منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   أعلام وعلماء وقادة (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=37)
-   -   صقر قريش ( عبدالرحمن الداخل ) (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=122427)

محمد المغني 27-03-2020 11:22 AM

صقر قريش ( عبدالرحمن الداخل )
 
صقر قريش (عبدالرحمن الداخل ) من أمير مطارد إلى تأسيس دولة من أقوى دول الإسلام


كيف استطاع عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبدالملك بن مروان بن الحكم أن ينجو بنفسه من المذبحة التي أقامتها الدولة العباسية لكي تقضي علي من تبقي من أمراء بني أمية ؟
وكيف كانت رحلة هروبه من دمشق في سوريا إلى أقصى بلاد المسلمين في المغرب ثم إلى الأندلس ؟
وكيف استطاع أن ينقذ الأندلس من السقوط في أيدي النصارى وتوحيد صف المسلمين هناك لوحده ؟
وما سر تسميته صقر قريش ؟
كل هذه التساؤلات نحاول أن نجيب عنها في هذا البحث




في عام 132 هجرية أفلت دولة الأمويين في المشرق كما تأفل الشمس عند مغيبها مهيبة حزينة دامعة، وتخضب أفق زوالها بدماء الكثير من أمرائها ورجالها الذين أعمل فيهم العباسيون السيف قتلاً وذبحًا، واستباحوا أموالهم وممتلكاتهم كما استباحوا دماءهم.

وسيطر العباسيون على زمام الأمور في المشرق، ومضوا يتعقبون الأمويين في كل مكان، حتى أفنوا عددًا كبيرًا منهم، وتفرق من بقي أو كُتبت له النجاة في أنحاء البلاد ، وأعيت العباسيين الحيلة في طلبهم أو الوصول إليهم، لاستئصالهمِ وإبادتهم حتى لا تقوم لهم قائمة بعد ذلك.



ماذا فعل العباسيون ؟
تظاهر العباسيون بالندم وذلك بعد القتل الشنيع الذي أحدثوه في بني أميه من قتل وذبح وتنكيل بهم حتى أفنوا معظمهم وذلك لبث الثقة والأمن في نفوس الأمويين الفارين، وأعلن الخليفة ( عبد الله السفاح ) أنه يفتح صفحة جديدة للصفح عن الأمويين، وكتب كتابًا يتعهد فيه بالأمان للأمويين، ويدعو رجاله وأعوانه إلى عدم التعرض لهم بمكروه، و استأمن الخليفة بذلك الكتاب عددًا من أمراء البيت الأموي.



وأخذ العباسيون يقربون الأمويين وينز يلونهم في معسكر ( صالح ) بالقرب من نهر ( أبي فطرس ) وخدعهم بالوعود الكاذبة، والمواثيق الخادعة.



وصدّق الأمويون وعود العباسيين، وخدعتهم تلك الحيلة، وغرهم منهم ذلك اللين الزائف وتلك المودة المصطنعة، فأقبلوا عليهم يسلمون إليهم رقابهم، وهم لا يدرون أنهم إنما يساقون إلى الذبح، ولا يشعرون أن العباسيين قد أعدوا العدة لقتلهم و إبادتهم جميعًا.



مقتل يحيى بن معاوية
وكان (يحيى بن معاوية بن هشام) شقيق (عبد الرحمن الداخل) فيمن فرّ من بني أمية، وعندما بلغته دعوة العباسيين ساورته الظنون في صدق نواياهم، فلم يتعجل بالرجوع وتسليم نفسه إليهم، وسرعان ما صدقت ظنونه وكشف العباسيون عن حقيقة نواياهم فقتلوا جميع من لجأ إليهم من الأمويين، وعندئذ قرر ( يحيى ) الفرار والنجاة ، ولكن العباسيين اكتشفوا مكانه، وأدركوهُ قبل أن يتمكن من الهرب وقتلوه.

ماذا فعل عبد الرحمن بن معاوية عندما علم بمقتل أخيه يحيى ؟
وعندما علم ( عبد الرحمن الداخل ) بمقتل أخيه فلم يجد أمامه غير الهرب، فعزم على الفرار إلى إفريقية لبعدها عن مقر الخلافة، وصعوبة وصول أنصار الخليفة إليها، خاصة بعدما بدأ سلطان العباسيين يتقلص عن تلك البلاد في ظل اشتعال الصراع بين قبائل العرب المضرية واليمنية حول أمور الحكم فيها، وشجعه على ذلك أن كثيرًا من أمراء بني أمية سبقوه في الفرار إليها.

كيف استطاع الهرب ؟ وماذا حدث لأخيه هشام ؟

خرج ( عبد الرحمن ) مع أخ له صغير السن لم يتجاوز الثالثة عشرة (هشام بن معاوية ) وبعض أهله، واتجه إلى رجل من معارفه فطلب منه أن يشتري له عددًا من الدواب، ويهيئ له ما يتزود به في سفره ، ولكن بعض عيون العباسيين دلوا عليه ، فانطلقوا في إثره ؛ فخرج حتى وصل إلى شاطئ الفرات، فأحاطتَ به خيول العباسيين، فألقى بنفسه في الماء ومعه أخوه، وانطلقا يسبحان نحو الشاطئ الآخر، وكان الشاطئ بعيدًا، فأخذ عبد الرحمن يسبح بقوة وحماس وكان يجيد السباحة، بينما بلغ أخاه التعب وهو في منتصف النهر، وخشي الغرق، ففتُرت عزيمته، وخارت قواه، وأراد العودة إلى الشاطئ، وهم يخدعونه وينادونه بالأمان، فراح عبد الرحمن يناديه ويحثه على السباحة، ويحذره من غدر العباسيين وخداعهم، إلا أنه كان قد بلغ من التعب والإجهاد ما جعله يغتر بإيمانهم ويؤمل في عهودهم، فرجع إليهم، وما كاد يصل إليهم وتتلقاه أيديهم، حتى أحاطوا به بعد أن تمكنوا منه، وضربوا عنقه أمام أخيه، وهو ينظر إليه، ولا يملك له شيئًا.



وظلت تلك الصورة الدامية لمصرع أخيه محفورة في ذهنه، ماثلة أمام عينيه، وكأنها مطبوعة على مقلتيه، تلهب حماسة للثأر من العباسيين والانتقام لأخيه الصغير الذي ذبحوه أمام عينيه.

وصوله إلى افريقية ( تونس حاليا )
وصل ( عبد الرحمن الداخل ) إلى إفريقية بعد عناء شديد، وما لبث أن لحق به مولاه ( بدر الرومي ) ومولاه ( سالم )، ومعهم كثير من أمواله التي تركها هناك.



ولم تكن الأمور في ( إفريقيةُ ) بأقل سوءًا مما تركها في المشرق، فقد صار ( عبد الرحمن بن حبيب الفهري ) والي إفريقية يسوم الأمويين الفارين إلى بلاده قتلاً وذبحًا، يستحل دماءهم وينهب أموالهم، بعد أن كان حليفًا لهم بالأمس القريب وذلك خوف منه علي ملكه أن يطلبوه بحكم افريقيه لان افريقية كانت ولاية أموية تابعة لهم أيضا أراد أن يكسب ود خلفاء بني العباس حتى يقروهُ على حكم افريقيةُ وكان أشدهم خطرا عليه هو عبدالرحمن بن معاوية لأنه الامير الأقرب نسبا بيت الخلافة الأموي وهو الأحق اذا اجتمع عليه الناس لذلك كان الفهري يطلبه طلبا حثيثا كي يقتله

ذهاب عبدالرحمن الي المغرب عند أخواله من البربر
ونزل ( عبد الرحمن الداخل ) على أخواله ( بني نقرة ) من بربر طرابلس وعندما علم ( عبد الرحمن بن حبيب ) ذلك أخذ يتحين الفرصة لقتله، ويحتال لاستدراجه، كما فعل بغيره من أبناء عمومته.



وأدرك ( عبد الرحمن الداخل ) ما يدبره له؛ فخرج إلى مكناسة، ونزل على قوم من قبيلة زناته البربرية؛ فأحسنوا استقباله وناصروه، ولكن ( عبد الرحمن بن حبيب ) لم يكف عن طلبه وتتبعه، فهرب إلى ( برقة ) ، وظل مستخفيًا بها مدة طويلة، استطاع خلالها الاتصال بعدد كبير من قبائل البربر، واستجار ببني رستم ملوك تيهرت، وراح يجمع حوله أشتات الأمويين الذين فروا من اضطهاد العباسيين، وأمراء البيت المرواني الذين نجوا من الذبح.

الطريق إلى الأندلس
وكان ( عبد الرحمن الداخل) طوال تلك المدة يراقب الأمور من حوله بوعي وحذر، ويدرس أحوال الأندلس بعناية يتحين الفرصة المناسبة للعبور إليها.

واستطاع ( عبد الرحمن ) بمساعدة مولاه ( بدر ) الاتصال بعدد كبير من الموالين للأسرة المروانية وأنصار الأمويين في الأندلس ، وراح يوثق علاقاته بكل خصوم العباسيين في تلك البلاد؛ فالتف حوله عدد كبير من المؤيدين، واستطاع كسب المزيد من الأنصار خاصة من جماعات البربر، الذين وجدوا فيه الأمل لاستعادة نفوذهم، وعقدوا عليه الرجاء في التخلص من الأوضاع المتردية التي صاروا إليها.

وتجمع حول ( عبد الرحمن الداخل ) أكثر من ثلاثة آلاف فارس، كلهم يدين له بالولاء، ويوطن نفسه على أن يقتل دونه.

وتقدم ( عبد الرحمن ) نحو ( قرطبة ) حاضرة الأندلس وعاصمتها، واستعد له واليها ( يوسف بن عبد الرحمن الفهري)، فيمن تمكن من حشدهُ من قوات.

