منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   الحضارة في الإسلام (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=83)
-   -   كيف نؤدي الحج والعمرة كما ينبغي؟ (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=122193)

نبيل القيسي 09-03-2020 01:42 PM

كيف نؤدي الحج والعمرة كما ينبغي؟
 
خي الحبيب، حتى تخشعَ - بإذن الله تعالى - عند أدائك لمناسك الحج والعمرة؛ ينبغي أنْ تَستحضِر في قلبك هذه المعانيَ الإيمانية؛ حتى تؤدِّي المناسكَ بحبٍّ:

1- وأنت تلبَسُ ملابس الإحرام: تستشعر أنها تُشْبِهُ الكَفَن الذي يرتديه المَوْتى، وَكَأنَّك بهذه الملابس تستعدُّ للقاء الملك - سبحانه وتعالى - فهو نفس الزيّ الذي ستُقابله به عندما تموت؛ فهو زِيٌّ لا جيوبَ له؛ لأنك لن تأخذَ مَعَكَ شيئًا مِن الدنيا إلا عملَك.



2- عندما تجتنِب محظورات الإحرام: تستشعر الاستِسلام والخضوع والانقياد التامَّ لأوامر الملك - جَلَّ جَلالُه - فاللهُ تعالى يقول لك: ممنوع الحَلْق، ممنوع الصَّيْد، ممنوع كذا، وأنت تقول: سمعًا وطاعةً يا رب.



‏3- التلبية لَبَّيْكَ اللهم لَبَّيْكَ : تَستشعِر سرعة الامتِثال لأمر الملك - سبحانه وتعالى - والاستجابة لندائه، فكأنك تقول: تركتُ حياتي كلَّها وأتيتُ، لا أترُكُها لأحدٍ سواك، لَبَّيْكَ في كل طاعة، لَبَّيْكَ في تَرْك كل معصية، لَبَّيْكَ في مُعاهَدةٍ للاستِقامة على طريق الطاعة.



4- وأنت تقول: لَبَّيْكَ لا شريكَ لكَ لَبَّيْكَ: تستشعِر نعمة التوحيد؛ أن اللهَ وَحْدَهُ هو الذي يَرزُق، وأنه وَحْدَهُ الذي يَأمُر، وإلاَّ كُنَّا ضِعنا بينَ إلهٍ يُريد، وإلهٍ لا يُريد، فالحمدُ لله.



5- عند دخولك الحرَم: تذكَّر أن الصلاة في هذا الحرم بـ 100 ألف صلاة، مع أن الصلاة في ليلة القدر بـ 30 ألف صلاة، يعني كأن الحرم ليلة قدْر مُستمِرَّة، فتقول: أحَقًّا يا رب، قد مننتَ عليَّ أنا - العبد العاصي المُذنِب - وأتَيْتَ بي إلى هذا المكان العظيم؛ حتى تُعْطِيَني كل هذه الحسنات؟! يا رب، أنا لا أستحق هذا الكرم.



6- عند رؤية الكعبة: تذكَّر أن هذه هي قِبلة المسلمين في جميع أنحاء العالم، التي يتوجَّه إليها كل مسلم في صلاته، هذه هي الكعبة التي فوقها مُباشَرةً البيت المعمور في السماء السابعة، الذي يطوف حوله الآن سبعون ألف ملَك، ومِن فوقِه عرش الرحمن، الذي يطوف حوله ملائكة الملأ الأعلى.



حتى طيور الحرم تجدها في الغالب: صافَّات يعني لا تُرَفرِف بأجنحتها إلا قليلاً، واللهُ - تعالى - يقول: ﴿ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ﴾ [النور: 41]، يعني: كأنها لا تتوقَّف عن الصلاة في الحرم.



وتذكَّر أن هذا هو المَوْضِع الوحيد على وجه الأرض الذي يُمكنِك أنْ تُشاهِد فيه معنى: ما مِن مَوْضِع أربع أصابع، إلا ورجلٌ ساجد، أو راكع، أو يطوف، أو قارئ، أو داعٍ، أو باكٍ، وهكذا.



وتذكَّر أيضًا أن الواقع قد انقلَب تمامًا، وأصبَح لأمة الإسلام، بنصر الله لها، بعد أنْ كانَ المشركون يُعذِّبون أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا المكان، والآن لا يوجد مُشركٌ واحدٌ في مكة كلِّها؛ بفضل الله - تبارك وتعالى.



7- عندما تَستلِم الحجر الأسود ينبغي أنْ تتذكَّر: لماذا هذا هو أول الشعائر في الحج؟

لأن الحجر الأسود مِن الجنة، وَكَأنَّ اللهَ يُذكِّرُكَ بالهدف الذي أتيتَ مِن أجله، وتركتَ حياتك مِن أجله، وأنفقتَ كل هذه النقود مِن أجله، وبذلتَ كل هذا المجهود مِن أجله، ألاَ وهو الجنة.

فتَذَكُّرُكَ للهدف يُشْعِلُ قلبَك، وَيُتعِبُ جوارحك في طاعة الله تعالى، وتذكَّر أيضًا أن هذا الحجَر كان أبيضَ كالثلج، ولكن سَوَّدَتْهُ ذنوب بني آدم، فاحذر من المعاصي والذنوب؛ لأنها قد تُسَوِّدُ أيَّ شيءٍ في حياتك كما سَوَّدَت هذا الحجر، وتذكَّر أيضًا أنك تُشِير للحجر إذا لم تستطع استلامَه؛ لماذا؟ لأنه من عند الله - تبارك وتعالى - وَكَأنَّك تقول: أمنيتي يا رب أنْ أصلَ إليك.



8- الطواف: وأنتَ تطوف تَستشعِر المعنى الإيماني للطواف، وهو: استرضاء الله - سبحانه وتعالى - وكأنك تقول: كيف أُرضيك يا رب؟ افتح لي أيَّ باب يُوصِّلني إليك، أنا مُنتظِرٌ أيَّ رحمة أو نفحة تَمُنُّ عليَّ بها؛ فالطواف علامة شوق للوصول إلى الله، والنظر إلى وجههِ الكريم: كيف أستطيع الوصول إليك يا رب؟



• وتستشعِر كذلك أن الملائكة تَطوف حول العرش كما تطوف أنت الآن، وأن الكون كلَّه يَطوف في نفس اتِّجاه الطواف حول الكعبة، فالإلكترون يدور حول النواة في الذرَّة، والقمر يدور حول الأرض، والأرض تدور حول الشمس، والمجموعة الشمسية حول مركز المجرَّة، كل هذا يَدور عكس عقارب الساعة، يَعني في نفس اتِّجاه الطواف، وَكَأنَّ الكونَ كلَّه يَطوفُ لله.



9- السَّعْي: تَستشعِر قوْلَ اللهِ تعالى: ﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ﴾ [يس: 38] يعني: تجري إلى المكان الذي ستَسجُد فيه تحت عرش الملك العظيم - سبحانه وتعالى.



ثم تذكَّر، لماذا يكون السَّعْي بعد الطواف؟

لأنك في الطواف كنتَ تقول: كيف أصِلُ إليك يا رب؟ فكأنَّ اللهَ يقول لك: لا بدَّ أنْ تسعى وتُجاهد حتى تَصل إليَّ، فلن تصل إلى الجنة، ولا إلى رِضا الملك - سبحانه وتعالى - دونَ سعيٍ ومُجاهَدة، لن يُفتَحَ عليك في الدنيا بدون سَعْي؛ قال تعالى: ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 142].



لا بدَّ أنْ تتعبَ لله، وأنْ تَستشعِر لذَّة التعب لِمَن تُحبُّ، وأنْ تستشعِر أيضًا أن الله يَراك وأنت تتعب في تنفيذ أوامره؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ﴾ [الشعراء: 218]، وقال أيضًا: ﴿ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [سبأ: 11]، وكذلك تستشعِر أن الله - تعالى - سيُجازيكَ على هذا التعب ويُكافِئك عليه، قال تعالى: ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 110]، وقال أيضًا: ﴿ إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الإنسان: 22].



وتُلاحظ - أخي الحبيب - أنك تُهَرْولُ في مكانٍ معيَّن في المَسْعَى، فتجري فيه بشدة، ما معنى هذا؟

معناه: ابذل كل طاقَتِك حتى تَصل إلى الله، ليفتحَ عليك وتنالَ رضاه.



وتذكَّر، وأنت تذهَب إلى المروة شوطًا، ثم تعود إلى الصَّفا وهكذا سبع مرات، وَكَأنَّك تقول:

يا رب، أنا لن أتركَ بابًا يوصلني إليك، بل ولن أقف عليه مرةً أو مرَّتَين وفقط، ولكن سأظلُّ أقف عليه، وأذهب وأجيء إليه حتى تَفتحَ لِي بابك، لن أيئَس يا رب حتى ترضى.



10- زمزم: هذه البئر العظيمة، التي يصل عمرها إلى آلاف السنين، وإلى الآن ما زالت تَروينا، ويَحمِلُ الناس أطنانًا منها إلى باقي البلاد، ولم تجفَّ، مع أن كل الآبار التي قبلها قد جَفَّتْ تمامًا، مُعجِزة.



11- الوقوف بعرفة: هذا اليوم العظيم، الزحام شديد، الناس يُلَبُّونَ بجميع اللغات، اللهُ - تعالى - يتنزَّل؛ يغفرُ الذنوب، يُجيب الدعاء، يعتِق مِن النار، يمنح العطاءات والرحمات.



• سبحانَ الله العظيم، يوم عرفة هذا يُعلِّمنا أننا أمة واحدة، قوية، مُتماسِكة، فلماذا التمزُّق والتفرُّق والاختلاف بعد الحج؟

أخي الحبيب، تقولُ في الحَجِّ: لَبَّيْكَ، ثم ماذا؟ لا بد أنْ تظل طوال حياتك تقول: لَبَّيْكَ، لا يَصِحُّ أنْ تقولها في الحج ثم تعودُ من الحج لِتقول: سمعنا وعصَينا، لا بد أنْ تعود من عرفات إنسانًا جديدًا، إنسانًا طاهرًا كيومَ ولدتْك أمُّك، تلتزم قول الله تعالى: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ﴾ [هود: 112]، فتُجدِّد التوبة وتستقيم على الطاعة قدر ما تَستطيع؛ كما قال تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16].



12- المزدلفة: يأتي معناها مِن الزُّلفة؛ أي: القُربَة؛ يعني: كأنه المكان الذي نَقف فيه لنتقربَ إلى الله، سبحان الله، تجد في هذا المكان ملايين الناس يَرتدون ملابس الكفن البيضاء، ويَستيقِظون مِن النوم معًا، وتجدهم واقفين في التراب معًا، وَكَأنَّ المشهد قريبٌ مِن منظر البعث، وَكَأنَّ الحَجَّ يُرَبِّينا على الاستعداد للدار الآخِرة.



13- رَمْي الجمرات: تلاحظ عند رَمْي الجمرات أنك ترمي في أول يوم 7 جمرات، ثم ترمي في اليوم الثاني 21 جمرة، وفي الثالث 21 جمرة، وفي الرابع 21 جمرة، فيكون المجموع كله 70 جمرة، يعني ما يَقرُب مِن عدد شُعَب الإيمان، وَكَأنَّك ترجم الشيطان على كل شعبةٍ يقف لك عليها حتى يُحبِطَكَ، وَيَشغلكَ عنها، فكأنك ساعَتَها تقول: يا رب، إنني سأجاهد الشيطان، وسأُحاربه في كل شعبة، يا رب، سأدخل كل الشُّعَب بإذنك وفضلك ومعونتك، لن أجعل شيئًا يُعطِّلني أو يَمنعني من الوصول إليك، سأتحمَّل يا رب ولن أتكاسَل بعد اليوم.



14- الهَدْي والأُضحِيَّة: تُعلِّمنا التضحية لله، أضحِّي بمَحبوباتي وشهواتي مِن أجلك يا رب، أضحي بروحي من أجلِك يا رب؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ﴾ [التوبة: 111].



15- طواف الوداع: مَن مِنَّا يستطيع أنْ يتحمَّل قلبُه هذا الوداع؟ أحَقًّا سأترك كل هذا الثواب، وكل هذه النفحات والرحمات وأرحل؟! أحقًّا سأُودِّع هذا البيت العظيم الذي فيه الصلاة بـ 100 ألف صلاة، مِن أين سأحصل على هذه الحسنات مرة أخرى؟! يا رب، لا تَحرِمني العَوْدة إلى هذا المكان العظيم مرةً أخرى.



16- وأنتَ تقف أمام قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا لقاء حقيقي بينك وبين النبيِّ الكريم، صاحب الخلُق العظيم، النبي الخاتَم، الذي نقرأ سيرته العَطِرة ولم نَرَهُ بأعيننا، لقاء كُلُّهُ حُبٌّ وَشَوْق، لقاءٌ فيهِ خجل رهيب من التقصير في اتباع سُنَّته - صلى الله عليه وسلم - بعد أنْ أفنى عُمرَهُ، وَضَحَّى بروحِهِ، حتى يصلَ إليك هذا الدين العظيم، بعد أنْ تورَّمت قدماهُ في عبادة ربه، أين أنت من هذا؟ هل ترغبُ بنفسك عن نفسِه؟! قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لكل نبيٍّ دعوة مستجابة، فتعجَّلَ كُلُّ نبيٍّ دَعْوَتَه، وإني خبأتُ دَعْوَتِي شفاعةً لأمتي يوم القيامة، فهي نائِلةٌ - إنْ شاءَ اللهُ - مَن ماتَ من أمتي لا يشركُ باللهِ شيئًا))؛ صحيح الجامع حديث رقم: (5176)، باللهِ عليك، ألاَ يستحقُ منك هذا النبيُّ العظيم، الذي آثرَكَ على نفسِه، أنْ تُحِبَّهُ أكثر مِن ولدك ومالك والناس أجمعين؟!



وفي الخِتام أيها الأحبة، فهذا مُلَخَّص سريع لما سبق، على هيئة جدول كالآتي:

م

الأقوال والأفعال في الحج

المعنى الإيماني لها في قلبك

1

وأنت تلبس ملابس الإحرام، التي ليس لها جيوب مثل الكفن تمامًا

تستشعِر أنك تتشبه بالموتى في زِيِّهِم، وأنك لن تأخذَ مَعَكَ شيئًا من الدنيا إلا عملك، فتستعد للقاء اللهِ تعالى بالتوبة.

2

عند اجتنابك لمحظورات الإحرام

تستَشعِر الاستسلام التامَّ لأوامر الملك - جَلَّ جلالُه.

3

التلبية: لَبَّيْكَ اللهم لَبَّيْكَ

سرعة الامتثال لأمر المَلِك والاستجابة لندائه.

4

وأنت تقول: لا شريكَ لكَ لَبَّيْكَ

تَستشْعر نعمة التوحيد؛ أنَّ اللهَ وَحْدَهُ هو الذي له الخَلْق والأمر والرزق والتدبير.

5

الحرم الذي فيه الصلاة بمائة ألف صلاة

يا رب، أنا لا أستحق هذا الكرم بعد كل هذه الذنوب منِّي.

6

عند رؤية الكعبة

تذكَّر أن هذه هي قِبلة المسلمين في جميع أنحاء العالم.

7

الحجر الأسود من الجنة

لتتذكَّر أن الهدف الذي أتيتَ مِن أجله هو الجنة.

8

الطواف

استرضاء الله - سبحانه وتعالى - والشوق إلى لقائه.

9

السَعْي

لا بد أنْ تسعى وتتعب وتجاهد نفسك حتى تصلَ إلى الله.

10

المزدلفة

المكان الذي نَقف فيه لنتقربَ إلى الله، ونتذكر البعث.

11

رَمْي الجمرات

تستشعِر أنك تُجاهِد الشيطان وتحاربه في كل شُعبة من شُعَب الإيمان، وتجدِّد العهد مع الله.

12

الهدْي والأضحِيَّة

تُعلِّمك التضحية بمحبوباتك وشهواتك من أجل الله.
كيف نؤدي الحج والعمرة كما ينبغي؟
رامي حنفي محمود


الساعة الآن 04:05 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام