منتدى قصة الإسلام

منتدى قصة الإسلام (http://forum.islamstory.com//index.php)
-   السيرة النبوية (http://forum.islamstory.com//forumdisplay.php?f=128)
-   -   من أساليب التربية النبوية/د.عثمان قدري مكانسي (http://forum.islamstory.com//showthread.php?t=123921)

امانى يسرى محمد 26-06-2020 10:32 PM

من أساليب التربية النبوية/د.عثمان قدري مكانسي
 
من أساليب التربية النبوية
الموعظة وضرب المثل
الدكتور عثمان قدري مكانسي





كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعين على توضيح مواعظه بضرب المثل مما يشهده الناس بأم أعينهم ، ويقع تحت حواسهم ، وفي متناول أيديهم ، ليكون وقع الموعظة في النفس أشد ، وفي الذهن أرسخ . ومن الأمثلة على ذلك ما رواه أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة : ريحها طيب ، وطعمها طيب ،ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة : طعمها طيب ، ولا ريح لها ،ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة : ريحها طيب ، وطعمها مر ،ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة : طعمها مرٌّ ولا ريح لها .}البخاري (5111، 7121)، مسلم (797)
فالناس كما قسمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أنواع ، والسامعون يرهفون السمع ، يريدون أن يتعرفوا هذه الأقسام الأربعة ليوازنوا بينها ، ويحددوا في أي صنف يكونون .
وهذه الموازنة تجعلهم يرغبون بالتعرف على سمات كل طائفة ، ومن ثمَّ ينضمون إلى الطائفة المرجوة ، فما أبلغ الترغيب في المثل الذي ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما أزجر التحذير من الشر !
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :قدم أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وما أعددت لها ؟ فقال: ما أعددت لها كثير صيام ولا صلاة ولا صدقة غير أني أحب الله ورسوله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: المرء مع من أحب ، يقول أنس رضي الله عنه: فما فرحنا بشيءٍ يومئذٍ فرحنا بقوله صلى الله عليه وسلم: المرء مع من أحب فأنا والله أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم و أبا بكر و عمر وأرجو أن أحشر معهم ، رواه البخاري (3485، 5815، 5819)، مسلم (2639)، أحمد (3/110، 168، 172، 173، 192، 198، 202، 208)
فذهب رد رسول الله مثلاً يقال في كل موقف مشابه ، وازداد المسلمون حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم كيما يكونوا معه في الجنة .
وبما أن الإنسان يريد أن يكون مع الصالحين ، وقد يكون قصر عنهم في أعماله - وليس في الإسلام يأس من بلوغ الدرجات العلا – فعليه أن يحبهم ويواليهم ليكون في زمرتهم يوم يتخلى كل خليل عن خليله إلا خليلَ الإيمانِ والحبِ في الله .
روى حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لا يدخل الجنة قتات }البخاري (5709)، مسلم (105)
فذهبت هذه الجملة مثلاً يذكر كلما ذكر النمام وفعله ، أو تحدث الناس في أخبار النمامين والواشين والكاذبين ، وتعوّذ الناس من مصيرهم ، واجتنبوا أن يكونوا مثلهم .
وما أجمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للأقرع بن حابس الذي رأى رسول الله يقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما ، فقال : إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحداً منهم - : { من لا يرحم لا يُرحَم } .البخاري (5651)، مسلم (2318)

جملة طبقت الآفاق وتداولها الناس في مجالسهم { من لا يرحم لا يُرحَم } إنها دليل الرحمة في الإسلام وطريق الوصول إلى رحمة الله بنا ، وكما تَدينُ تُدان .


يتبع





المصدر

واتا الجمعيه الدوليه للمترجمين واللغويين العرب


امانى يسرى محمد 26-06-2020 10:36 PM

رد: من أساليب التربية النبوية/د.عثمان قدري مكانسي
 
من أساليب التربية النبوية
الحـــوار
بقلم د . عثمان قدري مكانسي

قد يمر الرسول صلى الله عليه وسلم في مكان فيرى أمراً يستحق التعليق عليه ، أو يسمع كلمة فيلقي الضوء عليها ، فتكون هذه الكلمات من رسول الله صلى الله عليه وسلم عظة وعبرة تؤثر في نفوس أصحابه ، وقد يحاور أصحابه ليصل معهم إلى فكرة يثبتها في عقولهم ، أو يرشدهم بها ويهذب نفوسهم ، ويدلهم على طريق الخير الموصل إلى رضاء الله تعالى .
من ذلك ما رواه عمر الفاروق ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ
قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بسَـبْيٍ ، فإذا امرأة من السبي (الأسرى ) قد تحلَّب ثديها إذ وجدت صبياً في السبي ، فأخذته فألزقته ببطنها فأرضعته . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار وهي تقدر على أن لا تطرحه ؟ قلنا : لا والله . قال : فالله تعالى أرحم بعباده من هذه بولدها .
وكثيراً ما كان السبي في ذلك الوقت ، وكثيراً ما كانت النساء يفعلن ذلك بأولادهن ، فهذا أمر عادي ألفه الناس ، فهو جزء من حياتهم اليومية ، ففقدوا بهذه العادة التلذذ بمعنى الأمومة والأبوة .. فنبههم رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو المعلم العظيم - إليها فتذكروها ، ثم قادهم إلى أهم من ذلك .
قادهم إلى حب الله إياهم ورحمته بهم ، فإذا الله تعالى بقوته وعظمته وسلطانه ـ وهو ليس بحاجة إليهم ـ يحبهم هذا الحب الكبير ، أفلا يستحق ـ سبحانه ـ أن يبادلوه حباً بحب ؟ ! هم عبيده يحتاجونه في كل لمحة وحركة ، في كل طرفة عين ونَفَسٍ ، نواصيهم بيده ، ماض فيهم حكمه ، أفلا يتوجب عليهم أن يخلصوا في عبادته والإنابة إليه ، والعمل بما يرضيه ؟!..
إنها لفتة عظيمة من المعلم العظيم صلى الله عليه وسلم .
وهذا أحد أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبو حكيم ـ فيما يروي البخاري : يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحاوره قائلاً : يا رسول الله من أبرُّ ؟ ( يريد أن يكون من أهل الله الذين يبغون ثوابه ويخافون عقابه ) . قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : أمك ( كلمة واحدة تعبر عن إرضاء الأم الكريمة ذات الفضل العظيم الذي لا يدانيه فضل ، فالجنة تحت أقدامها ) .
قال : قلت : من أبرُّ ؟ ( أي من أبرّ بعدها يا رسول الله ؟) قال صلى الله عليه وسلم : أمك ( إذن ففضلها كبير يا رسول الله ، لا يدانيه فضل مهما علا وسما ) .
قلت : من أبرُّ ؟ ( من في المرتبة الثالثة بعد الأولى والثانية المخصصتين للأم حفظها الله ورعاها ؟)\قال صلى الله عليه وسلم : أمك ( الله أكبر ، إنها كلمة كررها رسول الله تنبئ عن فضل الأم ، فهي نبع الحنان ونهر الرحمة وسحائب الغفران ، إرضاؤها خطير وإكرامها واجب كبير ) .
قلت : من أبرُّ ؟ ( أهناك من أبره بعدها يارسول الله ؟ ، هي في المقام الأول والثاني والثالث ، هي باب الجنة ومفتاح الخيرات . )
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : أباك . ( فهو المربي والأسوة الحسنة لأولاده ، يشقى لأجلهم ويتعب لراحتهم ، رضاه من رضى الرب ، وسخطه من سخط الرب إكرامه واجب وحبه لازب ، أدخلهما الله جميعاً جنته في الفردوس الأعلى ) .
ثم الأقرب فالأقرب إنه الدين العظيم الذي يدعو : إلى الإحسان والبر ، وإلى التوقير والاعتراف بالفضل ، والذي يدعو إلى صلة الأرحام ، وبناء مجتمع المحبة والوئام .) .
والحوار الذي يقوم على طرح الأسئلة من الرسول صلى الله عليه وسلم على أصحابه ، أو من الصحابة على رسول الله صلى الله عليه وسلم يثير الانتباه ، ويحرك الذكاء ويقدح الفطنة ، فتراهم يرتوون من حكمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قالب من الاقتناع والحوار الهادف .
تعال معي لترى مصداق ما قلناه :
عن النعمان بن بشير ـ رضي الله عنهما ـ أن أباه أتى رسول الله ـ صلى اله عليه وسلم ـ فقال :
إني نحلت ( أعطيت ) ابني هذا غلاماً كان لي .
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : أكلَّ ولدك نحلته مثل هذا ؟
قال : لا .
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : فأرجعه . وفي رواية : ( اتقوا الله واعدلوا في أولادكم ) . وفي رواية : ( فلا تشهدني إذن ، فإني لا أشهد على جور أبداً ) ، وفي رواية ثالثة : ( فأشهد على هذا غيري ) .
ثم قال : أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء ؟
قال : نعم . قال : فلا إذن { متفق عليه ، وهو في رياض الصالحين الحديث / 341 / .
حوار هادف وضح فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن العدل بين الأبناء مطلوب ، وأن البر بهم يؤدي إلى برهم بوالديهم ، وأنه كما تدين تدان . كما وضّح الحديث أن على الإنسان ألا يشهد بغير الحق والعدل ، وأن عليه تبصير الناس بأمور دينهم ، وأن يكون الداعية عوناً لإخوانه على إرضاء الله عز وجل .

ومن الحوار الذي أثرى فيه الحديث عن فضيلة الصدقة والحث عليها ، ما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ؟
قالوا : يا رسول الله ، ما منا أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه .
فقال صلى الله عليه وسلم : اعلموا أنه ليس منكم أحد إلا مال وارثه أحب إليه من ماله ، مالك ما أنفقت ومال وارثك ما أخرت .
محاورة وضعت النقاط على الحروف بأسلوب مقنع واضح لا تعقيب عليه .

ومن الأحاديث التي بينت صغار الدنيا وهوانها على الله تعالى : ما رواه جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مر بالسوق ... فمر بجدي أسكَّ ( الأسك : مصلوم الأذنين ومقطوعهما ) ميت ، فتناوله بأذنه ثم قال : أيكم يحب أن هذا له بدرهم ؟
قالوا : ما نحب أنه لنا بشيء . ( أو ما نصنع به ؟ )
قال : أتحبونه أنه لكم ؟
قالوا : والله لو كان حياً كان هذا السك عيباً فيه ، فكيف وهو ميت ؟!
قال : فوالله ؛ للدنيا أهون على الله من هذا عليكم .

أسلوب حواري عملي ، يرى رسول الله جدياً ميتاً ، مقطوع الأذنين ، تزكم رائحته الأنوف ، يمسكه من إحدى أذنيه ويعرضه على أصحابه ، أن يشتروه بدرهم ، فيأبوا ذلك ، وماذا يفعلون بجيفة قذرة ؟ ولو كان حياً وهو مقطوع الأذنين ما رغبوا فيه فكيف وهو ميت ؟!

وحين يصلون إلى هذا القرار يعظهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء


يتبع

امانى يسرى محمد 27-06-2020 09:36 PM

رد: من أساليب التربية النبوية/د.عثمان قدري مكانسي
 
من أساليب التربية النبوية
ذكر الصالحين
الدكتور عثمان قدري مكانسي


إن الأذن لتسرع إلى سماع أخبار الصالحين وإن النفس لترغب أن تعرف أحوالهم وما يخصهم . فهم القدوة والمثل ، والراغب في الكمال يتأساهم ويتحسس خطاهم ، وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعاهد أصحابه كل حين بأخبار الصالحين الأولين .
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال موسى عليه السلام يا رب ، علمني شيئاً أذكرك وأدعوك به .
قال رب العزة جلَّ وعلا : قل يا موسى : { لا إله إلا الله } .
قال : يا ربِّ ، كل عبادك يقولون هذا ؟ .
قال : يا موسى ، لو أن السموات السبع وعامرَهنَّ - غيري – والأرضين في كفة ، ولا إله إلا الله } في كفة ، لمالت بهن { لا إله إلا الله } .
فالسامع يسمع اسم سيدنا موسى – عليه السلام – وهو من الأنبياء أولي القوة ... والنفس المؤمنة تميل إليه وتحبه { وألقيت عليك محبة مني } ثم يسمع ما سأل ربَّه ، فيعلم أن هناك فائدة يفيد منها ، فـَلـْنـَعِ ما يقوله الله تعالى له ، ولنسِرْ على خطاه ، فمن استهدى المهديين اهتدى .
وهكذا يكون الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – بذكر حوارموسى – عليه السلام – مع ربه – قد غرس فينا حب { لا إله إلا الله } ، وعرَّفنا مكانتها ، وحثنا على الإيمان بها .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : بينا أيوب عليه السلام يغتسل عُرياناً ، فخرَّ عليه جراد من ذهب ، فجعل أيوب يحثي في ثوبه ، فناداه ربه عزَّ وجلَّ : يا أيوب ، ألم أكن أغنيتك عما ترى ؟
قال : بلى ، - وعزتك – ولكن لا غنى لي عن بركتك .
فهذا النبي أيوب عليه السلام له في نفوس المسلمين حب وهوى لما عرف عنه من صبره على الابتلاء ـ والصبر من سمات الصالحين - والرسول صلى الله عليه وسلم يريد أن يرينا أن المال الصالح للعبد الصالح بركة ويمن ، وأن النفس البشرية تهوى المال { وتحبون المال حباً جما } ، وأن الله تعالى يختبر حتى الأنبياء ، وأن المال يشغل حتى كرام الناس .
فهذا أيوب عليه السلام ينسى أنه عريان فيشتغل بجمع الذهب ويحرص عليه ، والإنسان لا يعدم سبباً يعلل به حبه للمال ( ... ولكن لا غنى لي عن بركتك ..)
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : بُعِثَ موسى وهو راعي غنم ، وبعث داود وهو راعي غنم ، وبعثت أنا وأنا أرعى غنماً لأهلي بأجياد .
وهل هناك أفضل من موسى وداود والأنبياء ، وعلى رأسهم رسول الله صلوات الله عليهم جميعاً ؟ ! .
ماذا كان عملهم ؟ لم كونوا تجاراً ولا ومهندسين أو أطباء أو مقاولين ، ولم يكونوا يسكنون القصور والبيوت الفخمة ، كانوا فقراء يرعون الغنم للناس ، فرعوا الأمم بعد ذلك .
والإنسان كما يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث : يشرُف ُ بعمله لا بنسبه ، وبإيمانه لا بحسبه ، وبروحه لا بماله ، وبعقله لا بطينه ، فعلى الإنسان أن يعمل ولا يحقرن شيئاً من عمله .
فآدم عليه السلام كان مزارعاً ، ونوح عليه السلام كان نجاراً ، وموسى عليه السلام كان راعياً ، وما من نبي إلا رعى الغنم ، وعلى الإنسان أن يأكل من عمل يده
( ما أكل امرؤ طعاماً قطُّ خيراً من عمل يده ) ، وعلى الإنسان أن يبحث عن اللقمة الحلال من العمل الحلال ، ففيها الأمن والأمان والصحة والعافية ، ورضى الرحمن .
إن ذكر الصالحين مدعاة للاقتداء بهم والسير على منوالهم .. اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين يا رب العالمين .

امانى يسرى محمد 27-06-2020 09:48 PM

رد: من أساليب التربية النبوية/د.عثمان قدري مكانسي
 
من أساليب التربية النبوية
أسلوب القص
الدكتور عثمان قدري مكانسي


إن للقصة تأثيراً كبيراً في نفس متلقيِها لما فيها من تدرج في سرد الأخبار ، وتشويق في العرض وطرح للأفكار ، ممزوجة بعاطفة إنسانية . وهي تعتمد على الحوار والنقاش الداخلي أحياناً والخارجي أحايين أخرى ، وتصدر مقترنة بالزمان والمكان اللذين يغلفان الأحداث بإطار يمنع الذهن من التشتت وراء الأحداث ، وتتدرج من موقف إلى آخر ، تجذب السامع إلى التفاعل والمتابعة بأحاسيسه وأفكاره ومشاعره ، ويندمج فيما يسمع ، فتصل به إلى نقطة التأزم ، ثم تنحل شيئاً فشيئاً . وتكون نقطة التنوير في الأحداث الضوء الذي ينقذ الموقف القصصي وينقله إلى حالة الهدوء والانتظام . . أو اتخاذ الموقف الإنساني . . نتيجة للتفاعل الفكري والنفسي مع الأحداث .
والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ استخدم الأسلوب القصصي لأنه رآه من أبلغ الطرق المؤدية إلى توثيق الفكرة وإصابة الهدف .
بعض القصص التي جاءت في أحاديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانت تامة العناصر من مقدمة وشخصيات ، وأحداث زمانية ومكانية ، وعقدة تصل بالقارئ والسامع إلى نقطة التأزم ، ثم حل في آخر المقام .
وسنرى ـ إن شاء الله ـ مما نستشهد قصصاً محبوكة التركيب ، متماسكة الأحداث ، تدحض ما يدعيه أصحاب التغريب من أن القصة لم تبلغ شأوها إلا في هذا العصر ، حين اتصل أدباؤنا القاصون بالغرب فتعلموا منه !!!.
وبعض القصص تتجاوز بعض عناصر القصة وتركز على بعضها الآخر ، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن يريد من القصةِ القصة َ نفسها ، إنما أراد الهدف منها . . فإذا وصل إلى ما يبتغيه من الهدف التعليمي اختصر في بعض عناصرها . . . ومن أوضح الأمثلة على القصص التامة العناصر : ما رواه صهيب الرومي ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :

قصة الغلام والساحر :

( كان ملكٌ فيمن كان قبلكم ، وكان له ساحر ، فلما كبر قال للملك : إني قد كبرت فابعث لي غلاماً أعلمه السحر ، فبعث إليه غلاماً يعلمه . . وكان في طريقه ـ إذا سلك ـ راهبٌ ، فقعد إليه وسمع كلامه ، فأعجبه ، وكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه ، فإذا أتى الساحر ضربه ، فشكا ذلك إلى الراهب ، فقال ( الراهب ) :
إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي ، وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر .
فبينما هو على ذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس ( منعتهم من تجاوز الطريق ) فقال : اليوم أعلم : آلساحرُ أفضل أم الراهبُ أفضل ؟ فأخذ حجراً فقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس .
فرماها فقتلها ومضى الناس . وأتى الراهبَ فأخبره ، فقال له الراهب : أي بني ، أنت اليوم أفضل مني ، قد بلغ من أمرك ما أرى ، وإنك ستبتلى ، فإن ابتليت فلا تدل علي . وكان الغلام يبرئ الأكمه (1) والأبرص – بإذن الله - ويداوي الناس من سائر الأدواء ، فسمع به جليسٌ للملك ـ كان قد عمي ـ فأتاه بهدايا كثيرة ، فقال ( جليس الملك ) : ما ههنا لك أجمع إن أنت شفيتني .
فقال ( الغلام ) : إني لا أشفي أحداً ، إنما يشفي الله تعالى ، فإن آمنت بالله تعالى دعوت الله فشفاك . فآمن بالله تعالى(2) ، فأتى الملكَ فجلس إليه كما كان يجلس .
فقال له الملك : من رد عليك بصرك ؟؟!! .
قال : ربي .
قال : ولك رب غيري ؟!! .
قال : ربي وربك الله .
فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام ، فجيء بالغلام فقال له الملك : أي بني : قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص ، وتفعل وتفعل ؟
فقال : إني لا أشفي أحداً ، إنما يشفي الله تعالى ، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب . فجيء بالراهب فقيل له : ارجع عن دينك ، فأبى ، فدعا بالمنشار ، فوضع المنشار في مفرق رأسه ، فشقه حتى وقع شقاه .
ثم جيء بجليس الملك فقيل له : ارجع عن دينك ، فأبى ، فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه .
ثم جيء بالغلام فقيل له : ارجع عن دينك فأبى ، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال : اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا ، فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته ( فراودوه عن دينه ) فإن رجع عن دينه ( فعودوا به ) وإلا فاطرحوه .
فذهبوا به فصعدوا به الجبل . فقال : (( اللهم اكفنيهم بما شئت )) ، فرجف بهم الجبل فسقطوا ، وجاء يمشي إلى الملك ( متحدياً ) ، فقال له الملك : ما فُعِل بأصحابك ؟ فقال : كفانيهم الله تعالى .
فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال : اذهبوا به فاحملوه في قرقور(3) وتوسطوا به البحر ، فإن رجع عن دينه ( فعودوا به ) وإلا فاقذفوه . فذهبوا به ، فقال (( اللهم اكفنيهم بما شئت )) ، فانكفأت بهم السفينة فغرقوا ، وجاء يمشي إلى الملك ( متحدياً ) ، فقال له الملك : ما فُعِل بأصحابك ؟ فقال : كفانيهم الله تعالى .
فقال ( الغلام ) للملك : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به ( أطلبه منك ) ، قال ( الملك ) : ما هو ؟ قال : تجمع الناس في صعيد واحد(4) ، وتصلبني على جذع ، ثم خذ سهماً من كنانتي(5) ، ثم ضع السهم في كبد القوس ، ثم قل : باسم الله رب الغلام ، ثم ارمني ، فإنك إن فعلت ذلك قتلتني .
فجمع الملك الناس في صعيد واحدٍ ، وصلبه على جذع ، ثم أخذ سهماً من كنانته ، ثم وضع السهم في كبد القوس ، ثم قال : باسم الله رب الغلام ، ثم رماه فوقع السهم في صدغه (6) ، فوضع ( الغلام ) يده في صدغه فمات . فقال الناس : آمنا برب الغلام .
فأتي الملك ، فقيل له : أرأيت ما كنت تحذر ؟ قد والله نزل بك حذرك ، قد آمن الناس . فأمر بالأخدود(7) بأفواه السكك فخٌدّت(8) وأضرم فيها النيران .
وقال من لم يرجع عن دينه فأقحموه(9) فيها . أو قيل له : اقتحم (10) ، ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها ( رضيعٌ لا يتكلم ) ، فتقاعست أن تقع فيها ، فقال لها الغلام ( أنطقه الله تعالى ) (11) : يا أماه اصبري ، فإنك على الحق(12) .
وهكذا فالقصة إن حبكت بأسلوب سهل مسلسل الأفكار ـ وهذا أسلوب الرسول صلى الله عليه وسلم ـ أسرت القلوب وحبست الأنفاس وفتحت العقول ، وامتزجت بأرواح القارئين والمدعوين ، فوجدت فيها مكاناً تربعت عليه وآتت أكلها .
فالقصة الهادفة تفتح آذاناً صمّاً ، وقلوباً ران عليها الجهل ، وعقولاً تلبدت ، إن كان صاحبها صادقاً في دعوته ، قادراً على التعبير عنها ، وكان المدعوُّ فيمن رحمه الله تعالى .
ومن القصة الهادفة المكتملة العناصر :

قصة جريج :

روى هذه القصة أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ إذ سمعها من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين قال : (( ما تكلم مولود من الناس في مهدٍ إلا عيسى بن مريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصاحب جريج )) فلما أنصت المسلمون إلى مقالة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأرهفوا السمع ، وحبسوا الأنفاس ينتظرون رسول الله أن يبدأ قصته هذه ، قال : فإن جريجاً كان رجلاً راهباً في صومعة له يعبد الله ، ويتبتل إليه ، انقطع عن الدنيا وأخلص وقته ونفسه لله تعالى ، وكانت صومعته على صخرةٍ عاليةٍ في الجبل ، وتحتها كهفٌ يأوي إليه أحد رعاة البقر فيقيل أو يمسي .
ولم يكن الراعي تقياً إنما كان يزني بمومس تأتيه في هذا الكهف ، ولم يكن جريج الراهب يدري بما يفعل أسفل صومعته ، فقليلاً ما كان يخرج منها .
جاءت أم جريج مرةً وهو يصلي فدعته ، وكان عليه أن يجيب دعاءها ، قال في نفسه : أيهما أفضل يا ترى ؟ الاستمرار في الصلاة والوقوف بين يدي الله تعالى ، أم قطع الصلاة وإجابة دعاء الأم ؟!!.
لم يكن يدري ما يفعل ، إلا أنه آثر الصلاة رغبة في إتمام الثواب ، وسوف يفرغ لأمه ويبرها . . نعم لن يضيع الصلاة ، وإرضاء الوالدة بعد ذلك أمر يسير وهو بذلك ينال أجرين . . هكذا فكَّرَ جريج .
وعادت الأم تنادي : يا جريج رد علي يا بني . . أنا أمك أناديك فهلم إلي . . إجابتي خير لك في الدنيا والآخرة .
لم يكن جريج يعلم أن ترك صلاة السنة والمبادرة إلى إجابة الوالدة من أفضل القربات عند الله ، فعزم أن يستمر في الصلاة . . ولا شك أن الله تعالى يعرف أنه يحب والدته ويود برها لكنه في الصلاة ، والصلاة وقوف بين يدي الله تعالى ، وهل هناك أفضل من هذه العبادة ؟! .
إنه ليس عاقاً وسيجيب والدته حين يفرغ من صلاته . . هكذا اجتهد للمرة الثانية ، وحين نادته للمرة الثالثة وآثر الاستمرار في الصلاة وأبطأ عليها فلم يجبها ، قالت حزينة دامعة العينين متأثرة بصده ـ المؤقت لها ـ وفي سورة غضبها : لا أماتك الله يا جريج حتى تنظر في وجه المومسات .
وجه المومس ليس فيه طهر ولا نقاء ! ، دنس الزنا يذهب رواءه ويطفئ نوره ويترك عليه مسحة من سواد تنفر منه النفوس الصافية والقلوب المؤمنة ، وتستعيذ منه الأرواح الشفافة والأفئدة الطاهرة !! . وأين يرى المومسات وهو لا يدري بما يجري حوله ؟ إنه لا يخرج من صومعته إلا لماماً ، ولا يزوره إلا أشراف الناس ممن يلتمسون بركته ويسألونه الدعاء لهم .
لم تكن الأم ترغب أن يصيب ولدَها مكروهٌ ، ولكن سبق السيف العذل ، وسبق لسانُها إلى الدعاء ، وكأن دعاءها قد وجد أذناً من الله سميعة . انصرفت الأم بعد أن دعت . . ونسيت ، ولكن الله لا ينسى ، ولم يكن لينسى ، فلا بد أن يعاقب العاق جزاءً وفاقاً ولكن كيف ؟! .
إن المومس حين زنا بها الراعي ولدت صبياً أبوه مجهول ، فمن هو يا ترى ؟. لم تذكر المرأة اسم الراعي لأنها تحبه ولا ترضى له العقاب ، إنها تريد إبعاد التهمة عنه ، فمن البديلُ يا ترى ؟ فكرت في الأمر ، وأمام ضغط الملك والتلويح بالعقوبة رمت جريجاً قائلة إنه الزاني . .
وأبلس القوم . . جريج يفعل هذا ؟ أمن المعقول أن يكون ظاهره غير باطنه ؟! وهل يمكن لهذا الرجل الصالح أن يقع في الزنا ؟. وتهامس القوم غير مصدقين , وقال الملك مستغرباً أصاحبُ الصومعة ؟ قالت : نعم ، ألم يرني أحدكم تلك الأيام أختلف إلى الصومعة ؟ . لا شك أن أحدهم رآها تقصد الصومعة في أوقات مختلفة . . لا بل تقصد تحت الصومعة .
وثار الناس وتصايحوا . . وغضب الملك وازداد غضبه ، لماذا ؟ لأنه فوجئ بمن يزني وهو متزي بزي أعلام الصالحين . فأمر أتباعه بهدم الصومعة وجر جريج مهيناً إلى مجلس الملك ، ففعلوا ، ربطوا يديه بحبل إلى عنقه كما يفعل بالمجرمين . ومر في طريقه على المومسات فرآهن يبتسمن وهن ينظرن إليه في الناس . . وصدقت دعوة أمه فيه . . فقد رأى المومسات يشمتن به ويهزأن منه وكأنهن يقلن في أنفسهن : تدّعي الصلاح وترتكب الموبقات ! فنحن إذن أكثر طهراً منك سرُّنا كعلانيتنا . قال في نفسه : حسبي الله ونعم الوكيل ، اللهم أنقذني مما أنا فيه يا الله ، وأعِنّي على بر أمي .
قال الملك : أعرفت ما تزعم هذه المرأة ؟
قال : وماذا تزعم ؟
قال الملك : تزعم أن ولدها منك .
قال جريج : أنت تزعمين ذلك ؟
قالت : نعم . يا ويلها إنها تصر على الكذب ، وتود في سبيل إنقاذ الراعي أن ترمي به في المهالك .
قال جريج : أين هذا الصغير ؟
قالوا : هو ذا في حجرها .
لكن الله تعالى بعد أن أخذ بحق أمه لم ينس له عبادته إياه ، والله يعلم حب جريج أمه .. وأنه اجتهد فأخطأ ، ولعل في هذا درساً له وعبرة أيما عبرة ، فأراد إنقاذه ورفع منزلته ، فليس الظلم من صفاته ـ جلّ وعلا ـ .
أقبل جريج حتى وقف على الطفل وسأله على مسمع من الملك وأركان ملكه واثقاً من نصر الله له ورحمته به : من أبوك ؟
وهنا كانت المفاجأة التي وجفت لها القلوب وتسمّرت لها الأقدام ، لقد أنطق الله تعالى الطفل ابن الأيام فقال :
إنه الراعي . . . راعي البقر . . الذي استغل ذلك المكان الطاهر في آثامه ونزواته وخلا بأمه ، فكان هذا الطفل ثمرة الزنا .
وانقلب الأسير حراً . . والمهين عزيزاً .
أسف الملك لسوء ظنه بالراهب الطاهر ، وندم على إهانته إياه ورغب ـ معبراً عن ندمه هذا ـ أن يعيد بناء الصومعة من ذهب !! . . . إن بريق الذهب يذهب بريق القلوب . .
قال : لا ، لا أريدها من ذهب .
قال الملك : من فضة إذن . .
قال : لا ، إن لمعان الفضة يحجب لمعان الحقيقة عن القلوب .
قال الملك : مم نجعلها إذن ؟.
قال جريج : ردوها كما كانت ، فهذا أدعى إلى السكينة والصفاء .
إن بهرجة الدنيا تشغل القلوب وتثقل الأرواح وتقيد النفوس . ثم تبسم جريج . . وعجب الحاضرون إذ تبسم ، لا بد أن هناك أمراً يستدعي الابتسام . . نعم لقد أدرك الراهب جريج أن الذي أدى إلى هذا الموقف العصيب الذي كاد يعصف به لولا أن تداركته رحمة الله ، إنما هو دعوة الأم أن يرى وجوه المومسات ، ولم يكن له بد من أن يراها ، فدعوة الأم أحق أن تجاب(13).

قصة الأبرص والأقرع والأعمى :

ومن القصص النبوية التي ركزت على الحوار أكثر من بقية العناصر الأخرى للقصة ، ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه سمع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : (( إن ثلاثة من بني إسرائيل ( أبرص وأقرع وأعمى ) أراد الله أن يبتليهم ( يختبرهم ) فبعث إليهم ملكاً فأتى الأبرص :
الملك : أي شيء أحب إليك ؟
الأبرص : لون حسن ، وجلد حسن ، ويذهب عني الذي قد قذرني الناس ( عليه ) .
فمسحه ، فذهب عنه قذره ، وأعطي لوناً حسناً .
الملك : فأي المال أحب إليك ؟
الأبرص : الإبل ، فأعطي ناقة عُشراء ( حاملاً ) .
الملك : بارك الله لك فيها .
ثم أتى الأقرع وقال له :
الملك : اي شيء أحب إليك ؟
الأقرع : شعر حسن ، ويذهب عني الذي قذرني الناس ، فمسحه فذهب عنه ، وأعطي شعراً حسناً .
الملك فأي المال أحب إليك ؟
الأقرع : البقر ،
فأعطي بقرةً حاملاً .
الملك : بارك الله لك فيها .
ثم أتى الأعمى وقال له :
الملك : أي شيء أحب إليك ؟
الأعمى : أن يرد الله بصري فأبصر الناسَ . فرد إليه بصره .
الملك : فأي المال أحب إليك ؟
الأعمى : الغنم ،
فأعطي شاةً والداً ( حاملاً )
فأنتج هذان ، وولد هذا . فكان لهذا وادٍ من الإبل ، ولهذا وادٍ من البقر ، ولهذا وادٍ من الغنم .
ثم إن الملك أتى الأبرص في صورته وهيئته ( الأولى ) :
الملك : رجلٌ مسكينٌ قد انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم ( أي لا معونة من مال ) إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال ، بعيراً أتبلغ به في سفري .
الأبرص : الحقوق كثيرة !! ( أي ما عندي ما أعطيكه ) .
الملك : كأني أعرفك !! ألم تكن أبرص يقذرك الناس ، فقيراً فأعطاك الله ؟
الأبرص : إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر ( أباً عن جد ) ( فهو ينكر ما كان عليه ) .
الملك : إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ماكنت . . وهكذا عاد الأبرص أبرص يقذره الناس ، فقيراً .
وأتى الأقرع في صورته وهيئته ( الأولى ) :
الملك : رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك . أسألك بالذي أعطاك الشعر الحسن ، والمنظر الحسن والمال ، بقرة أتبلغ فيها في سفري .
الأقرع : الحقوق كثيرة !! ( قالها يصرفه دون أن يعطيه )
الملك : كأني أعرفك . . ألم تكن أقرع يقذرك الناس ، فقيراً فأعطاك الله ؟
الأقرع : إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر !!.
الملك : إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت . .
وهكذا عاد الأقرع أقرع يقذره الناس ، فقيراً .
وأتى الأعمى في صورته وهيئته ( الأولى ) :
الملك : رجل مسكين انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلى بالله ثم بك . أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري .
الأعمى : قد كنت أعمى ، فرد الله لي بصري ، فخذ ما شئت ، ودع ما شئت ، فوالله لا أجهدك ( لا أعارضك ) بشيءٍ أخذته لله عز وجل .
الملك : أمسك مالك ( لا أريده ) ، فإنما ابتليتم ( اختبرتم ) ، فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك . (14)
ولقد كانت القصة في أحاديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفيرة لأنها من أقرب الطرق السهلة القريبة إلى الإنسان وإلى قلبه وإلى فكره .
ولقد يسّر الله تعالى لي من الوقت ما أجمعت فيه الكثير من قصص النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب سمّيته 0 قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم فالقصص نبعٌ ثر لقصص هادفة أسطرها لإخواننا وأبنائنا تنير لنا الطريق وتدلنا على الخير .
والله الموفق والهادي . .


الساعة الآن 02:46 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.3.0 , Designed & TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتدى قصة الإسلام