفاف والغنى ورضاك والجنّة .
من الآيات الكونية التي تضمنت إعجازات علمية الآيتان التاليتان: قوله تعالى: {ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين * فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم} (فصلت).
هاتان الآيتان الكريمتان تضمنتا ثلاثة إعجازات علمية، نذكرها على وجه الإجمال، ثم نفصل القول فيها بعض التفصيل:
الإعجاز الأول: أن الكون كان في بداية نشأته مليئاً بالغاز، وهذا مستفاد من قوله عز وجل: {وهي دخان}.
الإعجاز الثاني: أن الكون (السماء والأرض) وقع منه كلام حقيقي، وهذا مستفاد من قوله سبحانه: {قالتا أتينا طائعين}.
الإعجاز الثالث: أن السماء زٌينت {بمصابيح} مضيئة في مرحلة تالية لمرحلة الغاز، وهذا صريح قوله تبارك وتعالى: {وزينا السماء الدنيا بمصابيح}.
وهي دخان
تحدثت الآية الكريمة الأولى عن مرحلة مبكرة من عمر الكون في بدء الخلق، عندما كان الغاز الحار يملأ الكون، وهذا ما نجده في قوله تعالى: {ثم استوى إلى السماء وهي دخان} فقد أثبتت الدراسات العلمية والبحوث الفلكية أن الكون كان ممتلئاً بالغاز الحار جداً، بالإضافة إلى الغبار الكوني، وكان هذا الغاز يشبه الغيوم. وقد استطاع العلماء رؤية غيوم من الغاز حول أحد النجوم البعيدة جداً على حافة الكون المرئي، وأكدوا أن النجوم تتشكل من غيوم الغاز هذه. إن القرآن اختصر كل هذه المصطلحات (غيوم من الغاز، غاز حار، غبار، ذرات...) اختصرها في كلمة جامعة ومعبرة وهي {دخان} وهذه الكلمة تدل على الغاز، وكذلك تدل على الحرارة، وأيضاً فيها إشارة إلى ما يشبه الغيوم. فالكلمة عبرت تعبيراً دقيقاً عن حقيقة تلك المرحلة من عمر الكون، واختصرت الجمل الكثيرة التي يطلقها العلماء للتعبير عن تلك المرحلة بكلمة واحدة فقط.
قالتا أتينا طائعين
أظهرت الدراسات العلمية، والأبحاث الفلكية أن الكون عندما كان في مراحله الأولى، أي في مرحلة الغاز، والغبار والحرارة العالية، أصدر موجات صوتية. وقد ساعد على انتشار هذه الأمواج وجودَ الغاز الكثيف الذي كان يملأ الكون، والذي عمل كوسط مناسب لانتشار هذه الأصوات. والمتأمل في القوانين الرياضية التي أودعها الله تعالى في الدخان أو الغاز، يجد ومن خلال ما يسمى بهندسة ميكانيك السوائل، أن أي غاز عندما يتمدد ويكبر حجمه يصدر عن هذا التمدد موجات صوتية؛ وذلك بسبب التغير في كثافة الغاز وحركة جزيئاته واحتكاكها ببعض مما يولد هذه الأمواج الصوتية. وقد أمكن تحديد مواصفات هذه الأمواج الصوتية، واتضح بأنها هادئة ومطيعة، تشبه حفيف الشجر. حتى إن بعض العلماء قد رسموا خطاً بيانيًّا، يمثل هذه الذبذبات الكونية، وأوضح المخطط البياني، أن الذبذبات كانت غير عنيفة، بل أشبه بالفحيح.
والآية تتحدث بوضوح شديد عن كلام للكون، وهو في مرحلة الدخان، وتخبرنا عن قول (السماء) في ذلك الوقت وطاعتها لخالقها، وقد يستغرب البعض من هذا الأمر، فكيف تتكلم السماء؟ غير أن الأبحاث العلمية أثبتت إمكانية إصدار الأمواج الصوتية من الكون في مرحلة الدخان أو الغاز. وأثبتت الدراسات الفلكية بأن الكون في مرحلة الغاز الحار والغبار أصدر موجات صوتية نتيجة تمدده. وأكد العلماء أن صوت الكون كان هادئاً، وشبهوه بصوت الطفل الرضيع، وبصوت حفيف الأشجار، وهذا ما أشارت إليه الآية الكريمة عندما قالت: {أتينا طائعين}.
وقد ذكر كثير من المفسرين أن كلام (السماء والأرض) في الآية مدار الحديث هو كلام حقيقي. فهذا الإمام القرطبي عند تفسيره لقوله تعالى: {قالتا أتينا طائعين} يقول: "وقال أكثر أهل العلم: بل خلق الله فيهما الكلام، فتكلمتا كما أراد تعالى"، فالآية تتحدث بوضوح شديد عن كلام للكون، وهو في مرحلة الدخان.
وزينا السماء الدنيا بمصابيح
إن المرحلة الثانية من مراحل نشأة الكون بعد مرحلة الغاز أو الدخان، هي مرحلة النجوم، هذا ما أثبته العلماء، وأضحى عندهم يقيناً لا شك فيه. والقرآن قد سبق وقرر بأن السماء أو الكون كان دخاناً، ثم زيَّن الله السماء بالنجوم، وسماها المصابيح.
ونحن نعلم من خلال معاجم اللغة العربية، بأن (المصباح) يستخدم لإضاءة الطريق، ونعلم بأن ضوء هذه النجــوم لا يكاد يُرى، فكيف سمى القرآن هذه النجوم بالمصابيح، وماذا تضيء هذه المصابيح؟
لقد التقط العلماء صوراً للنجوم شديدة اللمعان، وأدركوا أن هذه النجوم الأقدم في الكون تضيء الطريق الذي يصل بيننا وبينها، وبواسطتها استطاع العلماء دراسة ما حولها، واستفادوا من إضاءتها الهائلة، والتي تبلغ ألف شمس كشمسنا! لذلك أطلقوا عليها اسماً جديداً وغريباً وهو (المصابيح الكاشفة) (flashlights)؛ ففي مقال بعنوان (متى تشكلت الأبنية الكونية الأولى) جاء فيه: "إن النجوم اللامعة تنير كل المادة على طول الطريق الواصل إلينا؛ فالنجوم تعمل مثل (مصابيح كاشفة) بعيدة، تكشف خصائص الكون المبكر". فالعلماء عندما يتحدثون عن هذه النجوم المبكرة البراقة يشبهونها بالمصابيح. والله سبحانه عندما تحدث عن النجوم التي تزين السماء، قال: {وزينا السماء الدنيا بمصابيح}.
والإعجاز هنا يتجلى في جانبين اثنين:
الأول: يتمثل في السبق العلمي للقرآن في تسمية هذه النجوم بالمصابيح، بما يتطابق تماماً مع ما يراه العلماء اليوم.
الثاني: يتمثل في أن القرآن حدد المرحلة الزمنية التي تشكلت فيها هذه النجوم، وهي المرحلة التالية لمرحلة الدخان.
وهكذا، فإن جميع العلماء يؤكدون أن المرحلة التالية للدخان، هي مرحلة تشكل المصابيح، أو النجوم شديدة اللمعان. وهذا ما أخبرنا به القرآن عندما تحدث عن الدخان أولاً {وهي دخان}. ثم تحدث في الآية التالية مباشرة عن النجوم اللامعة: {وزينا السماء الدنيا بمصابيح}، فهل جاء هذا الترتيب بالمصادفة، أم هو بتقدير الله سبحانه؟ وختام الآية يجيب: {ذلك تقدير العزيز العليم} فلا مكان للمصادفة، ولا يد لأحد في هذا الترتيب والتنسيق.
ثم إن السؤال الوارد هنا: ما معنى هذا التطابق والتوافق بين ما يكشفه العلماء في القرن الحادي والعشرين وبين كتاب أُنزل قبل أربعة عشر قرناً؟ وما معنى أن يسمي العلماء الأشياء التي يكتشفونها تسميات هي ذاتها في القرآن، وهم لم يقرؤوا القرآن؟
إن هذا يعني شيئاً واحداً، وهو أن المنكرين لكتاب الله وكلامه، مهما بحثوا، ومهما تطوروا، ومهما اكتشفوا، فسوف يعودون في نهاية المطاف إلى هذا القرآن، وسوف يرجعون إلى خالقهم ورازقهم، الذي سخر لهم هذه الأجهزة ليتعرفوا على خلق الله تعالى، ويقفوا على آياته ومعجزاته، والذي تعهد في كتابه بأنه سيُريهم آياته في الآفاق وفي أنفسهم، حتى يستيقنوا بأن هذا القرآن هو كلام الله الحق.
أخيراً، فلو تأملنا النص القرآني لوجدنا بأن الخطاب فيه موجه للكفار الذين لا يؤمنون بالخالق تبارك وتعالى: {قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين} (فصلت:9) ففي الآية إشارة إلى أن هؤلاء الملحدين هم من سيكتشف هذه الحقائق الكونية، وهم من سيراها، وهذا سبق علمي للقرآن في تحديد من سيرى هذه الحقائق، لذلك وجَّه الخطاب لهم. وفي اكتشافات الغرب لهذه الحقائق، وحديث القرآن عنها بدقة، وخطاب القرآن لهؤلاء الملحدين، في كل ذلك أكبر دليل على صدق كتاب الله تعالى، وأنه كتاب صدق وحق. ولو كان هذا القرآن من تأليف النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لنسب هذه الاكتشافات لنفسه، لماذا ينسبها لأعدائه من الملحدين ويخاطبهم بها؟
* مادة المقال مستفادة بتصرف من موقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
{.....فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} هل لاحظت سرعة الاستجابة بالطاعة؟.. بعضنا يخضع لله كرهاً و يؤخر !!.. فليتنا نخضع طوعاً ، ليتنا نلبي تلبية الأرض والسماء في رضى وفرح باللقاء .
الكون الواسع كله خاضعٌ لعظمة الله ، يسير بنظام دقيق فرضه الله لايشذ عنه أبداً ، ونحن كيف هي استجابتنا لأوامر الله تعالى؟؟.. كم مرة أجّلنا وأخّرنا الاستجابة؟ نأتي طوعاً ، وأحياناً نأتي كرهاً ولا نشعر بالتقصير !!..
لاتدع الجمادات تكون أفضل منك .
في دلالة الآية في النهي عن قتل الإنسان نفسه؛ لأن ذلك من أكبر الكبائر، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: « منْ قتَل نفسَه بشيءٍ عُذِّب به في نارِ جهنَّم »؛ رواه البخاري ومسلم.
• ويشمل ذلك كل ما يؤدي إلى هلاك النفس فلا يجوز أن يعرض الإنسان نفسه للهلاك والتلف بأي وسيلة كانت.
قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره على هذه الآية: ( ولا يقتل الإنسان نفسه، ويدخل في ذلك الإلقاءُ بالنفس إلى التهلكة، وفعلُ الأخطار المفضية إلى التلف والهلاك ). انتهى
الوقفة الثانية:
في دلالة الآية في النهي عن قتل الإنسان غيره بغير حق، وأن أنفس المسلمين كنفس واحدة، وأن ذلك من أعظم الذنوب والجرائم عند الله تعالى.
قال الإمام البغوي في تفسيره على هذه الآية: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾. يَعْنِي: إِخْوَانَكُمْ، أَيْ: لَا يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. انتهى
قال عليه الصلاة والسلام: « اجتنبوا السبع الموبقات - وذكر منها -: وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق »؛ رواه البخاري ومسلم.
الموبقات: أي المهلكات.
وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93]، وهذا من أعظم الوعيد فيمن يقتل مؤمنًا.
قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره على هذه الآية: (وهذا شامل لكل نفس حرَّم الله قتلها من صغير وكبير وذكر وأنثى وحر وعبد ومسلم وكافر له عهد. ﴿ إِلَّا بِالْحَقِّ ﴾ كالنفس بالنفس، والزاني المحصن، والتارك لدينه المفارق للجماعة، والباغي في حال بغيه إذا لم يندفع إلا بالقتل).
الوقفة الثالثة:
في دلالة الآية على إثبات صفة الرحمة لله عز وجل، ومن رحمته بعباده أنه نهاهم عن قتل أنفسهم وعن قتل غيرهم، لذلك ختم الآية بقوله: ﴿ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾.
قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى في تفسيره على هذه الآية: وأما قوله جل ثناؤه: "إن الله كان بكم رحيمًا"، فإنه يعني: أن الله تبارك وتعالى لم يزل رحيمًا بخلقه، ومن رحمته بكم كفُّ بعضكم عن قتل بعض، أيها المؤمنون، بتحريم دماء بعضكم على بعض إلا بحقها. انتهى
ومن هذا المعنى حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه: قال: (احتلمت في ليلة باردة في غزاة ذات السلاسل فأشفقت أن أغتسل فأهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: « يا عمرو صليتُ بأصحابك، وأنت جنب؟ » فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال فقال: وقلت: إني سمعت الله يقول: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئًا؛ رواه أبو داود، وصححه الألباني.
الوقفة الرابعة:
ومن معاني قتل النفس إهلاكها بالمعاصي والسيئات، فلا بد للعبد أن يرفق بنفسه ويرحمها وينقذها من النار، ويتقي الله فيها حتى تدخل الجنة.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره على هذه الآية وقوله: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾؛ أي: بارتكاب محارم الله وتعاطي معاصيه وأكل أموالكم بينكم بالباطل ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾؛ أي: فيما أمركم به، ونهاكم عنه.
الوقفة الخامسة:
أمثلة من فتاوى العلماء على هذه القاعدة:
• جاء في فتاوى اللجنة الدائمة:
س: لعبة الملاكمة، وهي لعبة تعتمد على أن يضرب كل من المتلاكمين وجه أخيه، وكثيرًا ما يحدث إغماء من أثر الضرب في الوجه؟
ج: أما الملاكمة نفسها فلا تجوز؛ لما يترتب عليها من الخطر العظيم على اللاعبين أو أحدهما، والله يقول سبحانه: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾، ويقول سبحانه: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم: « لا ضرر ولا ضرار »؛ فتاوى اللجنة الدائمة (15 / 200).
عبد العزيز بن عبد الله بن باز، عبد الله بن قعود، عبد الله بن غديان، عبد الرزاق عفيفي.
• وجاء في "فتاوى نور على الدرب" للعلامة ابن عثيمين (٢/٢٠).
يسأل عن الإضراب عن الطعام يقول كثيرًا ما نسمع في الإذاعات ونقرأ في الصحف أناسًا يضربون عن الطعام احتجاجًا على بعض الأحكام وهؤلاء غالبًا ما يكونون من المسجونين فما حكم من توفي وهو مضرب عن الطعام؟
ج: فأجاب رحمه الله تعالى: حكم من توفي وهو مضرب عن الطعام أنه قاتل نفسه وفاعل ما نهي عنه فإن الله سبحانه وتعالي يقول: ﴿ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ ومن المعلوم أن من امتنع عن الطعام والشراب لا بد أن يموت وعلى هذا فيكون قاتلًا لنفسه ولا يحل لإنسان أن يضرب عن الطعام والشراب لمدة يموت فيها أما إذا أضرب عن ذلك لمدة لا يموت فيها وكان هذا السبب الوحيد لخلاص نفسه من الظلم أو لاسترداد حقه فإنه لا بأس به إذا كان في بلد يكون فيه هذا العمل للتخلص من الظلم أو لحصول حقه فإنه لا بأس به، أما أن يصل إلى حد الموت فهذا لا يجوز بكل حال.
• وجاء في فتاوى ورسائل العلامة ابن عثيمين: (20 / 237):
الحال الثالثة: أن يضره الصوم فيجب عليه الفطر ولا يجوز له الصوم، لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: ٢٩]...".
• وجاء أيضا في فتاواه: (13 / 300) والدخان حرام، والدليل قوله تعالى: ﴿ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُم... ﴾".
بلغت رحمة الله بالعبد أن نهاه عن قتل نفسه رحمة به فلا يؤذي نفسه .
لاتقتلوا أنفسكم بالإحباط والتشاؤم في حياتكم ، ولا تنحروها بالغلو في الندم وزيادة القلق ، تلطف بنفسك وارفق بها ، لك ربٌ لطيفٌ رؤوفٌ يحب ذلك فأطعه .
{وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} لاتجعلوها تغفل عن ذكر الله ، فمن أغفل نفسه عن ذكر الله فقد قتلها
{إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} يدبر الله أمرك برحمته بك في ثنايا كل أمورك ، عطفه يشملك حتى حين تتوه نفسك في أروقة الحزن ، يمهد لك طريقاً للسعادة فيحيطك برعايته وحمايته