منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   الشريعة و الحياة (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=99)
-   -   من أيام الله ووظائفنا تجاهها في ظلال سورة إبراهيم.......... (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=122436)

نبيل القيسي 28-03-2020 07:25 AM

من أيام الله ووظائفنا تجاهها في ظلال سورة إبراهيم..........
 
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:



فقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ [إبراهيم: 5].



قال الطبري رحمه الله: وعِظهم بما سلف في الأيام الماضية لهم؛ أي: بما كان في أيام الله من النعمة والمحنة.



أيها الإخوة المؤمنون، إن الصبر والشكر أصل الأعمال الصالحة، وعاقبتها النجاة، وإن الكفر والظلم أصل الأعمال السيئة، وعاقبتها الهلاك، والأيام التي تمر بكل إنسان خمسة، وقد بينت سورة إبراهيم حال الناس في تلك الأيام؛ كما بيَّنت ما يختص بكل يوم من تلك الأيام، والواجب على الأنسان من وظائف وأعمال في تلك الأيام:

اليوم الأول: اليوم الماضي من عمر الأمم، أو من عمر الانسان "اليوم المفقود".

اليوم الثاني: اليوم الحاضر الذي يعيشه الإنسان، وتُعدُّ عليه أنفاسه فيه عدًّا "اليوم المشهود".

اليوم الثالث: عندما يأتي الموتُ أحدَنا ويعاين ملائكة الرحمن "اليوم المورود".

اليوم الرابع: عند البعث، والحشر، يوم القيامة "اليوم الموعود".

اليوم الخامس: المصير، عقبى الدار، يوم الخلود إما جنة - ونسأل الله من فضله - وإما نار - ونعوذ بالله من غضبه "اليوم الممدود".



أما اليوم الأول، فاليوم الماضي من عمر الأمم، أو من عمر الإنسان "اليوم المفقود".

تحدثنا سورة إبراهيم عند الأمم الماضية، وكيف استقبلوا دعوة الأنبياء لهم إلى توحيد الله وعبادته؛ يقول تعالى: ﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ * قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ﴾ [إبراهيم: 9، 10].



ما هي وظيفة الانسان تجاه تلك الأيام؟

الناس فريقان: صَبَّارٍ شَكُورٍ، ظَلُومٌ كَفَّارٌ، أما الصابرون الشاكرون، فيعتبرون بما كان حصل للأمم السابقة، فيجتنبون ما وقعوا فيه من شرك وظلم، ويستغفرون الله من كل ذنب؛ خشية أن ينزل بهم عقاب الله، فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: (ما رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قطُّ مُسْتَجْمِعًا ضاحكًا، حتى أرى منه لَهَوَاتِه، إنما كان يَتَبَسَّمُ، وكان إذا رأى غَيْمًا أو رِيحًا عُرِفَ ذلك في وجههِ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، الناسُ إذا رأوْا الغَيْمَ فرحوا رجاءَ أن يكونَ فيه المطرُ، وأَراك إذا رأيتَه عُرِفَتْ في وجهِك الكراهيةُ، فقال: يا عائشةُ، ما يُؤْمِنُني أن يكونَ فيه عذابٌ؟ قد عُذِّبَ قومٌ بالريحِ، وقد رأى قومٌ العذابَ قالوا هذا عارض ممطرنا)؛ صحيح أبي داود.



كما أن قصص القرآن عن الأمم الماضية فيه إعجاز تاريخي يجعل الباحثين عن الحق يشهدون بصدق القرآن، وهكذا يقص القرآن علينا قصص السابقين بكل دقة وصدق وحق، ليعلم الباحث عن الحق أن القرآن كلام الله.



يقص علينا سبحانه قصة السيدة مريم، فيقول تعالى مخاطبًا حبيبه صلى الله عليه وسلم: ﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾ [آل عمران: 44].



فالمؤمن يزاد إيمانًا، ويعتبر بقصص السابقين، أما الظلوم الكفار فلا يزداد إلا عنادًا: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ﴾ [إبراهيم: 13].



اليوم الثاني: اليوم الحاضر الذي يعيشه الإنسان، وتُعدُّ عليه أنفاسه فيه عدًّا "اليوم المشهود".



تعلمنا سورة إبراهيم أن هناك وظائفَ في هذا اليوم، في كل ساعة ولحظة.

أولًا: العبادات: وهي تشمل جميع الوظائف التالية؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ ﴾ [إبراهيم: 31]، في كل يوم يأتي على الإنسان، فإن لله تعالى حق على عباده، كما أشارت الآية الكريمة إلى التوحيد والإيمان، حق الله على العباد، وما يقتضيه ذلك من إقامة الصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وأول ما يسأل عنه العبد من حقوق الله، وهي أحب الأعمال إلى الله، وغيرها من العبادات والقربات، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة.



وللعباد حق على المسلم، فعل الخيرات، والصلة، وكف الأذى، وقد أشارت الآية إلى شيء من تلك الحقوق، ألا وهو الإنفاق والإحسان الى الفقراء، وللنفس حق على الإنسان، أن يسعى في نجاتها من النار، بمجاهدتها لتستقيم على طاعة الله، مزكيًا لها، من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال؛ أي: لا يقبل من أحد فدية بأن تباع نفسه"، وقال قتادة: إن الله قد علم أن في الدنيا بيوعًا وخلالًا يتخالون بها في الدنيا، فينظر رجل من يخالل وعلام صاحب، فإن كان لله فليداوم، وإن كان لغير الله فسيقطع عنه؛ تفسير ابن كثير رحمه الله.



وكما قال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6].



ثانيًا: شكر الله على النعم الحادثة، والنعم القديمة:

يعلمنا سيدنا إبراهيم كيف نثني على الله ونشكره عندما يحدث لنا نعمة؛ فيقول: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [إبراهيم: 39].



فهنا ربط سيدنا إبراهيم في دعائه بين الشكر على نعمة الولد، وبين المسؤولية عن تربية الأبناء، وتعليمهم الصلاة وكل ما يقربهم من الله، فليس الهدف من الأولاد التفاخر والتكاثر؛ وإلا كانوا وبالًا على الإنسان عياذًا بالله إن شغلوه عن ذكر الله؛ فالولد الصالح هو الذي يدعو لوالديه، ويستعد للقاء الله: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ﴾ [إبراهيم: 41].



وكل صبار شكور لا ينسى شكر الله على النعم القديمة، كما دعا موسى قومه مذكرًا إياهم بنعم الله، في يوم من أيام الله، عندما أنجاهم وأغرق عدوهم، فالواجب أن تؤمنوا بالله وتشكروه فلا تكفروه: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ * وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ * وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 6 - 8].



تحذِّرنا سورة إبراهيم من تبديل نعمة الله كفرًا، فما وصف من بدل نعمة الله كفرًا، كل من استخدم نعم الله في معصية الله، ومحاربة دينه، كما ذكر الإمام الطبري عن علي رضي الله عنه سئل فيمن نزلت تلك الآية، قال: هم كفَّار قريش: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ * وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ﴾ [إبراهيم: 28 - 30].



ثالثًا: الصبر على البلاء:

قال تعالى واصفا حال الأنبياء، ومن اقتدى بهم: ﴿ وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [إبراهيم: 12].



رابعًا: الصبر عن المعاصي باجتنابها:

بتحقيق دعوة الأنبياء إلى التوحيد مستعينين بالله تعالى، مستحضرين عظمته جل وعلا: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 35، 36].



خامسًا: ومن وظائف يومنا الحاضر، التفكر في آلاء الله؛ بالنظر في الكون المنظور، والكتاب المسطور، نظر المعتبر، الشاكر: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم: 32، 34].



اليوم الثالث: عندما يأتي الموتُ أحدَنا ويعاين ملائكة الرحمن "اليوم المورود":

من اعتبر بقصص السابقين، وحقق وظائف يومه وليلته، فإنه يسعد ساعة الموت، حيث يتداركه الله بعنايته، ويثبته على الحق، فيحب لقاء الله فيحب الله لقاءه، ومن ليس كذلك فلا يلومن إلا نفسه:

قال تعالى: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم: 27].



قال ابن عباس: هو لا إله إلا الله، وروى النسائي عن البراء قال: قال: "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة"، نزلت في عذاب القبر؛ يقال: من ربك؟ فيقول: ربي الله وديني دين محمد، فذلك قوله: "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة"؛ تفسير بن جرير الطبري رحمه الله.



اليوم الرابع: عند البعث، والحشر، والموازين، وتطاير الصحف، يوم القيامة "اليوم الموعود":

الناس في هذا اليوم فريقان:

سعداء وهم المؤمنون الطائعون، وأشقياء وهم الكافرون الظالمون؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ * وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ ﴾ [إبراهيم: 42، 44].



وفي مشهد آخر من مشاهد هذا اليوم؛ ليحذر الإنسان من الركون الى الكافرين المستكبرين يقول تعالى: ﴿ وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ﴾ [إبراهيم: 21].



فمن كان في الدنيا - زمن التكليف - صبارًا شكورًا، نفعه ذلك يوم القيامة، فاليـوم عمل ولا حساب، وغدًا حساب ولا عمل، اليوم مثقال الذر من العمل ينفع، وغدًا لا ينفعه شيء ولو أن له ما في الأرض جميعًا إن كان في الدنيا ظلومًا كفارًا.



في مشهد آخر - حتى يحذر الإنسان من طاعة الشيطان - حين يتبرأ الشيطان ممن عبدوه من دون الله، وغرتهم الأماني: ﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 22].



اليوم الخامس: المصير إما جنة ـ ونسأل الله من فضله ـ أو نار ـ ونعوذ بالله من غضبه "اليوم الممدود":

يا له من يوم عندما ينادى أهل الجنة نداء الخلود، وعندما ينادى أهل النار عياذًا بالله: (يُؤْتَى بالمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أمْلَحَ، فيُنادِي مُنادٍ: يا أهْلَ الجَنَّةِ، فَيَشْرَئِبُّونَ ويَنْظُرُونَ، فيَقولُ: هلْ تَعْرِفُونَ هذا؟ فيَقولونَ: نَعَمْ، هذا المَوْتُ، وكُلُّهُمْ قدْ رَآهُ، ثُمَّ يُنادِي: يا أهْلَ النَّارِ، فَيَشْرَئِبُّونَ ويَنْظُرُونَ، فيَقولُ: وهلْ تَعْرِفُونَ هذا؟ فيَقولونَ: نَعَمْ، هذا المَوْتُ، وكُلُّهُمْ قدْ رَآهُ، فيُذْبَحُ ثُمَّ يقولُ: يا أهْلَ الجَنَّةِ خُلُودٌ فلا مَوْتَ، ويا أهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فلا مَوْتَ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ ﴾ [مريم: 39]، وهَؤُلاءِ في غَفْلَةٍ أهْلُ الدُّنْيا: ﴿ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ [مريم: 39]؛ رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، صحيح البخاري.



قال تعالى: ﴿ وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ﴾ [إبراهيم: 23].



اللهم إنا نسألك رضوانك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أحمد رضوان محمد وزيري


الساعة الآن 07:00 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام