قال تعالى: {إن الأبرار لفي نعيم * على الأرائك ينظرون * تعرف في وجوههم نضرة النعيم * يسقون من رحيق مختوم * ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون * ومزاجه من تسنيم * عينا يشرب بها المقربون} [المطففين (22: 28) ] .
----------------
قال ابن كثير: ثم قال تعالى: {إن الأبرار لفي نعيم} ، أي: يوم القيامة هم في نعيم مقيم، وجنات فيها فضل عميم. {على الأرائك} ، وهي السرر تحت الحجال، ينظرون في ملكهم، وما أعطاهم الله من الخير، والفضل الذي لا ينقضي ولا يبيد. وقيل: معناه على الأرائك ينظرون إلى الله عز وجل، وهذا مقابل لما وصف به أوئك الفجار: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} . فذكر عن هؤلاء أنهم يباحون النظر إلى الله عز وجل، وهم عى سررهم وفرشهم. كما تقدم في حديث ابن عمر: «إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنة، يرى أقصاه كما يرى أدناه، وإن أعلاهم لمن ينظر إلى الله عز وجل في اليوم مرتين» . وقوله تعالى: {تعرف في وجوههم نضرة النعيم} ، أي: تعرف إذا نظرت إليهم في وجوههم نضرة النعيم، أي: صفة الرأفة، والحشمة، والسرور، والدعة، والرياسة، مما هم فيه من النعيم العظيم. وقوله تعالى: {يسقون من رحيق مختوم} ، أي: يسقون من خمر من الجنة، والرحيق: من أسماء الخمر. قاله ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، والحسن وقتادة، وابن زيد. قال الإمام أحمد: حدثنا حسن، حثنا زهير، عن سعد أبي المجاهد الطائي، عن عطية بن سعيد العوفي، عن أبي سعيد الخدري، أراه قد رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «أيما مؤمن سقى مؤمنا شربة ماء على ظمأ سقاه الله تعالى يوم القيامة من الرحيق المختوم، وأيما مؤمن أطعم مؤمنا على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيما مؤمن كسا مؤمنا ثوبا على عري كساه الله من خضر الجنة» . وقال ابن مسعود في قوله: {ختامه مسك} ، أي: خلطه مسك. وقال العوفي: عن ابن عباس: طيب الله لهم الخمر، فكان آخر شيء جعل فيها مسك، ختم بمسك. كذا قال قتادة والضحاك. وقال إبراهيم والحسن: {ختامه مسك} ، أي: عاقبته مسك. وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا يحيى بن واضح، حدثنا أبو حمزة، عن جابر، عن عبد الرحمن بن سابط، عن أبي الدرداء {ختامه مسك} ، قال: شراب أبيض مثل القصة يختمون به شرابهم، ولو أن رجلا من أهل الدنيا أدخل أصبعه فيه ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد طيبها. وقال ابن أبي نجيح: عن مجاهد: {ختامه مسك} ، قال: طيبه مسك. وقوله تعالى: {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} ، أي: وفي مثل هذا الحال فليتفاخر المتفاخرون وليتباهى ويتكاثر ويسبق إلى مثله المستبقون، وليتباهى ويتكاثر ويستبق إلى مثله المستبقون كقوله تعالى: {لمثل هذا فليعمل العاملون} [الصافات (61) ] . وقوله تعالى: {ومزاجه من تسنيم} ، أي: ومزاج هذا الرحيق الموصوف، من تسنيم، أي: شراب يقال له: تسنيم، وهو: أشرف شراب أهل الجنة وأعلاه. قاله أبو صالح، والضحاك. ولهذا قال: {عينا يشرب بها المقربون} ، أي: يشربها المقربون صرفا، وتمزج لأصحاب اليمين مزجا. قاله ابن مسعود، وابن عباس، ومسروق، وقتادة وغيرهم.
يُسْقَون من خمر صافية محكم إناؤها, آخره رائحة مسك, وفي ذلك النعيم المقيم فليتسابق المتسابقون. وهذا الشراب مزاجه وخلطه من عين في الجنة تُعْرَف لعلوها بـ "تسنيم", عين أعدت ; ليشرب منها المقربون, ويتلذذوا بها
الله على الجنة ونعيمها .. وهل هناك أجمل من الحديث في آيات نعيم الجنة ؟!.. اللهم اجعلنا من أهلها
(وجوه يومئذ ناضرة . إلى ربها ناظرة . ووجوه يومئذ باسرة) كيف سيكون وجهك يوم القيامة ؟! وهل تسعى ليكون من الوجوه الناضرة ؟ .. ناضرة مما وجدت من نعيم الجنة .. [وجه ناضر] لن تستطيع أن تتخيله الآن لأنه سيفوق خيالك .. هي وجوه أهل الجنة ، أما شرابهم فهو من (رحيق) مختوم .. شراب طاهر .. رائحته زكية..مذاقه طيب وآخره المسك .. فالرحيق هو أطيب شراب أهل الجنة لذلك كان خالصاً للمقربين الذين هم أعلى الخلق منزلة .. فلا بد من المنافسه على هذه المنزلة .
الإستغفار بعد كل طاعة يجبر مانقص منها ..استغفر وخفف الإشتغال بالدنيا .. اجتهد فإن أيامك معدودة وما أسرع أن تنقضي وتطوى صحائفها . تقدم .. تعلّم .. أنجز .. أبدع .. فالقرآن يقول (وسارعوا) (وسابقوا) (فليتنافس المتنافسون) (فليعمل العاملون) لماذا نتنافس لأمور الدنيا دون الآخره؟ أليست الآخرة أولى؟ تأمل يرعاك الله
قال الشاعر :
وكم رانَ مِنْ ذنبٍ على قلبِ فاجِرٍ … فتابَ مِن الذنبِ الذي ران وانْجَلَى .
وأصلُ الرَّيْنِ : الغلبةُ ، ومنه : رانَتِ الخمرُ على عقلِ شاربِها . وران الغَشْيُ على عقل المريض . أي غطى على قلوبهم ما كانوا يكسبونه من الإثم والمعصية . والقلب الذي يمرد على المعصية ينطمس ويظلم؛ ويرين عليه غطاء كثيف يحجب النور عنه ويحجبه عن النور ، ويفقده الحساسية شيئاً فشيئاً حتى يتلبد ويموت .
وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنَّ المؤمنَ إذا أذنب ذنبًا كانت نُكتةٌ سوداءُ في قلبِه ، فإن تاب ، ونزع ، واستغفر صقَل منها ، وإن زاد زادت حتَّى يُغلَّفَ بها قلبُه ، فذلك الرَّانُ الَّذي ذكر اللهُ في كتابِه : كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ
أزل ران قلبك بتدبر القرآن .. وأزح عنه ركام الذنوب لتنتفع بالمواعظ ، ثم اغسله بالاستغفار والطاعات ، فإن الذنب على الذنب يعمي القلب ..
وقوع الذّنب على القلب = كوقوع الدّهن على الثوب، إن لم تعجِّل غَسْلَه، وإلا انبسط ..!!! / ماجد الزهراني
"(ران) على قلوبهم" "(طبع) الله على قلوبهم" "على قلوب (أقفالها)" الرّان أيسر من الطبع والطبع أيسر من الأقفال والأقفال أشد من ذلك كله مجاهد. ./أبو حمزة الكناني
(كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) قال ابن القيم : إذا ثقل الظهر بالأوزار منع القلب من السير إلى الله والجوارح من النهوض في طاعته .
﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى*وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾ الذي نجح وأفلح وسعِد وتفَوَّق وحقَّقَ الهدف، وسعِدَ إلى أبد الآبِدين هو من تزَكَّى، اُنظر إلى حال الناس في هذه الأيام، من مِن الناس يعْنيه أمر نفْسه؟ الناس جميعاً يعْنيهم أمر دُنياهم؛ بيْتُهُ واسع ومُزَيَّن، ومَرْكب نقْل مُريح وفَخْم، ويحْتاج إلى دخْلٍ كبير، ولا بد أنْ يسَرّ بالحياة، ولبسٌ جيّد ومظهر لائق، ووقت فراغ غَنِيّ بالنزهات والسهرات! من الذي يعْنيه أمْر نفسه؛ قد أفلح من تزكى! كُلّ هذه المظاهر المادِيَّة تنْتهي بالموت مهما عَلَوْتَ في الدنيا، ومهما كَثُرَ مالك، مهما غُصْتَ في نعيمها، يأتي الموت فَيَسْلُبُك كُلّ هذه المُتَع والمسرات والنعيم في ثانِيَة واحدة، لكن الفلاح والنجاح أن تتزَكى
ما معنى تتزَكى؟
قال بعضهم: قد أفلح من تزكى؛ أيْ مَن طَهَّرَ نفسه من الأدران الخبيثة لأن أمْراض الجسد تنتهي بالموت! لكن خَطَرَ أمراض النفْس يبْدأ بالموت، واحدٌ مُتَكَبِّر وحقود وحسود لئيم، يُحِبّ ذاته، ويقبل أن يبني مَجْدَهُ على الآخرين، وثَرْوَتَهُ على فقْرِ الآخرين، وأن يبني نفسه على إتْلاف الآخرين، وهو في الدنيا مُخَدَّر، الناس نِيام إذا ماتوا انتَبَهوا، فهذا الذي تزكى طَهَّر نفسه من كُلّ الأدران والمُيول المُنْحَرِفَة ومن كُلّ الشهوات والنقائِص فقد أفلح،
ومن معاني التزكية أيضاً التَحَلِّي بالكمال والتخلِّي عن الانحرافات، فلا بد من تحْلِيَة وتَخْلِيَة، فالصباغ قبل أن يغمس القماش في الدهن يقوم بِتَنْظيفه، فإن كان في القُماش مواد زَيْتِيَّة فالصِّباغ لا يعْلق ولا يؤثر فيه، فلا بد من تحْلِيَة وتَخْلِيَة، لا بد من تطْهير النفْس من الأدران، ثمّ تَحْلِيَتِها بالكمال، فالتطْهير والتَّحْلِيَة هو التَزَكي، وهذا هو الفلاح، لأنَّهُ يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم، هذا الجُمود الكبير الذي يبْذِلُهُ الإنسان في الدنيا كي يُطَهِّرَ نفسه من كُلّ دَرَنٍ وعُجْبٍ وشِرْكٍ واسْتِعْلاء وكِبْر وحِقْد وضغينة وأَثَرَة وحُبِّ الذات؛ هذه الجُهود يرى ثَمَرَتَها عند الموت قال تعالى: ﴿ سَلَامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ﴾[ سورة يس: 58 ] ﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ ﴾[ سورة الحجر: 46 ] راتب النابلسي ,,,,,,,,,,,,,,,,,,
أعظم مايزكي النفوس كثرة ذكر الله مع كثرة الصلاة .. فهي مفاتيح الطهارة القلبية ...
هذه الدنيا لاشيء فيها يدوم .. لاقصور ولا أملاك ، والذي ينفعك حقا هو عملك الصالح ، لقد فاز وربح من طهّر نفسه ونقاها من الذنوب وسوء الأخلاق ... ومن أكثر من ذكر الله أقام الله له صلاته ، فالذكر مداد الصلاة .. ومن ذكر الله (خاليا) ففاضت عيناه حرمه الله على النار ..
تزكية النفس وتصفيتها من شوائب الغفلة ، من أعظم سنن الحياة ودليل ذلك أن الله تعالى أقسم أحد عشر قسماً قال بعدها (قد أفلح من زكاها) [سورة الشمس] ألا ينبغي لنا بعد ذلك أن نتقي الله ونلتزم الطريق المستقيم ونوجه قلوبنا لمن بيده الخلق والأمر ؟.
اجتهد في قطف ثمرة فلاحك من خلال تزكية نفسك ، وإن لم تفعل فقد قال الله تعالى (وقد خاب من دساها) اللهم سلم .. اللهم لاتجعلنا من الخائبين ..
التعديل الأخير تم بواسطة امانى يسرى محمد ; 08-12-2021 الساعة 10:56 AM
يخشون وسائل التواصل وما يشاع عن الرقابة عليها،ولا يخشون الذين يكتبون عليهم أفعالهم وأقوالهم(وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون) / سعود الشريم
الملائكة حافظه لأعمالك كلها لاتنسى شيئاً منها ، كريمة لاتكذب في شهادتها .. فأين المفر ؟!.. ولابد من الحساب الجميع سيقف أمام الله يوم القيامة وستعرض أعمالنا أمام الجبار .. إن في استشعار وجود الملائكة حولنا وهي تسجل أعمالنا وأقوالنا ، يساعدنا على ترك كثير من الذنوب .. استشعر وجودها واغسل ذنوبك بالتوبة والأعمال الصالحة . كن تقياً طيباً فإن الجنة لايدخلها من يحمل الذنوب ...
الإنسان مخلوق عظيم .. أعماله ليست هباء ، وحضوره في الدنيا ليس هامشياً .. بل هناك ملائكة( كرام) هم معك في كل لحظة ، فكن على مستوى هذه (الكرامة) وأكرمهم بحسن قولك وعملك .. ألا تحب أن تكون مع الأبرار ؟ (إن الأبرار لفي نعيم) أطلق لروحك أشواقها ، دللها قبل فوات الأوان ، ارفع شأنها لتحشر مع الأبرار حيث النعيم المقيم والسعادة الأبدية .,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
عليك أربعة شهود
أين تذهب ؟؟
انتبه !!
عليك شهود
يراقبونك
في أي مكان
وفي أي زمان
فأين تذهب ؟؟
وأنت يا أختاه
انتبهي
واعلمي
أن هناك شهود
يشهدون على أفعالك
ويراقبون جميع تحركاتك
الشهود الاربعة
الشاهد الأول
فهو هذه الأرض ( إذا زلزلت الأرض زلزالها * وأخرجت الأرض أثقالها * وقال الإنسان مالها * يومئذ تحدث أخبارها )
وقوله ( يومئذ تحدث أخبارها) فسرها النبي عليه الصلاة والسلام بقوله " أتدرون ما أخبارها " قالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال " فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمه بما عمل على ظهرها ، تقول : عملت كذا وكذا يوم كذا كذا ، فهذه أخبارها " رواه الترمذي (3353) وقال حديث حسن.
الشاهد الثاني :-
فهم الملائكة الذين يكتبون علينا أعمالنا ويسجلون علينا سيئاتنا وحسناتنا
قال تعالى ("وإن عليكم لحافظين* كراماً كاتبين* يعلمون ما تفعلون")
الشاهد الثالث
فهي الجوارح التي هي من نعم الله علينا: اليدان والقدمان واللسان والعينان والأذنان بل وسائر الجلود... ثم تبدأ الجوارح لتكشف الأسرار ولتخبر بالفضائح والجرائم التي فعلتها في أيامك السابقة
(" اليوم نختم على أفواههم ")
وبعد ذلك ماذا يجري
("وتكلمنا أيديهم ").
وهل يقف الحد عند ذلك ؟
لا بل (" وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون").
وأخيراً يا ترى هل بقي أحد يشهد علينا ؟
..........
نعم إنه الواحد الأحد رب الشهود ، إنه الواحد المعبود، ( أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد )
الذي يراك أينما كنت ويعلم بحالك.
( إن الله لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء) فسبحان العليم بعباده (" وهو معكم أينما كنتم").
فسبحان الذي لا تخفى عليه خافيه (" والله يعلم مافي قلوبكم") فسبحان من يعلم مافي الصدور.