“الأعداء كثيرون، والعوائق صعبة، والكفاح طويل، وربما صاح المرء وهو يودع محنة ويستقبل أخرى: أما لهذا الليل من آخر ..؟!
إن الفجر سيطلع حتماً ولأن يطوينا الليل مكافحين أشرف من أن يطوينا راقدين ..!”
محمد الغزالي, قذائف الحق
“عندما يتكلم السياسى اليهودى رافعا بيمينه كتابه المقدس، فهل يسكته سياسى عربى، يستحى من كتابه، ولايذكره لا فى محراب ولا فى ميدان؟؟”
محمد الغزالي, هموم داعية
“الشخص التافه يفلسف الأوضاع حوله بما يشبع
كبره و يصدق وهمه فبدلا من أن يستيقظ
علي الحقائق اللاذعة ينظر إليها من جانب
.يرضيه و يطغيه”
محمد الغزالي, قذائف الحق
“وإذا كان سكوت العلماء عن فسق الحكام جريمة ,
فإن تمدح العلماء للحكام الفسقة كفران مبين”
محمد الغزالي, تأملات في الدين والحياة
“فالحاكم الفرد إذا اطمأن إلى أن أظافره لن تقلم مضى في بطشه لا يخشى أحداً ..
والمستبد غالباً من أجبن الناس , وما يغريه بالظلم إلا أمن العقاب .”
“أن القرآن في الدلالة على الله (كون) ناطق .. كما أن هذا الكون (قرآن) صامت .”
محمد الغزالي, نظرات في القرآن
“ادفن وجودك فى أرض الخمول فما نبت مما لم يدفن لا يتم نتاجه ".
هذه الكلمة أفضل توجيه لمن يريدون الظهور على عجل، ومن يتوهمون أن نصيبا قليلا من المعرفة والخبرة كاف فى الترشيح لقيادة الجماهير، والصدارة بين الناس، وهؤلاء فى الحياة لا حصر لهم.
إن منصب الإمامة فى آفاق الدنيا أو فى آفاق الدين يتطلب صبر السنين، وتغضين الجبين.
فليصنع المرء نفسه أولا فى عزلة وفى صمت وفى تؤدة، كالشجرة التى يختفى أصلها فى ظلمة التراب أمدا تتكون فيه التكون الصحيح، ثم تبدأ تشق طريقها إلى الهواء والضوء.”
محمد الغزالي, الجانب العاطفي من الإسلام
“والمسلم الذى يحترم دينه وأمته لايرى الصواب حكرا عليه فيما يعتنق من وجهات النظر!
قد يرى الصمت وراء الامام عبادة
، ولكنه لايزدرى أو يخاصم من يرى القراءة عبادة!”
محمد الغزالي, ركائز الإيمان بين العقل والقلب
“مهما كرهت فرداً أو جماعة فلا يجوز إذا كنت تقياً أن استرسل مع هواي في سجن خصومي أو تعذيبهم أو تهديد حاضرهم ومستقبلهم ..”
محمد الغزالي, قذائف الحق
“إذا غلا شئ أرخصته بالترك
فيكون أرخص ما يكون إذا غلا”
محمد الغزالي, الحق المر
“ إن نبي الإسلام لم ينصب نفسه "بابا" يهب المغفرة للبشر ويمنح البركات، إنه لم يفعل ذلك يوماً ما، لأنه لم يشتغل بالدجل قط.!!
إنه يقول لك تعال معي؛ أو اذهب مع غيرك من الناس لنقف جميعاً في ساحة رب العالمين نناجيه "اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين".
فإذا رضي عنك هذا النبي -دعا الله لك.. وإذا رضيت أنت عنه ووقر في نفسك جلال عمله وكبير فضله فادع الله كذلك له! فإنك تشارك بذلك الملائكة الذين يعرفون قدره ويستزيدون أجره (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً).”
الحلم والصفح
تتفاوت درجات الناس فى الثبات أمام المثيرات فمنهم من تستخفه التوافه فيستحمق على عجل ومنهم من تستفزه الشدائد فيبقى على وقعها الأليم محتفظا برجاحة فكرة وسجاحة خلقه .
ومع أن للطبع الأصيلة فى النفس دخلا كبيرا فى أنصبة الناس من الحدة
والهدوء والعجلة والأناة والكدر والنقاء إلا أن هناك ارتباطا مؤكدا بين ثقة المرء بنفسه وبين أناته مع الآخرين وتجاوزه عن خطئهم
فالرجل العظيم حقا كلما حقق فى آفاق الكمال اتسع صدره وامتد حلمه وعذر الناس من أنفسهم والتمس المبررات لأغلاطهم ! فإذا عدا عليه غرٌّ يريد تجريحه نظر إليه من قمته كما نظر الفيلسوف إلى صبيان يعبثون فى الطريق وقد يرمونه بالأحجار .
وقد رأينا الغضب يشتط بأصحابه إلى حد الجنون عندما تقتحم عليهم نفوسهم ويرون أنهم حقروا تحقيرا لا يعالجه إلا سفك الدم . أفلو كان الشخص يعيش وراء أسوار عالية من فضائله يحس بوخزالألم على هذا النحو الشديد؟ كلا.
إن الإهانات تسقط على قاذفها قبل أن تصل إلى مرماها البعيد
وهذا المعنى يفسر لنا حلم هود وهو يستمع إلى إجابة قومه بعد ما دعاهم إلى توحيد الله .
قالوا(إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين)
إن شتائم هؤلاء الجهال لم يطش لها حلم هود لأن الشقة بعيدة بين رجل اصطفاه الله رسولا فهو فى الذؤابة من الخير والبر وبين قوم
سفهوا أنفسهم وتهاووا على عبادة الأحجار يحسبونها لغبائهم تضر وتنفع ! كيف يضيق المعلم الكبير بهرف هذه القطعان؟”
“التبعة ليست على رعاع يمزقون شمل الأمة بتعصبهم ،وإنما تقع التبعة على علماء يعرفون أن الرسول صلّ الله عليه وسلم حكم بأن للمجتهد أجرين إذا أصاب، وأجرا إذا أخطأ.
ولو فرضنا جدلا أن الحق مع الحنابلة والأحناف فى أنه لاقنوت فى الفجر فمن الذى يحرم مالكا والشافعى أجر المجتهد المخطئ.
وإذا كان من يخالفنا فى الرأي مأجورا فلم نسبه ونحرجه ونضيق عليه للخناق؟؟
المشكلة التى نطلب من أولى الأ لباب حلها هى معالجة نفر من الناس يرون الحق حكرا عليهم وحدهم، وينظرون الى الأخرين نظرة انتقاص واستباحة!
الواقع أن الأمراض النفسية عند هؤلاء المتعصبين للفرعيات تسيطر على مسالكهم وهم-باسم الدين-ينفسون عن دنايا خفية! وعندما يشتغل بالفتوى جزار فلن تراه أبدا إلا باحثا عن ضحية!!”
محمد الغزالي, هموم داعية
“أن تطهير الأرض من الغزاة الذين احتلونا لا يغني أبدا عن تطهير العقول التي دخلها أولئك الغزاة، عسكروا بمبادئهم وقوانينهم وتقاليدهم !”
“قد رأيت بعيني من يقبلون الأعتاب ويتمسحون بالأبواب ويجأرون بدعاء فلان أو فلان ، كي يفعل كذا وكذا ! ما هذا الزيغ ؟ ما الذي أنسى هؤلاء ربهم ؟ وصرفهم عن النطق باسمه والتعلق به ؟ وماذا يرجو العبيد من عبد مثلهم لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ؟ إنه لو كان حيا ما ملك لهم شيئاً ، فكيف وهو ميت ؟ .. "
“وليس عمل محمد عليه الصلاة والسلام أن يجرك بحبل إلى الجنة، وإنما عمله أن يقذف في ضميرك البصر الذي ترى به الحق. ووسيلته إلى ذلك كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه مُيَسر للذكر، محفوظ من الزيغ. وذاك سرّ الخلود في رسالته”
“من المؤسف أن بعض الناس يقع على السيئة فى سلوك شخص ما فيقيم الدنيا ويقعدها من أجلها ، ثم يعمى أو يتعامى عما تمتلئ به حياة هذا الشخص من أفعال حسان وشمائل كرام”
محمد الغزالي, جدد حياتك
قال عليه الصلاة والسلام : "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ".
ما هى الحرية التى هفت إليها الشعوب، وتنادى بها كبار القلوب؟ إنها حق البشر فى تأمين الوسائل التى يحيون بها حياة زكية نقية، وليست حق امرئ ما فى أن ينسلخ عن طبيعته، أو يتمرد على فطرته.
إن الحرية ليست حق الإنسان أن يتحول حيوانا إذا شاء، أو يجحد نسبه الروحى إلى رب العالمين، أو يقترف من الأعمال ما يوهى صلته بالسماء ويقوى صلته بالتراب، فإن الحرية بهذا المعنى لا تعدو قلب الحقائق، وإبعاد الأمور عن مجراها العتيد. بل الواقع أنك لن تجد أعبد ولا أخنع من رجل يدعى أنه حر، فإذا فتشت فى نفسه وجدته ذليلا لشهواته كلها، ربما كان عبد بطنه أو فرجه، وربما كان عبدا لمظاهر يرائى بها الناس، أو لمراسم يظنها مناط وجاهة، فإذا فقد بعض هذه الرغائب رأيته أتفه شىء ولو كان يلى أكبر المناصب، بل لو كان ملكا تدين له الرقاب.”
محمد الغزالي, الجانب العاطفي من الإسلام
“إن الحكم الفردي كالمرأة الغيور لا يطيق رؤية العظماء، ولا يزن أقدار العلماء.”
“اجتهادك فيما ضمن لك، وتقصيرك فيما طلب منك، دليل على انطماس البصيرة".”
“ما أصاب الإسلام في عصرنا هذا و في العصور التي سبقته لا يسأل عنه أعداؤه قدر ما يسأل عنه أبناؤه”
“إذا أبصرنا مواضع الخطأ فى الماضى عرفنا كيف نتجنب
الانزلاق إليها فى المستقبل”
“التحسر على الماضي الفاشل والبكاء المجهد على ما وقع بما فيه من آلام وهزائم هو – في نظر الإسلام بعض مظاهر الكفر بالله والسخط على قدره ! ومنطق الإيمان يوجب نسيان هذه المصائب جملة ، واستئناف حياة أحفل بالعمل والإقدام . وفى هذا يقول الله عز وجل
“وقد يندفع الإنسان إلى الكذب حين يعتذر عن خطأ وقع منه
ويحاول التملص من عواقبه وهذا غباء وهوان , وهو فرار من الشر إلى مثله أو أشد والواجب أن يعترف الإنسان بغلطه , فلعل صدقه فى ذكر الواقع وألمه لما بدر منه يمسحان هفوته ويغفران زلته”
“إذا قرأ شعب مصر كتابه فوجد في المصحف :
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ... إنه مكلف أن يصوم، ويصوم فعلا
لـــكن
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ ... لا، لأن الإستعمار ألغى هذه الآية”
محمد الغزالي, مصر بين الدولة الاسلامية والدولة العلمانية
“اسمع إلى أبى بكر بعدما ولى الخلافة يقول: ' أمَّا بعد.. فإنى قد وُلِّيت عليكم ولست بخيركم، فإن رأيتمونى على حق فأعينونى، وإن رأيتمونى على باطل فسددونى، أطيعونى ما أطعت الله فيكم، فإذا عصيته فلا طاعة لى عليكم. ألا إن أقواكم عندى الضعيف حتى آخذ الحق له، وأضعفكم عندى القوى حتى آخذ الحق منه.. أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم ' أ. هـ. وجاء فى خطبة لعمر بن الخطاب:' اعلموا أن شدتى التى كنتم ترونها ازدادت أضعافا على الظالم والمعتدى، والأخذ لضعيف المسلمين من قويهم.. فاتقوا الله وأعينونى على نفسى بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وإحضارى النصيحة فيما ولانى الله من أمركم. أيها الناس: إنه لم يبلغ ذو حق فى حقه أن يطاع فى معصية.
اهذا هو وضع الحاكم المسلم فى الدولة المسلمة. رجل من صميم الأمة يطلب أن يُعان على الحق وأن يمنع من الباطل، ويرى السلطة المخولة له سياجًا للمصالح العامة لا مصيدة للمنافع الخاصة ولا بابًا إلى البطر والطغيان. وذلك هو أدب الإسلام الذى خط مصارع الجبابرة فى الدنيا وحط منازلهم فى الآخرة. (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين)”
“إن الله لم يقل لقارون صاحب الكنوز الهائلة: انخلع من مالك كى أرض عنك لا، ابق فيه ولكن (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا ).
الإسلام يحتقر الدنيا أشد الاحتقار عندما تكون الأمل الذى لا أمل معه، وعندما يركض البشر فى طلابها لا لشىء إلا للحصول عليها، والاستكثار منها.
ثم الموت فى أطوائها، كما تموت دودة القز داخل ما تنسج، وليست تنسج لنفسها شيئا.
إنه يحتقرها هدفا، ولكنه يحتفى بها وسيلة!.
وفى الإزراء على الحياة الدنيا، عندما تكون غاية مجردة جاءت آيات كثيرة، وأحاديث شتى، نثبت هنا بعضها: قال الله تعالى: (واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح و كان الله على كل شيء مقتدرا).
والمثل واضح فى أن الدنيا تتبخر بين أيدى عبادها، كما يتبخر الماء من الهشيم، فإذا هم يقبضون أيديهم على وهم.
ماذا كسب خزان المال عن وجوه الخير؟ وماذا ربحوا من نسيان رازقه، ورفض وصاياه فيه؟.
ماذا نال عباد الأثرة والجاه والاستعلاء عندما يسلون من الحياة الدنيا سلا، مخلفين بعدهم أملاكا، ذهب اسمهم عنها، وآثار كحركة الريح فى صفحة الماء، لا استقرار لها ولا بقاء...”
حمد الغزالي, الجانب العاطفي من الإسلام
“لا أدري لماذا لا يطير العباد إلى ربِّهم على أجنحةٍ من الشوق بدل أن يُساقوا إليه بسياط من الرهبة ؟! إنَّ الجهل بالله وبدينه هو عِلَّةُ هذا الشعور البارد ، أو هذا الشعور النافر - بالتعبير الصحيح - ؛ مع أنَّ البشر لن يجدوا .أبرَّ بهم ولا أحنَى عليهم من الله عز وجل”
محمد الغزالي, خلق المسلم
ويبدو أن أُمتنا نسيت أن استحقاقها للبقاء في الأرض يرتبط بمدى ولائها للإسلام وعملها له!”
محمد الغزالي, هموم داعية
هذا امرؤ اتجه إلى الشر فدفعتْه الأقدار في طريقه الذي اختاره، وهل يَجنِي العنبَ مَن بذَر الشوكَ؟
وكلما أوغل الشرير في الطريق زاد سمك الغِشاوة المضروبة على بصيرته، فيظلم القلب وتعجز أهل الأرض عن إنارته:
(كلَّا بلْ رانَ على قُلوبِهم ما كانوا يَكسِبونَ)
ومن السفاهة الظنُّ بأن الله أزاغ طالب هدًى أو أضل من اتَّبع سبيل المؤمنين!
وكما شاء الله إضلالَ هؤلاء يَهدي إلى الحق مَن ابتغاه ونشَده: (والذينَ اهتَدَوا زادَهُمْ هُدًى وآتاهُمْ تَقوَاهُمْ) (محمد: 17) وقال تبارك اسمه: (إنَّ الذينَ آمنوا وعَمِلُوا الصالحاتِ يَهدِيهم ربُّهم بإيمانِهم) (يونس: 9) وقال: (وَمَنْ يُؤمِنْ باللهِ يَهدِ قَلْبَهُ) (التغابن: 11)
من العقل أن نُمَيِّز بين الأقدار التي تحيط بنا وتتحكم فينا، والأعمال التي طُولبنا بها ونُسأل غدًا عنها!
وأرى أن إنكار الاختيار البشري فِرار من وظائف العبودية واتهام لصفات الربوبية، وهذه جريمة. ما الذي نحاوله بهذا المسلك؟
يقول الله سبحانه: (للَّذين أحسنُوا الحُسْنَى وزِيَادةٌ) (يونس: 26) ثم يقول: (والذين كسَبوا السيئاتِ جزاءُ سيئةٍ بمِثْلِها) (يونس: 27) ثم يقول عن الجزاء الأخير: (هُنالِكَ تَبلُو كلُّ نفسٍ ما أسلَفَتْ ورُدُّوا إلى اللهِ مولاهم الحقِّ) (يونس: 30) فأين الظلم أو الجبر في هذا الصنيع؟
“ونحن نعرف أن للاستعمار فكين حادين يتركب منهما فمه الضليعن،الفساد الكامن في الداخل.. والعدوان الوافد من الخارج،وبين الفكين تدور الرحى وتتهشم الضحايا..”
“أنا لا أعرف أمة أطالت الوقت فى الفروع الفقهية كأمتنا.. الوضوء مثلا، يمكن أن تتعلم فى دقيقتين، فما الذى يجعل فيه مئات الصفحات والكتب، بل والمجلدات، وتختلف المذاهب فيه؟
هذا شىء عجب!
حتى أنى سميت الوضوء: 'علم تشريح الوضوء'! لاشك أن هذه المساحة التى أخذها البحث فى الفروع الصغيرة، كانت على حساب القضايا الكبيرة.”
محمد الغزالي, كيف نتعامل مع القرآن
رسول الله ـ صلّ الله عليه وسلم ـ دخل ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار ـ يقال له: أبو أمامة ـ فقال: "يا أبا أمامة، ما لي أراك جالسًا في المسجد في غير وقت الصلاة؟" قال: هموم لَزِمتني وديون يا رسول الله! فقال له: "ألا أعلمُك كلمات إذا قُلْتَهنّ أذهبَ الله عنك همَّك وقضى دَيْنك؟" قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: "قل إذا أصبحتَ وإذا أمسيتَ: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحَزَن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال" فقلتُ ذلك فأذهب الله عني غمي وقضى دَيْني.
هذا رجل أحرجتْه الأيام، وبدل أن يذهب إلى بيت واحد من الأغنياء يستجديه، ويرقب الفرج عنده على نحو ما قيل:
يسقط الطير حيث يَنتثر الحَـبُّ وتُغشَى منازل الكرماءْ
ذهب إلى بيت الله يرجو جَدَاه وينتظر نداه! فلم يَخِبْ سعيه ولم يَطُلْ همه!
لقد نفعته كلمات تعلمها من صاحب الرسالة غيرت نفسه وحياته.