بداية التجهيز للحرب
وكان ( يوسف الفهري ) كبير السن ضعيف البنية، فكان جل اعتماده على ( الصُّمَيل بن حاتم ) الذي قرر أن يستعين بأهل السوق للاشتراك في القتال، فخرجوا يحملون العصي والسيوف، وخرج الجزارون ومعهم سكاكينهم وأرباب الحرف بآلاتهم.



وأصبح ( الصُّمَيل بن حاتم ) هو القائد الأعلى لقوات ( يوسف الفهري ) وموضع ثقته، ومحل مشورته. وسعي ( الصُّمَيل بن حاتم ) إلى المكر والخداع، ورأى في صغر سن (عبد الرحمن الداخل ) وقرب عهده بزوال ملك آبائه ما يغريه بالرضا بالأمان والقناعة بالنعمة ورغد العيش بدلاً من حياة الأخطار والصعاب التي يواجهها، فأشار على ( يوسف الفهري ) أن يغري ( عبد الرحمن ) بالزواج من ابنته ويجعله واحدًا من قواده ليأمن جانبه ويتقي خطرة، ولكن فشلت تلك الحيلة، ولم يعد هناك من سبيل غير الحرب.

الانتصار العظيم وميلاد دولة الأمويين في الأندلس ( معركة المصارة 138 هجرية )
والتقى الفريقان بالقرب من ( قرطبة ) ، وبالرغم من صغر سن ( عبد الرحمن الداخل ) الذي لم يتجاوز السادسة والعشرين من عمره، فإنه أبدى من صنوف المهارة والفروسية والقيادة ما جعله يتمكن من إحراز انتصار حاسم والتغلب على قوات (عبد الرحمن الفهري) وإلحاق هزيمة منكرة بجيشه.



ودخل ( عبد الرحمن ) ( قرطبة ) فصلّى بالناس، وخطب فيهم، فكان ذلك بمثابة إعلان ميلاد الدولة الأموية في الأندلس، وبويع له بالخلافة في (10 من ذي الحجة 138هـ= 18 من مايو 756م)، ليصبح أول أموي يدخل الأندلس حاكمًا، ويطلق عليه ذلك اللقب الذي عُرف به ( عبد الرحمن الداخل ) ، مؤسس تلك الدولة الفتية التي أصبحت حضارتها منبعًا لحضارة أوروبا الحديثة، وظلت منارًا للعلم والمدنية عبر قرون طويلة من الزمان.



وقد سمي عبدالرحمن بن معاويه ب عبدالرحمن الداخل وذلك لأنه أول أمير من بني أمية يدخل إلى الأندلس حاكما فهي كانت قبل ذلك ولايه تابعه لهم يولي عليها ولاة تابعين للدولة الأموية



ما هو سر تسميته صقر قريش؟
أما عن سبب تسميته صقر قريش فإن من أطلق عليه هذا اللقب هو ( أبو جعفر المنصور ) ثاني خلفاء بني العباس وذلك بعد أن حاول ان يهزمه في أكثر من مرة حتى يلحق الأندلس بحكم الدولة العباسية ولكن كانت كل محاولاته تبوء بالفشل أمام قوة وحنكة وذكاء عبدالرحمن بن معاوية مما جعله معجب به آعجاب الاضطرار ومما فعله في تلك الدولة وتأسيسها بعد أن أوشك على الخراب والسقوط قبل أن يدخلها عبدالرحمن الداخل .



فقد ذكر أن أبا جعفر المنصور قال يوما لبعض جلسائه : من صقر قريش من الملوك ؟

قالوا : ذاك أمير المؤمنين الذي راض الملوك وسكن الزلازل ، وأباد الأعداء وحسم الأدواء.

قال : ما قلتم شيئا !!!

قالوا : فمعاويه ( معاوية بن أبي سفيان ) ؟ قال : لا

قالوا : فعبد الملك بن مروان ؟ قال ما قلتم شيئا

قالوا : يا أمير المؤمنين فمن هو ؟



قال : صقر قريش هو عبدالرحمن بن معاويه ، الذي عبر البحر ، وقطع القفر ودخل بلداً أعجميًّا منفردا بنفسه ، فمصر الامصار ، وجند الاجناد ، ودون الدواوين ، وأقام ملكا عظيما بعد أنقطاعه بحسن تدبيره ، وشدة شكيمته ، إن معاوية نهض بمركب حمله عليه عمر وعثمان ، وذللا له صعبه ، وعبدالملك ببيعة أُبْرِمَ عقدها ، وأمير المؤمنين ( يقصد نفسه ) بطلب عترته ، واجتماع شيعته ، وعبدالرحمن منفرد بنفسه ، مؤيد برأيه ، مستصحب لعزمه ، وطد الخلافة بالأندلس ، وافتتح الثغور ، وقتل المارقين ، وأذل الجبابرة الثائرين

محمد المغني 27-03-2020 11:27 AM

رد: صقر قريش ( عبدالرحمن الداخل )
 
للمزيد يمكن زيارة موقع المعرفة والتاريخ


الساعة الآن 11:01 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام