منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   معًـا نبني خير أمة (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=100)
-   -   أسباب سوء الخاتمة .. (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=122189)

نبيل القيسي 09-03-2020 01:27 PM

أسباب سوء الخاتمة ..
 
قال الشيخ صديق حسن خان في كتابه "يقظة أولي الاعتبار" (ص 205):

"فطول الإِلْف بالمعاصي يقتضي تذكُّرها عند الموت، وعودها في القلب وتمثُّلها فيه، وميل النفس إليها، وإن قُبض روحه في تلك الحالة يختم له بالسوء"؛ اهـ.



وهذا حال كل مَن أصرَّ على انتهاك المحرَّمات، والعيش في أَسْر الشهوات، فهذا لا بد أن يتذكَّر معاصيَه ومخازيَه عند الموت، وتحضر في قلبه ساعة الرحيل، فتميل نفسُه إليها في تلك اللحظة الحرجة التي تُقبَض فيها روحه، فيختم له بالسوء، عياذًا بالله.



فالإنسان عندما يألف المعصية ولم يَتُب منها، فإن الشيطان يستولي على تفكيرِه، حتى في اللحظات الأخيرة من حياته، فإذا أراد أقرباؤه أن يُلقِّنوه الشهادة، ليكون آخر كلامه "لا إله إلا الله"، طغت هذه المعصية على تفكيره، فتكلَّم بما يُفِيد اشتغاله بها، وخانه قلبه ولسانه عند الاحتضار، وخُتِم له بالسوء، عياذًا بالله، وقد قيل لأحدِهم عند الاحتضار قل: "لا إله إلا الله"، فجعل يهذي بالغناء، ويقول: تاتنا... تنتنا، ثم قضى.



وقيل لأحدهم عند الاحتضار قل: "لا إله إلا الله"، فقال: "آه... آه لا أستطيع أن أقولها".



وقيل لأحدهم عند الاحتضار قل: "لا إله إلا الله"، فقال: "ما ينفعني ما تقول، ولم أدَعْ معصية إلا ارتكبتها؟ ثم مات ولم يَقُلها".



وقيل لآخر: قل: "لا إله إلا الله"، فقال: "ما يغني عني، وما أعرف أني صلَّيتُ لله صلاة! ومات ولم يَقُلها"؛ (انظر: الداء والدواء لابن القيم، ص142 - 143).



وها هو شابٌّ كان من العابثين اللاهين، "يقود سيارته بسرعة جنونية في طريق مكة إلى جُدَّة، فحدث له حادث مُروِّع، قال الراوي الذي حضر المشهد: ذهبنا إلى السيارة أنا ومَن معي من الإخوة، فلما اقتربنا من الشاب وجدناه في النزع الأخير من حياته، ووجدنا مسجِّل السيارة مفتوحًا على أغانٍ غربية باطلة، وأغلقنا المسجل، ثم نظرنا إلى الرجل وما يعانيه من سكرات الموت، فقلنا: يا هذا، قل: "لا إله إلا الله"، أتدري أخي بماذا تكلم في آخر رمق في حياته؟ ليته ما نطق، لقد قال كلمة رهيبة عظيمة، قال هذا الرجل: ما بِدِّى أُصلِّي ولا بِدَّي أصوم، ثم سب دين الله - عز وجل - ثم مات"؛ (رسالة عاجلة إلى المسلمين لعبدالحميد عبدالرحمن السحيباني).



وقصة أخرى يحكيها أحد الدعاة مُفَادها:

"أن رجلاً كان يحتضرُ، فذهب أولاده إلى جارهم الصالح، وقالوا: إن أبانا يحتضر ولا نُحسِن التصرف، فجاء هذا الرجل الصالح ووجد الرجل يحتضر، والمسجل مفتوح على الأغاني، فَلامَ الشيخُ الأولاد، وقال لهم: إن أباكم يحتضر والمسجل مفتوح على مزامير الشيطان، فأغلق المسجل، وأخرج شريط الأغاني ووضع شريط قرآن مكانه، فإذا بهذا الرجل يقوم من سكرته، ويقول بصوت مرتفع: مَن الذي أغلق الأغاني؟ أنا لا أحب القرآن.. أنا لا أحب القرآن، ثم مات على هذا".



وها هو رجل ممَّن كان يشرب الخمر، أحس ذات يوم بالقيء، فذهب هذا الرجل إلى الحمَّام يتقيأ، فأدخل هذا الرجل رأسه في قاعدة الحمام الإفرنجي، وظل يتقيأ ويتقيأ، حتى خرجت روحه ورأسه في قاعدة الحمام"، وسبحان الله! كم شاهد الناسُ من هذا عبرًا، والذي يخفى عليهم من أحوال المحتضرين أعظم وأعظم.



يقول ابن القيم - رحمه الله - كما في "الداء والدواء" (ص143):

"فإذا كان العبد في حال حضور ذهنه وقوته، وكمال إدراكه، قد تمكَّن الشيطان منه واستعمله فيما يريده، من معاصي الله، وقد أغفل قلبه عن طاعة الله، وعطل لسانه عن ذكره، وجوارحه عن طاعته، فكيف الظنُّ عند سقوط قُوَاه، واشتغال قلبه ونفسه بما هو فيه من ألَمِ النَّزْع؟ وجمع الشيطان له كلَّ قوته وهمته، وحشد عليه بجميع ما قدر عليه لينال منه، فهي آخر فرصة للشيطان لينال من هذا الإنسان... فأقوى ما يكون عليه الشيطان في ذلك الوقت، وأضعف ما يكون عليه الإنسان في تلك الحال؛ فمن تُرى يسلَم من ذلك؟! فهناك ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم: 27]، فكيف يوفَّق لحسن الخاتمة مَن أغفل قلبه عن ذكر الله، واتبع هواه، وكان أمره فُرطًا، فقلبه بعيد عن مولاه، غافل عنه، متعبد لهواه، أسير شهواته، ولسانه يابس عن ذكره، وجوارحه معطَّلة عن طاعته، مشتغِلة بمعصيته، فبعيدٌ عن هذا أن يوفَّق لحسن الخاتمة".



ذكر محمد أمين مرزا في رسالة له بعنوان "أخي الشاب إلى أين تسير" (ص10 - 12) قصة مُفَادها:

"أن ثلاثةً من الأصدقاء يجمع بينهم الطَّيش والعَبَث والجنون، كانوا يستدرجون الفتيات الساذجات بالكلام المعسول، ثم ينقلبون إلى ذئاب لا ترحم توسُّلاتِهن، يقول الراوي: ذهبنا كالمعتاد للمزرعة، وكان كل شيءٍ جاهزًا، الفريسة لكل واحدٍ منا، والشراب الملعون، شيء واحد نسيناه وهو الطعام، وبعد قليل ذهب أحدنا لشراء العشاء بسيارته، وكانت الساعة السادسة تقريبًا عندما انطلق، ومرَّت الساعات دون أن يعود، وفي العاشرة شعرتُ بالقلق، فانطلقتُ بسيارتي أبحث عنه، في الطريق شاهدتُ بعض ألسنة النار تندلع على جانب الطريق، وعندما وصلت فوجئت بأنها سيارة صديقي، والنار تلتهمُها وهي مقلوبة على أحد جانبيها، أسرعت كالمجنون أحاول إخراجه من السيارة المشتعلة، وذهلت عندما وجدت نصف جسده قد تفحَّم تمامًا، لكنه كان ما يزال على قيد الحياة، فنقلته إلى الأرض، وبعد دقيقة فتح عينيه وأخذ يهذي: النار... النار، فقررتُ أن أحمله بسيارتي وأسرع به إلى المستشفى، ولكنه قال بصوت باكٍ: لا فائدة لن أصل، فخنقتني الدموع وأنا أرى صديقي يموت أمامي، وفوجئت به يصرخ: ماذا أقول له؟! نظرتُ إليه بدهشة وسألته: مَن هو؟ قال بصوت كأنه قادم من بئرٍ عميق: "الله"، أحسستُ بالرعب يجتاح جسدي، وفجأة أطلق صديقي صرخة مدوِّية، ولفظ آخر أنفاسه، ومضت الأيام، لكن صورة صديقي الراحل وهو يصرخ والنار تلتهمه، ماذا أقول له؟ ماذا أقول له؟ ووجدتُ نفسي أتساءل: وأنا، ماذا أقول له؟ فاضت عيني واعترتني رعشة غريبة، وفي نفس الوقت سمعت المؤذِّن ينادي لصلاة الفجر، الله أكبر.. الله أكبر، فأحسستُ أنه نداء خاص بي، يدعوني إلى طريق النور والهداية، فاغتسلت وتوضأت وطهَّرت جسدي من الرذيلة التي غرقت فيها لسنوات، وأديتُ الصلاة، ومن يومِها لم تَفُتْني فريضة".

الشيخ ندا أبو أحمد


الساعة الآن 07:12 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام