منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   الحضارة في الإسلام (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=83)
-   -   من حكم الصيام ومقاصده>>>>>>>> (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=122855)

نبيل القيسي 02-05-2020 03:45 PM

من حكم الصيام ومقاصده>>>>>>>>
 
ممَّا لا شكَّ فيه - عند كلِّ مسلم - أنَّ الله عزَّ وجل لم يشرع شيئًا إلا لحكمة علِمها من علِمها، وجهِلها مَن جهِلها، وأنَّ تشريعَ الصيام كان لحكمٍ كثيرةٍ وجليلة، بايَنَ بها الصِّيام سائر العبادات، ومن هذه الحِكَم:

1- تزكية النَّفس، وتدريبها على كمال العُبودية لله تعالى، بالامتثال لأوامره، والاتِّقاء لمحارمه.



2- تربية الإرادة والإخلاص في الإنسان، وجهاد النَّفس، وتعويدها على الصَّبر وتحمُّل المشاقِّ في سبيل الله، وعلى الاستسلام لأمره وحُكمه، ومُراقبتِه سبحانه في السِّر والعلن.



ولهذا جاء في الحديث النَّبوي القُدسي: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ،...»[1].



قال الإمام أبو عبدالله القرطبي رحمه الله:

"وإنما خصَّ الصَّوم بأنه له وإن كانت العبادات كلها له لأمرين بايَن الصَّوم بهما سائر العبادات:

أحدهما: أنَّ الصوم يمنعُ من ملاذِ النَّفس وشهواها، ما لا يمنع منه سائر العبادات.



الثَّاني: أنَّ الصوم سرٌّ بين العبد وبين ربه لا يظهر إلا له؛ فلذلك صارَ مختصًّا به، وما سواه من العبادات ظاهر، رُبما فعله تصَنُّعًا ورياءً؛ فلهذا صار أخصَّ بالصَّوم من غيره"[2].



3- "للصَّوم تأثيرٌ عجيبٌ في كسْرِ شهوة النِّكاح وكبح جماحها، وإعلاء هذه الغريزة في الإنسان.



4- إشعار للصِّائم بنعمة الله تعالى عليه، فإذا ألِفَ الإنسان النِّعم فقَدَ الإحساس بقيمتها، ولا يُعرف مقدار النِّعمة إلا عند فقْدها، وبضدِّها تتميَّزُ الأشياء، والمقصود بالنعمة: الشِّبَع والرِّي.



5- وهناك حكمة اجتماعية للصِّيام، (وخُصوصًا صيام رمضان) أنه يُوجِد نوعًا من المساواة الإلزامية في الحِرمان، ويزرع في أنفس الموسِرين والواجدين، الإحساس بآلام الفقراء والمحرومين؛ كما قال ابن القيم رحمه الله: "يذكِّرُها بحالِ الأكباد الجائِعة من المساكين".



6- وجِماع ذلك كله: أنَّ الصِّيام يُعِدُّ الإنسان لدرجة التَّقوى، والارتقاء في منازل المتَّقين"[3].



قال الإمام ابن القيم رحمه الله:

"وللصَّوم تأثيرٌ عجيبٌ في حفظِ الجوارح الظَّاهرة، والقُوى الباطنة، وحمايتها عن التَّخليط الجالب لها الموادِّ الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها، واستفراغ المواد الرَّدِيئة المانعة لها من صحتها، فالصَّوم يحفظُ على القلب والجوارح صحَّتها، ويُعيدُ إليها ما اسْتَلَبتهُ منها أيدي الشَّهوات، فهو من أكبر العَون على التَّقوى؛ كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 185]"[4].


[1] حديث صحيح: رواه البخاري (88/4)، ومسلم (157/3)، واللفظ للبخاري، والترمذي (764)، والنَّسائي (162/4)، وابن ماجه (1638)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[2] انظر كتابه: "الجامع لأحكام القرآن" (2 /274).

[3] ما بين الهلالين من "فقه الصيام" (ص/11-14)، مع تصرف وحذف زيادة، وانظر للفائدة: "صفة صوم النبي"؛ للحلبي والهلالي (ص/11 -17)، و"روائع البيان في تفسير آيات الأحكام" (1 /218).

[4] "زاد المعاد" (2 /28)؛ تحقيق شعيب وعبدالقادر الأرنؤوط.


الساعة الآن 08:06 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام