منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   الشريعة و الحياة (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=99)
-   -   الأحكام المتعلقة بقضاء الصوم............ (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=123066)

نبيل القيسي 24-05-2020 02:55 PM

الأحكام المتعلقة بقضاء الصوم............
 
الحمدُ لله رب العالمين، شرع فيسَّر ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78]. والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين... أما بعد:



فاعلموا أنه يجب عليكم معرفة أحكام القضاء في حق من أفطر في نهار رمضان لعذر من الأعذار الشرعية - قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ﴾ [البقرة: 185].



ففي آخر هذه الآية الكريمة رخَّصَ الله بالإفطار في رمضان للمريض والمسافر، وأوجب عليهما القضاء إذا أخذا بالرخصة فأفطرا بأن يصوما عددَ الأيام التي أفطراها من شهرٍ آخر، وإن صاما رمضان ولم يأخذا بالرخصة فصومهما صحيح ومجزئٌ عند جمهور أهل العلم وهو الحقُّ، وبيَّن سبحانه الحكمة في هذه الرخصة، وهي أنه أراد التيسير على عباده ولم يرد لهم العسر والمشقة بتكليفهم بالصوم في حالة السفر والمرض، وأن الحكمة في إيجاب القضاء هي إكمال عدد الأيام التي أوجب الله صومها، ففي هذه الرخصة جمع بين التيسير واستكمال العدد المطلوب صومه.



وهناك صنفٌ ثالث ممن يرخَّص لهم بالإفطار، وهم الكبير الهرم والمريض المزمن، إذا لم يطيقا الصيام، قال تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184]. ومعنى يطيقونه: يكلفونه ويشقُّ عليهم، فعليهم بدل الصيام إطعام مسكين عن كل يوم، وهذا على ما ذهب إليه طائفة من العلماء في تفسير الآية، وأنها لم تنسخ، وأُلحق بهؤلاء الحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما أو على ولديهما من الصيام، كما رُوي عن ابن عباس أنه قال لأم ولدٍ له حامل أو مرضعة: أنت بمنزلة الذين لا يطيقون الصيام. وعن ابنِ عُمر أن إحدى بناته أرسلت تسأله عن صوم رمضان وهي حامل. قال: تفطر، وتطعم عن كل يوم مسكينًا.



هؤلاء جميعًا يباح لهم الإفطار في نهار رمضان نظرًا لأعذارهم الشرعية ثم هم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:

1- قسمٌ يجب عليهم القضاء فقط ولا فدية عليهم، وهم: المريض، والمسافر، والحامل، والمرضع إذا خافتا على نفسيهما.



۲ - وقسم يجب عليهم الفدية فقط ولا قضاء عليهم، وهم: العاجزون لهرم أو مرض لا يرجى برؤه.



٣ - قسم يجب عليه القضاء والفدية وهم الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما فقط، والفدية هنا: إطعام مسكين نصف صاع من طعام البلد عن كل يوم.



وهكذا ديننا يسر وسماحة يتمشى مع ظروف الإنسان ولا يكلفه ما لا يطيقه أو يشقُّ عليه مشقة شديدة غير محتملة.



يُشرِّعُ للحضرِ أحكامًا مناسبة، وللسفر أحكامًا مناسبة، ويشرع للصحيح ما يناسبه وللمريض ما يناسبه.



ومعنى هذا أن المسلم لا ينفك عن عبادة الله في جميع أحواله. وأن الواجبات لا تسقط عنه سقوطًا نهائيًّا، ولكنها تتكيف مع ظروفه.



قال الله تعالى: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99]، وقال عيسى عليه السلام فيما ذكره الله عنه: ﴿ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾ [مريم: 31].



ومن الناس من يريد أن يستغلَّ سماحة الإسلام استغلالًا سيئًا فيبيح لنفسه فعل المحرمات وترك الواجبات، ويقول: الدين يسر. نعم إن الدين يسر، ولكن ليس معنى ذلك أن ينفلت الإنسان من أحكامه ويتبع هوى نفسه، وإنما معنى سماحة الإسلام أنه ينتقل بالعبد من العبادة الشاقة إلى العبادة السهلة التي يستطيع أداءها في حالة العذر؛ ومن ذلك الانتقال بأصحاب الأعذار الشرعية من الصيام أداء في رمضان إلى الصيام قضاء في شهر آخر، عندما تزول أعذارهم، أو الانتقال بهم من الصيام إلى الإطعام إذا كانوا لا يقدرون على القضاء. فجمع لهم بين أداء الواجب وانتفاء المشقة والحرج – فلله الحمد والمنة.



وصلى الله وسلم على نبينا محمد.



المصدر: «إتحاف أهل الإيمان بدروس شهر رمضان» - الدرس (17)

ط جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سنة 1409هـ


الساعة الآن 12:20 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام