" الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم " .
وقال ابن مسعود : إذا جاء ملك الموت يقبض روح المؤمن قال : ربك يقرئك السلام . وقال مجاهد : إن المؤمن ليبشر بصلاح ولده من بعده لتقر عينه . وقد أتينا على هذا في ( كتاب التذكرة ) وذكرنا هناك الأخبار الواردة في هذا المعنى ، والحمد لله .
وقوله : ادخلوا الجنة يحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون معناه أبشروا بدخول الجنة . الثاني : أن يقولوا ذلك لهم في الآخرة
بما كنتم تعملون يعني في الدنيا من الصالحات .
من هذا السعيد الذي تتوفاه الملائكة طيبا ؟
الطيب ...من طاب قلبه بمعرفة الله ، وطاب لسانه بذكر الله ، وطابت جوارحه بطاعة الله ... فمن طاب عيشه بذلك كانت الملائكة معه لحظة الوفاة لتتوفاه طيبا ... يالسعادته ..
مصيبة ... أن ينتقل الإنسان من دار الفناء إلى دار البقاء وهو لايعرف الله ... تصوروا حينها كيف تتوفاه الملائكة !!... يصل إلى الدار الأبدية وليس معه ثمن دخولها .. فالجنة ليس فيها ذرة خبث لذلك لا يدخلها إلا الطيبون ...
اللهم اجعلنا منهم
أيها الطيبون :
كلنا ميتون لامحاله ...فلنستشعر أن الملائكة معنا تحضر لحظة الوفاة .. فطوبى لمن يرى مقعده في الجنة .. ويالحسرة من يرى مقعده في النار .. اللهم سلم ..
اللهم أحيينا طيبين وتوفنا طيبين بفضلك ورحمتك ياأرحم الراحمين
قوله تعالى: {لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم} أي أعلمناكم بتقدم علمنا وسبق كتابتنا للأشياء قبل كونها، وتقديرنا الكائنات قبل وجودها لتعلموا أن ما أصابكم لم يكن ليخطئكم وما أخطأكم لم يكن ليصيبكم، فلا تيأسوا على ما فاتكم {ولا تفرحوا بما آتاكم} أي لا تفخروا على الناس بما أنعم اللّه به عليكم، فإن ذلك ليس بسعيكم ولا بكدكم، وإنما هو عن قدر اللّه ورزقه لكم، فلا تتخذوا نعم اللّه أشراً وبطراً تفخرون بها على الناس، ولهذا قال تعالى: {واللّه لا يحب كل مختال فخور} أي مختال في نفسه متكبر فخور، أي على غيره
روي عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه
وسلم يقول: (قدّر اللّه المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف
تفسير ابن كثير
سنة) ""أخرجه مسلم وأحمد
1- ( لكيلا تأسوا على ما فاتكم .. ) كتب الله مقادير الخلائق قبل خلق السماوات ، ومع ذلك تجد البعض يتأسى على ما فات !! / عايض المطيري
2- ( لِكيلا تأسوُا على مافاتكُم ... )كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير الخلق ، لنحيا بنفوس هادئة ومطمئنة ... فلا تقلق !!/عايض المطيري
3-" لكي لا تَأْسَوا على ما فَاتَكُم ولا تَفرَحوا بما آتاكُم" كلمة ( لَوْ ) ليست في قاموس المؤمن ... / نايف الفيصل
4- (لكيلا تأسوا على مافاتكم ولاتفرحوا بما آتاكم) قاعدة ربانية في الزهد في الدنيا والتعلق بالآخرة لتحقيق طمأنينة القلب وفرح الروح والرضا بالقضاء" / ناصر العمر
5- ﴿لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ قال عكرمة :ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن؛ لكن اجعلوا الفرح شكراً والحزن صبراً./ روائع القرآن
6- ( لكيلا تأسوا على ما فاتكم وﻻتفرحوا بما ءاتاكم ) ا "يا ابن آدم مالك تأسف على مفقود ﻻيرده إليك الفوت ومالك تفرح بموجود ﻻيتركه في يدك الموت -البغوي- ." / أبو حمزة الكناني
7- ( لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ) "قال عكرمة : ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن ولكن اجعلوا الفرح شكرا والحزن صبرا / تفسير البغوي ." / أبو حمزة الكناني
8- "والله لا يحب كل مختال (فخور)" في كل لحظة نفتخر فيها بإنجازاتنا نفقد حظا من محبة ربنا / عبدالله بلقاسم
9- ( لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) لنختبرْ قوة إيماننا عند المحن والمنح بهذا الميزان العظيم؛ أسىً وفرحًا! / أ.د. ناصرالعمر
10- قد يهبك العطايا ثم يأخذها ويؤتيك السراء ثم الضراء له أن يفعل ما يشاء بحكمته فأحسن الصبر والشكر ليست الدنيا دار متاع( لكيلا تأسوا على مافاتكم)/ ابتسام الجابري
11- وجدت الأصل بالقرآن التفاؤل والنظر للحياة بإشراق . تأمل تقديم الضحك ﴿أضحك وأبكى﴾ . وتقديم النهي عن الأسى ﴿لكيلا تأسوا...ولاتفرحوا﴾/ روائع القرآن
"قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين\".
كلما اقرأ هذه الآية أشعر بالخوف والرهبة من هذا الوعيد الشديد.
واسأل نفسي هل حبي لله ورسوله وللجهاد في سبيل الله أكبر من حبي لهؤلاء الذين جاء ذكرهم في الآية: الآباء والأبناء والإخوان والزوجة والعشيرة؟ أرد وأقول نعم إنني أحب الله ورسوله وأحب الجهاد أكبر ولكن هل هذا هو فعلاً واقع الأمر أم أنه مجرد ادعاء؟ هنا تكمن المشكلة ويكمن الخطر الداهم الذي ربما يكون سبباً في تحقق وعد الله فينا: فتربصوا حتى يأتي الله بأمره! أيها الأخوة... كيف نحب الله - تعالى - ورسوله؟
يقول العلماء اعرف الله حتى تحبه. فكلما زادت معرفة العبد بربه زاد حبه له. وكلما فكر في نعم الله عليه قوي حبه لربهº لأن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها. وإذا أردنا أن نعرف كيف يأتي حب الله في قلوبنا فلننظر كيف جاء حب الدنيا في قلوبنا. لقد تمكن حب الدنيا من قلوبنا بسبب انشغالنا بذكرها آناء الله وأطراف النهار حتى تعلقت قلوبنا بزخرفها وزينتها ومباهجها فتمكن حبها من قلوبنا.... مجالسنا تدور الأحاديث فيها حول الدنيا وطرق تحصيلها وأنواع متاعها والجديد من أخبارها وفي المقابل لا نذكر الله إلا قليلاً، كم من أوقاتنا أمضيناه مع كتاب الله وتدبر آياته وتدارس تفسيره؟ وكم من الوقت أمضيناه في استعراض سير الأنبياء والصالحين وحياة الزهاد والعباد من الصحابة والتابعين؟ وكم من الوقت أمضيناه في التفكر في نعيم الجنة وحياة القبر والآخرة...
قارن هذا بهذا تجد الجواب ساطعاً سطوع الشمس في رابعة النهار. فهل بعد هذا نلوم أنفسنا لماذا تتعلق بالدنيا وتزهد في الآخرة وتؤثر متاعها الزائل على حب الله ورسوله والدار الآخرة؟ هل نلوم أنفسنا بعد ذلك لماذا لا تحب قيام الليل ولا تشتاق إلى الجهاد ولا تحب الإنفاق في سبيل الله ولا قراءة القرآن ولا ولا ولا...من أعمال الخير. إنها الدنيا.. لا يتم حبها مع حب الآخرة في قلب واحد لذا حذرنا منها الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كثيرا، من ذلك ما جاء عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنكبي فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل. وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تتنظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك. رواه البخاري وقال عيسى بن مريم - عليه السلام -: الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها.
وفي الترمذي عن سهل بن سعد الساعدي قال: كنت مع الركب الذين وقفوا على السخلة الميتة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أترون هذه هانت على أهلها حتى ألقوها قالوا: ومن هوانها ألقوها يا رسول الله. قال فالدنيا أهون على الله من هذه على أهلها. نأسى على الدنيا وما من معشر.............. جمعـتهم الدنيـا فلم يتفـرقوا أين الأكاسـرة الجبابـرة الألى.............. كنزوا الكنوز فما بقين ولا بقوا من كل من ضاق الفضاء بجيشه.............. حتى ثوى فحـواه لحد ضيق فالموت آت والنفـوس نفـائس............... والمستغر بما لديه الأحمـق اللهم اجعلنا من حزبك المفلحين وعبادك الصالحين الذين أهلتهم لخدمتك وجعلتهم ممن قبلت أعمالهم وأصلحت نياتهم وأحسنت آجالهم يا رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
آية جمعت بين الماضي والحاضر في المواصلات ..
تأمل(ويخلق ما لا تعلمون) ابن كثير في زمنه يقول : الله أعلم بمرادها .
والسعدي اليوم يقول : هي السيارة والباخرة والطائرة ونحوها ... سبحان الله
لننظر إلى وسائل النقل الحديثة .. وكأنها تنطق بصدق القرآن ومواكبته للعصر .. وتؤكد أنه الكتاب الإلهي المعجز ... فما أعظم القرآن !
(وعلى الله قصد السبيل) يسلكون طرقا مختلفة ويزعم كل منهم أنه طريقه إلى الله ونسوا أن طريق الله واحد هو الصراط المستقيم...(ومنها جائر) مائلا عن صراط الله ..اللهم سلم
الحياة طرق وأهداف .. واعلم أن كل هدف لايوصلك إلى الله هو هدف وضيع ولو كان بنظر الناس عظيم . وإن اهتديت إلى صراط الله تعالى فله الفضل والمنة في هدايتك واستقامتك فاحمده على هذه النعمة العظيمة ..
الحمدلله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ..
اللهم الثبات ..
جعل الحق سبحانه البُراق خادماً لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل بساط الريح خادماً لسليمان عليه السلام، وإذا كانت مثل تلك المُعْجزات قد حدثتْ لأنبياء؛ فقد هدى البشر إلى أنْ يبتكروا من وسائل المواصلات الكثير من عربات تجرُّها الجِيَاد إلى سيارات وقطارات وطائرات.
وما زال العلم يُطوِّر من تلك الوسائل، ورغم ذلك فهناك مَنْ يقتني الخيْل ويُربّيها ويُروِّضها ويجريّها لجمال منظرها.
وإذا كانت تلك الوسائلُ من المواصلات التي كانت تحمل عنَّا الأثقال؛ وتلك المُخْترعات التي هدانا الله إياها؛ فما بالُنَا بالمواصلات في الآخرة؟ لابد أن هناك وسائلَ تناسب في رفاهيتها ما في الآخرة من متاعٍ غير موجود في الدنيا؛ ولذلك يقول في الآية التالية: {وعلى الله قَصْدُ...}.
{وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ(9)}
والسبيل هو الطريق؛ والقَصْد هو الغاية، وهو مصدر يأخذون منه القول(طريق قاصد) أي: طريق لا دورانَ فيه ولا التفاف. والحق سبحانه يريد لنا أنْ نصلَ إلى الغاية بأقلِّ مجهود.
ونحن في لغتنا العاميّة نسأل جندي المرور (هل هذا الطريق ماشي؟) رغم أن الطريق لا يمشي، بل أنت الذي تسير فيه، ولكنك تقصد أن يكون الطريق مُوصِّلاً إلى الغاية. وأنت حين تُعجِزك الأسباب تقول (خلِّيها على الله) أي: أنك ترجع بما تعجزك أسبابه إلى المُسبِّب الأعلى.
وهكذا يريد المؤمن الوصول إلى قَصْده، وهو عبادة الله وُصولاً إلى الغاية، وهي الجنة، جزاءً على الإيمان وحُسْن العمل في الدنيا.
وأنت حين تقارن مَجْرى نهر النيل تجد فيه التفافاتٍ وتعرُّجات؛ لأن الماء هو الذي حفر طريقه؛ بينما تنظر إلى الريَّاح التوفيقي مثلاً فتجده مستقيماً؛ ذلك أن البشر هم الذين حفروه إلى مَقْصد معين. وحين يكون قَصْد السبيل على الله؛ فالله لا هَوى له ولا صاحبَ، ولا ولدَ له، ولا يحابي أحداً، وكلُّ الخَلْق بالنسبة له سواء؛ ولذلك فهو حين يضع طريقاً فهو يضعُه مستقيماً لا عِوجَ فيه؛ وهو الحق سبحانه القائل: {اهدنا الصراط المستقيم} [الفاتحة: 6].
أي: الطريق الذي لا التواءَ فيه لأيِّ غَرَض، بل الغرض منه هو الغاية بأيسرَ طريق.
وقول الحق سبحانه هنا: {وعلى الله قَصْدُ السبيل...} [النحل: 9].
يجعلنا نعود بالذاكرة إلى ما قاله الشيطان في حواره مع الله قال: {فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين} [ص: 82-83].
وردَّ الحق سبحانه: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} [الحجر: 41].
والحق أيضاً هو القائل: {إِنَّ عَلَيْنَا للهدى} [الليل: 12].
أي: أنه حين خلق الإنسان أوضح له طريق الهداية، وكذلك يقول سبحانه: {وَهَدَيْنَاهُ النجدين} [البلد: 10].
أي: أن الحق سبحانه أوضح للإنسان طُرق الحق من الباطل، وهكذا يكون قوله هنا: {وعلى الله قَصْدُ السبيل} [النحل: 9].
يدلُّ على أن الطريق المرسوم غايتُه موضوعة من الله سبحانه، والطريق إلى تلك الغاية موزونٌ من الحق الذي لا هَوى له، والخَلْق كلهم سواء أمامه.
وهكذا.. فعلى المُفكِّرين ألاَّ يُرهِقوا أنفسهم بمحاولة وَضْع تقنين من عندهم لحركة الحياة، لأن واجدَ الحياة قد وضع لها قانون صيانتها، وليس أدلّ على عَجْز المفكرين عن وضع قوانين تنظيم حياة البشر إلا أنهم يُغيِّرون من القوانين كل فَتْرة، أما قانون الله فخالد باقٍ أبداً، ولا استدراكَ عليه.
ولذلك فمِنَ المُرِيح للبشر أنْ يسيروا على منهج الله والذي قال فيه الحق سبحانه حكماً عليهم أنْ يُطبِّقوه؛ وما تركه الله لنا نجتهد فيه نحن.
وقوله الحق: {وعلى الله قَصْدُ السبيل...} [النحل: 9].
أي: أنه هو الذي جعل سبيلَ الإيمان قاصداً للغاية التي وضعها سبحانه، ذلك أن من السُّبل ما هو جائر؛ ولذلك قال: {وَمِنْهَا جَآئِرٌ...} [النحل: 9].
ولكي يمنع الجَوْر جعل سبيلَ الإيمان قاصداً، فهو القائل: {وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ السماوات والأرض...} [المؤمنون: 71].
بينما السبيل العادلة المستقيمة هي السبيل المُتكفّل بها سبحانه، وهي سبيل الإيمان، ذلك أن من السُّبل ما هو جائر أي: يُطِيل المسافة عليك، أو يُعرِّضك للمخاطر، أو توجد بها مُنْحنيات تُضِل الإنسانَ، فلا يسيرُ إلى الطريق المستقيم.
ونعلم أن السبيل تُوصِّل بين طرفين(من وإلى) وكل نقطة تصل إليها لها أيضاً(من وإلى) وقد شاء الحق سبحانه ألاَّ يقهرَ الإنسانَ على سبيل واحد، بل أراد له أنْ يختار، ذلك أن التسخير قد أراده الله لغير الإنسان مِمَّا يخدم الإنسان.
أما الإنسان فقد خلق له قدرة الاختيار، ليعلم مَنْ يأتيه طائعاً ومَنْ يعصي أوامره، وكل البشر مَجْموعون إلى حساب، ومَن اختار طريق الطاعة فهو مَنْ يذهب إلى الله مُحباً، ويُثبِت له المحبوبية التي هي مراد الحق من خَلْق الاختيار، لكن لو شاء أنْ يُثبِتَ لنفسه طلاقة القَهْر لخَلقَ البشر مقهورين على الطاعة كما سخَّر الكائنات الأخرى.
والحق سبحانه يريد قلوباً لا قوالب؛ ولذلك يقول في آخر الآية: {وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [النحل: 9].
وكل أجناس الوجود كما نعلم تسجد لله: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44].
وفي آية أخرى يقول: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السماوات والأرض والطير صَآفَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} [النور: 41].
إذن: لو شاء الحق سبحانه لهدى الثقلين أي: الإنس والجن، كما هدى كُلَّ الكائنات الأخرى، ولكنه يريد قلوباً لا قوالبَ.
ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك: {هُوَ الذي أَنْزَلَ...}.