{وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} [الهمزة: 1]
هو: الطَّعَّان العيَّاب. كما قال: {هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ} [القلم: 11]، وقال: {وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 58]، وقال: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 79]، والهمز أشد؛ لأن الهمز الدفع بشدة، ومنه الهمزة من الحروف، وهي نقرة في الحلق، ومنه: {وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ} [المؤمنون: 97]، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، من هَمْزِه، ونفخه، ونفثه" وقال: (همزه: الموُتَةُ) وهي الصرع، فالهَمْزُ: مثل الطعن لفظًا ومعنى. واللَّمْز: كالذم والعيب، وإنما ذم من يكثر الهمز، واللمز.
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)
1- سورتان بدأت بـ "الويل" : - ويل للمطففين - ويل لكل همزة لمزة الأولى: في أموال الناس والثانية: في أعراض الناس فلا تقترب منهما ! / روائع القرآن
2- (لكل همزة لمزة) الذي يهمز الناس بفعله ويلمزهم بقوله فالهماز: الذي يعيب الناس ويطعن عليهم بالإشارة والفعل واللماز: الذي يعيبهم بقوله / تفسير السعدي
3- (همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده)من لمز الناس أصيب بعقدة(النقص)فيرى كماله في ماله فيبتلى(بالبخل)فيتسلط الناس بلمزه من بوابة(بخله)والحياة دين! / عقيل الشمري
4- همزة ، لمزة، هماز" ألقاب لنفوس وضيعة / عبد الله بلقاسم
5- (ويل لكل همزة لمزة) قال الربيع بن أنس: الهمزة يهمز في وجه، واللمزة من خلفه تدبر الإساءة للمسلم في وجهه لا تعفيك من العقوبة/ روائع القرآن
6- ( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ ) الوادي يسيل من صديد أهل النار وقيحهم,( لِكُلِّ هُمَزَةٍ ) : يقول: لكل مغتاب للناس, يغتابهم ويبغضهم, كما قال زياد الأعجم:
تُــدلِي بــوُدِّي إذا لاقَيْتَنِـي كَذِبـا
وَإنْ أُغَيَّــبْ فـأنتَ الهـامِزُ اللُّمَـزَهْ (1)
ويعني باللمزة: الذي يعيب الناس, ويطعن فيهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. تفسير الطبري
قيل : الرضا ينقسم إلى قسمين :رضا به ورضا عنه ، فالرضا به : ربا ومدبرا ، والرضا عنه : فيما يقضي ويقدر .
الرِّضا عن الله عبادةٌ قلبيَّة رفيعة الشَّأن، ودرجة إيمانيَّة عظيمة، ولكِنْ قليلٌ من يَصل إلى تلك الدَّرجة السامية السامقة، وما ذاك إلاَّ بسبب الجهل بالله تعالى؛ فلو عرف المرءُ ربَّه سبحانه وتعالى كما يجِب، لظهَر منه التَّعظيمُ والتَّقوى، ولما كان منه إلاَّ الأدب الجمُّ مع مولاه تبارك وتعالى؛ إذعانًا وتسليمًا، وخضوعًا وانقيادًا، بمعاني الحبِّ والشَّوق إلى لقائه، والتشوُّف والتطلُّع إلى رضوانه.
ففي كلِّ صباحٍ ومساء، وبعد كلِّ تأذين للصَّلاة، يقرُّ المسلِم بهذا المعنى العظيم:
((رضِيتُ بالله ربًّا، وبالإسلامِ دينًا، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيًّا))
ولكن السؤال الأهم: هل أقرَّ الجَنانُ وسلَّم؟!
وهل انقادَت الجوارِح وأذعنَتْ؟! أم أنه لفظٌ باللِّسان فحَسْب؟!
حريٌّ بكل موحِّد أن يتلمَّس قولَه وعمله، ويتفقَّد قلبَه كلَّ حين؛ قال تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء: 65]، لنتأمل كلمة (حَرَجًا) في الآية الكريمة، قال الإمام القرطبي: أي: ضيقًا وشكًّا[1]، وقال الطَّبري: "لا يجدوا في أنفسهم ضِيقًا ممَّا قضيتَ"[2]، ولذلك قال بعضُ السَّلَف: الرِّضا بابُ الله الأعظم[3].
ففي أي شيءٍ يكون الرِّضا عن الله، وكيف يكون؟
الجواب: أن ذلك من جانبين:
فيكون بالرِّضا عن أَقدار الله تعالى المختلِفة، مهما تعاظمَت أو كانت كبيرةً على نفس المرء، قال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ، وإنَّ الله تعالى إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمن رضِي فله الرِّضا، ومن سخطَ فله السُّخْطُ))[4].
فالقضاء نافِذ لا مَحالة، و((لا يردُّ القدرَ إلاَّ الدُّعاءُ))؛ كما أخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم، هذه سُنَّة إلهيَّة، والسؤال المهمُّ حيالها: كيف يَستقبل المؤمنُ هذا القضاء؟ أبالرِّضا الذي هو مقتضى الإيمان الحق بالله تعالى وأسمائه وصفاته، أم بالجزَع الذي هو طَبعُ النَّفس الهلوع قال تعالى: ( إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ) [المعارج: 19 - 22].
ثمَّ الصَّبرُ عند الصَّدمةِ الأولى، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مرَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم بامرأةٍ تبكي عند قبرٍ، فقال: ((اتَّقي اللهَ واصبري))، قالت: إليكَ عَنِّي؛ فإنكَ لم تُصَب بمصيبتي؛ ولم تعرِفْه، فقيل لها: إنَّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فأتَت باب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم، فلم تجد عندَه بوَّابِين، فقالت: لم أعرفْكَ! فقال: ((إنما الصَّبرُ عند الصدمةِ الأولى))[5].
وكما يذكر ابن القيِّم رحمه الله تعالى، فإنَّ الرِّضا عن الله تعالى يتحقَّق بثلاثة أمور:
"باستواء الحالات عند العَبد، وسقوطِ الخصومة مع الخَلق، والخلاص من المسألة والإلحاح...؛ فإنَّ الرِّضا الموافق تستَوي عنده الحالات - من النِّعمة والبليَّة - في رِضاه بحسنِ اختيار الله له"[6].
قال أبو الدَّرداء رضي الله عنه: "إنَّ الله إذا قضى قضاءً، أحبَّ أن يُرضَى به"[7].
فإذا وصل العبدُ إلى تلك الدَّرجة السَّامقة، وهي الرِّضا عن الله تعالى، حصَّل ونال أشرفَ الثِّمار، يقول ابن القيم رحمه الله: "رِضاه عن ربِّه سبحانه وتعالى في جميع الحالات يُثمر رِضا ربِّه عنه؛ فإذا رَضِي عنه بالقليل من الرِّزق، رضي ربُّه عنه بالقليلِ من العمَل، وإذا رضِي عنه في جميعِ الحالات واستوَت عنده، وجَدَه أَسرع شيء إلى رِضاه إذا ترضَّاه وتملَّقه"[8]، فهذهِ أعظم ثمرةٍ؛ أن يرضى الله تعالى عنه إن هو رَضِي عن الله.
وأمَّا الجانِب الآخر الذي يكون فيه الرِّضـا عن الله تعالى، فهو الرِّضا عن شَرْعه وحُكمه عزَّ وجل، بأن لا يَسخط شيئًا ممَّا أنزل الله تعالى أو ممَّا جاءت بِه الشريعةُ؛ بل الانقياد والتَّسليم والخضوع والطَّاعة هي دَيْدنه وصِفته كلَّ حين، آخذًا بكلِّ الشريعة دون انتقاءٍ واختيار بحسَب أهواء النَّفس ورغباتها، قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ [البقرة: 208].
فلا مجال لإساءةِ الأدب مع الربِّ عزَّ وجل، بزَعْم حريَّة الرَّأي أو التَّعبير! أو التسخُّط على شيء من الشريعة أو انتقادها بزَعْم الشعارات الزَّائفة البرَّاقة التي هي كلماتُ حقٍّ أُريد بها بَاطل، كمَزَاعم المساوَاة والحريَّة والحقوقيَّة!
فهل رضينا عن الله تعالى؟!
قال ابن القيم: "إنَّ السخط يوجب تلوُّن العبد، وعدم ثباتِه مع الله؛ فإنَّه لا يرضى إلاَّ بما يلائم طبعَه ونفسه، والمقادير تجري دائمًا بما يلائمه وبما لا يلائمه، وكلَّما جرى عليه منها ما لا يلائِمُه أسخطه، فلا تثبُت له قدَم على العبودية، فإذا رَضِي عن ربِّه في جميع الحالات، استقرَّت قدمُه في مقام العبوديَّة، فلا يزيل التلوُّنَ عن العبد شيءٌ مثل الرِّضا"[9].
الرضا وأهل الجنة:
يقول ابن القيم: "وليس الرِّضا والمحبة كالرجاء والخوف؛ فإنَّ الرِّضا والمحبَّة حالان من أحوال أهل الجنَّة لا يفارقان المتلبِّس بهما في الدنيا، ولا في البَرْزخ، ولا في الآخرة، بخلاف الخَوف والرجاء؛ فإنَّهما يفارقان أهل الجنَّة بحصول ما كانوا يرجونه، وأَمْنهم ممَّا كانوا يخافونه، وإن كان رجاؤهم لِما ينالون من كرامته دائمًا، لكنَّه ليس رجاء مشوبًا بشكٍّ؛ بل هو رجاءُ واثِقٍ بوعد صادق مِن حبيب قادر، فهذا لون، ورجاؤهم في الدنيا لون"[10].
فهل الرضا جنة الدنيا العاجلة؟!
يقول صاحب المدارج رحمه الله: "الرِّضا مَعْقد نِظام الدِّين ظاهره وباطنه؛ فإنَّ القضايا لا تخلو من خمسة أنواع: فتنقسم قسمين: دينية، وكونية؛ وهي: مأمورات، ومنهيَّات، ومباحات، ونِعَم مُلذَّة، وبلايا مؤلِمَة، فإذا استعمل العبدُ الرِّضا في ذلك كلِّه، فقد أخذ بالحظِّ الوافر من الإسلام، وفاز بالقِدْح المعلَّى"[11].
ومَن فاز بالقِدْح المعلَّى، فقد دخل جنَّة الدنيا، التي هي مقدِّمة جنة الآخرة إن شاء الله تعالى.
رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولاً.
[1] الجامع لأحكام القرآن، ج5، ص232.
[2] تفسير الطبري، ج8، ص518.
[3] مدارج السالكين، ج2، ص172.
[4] حسَّنه الألباني.
[5] رواه البخاري.
[6] مدارج السالكين، ج2، ص198 - 199.
[7] جامع العلوم والحكم؛ لابن رجب الحنبلي، ج1، ص486.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فمن سور القرآن العظيم التي تتكرر على أسماعنا، وتحتاج منا إلى وقفة تأمل وتدبر، سورة الفلق: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ) [الفلق: 1 - 5].
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة - رضي الله عنها -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بـ(المعوذات) وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه، وأمسح بيده رجاء بركتها"[1].
وروى البخاري في صحيحه من حديث عائشة - رضي الله عنها -: "كان إذا أوى إلى فِراشه كلَّ ليلةٍ جمَعَ كفَّيهِ، ثم نفَثَ فيهما، فقرأ فيهما ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) و( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ )ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسهِ ووجههِ، وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات"[2].
وروى مسلم في صحيحه من حديث عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألم تر آيات أنزلت الليلة، لم ير مثلهن قط؟ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) و( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ )[قوله تعالى: ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ )[الفلق: 1].
أي: ألجأ وألوذ وأعتصم برب الفلق، أي الإصباح، ويجوز أن يكون أعم من ذلك؛ لأن الفلق كل ما يفلقه الله تعالى من الإصباح والنور والحب، كما قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى )[الأنعام: 95].
وقال تعالى: ( فَالِقُ الْإِصْبَاحِ )[الأنعام: 96].
قوله تعالى: ( مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ) [الفلق: 2].
أي: من شر جميع المخلوقات، حتى من شر النفس؛ لأن النفس أمارة بالسوء وفي الحديث: ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن شر ما خلق يشمل شياطين الإنس والجن، والهوام، وغير ذلك.
الغاسق، قيل إنه الليل، وقيل إنه القمر، والصحيح أنه عام لهذا وهذا، أما كونه الليل فلأن الله تعالى قال: ( أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ) [الإسراء: 78].
والليل تكثر فيه الهوام والوحوش؛ فلذلك استعاذ من شر الغاسق؛ أي: الليل، وأما القمر فقد جاء في الحديث الذي رواه الترمذي في سننه من حديث عائشة: َ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نظر إلى القمر فقال: "استعيذي بالله من شر هذا، فإن هذا هو الغاسق"[4].
لأن سلطانه يكون في الليل، وإذا وقب: أي إذا دخل، فالليل إذا دخل بظلامه غاسق، وكذلك القمر إذا أضاء بنوره فإنه غاسق، ولا يكون ذلك إلا بالليل.
هن الساحرات، يعقدن الحبال وغيرها، وتنفث بقراءة مطلسمة فيها أسماء الشياطين على كل عقدة تعقد، ثم تنفث، ثم تعقد ثم تنفث، وهي بنفسها الخبيثة تريد شخصًا معينًا، فيؤثر هذا السحر بالنسبة للمسحور، وذكر الله النفاثات دون النفاثين لأن الغالب أن الذي يستعمل هذا النوع من السحر هن النساء، فلهذا قال: ï´؟ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ï´¾ ويحتمل أن يقال: إن النفاثات يعني الأنفس النفاثات، فيشمل الرجال والنساء، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: "سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - يهودي من يهود بني زريق يقال له (لبيد بن الأعصم) قالت: حتى كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله، حتى إذا كان ذات يوم دعا ثم دعا ثم قال: يا عائشة أشعرت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟ جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب قال: من طبه؟[5] قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة[6] قال: وجف طلعة ذكر[7] قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذي أروان قالت: فأتاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أناس من أصحابه ثم جاء فقال: والله يا عائشة لكأن ماءها نقاعة الحناء ولكأن نخلها رؤوس الشياطين، فقلت: يا رسول الله أفلا أحرقته؟ قال: لا أما أنا فقد عافاني الله وكرهت أن أثير على الناس شرًا فأمرت بها فدفنت"[8].
الحاسد هو الذي يكره نعمة الله على غيره، فتجده يضيق ذرعًا إذا أنعم الله على هذا الإنسان بمال أو جاه أو علم أو غير ذلك، فيحسده.
والحساد نوعان:
نوع يحسده ويكره في قلبه نعمة الله على غيره، لكن لا يتعرض للمحسود بشيء، تجده مهمو ً ما مغمو ً ما من نعم الله على غيره، والشر والبلاء إنما هو بالحاسد إذا حسد، ولهذا قال: ( إِذَا حَسَدَ ) [الفلق: 5]، ومن حسد الحاسد العين التي تصيب المعان؛ لأنها لا تصدر غالبًا إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس، والعين كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين"[9].
وروى ابن عدي في الكامل من حديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن العين لتدخل الرجل القبر، والجمل القدر"[10].
قال المناوي: أي تقتله فيدفن في القبر، وتدخل الجمل القدر، أي إذا أصابته، أو أشرف على الموت ذبحه مالكه، وطبخه في القدر، وهذا يعني أن العين داء، والداء يقتل، فينبغي للعائن أن يبادر إلى معالجته بالبركة، فتكون رقية منه[11].
روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري: أن جبريل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد، اشتكيت؟ فقال: نعم، قال: باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك[12].
وذكر الله - عز وجل - الغاسق إذا وقب، والنفاثات في العقد، والحاسد إذا حسد؛ لأن البلاء كله في هذه الأحوال الثلاثة يكون خفيًا، وعلى المؤمن أن يعلق قلبه بربه، ويفوض أمره إليه، ويحقق التوكل عليه، ويستعمل الأوراد الشرعية التي بها يحصن نفسه ويحفظها من شر هؤلاء السحرة والحساد، وغيرهم[13].
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نزلت هذه السورة بعد أن أحرز المسلمين النصر على المشركين وانتصر دين الإسلام ودخل المشركين إلى مكة المكرمة، وفي هذه السورة أمر الله عز وجل سيدنا النبي صل الله عليه وآله وسلم بالتسبيح بحمد الله واستغفاره، أطلق صحابة رسول الله صل الله عليه وآله وسلم اسم سورة التوديع لاقتراب موعد رسول الله.
ما هو نصر الله؟ النصر سنة كونية حتمية، لا تتبدل ولا تتغير؛ يقول - سبحانه وتعالى -: (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ [الحج: 15]، والآية تشير إلى أن هذا النصر يناله المؤمن في الدنيا قبل الآخرة، ومن ثم فهو نصر وظفر بإذن الله - تعالى - لكن يشترط له اليقين بالله - تعالى - والإيمان به، فمن متطلبات النصر الإيمان بالنصر، وتصديق المولى - سبحانه - فيما وعد به المؤمنين؛ إذ يقول: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد: 7].
و لكن المسلمون عندما تكاسلوا عن الطاعة وانشغلوا بالدنيا، وتنافسوها حتى تنازعوا فيما بينهم، هانوا في عيون أعدائهم، وأذهب الله ريحهم، فلم يعد الكفار يخشونهم مسيرة شهر كما كان الحال سابقًا؛ يقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال: 45،46]، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم)) رواة البخارى
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) 1- فتح مكة أعظم فتح اقترن ذكره في القرآن بالتسبيح والاستغفار
{ إذا جاء نصر الله والفتح...}{فسبح بحمد ربك واستغفره}
وهذا المشروع عند كل نصر وفتح/ محمد الربيعة 2- ( إذا جاء نصر الله ) لم يأت بعد، لكنه في الطريق ولن يتأخر،،/ وليد العاصمي 3- (إذا جاءَ نصر الله!) إنه يجيء! وكأنه كائنٌ مُقبِل،، فاللهم عجل بمجيئه،،/ وليد العاصمي 4- إذا جاءتك الهبات من الله ( نصر الله والفتح ) فقابلها بالطاعة والعمل الصالح ( فسبح بحمد ربك واستغفره ...) / محمد السريع 5- إذا جاء (نصرالله والفتح)......... فسبح بحمد ربك (واستغفره) ..." جميل حين نستغفر عند آلامنلكنماذا عندما يغمرنا الفرح؟ / د.عبدالله بلقاسم 6- سورة(النَّصر) بعد (الكافرون) في الترتيب وبينهما في النزول سنوات عديدة، وفي ذلك إيماء بأن النصر ثمرة للثَّبات على المبادئ في الشدائد بإذن الله / أ. د. ناصر العمر
وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً (2) 1 - فتح الله لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم كل الخير وتجمّعت الوفود معلنة إسلامها عنده في مكة ( ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا ) جماعات جماعات .. / فرائد قرآنية
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً (3) 1-نعيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم نفسه فأمر أن يختم عمره بالتسبيح والاستغفار ، فاختم يومك ومراحل حياتك بالاستغفار والعمل الصالح. / محمد السريع 2 - ( فسبح بحمد ربك واستغفره) قال ابن تيمية رحمه الله:"من اعتاد التسبيح قبل نومه أعطي نشاطا وقوة في قضاء حاجاته وقوة في عبادته". / فوائدالقرآن 3 - ( فَسَبِّح بحمد ربك .. )يا محمد عندما منَّ الله عليك وأكمل عليك فضله فتذكّر أن الله له الكمال المُطلق والوعد الحق فأكثر من ذكره .. / فرائد قرآنية